الأربعاء، 26 مارس 2014

موسوعة( شعراء العربية ) 2 ( شعراء صدر الاسلام ) تاليف - فالح نصيف الحجية القسم الثاني




















                     الخنساء



        تماضر بنت عمرو بن الحارث بن (الشريد) عمرو بن رياح بن يقظة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور كان وبنو الشريد هم  ملوك قبيلة سليم في الجاهلية ومن سادات وأشراف العرب.

      لقبت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها عن شفتها مع قصر قصبة أنفها ولزوقه بوجهها. والخنس في الأنف : قصر فيه وتأخر الأنف في الوجه إلى الرأس وارتفاعه عن الشفة مع عرض الأرنبة وارتفاعها  ومعناها انها كامت ا شبه بالافطس.

       ولدت سنة\ 75 5 ميلادية الموافق للعام الخامس والاربعين قبل الهجرة  النبوية شاعرة مخضرمة من أهل نجد وفي نجد  ولدت وترعرعت  واكتملت في ظل اسرتها  بني الشريد  وقبيلتها بني سليم  . أدركت الجاهلية والإسلام وأسلمت واشتهرت برثائها لأخويها صخر ومعاوية الذين قتلا في الجاهلية.

      وقيل  كان والدها  عمرو بن الشريد يمسك بولديه  صخرا ومعاوية في الموسم ثم ينادي :
(أنا والد  خيري مضر ومن أنكر فليعتبر). 
فلا ينكر أحد‏  ولا يعارضه  احد

      الخنساء شاعرة  مخضرمة امتازت   بحرية الرأي وقوة الشخصية  والارادة و ذلك  لنشأتها  في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر وخير  دليل هي  القصائد التي كانت تتفاخر بها بكرم اهلها  وجود اخويها وشجاعتهما وقد رفضت الزواج من دريد بن الصمة وهو احد شعراء العرب في الجاهلية  و أحد فرسان بني جشم  المعدودين  حيث آثرت الزواج من أحد اقاربها عليه  فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي إلا أنها لم تدم طويلاً معه لأنه كان مقامرا ولا يكترث بماله وقد أنجبت منه ولدًا  واحدا  ثم تزوجت بعده من ابن عمها الاخر  مرداس بن أبي عامر السلمي،وأنجبت منه أربعة أولاد.

     وفي عام\ 612 قتل هاشم ودريد ابنا حرملة أخاها معاوية. فقامت الخنساء بتحريض أخيها الأصغر صخر بالثأر واستطاع  صخر الذي هو اخوها  لابيها  من قتل دريد انتقاما لأخيه معاوية  وكان قد  أصيب فتوفي في عام\ 615. وقيل أن الخنساء أصيبت بالعمى من شدة بكائها على موت أخيها وكان صخر هو أحب أخوتها  إلى قلبها- حيث كان حليما    جوا دا محبوبا اثيرا بين أبناء عمومته  .

 ولما قتل أخوها صخر ظلت ترثيه  وتنشد  فيه مراثيها  وقد ذاعت  بكائيتها بين العرب حيث أصبحت مرثيتها الأكثر حزنا و تداولا من باقي أشعارها. وفي مقتل معاوية واخترت هذه الابيات منها  :

أَلا لا أَرى في الناسِ مِثلَ مُعاوِيَه
                                      إِذا طَـرَقَت إِحدى اللَيالي بِداهِيَه

أَلا لا أَرى كَالفارِسِ الوَردِ فارِساً
                                      إ ِذا مـا عَـلَـتهُ   جُرأَة ٌ وَعَلانِيَه

وَكـانَ لِزازَ الحَربِ عِندَ شُبوبِها
                                    إِذا شَمَّرَت عَن ساقِها وَهيَ ذاكِيَه

بَـلَـينا وَما تَبلى تِعارٌ وَما تُرى
                                        عَـلـى حَدَثِ الأَيّامِ إِلّا كَما هِيَه

فَـأَقسَمتُ لا يَنفَكُّ دَمعي وَعَولَتي
                                      عَـلَيكَ بِحُزنٍ ما دَعا اللَهَ داعِيَه

   و وصفت اخويها  نثرا حين  طلب منها  أن تصف أخويها معاوية وصخر فقالت:
-      إن صخرًا كان الزمان الأغبر وذعاف الخميس الأحمر. وكان     معاوية القائل الفاعل.
-      فقيل لها: أي منهما كان أسنى وأفخر؟
-      فأجابت: أن صخرا حر الشتاء ومعاوية برد الهواء.
-      قيل لها : أيهما أوجع وأفجع؟
-      فقالت: أما صخر فجمر الكبد وأما معاوية فسقام الجسد.

   وفي رثاء  صخر تقول :

     أعينى جودا ولا تجمدا    
                                     ألا  تبكيان لصخر الندى

     ألا تبكيان الجرئ الجميل 
                                      ألا تبكيان  الفتى السيدا

     طويل النجاد رفيع العماد  
                                        ساد   عشيرته  أمردا

     إذا القوم مدوابأيديهم     
                                      إلى  المجد  مد إليه يدا

    فنال الذى فوق أيديهم      
                                   من المجد ثم مضى مصعدا

   ترى الحمد يهوى إلى بيته  
                                 يرى أفضل الكسب أن يحمدا


          وحينما علمت  ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومجيء وفد بني سليم الى المدينة المنورة  قدمت على النبي مع قومها بني سليم فأسلمت معهم. وقيل  ان  النبي صلى الله عليه وسلم اعجب بشعرها. فقد كان يستنشدها  فيعجبه شعرها وكانت تنشده  فيقول: (هيه يا خناس). أو يومئ بيده الشريفة اليها .

         وقيل انها  بعد اسلامها بقيت تبكي اخويها  معاوية وصخرا فجاء اقاربها الى  الخليفة عمر بن الخطاب  وشكوها  ورجوه ان يهون عليها ويمنعها  من البكاء والنحيب   وكانت عجوزا مسنة فقالوا:
- يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي.
 فاقبل اليها  عمر وقال لها:
-      اتقي الله وأيقني بالموت.
-      فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر: صخرًا ومعاوية وإني لموقنة بالموت.
-      فقال عمر: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟
-      فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم
فكأن عمر رق لحا لها فقال لهم :
-        خلوا عجوزكم لا أبا لكم فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي.

 ومن شعرها فيهما قالت :

يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ
                                              كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ

انّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ
                                             ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ

نِعْمَ الفتى كانَ للأضْيافِ إذْ نَزَلوا
                                                وسائِلٍ حَلّ بَعدَ النّوْمِ مَحْرُوبِ

كمْ منْ منادٍ دعا وَ الَّليلُ مكتنعٌ
                                             نفَّستَ عنهُ حبالَ الموتِ مكروبِ

وَ منْ اسيرٍ بلاَ شكرٍ جزاكَ بهِ
                                                   بِساعِدَيْهِ  كُلُومٌ غَيرُ تَجليبِ

فَكَكْتَهُ،   ومَقالٍ   قُلْتَهُ  حَسَنٍ
                                                بعدَ المَقالَة ِ لمْ يُؤبَنْ  بتَكْذيبِ

       ومرت الخنساء  بموقف اصعب من موقفها في  فقد اخويها  لكنه كان  اهون  عليها  فاذا كانت  قد بكت اخويها  وشقت الجبوب ولطمت الخدود  وانشدت القصائد الطوال في  رثائهما  حتى فاقت الاخريات   وهي كافرة  فقد   اسلمت واثمر  الايمان في قلبها ونفسها  ففي  معركة القادسية بين العرب المسلمين وبين الفرس الكافرين وتمجسهم بعبادة النار  جمعت  اولادها الاربعة ووعظتهم قائلة :

( يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد, كما أنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله  تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران\ 200. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين وبالله على أعدائه مستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقها فتيمموا وطيسها وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة)

      وعندما  دارت المعركة استشهد اولادها الاربعة  ولما ورد اليها الخبر  فتحت  يديها الى السماء قائلة :

: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو  ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته).

   توفيت الخنساء  تماضر بنت عمرو بن الشريد  سنة 24هجرية -664ميلادية في خلافة عثمان  بن عفان .
    ومما قيل  فيها :

      وكان يضرب للنابغة الذبياني  قبة من أدمٍ بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها. قال: وأول من أنشده الأعشى ثم حسان بن ثابت ثم أنشدته الشعراء، ثم أنشدته الخنساء بنت عمرو بن الشريد قصيدتها في رثاء اخيها  مطلعها :

          وإن صخراً لتأتم الهداة به
                                    كـأنه علم في رأسه نار

فقال: والله لولا أن أبا بصير ويعني  بأبي بصير (الأعشى ميمون بن قيس ) سبقك ً لقلت إنك أشعر الجن والإنس.
 وقال حسان بن ثابت للخنساء يوما : أهجي قيس بن الخطيم.
 فقالت: لا أهجو أحداً أبداً حتى أراه.
قيل : فجاءته يوماً فوجدته في مشرقةٍ ملتفاً في كساء له فنخسته برجلها وقالت: قم فقام
 فقالت: أدبر فأدبر؛
ثم قالت: أقبل فأقبل.
قال: والله لكأنها تعترض عبداً تشتريه، ثم عاد إلى حاله نائماً .
فقالت: والله لا أهجو هذا أبداً.

       وقال عنها الشاعر  جرير بن عطية التغلبي   :
والله لأني أشعر الشعراء لولا هذه الخبيثة.
 قيل  فبم تفضلها :
 قال : افضلها بقولها :

     إن الزمان ومـا يفنى له عجـب
                                 أبقى  لنا  ذنبًا  واستؤصل الــرأس
إن الجديدين في طول اختلافهما
                                      لا يفسدان ولكن يفســد النــا س

وقال بشار بن برد:

- لم تقل امرأة قط شعراً إلا تبين الضعف في شعرها  والخنساء فوق الرجال .
-      وقال المبرد: إن أعظم النساء في الشعر هما ليلى الأخيلية والخنساء السلمية .
-     
           ولما كانت وقعة بدر قتل فيها عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة؛ فأقبلت هند بنت عتبة ترثيهم، وبلغها تسويم الخنساء هودجها في الموسم ومعاظمتها العرب بمصيبتها بأبيها عمرو بن الشريد وأخويها صخرٍ ومعاوية وأنها جعلت تشهد الموسم وتبكيهم وقد سومت هودجها براية وأنها تقول:
-      أنا أعظم العرب مصيبةً
      وأن العرب قد عرفت لها بعض ذلك. فلما أصيبت هند بنت عتبة  بما أصيبت به يوم بدر  وبلغها ذلك
 قالت: أنا أعظم من الخنساء مصيبة ً
 وأمرت بهودجها فسوم براية وشهدت الموسم بعكاظ وكانت سوقاً يجتمع فيها العرب
 فقالت: اقرنوا جملي بجمل الخنساء
 ففعلوا. فلما أن دنت منها قالت لها الخنساء:
-      من أنت يا أخيّة؟
-      قالت: أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبةً، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك، فبم تعاظمينهم؟
-      فقالت الخنساء: بعمرو بن الشريد وصخرٍ ومعاوية ابني عمرو وبم تعاظمينهم أنت؟
-      قالت: بأبي عتبة بن ربيعة وعمي شيبة بن ربيعة وأخي الوليد. قالت الخنساء: أو سواءٌ هم عندك .
ثم أنشدت تقول:


      أبـكـي أبـي عـمراً بعينٍ غزيرةٍ
                                  فـلـيـلٌ إذا نام الخلي هجودهـا

     وصـنـوي لا أنـسى معاوية الذي
                                لـه مـن سـراة الـحرتين وفودها

   وصخراً، ومن ذا مثل صخرٍ إذا غدا
                                   بـساهمة الآطال قـبـاً يقـودهـا

        فذلك يا هند الرزية فـاعـلـمـي
                                  ونيران حربٍ حين شب وقـودهـا

فقالت هندٌ:

    أبكي عميد الأبطحين كلـيهـمـا
                                    وحاميهما من كل بـاغٍ يريدهـا

   أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي
                                   وشيبة والحامي الذمار ولـيدهـا

    أولئك آل المجد من آل غـالـبٍ
                                  وفي العز منها حين ينمي عديدها


 و اختم بحثي عن الخنساء  بافضل قصيدة  لهاوتعتبر من رؤوائع الشعرالعربي في الرثاء  فاقتطع منها مايلي :


قذى بعينك أم بالعين عوار    
                                   أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار

كأن عيني لذكراه إذا خطرت   
                                   فيض يسيل على الخدين مدرار

تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهت  
                                     ودونه من جديد الترب أستار

تبكي خناس فما تنفك ما عمرت     
                                         لها عليه رنين وهي مفتار

تبكي خناس على صخر وحق لها
                                    إذ رابها الدهر إن الدهر ضرار

لا بد من ميتة في صرفها عبر       
                                    والدهر في صرفه حول وأطوار

قد كان فيكم أبو عمرو يسودكم
                                    نعم    المعمم   للداعين   نصّار

صلب النحيزة وهاب إذا منعوا 
                               وفي الحروب جريء الصدر مهصار

يا صخر وراد ماء قد تناذره   
                                       أهل الموارد ما في ورده عار

مشى السبنتى إلى هيجاء معضلة    
                                        له  سلاحان   أنياب  وأظفار

وما عجول على بو تطيف به  
                                        لها حنينان   إعلان  وإسرار

ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت 
                                         فإنما   هي   إقبال    وإدبار

لا تسمن الدهر في أرض وإن رتعت 
                                          فإنما  هي  تحنان  وتسجار

يوما بأوجد مني يوم فارقني  
                                          صخر وللدهر إحلاء وإمرار

وإن صخرا لوالينا وسيدنا            
                                      وإن   صخرا   إذا  نشتو لنحار

وإن صخرا لمقدام إذا ركبوا   
                                       وإن  صخرا  إذا  جاعوا لعقّار

وإن صخرا لتأتم الهداة به
                                         كأنه   علم   في   رأسه  نار

جلد جميل المحيا كامل ورع   
                                       وللحروب غداة الروع  مسعار

حمال    ألوية   هباط    أودية       
                                        شهاد   أندية   للجيش   جرار

نحار   راغية   ملجاء    طاغية            
                                           فاك   عانية   للعظم   جبار

فقلت لما رأيت الدهر ليس له 
                                             معاتب وحده يسدي ونيار

لقد نعى ابن نهيك لي أخا ثقة 
                                             كانت ترجم عنه قبل أخبار

فبت   ساهرة   للنجم   أرقبه 
                                       حتى أتى دون غور النجم أستار

لم تره جارة يمشي بساحتها  
                                            لريبة حين يخلي بيته الجار

ولا تراه وما في البيت يأكله   
                                             لكنه  بارز بالصحن مهمار

ومطعم القوم شحما عند مسغبهم
                                         وفي الجدوب كريم الجد ميسار

قد كان خالصتي من كل ذي نسب    
                                          فقد أصيب فما للعيش أوطار

مثل الرديني لم تنفذ شبيبته   
                                            كأنه تحت طي البرد أسوار

جهم المحيا تضيء الليل صورته    
                                         آباؤه من طوال السمك أحرار

مورث المجد ميمون نقيبته    
                                      ضخم الدسيعة في العزاء مغوار

فرع لفرع كريم غير مؤتشب  
                                        جلد المريرة عند الجمع فخار

في جوف لحد مقيم قد تضمنه 
                                         في رمسه مقمطرات وأحجار

طلق اليدين لفعل الخير ذو فجر      
                                        ضخم الدسيعة بالخيرات أمار

ليبكه   مقتر  أ فنى   حريبته        
                                      دهر وحالفه  بؤس وإقتار مرار




           *************************************





                     الحطيئة



         هو ابو مُلَيْكة جرول بن أوس بن مالك العبسي و امه امة اسمها     ( الضراء )  لا يعرف له نسب صحيح  فشب  في بني عبس  ودعي بهم   حيث ولد  مظلوما محروما  لم يجد  سندا من اهله  فتربى  تربية  شاذة  واضطر الى جلب ة قوته   بنفسه  منذ الصغر  فاثر ذلك في  نفسه ولعل ذلك سبب  ميله   الى  هجاء  نفسه  وامه  وعائلته   واقاربه  ومعارفه والناس الاخرين فقد عاش في بيئة  ظلمته  كثيرا .يكنى أبا مليكة ولقب (الحطيئة) لقصر قامته وقربه من الأرض .

       شاعر  مخضرم جاهلي إسلامي اسلم في زمن ابي بكر الصديق من فحول الشعراء في وقته  عرف بالهجاء  لم يسلم أحد من لسانه وهجائه حتي قيل أنه هجا نفسه وهجا أمه وزوجته وكانت أغلب القبائل العربية تهابه  وتهبه المنح والعطايا خوفاً من هجائه فقد كان متين الشعر شرود القافية. 
      
        وقد وصفه الأصمعي فقال عنه : كان قليل الخير  جشعاً سؤولاً ملحاحاً دنيىء النفس كثير الشر بخيلاً قبيح المنظر رث الهيئة فاسد الدين بذيئاً هجاءً الى درجة أنه هجا نفسه بقوله:

أبـت شـفتاي الـيوم إلا تـكلماً   
                                   بـسوءٍ فـما أدري لمن أنا قائله

أرى لـي وجـهاً شوَّه الله خلقهُ
                                     فـقُبِّح مـن وجـهٍ وقُبِّح حامله


وقيل انه  لزم زهير بن ابي سلمى  يعلَّمه أحكام الشعر.

     اشتهر  الحطيئة في الهجاء  ويقول بعض المؤرخين  من انه  كان ناقما على الناس  لوضاعة  اصله  لذا  نراه اشتهر بالهجاء فهجى امه واباه  واقاربه  ومن الناس كثير وحتى هجا نفسه  وكذلك اشتهر بالدح والغزل . وهجا امه فقال:

تـنـحي فـاقعدي مـني بـعيداً
                                    أراح الله مــنـك الـعـالـمينا

ألـم أوضـح لـك البغضاءَ مني
                                      ولـكـن لا أخـالُـكِ تـعـقلينا

أغـربـالاً إذا اسـتُـدعت سـراً
                                     وكـانـوناً عـلـى الـمتحدثينا

جـزاكِ الله شـراً مـن عـجوز
                                   ولـقَّـاك الـعقوق مـن الـبنينا

حـياتكِ مـاعلمت حـياةُ سـوءٍ
                                  ومـوتُـكِ قــد  يـسرُّالصالحينا

وهجا أباه فـقال:

لـحـاك الله ثــم لـحاك حـقاً أبــاً
                                    ولـحـاك   من عـمٍّ  وخـالِ

فـنعم الـشيخُ أنت لدى المخازي
                             وبـئس الشيخُ أنت لدى المعالي

جـمعت الـلُّؤم لا حـياك ربـي
                                 وأبــواب الـسـفاهةِ والـظلالِ

     الحطيئة التزم بمدرسة الجاهلية أسلوبا ومنهجا  فهو التزم منهج الهجاء.  وبتصور المحاولات  والزمن  أصبح  وقد اختلف الرواة  في اسلامه فمنهم  من يرى انه  قدم  الى النبي  صلى الله عليه  وسلم بعد فتح مكة  واعلن اسلامه   وقسم  منهم  يؤكد انه تاخر اسلامه  والتزم الصمت بعد اسلامه  وبعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم نراه قد ارتد عن الاسلام  ولم يسلم ثانية  الا بعد انتهاء حروب الردة .
وفي ذلك يقول :
أطعنا رسول الله ما كان بيننا  
                                         فيا لعباد الله ما لأبي بكر
أيورثنا بكرا إذا مات بعده      
                                  وتلك لعمر الله قاصمة الظهرِ
         أغلب  شعر الحطيئة  يدور في  المديح  والهجاء ، وكان  قد    مدح  سادة  القبائل بشعره  منذ نشا  في الجاهلية  ومنهم  عيينة بن حصن الفزاري  وزيد الخيل  وكان كثير غيره من الشعراء يصنعنون صنيعه .
        كانت له مع   الزبرقان بن بدر  حادثة قد اضرته كثيرا  ذلك أن الحطيئة  لقي  الزبرقان في عهد عمر بن الخطاب  يؤم  المدينة  وكان على صدقات قومه  فلما عرفه  دلَّه على  داره حيث زوجه وعشيرته  فنزل بأهله وفزع بنو أنف الناقة وكانت لهم خصومة مع (الزبر قان بن بدر)  فعملوا على افساد  العلاقة  بين  الشاعرين  فاستمالوا  الحطيئة  اليهم  فمدحهم  وعرّض للزبرقان فكان هجاؤه اليه بصورة غير مباشرة في قصيدة طويلة  حيث يخاطبه فيها :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها          
                                  واقعد فأنك أنت الطاعم الكاسي
        فشكاه  الزبرقان  إلى  عمربن الخطاب  فحبسه  ولما  طال  به الحبس  استعطف  الحطيئة  عمرا  بأبياته المشهورة:
مَاذَا تقول لأِفْراخٍ بذي مَرَخٍ    
                                   زغبِ الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ
ألقيت  كَاسِبَهُمْ في قَعْرِ مُظْلِمَة ٍ      
                                    فاغْفِرْ عَلَيْكَ  سلامُ اللّه  ياعُمَرُ
أنتَ الأمِينُ الذي مِنْ بَعْدِ صَاحِبه  
                                      ألْقَتْ إليْكَ مَقَالِيدَ النُّهَى البَشَرُ
لم يؤثروك بها إذْ قدَّموك لها  
                                     ألْقَتْ  إليْكَ مَقَالِيدَ النُّهَى البَشَرُ         
                           
فامنن على صبيةٍ بالرَّمْلِ مسكنُهم
                      بين  الأباطح  يغشاهم بها القدرُ
نفسي  فداؤك  كم  بيني  وبينَهُمُ
                 من عَرْضِ   واديةٍ يعمى بها الخبر
     فعفا عنه بعد أن أخذ عليه العهد أن لا يعود إلى الهجاء وقيل ان  الخليفة عمر بن الخطاب   أشترى منه أعراض  المسلمين  بثلاثة الآف درهم  ولكنه عاد  للهجاء  بعد وفاة عمر مرة أخرى.
        توفي  سنة  تسع  وخمسين  للهجرة  ومن  اغرب ما  سمعت  وقرات في  قصة  موته   فقد  ذكر المؤرخون   والرواة  عن  كيفية  وفاة الحطيئة:  
     (( لما حضرت الحطيئة الوفاة أجتمع أصحابه اليه وطلبوا منه أن يوصي قبل وفاته :
فقال لهم : ويل للشعر من رواية السوء
قال له أحد أصحابه أوصي ياحطيئة رحمك الله
فقال: أوصيكم بأن تبلغوا قبيلة غطفان بأن الشماح هو أشعر العرب لقوله :

إذا أنبض الرامون عنها ترنمت
                                        ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز

قالوا له : أوصي بما ينفعك .

قال : أوصيكم بأن تبلغوا أهل ضابىء أن شاعرهم  ضابىء هو أشعر العرب لقوله :

لكل   جديد   لذة   غير أنني
                                        رأيت جديد الموت غير جديد

قالوا له : ويحك يا حطيئة أوص بما ينفعك في آخرتك .

قال أوصيكم بأن تبلغوا أهل امرىء القيس أنه أشعر العرب لقوله:.

فيالك من ليل كأن نجومه
                              بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ

فضحك القوم من تصرفه هذا رغم مشاهدتهم له يحتضر على فراش الموت .

فقال له أحدهم : اتق الله ودع عنك هذا وأ وص .

قال : أوصيكم أن تبلغوا الأنصار- ويعني به الشاعر حسان بن ثابت  الانصاري - أن صاحبهم أ شعر العرب لأنه القائل :.

يغشون حتى ماتهر كلابهم
                                  لايسألون عن السواد المقبل

قال له صاحبه وكأنه قد مل من تصرف الحطيئة : والله هذا لايغني عنك شياً ياحطيئة فاتق الله وقل غير هذا .

فالتفت الحطيئة اليهم وقال :

الشعر صعب وطويل سلمه
                                   اذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه

زلت الى الحضيض  قدمه
                                  يريد   أن   يعربه   فيعجمه

    وحين رأوا أن لا  فائدة  من  نصحه  وأنحسر الجد  من مجلسهم سأله أحدهم :

من أشعر الناس يا أبا مليكة ؟

قال مشيرا الى فمه:     هذا الجحير اذا طمع في خير .

وسأله أخر قائلا : ياحطيئة بماذا توصي الفقراء ؟

قال : أوصيهم  بالالحاح في المسالة  فانها  تجارة  لا  تبور.

فسأله مرة أخرى : وبماذا  توصي اليتامى ؟

قال :  كلوا  أموالهم  وانكحوا  أمهاتهم .

     وحين شعر القوم أن لا فائدة من نصحه قرروا الانصراف عنه فسألوه قبل خروجهم : هل تريد منا شيئاً قبل انصرافنا ؟

قال:  نعم  تحملوني على  بغل  وتتركوني  راكبها  حتى أموت  فان الكريم لا  يموت على فراشه .والبغل مركب لم يمت عليه كريم قط

هنا أحضر أصحابه بغلاً وحملوه عليه وجعلوا يذهبون به ويجيئون حتى مات .
وكان أخر ماقاله قبل أن يلفظ أنفاسه :

لا   أحد الأمُ  من  حُطيه
هجا  بنيه وهجا  المُريه
من  لومه مات على فُريه

        يتميز شعره  بلهجته البدوية   ولم يتاثر في  الاسلام  الا  قليلا   لبعده عن  مركز الخلافة الاسلامية  وقلة دراسته واهتمامه  وتفهمه للاسلام .
 ومن شعره: –

 نَأَتْكَ   أُمَامَة   ُ إلاّ َ سُؤَالاَ
                                    و أَبْصَرْتَ مِنْهَا بغَيْبٍ خَيالا

خيالاً يروعك عند المنامِ
                                   و يَأْبَى مَعَ الصُّبْحِ إلا زَوَالا

كِنَانِيَّة ٌ دَارُها غَرْبَة ٌ تُجِدُّ
                                       وِصَالاً   وتُبْلي   وِصَالا

كعاطية ٍ من ظباءِ السَّليل
                                    حُسَّانَة ِ الجيدِ تُزْجِي غَزَالا

تَعَاطَى العِضَاهَ إذا طَالَها
                               و تَقْرُو مِنَ النَّبْتِ أَرْطًى وضَالا

تَصَيَّفُ ذَرْوَة َ مَكْنُونَة
ٍ                                و تبدو مصاف الخريف الحبالا

مُجَاوِرَة ً مُسْتَحِيرَ السَّرا
                                    أفرغت  الغرُّ  فيه السَّجالا

كأنّ بحافتهِ للطّراف
                                   رجا ل  لحميرَ  لاقت رجالا

فهل تبلغنيكها عرمسٌ
                              صَمُوتُ السُّرَى  لا تَشكّى الكَلالا

مفرّجة الضّبع موّارة
ٌ                                      تَجُذُّ  الإكامَ وتَنْفِي النِّقَالا

إذا ما النَّوَاعِجُ وَاكبْنَها جَشَمْنَ
                                   من   السَّير   رَبْواً  عُضَالا

و إن غضبت خلت بالمشفرين
                                سَبَائخَ   قُطْنٍ    وَ زِيراً نُسالا

و يَحْدُو يَدَيْها زَجُولاَ الحَصَى
                                 أَمَرَّهُمَا   العَصْبُ   ثمَّ اسْتَمَالا

و تُحْصِفُ بَعْدَ اضْطِرابِ النُّسُوعِ
                                كما أَحْصَفَ العِلْجُ يَحْدُو الحِيَالا

تُطِيرُ الحَصَى بعُرَى المَنْسِمَيْنِ
                                  إذا الحاقفات   ألفن    الظّلالا

و تَرْمِي الغُيُوبَ بِمَاوِيَّتَيْنِ
                                       أُحْدِثَتا    بَعْدَ صَقْلٍ صِقَالا

و لَيْلٍ تَخَطَّيْتُ أهْوَالَهُ
                                      إلى   عمرٍ   ارتجيه  ثمالا

طويتُ مهالك مخشية ً
                                    إليك   لتكذب   عني  المقالا

بِمِثْلِ الحَنِيِّ بَراها الكَلاَ
                                      لُ يَنْزِعْنَ آلاً ويَرْكُضْنَ آلاَ

إلى مالكٍ عادلٍ حكمهُ
                                     فلمّا وضعنا   لديه الرِّحالا
ً
صرى قول من كان ذا مئرة
ٍ                                 و مَنْ كان  يَأْمَلُ  فِيَّ  الضَّلالا

و خصمٍ تمنّى المنى
                                  لأنْ  جاشَ  بَحْر ُ قُرَيْع  فَسَالا

أمينُ الخليفة بعد الرّسول
                                    و أوفى  قريشٍ  جميعاً حبالا

و أطولهمْ في النّدى بسطة
ً                                      و أفضلهم حين عدُُّوا فعالاً

أَتَتْنِي    لِسَانٌ    فَكذَّبْتُها  
                                  و ما كنتُ   أحذرها   أن تقالا

بأن الوشاة بلا جرمة ٍ
                                    أتوك  فراموا  لديك  المحالا

فَجِئْتُكَ مُعْتَذِراً رَاجِياً
                                      لِعَفْوِكَ  أَرْهَبُ  مِنْكَ النَّكالا

فلا تسمعنْ بي مقال العدا
                                     و لا  تُوكِلَنِّي هُدِيتَ الرِجَالا

فإنّك خيرٌ من الزّبرقان
                                       أشَدُّ  نَكَالاً   وخَيْرٌ  نَوالا


        ---------------------------------------------







                                الزبرقان بن بدر



        هو  ابو العباس الحصين بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة من تميم .
وفي رواية اخرى  يكنى : أبو عياش وابو شذرة  وكان له ولدان  العباس وعياش.
 الزبرقان :  من اسماء القمر

       كان  يلقب ( الزبرقان )  لحسنه وجماله  حتى قيل  له (قمر نجد).‏ وكان  يدخل مكة متعمماً بسبب ذلك  وقيل انه كني بالزبرقان لانه كان يلبس عمامة  مزبرقة  بالزعفران  وقيل كان اسمه القمر  لحسنه وبهاء جماله  .
-               نشأ الزبرقان  في نجد  وفيها اكتمل وكان سيدا  عظيم القدر في قومه بني عوف من تميم وشاعرها المفضال .

      ( وفي المحرم  من  السنة  التاسعة للهجرة المباركة  بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عيينة  بن حصن الفزاري إلى  بني  تميم  في خمسين  فارساً  من العرب ليس فيهم  احد من المهاجريٌن  ولا الأنصار فكان يسير الليل ويكمن النهار فهجم عليهم في صحراء فدخلوا وسرحوا مواشيهم فلما رأوا الجمع ولوا وأخذ منهم أحد عشر رجلاً و وجدوا في المحلة إحدى وعشرين  امرأة  وثلاثين  صبياً  فجلبهم إلى المدينة فأمر بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحبسوا في دار رملة بنت الحارث.

         وقد قدم وفد من تميم  فيهم عدد من رؤسائهم منهم : عطارد بن حاجب والزبرقان ابن بدر وقيس بن عاصم والأقرع بن حابس وقيس بن الحارث ونعيم بن سعد وعمرو بن الأهتم ورباح بن الحارث بن مجاشع فلما رأوهم بكت إليهم النساء والذراري فجاء الوفد إلى بيت  النبي صلّى الله عليه وسلّم فنادوا من وراء الحجرات :
-      يا محمد اخرج إلينا.

          فخرج  رسول الله  صلّى الله عليه  وسلّم  وأقام  بلال الصلاة وتعلقوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكلمونه فوقف معهم قليلا  ثم مضى فصلى الظهر ثم جلس في صحن المسجد  فقدم بنو تميم  عطارد بن حاجب فتكلم وخطب فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثابت بن قيس بن شماس فأجابهم فنزلت فيهم الاية المباركة:

  ‏( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون* ولوا انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكانت خيرا لهم  والله غفور  رحيم* ‏)
 سورة الحجرات  الاية \ 3و4
 فرد عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأسرى والسبي‏.‏

  وقيل وقف الزبرقان  في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم في صحن المسجد النبوي وانشد:

أتيناك كيما يعلم الناس فضلنا
                                إذا احتفلوا عند احتضار المواسم

بأنا فروع الناس في كل موطن
                                وأن ليس في أرض الحجاز كدارم

وأنا نذود المعلمين إذا انتخوا
                                   ونضرب رأس الأصيد المتفاقم

وأن لنا المرباع في كل غارة
                                    نغير  بنجد أو  بأرض الأعاجم

       وذكر ابن إسحاق ما  وقع  بينهم   من المفاخرة  وما  وقع  بين الشاعر حسان بن ثابت  وبين الشاعر الزبرقان بن بدر من وفد تميم من المفاخرة نظماً فأنشد الزبرقان‏:‏

  نحن  الكرام   فلا حي يعادلنا
                                 منا الملوك وفينا تنصب البيع

 وكم قسرنا  من  الأحياء كلهم
                                عند  النهاب وفضل  العز يتبع

 ونحن نطعم عند القحط مطعمنا
                               من الشواء إذا لم يؤنس الفزع

 بما ترى الناس يأتينا سراتهم
                                من كل أرض هوياً ثم نصطنع

 فننحر الكوم عبطاً في أرومتنا
                                للنازلين  إذا ما  أنزلوا  شبعوا

 فلا    ترانا   إلى  حي نفاخرهم
                             إلا استقادوا فكانوا الرأس يقتطع

 إنا     أبينا   ولم   يأب   لنا أحد
                              إنا   كذلك   عند  الفخر   نرتفع

وأنشد  حسان بن ثابت  شاعر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رادا على الزبرقان ‏:

‏ إن الذوائب من فهر وإخوتهم
                               قد بينوا    سنة   للناس تتبع

 يرضى بهم كل من كانت سريرته
                               تقوى الإله وكل الخير يصطنع

 قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم
                          أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا

 سجية تلك منهم غير محدثة
                               إن الخلائق فاعلم شرها البدع

إن كان في الناس سباقون بعدهم
                                فكل   سبق  لأدنى  سبقهم تبع

 لا يرفع الناس يوماً فاز سبقهم
                             أو وازنوا أهل مجد بالندى متعوا

 أعفة ذكرت في الوحي عفتهم
                                لا يطبعون ولا يؤذي بهم طبع

لا يبخلون  على  جار  بفضلهم
                               ولا   يمسهم   من مطمع  طمع

إذا   نصبنا   لحي    لم  ندب له
                               كما يدب  إلى الوحشية   الذرع

 نسموا إذا الحرب نالتنا مخالبها
                             إذا الزعانف من أظفارها خشعوا

 فإن في حربهم فاترك عداوتهم
                                شراً يخاض عليه السم والسلع

 أكرم   بقوم رسول  الله  شيعتهم
                              إذا   تفاوتت   الأهواء   والشيع

 أهدي    لهم    مدحتي قلب يؤازره
                           فيما   أحب   لسان     حائك   صنع

 فإنهم    أفضل    الأحياء    كلهم
                            إن جد بالناس جد القول أو شمعوا

          فلما فرغ حسان قال الأقرع بن حابس إن هذا الرجل لمؤتى
له- ويقصد به  النبي صلى عليه وسلم - لخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا ولأصواتهم أعلى  من أصواتنا  فلما فرغ القوم  واعلنوا اسلامهم جوّزهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأحسن جوائزهم‏.‏ 
 لاحظ كتابي ( شذرات من السيرة النبوية المعطرة) صفحة 253- 257

       وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر فقال‏ فيه :
-‏ مطاع في أدنية شديد العارضة مانع لما وراء ظهره .
قال الزبرقان‏:‏ والله لقد قال ما قال وهو يعلم أني أفضل مما قال‏.
‏ فقال عمرو‏:‏ إنك لزمر المروءة  ضيق العطن  أحمق الأب  لئيم الخال‏.‏
 ثم قال‏:‏ يا رسول الله  لقد صدقت فيهما جميعاً  أرضاني فقلت بأحسن    ما أعلم فيه  وأسخطني فقلت بأسوأ ما أعلم فيه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
 ( ‏‏إن من البيان لسحرا).

     ثم  ان النبي صلى الله عليه  وسلم  ولى الزبرقان  صدقات قومه  وبقي عليها حتى  في زمن ابي  بكرالصديق  وخلافة عمر بن الخطاب

      وقيل لما اراد  الزبرقان  ان يحمل الصدقات الى عمر  بن الخطاب مرة   لقيه  الحطيئة ومعه  أهله وأولاده يريد العراق  فراراً من  السنة  وطلباً للعيش فأمره  الزبرقان أن يقصد أهله وأعطاه  أمارة  يكون  بها ضيفاً  له حتى يلحق  به ففعل  الحطيئة وكان الحطيئة  قد مدح الزبرقان  حيث قال:

تـقـول خليـلـتـي لـمــا التقـيـنـا 
                                     سيدركنـا بنـو القـرم الهـجـان

سيدركنـا بنـو القمـر بـن بــدر
                                      سراج الليل للشمس الحصان

فقلت‏:‏ ادعي وأدعو إن أنـدى
                                      لـصـوت أن يـنــادي داعـيــان

فمـن يـك سـائـلاً عـنـي فـإنـي
                                       أنـا النـمـري جــار الزبـرقـان

 الا ان الحطيئة لم يستقر . حيث هجى الزبرقان  بقوله :


جـاراً لـقومٍ أطالوا هون منزله
                                              وغـادروه مـقيماً بـين أرماسِ

مـلَّـوا قِـراهُ   وهـرَّته   كـلابهُمُ
                                         وجـرحـوه   بـأنيابٍ    وأضـراسِ

دع المكارم لا ترحل لبغيتـهـا         
                                            واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

     فشكاه الزبرقان إلى عمر
 فقال عمر بن الخطاب:- ما أسمع هجاءا ولكنها معاتبة جميلة.
- فقال الزبرقان:- اوما تبلغ مروءتي إلا أن آكل وألبس!! (والله يا أمير المؤمنين ما هجيت ببيت قط أشد علي منه . سل ابن الفريعة – يعني به  حسان بن ثابت .
- فقال عمر رضي الله عنه: علي بحسان.
 فجئ به فسأله عمر رضي الله عنه
- فقال: لم يهجه ولكن سلح عليه.

           وفي رواية اخرى  إن عمرا  سأل لبيد بن ربيعة:
 أهجاه أم لا؟
 فقال لبيد : ما يسرني أنه لحقني ما لحقه من هذا الشعر. وأن لي حمر النعم.
 فسأل عمر حسان بن ثابت عن قول الحطيئة  هل  فيه هجاء ؟
  فاقر حسان بن ثابت  وحكم أنه هجو له وضعة . فحبسه عمر في مطمورة حتى شفع  فيه عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام  فأطلقه  بعد أن أخذ عليه العهد أن لا يهجو أحداً أبداً  وتهدده  إن فعل .

. وتوفي  الزبرقان  بن  بدر  في أيام  معاوية  بن ابي سفيان . وكان فصيحاً  شاعراً الا ان  في  شعره  جفاء الأعراب.
  ومن  روائع شعره   هذه الابيات:


وَفَيتُ  بِأَذوادِ  الرَسولِ   وَقَد  أَبَت   
                                      سُعاةٌ  فَلَم   يَردُدُ   بَعيراً     مُجيرُها

مَعاً  وَمنَعناها   مِنَ   الناسِ     كُلِّهمُ  
                                          ترامِي الأَعادي عِندَنا ما  يَضيرُها

فَأَدَّيتُها   كَي   لا   أَخونَ      بِذِمَتّي    
                                       مَحانيقَ لَم تُدرَس  لِرَكبٍ    ظُهورُها

أرَدتُ  بِها  التَقوى  وَمجدُ     حَديثِها 
                                       إِذا  عُصبَةٌ  سامى  قَبيلي    فَخورَها

وَإِني  لَمِن  حَيّ  إِذا   عُدَّ     سَعيُهُم   
                                        يَرى  الفَخرَ  مِنها  حَيُّها   وَقُبورُها

أَصاغِرَهُم  لَم  يَضرَعوا    وَكِبارُهُم     
                                         رزانٌ  مَراسِيَها  عِفافٌ   صُدورُها

وَأَشوَسَ  سامٍ  قَد  عَلوتُ    وَعُصبَةٍ  
                                        غِضابٍ حِناقٍ صَدَّ  عَنّي    نُحورُها

وِمِن  رَهطِ   كَنّادٍ   تَوَفّيتُ     ذِمَّتي   
                                         وَلَم  يَثنِ  سَيفي  نَبحُها  وَهريرُها

وَلَيلَةِ  نَحسٍ  في  الأُمورِ     شَهِدتُها   
                                         بِخُطَّةِ   عَزمٍ   قَد   أُمِرَّ    مَريرُها

وَقُبَّةِ   مَلكٍ   قَد   دَخَلتُ      وَفارِسٍ 
                                       طَعَنتُ إِذا  ما  الخَيلُ  شَدَّ    مُغيرُها

فَفَرَّجتُ    أُولاها    بِنجلاءَ      ثَرَّةٍ   
                                      بِحَيثُ الَّذي يَرجو  الحَياةَ    يَضيرُها

وَمَشهَدِ صِدقٍ  قَد  شَهدتُ  فَلَم    أَكُن   
                                      بِهِ  خامِلاً  وَاليَومَ  يُثنى     مَصيرُها

أَرى  رَهبَةَ  الأَعداءِ  مِنّي    جَراءَةً  
                                         وَيَبكي إِذا ما النَفسُ يُوحي ضَميرُها





           ****************************













              أروى بنت الحارث


هي أروى بنت الحارث  بن عبدالمطلب   بن هاشم  بن عبد مناف القرشية:
 عمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وشقيقة والده عبد الله .

         اُمها فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن مخزوم  فهي شقيقة عبد الله والزبير وأبي طالب وعبد الكعبة واُم حكيم واميمة وبرة .

  وقيل في رواية اخرى ان اُمها صفية بنت جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سوأة بن عامر بن صعصعة  وبهذا  تكون  شقيقة الحارث بن عبد المطلب

        تزوَّجها في الجاهلية عمير بن وهب  فولدت له( طُلَيباً) وأسلم طُلَيب في دار الأرقم بن ابي الارقم  عندما كانت الدعوة الاسلامية في سريتها.

     وقيل عرض أبو جهل وعِدد  من  كفار قريش  للنبي محمد  -صلى الله عليه وسلم  فآذوه في بداية دعوته للاسلام  فعمد ابنها ( طُليب بن عُمير) إلى أبي جهل فضربه  وشجّه  فأخذوه وأوثقوه  فلما علم  أبو لهب  خاله عمل  حتى خلاّه  أي اخلى سبيله  فقيل لأروى:

- ألا ترين ان ابنك (طُليباً) وقد صيّر نفسه غرضاً دون محمد ؟
 فقالت: خير أيامه يوم يَذُبُّ عن ابن خاله  وقد جاء بالحق من عند الله
 فقالوا لها : ا ولقد تبعْتِ محمداً ؟
 قالت: نعم  وانشدت :

 . إن طليبا نصر ابن خاله     
                                    واساه في ذي دمه ومال

     فخرج بعضهم الى أبي لهب وأخبره  فأقبل حتى دخل عليها
- فقال: عجباً لك ولاتباعك محمداً  وتركك دين عبد المطلب ؟!.
- فقالت( قد كان ذلك  فقم دون ابن أخيك واعضده وامنَعْهُ   فإن يظهر أمره فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على دينك ؟ وإن يُصَبْ كنت قد أعذرتَ في ابن أخيك )
- فقال أبو لهب: ولنا طاقة بالعرب قاطبة ؟  جاء بدين مُحْدَث؟
 وأبى أن يُعلن  اسلامه  .

         فكانت أروى -رضي الله عنها-  قد اسلمت  واخذت   تدافع عنه  وتذُبّ عنه  بلسانها  وتشيع  بين  نساء  قريش  صدْقه وأمانته وأنه نبي الله  وتدعوهنّ  للإسلام رضي الله عنها وأرضاها.
  فقال لها :
 - تبعت محمدًا وأسلمت لله رب العالمين .
 فقالت أمه: إنك على  حق من وازرت ومن عاضدت ابن خالك والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه ولذببنا عنه.
 فقال لها : يا أماه, وما يمنعك أن تسلمي وتتبعيه فقد أسلم أخوك الحمزة.
 فقالت: أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون إحداهن.
 قال  لها:أسألك بالله إلا أتيته.

          فجاءت الى  النبي   صلى الله  عليه   وسلم  فسلمت  عليه وصدقته  واعلنت اسلامها صحبة اختها صفية بعد ان تشاورتا  واتفقتا على  الايمان والاسلام   ثم كانت بعد ذلك تعضّدُ النبي -صلى الله عليه وسلم- بلسانها  وتحُضّ ابنها على نُصرته والقيام بأمره -صلى الله عليه وسلم وكان اسلامها قبل الهجرة النبوية  المباركة   وعندما هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم  هاجرت هي ايضا الى المدينة المنورة صحبة اختها  صفية  بعد  هجرته .

    وقيل  مرض عبد المطلب  بن هاشم  فجمع بناته : أروى   واُم حكيم البيضاء   وأميمة   وبرة   وصفية   وعاتكة    وأمرهن  بأن يقلن في حياته ما يردن أن يرثينه به  بعد وفاته ليسمع ما تريد أن تقول كل واحدة منهن   فأنشأت كل واحدة منهن في رثائه

  فقالت أروى تبكي أباها :
  
بَكتْ عَيني وحقَّ لها البُكاءُ
                                      على سمع سَجِيَّته الحَياءُ 

على سهل الخليفة أَبطَحِيٌّ
                                   كريمُ   الخيم   نِيَّتُه   العلاءُ

على الفيَّاض شَيبة ذِي المَعَالِي
                                       أبوه الخَير ليس له كفاءُ

طويل الباع أملس شيظمي     
                                      أغـر  كـأن غـرته ضـياء

أقب   الكشح أروع ذي فضول
                                   لــه الـمجد الـمقدم والـسناء

أبـي  الـضيم أبلج هبرزي    
                                  قـديم  الـمجد لـيس لـه خفاء

ومـعقل مـالك وربـيع ف هر    
                                  وفـاصلها اذا الـتمس الـقضاء

وكـان  هـو الفتى كرماً وجوداً 
                                     وبـأساً حـين تـنسكب الـدماء

إذا هـاب الـكماة الـموت حتى   
                                      كـأن قـلوب أكـثر هـم هواء

مـضى  قـدماً بذي ربدٍ خشيب  
                                     عـليه حـين تـبصره الب هاء

        وبعد معركة  بدر  قامت هند بنت عتبة ترثي اباها وعمها واخاها  وتفخر بقتل حمزة  عم النبي صلى الله عليه وسلم  وتقول:

نحن   جزيناكم   بيوم   بدر
                                 والحرب يوم الحرب ذات سعر

 فانبرت اليها   اروى  واسكتتها وهي تنشد:

يا بنت   رقاع   عظيم    الكفر
                                            خزيت  في بدر وغير بدر 
صبحك  الله   قبيل   الفجر
                                          بالهاشميين   الطوال  الزهر
بكل   قطاع  حسام  يفري
                                            حمزة  ليثي وعلي صقري
إذ  رام شـبيب وأبوك غدري  
                                        أعطيتي وحشي ضمير الصدر
هـتك وحـشي حجاب الستر   
                                         مـا  لـلبغايا  بـعدها  من  فخر

   ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم  قالت ترثيه :

ألا  يا رسول الله كنت رجاً لنا  
                                          وكـنت بـنا براً ولم تك جافياً

كـأن  عـلى قلبي لذكر محمدٍ   
                                      وما خفت من بعد النبي المكاويا

          وفدت  اروى بنت عبد المطلب  على  معاوية بن ابي سفيان 
بدمشق يوم كان واليا عليها  وهي عجوز عاتبة عليه  لخصومته لعلي بن أبي طالب -إبن عمها-  وفاخرته ببني هاشم وفضلتهم على بني أمية  فاعترضها عمرو بن العاص فعيرته بنسبة وقيل  وتكلم مروان بن الحكم  فأفحمته فاعتذر لها معاوية عنهما وسألها عن حاجتها فقالت :
- ما لي إليك من حاجة .
  وقامت وخرجت
 فقال معاوية لأصحابه:

       - والله لو كلمها من في مجلسي جميعاً لأجابت كل واحد بغير ماتجيب به الآخر فإن نساء بني هاشم لأفصح من رجال غيرهم.

  توفيت في السنة  الخامسة عشرة للهجرة الموافق\ 638 ميلادية في خلافة  عمر بن الخطاب . 

ومن شعرها هذه الابيات ترثي اباها :

عـيني جـودا بـدمع غير ممنون    
                                           إذ أنـهما لا بـدمع الـعين يشفيني

إنـي  نـسيت أبـا أروى وذكرته     
                                           عـن  غـير مـا  بغضة  ولا هون

ومـال  زال أبيض مكراماً لاُسرته  
                                        رحب المحاسن في خصب وفي لين

مـن آل عـبد مـنافٍ إن مـهلكه    
                                          ولـو بقيت رغوب الدهر يعصيني

مـن الـذين مـتى ما تغش ناديهم  
                                          تـلقى  الـحضارمة الشم العرانين


                ***************************************

                                       كعب بن زهير المزني

          هو كعب بن زهير بن (ابي سلمى) ربيعة بن رياح بن العوام بن قُرط  بن الحارث  بن مازن بن  خلاوة  بن  ثعلبة  بن  ثور بن هرمة بن عثمان من  مزينة.
        أمه امرأة من بني عبد الله بن غطفان يقال لها كبشة بنت عمار بن عدي بن سحيم .
           تلقن كعب الشعر عن أبيه  حيث كان ابوه شاعرا من فحول الشعراء الجاهليين  فكان زهير  يعلم ولديه كعب وبجير الشعر وكيف يقولانه  ويحفظانه وقيل عن كعب أنه  كان  يخرج  به  أبوه إلى  الفلاة   فيلقي عليه بيتاً أو شطراً ويطلب منه اجازته  تمريناُ حتى  تدرب وقال الشعر بطلاقة .
          كعب  بن زهير  شاعر مخضرم  فقد قال الشعر في الجاهلية والاسلام   والمعلوم ان  زهير بن ابي  سلمى  كان  ينظم  الشعر  منذ حداثته فردعه أبوه مخافة أن يأتي بالضعيف فيشوّه مجد الأسرة وما زال يهذّب لسانه ويجهّز شاعريته برواية الشعر حتى استقام له النظم.
          والمعروف ان زهير بن ابي سلمى المزني كان شاعرا وابوه شاعرا وزوج امه  شاعرا وخاله شاعرا  وكذلك  ولداه  كعب وبجير وولد  كعب  وحفيده كلهم  شعراء فحول في قوله  لهم منزلة راقية ومكانة عالية فيه .
    (  لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم  من الطائف في شهر ربيع الاخرة من  السنة التاسعة للهجرة المباركة  كتب بجير بن زهير بن ابي سلمى  إلى أخيه  كعب بن زهير  يخبره أن النبي صلّى الله عليه وسلّم  قتل رجالاً  بمكة ممن  كانوا  يهجونه  ويؤذونه ولم يبق من شعراء قريش الا  ابن الزبعري وهبيرة ابن أبي وهب و قد هربوا في كل وجه ( فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك ) وكان كعب قد قال‏:‏

 ألا  أبلغا  عني   بجيراً رسالة
                                 فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا 

 فبين   لنا إن كنت  لست بفاعل
                                 على أي   شيء  غير ذلك دلكا

 على   خلق لم  تلف أماً ولا أباً
                                 عليه  ولم  تدرك  عليه أخا ً لكا

 فإن كنت لم تفعل فلست بآسف
                                  ولا  قائل  إما عثرت  لعاً   لكا

 سقاك بها المأمون  كأساً روية
                                   فأنهلك  المأمون منها  وعلكا

       وبعث  بشعره هذا الى اخيه  بجير فلما أتت بجيراً كره أن يكتمها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاتى اليه فأنشده إياها فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
-(‏ سقاك بها المأمون صدق وإنه لكذوب وأنا المأمون ‏‏ ولما سمع على خلق لم تلف أماً ولا أباً عليه)
 قال ‏:‏ أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه ‏.‏
ثم قال بجير بن زهير هذه الابيات وارسلها الى اخيه كعب‏:‏

 من  مبلغ  كعبا  فهل لك في التي
                                تلوم  عليها  باطلا  وهي   احزم

 إلى الله لا العزى ولا اللات وحده
                                فتنجو  إذ ا كان   النجاء  وتسلم

 لدى  يوم لا ينجو  وليس  بمفلت
                                من  النار إلا  طاهر  القلب مسلم

 فدين  زهير  هو لا   شيء  دينه
                               ودين   أبي   سلمى  علي   محرم

           فلما بلغ  الشعر كعبا  ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه وأرجف به من كان ارجف  حضور من عدوه فقالوا هو مقتول فلما لم يجد من شيء بداً قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويذكر خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة  فغدا به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين صلى الصبح فصلى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم أشار له إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال الجهيني :

-        هذا رسول الله صلّى الله عليه  وسلّم فقم  إليه واستأمنه

         فقام كعب  إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى جلس إليه فوضع يده في يده وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يعرفه فقال:
-         يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائباً مسلماً فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به
-         قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:‏(‏ نعم ‏)‏
-        فقال : أنا يا رسول الله كعب بن زهير‏.‏

 وقيل أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال:
-        يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه
-         قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
-         ‏( دعه عنك فإنه قد جاء تائباً نازعاً ‏).‏
 فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير.
 فقال  قصيدته  في  رسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏ وقصيدته هذه  تسمى البردة  لان النبي صلى الله عليه وسلم البسه بردته الشريفة وهم ينشدها  ومطلعها:‏
                                           
بـانَتْ سُـعادُ فَـقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
                                  مُـتَـيَّمٌ إثْـرَها لـم يُـفَدْ مَـكْبولُ

       وذكر عاصم بن عمر بن قتادة فلما قال كعب (إذا عرّد السود التنابيل )وإنما يريد معشر الأنصار لما كان صاحبنا صنع به وخص المهاجرين من قريش من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمدحته غضبت عليه الأنصار فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار ويذكر بلاءهم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وموضعهم من اليمن‏:

‏ من سره كرم الحياة فلا يزل
                                 في مقنب من صالحي الأنصار

 ورثوا المكارم كابراً عن كابر
                                    إن   الخيار  هم  بنو  الأخيار

 الباذلين     نفوسهم   لنبيهم
                                   يوم  الهياج    وفتية   الأحبار

والذائدين   الناس عن أديانهم
                                   بالمشرفي     وبالقنا   الخطار

 المكرهين    السمهري بأدرع
                                    كسوالف  الهندي غير  قصار

 والناظرين   بأعين    محمرة
                                  كالجمر   غير كليلة    الإبصار

 والبائعين   نفوسهم    لنبيهم
                                  للموت    يوم   تعانق   وكرار

 يتطهرون    يرونه  نكساً لهم
                                  بدماء   من   علقوا  من الكفار

دربوا كما دربت   ببطن  خفية
                                    غلب الرقاب من الأسود ضوار

 لو   يعلم   الأقوام  علمي  كله
                                   فيهم   لصدقني  الذين   أماري

 قوم  إذا  خوت  النجوم  فإنهم
                                  للطارقين   النازلين      مقاري

في العز من غسان في جرثومة
                                       أعيت   محافرها   على  المنقار

      وكذلك ابنه عقبة بن كعب كان شاعرا وابن عقبة بن كعب كان شاعرا وهو القائل‏:‏

 ألا ليت شعري هل تغير بعدنا
                                   ملاحة عيني أم عمرو وجيدها

وهل  بليت  أثوابها  بعد   جدة
                                   ألا  حبذا   أخلاقها     وجديدها

ومن  جيد شعر  كعب قوله‏:‏

 لو كنت أعجب من شيء لأعجبني
                                      سعي الفتى وهو مخبوء له القدر

 يسعى الفتى لأمور ليس يدركها
                                        فالنفس واحدة   والهم   منتشر

 والمرء ما عاش ممدود له أمل
                                       لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر

 ومن  قوله في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم‏:

‏ تخدي به الناقة الأدماء معتجر
                                     بالبرد كالبدر جلى ليلة الظلم

للبرد كالبدر جلي ليلة الظلم
                               ما يعلم الله من دين ومن كرم

           لقد أنقذ الله تعالى كعب بن زهير من الكفر إلى الإسلام ومن الجاهلية إلى النور المبين، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، وفاز بشرف صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو شرف ما بعده  من شرف و رفعة ما بعدها رفعة .) لاحظ  كتابي: ( شذرات من السيرة النبوية المعطرة ) الشذرة\35  صفحة 260- 270
       توفي  كعب بن زهير بن أبي سلمى نحو سنة  اربع وعشرين  هجرية  الموافق تاريخها سنة\662  ميلادية وهذه بردته:
                                          

بـانَتْ سُـعادُ فَـقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
                                  مُـتَـيَّمٌ إثْـرَها لـم يُـفَدْ مَـكْبولُ

وَمَـا سُـعَادُ غَـداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا
                             اّلا أَغَـنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ

هَـيْـفاءُ مُـقْبِلَةً عَـجْزاءُ مُـدْبِرَةً
                               لا يُـشْتَكى قِـصَرٌ مِـنها ولا طُولُ

تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ
                                  كـأنَّـهُ مُـنْـهَلٌ بـالرَّاحِ مَـعْلُولُ

شُـجَّتْ بِـذي شَـبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ
                            صـافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْوَ مَشْمولُ

تَـنْفِي الـرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ
                                مِـنْ صَـوْبِ سـارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ

أكْـرِمْ بِـها خُـلَّةً لـوْ أنَّها صَدَقَتْ
                              مَـوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَِّ النُّصْحَ مَقْبولُ

لـكِنَّها خُـلَّةٌ قَـدْ سِـيطَ مِنْ دَمِها
                                   فَـجْـعٌ ووَلَـعٌ وإِخْـلافٌ وتَـبْديلُ

فـما تَـدومُ عَـلَى حـالٍ تكونُ بِها
                                   كَـما تَـلَوَّنُ فـي أثْـوابِها الـغُولُ

ولا تَـمَسَّكُ بـالعَهْدِ الـذي زَعَمْتْ
                                  إلاَّ كَـما يُـمْسِكُ الـماءَ الـغَرابِيلُ

فـلا يَـغُرَّنْكَ مـا مَنَّتْ وما وَعَدَتْ
                                    إنَّ الأمـانِـيَّ والأحْـلامَ تَـضْليلُ

كـانَتْ مَـواعيدُ عُـرْقوبٍ لَها مَثَلا
                                     وما  مواعيدها  الا   الاباطيل                                                                                                                                              

أرْجـو وآمُـلُ أنْ تَـدْنو مَـوَدَّتُها
                                        ومـا إِخـالُ لَـدَيْنا مِـنْكِ تَـنْ

 أمْـسَتْ سُـعادُ بِـأرْضٍ لا يُـبَلِّغُها
                                   إلاَّ الـعِتاقُ الـنَّجيباتُ الـمَراسِيلُ

 ولَـــنْ يُـبَـلِّغَها إلاَّ غُـذافِـرَةٌ
                                   لـها عَـلَى الأيْـنِ إرْقـالٌ وتَبْغيلُ

مِـنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  ع                              عـرْضَتُها طـامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ

تَـرْمِي الـغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ
                                      إذا تَـوَقَّـدَتِ الـحَـزَّازُ والـمِيلُ

ضَـخْـمٌ مُـقَـلَّدُها فَـعْمٌ مُـقَيَّدُها
                                 فـي خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ

غَـلْـباءُ وَجْـناءُ عَـلْكومٌ مُـذَكَّرْةٌ
                                      فــي دَفْـها سَـعَةٌ قُـدَّامَها مِـيلُ

وجِـلْـدُها مِـنْ أُطـومٍ لا يُـؤَيِّسُهُ
                                      طَـلْحٌ بـضاحِيَةِ الـمَتْنَيْنِ مَهْزولُ

حَـرْفٌ أخـوها أبـوها مِن مُهَجَّنَةٍ
                                     لاوعَـمُّـها خـالُها قَـوْداءُ شْـمِليلُ

يَـمْشي الـقُرادُ عَـليْها ثُـمَّ يُزْلِقُهُ
                                           مِنْـها لِـبانٌ وأقْـرابٌ زَهـالِيلُ

عَـيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ
                                    مِـرْفَقُها عَـنْ بَـناتِ الزُّورِ مَفْتولُ

كـأنَّـما فـاتَ عَـيْنَيْها ومَـذْبَحَها
                                   مِـنْ خَـطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ

تَـمُرُّ مِـثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ
                                     فـي غـارِزٍ لَـمْ تُـخَوِّنْهُ الأحاليلُ

قَـنْواءُ فـي حَـرَّتَيْها لِـلْبَصيرِ بِها
                                  عَـتَقٌ مُـبينٌ وفـي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ

تُـخْدِي عَـلَى يَـسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ
                                     ذَوابِــلٌ مَـسُّهُنَّ الأرضَ تَـحْليلُ

سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً
                                     لـم يَـقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْـمِ تَـنْعيلُ

كــأنَّ أَوْبَ ذِراعَـيْها إذا عَـرِقَتْ
                                      وقــد تَـلَـفَّعَ بـالكورِ الـعَساقيلُ

يَـوْماً يَـظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً
                                    كـأنَّ ضـاحِيَهُ بـالشَّمْسِ مَـمْلولُ

وقـالَ لِـلْقوْمِ حـادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ
                           و   ُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا

شَـدَّ الـنَّهارِ ذِراعـا عَيْطَلٍ نَصِفٍ
                                      قـامَـتْ فَـجاوَبَها نُـكْدٌ مَـثاكِيلُ

نَـوَّاحَةٌ رِخْـوَةُ الـضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها
                                   لَـمَّا نَـعَى بِـكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ

تَـفْرِي الُّـلبانَ بِـكَفَّيْها ومَـدْرَعُها
                                       مُـشَـقَّقٌ عَـنْ تَـراقيها رَعـابيلُ

تَـسْعَى الـوُشاةُ جَـنابَيْها وقَـوْلُهُمُ
                                    إنَّـك يـا ابْـنَ أبـي سُلْمَى لَمَقْتولُ

وقــالَ كُـلُّ خَـليلٍ كُـنْتُ آمُـلُهُ
                                       لا أُلْـهِيَنَّكَ إنِّـي عَـنْكَ مَـشْغولُ

فَـقُـلْتُ خَـلُّوا سَـبيلِي لاَ أبـالَكُمُ
                                        فَـكُلُّ مـا قَـدَّرَ الـرَّحْمنُ مَفْعولُ

كُـلُّ ابْـنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ
                             
        يَـوْماً عـلى آلَـةٍ حَـدْباءَ مَحْمولُ

أُنْـبِـئْتُ أنَّ رَسُـولَ اللهِ أَوْعَـدَني
                                  والـعَفْوُ عَـنْدَ رَسُـولِ اللهِ مَأْمُولُ

وقَـدْ أَتَـيْتُ رَسُـولَ اللهِ مُـعْتَذِراً
                                   والـعُذْرُ عِـنْدَ رَسُـولِ اللهِ مَقْبولُ

مَـهْلاً هَـداكَ الـذي أَعْطاكَ نافِلَةَ
                                   الْـقُرْآنِ فـيها مَـواعيظٌ وتَـفُصيلُ

لا تَـأْخُذَنِّي بِـأَقْوالِ الـوُش
اةولَـمْ
                                     اُذْنِـبْ وقَـدْ كَـثُرَتْ فِـيَّ الأقاويلُ

لَـقَدْ أقْـومُ مَـقاماً لـو يَـقومُ بِـه
                                    أرَى وأَسْـمَعُ مـا لـم يَسْمَعِ الفيلُ

لَـظَلَّ يِـرْعُدُ إلاَّ أنْ يـكونَ لَهُ مِنَ
                                         الَّـرسُـولِ بِــإِذْنِ اللهِ تَـنْـويلُ

حَـتَّى وَضَـعْتُ يَـميني لا أُنازِعُهُ
                                     فـي كَـفِّ ذِي نَـغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ

لَــذاكَ أَهْـيَبُ عِـنْدي إذْ أُكَـلِّمُهُ
                                      وقـيـلَ إنَّـكَ مَـنْسوبٌ ومَـسْئُولُ

مِـنْ خـادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ
م                                   مِـنْ بَـطْنِ عَـثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ

يَـغْدو فَـيُلْحِمُ ضِـرْغامَيْنِ عَيْشُهُما
ل                                   َـحْمٌ مَـنَ الـقَوْمِ مَـعْفورٌ خَراديلُ

إِذا يُـسـاوِرُ قِـرْناً لا يَـحِلُّ لَـهُ
                                  أنْ يَـتْرُكَ الـقِرْنَ إلاَّ وهَوَ مَغْلُولُ

مِـنْهُ تَـظَلُّ سَـباعُ الـجَوِّ ضامِزَةً
                                     ولا تَـمَـشَّى بَـوادِيـهِ الأراجِـيلُ

ولا يَــزالُ بِـواديـهِ أخُـو ثـقَةٍ
                                    مُـطَرَّحَ الـبَزِّ والـدَّرْسانِ مَأْكولُ

إنَّ الـرَّسُولَ لَـسَيْفٌ يُـسْتَضاءُ بِهِ
                                    مُـهَنَّدٌ مِـنْ سُـيوفِ اللهِ مَـسْلُولُ

فـي فِـتْيَةٍ مِـنْ قُـريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ
                                     بِـبَطْنِ مَـكَّةَ لَـمَّا أسْـلَمُوا زُولُوا

زالُـوا فـمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ
                                     عِـنْـدَ الِّـلقاءِ ولا مِـيلٌ مَـعازيلُ

شُــمُّ الـعَرانِينِ أبْـطالٌ لُـبوسُهُمْ
                                 مِـنْ نَـسْجِ دَاوُدَ في الهَيْجَا سَرابيلُ

بِـيضٌ سَـوَابِغُ قـد شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ
                                    كـأنَّـها حَـلَقُ الـقَفْعاءِ مَـجْدولُ

يَمْشونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ
                                  ضَـرْبٌ إذا عَـرَّدَ الـسُّودُ التَّنابِيلُ

لا يَـفْـرَحونَ إذا نَـالتْ رِمـاحُهُمُ
                                قَـوْماً ولَـيْسوا مَـجازِيعاً إذا نِيلُوا

لا يَـقَعُ الـطَّعْنُ إلاَّ فـي نُحورِهِمُ
                               ومـا لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ
    

          *****************************

            

         انتهى القسم الثاني ويليه الثالث 

          



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق