الاثنين، 27 فبراير 2012

الموجز في الشعر العربي الجزء الثالث - تاليف فالح نصيف الحجية

فالح نصيف الحجية
الكيلاني




الموجز في الشعر العربي


الجزء الثاني

دراسة في العصور\ العباسي الاول والثاني والاندلسي





نشر على الانترنيت في موقعي\
اسلام سيفلايزيشن ( الحضارة الاسلامية )والمدونة الالكترونية
www falih blogger . Com) )








































الباب الرابع


العصر العباسي الاول

الفصل الاول – الشعر في العصر العباسي الاول
الفصل الثاني - الاوضاع السياسية
الحالة الاجتماعية والمعاشية
الفصل الثالث – اساليب الشعر في العصر العباسي الاول ومعانيه
تطوراساليب الشعر
تطور معاني الشعر
تطور اوزان وقوافي الشعر
الفصل الرابع – الفنون الشعرية في العصر العبلاسي الاول
الفصل الخامس- شعراء العصر العباسي الاول
الفصل السادس- نماذج من شعر العصر العباسي الاول











































الفصل الاول

الشعر في العصر العباسي الاول



الشعر من اوائل الامور التي تتاثر بالواقع او الاحوال والامور التي تحدث في البلد حيث ان الشعراء هم اعلى وافضل واثقف طبقة في المجتمع اينما كان وفي أي وقت وزمان في احاسيسهم فهي عالية لديهم تبثق مما يشعرون به من خلال تعاملهم مع الحياة ومع الاخرين والطبيعة ومع كل شيء ولما كانت الحياة في هذا العصر قد تطورت كثيرا فلا غرو ان الشعر تطورايضا .

الشعر تطور تطورا واسعا تبعا لتطور الحياة ومنافذها واتجاهاتها والشعر يدخل كل المنافذ ويسمو في كل الاتجاها ت فقد اتسعت افاقه واخيلة الشعراء والشعراء اخصب الناس خيالا الم يقل الله تعالى فيهم – ( والشعراء يتبعهم الغاوون * الم تر انهم في كل واد يهيمون * وانهم يقولون مالا يفعلون ) سورة الشعراء الايات\ 223 – 225 – فازداد الخصب الشعري وتفتقت الاذهان و الاخيلة واتسعت الفنون الشعرية فيه و في كل منازل او مراحل الحياة فظهرت اغراض وفنون جديدة لم تكن موجود ة في العصر الاموي وما قبله نشاءت هذه تبعا للتطور الفكري ومن التمازج والتزاو ج بين الثقافات العربية وغير العربية من اقوام هذا المجتمع الذي اختلطت به العربية بالفارسية والرومية والتركية والهندية وغيرها .

نعم لقد تطور الشعر بتطور الحياة و تطورت معانيه ثم تصرف الشعراء بمعاني واساليب الشعراء قبلهم وحللوها وزادوا عليها او انقصوا منها تبعا لحاجتهم وتطور التصوير الشعري وكثر الابداع فيه فوجد التشبيه وكثرت المحسنات اللفظية ورقت المعاني واستعملت الفاظ جديدة ارق واسهل كما استعمل الشعراء بعض الكلمات غير العربية في اشعارهم واحسنوا استعمالاتها وصياغتها وربط الجمل العربية بها واصبحت من العربية ويقال لها معربة .

وكذلك الاوزان الشعرية وبحورالشعر العربي ازدادت وتطورت فظهرت بحور جديدة واوزان لم تكن معروفة من ذي قبل مثل المواليا والمزدوج والمسمط والموبع والمخمس هذا بالاضافة الى التغيير في الفاظ الشعر واساليبه.

لقد ا فتتح الشعراء قصائدهم بالغر ض الذي نظمت القصيدة من اجله في بعض الاحيان عازفين عما كان الشعراء يعهدونه اويسيرون عليه من استهلال القصيدة بالغزل ا و البكاء على الاطلال ولو ان بعضا منهم ظل ينشد على الطريقة المالوفة هذه .
استعمل الشعراء المحسنات البديعية من طباق وجناس وتشبيه واستعارات وكثرت هذه بشكل ملفت للنظر في هذا العصر.

وبالاجمال ان الشعر في هذا العصر تطور تطورا واسعا وعظيما في جميع نواحيه و اموره وفي شتى المجالا ت الشعرية واللغوية والفنية والمعاشية والثقافية ولا غرو في ذلك اذ ان الشعر مرآة العصر المجلية والعاكسة لظلال المجتمع البشري في كل ان واوان .

-------------------------------------















الفصل الثاني


اثر التيارات في شعر العصر العابسي الا ول



ان الشعر العربي في هذا العصر - نتيجة تطوره الواسع وافاقه المتسعة - تاثر بكل التيارات والاحوال السياسية والاجتماعية لتنعكس فيه كل ما تراى لها هذا بالاضافة الى تطور الثقافة في الشعر وسناتي على شرح كل حالة منها \


الاوضاع السياسية



كان من اسباب سقوط الدولة الاموية وقيام الدولةالعباسبة والذي له ابلغ الاثر في الناحية الثقافية والادبية ان الامويين اتبعوا سياسة التعصب للعنصر العربي الذي اعتبروه هو النسغ الصاعد او الناقل الحياة الى جسم الدولة المترامية الاطراف مما الب عليها الفئات غير العربية التي اصبحت ضمن حدود الدولة الاسلامية المحكومة من قبلهم اضافة الى ذلك ان العرب انفسهم كان قسم منهم من اعداء الامويين مثل العباسيين ومنهم العلويين خاصة وضعوا ايديهم بأ يدي هذه الفئات الاعجمية وتحالفوا معها على اضعاف الهيمنة العربية على مرافق الدولة والعمل على اسقاطها ومن اكبر هذه التحالفات التحالف الفارسي حيث اخذ الفرس يشعرون بقيمة اهمية رد عتبار الدولة الفارسية واتخذوا من الاسلام غطاءا او ذريعة من اجل الوصول الى اهدافهم واتخذوا من العلويين والعباسيين شموعا لتنير لهم طريقهم في ذلك وبدات تظهر لديهم حركات سياسية ومن ثم قوة عسكرية متحالفة مع من اراد الاستحواذ على هيبة الدولة العربية الاموية واسقاطها .

وهذه الامور يعرفها الساسة المنصفون وعرجنا عليها قليلا لارتباطها بالثقافة الادبية التي شملت كل مناحي الحياة
ومنها السياسة
كما ان للمنازعات الحزبية والتعصب القبلي الذي اشتد اواره زمن الدولة الاموية يد طولى في سقوط الحكم الاموي فتجمعت كل هذه الاسباب والاحوال على بغض العنصر الاموي العربي او ماسار عليه الامويون اثناء حكمهم فتجمعت كلها يقيادة العباسيين وقاموا بالثورة انطلقت شرارتها من بلاد فارس لتقضي على الامويين وتسقط حكمهم وتقوم الدولة العباسية الجديدة دولة فتية سنة 132 هجرية.

قامت الدولة العباسية في العراق اثر سقوط الدولة الاموية في الشام وكان للفرس اثر عظيم وكبير في قيام الدولة الجديدة وفي سياستها وشؤونها مما ادى ذلك- وهذا محتوم بفضل مساعدتهم - الى تدخل الفرس بسياسة الدولة وقيادتها .
وقد ادى ذلك الى اقتباس الكثير من النظم والعادات والتقاليد الفارسية التي حلت محل العربية واخذ الناس في تقليد الفرس في اشياء كثيرة فادى ذلك الى هيمنتهم على بعض المناطق وخاصة في بلاد فارس والثغور الشرقية للدولة الاسلامية فضعفف نفوذ العرب وقل تدخلهم في شؤون الحكم والدولة التي اصبح الكثير من رجالاتها وقادتها من الفرس واصبح العربي الذي كان يأنف ان يعمل في بعض الاعمال الحرة التي كان العربي يحتقرها يزاولها طلبا للعيش والبحث عن
لقمة عيش تسد رمقه .

ان ضعف النفوذ الفارسي نتيجة قوة الخلفاء العباسيين في الصدر
الاول من العصر العباسي كالمنصور والرشيد وضربهم الحركات الفارسية والمجوسية التي ظهرت في وقتهم والقضاء عليها- ثم قويت مرة اخرى خلال حكم المامون كونه اخواله الفرس اذ ان الخليفة هارون الرشيد قد تزوج عدة نساء كضرائر لابنة عمه زبيدة العباسيةا العربية الاصل ام ابنه الامين اذ قرب المامون الفرس واعتمد عليهم في النزاع بينه وبين اخيه الامين على الخلافة والسلطة والذي تحول الى معارك طاحنة بيين الطرفين الا انها مهدت السبيل لظهور العنصر الاخر هوالطرف التركي او النفوذ التركي بدلا من الفارسي فقد قرب الخليفة المعتصم بالله الاتراك كونهم اخواله حيث ان الخليفة هارون الرشيد قد تزوج والدة المعتصم التركية الاصل فاشتد ت عزيمتهم واغتمنموا الفرص فلما حن الوقت تمت وسيطرت الاتراك على الوضع وساءت حالة المواطن العربي في وطنه وبلده الاصلي في هذا الدور حيث لم يبق للدولة من هيبتها بعد خلافة المعتصم من الخلافة الا اسمها فقط.

هذه وغيرها ادت الى تغيير وجه الشعر العربي حيث ارتفع صوت الشعر السياسي ضد الامويين ونعي حكمهم المنهار وكذلك تمثلت العصبيات القبلية بين العرب انفسهم بين قيسية ويمنية وظهر ت الحركة الشعوبية قوية كحركة ناقمة على كل ماهو عربي و تهدف الى استعادة مجد فارس الى ماكان عليه قبل الاسلام كما وادت هذه الاحوال الى ظهور خلافات واسعة بين الهاشميين من العرب انفسهم وخاصة بين العباسيين والعلويين وصلت الى حد المقاتلة والعصيان والكراهية كما ظهرت الخلافات العقائدية والمذهبية بين الطوائف والنحل باسم المذهبية في الدين الواحد أي في الاسلام أي الفرقة وصلت في كل شيء نتيجة التوسع الطامي في الدولة الاسلامية وكان لكل فرقة او عنصر او قوم او قومية ادباء وشعراء ورجال يقودونها ويحركونها سواء كانت حركات سياسية او دينية او عنصرية او ثقافية.




----------------------------------------------------








الحياة الثقافية



عنى الخلفاء العباسيون في الثقافة عناية كبيرة وبذلوا المال بسخاء لتطويرها واغدقوه على الشعراء والادباء والمفكرين وذوي الالباب في مجال العلوم والثقافة .
وقد شجعوا الترجمة من الالغات الاجنبية الى العربية مثل الفارسية والهندية والرومانية واليونانية القديمة فكانت رافدا جديدا يصب في بحر اللغة العربية فاتسعت الافاق وتبارى الرجال في السباق في ميادين العلم والثقافة والادب واللغة والدين .
فكان لذلك الاثر الكبير في قيام ثقافة عربية واسعة في هذا العصر والتي مازالت لحد الان ونحن في القرن الحادي والعشرين او القرن الرابع عشر الهجري تعد مفخرة من مفاخر الامة العربية وادابها حيث كثر الكتاب والمؤلفون وانكب الرجال المثقفون على الثقافة من كل حدب وصوب وبما يتاح لكل ان ينتهل منها .

كانت الثقافة العربية مستقاة من مصدرين:
الاول الثقافة العربية التي كان عليها العرب قبل هذا العصر من الاداب الجاهلية من شعر ونثر والاسلامية التي نبعت من القران الكريم والسنة
النبوية الشريفة او قل كان القران الكريم رافدا واسعا للثقافة العر بية وكذلك الحديث الشريف ومن اقوال الشعراء الامويين و الادباء والعلوم التي اخذت بالاتساع في زمنهم لتصل في نهاية الدولة الاموية الى الثقافة العربية المييزة بعد ان نمت جذورها وعلت منابتها الا انها ازدهرت في هذا العصر واتت ثمارها فيه .
اما المصدر الثاني فهي الثقافة الاجنبية التي ترجمت من الامم المجاورة للعربية كالفارسية والتركية واليونانية او كانت نتيجة حتمية ذلك لانصهار هذه الاقوام في يوتقة الامة العربية و بالاسلام فاتت اكلها حيث اثرت التاثيرالكبير على اخيلة الشعراء وثقافاتهم فتوسعت افكارهم وازدادت علومهم وتفتقت قرائحهم لتاتي بخيالا ت ومعان شعرية واسعة وجديدة كان الاقتباس واضحا وجليا فيها.



******************************


الحياة الاجتماعية


كان العرب امة واحدة في عاداتهم وتقاليدهم وما ألفوه من ابائهم واجدادهم فاختلطوا بغيرهم من الاقوام والامم نتيجة توسع رقعة الدولة العربية الاسلامية اونتيجة الفتح الاسلامي وامتزجوا بهم نتيجة التعامل او التقارب في العصرين الاموي والعباسي والاخير كان فيه اثرعظيم الى تفرق العرب لاندساس الاقوام الاخرى وعملهم الجاد والدؤوب في ايجاد كياناتهم ضمن الكيان العربي ومحاولتهم هيمنتهم على امور الدولة وتقريبهم للفئات التي جاؤوا منها وابعادهم العرب عن الحكم قدر المستطاع وبما اوتوا من قوة وذلك من خلال قيامهم بحركات شعوبية معادية للعنصر العربي لامة اوجامعة للعناصر غير العربية فيها وخاصة من الفرس والاتراك.

لقد تاثر العرب بالفرس كثيرا فظهر هذا التاثر واضحا وجليا في اعيادهم واحتفالاتهم وكذلك في عاداتهم مثل اقتناء العرب الجواري والغلمان وشيوع العبث واللهو والخلاعة والفساد واللامبالاة وما لم يالفه العنصر العربي من ذي قبل وبث الافكار الالحادية المستقاة من المجوسية والوثنية فظهرت الزندقة والشعوبية و كل امر شائن مما حدى ببعض الخلفاء العباسيين في صدر الدولة العباسية من مطارة دعاة هذه الاعمال للحد منها كالخليفة المهدي والمنصور وكذلك قيام الحنابلة بمحاربة هذه الامور للحد منها او القضاء عليها ولكن دون جدوى . فقد طغت هذه الامور حتى دخلت في المأكل والملبس والسكن و في امورالحياة الاجتماعية فوجد هناك من تزيا بزي جديد نصف عربي وتوسعوا في الانشاء والابنية فشيدت القصور الشامخة تحف بها الحدائق الغناء وشملت كل مرافق الحياة .

لقد تنوعت اساليب الحياة وطرق الكسب والمعيشة وكان لكل ذلك اثره الكبير على حركة او تيار الشعر العربي بحيث ظهرت فنون شعرية جديدة لم تكن موجودة او معروفة كالغزل بالمذكر مثلا ووصفت الحياة ومظاهر الحضارة الجديدة على حالتها التي وصلت اليها من قصور ورياض ومواسم واعياد وقد ادى ذلك الى ارتقاء الشعر درجات اعلى في سلم الثقافة العربية.



************************************





















الفصل الثالث

اساليب الشعرفي العصر العباسي الاول ومعانيه

تطور اساليب الشعر


لقد تطورت اساليب الشعر العربي في العصر العباسي الاول كثيرا جراء اطلاع الشعراء على الثقافات الاجنبية ونمو مداركهم وزيادة معلوماتهم وتطور الحياة الحضارية في هذا العصر فقد مال الشعراء الى استخدام الاساليب السهلة المفهومة المنسجمة مع واقع الحياة المعاش وابتعدوا عن اللفظة الغريبة او البدوية التي قل استعمالها او هجرت في الاغلب واستعملوا المحسنات البديعية والالفاظ الجديدة تبعا لتطور الامور وحتى وصلت الحال لبعضهم من استخدام الفاظ اعجمية في شعره.

وقد ترك اغلب شعراء هذا العصر كثيرا مما كان يسير عليه الشعراء في الجاهلية كاستهلال القصيدة بالغزل ووصلت الامورالى ان يتهكم بعضهم من هذه الطريقة وربما يسخر ون من الشعراءالذي حافظوا عليها.
يقول ابو نؤاس متهكما :


قل لمن يبكي على رسم درس
واقفا ما ضر لوكان جلس

كما ولاحظ دخول الشعر بعض الالفاظ والاصطلاحات العلمية واللغوية كقول الشاعر ابو تمام في الخمرة:

خرقاء تلعب بالعقول حبابها
كتلاعب الافعال بالاسماء

وكذلك كثر استمال المحسنات الكلامية البلاغية كالبديع والطباق والجناس والتشبيه والاستعارات بانواعها وتففن الشعراء فيها وتزيينهم لشعرهم بها كل قدر امكاناتهم اللغوية والشعرية من
ذلك قول البحتري :

فلم ار مثلينا او مثل شاننا
نعذب ايقاظا وتنعم هجدا

او كثر استعمال الكلمات الاعجمية في الشعر فوجد فيه كلمات فارسية والشعراءالذين ادخلوا هذه الالفاظ اما من اصل فارسي او يميلون الى الاصول الفارسية او لهم اطلاع واسع في الفارسية كابي نؤاس وابن الرومي وابن المعتز:
يقول ابن المعتز:

قم نصطبح فليالي الوصل مقمرة
كانها باجتماع الشمل اسحار

اما ترى اربعا للهو قد جمعت
جنك وعود وقانون ومزمار

كما ا دخلت الى اساليب الشعر الالفاظ الفلسفية والعلمية وكل ما احاط بالشعراء من امور ومعالم وتطور وقوة اسلوب او ابتذال وكلمات ماجنة وجدت في شعر هذا العصر
والشاعر من ابدع فيها واجاد ..


----------------------------------------------




تطور معاني الشعر


كان من اثار تطور الحياة العامة في العصر
العباسي الاول ان تطورت الحضارة والثقافة والسياسة وتطورت تبعا لها معاني الشعر واختصبت اخيلة الشعراء وازدحمت بشتى معالم الحياة وتفنن الشعراء في معاني الشعر وقوله فقد تصرف الشعراء اولا بمعاني شعر الاقدمين قبلهم واضفوا عليها طابعا من الحسن والطرافة والاشراق ورقت حواشي الصور الشعرية والبلاغية فاستخدم الشعراء اقيسة منطقية وتعبيرات لغوية تكاد تكون جديدة فيما ألبسوه لها من من نسج جديد و قشابة الالوان وتباين الانواع وتمازج الصور فاحسنوا التصوير والابداع واتسعت اخيلتهم الى افاق واسعة ضافية فجاؤوا بها وتظهر هذه الابداعات في التشبيه وسعة الخيال الشعري وما اكتنفه من اضافات في محسنات اللغة من طباق وجناس و بيان اضافة الى التراكيب اللفظية والصور الجميلة وتسلسل المعاني وتلاحمها
فمن تصرف الشعراء بمعاني الاقدمين
قول الشاعر سلم الخاسر-:

فانت كالدهر مبثوثا حبائله
والدهر لاملجأ منه ولا هرب

ولو ملكت عنان الريح اصرفه
في كل ناحية مافاتك الطلب



ومن تطور واستعمال الاقيسة المنطقية
قول الشاعر البحتري:

دنوت تواضعا وعلوت مجدا
فشاناك انحدار وارتفاع

كذاك الشمس تبعد ان تسامى
ويدنوا الضوء منها والشعاع

ومن حسن الابداع والتصوير الحسن
قول الشاعر بشار بن برد متغزلا:

ياقوم اذني لبعض الحي عاشقة

والاذن تعشق قبل العين احيانا



--------------------------------------



تطور اوزان وقوافي الشعر


علم العروض علم اوزان الشعرالعربي وكيفية تنظيم الشعر والنطق به والفارق بين الشعر والنثر, نشأ بنشوء الشعر فهو روح الشعر ومحركه اذا اتفق مع حسن المعاني وارتبط بافضل الاساليب او قل هو الموسيقى التي تسري في جسد الشعر العربي ومن خلال الاذن الموسيقية العربية لأنشاء الشعر اواستساغة سماعه او تذوقه .

لم يكن العربي بحاجة الى تلقي موسيقى الشعر عن طريق الدراسة اوتثبيتها باوزان معينة بل كانت الاذن الموسيقية لدى العربي صاغية حساسة الى مدى بعيد فقد انشد الشاعر العربي الشعر على انغام واصوات حركة الابل اثناء مسيرها في ليل اونهار اومن خلال تهادي حركة الجسم العربي وهو راكب عليها تتهادى به قليلا قليلا او امراة تهتز فوقه في هودجها او من حركة الهواء الضارب في الخيام وعبثه فيها ومن حركة الخيل الزاحفة للقتال
من كل هذه ومن غيرها نشات وتطورت الموسيقى الشعرية فبقيت الاذن العربية عارفة انغامها وترابطها و طيها وخبنها واوتادها واعمدتها والقول في هذا طويل او وافر او بسيط مثلا - (لاحظ مقالتي بعنوان النغم الايقاع المنشورة في كتابي في الادب والفن في مدونتي على النت)–

ازدحمت الحياة وكثر اللغط وتشابكت الاصوات كلما كثرت البشرية واختلطت ببعضها وكثرت على الاذن العربية كل هذه بعد تطور الحياة وزادهارها وتمازج العرب بالاعاجم وبالحياة العامة والحضارة وتشابكها بما لايتسع لاي اذن ان تعيها وتحدد مفاوزها وشذراتها وكذلك الاسواق وما فيها فاصبح من الضروري ايجاد امر مكتوب لتفهمه وتتذوقه الاذن عند سماعه فنشاعلم العروض في العصر العباسي الاول على يد الخليل بن احمد الفراهيدي
درس هذا العالم العربي العظيم كل ماقاله الشعراء من الشعر والانغام والتباين بين نغمة واخرى وقيد كل ذلك ووجد ان الشعر العربي قديما وحديثا لاتتعدى انغامه الخمسة عشر نغما اسماها بحورا هي بحو رالشعر العربي الذي انشد فيها الشعراء العرب قصائدهم واشعارهم ولا زالوا ينشدون .

ثم جاء تلميذه الفراهدي الاديب العالم فاجهد نفسه ليجد بحرا اخر ابتكره ابتكارا من خلال معرفته الواسعة في الموسيقى الشعرية اسماه المتدارك تدارك به اخر النغمات من حيث الوزن والموسيقى الشعرية
فاصبحت بحور الشعرالعربي ستة عشرا بحر ينظم بها الشعراء قصائدهم واشعارهم :
منها الطويل على وزن فعولن\ مفاعيل\ فعولن \مفاعلن
ومنها الكامل على وزن متفاعلن\ متفاعلن\ متفاعلن
ومنها البسيط على وزن مستفعلن \ فاعلن\ مستفعلن \فعلن
ومنها الهزج على وزن مفاعيلن \ مفاعيلن \ مفاعيلن
وهكذا بقية البحورالشعرية لكل بحر وزن خاص وموسيقى معينة لا تنسجم مع البحر الاخر واي خلاف بينها .

اما القوافي فهي تعتمد على الحرف الاخير من البيت وحركته وحركةالحرف قبله
فقديما كانت القصيدة يجب ان تكون نهاية ابياتها على وتيرة واحدة ونسق واحد وروي واحد ويشكل الحرف الاخير قافية القصيدة فيقال هذه قصيدة بائية اذا كانت قافيتها منتهية بحرف الباء و رائية اذا كانت قافيتها منتهية بحرف الراء وهكذا ...
اما في العصرالعباسي الاول فقد اوجد التطور انواعا اخرى من القصيد منها المربع ومنها المخمس والمشطور ومنها مايسمى ب المواليا وهكذا الا انها الجميع كانت تحتكم الى البحور الشعرية العربية ولا تخرج عليها الا نادرا وحسب مقتضات القصيدة والضرورة الشعرية التي اجازت للشاعر مالم تجزه لغيره واعتذر ان اطلت قليلا فالدراسة موجزة والموضوع طويل .

----------------------------























الفصل الرابع


الفنون الشعرية في العصر العباسي الاول


كان من الطبيعي ان تتطور الاغراض الشعرية في هذا العصر لتلائم روح وحضارة العصر الجديد وما اكتنفه من امور في شمولية الحياة ونوازع شتى
فقد توسع الشعراء في الاغراض الشعرية القديمة توسعا كبيرا متماثلا مع تطور الثقافة والاداب فيه بالوقت التي بقيت بعض هذه الاغراض جامدة متقوقعة وهي التي كانت تنشد في البوادي والصحارى وتمثل الحياة القاسية لديهم .
كما ابتكر الشعراء اغراضا جديدة لم يتم النظم في مثلها سابقا اوجدتها طبيعة الاختلاط مع الاعاجم وسناتي عليها
تفصيلا موجزا =
ا - الاغراض القديمة

1- الوصف:


الوصف من الفنون التي قام عليها الشعرالعربي منذ بدايا ته في العصر الجاهلي وبقي موجودا لحد وقتنا الحاضر فنا قديما حديثا مسايرا لكل وقت وزمان .
وفي هذا العصر توسع هذا الفن كثيرا وتفنن الشعراء في وصوفهم وتمثيل خواطرهم ومايجول بها فوصفوا كل ماهو جديد وبالاخص الا مور الشديدة الصلة بالحضارة والجديدة عليهم كوصف القصور والرياض والرياحين ومجالس الخمرة والغناء بينما وصف بعض الشعراء بيئاتهم التي عا يشوها من صحراء وابل واطلال وغيرها .
فقد وصف الشعراء أي شيء وقعت عيونهم عليه وكل حسب طبيعته وطريقة معيشته وحالته الاجتماعبة فالبحتري وابو تمام ومسلم بن الوليد وابو نؤاس اشتهروا بالوصف ومن قصيدة لشاعرالوصف الكبير في العصر العباسي الاول ( البحترى) وهو اشهرهم فيه يقول في وصف قصر من قصور الفتح بن خاقان وزير الدولة
يقول فيه:

مقاصير ملك اقبلت بوجوهها
عن منظر في عرض دجلة مونق

كاءن الرياض الحور يكسين حولها
افانين من افواف وشي ملفق

اذا الريح هزت نورهن تضوعت
روائحه من فاءر مسك مفتق

كاءن القباب البيض والشمس طلعة
تضاحكها انصاف بيض مفلق



-----------------------------


2- شعرالمشهد السياسي :
-------------------------

الشعر السياسي وجد منذ وجود الشعر العربي يوم تصارع العرب فيما بينهم ويوم تصارعوا مع الاقوام ا لمجاورة لهم كالفرس في وقعة ذي قار قبل الاسلام حيث انشد الشعراء العرب لها تغنوا بنصرهم على الفرس فيها .
تطور هذا الفن من الشعر في عصر صدر الاسلام ايضا فكان يمثل وجهة الاسلام وانتصاره على اعدائه وازداد توسعا اثنا ء
العصر الا موي وكثر الانشاد فيه لكثرة الاحزاب التي وجدت حيث كانت النزاعات بينها شديدة وقد بينا ذلك فيما سبق .
اما في العصر العباسي الاول فقد ركد وضعف وقلت اهميته لاعتماد الدولة العبا سية على القوة والضرب بيد من حديد على كل من يقف حيالها فتلاشت الاحزاب وكادت تنتهي الا انه ظهرت الحركة الشعوبية للوجود والحركة الشعوبية حركة معادية للعرب في كل مفاهيمها الا انها باللغة العربية تهدف الى اعادة مجد فارس
والمجوسية القديم وتشويه كل امر عربي .

قاومها الشعراءالعرب ووقف معها العنصر الفارسي او الذي تفرس حديثا ركضا وراءالمصلحة الخاصة وطمعا بالفائدة المرجوة
وكذلك ظهر الخلاف شديدا بين ابناء العم والذين هم من ذرية اب واحد أي بين العباسيين وبين العلويين وقد قام الحاقدون على العنصرالعربي في اذكاء حدة هذا الخلاف وزيادة شقته بينهم واذكاء نيران الحقد والكراهية بين الاخوة المتناحرين في حركات شقت الدولة العربية واضعفت من قوتها وخاصة الفارسية التي انقسم ابناؤها بين مشجع مع الدولة وضوحا وعلانية ومع العلويين سرا والقسم الاخر اعلن ولاءه للعلويين منذ البدء كذبا وتمويها وعداءه لكل ماهو عربي .
وكل هذه الامور لها شعراؤها ولهذا ظل الشعر السياسي موجودا لكنه اضعف حالا مما كان في العصر الاموي
من اشهر شعراء هذا الفن دعبل الخزاعي ومروان بن ابي حفصة وبشار بن برد ومن شعر مروان في الرد على ابناء العلويين يقول :

خلوا الطريق لمعشر عاداتهم
حطم المناكب عند كل زحام
وارضوا بماقسم الاله لكم
ودعوا وراثة كل اصيد سام

انى يكون وليس ذاك بكائن
لبني البنات وراثة الاعما م

--------------------------------


3- المد ح:
-----------

لقد توسع المدح في هذا العصر الى حد بعيد ودخل اليه عنصر المبالغة الذي وصلت فيه بعض الاحيان لدى بعض الشعراء الى حد الكفر والالحاد وتبين قوة وعظمة الخلفاء وغطرستهم ووصفهم بصفات فوق صفات مستوى البشر من ذلك قول ابي نؤاس في مدح الرشيد \

واخفت اهل الشرك حتى انه
لتخافك النطف التي لم تخلق

والسبب في هذا الغلوفي المدح يرجع او يعود الى الخلفاء انفسهم اذ رضوا ان يوصفون بذلك اولا ثم انهم اجزلوا العطاء لمن مدحهم واجاد في مدحهم وخرج به على المالوف ثانيا فقد كانوا يهبون العطايا ا كواما مما دفع الشعراء الى الغلو والاسراف في المدح طمعا في كسب المال
ومن اشهر شعراء المدح ابو تمام والبحتري وابو نواس و العتابي ومن قول ابي تمام في مدح ابي دلف العجلي
هذه الابيات\

تكاد عطاياه تجن جنونها
اذا لم يعوذها بنغمة طالب

تكاد مغانيه تهش عراضها
فتركب من شوق الى كل راكب

اذا افتخرت يوما تميم بقومها
وزادت على ماوطدت من مناقب

فانتم بذي قار امالت سيوفكم
عروش الذين استرهبوا قوس حاجب


------------------------------------

4-الهجاء :
------------------

والهجاء من الفنون التي بقيت دون توسع ايضا ان لبم نقل انه ضعف وكان هذا يمثل في هذا العصر ضعف النفس والادعاء بلا دليل وضعف الايمان وقد سار الهجاء كما كان عليه في العصر الاموي في صياغته فتلحظ فيه السباب والشتم وبذاءة القول والقذف بغير الحق وعدم المبالاة بالقول فالهجاء استخدم كل قبيح وغير الجميل ومن اشهر شعراء الهجاء في هذا العصر بيشار ودعبل وبم الرومي ومن قول بن الرومي في هجاء قينة مغنية اسمها كنيزة قوله\

شاهدت في بعض ماشاهدت مسمعة
كانما يومها يومان في يوم

تظل على من ضم مجلسها
قولا ثقيلا على الاسماع كاللوم

لها غناء يثيب الله سامعه

ضعفي ثواب صلاة الليل والصوم

-------------------------

5- الرثاء:
----------

الرثاء من فنون الشعر العربي منذ الجاهلية وقديم قدم الشعر وقد توسع في العصر العباسي هذا وكان الرثاء فيه اما رثاء خليفة او عظيم من الولاة والقادة او من اقارب الشاعر كابنائه اومن وسعت وعت منزلته منزلته من اصحاب الجاه والثراء
ويتميز شعر الرثاء بصدق العاطفة وعمقها خاصة في رثاء عزيز او قريب في كل حالة يصف الشاعر عجز الانسان في مقارعة الموت الذي اخذ عزيزه منه والتفكر بماساةالموت اللامتناهية ومن اشهر شعراء الرثاء ابو تمام وابن الرومي ودعبل الخزاعي ومن قول دعبل في رثاء الرشيد يقول \

اربع بطوس على القبر الزكي اذا
ماكنت تربع من دين على وطر

قبران في طوس خير الناس كلهم
وقبر شرهم هذا من الصبر

ماينفع الرجس من قرب الزكي ولا
على الزكي بقرب الرمس من ضرر

هيهات كل امرئ رهن بما كسبت
له يداه فخذ ماشئت او فذ ر
--------------------------------------


6-الغزل:
-------------------

الغزل معروف منذ العصرالجاهلي وقد تغزل الشعراءبالمرأة في العصر الجاهلي والاسلامي والاموي والعباسي وفي كل عصر وزمان وكانوا يستهلون به قصائدهم الطوال وتطور هذا الفن في العصرالاموي فكان فيه الغزل التقليدي والغزل الحضري والغزل البدوي و الغزل العذري وسبق الاشار ة اليها الاانه في هذا العصر انكمش الغزل البدوي وضعف بل اندرس لولا اشارات من شعر العباس بن الاحنف بينما ظل الشعر التقليدي موجودا في مطالع قصائد بعض الشعراء
اما الغزل الحضري فقد توسع واتخذ طوابع جديدة تبعا لحالةالمجتمع حيث وصل الى حد التهتك والاسراف في القول الفحش والفسق والمجون حتى تعمد بعض شعراء الغزل قول الشعر الغزلي الجنسي المفضوح يقول احدهم :

لما كشفت الثوب عن سطح فرجها
وجدت مضيقا كخلاق

اولجت فيها نصفه فتنهدت
فقلت لماذا قالت على الباقي

وهل بعد هذا الشعر الفاضح افضح منه
ومن اشهر شعراءالغزل - ابو نؤاس وبشار بن يرد
ومن قول ابي نؤاس :

وعاشقين التف خداهما عند التثام الحجر الاسود

فاشتفيا من غير ان ياءثما كانما كانا على موعد

لولا دفاع الناس اياهما لما استفاقا اخر المسند

---------------------------

7 - الحكمة :


الحكمة عرفت منذ الزمن الجاهلي وقد توسعت كثيرا في هذ ا العصر
ومن شعراء الحكمة في هذا العصر ابوتمام وبشاربن برد وصالح عبد القدوس
ومن قول بشار \

اذا بلغ الرائ المشورة فاستعن
براءي نصيح او نصيحة حازم

ولا تجعل الشورى عليك غضاضة
فان الخوافي قوة للقواد م


-------------------------------------------

ب - الفنون الجديدة

1 – الزهد :
--------------

لم يعرف الزهد في العصورالسابقة كفن مستقل بل جاء كبيت اوبيتين في القصيدة ونظرا لتطوره الواسع في هذا العصر يمكن ان نعتبره فن قائم بذاته له شعراؤه
قبل هذالعصر كان ممتزجا بين ثنايا قصائد الرثاء كالحكمة وان اسباب توسعه نتيجة حتمية ولرد الفعل الذي اوجده شعراء التهتك الخلقي والمجون والامور الالحادية والفسوق فكان هذا الفن سوطا يقصم ظهور الادعياء والزندقة والشعراء المتهتكين خلقا واشهرالشعراء شهرة في هذا الفن الشاعرابوالعتاهية
انظر اليه يقول\

كل حي عند منيته حظه من ماله الكفن

ان مال المرء ليس له منه الا ذكره الحسن

في سبيل الله انفسنا لكنا للموت مرتهن
------------------

2-الغزل بالمذكر:
------------------


لم يكن لهذا الغرض وجود في االعصور العربية المختلفة الاانه وجد في هذا العصر نتيجة تطور الحياة الاجتماعية وانتشارالفسق والفجور فقد اقتبسه العرب من الاعاجم بل قل جاء به الفرس ونشا من الامتزاج والابتذال والتفسخ الخلقي وهو الدليل القاطع على وجود الفساد والانهيار الخلقي في هذا العصر لدى فئة ضلت عن سواء السبيل وقد انتشر بين شعراء هذا العصرالذين كانت خلقهم تسمح لهم في قوله او قول مثله
ومن اشهر شعراء التغزل بالمذكر ابو نؤاس و مسلم بن الوليد والحسين بن الضحاك ووالبة بن الحباب
ومن شعر ابي نؤاس
هذه الابيات:

انا مستهتر بحبك صب جئت شكو هواك اليكا

يابديع الجمال والحسن والدل حياتي ومنيتي في يديكا

بابي انت لوبليت بوجدي لم يهن مالقيت منك عليكا


***********************

3--الشعر التعليمي ونظم الحكايات
-------------------------------

نشأ هذا الغرض في العصرالعباسي الاول ولم يكن معروفا قبله وهذا الشعر يتميز بخلوه من كل عاطفة وكونه غيرممتع
الشعرالتعليمي نظم لسهولة فهم المعلومات العلمية والبيانية واللغوية ونظم القصص والحكايات الممتعة وللتسلية والدعاية
ومن اشهر شعراء هذين الغرضين اوقل انه مبتكرها واول القائلين فيها الشاعرابان بن عبد الحميد اللاحقي وجماعة اخرون ومن قوله في الشعرالتعليمي

\تعريف بكتاب الصوم :

هذا كتاب الصوم وهو جامع
لكل ماقامت عليه الشرائع

من ذلك المنزل في القران
فضلا من كان ذا بيا ن

ومنه ماجاء عن النبي
من عهده المتبع المرضي

------------------------------------------------------



















الفصل الخامس

اشهر شعراء العصر العباسي الاول


ابوتمام الطا ئي




هو حبيب بن اوس الطائي ينتمي الى قبيلة طي العربية وقد اختلف مؤرخوا الادب في نسبه الى طي كما اختلفوا في مكان ولادته وزمنها .
ولد ابو تمام سنة\ 188 هجرية في احدى القرى التابعة لاعمال دمشق ويقال انه ولد من اسرة فقيرة معدمة تدين بالنصرانية وقد انتقلت عائلته الى دمشق طلبا للرزق والمعاش وهو لما يزل طفلا صغيرا ودمشق انذاك جنة من جنان الله تعالى في الارض متقدمة في كل امورها وكان لهذا الا نتقال اثر كبير على نفسية هذا الطفل وتفتح مواهبه في سن مبكرة.

ولما بلغ مبلغ الرجال وسن الرشد نبذ النصرانية واسلم واحسن اسلامه فكانت قصائده في شبابه تدل على انه شديد الحماس للاسلام قوية عقيدته وقد استبدل اسم ابيه فجعله اوسا بعد ان كان في النصرانية تدوس.
انتقل ابو تمام الى حمص ونظم شعره فيها بمدح عائلة طائية النسب متاثرا بشاعر حمص – ديك الجن - فاعجب به وعرض عليه شعره .

وبقي في حلب ردحا من الزمن ثم رحل بعدها متوجها الى مصر وفي مصر حيث بقي فيها مدة لاباس بها استسقى الناس الماء في الجامع الكبير فيها واستقى هو الادب من مناهله في ذلك الجامع الذي كانت تعقد فيه مجالس للدرس والتعلم في كل العلوم بمافيها الادب والشعر فكان فيه يسقي الماء ويستسقي العلم مكانه وقد اطلع اطلاعا واسعا على القران الكريم وتاثرفي اسلوبه حتى قيل انه حفظ القران الكريم كله.

بعد خمس سنوات قضاها في مصر مدح خلالها رجل حضرمي اسمه (عياش) كان من الاثرياء طمعا في المال حيث كان بامس الحاجة اليه وامله هذا به كثيرا ولماخاب امل ابي تمام منه هجاه اقذع هجاء وترك مصر عائدا الى الشام وفي اثناء عودته الى الشام استغل وجود الخليفة المامون فيها فمدحه لكن الخليفة اعرض عنه لانه علوي الراي كما قيل

بقي ابو تمام متجولا متنقلا من بلد الى اخر ناظما الشعر حتى طارت شهرته وعرف في كل الاوساط العربية ولما تولى الخليفة المعتصم الخلافة قربه المعتصم وجعله من شعرائه وخاصته وفضله لقوة شعره
مدح ابو تما م المعتصم وبعض القادة والولاة واصحاب النفوذ اذ كان من المتكسبين في الشعر وظل يتنقل بين بغداد والشام وزار خراسان واتصل بكثر من الرجال ومنهم الزيات الذي كان وزيرا للخليفة الواثق حيث ولاه بريد الموصل

بعد سنتين من استقراره في الموصل ويعمل في بريدها توفي سنة\ 231 هجرية
ابو تمام من فحول شعراء العربية ويمتاز شعره بالصياغة اللفظية والصناعة الشعرية حيث كان ينتقي لقصائده احسن الاساليب والمعاني افضلها ذو شاعرية وقادة متفتحة اشهر بالمدح والوصف والرثاء واغراض اخرى برع فيها كثيرا ومن شعره في وصف الربيع
هذه الابيات الجميلة :

رقت حواشي الدهر فهي تصور
وغدى الثرى في حليه يتكسر

ياصاحبي تقصيا نظريكما
تريا وجوه الارض كيف تصور

تريا نهارا مشمسا قد شابه
زهر الربى فكانما هو مقمر

دنيا معاش للورى حتى اذا
حل الربيع فانما هي منظر
اضحت تصوغ بطونها لظهورها
نورا تكاد له القلوب تنور

في كل ازاهير ترقرق بالندى
فكاانها عين اليك تحدر


-----------------------------------




















البحتر ي




هو الوليد بن عبيد الطائي ولقب بالبحتري نسبة الى عشيرته – بحتر – الطائية.

ولد في قرية يقالها(منبج )من اعمال حلب في الشام وفيها نشا وقد تعلم الفصاحة من محيطه وذويه وقيل فطر على الشعر أي قال الشعر طفلا وقيل قال الشعر مدحا وهو صغير
اتصل البحتري بابي تمام كلاهما في الشام وعرض عليه شعره فاستحسنه ابوتمام وشجعه كثيرا وكا ن في البحتري نزعة للتنقل والترحال فرحل الى بغداد واتصل بابن الزيات وزير الواثق وكذلك بابن خاقان وزير المتوكل على الله فاوصله ابن خاقان الى المتوكل الذي استحسنه وشعره وجعله من شعراء بلاطه المقربين .

استمر البحتري في مدح المتوكل وابن الزيات وابن خاقان حتى قتل المتوكل ووزيره فسافرالبحتري الى الشام ثم عاد مرةاخرى الى بغداد ليدخل في مدح من جاء بعد المتوكل من الخلفاء

توفي الشاعر البحتري في الشام في مسقط راسه منبج سنة\ 284 هجرية

ويغلب على شعره المدح بالاضافة الى قوله الشعر في جميع الاغاريض والفنون الاانه عزف عن قول الشعر في الهجاء ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع
ومن قوله في الغزل :

رُدّي، على المُشتاقِ، بَعضَ رُقادِ

أوْ فاشرِكيهِ فياتّصَالِ سُهَادِهِ

أسْهَرْتِهِ، حَتّى إذا هَجَرَ الكَرَى،

خَلّيْتِ عَنهُ،وَنُمْتِ عَن إسعَادِهِ

وقَسَا فُؤَادُكِ أنْ يَلينَ لِلَوْعَةٍ،

بَاتَتْ تَقَلْقَلُ في صَمِيمِ فؤَادِهِ

وَلَقَدْ عَزَزْتِ، فَهَانَ قَلْبي للهوى

وَجَنَبْتِهِ، فرَأيتِ ذُلَّ قِيَادِهِ

مَنْ مُنْصِفي مِنْ ظَالِمٍ مَلّكْتُهُ

... وُدّي، وَلَمأمْلِكْ عَزِيزَ وَدادِهِ

إنْ كُنتُ أمْلِكُ غَيرَ سَالِفِ وُدّهِ، ...

فَبُليتُ،بَعدَ صُدُودِهِ، بِبِعَادِهِ

-------------------------------------------
















ابن الرومي



هو علي بن العباس بن جريج ولقب بابن الرومي لرومية والده فوالده رومي الاصل وامه فارسية
ولد في بغداد سنة \221 هجرية نشأ في بيئة عربية وتثقف بثقافتها العربية .

ابن الرومي شاعر ظلمه الدهر ونكبه بنكبات كثيرة فقد توفي ابواه حيث كان صغيرا فاحتضنه اخوه الاكبر ورباه الا انه توفي هو الاخر بعد مدة وتركه بلا معيل فنشا وتربى على اليتم والفاقة والبؤس
وبعد ما تزوج انجب ثلاثة اولاد خطفهم الموت منه الواحد بعد الاخر ثم تبعتهم زوجته حيث ماتت كمدا وغما عليهم وهكذا بقي وحيدا في حياته وتعقدت الحياة وامورها عليه واظلمت الدنيا بوجهه ولم يكن له اصحاب .

مكث ابن الرومي في بغداد ولم يبرحها الا مرة واحدة حيث سافرالى سامراء على امل الوصول الى الخليفة المعتضد فلم يفلح اذ توصل الى وزيره القاسم بن عبد الله ولما اراد ان يوصله الى الخليفة قتل الخليفة مسموما قبل ان يصل اليه ويقف بين يديه وذلك سنة\ 283 هجرية وهكذا عاش بين الفاقة والحرمان والفقر
ابن الرومي شاعر فحل يتميز شعره بوضوح االفكرة والمعنى الصريح ويغلب عليه طابع تشاؤمي شديد نتيجة ارزاءالدهر ونكباته المتتالية عليه فشعره بعيد عن غريب اللفظ خال من التعقيد واجود شعره ما قاله في الرثاء والشكوى والهجاء
ومن قوله هذه الابيات: -


كفـى بالشيـب من نـاهٍ مطـاعِ

علـى كَـرهٍ ومن داع مـجـاب

حططت إلى النهى رحلـي وكلَّـت

مطيَّـة باطلــي بعـدالهبــاب

وقلـتُ مسلِّمـاً للسيـب : أهـلاً

بـهادي المخطئيـن إلى الصـواب

ألسـت مبشِّـري فـي كل يـوم
بوشـك ترحّلـي إثـرالشّبـاب

لقـد بشَّرتنـي بلحـاق مـاض
أحـبَّ إليَّ مـن بـردالشَّـراب

فلسـت مسمِّيـاً بشـراك نعْيـاً
وإن أوعدت نفسـي بالذهــاب

لك البشرى وما بشـراك عنـدي

سـوى ترقيع وهيـ ك بالخطـاب

وأنت وإن فتكت بـحبِّ نفسـي

وصاحب لذَّتـي دون الصِّحـاب

فقد أعتبتنـي ، وأمـتَّ حقـدي

بِحَثِّـك خلفـهُ عَجِـلا ًرِكابـي

إذا الـحقتنـي بشقيـق عيشتـي

فقـد وفَّيتنـي فيـه ثـوابــي

وحسبـي من ثوابـي فيـه أنـي

وإيَّـاه نـثـوب إلـى مــآب

لعمـرك ما الحيـاة لكـل حـيٍّ

إذا فقدت الشبـاب سوى عـذاب


----------------------------------------



















ابو نؤاس


هو الحسن بن هانيء وكنيته ابو نؤاس
ولد في الاحواز من اب عربي وام فارسية ثم انتقل الى البصرة
نشافي البصرة وترعرع فيها في رعاية ام فقير ةالحال معدمة بعد ان رزأه الموت بأبيه صغيرا

تردد ابو نؤاس على مجالس الادب واللغة في البصرة التي كانت حاضرة كبيرة ومركز اشعاع من مراكز الثقافة الاسلامية وقد اكتسب من الادب والشعر الشيءالكثير ثم سافر الى الكوفة مع جماعة اخرين
في الكوفة تتلمذ على يد شعراء ماجنين خلعاء كوالبة بن الحباب والحسين بن الضحاك فتاثر بهم كثيرا وقال الكثيرمن الشعر في الغزل بالمذكر الفاسد والشعر الخليع وسار في طريق اللذة والانهيار الخلقي.

نزح ابو نؤاس الى بغداد واتصل بالرشيد ومدحه فقربه الخليفة الرشيد واعتبره نديمه الخاص وسافر الى مصر بعد وفاة الرشيد ومدح واليها هناك وظل فيها سنة كاملة رجع بعدها الى بغاد وبقي في بلاط الخليفة الامين .
توفي في بغداد سنة\ 198 هجرية

نظم ابو نؤاس الشعر في اغلب الفنون الشعرية واجاد فيها واكثر من شعر الخمرة ووصف مجالسها وتغزل بالمذكر ولديه نزعة شعوبية ويعتبر من شعراءالبلاط العباسي
ومن قوله في الخمرة :-


دع عنك لومي فإن اللوم إغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء

صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها
لو مسها حجر مسته سراء

قامت بإبريقها والليل معتكر
فلاح من وجهها في البيت لألاء

فأرسلت من فم الإبريق صافية
كأنما أخذها بالعين إغفاء

رقت عن الماء حتى ما يلائمها
لطافة وجفا عن شكلها الماء

فلو مزجت بها نوراً لمازجها
حتى تولد أنواراً وأضواء

دارت على فتية دان الزمن لهم
فما يصيبهم إلا بما شاؤوا

لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلة
كانت تحل بها هند وأسماء

حاشا لدرة أن تبنى الخيام لها
وأن تروح عليها الإبل والشاء

فقل لمن يدعي في العلم فلسفة:
حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء



*********************************






ابو العتاهية



هو اسماعيل بن القاسم ولد بقرية (عين التمر) في بادية الرمادي سنة \131 هجرية وكان اهله يشتغلون في صناعة الفخار وبيعه الا انه عزف عنه وانصرف الى قول الشعر واختلف الى الحلقات الادبية والشعرية التي كانت تعقد في الكوفة لقربها من موقع سكنه وفيها اكتملت شاعريته وذاع صيته وقد قال اول الامر الشعرالخليع الماجن لعلاقته بشعرائه الذين كانوا في الكوفة اذ انتقلت عدواه منهم اليه لتاثيرهم عليه واحتكاكه بالشعراء الذين كانوا ينظمون هذا الشعر .

قصد ابو العتاهية بعد ذلك بغداد عاصمة الخلافة وام الدنيا واتصل بالخليفة المهدي وراح يمدحه فقربه الخليفة وجعله من شعراء بلاطه وكذلك مدح الامراء والقادة والوجهاء من ذوي المنا زل الرفيعة في بغداد .

احب ابو العتاهية جارية من جواري البلاط العباسي اسمها – (عتبة ) الا انها لم تحبه ولم تبادله الحب فتعذب بحبها كثيرا وانشد قصائد غزلية كثير ة يستعطفها ويتغزل بها دونما فائدة اذ لم تتعطف عليه ولم تحبه

درس اسماعيل هذا الفلسفة في العقيدة وعلوم الدين فنبذ قول الشعر الخليع وتنصل مما قال فيه في صباه وشبابه ونبذ ملذات الحياة وانقطع الى قول الشعر في الزهد في الدنيا والتذكير في الاخرة بعد الموت حيث كان زهده في الدنيا نتيجة دراسة وثقافة عالية وليست رد فعل لعدم استجابة حبيبته اليه
لذا فضل الحياة الاخرة واحبها وهجرالدنيا لمن يريد وبقي هكذا الى ان وافته المنية سنة\ 212 هجرية

يتميز شعره بسهولة عجيبة واضح المعاني والالفاظ المنتقاة يمثل روحية شعب بائس فقير معدم هجر الحياة وملذاتها وسلك طريق الاخرة وما اليها ومن قوله في الزهد:

الم تر ريب الدهر في كل ساعة
له عارض فيه المنية تلمع

اياباني الدنيا لغيرك تبتنى
وياجامع الدنيا لغيرك تجمع

تبارك من لايملك الملك غيره
متى تنقضي حاجات من ليس يشبع

ارى المرء وثابا الى كل فرصة
وللمرء يوما لامحالة مدمع

وايامرئ في غاية ليس نفسه
الى غاية اخرى سواهـا تطـلـع








علي بن الجهم

هو أبو الحسن علي بن الجهم بن بدر القرشي السامي اختلف المؤرخون في تاريخ ولادته الا ان الاغلب اعتبرولادته عام\ 188 للهجرة شاعر مشهور؛ يقول الخطيب صاحب تاريخ بغداد: (له ديوان شعر مشهور، وكان جيد الشعر عالما بفنونه، وله اختصاص بجعفر المتوكل، وكان متديناً فاضلاً). كان معاصراً لأبي تمام. قيل ان اول بيت قاله من الشعر:

ماذا تقولين فيمن شَفهُ سَهَرٌ
من جَهدِ حُبكِ حتى صارَ حَيرانا

وكان عمره عشر سنوات وقاله في الغزل
غضب عليه المتوكل لهجائه، فنفاه إلى خراسان وأمر واليه عليها طاهر بن عبد الله بصلبه يوما كاملا مجردا فقال في ذلك:

لم ينصبوا بالشاذياخ صبيحة ال
إثنين مسبوقا ولا مجـهـولا
نصبوا بحمد الله ملء قلوبهـم
شرفا وملء صدورهم تبجيلا

رجع بعدها إلى العراق ثم انتقل إلى حلب، وخرج يريد الغزو فقتله فرسان من بني كلب، له ديوان وله شعر في حبسه، .
عاش علي بن الجهم شبابه في بيئة صحراوية قاسية، على الرغم من الشاعرية الفذة التي تتأجج في صدره الا ان الانسان وليد بيئته متاثر بها حتما، وتتكون فيها شخصيته وآثارها، لذا قيل عن علي بن الجهم ان قساوة البادية اثرت فيه كثيرا.
علي بن الجهم شاعرالخليفة المتوكل مدحه كثير وقيل ان غضب عليه فحبسه وفي حبسه انمشد قاصائد كثيرة اهمها داليته الشهيرة :

قـالت حبسـت و ليـس بضـائر
حبـسـي و أي مهنـد لا يغمـد

منح المتوكل على بن الجهم بيتا في بستان عند الرصافة وكانت مدينة عند جسر بغداد. وكان تلك المنظقة خضراء يانعة، وفيها سوق، وكان علي بن الجهم يرى الناس والسوق والخضرة والنضرة، والجمال في ذلك الحي.
ويقال انه تأقلم على ذلك المكان فدعاه المتوكل وجمع الناس لينشد الخليفة شعرا. فقال علي بن الجهم قصيدته الرائعة التي تعتبر اروع ما قاله وتعتبر من روائع الشعرالعربي ولا تزال ومطلعها :

عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبنا الهوى من حيث ادري ولا ادري

وقيل انه خرج يريد الغزو فقتله فرسان من بني كلب توفي في سنة \249هجرية - 863 ميلادية

ومن روائعه في محبسه هذه الدالية :

أو ما رأيت الليث يألـف غيله
كبرا و أوبـاش السبـاع تردد

و الشمس لـولا أنهـا محجـوبة
عن نـاظريك لما أضـاء الفرقد

و البدر يدركه السرار فتنجلي
أيـامـه و كـأنـه مـتجـدد

و الغيث يحصره الغمام فما يرى
إلا و ريـقـه يـراح و يرعـد

و النـار في أحجـارها مخبوؤة
لا تصطلى إن لم تثرهـا الأزند

و الزاغبيـة لا يقيـم كعوبهـا
إلا الثقـاف و جـذوة تتوقـد

غِيَرُ اللَيالي بادِئاتٌ عُوَّدٌ
وَالمالُ عارِيَةٌ يُفادُ وَيَنفَدُ

وَلِكُلِّ حالٍ مُعقِبٌ وَلَرُبَّما
أَجلى لَكَ المَكروهُ عَمّا يُحمَدُ

لا يُؤيِسَنَّكَ مِن تَفَرُّجِ كُربَةٍ
خَطبٌ رَماكَ بِهِ الزَمانُ الأَنكَدُ

كَم مِن عَليلٍ قَد تَخَطّاهُ الرّدى
فَنَجا وَماتَ طَبيبُهُ وَالعُوَّدُ

صَبراً فَإِنَّ الصَبرَ يُعقِبُ راحَةً
وَيَد ُ الخَليفَةِ لا تُطاوِلُها يَدُ

وَالحَبسُ ما لَم تَغشَهُ لِدَنِيَّةٍ
شَنعاءَ نِعمَ المَنزِلُ المُتَوَرَّدُ

بَيتٌ يُجَدِّدُ لِلكَريمِ كَرامَةً
وَيُزارُ فيهِ وَلا يَزورُ وَيُحفَدُ

لَو لَم يَكُن في السِجنِ إِلّا أَنَّهُ
لا يَستَذِلُّكَ بِالحِجابِ الأَعبُدُ

يا أَحمَدُ بنَ أَبي دُؤادٍ إِنَّما
تُدعى لِكُلِّ عَظيمَةٍ يا أَحمَدُ

بَلِّغ أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ
خَوضُ العِدى وَمخاوِفٌ لا تَنفَدُ

أَنتُم بَني عَمِّ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ
أَولى بِما شَرَعَ النَبِيُّ مُحَمَّدُ

ما كانَ مِن حَسَنٍ فَأَنتُم أَهلُهُ
طابَت مَغارِسُكُم وَطابَ المَحتِدُ

أَمِنَ السَوِيَّةِ يااِبنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ
خَصمٌ تُقَرِّبُهُ وَآخَرُ تُبعِدُ

إِنَّ الَّذينَ سَعَوا إِلَيكَ بِباطِلٍ
أَعداءُ نِعمَتِكَ الَّتي لا تُجحَدُ

شَهِدوا وَغِبنا عَنهُمُ فَتَحَكَّموا
فينا وَلَيسَ كَغائِبٍ مَن يَشهَدُ

لَو يَجمَعُ الخَصمَينِ عِندَكَ مَشهَدٌ
يَوماً لَبانَ لَكَ الطَريقُ الأَقصَدُ

فَلَئِن بَقيتُ عَلى الزَمانِ وَكانَ لي
يَوماً مِنَ المَلِكِ الخَليفَةِ مَقعَدُ

وَاِحتَجَّ خَصمي وَاِحتَجَجتُ بِحُجَّتي
لَفَلَجتُ في حُجَجي وَخابَ الأَبعَدُ

وَاللَهُ بالِغُ أَمرِهِ في خَلقِهِ
وَإِلَيهِ مَصدَرُنا غَداً وَالمَورِدُ

وَلَئِن مَضَيتُ لَقَلَّما يَبقى الَّذي
قَد كادَني وَلَيَجمَعَنّا المَوعِدُ

فَبِأَيِّ ذَنبٍ أَصبَحَت أَعراضُنا
نَهباً يُشيدُ بِها اللَئيمُ الأَوغَدُ

ابن المعتز



هو عبد الله بن الخليفة المعتز بن الخليفة المتوكل خليفة بن خليفة نشأ في البلاط العباسي نشاءة ترف ودلال وتتلمذ على ايدي اكابر العلماء في اللغة والادب والثقافة فنشأ محبا للا دب والفن والشعر
قيل ان تولى الخلافة يوما واحدا قتل بعدها شر قتله وهكذا كان القادة والامراء من غير العرب بالخلفاء يفعلون.

قتل في سنة 296 هجرية

كان لحياته السعيدة المترفة اثرا كبيرا في شعره وقد طغى على شعره الوصف فوصف الطبيعة والقصور والحياة السعيدة المترفة ومن قوله في وصف نفسه وحياته :

قليل هموم القلب الا للذة
ينعم نفسا اذنت بالتنقل

فان تطلبه تقتنصه بحانة
والا ببستان وكرم مظلل

يعب ويسقي اويسقى مدامة
كمثل سراج لاح في الليل مشعل

ولست تراه سائلا عن خلافة
ولا قائلا من يعزلون ومن يلي


*****************************************




العباس بن الأحنف



هو العباس أبو الفضل، بن الأحنف بن الأسود بن طلحة بن جدان بن كلده من بني عدي بن حنيفة اليمامي
قيل انه ولد ببغداد سنة\ 103 هجرية وقيل اصله من عرب خرسا الا ان ولادته ومنشاه في بغداد اذن هو بغدادي كما جاء في رواية علي بن سليمان الاخفش وقدذكره الصولي حيث قال ( رأيت العاباس بن الاحنف ببغداد بع موت الرشيد وكان منزله بباب الشام وكان صديقا لي وما وعمره اقل من ستين عاما ) وبهذا ان صحت الرواية تكون وفاته سنة \ 163 هجرية بينما ورد عن ابن خلكان انه مات سنة \188 هجرية وفي اليوم الذي مات فيه العالم النحوي الكبير الكسائي وان الرشيد امر ولده المامون بالصلاة عليهما
اشتهر الشاعرالعباس بن الاحنف بالغزل وقيل انه احب فتاة اسمها فوز وتغزل بها كثيرا في شعره .
قال عنه الشاعرالبحتري ( ان اغزل الناس ابو الفضل عربي شريف النسب ، أصله من بني حنيفة، ولكن أهله يقيمون في مدينة البصرة. نشأ في مدينة بغدادوفيها اشتهر. اتصل بالخليفة العباسي هارون الرشيد ونال عطفه .
ابو الفضل العباس بن الاحنف لم يتكسب في شعره ولم يمدح احدا ولم يهجو احدا ، قال عنه المبرد في كتاب الروضة وفضله على نظرائه ( وكان العباس من الظرفاء، ولم يكن من الخلعاء، وكان غزلا ولم يكن فاسقا، وكان ظاهر النعمة ملوكي المذهب، شديد الترف، وذلك بين في شعره، وكان قصده الغزل وشغله النسيب، وكان حلو مقبولا غزلا غزير الفكر واسع الكلام كثير التصرف في الغزل وحده ولم يكن هجاءاً ولا مداحا....)
وذكره الجاحظ فقال فيه (لولا أن العباس بن الأحنف أحذق الناس وأشعرهم وأوسعهم كلاما وخاطرا، ما قدر أن يكثر شعره في مذهب واحد لا يجاوزه، لأنه لا يهجو ولا يمدح لا يتكسب ولا يتصرف، وما نعلم شاعرا لزم فنا واحدا فأحسن فيه وأكثر).
اما المبرد فقد قال فيه ( كان العباس شاعرا غزلا شريفا مطبوعا من شعراء الدولة العباسية، وله مذهب حسن، ولديباجة شعره رونق ولمعانيه عذوبة ولطف)
وقال ابن ذكوان : ( سمعت إبراهيم بن العباس يصف -ابن الأحنف- فيقول: كان والله ممن إذا تكلم لم يحب سامعه أن يسكت، وكان فصيحا جميلا ظريف اللسان، لو شئت أن تقول كلامه كله شعر لقلت).نده حظوة.....)


ومن شعره الغزلي في محبوبته فوز هذه الابيات وتعد القصيدة من روائع شعرالغزل في الادب العربي :

أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي
دُعاءَ مَشوقٍ بِالعِراقِ غَريبِ
كَتَبتُ كِتابي ما أُقيمُ حُروفَهُ
لِشِدَّةِ إِعوالي وَطولِ نَحيبي
أَخُطُّ وَأَمحو ما خَطَطتُ بِعَبرَةٍ
تَسُحُّ عَلى القرطاسِ سَحَّ غُروبِ
أَيا فَوزُ لَو أَبصَرتِني ما عَرَفتِني
. لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي
وَأَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي فَإِن أَمُت
فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي
سَأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم
وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي وَمَغيبي
وَكُنتُم تَزينونَ العِراقَ فَشانَهُ
تَرَحُّلُكُم عَنهُ وَذاكَ مُذيبي
وَكُنتُم وَكُنّا في جِوارٍ بِغِبطَةٍ
نُخالِسُ لَحظَ العَينِ كُلَ رَقيبِ
فَإِن يَكُ حالَ الناسُ بَيني وَبَينَكُم
فَإِنَّ الهَوى وَالودَّ غَيرُ مَشوبِ
فَلا ضَحِكَ الواشونَ يا فَوزُ بَعدَكُم
وَلا جَمَدَت عَينٌ جَرَت بِسُكوبِ
وَإِنّي لَأَستَهدي الرِياحَ سَلامَكُم
إِذا أَقبَلَت مِن نَحوِكُم بِهُبوبِ
وَأَسأَلُها حَملَ السَلامِ إِلَيكُمُ
فَإِن هِيَ يَوماً بَلَّغَت فَأَجيبي
أَرى البَينَ يَشكوهُ المُحِبونَ كُلُّهُم
فَيا رَبُّ قَرِّب دارَ كُلِّ حَبيبِ
أَلا أَيُّها الباكونَ مِن أَلَم الهوى ا
أَظُنُّكُمُ أُدرِكتُمُ بِذَنوبِ
تَعالَوا نُدافِع جُهدَنا عَن قُلوبِنا
فَنوشِكُ أَن نَبقى بِغَيرِ قُلوبِ


وهناك شعراء كثيرون غير من ذكرنا وسنذكر نصوصا لبعض منهم في الفصل القادم انشاء الله تعالى

*********************************























الفصل السادس

نماذج من شعر العصر العباسي الاول


هذه نماذج من شعر هذا العصر نقدمها بين يدي
بحثنا ليستكمل دراسته الموجزة وتساعدنا على تفهم دراسته على اكمل وجه
يقول الشاعر ابو تمام الطائي في معركة عمورية وانتصار المسلمين في هذه المعركة
والقصيدة من عيون الشعر العربي \

السيف اصدق انباءا من الكتب
فيس حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في
متونهن جلاء الشك والريب

والعلم في شهب الارماح لامعة
بين الخميسين لافي السبعة الشهب

اين الرواية بل اين النجوم وما
صاغوه من رفرف فيهاومن كذب

يا يوم وقعة عمورية انصرفت
عنك المنى حفلا معسولة الحلب



ابقيت جد بني الاسلام في صعد
والمشركين ودار الشرك في صبب

ام لهم او رجوا ان تفتدى
فداءها كل من برة واب

وبرزةالوجه قد اعيت رياضتها
كسرى وصدت صدودا عن ابي كرب

في عهد اسكندر اوقبل ذلك قد
شابت نواصى الليالي وهي لم تشب

حتى اذا مخض الله السنين لها
مخض البخيلة كانت زبدة الحقب

اتتهم الكربة السوداء سادرة
منها وكان اسمها فراجة الكرب

كم بين حيطانها من فارس بطل
قاني الذوائب من اني دم سرب

بسنة السيف والخطي صادمه
لا سنة الدين والاسلام مختضب

لقد تركت اميرالمؤمنين بها
للنار يوما ذليل الصخر والخشب

اغادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى
يشله وسطها صبح من اللهب

حتى كان جلابيب الدجى رغبت
عن لونها او كاءن الشمس لم تغب

ما ربع مية معمورا يطيق به
غيلان ابهى ربى من رلابعها الخرب

ولا الخدود قد ادمين من خجل
اشهى الي ناظري من خدها الترب


----------------

ومن قول مسلم بن الوليد في الغزل بالمذكر \

خليلي لست ارى الحب عارا
فلا تعذلاني خلعت العذارا
وكيف يصير من قلبه
كان من الحب ان يستطارا
واحور وسنان ذي غنج
كاءن بوجنته الجلنا را
شربت ونادمني شادن
صغير واني احب الصغارا

------------------------

ونقتطف من شعر البحتري هذه الابيات في مدح الخليفة المتوكل على ا لله ويهنيه بعيد الفطر المبارك


بالبر صمت وانت افض صائم
وبسنة الل الرضية تفطر

فانعم بعيد الفطر عينا انه
يوم اغر من الزمان مشهر

اظهرت عز الملك فيه بجحفل
لجب يحاط الدين فيه وينصر

خلنا الجمال يسير فيه وقد غدت
عددا يسير بها العديد الاكثر

فالخيل تصهل والفوارس تدعي
والبيض تلمع والاسنة تزهر

والارض خاشعة تعيد بثقلها
والجو معتكر الجوانب اغبر

حتى طلعت بنور وجهك فانجلت
تلك الدجى وانجاب ذاك العيثر

وافتن فيك الناظرون فاصبع
يوما اليك بها وعين تنظر

ومشيت مشية خاشع متواضع
لله لا يزهى ولا يتكبر

فلو ان مشتاقا تكلف فوق ما
في وسعه لسعى اليك المنير


----------------------------


ومن قول الشاعر العباس بن الاحنف في الغزل العذري او العفيف الذي يكاد يندرس في هذا العصر هذه الابيات قالها متغزلا في حبيبته (فوز ) وكنت قد حفظتها منذ المرحلة الثانويةاي عام 1962\1963-


ألم تعلمي يا فوز أني معـــــــــــــذب ُ
بحبكم , والحين للمرء يجلــــــــــــــــب ُ

وقد كنت أبكيكم بيثرب مـــــــــــــــــرة ً
وكانت منى نفسي من الأرض ِ يثـــرب ُ

أُؤملكم حتى إذا ما رجعتمـــــــــــــــــــو
أتاني صدود ٌ منكم ُ وتجنــــــــــــــــــب ُ

فان ساءكم ما بي من الصبر , فارحموا
وان سرّكم هذا العذاب , فعذّبــــــــــــوا

فأصبحت ُ فيما كان بيني وبينكـــــــــــم
أحدّث عنكم من لقيت ُ فيعجـــــــــــــب ُ

وقد قال لي ناس تحمل دلالهــــــــــــــا
فكل ُّ صديق سوف يرضى ويغضـــب ُ

واني لأقلى بذْل غيرك فاعلمــــــــــــي
وبخلك ِ في صدري ألذ ُّ وأطيــــــــــــب ُ

فاني أرى من أهل بيتك نســــــــــــــوة ً
شبين َ لنا في الصدر ِ نارا ًتلهــــــــــب ُ


عرفن الهوى منـّا فأصبحن َ حـُسـّـــــدا
يخبرن عنـّا من يجيءْ ويذهـــــــــــب ُ

واني ابتلاني الله منكم بخــــــــــــــادم ٍ
يبلغكم عني الحديث ويكـــــــــــــــذب ُ

ولو أصبحت تسعى لتوصل بيننـــــــا
سعدت ُ , وأدركت ُ الذي كنت ُ أطلب ُ

وقد ظهرت أشياء ٌ منكم كثيــــــــــرة ٌ
وما كنت منكم مثلها أترقــــــــــــــب ُ

عرفت ُ بما جرّبت ُ أشياء جمـّــــــــة ً
ولا يعرف الأشياء إلا المجــــــــرب

ولي يوم ٌ شيعت الجنازة قصـــــــــة ٌ
غداة بدا البدر الذي كان يـُحجــــــب ُ

أشرت ُ إليها بالبنان فأعرضــــــــت
تبسم ُ طورا ً ثم تزوي فتقطـــــــــب ُ

غداة رأيت الهاشمية غــــــــــــــدوة ً
تهادى حواليها من العين ِ ربــــرب ُ

فلم أر َيوما ً كان أحسن منظـــــــراً
ونحن ُ وقوف ٌ وهي تنأى وتنــدب ُ

فلو علمت " فوز ٌ " بما كان بيننــا
لقد كان منها بعض ما كنت ُ أرهب ُ

ألا جعل الله الفدا كل ّ حــــــــــــرة
لفوز المنى إني بها لمعــــــذّب ُ

فما دونها في الناس للقلب مطلــب ٌ
ولا خلفها في الناس للقلب مذهـب ُ

وان تك فوز باعدتنا وأعرضت
وأصبح باقي حبلها يتقضـّــــــــــب ُ

وحالت على العهد الذي كان بيننــا
وصارت إلى غير الذي كنت أحسب ُ

وهان عليها ما ألاقي فربمـــــــــــــا
يكون التلاقي والقلوب تـُقلـــــــــــّب ُ

ولكنني والخالق البارئ الــــــــــذي
يـُزار ُ له البيت العتيق المحجــــــب ُ

لاستمسكن َّ بالود ِّ ما ذر َّ شــــــارق
وما ناح قمري ُّ وما لاح كوكــــــب ُ

وأبكي على فوز بعين ٍ سخينـــــــــة ٍ
وان زهدت فينا , نقول ُ : سترغب ُ

ولو أن لي من مطلع الشمس بكـرة
إلى حيث تهوى بالعشي فتغــــرب ُ

أحيط به ملكا ً, لما كان عـِدلهـــــا
لعمرك .. إني بالفتاة لمعجـــــــب ُ


_________


وقال علي بن الجهم في قصيدة وتعد هذه من روائع الشعر العربي:


عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري

أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن
سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ

سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما
تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ

وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما
تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري

فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ
وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري

أحينَ أزحنَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ
وَأَلهَبنَ ما بَينَ الجَوانِحِ وَالصَدرِ

صددنَ صدودَ الشاربِ الخمر عندما
روى نفسَهُ عن شربها خيفةَ السكرِ

ألا قَبلَ أَن يَبدو المَشيبُ بَدَ نَني
بِيَأسٍ مُبينٍ أَو جَنَحنَ إِلى الغَدرِ

فَإِن حُلنَ أَو أَنكَرنَ عَهداً عَهِدنَهُ
فَغَيرُ بَديعٍ لِلغَواني وَلا نُكرِ

وَلكِنَّهُ أَودى الشَبابُ وَإِنَّما
تُصادُ المَها بَينَ الشَبيبَةِ وَالوَفرِ

كَفى بِالهَوى شُغلاً وَبِالشَيبِ زاجِراً
لَوَ اَنَّ الهَوى مِمّا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ

أَما وَمَشيبٍ راعَهُنَّ لَرُبَّما
غَمَزنَ بَناناً بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرِ

وَبِتنا عَلى رَغمِ الوُشاةِ كَأَنَّنا
خَليطانِ مِن ماءِ الغَمامَةِ وَالخَمرِ

خَليلَيَّ ما أَحلى الهَوى وَأَمَرَّهُ
وَأَعلَمَني بِالحُلوِ مِنهُ وَبِالمُرِّ

بِما بَينَنا مِن حُرمَةٍ هَل رَأَيتُما
أَرَقَّ مِنَ الشَكوى وَأَقسى مِنَ الهَجرِ

وَأَفضَحَ مِن عَينِ المُحِبِّ لِسِرِّهِ
وَلا سِيَّما إِن أَطلَقَت عَبرَةً تَجري

وَما أَنسَ مِ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
لِجارَتِها ما أَولَعَ الحُبَّ بِالحُرِّ

فَقالَت لَها الأُخرى فَما لِصَديقِنا
مُعَنّىً وَهَل في قَتلِهِ لَكِ مِن عُذرِ

عِديهِ لَعَلَّ الوَصلَ يُحييهِ وَاِعلَمي
بِأَنَّ أَسيرَ الحُبِّ في أَعظَمِ الأَمرِ

فَقالَت أَداري الناسَ عَنهُ وَقَلَّما
يَطيبُ الهَوى إِلّا لِمُنهَتِكِ السِترِ

وَأَيقَنَتا أَن قَد سَمِعتُ فَقالَتا
مَنِ الطارِقُ المُصغي إِلَينا وَما نَدري

فَقُلتُ فَتىً إِن شِئتُما كَتَمَ الهَوى
وَإِلّا فَخَلّاعُ الأَعنَّةِ وَالعُذرِ

عَلى أَنَّهُ يَشكو ظَلوماً وَبُخلَها
عَلَيهِ بِتَسليمِ البَشاشَةِ وَالبِشرِ

فَقالَت هُجينا قُلتُ قَد كانَ بَعضُ ما
ذَكَرتِ لَعَلَّ الشَرَّ يُدفَعُ بِالشَرِّ

فَقالَت كَأَنّي بِالقَوافي سَوائِراً
يَرِدنَ بِنا مِصراً وَيَصدُرنَ عَن مِصرِ

فَقُلتُ أَسَأتِ الظَنَّ بي لَستُ شاعِراً
وَإِن كانَ أَحياناً يَجيشُ بِهِ صَدري

صِلي وَاِسأَلي مَن شِئتِ يُخبِركِ أَنَّني
عَلى كُلِّ حالٍ نِعمَ مُستَودَعُ السِرِّ

وَما أَنا مِمَّن سارَ بِالشِعرِ ذِكرُهُ
وَلكِنَّ أَشعاري يُسَيِّرُها ذِكري

وَما الشِعرُ مِمّا أَستَظِلُّ بِظِلِّهِ
وَلا زادَني قَدراً وَلا حَطَّ مِن قَدري

وَلِلشِّعرِ أَتباعٌ كَثيرٌ وَلَم أَكُن
لَهُ تابِعاً في حالِ عُسرٍ وَلا يُسرِ

وَما كُلُّ مَن قادَ الجِيادَ يَسوسُها
وَلا كُلُّ مَن أَجرى يُقالُ لَهُ مُجري

وَلكِنَّ إِحسانَ الخَليفَةِ جَعفَرٍ
دَعاني إِلى ما قُلتُ فيهِ مِنَ الشِعرِ

فَسارَ مَسيرَ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ
وَهَبَّ هُبوبَ الريحِ في البَرِّ وَالبَحرِ

وَلَو جَلَّ عَن شُكرِ الصَنيعَةِ مُنعِم
ٌ لَجَلَّ أَميرُ المُؤمِنينَ عَنِ الشُكرِ

فَتىً تَسعَدُ الأَبصارُ في حُرِّ وَجهِهِ
كَما تَسعَدُ الأَيدي بِنائِلِهِ الغَمرِ

بِهِ سَلِمَ الإِسلامُ مِن كُلِّ مُلحِدٍ
وَحَلَّ بِأَهلِ الزَيغِ قاصِمَةُ الظَهرِ

إِمامُ هُدىً جَلّى عَنِ الدينِ بَعدَما
تَعادَت عَلى أَشياعِهِ شِيَعُ الكُفرِ

وَفَرَّقَ شَملَ المالِ جودُ يَمينِهِ
عَلى أَنَّهُ أَبقى لَهُ أَحسَنَ الذِكرِ

إِذا ما أَجالَ الرَأيَ أَدرَكَ فِكرُهُ
غَرائِبَ لَم تَخطُر بِبالٍ وَلا فِكرِ

وَلا يَجمَعُ الأَموالَ إِلّا لِبَذلِها
كَما لا يُساقُ الهَديُ إِلّا إِلى النَحرِ

وَما غايَةُ المُثني عَلَيهِ لَو أَنَّهُ
زُهَيرٌ وَأَعشى وَاِمرُؤُ القَيسِ من حُجرِ

إِذا نَحنُ شَبَّهناهُ بِالبَدرِ طالِعاً
وَبِالشَمسِ قالوا حُقَّ لِلشَمسِ وَالبَدرِ

وَمَن قالَ إِنَّ البَحرَ وَالقَطرَ أَشبَها
نَداهُ فَقَد أَثنى عَلى البَحرِ وَالقَطرِ

وَلَو قُرِنَت بِالبَحرِ سَبعَةُ أَبحُرٍ
لَما بَلَغَت جَدوى أَنامِلِهِ العَشرِ

وَإِن ذُكِرَ المَجدُ القَديمُ فَإِنَّما
يَقُصُّ عَلَينا ما تَنَزَّلَ في الزُبرِ

فإن كان أمسى جعفرٌ متوكِّلاً
على الله في سرِّ الأمورِ وفي الجهرِ

وولَّى عهودَ المسلمين ثلاثةً
يُحَيَّونَ بالتأييد والعزِّ والنصرِ

أَغَيرَ كِتابِ اللَهِ تَبغونَ شاهِداً
لَكُم يا بَني العَبّاسِ بِالمَجدِ وَالفَخرِ

كَفاكُم بِأَنَّ اللَهَ فَوَّضَ أَمرَهُ إِلَيكُم
وَأَوحى أَن أَطيعوا أولي الأَمرِ

وَلَم يَسأَلِ الناسَ النَبِيُّ مُحَمَّدٌ
سِوى وُدِّ ذي القُربى القَريبَةِ مِن أَجرِ

وَلَن يُقبَلَ الإيمانُ إِلّا بِحُبِّكُم
وَهَل يَقبَلُ اللَهُ الصَلاةَ بِلا طُهرِ

وَمَن كانَ مَجهولَ المَكانِ فَإِنَّما
مَنازِلُكُم بَينَ الحَجونِ إِلى الحِجرِ

وَما زالَ بَيتُ اللَهِ بَينَ بُيوتِكُم
تَذُبّونَ عَنهُ بِالمُهَنَّدَةِ البُترِ

أَبو نَضلَةٍ عَمرو العُلى وَهوَ هاشِمٌ
أَبوكُم وَهَل في الناسِ أَشرَفُ مِن عَمرو

وَساقي الحَجيجِ شَيبَةُ الحَمدِ بَعدَهُ
أَبو الحارِثِ المُبقي لَكُم غايَةَ الفَخرِ

سَقَيتُم وَأَسقَيتُم وَما زالَ فَضلُكُم
عَلى غَيرِكُم فَضلَ الوَفاءِ عَلى الغَدرِ

وُجوهُ بَني العَبّاسِ لِلمُلكِ زينَةٌ
كَما زينَةُ الأَفلاكِ بِالأَنجُمِ الزُهرِ

وَلا يَستَهِلُّ المُلكُ إِلا بِأَهلِهِ
وَلا تَرجَعُ الأَيّامُ إِلا إِلى الشَهرِ

وَما ظهر الإسلامُ إِلا وجاركم
بني هاشمٍ بين المجرَّةِ والنسرِ

فَحَيّوا بَني العَبّاسِ مِنّي تَحِيَّةً
تَسيرُ عَلى الأَيّامِ طَيِّبَةَ النَشرِ

إِذا أُنشدَت زادت وليَّكَ غبطةً
وكانت لأهل الزيغ قاصمةَ الظهرِ



------------------------------------

ومن قول ابي نؤاس في الخمرة

لاح لحاني كي يجيء ببدعة
وتلك لعمري خطة لااطيقها

لحاني كي اشرب الراح انها
نورت وزرا فادحا من يذوقها

فما زادني اللاحون الا لحاجة
عليها لاءني ما حييت رفيقها

اارفضها والله لم يرفض اسمها
وهذا امير المؤمنين صديقها

هي الشمس الا ان الشمس وقدة
وقهوتنا في كل حسن تفوقها
فيا ايها الساقي الحني ثم غنني
فاني الى وقت المماة شقيقها



-------------------------


وهذه ابيات من شعر بن الرومي يرثي ولده الاوسط
يوم وفاته يقول\

بكاؤكما يشفي وان كان لايجدي
فجود ا فقد اودى نظيركما عندي

توفى حمام الموت اوسط صبيتي
فلله كيق اختار واسطة العقد

على حين شمت الخير من لمحاته
وانست من افعاله اية الرشد

الح عليه النزف حتى احاله
الى صخرة الجادي عن حمرة الورد

واضحى على الايدي تساقط نفسه
ويذوي كما يذوي القضيب على الرند

واني وان متعت بابني بعده
لذاكره ما حنت النيب في نجد

اولادنا مثل الجوانح ايها
فقد ناه كان الفاجع البين الفقد



----------------------------

ونختم هذا الفصل بمسك ختام شعر الزهد
لاءبي العتاهية

لمن طلله اسائله معطلة منازله

غداة رائيته تنعي اعاليه اسافله

وكنت اراه ماهولا ولكن باد اهله

وكل لاعتساف الدهر معرضة مقاتله

فبصرع من يصارعه وينضل من يناضله

وينازل من يهم به واحيانا يخاتله

واحيانا يؤخره وتارات يعاجله

وكم قدعز من ملك تحف به قنابله

ويخاف النا س صولته ويرجى منه نائله

ويثي عطفه مرحا وتعجبه شمائله

فلما ان اتاه الحق ولى عنه باطله

فغمض عينيه للموت واسترخت مفاصله

الا فانظر لنفسك أي زاد انت حامله

قصير السمك قد رصت عليك من جنادله

بعيد تزاور الجيران ضيقة مداخله

الا ان المنية منهل والخلق ناهله

اواخر من ترى تفنى كما فنيت اوائله

ليعلم كل ذي عمل با ن الله سائله

فاسرع فائزا بالخير قائله وفاعله




***********************************************






























































الباب الخامس

الشعر في العصر العبا سي الثاني



الفصل الاول – الشعر في العصر العباسي الثاني
الفص الثاني- الشعر واثر التيارات المختلفة فيه
الفصل الثالث – معاني واساليب الشعر
الفصل الرابع- الفنون الشعرية
الفصل الخامس- اشهر شعراء العصر العباسي الثاني
الفصل السادس- نماذج من شعر العصر العباسي الثاني












































الفصل الاول


الشعر في العصر العباسي الثاني


سيطر البويهيون على الحكم الاسلامي في بغداد سنة334 هجرية بعد ضعف سيطرة الاتراك عليها وان اغلب هؤلاء الامراء كانوا ضعافا في ادارتهم للدولة فسارت الدولة نحو الانهيار والتقهقر والانحلال وادى ذلك الى استقلال او انفصال بعض الامارات عن الخلافة العباسية في بغداد فبعد ان كانت خلافة اسلامية واحدة .

اصبحت خلافة في بغداد وامارات مستقلة عنها كالامارة الاخشيدية في مصر التي قامت عاى اثر انقراضها الدولة الفاطمية التي استقلت عن الخلافة العباسية في بغداد بل نازعتها الخلافة وامتدت اجنحة حكمها شرقا وغربا وكذاك ظهرت امارات كالامارة الحمدانية في حلب وشملت الشام كلها تقريبا الا انها بقيت معترفة بالسلطان العباسي عليها اسميا فقط وكذلك مثلها ا مارات قد نشاءت في الثغور الشرقية للبلاد الاسلامية وهكذا تفرقت الدولة الاسلامية الموحدة وظهرت خلافات وامارات في البلاد نازعت الخلافة الاصلية في كل امورها وخاصةالثقافية والادبية
كان هؤلاء الخلفاء والامراء قد جمعوا حولهم الشعراء والادباء والعلماء ورجا ل الثقافة والعلم وتباروا فيما بينهم حول جمع كل منهم العدد الكبير من هؤلاء وبذلوا الاموال لهم منافسة بينهم فاثر هذا في ازهار كل العلوم وعلى راسها الشعر حيث كثرت فنونه وارتفعت رايته الا ان اللغة العربية بدء عليها علائم الضعف في نهاية العصر وخاصة في الثغور الشرقية من الدولة الاسلامية لعجمية سكانها فبدات تحل مكانها اللغات المحلية او اللغة الاصلية لاءهل البلاد مثل اللغة الفارسية التي حلت محل اللغة العربيةبعد قرنين من الزمن ودفعت الحالة شعراءهم من النظم فيها كما فعل الشاعران عمرالخيا م والشيرازي .

وكذلك ظهرت في البلاد الاسلامية عصبيات اشتد النزاع بينها ومذاهب دينية تقاسمت البلاد اا لاسلامية بينها كما اطلقت الحكومات الاسلامية العنا ن لليهود والنصارى للعمل كيفما يشاؤون
وكذلك اختلفت وجوه المعاش وكسب الرزق او الحالة الاجتماعية والافتصادية في البلاد وانقسم الشعب بين مترف وفقير فالقسم الاول سعى وراء الترف والغلو والاسراف الى حد لا معقول في كل امورهم في اللملبس والمسكن وهم طبقات الخلفاء والامراء والشعراءالمقربين والاغنياء واما السواد الاعظم وهو الفقراء في المجتمع فهم راسفون في قيود في فقر مدقع وعيش ذليل وكسب قليل لايسد اودهم وقد انعكست كل هذه الاحوال على الادب والشعر في البلاد فكان ادب الاغنياء يتمثل بوصف القصور الفخمة والرياض الزاهرة والغزل الغناء والشرب والخمرة واللهو والترف والاخر الفقيريتسم بالشكوى والحنين والبكاء وذم الزمن وصروف الدهر

اجتمع الشعراء حول الخلفاء والامراء واصحاب النفوذ والجاه فانتشرت الثقافة في هذا العصر امتدادا لثقافة العصر العباسي الاول والتي اتت اكلها في هذا العصر نمت في ذاك واينعت في هذا العصروكذلك لصناعة الورق اثر عظيم في انتشار الثقافة ككل ونشوء المكتبات العامة والخاصة والمدارس النظامية الحكومية لكل هذا اثر عظيم في تقدم الثقافة ووصولها الى اوج عظمتها في الدولة الاسلامية وتقدم الشعر واتساع افاقه واخيلته وتحسين معانيه فازدهر في هذا العصر اكثر من باقي العصور العربية وبلغ شاؤته وظهر فحول من الشعراء كالمتنبي وابي العلاء المعريوالحمداني وابن النبيه والشريف الرضي وغيرهم
لذا يمكننا ان نقول انه العصر الذهبي للشعر العربي


*****************************************





الفصل الثاني

الشعر في العصر العباسي الثاني

واثر التيارات فيه



لقد تاءثر الشعر كما اسلفنا في الفصل السابق في جميع مناحي الحياة وعكس لنا صورة حية لما كانت عليه في هذا العصر وسنشر في بحثنا هذا لكل هذه الاحوال التي تاءثر بها الشعر


الحالة السياسية


كان لسيطرة الاتراك على الدولة العباسية وادارتها زمن الخليفة المعتصم بالله وما بعده اثر بالغ في ضعف الدولة وسيرها في طريق الانحلال والتقهقر فقد عمل الرشيد على تقوية دولته – كما توقع- فتزوج من زوجة فارسية ليقرب الفرس منه ويامن جانبهم لانهم سيكونون اخول اولاده منها وهم كثير في دولته اذ يشكلون الجزء الشرقي منها ويتخذهم انصارا له وتزوج من اخرى تركية ليقرب الاتراك منه وليشدوا على عضده في صيانة دولته وكانوا كذلك في زمنه فانجب من زوجته ابنة عمه زبيدة ابنه الا مين ومن زوجته الفارسية ابنه الماءمون ومن زوجته التركيه ابنه المعتصم وكان هذا فيما بعد كان سببا من اسباب سقوط الخلافة العباسية

بعد وفاة الرشيد اقتتل الامين والمامون الاخوة بينهم على سدة الحكم واستعان كل منهم باخواله والمقربين منه فاستعان الما مون بالفرس اخواله وقربهم اليه واعتمد عليهم في كل امورالدولة وانعكس ذلك حتى في الامورالدينية والمذهبية وتفرق الخلق واقتتل الناس بينهم فكان ماكان و كتب التاريخ خير شاهد على ذلك وما فيها من معارك واحداث

وبعدها أي بعد وفاة الامين والمامون استخلف المعتصم وامه تركيه فقرب اليه الاتراك واعتمد عليهم في اغلب مفاصل الدولة العربية الاسلامية وعلى كل حال فقد دخل الى جسم الدولة او جسم الخلافة العربية من ليس منها وعمل على تقويضها كان كل هذا قد حدث في العصر العباسي الاول واستمرواوزاد في العصر العباسي الثاني
وكان في اثناء وجود الاتراك في الحكم يتحين الفرس الفرص من اعادة مجدهم الغابر او السالف فقاموا بقيادة ال بويه بحملة قوية اعلنوا سيطرتهم على بلاد خراسان واكتسحوا الخلافة العباسيةفي بغداد التي كان الاتراك مهيمنين على الحكم فيها وتنصب معز الدولة الفارسي اميرا على بغداد في ظل الخلافة العباسية التي لم يبق منها الا اسمها
اماالخلفاء العباسيون فقد تحولوا الى بيادق شطرنج يلعب بهم اللاعبون من ال بويه ومن بعدهم من ال سلجوق

وفي هذ العصر استقلت بعض الامارات عن الخلافة العباسية ببغداد قسم استقل استقلالا ذاتيا مع الاعتراف بالخلافة العباسية بالاسم فقط فظل الخلفاء خلفاء عليهم كاالامارة الحمدانية في الشام وامارات خراسان وبلاد المشرق والقسم الاخر استقل استقلا لا تاما وفعليا وانفصل عن جسم الخلافة العباسية بل اخذت في مزاحمتها ومخاصمتها ومحاولة انتزاع السلطة والخلافة منها كالدولة الفاطمية التي نشات في مصر

لم يدم الحكم البويهي في العراق طويلا اذ اكتسحه السلاجقة الاتراك سنة\ 447 هجرية وكونوا امارتهم في بغداد في ظل الخلافة العباسية وبقى السلجوقيون في الحكم في بغداد الى ان اكتسحتهم والخلافة العربية الاسلامية معهم الموجة المغولية التترية سنة \656 هجرية فاتت على الاخضر واليابس وعم البلاد الخراب والدمار وانهارت كل الامور

كان لهذه التطورات السياسية اثرها العظيم في خط الشعرالعربي وتقدمه وازدهاره فقد ماتت بغداد ام الدنيا ومركزالخلافة العربية الاسلامية ومركز الثقافة والعلوم وفيها جل الشعراء الا انه ظهرت مدن اخرى اجتمع فيها الشعراء هي مراكز الا مارات كحلب والقاهرة وجرجان وبخارى وسمرقند وغيرها و كل امير من امراء هذه الامارات حاول ان يجمع حوله العديد من الشعراء والادباء والمثقفين ويتباهى في جمع اكبر عدد منهم لحبهم الادب وخاصة الشعر وليمدحوهم ويذكروهم في شعرهم فادى هذا التنافس حتما والى ايجاد امور دفعت الشعر نحو علائم التقدم والرقي الثقافي والحضاري في كل مجالات الحياة

لذلك فقد اجزل الخلفاء والامراء العطاء للشعراء الذين نالوا حضوة كبيرة عندهم حتى بلغ بهم حد الاستيزار ورئا سات الدواوين الكتابية وخاصة اذا علمنا ان بعض الا مراء والخلفاء كانوا يجيدون الشعر وقرضه ونقده



----------------------------------















الحالة الثقافية


كان لتشجيع الخلفاء والامراء للادب والشعر والثقافة عموما اثر الكبير في تقدم الشعر وتطوره فقد كانت الثقافة في العصرالعباسي الاول قد شهدت تقدما كبيرا ومالت نحوالتقدم والرقي ميلا عظيما اتت اكلها في العصرالعباسي الثاني في هذا العصر حيث بلغت اوج عظمتها من التقدم والرقي والحضارة في كل المجالا ت الثقافية فتطورت الاداب وبالاخص الشعر فتحسنت اساليبه وسهلت و كثرت معانيه وشملت وازدادت فنونه واغراضه لتشمل كل امور الحياة ومتطلباتها .

وكان لنشوء المكتبات العامة اوالخاصة وتسهيل الدراسة والتحصيل العلمي والادبي اثره العظيم في ذلك فقد انكب الناس وبالاخص الشعراء على المطالعة والتدارس ومحاولة الايتاء بماهوافضل فزاد هذا في تفتق افاق الشعر واخيلةالشعراء وكذلك فتحت مدارس نظامية درس بها الطلاب الادب والشعروفنونه وعلوم اللغةالعربية في النحو والبلاغة والصرف والعلوم الصرفة والفلسفة والرياضيات والهندسة والبناء والري وفي كل امورالحياة
كل هذا كان من اسباب تطور الشعر ودفعه نحو التقدم والرقي والاكتمال والعظمة وايجاد شعراء لم تسبقهم سابقة مثل المتنبي والمعري

--------------------------------------









الحالة الا جتماعية والمعاشية


الحالة الاجتماعية والمعاشية في هذا العصر اختلفت عما كانت عليه في العصرالسابق
فقد ادى ضعف الخلفاء العرب في هذا العصر الى ظهور العصبيات التي كانت مكبوتة في العصورالسابقة اوالتي كانت تعمل في الخفاء على نطاق واسع ودون تخوف من احد اوردع من رادع واصبح لكل قومية جماعتها التي يناصرونها ويؤيدونها ولها رجالها وشعراءها فانتشر الانحلال الجتماعي وعم الضعف مفاصل الخلافة العباسية وتدهورت الحالة السياسية وتبعتها بقية الامور

وكذلك انقسمت الدولة الاسلامية الى مذاهب عديدة وشاعت الفرقة والتباغض بين المسلمين او قل بين اتباع مذهب واخر حتى وصل في نهاية الامر حد الاقتتال والتخريب بين المسلمين بعضهم يخرب ممتلكات البعض الاخر ويسفه اراءه ويقتله

اما غيرالمسلمين من الطوائف ولاديان الاخرى كاليهودية والنصرانية والمجوسية وما اليها فقد اطلق لهم العنان يعملون ما تشاؤون ويؤدون شعائرهم ومعتقداتهم بحرية تامة وربما عاونهم بعض المسلمين على اداء هذه الشعائر وقد حضر بعض الخلفاء العباسيين بعض شعائرهم واعيادهم مرغمين .؟
وكان لاختلاف هذه العصبيا ت والمذاهب وتنازعها اثره البالغ في الشعر فظهرشعراء غير مسلمين وغير عرب تمجدوا بدينهم او بفارسيتهم
اما اختلاف طرق المعيشة فقد انقسم الناس في معيشتهم ومعاشهم الى طبقات عديدة فمنهم طبقة الخلفاء والامراء والمترفين الذين اوغلوا في الاسراف والتبذير والغلو الفاحش فانكب اغلبهم على اللهو والمجون والصخب وعاشوا حياة مترفة مبتذلة بين شرب الخمرة واقتناء الجواري الحسان والغلمان والولدان الذكور

وقسم اخر دون ذلك وهو طبقات التجار واصحاب المهن والحرف فكان التجار يجلبون البضائع والمواد من الهند والصين ومن شرق البلاد وغربها واواسط اسيا وهؤلاء في اكثر الاحيان تنهب الحكومات اموالهم بحجة الضرائب اوالمصادرة مما ادى بهم ان يتضاهر اغلبهم بالفقر والعوز وما هم بفقراء ولا معوزين

اما الاقسم الاخر فهم السواد الاعظم من الشعب فقد كانوا يعيشون في حالة من البؤس والفاقة والحرمان عظيمة
وقد رسم لنا الشعر الصور الواضحة والجلية لكل هذه الاحداث فقد كان مراة صقيلة صافية تعكس كل ما في البلاد من احداث وكل مافي المجتمع من امور
فقد كا ن الشعر سجلا حاضرا يسجل كل كبيرة وصغيرة فالشعراء هم ابناء الامة وكل يصور حالته والحالة التي يعيش فيها امثاله فهو صورة حية تمثل الحقيقة الواقعة فعلا الا ما ندر


------------------------------------














ضعف اللغة العربية



وهكذا غربت شمس اللغة العربية عن مناطق كثيرة كانت قد اشرقت عليها وانارتها بنور الاسلام ونور العلم والادب والمعرفة
ظلت اللغة العربية لغة الدين والعلم والادب والدولة طوال هذ العصر والعصور التي قبله وهي في اتساع وامتداد حتى وصلت فرنسا وشواطيء البحرالمتوسط وجزره مثل صقلية ومالطة وحول بحر الادرياتيك و وصلت الى اواسط افريقيا و الى الهند والصين وانشات مدنا وعواصم للعربية فيها مثل بخارى وسمرقند فاينما توجه العرب نشروا الاسلام دينا والعربية لغة الا ان استقلال بعض الامارات عن الخلافة في هذا العصر وما بعده و تاميرها بامراء غير عرب وخاصة الامارات الشرقية فقد جعلتهم يتعصبون للغاتهم الاصلية واخص الفارسية حيث شجعوها تلك اللغة التي كانت عاجزة من ان تقوم بها الاعمال الادبية اوالعلمية فقد تطورت في تلك الامارات وحلت محل اللغة العربية وظهر فيها شعراء وادباء وعلماء دونوا بها مؤلفاتهم وقصائدهم مثل عمر الخيام والشيرازي وهكذا ضعفت اللغة العربية في هذه الاصقاع وانكمشت وبقيت لغة الدين فيها فقط وقد تحرج علماء اللغة من الاستشهاد باقوال الادباء والشعراء في هذا العصر والعصورالتالية خوف الوقوع في الخطأ اللغوي وانحسر الاستشهاد بما في قبل هذا العصر


اما في الجها ت الغربية من الدولة الاسلامية في سوريا ومصر وشمال افريقيا ووسطها وبلاد الاندلس فقد بقيت اللغة العربية فيها قوية وهي لغة الكلام والدين والعلم والادب لاءن الشعب هناك من اصل عربي لذا حافظ على عروبته فيها وخاصة اللغة وحرص الخلفاء والامراء في الدول والامارات على تقدم اللغة العربية والحفاظ عليها فتقدمت
اما في بلاد الاندلس فايضا انحسرت اللغة العربية بمرور الزمن وحلت محلها لغة البلاد الاصليين بعد ان طرد العرب منها بعد ظهور دويلات الامارات التي كانت وبالا على الحكم العربي هناك فقد تقاتل الامراء العرب فيما بينهم في بلاد الاندلس فادى ذلك الى ضعفهم نتيجة هذه المقاتلة الطويلة الامد والتي كانت سببا في ضياع بلاد الاندلس من ايديهم وطردهم منها وعذبوا العرب اشد انواع العذاب وخير دليل على ذلك قيام المحاكم الغاشمة لقتلهم وطرهم من البلاد .

لاحظ مقالتي نظرة في تاريخ اللغة العربية المنشورة على النت في موقعي\ اسلام سيفلايزيشن وكتابي في الادب والفن.





************************************************


























الفصل الثالث

اساليب ومعاني الشعر في العصر العباسي الثاني

ا لاساليب الشعرية


اختلفت اساليب الشعر العربي في هذا العصر لما اصابها من تقدم وتطور بحيث اصبح لكل شاعر اسلوبه الخاص به او يكاد ان يكون هكذا وكذلك اختلفت هذه الاساليب وفق البيئة التي قيل فيها الشعر بعد امتداد الدولة العربية من الصين شرقا حتى بلاد الاندلس والمغرب العربي غربا فالبيئة الشرقية في فارس وشرقيها اختلفت اساليب الشعر فيها عما هي عليه في مصر والشام وبلاد الاندلس كما اختلفت اساليب شعراء الجد عن اساليب شعراء الهزل

فالشعراء الجادون اسلوبهم فيه القوة والمتانة وحسن اختيار اللفظ والديباجة على غرار الاساليب الشعرية في العصور التي قبل هذا العصر مع فارق التقدم والتطور الذي شمل اللغة العربية وادابها على ايدي هؤلاء الفحول مثل المتنبي والمعري والحمداني والشريف الرضي وغيرهم بينما امتاز الشعر الهزلي بسهولة اسلوبه وسطحية فكرته وادخال الشعراء بعض الالفاظ الفارسية والعامية فيه
الشعر عامة في هذا العصر هوشعر المحسنات اللفظية والبديعية وطغيان الصناعة اللفظية عند كثير من الشعراء فقد اهتموا باللفظ على حساب المعنى وخاصة في شرق البلاد وفي بغداد وغيرها

اما في سوريا ومصر فقد ظل الشعر قويا متين البناء الاانه دخلته بعض الكلمات الغريبة والتعقيدات الكثيرة ودخلت اليه العلمية والفلسفة على ايدي بعض الشعراء كالمعري مثلا الا انه ساير التقدم الحضاري ولم يتوقف
وكذلك غلبت عليه المحسنات اللفظية والصناعة الشعرية عند كثير من الشعراء بل اغلبهم وقد ظهر شعراء الموشح والزجل والمواليا حتى ان بعض الشعراء من ادخل اللهجات الدارجة او العامية في الشعر مع المحافظة على بيان وروعة وبلاغة العربية
كل حسب مقدرته وكفاءته الادبية


---------------------





معاني الشعر



اما معاني الشعر في هذا العصر فقد تطورت وتوسعت كثيرا الى حد لايمكن حصره وتحديده بكلمات نكتبها عنه فمنها ما قيلت على طريقة جيدة بعيدة عن الا بتذال والاسراف فكانت تلك القصائد ذات معان راقية متطورة وخاصة تلك التي قيلت في المدح والفخر او تلك التي اختصت بالسياسة والاجتماع
ومنها من اكثر في الاسراف الى حد الغلو في المجون والابتذال وبالكلمات الرخيصة وخاصة تلك القصائد التي قيلت في الغزل والغزل بالمذكر وما اليها والتي لم تكن معروفة لدى الشاعر العربي اوكان يأنف منها

وكذلك ظهرت المعاني الفلسفية في الشعر فكانت في اغلب الاحوال معقدة وصعبة الفهم
وعلى العموم صارت المعاني يتصرف بها الشاعر او ياءتي بها على هواه وامتداد خياله الذي فاق الافاق عند بعض الشعراء الخالدين
وبالاضافة الى ذلك فقد بولغ في المدح الى حد الغلو وادخلت على الشعر الرموز الصوفية والفلسفية والاخلاقية وكانت بداية الرمزية في الشعرالعربي وقد رقت معاني الشعر في هذا العصر في الاغلب وكثرت فيه المحسنا ت اللغوية والبلاغية والتشبيهات والصناعة الشعرية ايضا





-----------------------------------


































الفصل الرابع

الفنون الشعرية في العصر العباسي الثاني



1- الوصف
-------------

الوصف من الفنون الشعرية التي توسعت ولحقها التطور والتقدم في هذا العصر كثيرا فقد وصف الشعراء المعارك الحامية التي دارت بين المسلمين والاقوام الاخرى ووصفوا البلدان التي فتحت على ايديهم كما وصفوا بل واكثروا من وصف الطبيعة ومناظرها الرائعة ومظاهرها وجمالها الساحر ووصفوا مجالس الخمرة ومجالس الغناء ووصفوا النساء المشاركات فيها وهن يرقصن ويغنين ووصفوا الرياض والقصور والعمران والورود في الحدائق
و تنفننت اخيلتهم في هذه الوصوف وظهرت مقدرتها لدي العديد من الشعراء مثل الصنوبري الذي اختص في وصف الطبيعة والوءواء والحمداني والمتنبي في وصف المعارك
يقول الصنوبري في وصف زهرة الشقائق:

كاءن محمر الشقيق اذا تصوب او تصعد

اعلام ياقوت نشرن على بساط من زبرجد

******************




2– الغزل
----------

والغزل ايضا من الفنون اوالاغراض الشعرية التي توسعت وتشعبت في هذا العصر فقد تشعب الى عدة فنون جديدة تكاد تكون فنونا مستقلة منها الغزل التقليدي والغزل بالمذكر والغزل الخليع وغزل الحب الصادق والالم والحسرة والغرام والشكوى والوله القاتل ومايحس به الشاعرالواله اوالعاشق

فقد تغزل بعض من الشعراء على الطريقة القديمة في مطالع قصائدهم وبالاخص القصائد المدحية والفخرية كالمتنبي وابي فراس الحمداني
كما تغزل الشعراء في هذا العصر بالغزل العذري المحتشم كالذي تكلمنا عليه في العصر الاول وما قبله فكان فياضا لوعة والما ومعبرا عن يخالج قلوبهم من شوق ومحبة صادقة الاحساس والتعبير

وكذلك انتشر الغزل بالمذكر وبالجواري الجميلات وانتشر هذا الفن كثيرا خاصة في بلاد فارس والعراق او في بغداد وكذلك الشعر الخليع الذي نشأ في هذه المواقع وتسرب منها الى الشام ومصروقد خرج عن الحدود في بعض الاحوال عند بعض الشعراء وتلفظ بعض الشعراء باقوال لم يتلفظ بها قبلهم من احد فقد وصفوا اعمال الخلاعة والاعمال- السكسية- بابرع مايصفون غير مكترثين بماحولهم ولا هيابين من موانع دينية واجتماعية واخلاقية ولا وجلين منها
الا ان اغلب الشعراء تغزلوا بالغزل المحتشم وقد تغزل المتنبي فاجاد ونقتطف من شعره هذه الابيات التي تغزل بها بالبدويات من النساء وجمالهن الحقيقي البعيد عن الزروقة والتخضيب يقول :



ما اوجه الحضر الستحسنات به
كاوجه البدويات الرعابيب

حضن الحضارة مجلوب بتطرية
وفي البداوة حسن غير مجلوب

افدي ضباء فلاة ما عرفن بها
مضغ الكلام ولا ضبغ الحواجيب

ولا برزن من الحما م مائلة
اوراكهن صقيلات العراقيب

ومن هوى كل من ليست مموهة
تركت لون مشيبي غير مخضوب


--------------------------------------


الشعر الاجتماعي :
________________

لم يكن هذا النوع موجودا من قبل الا شذرات في قصائد الشعراء الا انه ظهر كفن جديد في هذا العصر ويتميز بذكر الحوادث والاحدات التاريخية ونقد المجتمع نقدا تحليليا والشكوى منه

ومن اجود الشعراء فيه المتنبي الذي شكى الزمن لكونه لم يحصل على مراده والمعري الذي تجرد عن شخصيته وشكى الزمن وانتقده كثيرا وكذلك الشريف الرضي الذي يذكرالحوادث التاريخية في هذا المجال
نقتطف من شعر ابي العلاء المعري هذه الابيات –

دنياك دار شرور لاسرور بها
وليس يدري اخوها كيف يحترس

بينا امرؤ يتوقى الذئب عن عرض
اتاه لبث على العلات يفترس

الا ترى هرمي مصر وان شمخا
كلاهما بيقين سوف يندرس

------------------------------


4- المديح
-----------
اما المديح فقد بلغ من التوسع شاءوا كبيرا وعظيما واتسعت افاقه وكان من اهم اسباب تقدمه ورقيه واتساعه تقرييب الخلفاء والامراء الشعراء اليهم ووكثرة وجود العديد من العواصم والمدن التي يتواجد فيها الامراء ومحاولة كل منهم جمع اكبر عدد من الشعراء في مجلسه ليكون افضل من مجلس الاخرين وبذخهم المال والعطايا السنية للشعراء وغيرهم ومنهم من امل الشعراء بالامارة كما فعل الاخشيد مع المتنبي ومنهم من اهدى الشعراء الضياع والجواري الحسان اضافة الى المال الكثير وكل هذا زاد من همة الشعراء في المدح والغلو فيه

يتميز المدح في هذا العصر بالاطراء والمبالغة الغالبة ووصف المعارك والامراء وهم فيها يقاتلون وينافحون عن البلاد وكذلك مدح الامراء والقواد والشجعان من المقاتلين والانتصارات التي حققوها في هذه المعارك
ومن اشهر شعراءالمدح في هذا العصر المتنبي والشريف الرضي وابن الهبارية وابن مطروح وابن النبيه وغيرهم
يقول المتنبي في مد ح سيف الدولةالحمداني

رايتك محض العلم في محض قدرة
ولو شئت كان الحلم منك المهند ا

وما قتل الاحرار كالعفو عنهم
من لك بالحر الذي يحفظ اليدا

اذا انت اكرمت الكريم ملكته
وان انت اكرمت اللئيم تمر دا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلى
مضر كوضع السيف في موضع الردى

ولكن تفوق الناس راء يا وحكمة
كما فقتهم حالا ونفسا ومحتدا

-----------------------------

5 -التصوف والفلسفة:
--------------------------

ظهرت من الاغراض الجديدة في هذا العصر الشعر الصوفي والشعرالفلسفي وكان منبت الشعر الصوفي في العراق وانتقل منه الى باقي الانحاء والبلاد
اما الشعر الفلسفي فقد نشأ في الشام منها تسرب وكانت روح العصر تتطلب ايجاد مثل هذه الفنون
من اهم شعراء الفلسفة ابو العلاء المعري وابن سينا والرازي ومن المتصوفين القشيري وابن الفارض وابن عربي
ومن شعر ابي العلاء المعري نقتطف هذه الابيات

اذا رجع الحصيف الى حجاه
تهاون بالشرائع وازدراها

فخذ منها بما اتاك لب
ولا يغمسك جهل في صراها

وهت اديانهم من كل وجه
فهل عقل يشد به عراها


------------------------

6- الهجاء :
------------------

اصاب الهجاء في هذا العصر بعض التوسع و كان من اسبابه التنافس بين الشعراء حول الحضوة لدى الامراء والخلفاء
يتميز الهجاء في هذا العصر بالاسراف في القول البذيء مما يذكرني بهجاء الحطيئة في العصرين الجاهلي وصدرالاسلام حيث انه من الشعراءالمخضرمين والنيل من الاعراض
ومن اشهرالشعراء الذي اشتهروا بالهجاء المتنبي وابن الصياد
ومن قول المتنبي في هجاء كافور اميرالدولة الاخشيدية بعد ان مناه وامله ثم نكث فصب المتنبي عليه غضب الدهر ولعنة الزمن مدى الدهور والازمنة يقول \

كلما اغتال عبد السوء سيده
اوخانه فله في مصر تمهيد

نامت نواطير مصر عن ثعالبها
فقد بشمن وما تفنى العناقيد

العبد ليس صالح باخ
لو انه في ثياب الحر مولود

لا تشتري العبد الا والعصا معه
ان العبيد لانجاس مناكيد

ما كنت احسبني ابقى الى زمن
يسيء بي فيه كلب وهو محمود

ولا توهمت ان الناس قد فقدوا
وان مثل ابي البيضاء موجود

----------------------------------


7- الاخوانيات والشكوى :
-----------------

والاخوانيات من الاغراض التي ظهرت حديثا ايضا في هذا العصر في القصائد والاشعار التي قيلت بين الاصدقاء والاخوان والتي اطلق عليها اسم الاخوانيات ومنها قول ابي فراس الحمداني يعاتب صديقه المسيء بالاحسان والعفو:

لم اؤاخذك بالجفاء لاءني
واثق منك بالوفاء الصحيح

فجميل العدو غير جميل
وقبيح الصديق غير قبيح


اما شعرالشكوى فهو ندب الدهر والزمن وشكوى الحظوظ ويتمخض هذا عن فساد الحالة الاقتصادية وانتشار البؤس والشقاء في نهاية هذا العصر وصروف الدهر التي تذل الشريف وتقدم الوضيع وترفعه الى غير مكانه فيكون وبالا على نفسه وعلى مجتمعه ومن قول السري الرفاء هذين البيتين :

وكانت الابرة فيما مضى
صائنة وجهي واشعاري

فاصبح الرؤزق بها ضيقا
كانه من ثقبها جاري

-------------------------------


8- نظم الحكم والامثال :
------------------------

وقد توسع الشعراء في نظم الحكم والامثال كما اولع الشعراء بترجمتة الامثال من اللغات اوالامم الاخرى مثل الفارسية الى العربية ومن اشهر من قال الحكمة في الشعر المتنبي والمعري ومن الذين نقلوا الامثال الابيوردي والبلخي وغيرهم ومن قول المتنبي في الحكمة
يقول –

على قدر اهل العزم تاءتي العزائم
وتاءتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم


هذه هي اهم اغراض الشعر في هذا العصر الاانه بقيت هناك اغراض اخرى لم نشراليها في هذا الموجز كالعتاب والهزل والمطايبة والمفاكهة وغيرها كثير

-----------------------------------------------



















الفصل الخامس

شعراء العصر العباسي الثاني

ابو الطيب المتنبي

المتنبي أبو الطيب احمد بن الحسين الكندي ولد بالكوفة سنة 303 هجرية
كان أبوه ساقياً يسقي الماء لاهالي الكوفة وقــــــــــد نشـــــــأ طموحا جدا ذو نفسية متعالية ثورية وامل قوي عزم منذ البداية وهو طفل الى نيل مناه ومن سار على الدرب وصل فطن إليه أبوه منذ الصغـــــــر فاجراه الى كتاتيب الكوفة ومجالسها وكانت الكوفة يومذاك جامعة العلم والثقافة فتعلم القراءة والكتابة وأحـــب مجالس الأدب والشعر وكان ذا فكر وقاد وقريحة ثاقبة وحافظة عجيبة فحفظ الشعر و تعلم العربية وأصولها ثم رحل في صباه الى بادية السماوة ليتعلم اللغة الفصحى البعيدة عن اللحن وبقي فيها سنتن تعلم الكرم
و الشجاعة والشهامة العربية وحدة المـــــــزاج واحب الحرية حتى عاد إلى الكوفة وكأنه بدوي صميم وقد تفتحت منابع الشعر فيه من مناهلها الأولى منذ الطفولة

المتنبي هذا ذو النفسية العالية المتكابرة كان يـــرى كل الناس اقل منه شاءنا وانه أفضل من الملوك وأولادالملوك في ملكهم والأمراء مــــــــــن عروشهم غير هياب من احد انظر إليه في شبابــــه يقول:-

أي محل ارتقــي أي عظيم اتقــــــي
وكل ما خلق الله وما لم يخلـــــــــق
محتقر في همتي كشعرة في مفرقي

لذا حقد على كل شيء في الزمن لعدم نيله امانيه الواسعة بل على الزمن نفسه وتمرد على دهره وعلى المجتمع والظلم الاجتماعي المخيم علـــــــــى الناس في حينه ويعود ذلك الى نفسه المجبولة على التمرد والثورة وحبه لذاته واعجابه المتغطرس بنفسه المتعاليــــــــــة اولا وللافكار القرمطيــــة التي تفهمها و التي كانت سائدة انذاك ثانيا هذه الافكار التي تحمل الردة على الدين والثورة على الاوضـــــــاع الاجتماعية السائدة يومـــــــذاك والتي لاقت صدى واسعا في نفسية هذا الشاب المراهق المتمرد على كل شىء فكان كا قيل مـــــــــــن بعض دعا تها .
بعد جلاء القرامطة عن الكوفـــــــــة توجه الى بغداد حاضرة الدنيا وعاصمة الخلافة لكنه لم يستقر بها ورجع الى الكوفة ليجد جدته التي هي بمثابة والدته قد توفيت فرثاها اجمل رثاء وصب نقمته على الدهر الذي سد عليه منافذ الحرية مطلعها-

أحـن إلـى الكـأس التـي شربت بها
وأهـوى لمثواهـا الـتراب ومـا ضما
سافرالى الشام سنة 321 وساح في البادية داعيا للمـــــــــــذهب القرمطي متكسبا بشعره ليعيش فيه حيث ذاع صيته في الشام وحين وصل الى حلب وكان خبره مشتهرا بها من انه شاعر فـــــذ وانه قرمطى الافكاروقدم لبث الدعاية لهذا المذهب قبض عليـــــه واودع السجن وكانت مدينة حلب يومذاك تحت سيطرة الاخشيد وواليهــــــا ابو لؤلو الغوري ولبث في السجن مدة مكابرا متعاليا متمسكــا بافكاره وارائه الاان طول مكوثه فيه و تعرضه للمرض اذل جمـــــاح نفسه المتمرده فطلب العفو وثاب الى رشده وكان الوالي الجديد لحلب اسحاق بن كيغلغ فاطلق سراحه على شرط ان يغادر حلــــب ولم يبق بها ابدا
بقي ابو الطيب متجولا في الشــــــــام متكسبا بشعره مادحا هذا وذاك ممن يراهم دونه حتى كره هذه الحياة وبغضها وقد لبث في ا نطاكية اربع سنوات ثم غادرهــــا ساخطا على نفسه ودهره وانحدر نحو الجنوب الى طبرية فاتصل هناك ببدر بن عمـار واليها ومدحه وكان هذا وال عباسي بعد ان طرد العباسيون الاخشيد من ارض الشام ولما كثر حساد ابو الطيب على حضوته لدى بدر وكثرت الوشايات خال المتنبي نفسه في مازق فر من طبرية عائدا الى انطاكية واتصل بابي العشائر الحمداني والي انطاكية مـن قبل الامارة الحمدانية ثـــــــم توجه الى حلب مقا م الامارة الحمدانية

انقطع المتنبي الى مدح سيف الدولة الحمداني وكانت شهرته قــــــــد طبقت الافاق وقد اناله هذا الامير منزلة عظيمة منها انه كان ينشد شعره في حضرة الامير جالسا ووهبه سيف الدولة ما لم يهب بـــــه احدا من قبلـــــــه لا بعده فعاش بترف ورفاه
احب المتنبي سيف الدولة لمكانته الكبيرة عنده طيلة مكوثه عنده وقد منح الشاعر سيف الدولة قصائــــد في المدح والفخر خلدت ذكراه على مدى العصور وستبقى ولم يمدح شاعر خليفة او اميرا مثلما مدح المتنبي سيــــــــف الدولــــــة يقول:-

وقفت وما في الموت شك لواقــف

كأنك في جفن الردى وهو نائــم

تمر بك الابطال كلمى هزيمـــــــــة

ووجهك وضاح وثغرك باســــم

تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى

الى قول قوم انت بالغيب عالــــم

ولست مليكا ها زما لنظيـــــــــره

ولكنك التوحيد للشرك هــــــازم

تشرف عدنان به لا ربيعــــــــــــــة
وتفخر الدنيا به لا العواصـــــــم

طول بقائه وحضوته الكبير ة اكثرت الحساد والاعداء عليه بحيث اوغروا قلب سيف الدولة عليه فجفاه وتغير عليه ولم يترك المتنبي هذه الحالة فشكاها الى سيف الدولة في شعره مرات واستنجد به منهم ورجاه عدم سماع الوشايات
الكاذبه يقول :

ازل حس الحساد عني بكبتهم
فانت الذي صيرتهم لي حسدا

والشاعر المتنبي معتد معتز بنفسه تجد ذلك في قصيدته الميمية المشهورة والتي على كل لسان نظمها في مدح سيف الدولة وفخر بنفسه فيها وبين
حساده واعداءه فيها يقول فيها:-

انا الذي نظر الاعمى الى ادبي
واسمعت كلماتي من به صمــــــــم

الخيل والليل والبيد اء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم

وكان اخر عهده بسيف الدولة الحمداني مجلسه بمناظرة لغوية بيه وبين ابن خالويه النحوي المعروف الذي شج وجهه بمفتاح كان معه بعد غلبة المتنبي له واجرى دمه امام مرآى ومسمع سيف الدولة ولم يحرك سيف الدولة ساكنا فغضب المتنبــــــــــي وتــــــــرك المجلس وولى مغادرا حلب سنة 346 هجرية متوجها الى دمشق
ثم سافر الى الفسطاط بمصر بعد ان اغروه الاخشيـــــــــد واطمعوه بالولاية ان قدم هو اليهم فذهب ومدح كافورا الاخشيدي الذي كان على راس الدولة الاخشيدية في مصر يقــــــــــــــــول :

قواصد كافور توارك غيـــــره
ومن قصد البحر استقل السواقيا

فجائت بنا انسان عين زمانـــه
وخلت بياضا خلفها وماءقيـــــــا

وظل يمدحه مدة من الزمن لكنه يئس من حصوله على الولاية فعزم على السفر فاستاذن الامير كافور للسفر فلم ياذن لــــــــــه وشدد عليه الا انه عزم على السفر

غادر مصر خلسة والناس مشغولون في افراح عيد الاضحى المبارك من تلك السنة وبعد سفره هجا كافورا هجاءا مقذعا وصـــــب عليه خزي الدهر كله وكذلك
الشعراء اذا ماغضبوا يفعلون يقول\

امينا واخلافا وغدرا وخســــــة
وجبنا اشخصا لحت لي ام مخازيا

تظن ابتساماتي رجاءا وغبطـة
وما انا الا ضاحك من رجائيــــــــا

وتعجبني رجلاك في النعل اننـي
رايتك ذا نعل اذا كنت حا فيــــــــا

توجه المتنبي بعد هروبه من مصر الى الكوفة مسقط راسه وفي الكوفة شارك في قتال القرامطة الذين كان من دعــــــــــاة مذهبهم في صباه ثم قصد بغداد ولبث فيها اشهرا ثم غادرها الى الاحواز فمدح فيها ابن العميد ثم تلقى رساتل من عضــــــــد الدولة يرجوه التوجه اليه فذهب ومدحه وظل مدة بشيراز ثم استاذن وغادر
شادا رحاله الى بغداد والتقى فيه بمنتصــــــــــف الطريق في قرية الصافية قـــــرب النعمانية من اعمال واسط بفاتك الاسدى واعراب من جماعته وكان المتنبي قد هجاه وجدته ووسمها بالطرطبة وانال من عرضــــه فقاتله وقتله
قتل المتنبي في النعمانية من اعمال واسط سنة 354 هجرية مع ولده وغلمانه ونهبوا اموالهم

ابو الطيـــــــب شاعر فحل عظيم جمع بين الشعر والعاطفة والحكمـــة والخيال والعلم والبلاغة وروحه الشعرية شذية فواحة غلابة وكانـــــــــــت عواطفه هي الدم في جسد قصائده فكسبتها الحياة الابديــــــــــة والروعة والجمال والكمال فهو ذو شاعرية فريده ويعد شاعر العرب الاكبر بلا منازع صاحب مذهب شعري فريد فمذهبه الشعري عجز الشعراء ان ياتوا بمثلــــه او مجاراته حتى عد شاعر العربية وقد شغل الناس وملاء الدنيا كما قيل في حقه سابقا فديوانه في كل مكتبة صغيرة اوكبيرة اوقل في كــــــــــل دار واشعاره على كل لسان ولم يحض شاعر بحضوة او مكانة مثله ابدا فقد سار شعره في الافاق مثل اشعة الشمس وذلك يعود لسببيـن الاول رعاية الملوك والامراء له وعنايتهم به وبشعره الذي خلدهم بمدحه والثاني قوة شاعريته وتظلعه في اللغة والادب

خاض المتنبي كل فنون الشعر وابدع فيها فكان شعــــــره تصويرا لحياة عصره وما فيه اضف الى ذلك انه كان امام العربية ومعجمها حافظا لاصولهـا ومفرداتها وتعابيرها و معانيها وبلاغتها جم شعره فنون موسيقية شعرية

هتم بالبديع والبلاغة وادخل الفلسفة والحكمة الــــــــى شعره واكثر منها فهــــو شاعر حكيم وحكيم شاعر لايشق له غبار فهو شاعرالعربية الذي ما ولدت العربية مثله على مر القرون والدهور ومن شعر ه في صباه هذه القصيدة التي تمثل طريق حياته وبناء شخصيته وهواجسه وعواطفه تجاه نفسه والاخرين ونوازع هذه النفس المتكابرة المتعالية يقول منها \

ما مقامي بارض نخلة الا
كمقام المسيح بين اليهود

ومفرشي صهوة الحصان ولكن
قميصي مسرودة من حديد

اين فضلي اذا قنعت من الدهر
بعيش معجل التنكيد

ضاق صدري وطال في طلبالرزق
قيامي وقل عنه قعودي

ابدا اقطع البلاد ونجمي
في نحوس وهمتي في صعود

عش عزيزا او مت وانت كريم

بين طعن القنا وخفق البنود

فرؤوس الرماح اذهب للغيظ
واشفى لغل صدر الحقو د

لا كما حييت غير حميد
واذا مت مت غير فقيد

فاطلب العز في لظى وذرالذل
ولوكان في جنا ن الخلو د

لابقومي شرفت بل شرفوا بي
وبنفسي فخرت لا بجدودي

وبهم فخر كا من نطق الضاد
وعود الجاني وغوث الطريد

انا ترب التدى ورب القوافي
وسمام العدا وغيظ الحسو د

----------------------------------------






الشاعر ابو العلاء المعري

الشاعر الفيلسوف


هو ابو العلاء احمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي ولد في معرة النعمان احدى مدن سورية عام 363 هجرية في بيت عز وشرف وغنى ومحتمد عربي اصيل الاانه اصيب بمرض الجدري في الثالثة من عمره فافقده البصر وعاش طيلة حياته في ليل طويل تعلم ابو العلاء على يد والده فنشأ رغم عماه ذكي الفوءاد مرهف الحس متوقد الذاكرة وقد قا ل الشعر في عمر الطفولة وقد توفي والده في صباه وعمره اربعة عشرة سنة تاركا لولده الاعمى ثروة طائلة واكتنفته امه سهرت على تعليمه وقد تنقل في طلب العلم بين معرة النعمان مسكنه واللاذقية وحلب وطرابس وبغداد لمواكبة دراسته وكانت انــــذاك قبلة الأدباء وموئل الشعراء وبقوا فيها ردحا من الزمن متنقلا بين مجالس الادباء والشعراء ونواديهم وقد اجلوه واحترموه بما يليق بمكانته وفي بغداد انكب على دراسة الادب والفليسفة والعلوم العربية والحكمة ولم يترك علما من العلوم أو الآداب الاوخاض غماره وتولاه بالدرس والتحليل ولما عاد الى المعرة عاد بحرا

من العلوم والاداب والفلسفة ساعده حدة ذكائه وحفظه المفرط وسمو وعزة نفسه الابية وهو في بغداد علم ان والدته مريضة فهجر بغداد مكرها وسافر الى المعـــــــــــرة لاستطلاع الأمر الا انه فوجئ بخبر وفاتها ولما يصل وعند وصوله انقطع الى نفسه وانعزل عن الناس وعاش منفردا وحرم على نفسه الاختلاط بالناس حتى انه عبر عن حالته في شعره يقو ل:-

اراني في الثلاثة من سجوني

فلا تسال عـــــن الخبر النبيـــث

فقدي ناظري ولزوم بيتــــــي

وكون النفس في الجسم الخبيث

كان طلبة العلم يتوافدون عليه وهو قابع في بيته فينهلون من معين صاف لاينضب وبحر غزيرواسع المفعرفة وقد حرم اكــــــل اللحوم على نفسه حتى قيل انه لاياكل امام احد من الناس فكان خادمه يضع له الطعام في غرفـة معزولة ثم يتوارى عنه كما انه لم يتزوج ابدا قال:-

هذا ما جناه علي ابي وما جنيت على احد

توفي ابو العلاء بعد اصابته بمرض خطيراودى بحياته بعد ثلاثة ايام من اصابته به وذلك سنة 449 هجرية بعد عمر ناهز 86 عاما قضاها في محبسه في ظلمة الحياة لقد صب ابو العلاء جام سخطه على الحياة وحدجها بنظرة ماساوية شـــــــــــــــــزراء تشاؤمية فهو يراها مفعمة بالشروالكدربل كلها شر وما الخير فيها الا كزهرة تقطع فتذوى وتذبل وتنضوي بل عدها ضلالـــــة وجهالة وما هي الا مكر وحذاع وما تظاهر الناس بها الا رياء اوما يتدينون عن تعقل وروية وهو المفكر الفاحص بل يعتبره تقليد ابائهم كما فعل الجاهليون كما يرى ان الدين سبب العداوة بين الخلق ومصدر العداوة والشقاق بينهم يقول:-

ان الشرائع القت ببننا احنا وعلمتنا افانين العداوات

لكن الشاعر وهو الزاهد في الحياةالمتفر بها غير ملحد كما تصور البعض انه مؤمن بربه كل الايمان لكنه يعود كل الامــــــور على العقل فما قبله العقل وعقله واطمان به قبله وارتضاه وسار عليه فالعقل عنده هو المرجع
والامام لذا فهو مؤمن بوحدانية الله تعالى

توحد فان الله ربك واحد
ولا ترغبن في عشرة الرؤساء

اساء المعرى الظن بالناس الى شاوى بعيد ونزع الثقة منهم وسخط على الحياة كان يرى الانسا المثالي الحر العقل والكريم في هذه الحياة غريب عن هذه الدنيا ولا مكان له فيها لذلك انزوى عن العالمين وابو العلاء فيلسوف شاعر فلسف الحياة في لزومياته وقد استقى اراءه وافكاره التي غذاها من انبع مناهل العلم واغزرها في الادب والحكمة والفلسفة والعقائد وظهــر كل ذلك في قريضه بنظم بديع وكلام متين بليغ شعر ابي العلاء بعد هذا وذك قوي متين شديد الروعة فهو شاعر فنان فيلسوف اديب حجته بالغة عارف باصالة الفن وروائعه يمزج الفكر بالخيال والفلسفة بالحكمة واسع الادراك والفهــــــــم فياض المعاني في نظم بديع وشعر بليغ وقافية متينه نظم شعره على قافية معتمدا حرفين او ثلاثة حين الحرف الواحد يكفي انظر اليه يقول:-

سر أن استطعت في الهــواء
رويدا لا اختيال على رفاة العبـــاد

رب لحد صار لحدا مـــرارا
ضاحك من تزاحم الاضـــــــــــداد

ودفين على بقايا دفيــــــــــــن
من طويل الازمان والابــــــــــــاد

وضجعة الموت رقدة يستريح
الجسم فيها والعيش متل السهاد

وهذه سمة لم يسبقه الشعراءاليها ولم يات احد بعده عليها فكان المعري كان يلهي نفسه بها في وحشته وانعزاليته ومن حيث اللفظ فهو كثير غريب اللغة ووحشي اللفظ حتى ان المتتبع لشعره بحاجة الى معجم لمعرفة معانيه ومقاصده وليــــس هذا بغريب على شاعر مثل المعرى الواسع الذكاء العارف بخفايا العربية واسرارها وعانيها واساليبها وبلاغتها خاصة وانــــه عاصر عهدا وصلت العربية فيه الى ارقى اللغات اضف ان قصائده تطغى عليها قوة بلاغية جناسية في اكثر الاحــــــــــــــوال :

وجدت الناس في هرج ومرج
غواة بين معتز ل و مــــرج

فشان ملوكهم غرف ونــــزف
واصحاب الامور جبا ة خرج

فاللزوميات فلسفة الحياة ومبادىء الاخلاق تتجلى فيها اساليب نقد وسخرية هذا الشاعر من الحياة ومن الناس بدعابة في جد يكشف اغوار النفس الانسانية واسرارها في شعر بليغ لم يات بمثله الذين سبقوه والذين جائو ا من بعده يقول:-

جهلنا فلم نعلم على الحرص مـا
الذي يراد بنا والعلم لله ذي المـــــن

اذا غيب المرء استسر حديثـــــه
لم تخبر الافكار عنه بما يغنــــــي

تضل العقول الهبرزيات رشدها
ولـم يسلم الراى القوي من الافــــن

طلبت يقينا من جهينة عنهـــــم
ولم تخبريبي ياجهين سوى الظن

فان تعهديني لا ازال مســـائلا
في لم اعط الصحيح فاستغنــــــــي

هذا ابوالعلاء غير متطير لكنه متشائم شديد التشاؤم لايرى في هذه الدنيا الا شرا مستطيرا لايستطيع دفعه ولا يامل بازالته او تحسينه لذلك يتظر الدنيا بمنظارة سوداوية حالكة يقول:-

وهل لحق التثريب سكان يثرب
من الناس لابل في الرجال غباء

اوقوله:-

أراني في الكرى رجل كأنــــي
من الذهب اتخذت غشاء راسي

قلنسوة خصصت بها نضــــارا
كهرمز اوكملك اولى خراســـي

فقلت معبرا ذهب ذهابــــــــــــي
وتلك نباهة في انـــــــــــدراس

اقمت وكان بعض الحزم يومـــا
لركب السفن ان تلفي الرواســي

اسمع قوله في نفي التطير :-

وما اسر لتعشير الغــــــراب اسى
ولا ابكي خليطا حل تعشــــــارا

ولا توهمت انثى الانجـــــم امــراة
ولا ظننت سهيلا كان عشتارا

بقي ان نقول ان الشاعر الكبير ابو العلاء المعري شاعر الحياة وفيلسوفها ترك وراءه جملة من الكتب والمؤلفات إضافة إلــى اللزوميات وسقط الزند في الشعر تربو على الثمانين موءلفا في مكتبتي منها رسالة الغفران ورسالة الصاهل والشاحج ومنها رسالة الملائكة وذكرى حبيب و الأيك والغصون وعبث الوليد ومعجز احمد والفصول والغابات وغيرها رحم الله شاعر العربية وفيلسوفها الكبير


**************







ابو فراس الحمداني


ولد ابو فراس بن سعيد الحمداني في الموصل سنة\ 350 هجرية من اسرة بني حمدان المؤسسة للامارة الحمدانية في حلب في الشام

قتل ابوه ولم يبلغ الثالثة من العمر فكفله ابن عمه سيف الدولة فشب محاطا برجال العلم والادب والثقافةالعالية وتعلم الفروسية والشجاعة والقتال في صباه حيث كان يخرج في طفولته مع الجيش للجهاد وعندما بلغ سن الرشد ولاه سيف الدولة ولاية –منبج - قرب الحدود البيزنطية فصد هجمات الروم دفاعا عن حياض الامارة وجهادا في سبيل الله

اسر مرتين الاولى افرج عنه بعد مدة قصيرة والثانية لبث في الاسر اسيرا مدة طويلة
فكانت هذه الايام ايا الاسر اخصب ايام حياته الادبية او الشعرية حيث انشد فيها اروع قصائده
ولما توفي سيف الدولة امير الدولة الحمدانية كان ابو فراس في حمص فلزم امور الامارة رجل اسمه – فرغويه- فاستقل ابو فراس بحمص التي كان واليا عليها الا ان معارك طاحنة دارت بين ابي فراس وبين فرغويه قتل فيها ابو فراس وهو في زهو شبابه ومقتبل عمره سنة \386 هجرية وبمقتله انهارت الامارةالحمدانية في الشام حيث قضي عليها بمقتله
ابو فراس شاعر صادق العاطفة امير لم يتكسب بشعره وشعره يتميز بالعاطفة الصادقة وسهولة لفظه يدخل الى القلب مستساغا كانه الماء الزلال اشتهر بالفخر والرثاءو الوصف والغزل ومن قوله في وصف الشيب الذي الم به
في مقتبل عمره يقول –

عذيري في طوالع من عذاري
ومن رد الشياب المستعار

وثوب كنت البسه انيق
اجر ذيله بين الجواري

وما زادت على العشرين سني
فما عذر المشيب الى عذاري

وما استمتعت من داعي التصابي
الى ان جاءني داعي الوقا ر

ايا شيبي ظلمت ويا شبابي
لقد جاورت منك بشر جار

يرحل كل من يهوي اليه
ويختمها بترحيل الد يا ر




---------------------------------------------------


















ابن النبيه

هو كمال الدين علي بن محمدابن الحسن بن يوسف المصري لقب ابن النبيه لنباهته واياسه نشأ في نصيبين ولما شب واكتمل عينه الملك الايوبي كاتبا لديوان الانشاء

وتوفي سنة 615 هجرية في نصبين ذاتها
اشتهر بالدح وبالغ فيه وقال الهجاءوقال الشعر الغزلي والخمري في شعره الصناعة اللفظية طاغية ومن قوله في ذكر الموت ورثاء عزيز عليه –

الناس للموت كخيل الطراد
فالسابق السابق منها الجواد

والموت نقاد على كفه
جواهر يختار منها الجيا د

والمرء كالظل ولابد ان
يزول ذاك الظل بعد امتداد

دفنت في الترب ولز انصفوا
ما كنت الا في صميم الفؤاد

---------------------------------------------------







السري الرفاء





السري هو ابن احمد الكندي ولد في الموصل واشتغل في طفولته وصباه مطرزا ورافيا لذا سمي بالرفاء من الريافة وقد درس الشعر والادب ونظم الشعر في صباه ولما اشتد عوده واكتمل في نظم الشعر قصد الامارةالحمدانية ومد ح اميرها سيف الدولة وبقي في بلاطه مدة من الزمن مادحا له ثم انتقل الى بغدا د فيها مدح بعض اشرافها وعوائلها وشيوخها وتوفي سنة 366 هجرية
يتميز شعره بسهولةاللفظ وجزالته وغلبة الصناعة عليه اذ كانت سمة العصر لدى الشعراء قال الشعر في المدح والغزل والوصف و الرثاء
من قوله في الغزل-

بنفسي من اجود له بنفسي

ويبخل بالتحية والسلام

وحتفي كامن في مقلتيه
كمون الموت في حد الحسام


ومن قوله في الغزل ايضا :

رويدَكَ عن تفنيدِ ذي المُقلَة ِ العَبْرَى
وقَصرُكَ أنَّ الدَّمعَ غاية ُ ما نَهوى

ولا تبكِ إلاّ بعدَ طولِ صبابة ٍ
وحسْبُك من فرطِ الصَّبابة ِ ما أَبكى

إذا الدمعُ لم يبرَحْ مَحَلاًّ يَحُلُّه

سرى الدمعُ من أَجفانهِ قَلِقَ المَسرى

حَماهُ الكَرى برقٌ تَأَلَّقَ بالحمى
إذا ما خَفَى وهْناً أبى الشوقُ أن يَخفى

وقى اللّهُ من شكوى الصبابة ِ خُلَّة ً
شكوتُ الذي أَلقى فأضعفَ في الشكوى

أُكاتمُ بَلْوى الحبِّ كيما أُبيدَه
وعيني تَفيضُ الدمعَ عينٌ على البلوى

أُواصِلُ فيها الدمعَ يَدمَى مسيلُهُ
وأقطع ُ أنفاساً مسالِكُها تَدمى

تذكَّرتُ إذ سَهْمُ الهَوى غير طائشٍ
وإذ أسهُمُ الأيامِ طائشة ُ المَهوى

وكم ليلة ٍ أحيَتْ نفوسَ ذَوي الهَوى
عِناقاً وكانت لا تموتُ ولا تَحيا

ويومَ أَرانا العيشَ يهتزُّ عِزَّة ً
بما قد حوى من غُرَّة ِ الرشأِ الأَحوى


********************







الصنوبري

هو ابو بكر الصنوبري ولد بمدينة انطاكية وفيها شب وترعرع وقال الشعر ثم قصد سيف الدولة الحمداني فانشده شعره مادحا ايا ه فاولاه الامانة على خزانة كتبه بحلب
اولع الصنوبري في الطبيعة ووصفها حتى عد من اوائل شعراء الوصف فيها وقد توفي سنة 334 هجرية
ومن قوله في وصف الترجس:–

درر تفتق عن يواقيت على
قضب الزمرد فوق بسط السندس

اجفان كافور حففن باعيين
من زعفران ناعمات الملمس

كانها اقمار ليل احدقت
بشموس افق فوق غصن املس

ومن لطيف شعره هذه الابيات –

شجتك العيس حنت إثر عيسِ
ممارسة المَرَوْرَى المرمريـسِ

متى ما تهوِإِحداهـا بسـدْسٍ
هوت حرف مغيبـةُ السَّديـس

لها من حيث ما وخدتلهيـب
لهيبُ النارِ يلهبُ فـي يَبيـس

فلم تد دختنـوس لهـا قتيـلاً
وأينَدياتُ قتلـى دختنـوس
ولا لمس الغـرام حشـاي إِلا
تلقى ما التمست لدىلميـس

ونار الصب تذكو ثـم تخبـوو
نارُ صبابتي نـار المجـوس

ستبقيني لمـنيبقـى حديثـا
عروض حديث طسم أو جديس

فتـاة حبهـا للقلـب سـلـم
ولكن دونهاحـرب البسـوس

تـرى شمسـاً مقنعـةً بليـلٍ
وخداً فـي غلالـة خندريـس

أيادمـن أب بالشـام أفضـى
ا ِليـه إِرثهـا وأب بـطلمـوس

لهم خلـقُ الأسـودِ ممثـلا
تٌعلى أمثال أخـلاقِ التيـوس

للدن ظلـت دنانيـر القوافـي
تـرد عليه ـمُرد الفـلـوس

كأن غشاءهـا الملقـى قنـاعٌ
على عيطاءَ بكـرٍعَيطَمـوس

وأعلامٌ من الأشجـارِ تُنسـيخ
ميسَ الرَّوع أعلامَ الخميـس

فكنتُ متى أقِس لا أَخشَ لَبْساً
إذا التبسَ القياسُ على لقَيُوس
----------------------------------------------


البهاء زهير


ولد البهاء زهير في الحجاز قرب مكةالمكرمة ونشأ في مكة المكرمة في بيت عز وترف وجاه وغنى
قال الشعر في طفولته وقد هاجر الى مصر وسكن مدينة –قوص- وبرع في الادب
اتصل بخدمة الملك الايوبي في مصر الاانه ظهرت خصومة سياسية بينه وبينه في اواخر ايامه اخالها من وشايات حساده اضطر الى لزوم داره بعدها فاشتد به الفقر والعوز وشظف العيش الى ان وافاه الاجل
توفي في قوص سنة \656 هجرية
يتميز شعره يالسهولة ورقة الحواشي ودقة واختيار الاساليب والمعاني اللطيفة والالفاظ العذبة الرقيقة شعره من الشعر السهل الممتنع الذي تحفظه بسرعة وتنساه بسرعة ويصعب القول فيه او بمثله اذ يحس القارئ انه يستطيع ان يأتيؤ بمثله او يشعر مثله الا انه اذا اراد ان يشعر امتنع عليه ونكص . ومن قوله متغزلا

لو تراني وحبيبي عندما
فر مثل الضبي من بين يدي

قال ما ترجع عني قلت لا
قال ما تطلب مني قلت شيء

فانثنى يحمر منني خجلا
وثناه التيه عني لا الي

كدت بين الناس ان الثمه
اه لو افعل ماكان علي

------------------------------------------------





الشريف الرضي-


هو محمد ابو الحسن بن الحسين المعروف بالرضي الحسيني العلوي ولد ونشاء ببغداد في الكاظمية في بيت عز وترف وجاه وفيها درس الادب وتظلع في الثقافة وخاصة الدينية وكان طموحا تواقا لنيل الخلافة وقد رشح نفسه اليها الا لم ينلها .
توفي دون نيلها سنة 406 هجرية
يتميز شعره بالجدية في الامور والتهكم من الحياة كثير المعاني و شعره صا دق العاطفة
اشتهر بالدح والفخر والوصف والغزل ومن قوله في التعريض لحكومة العباسيين وحبه للفاطميين قوله-

مامقامي على الهوان وعندي
مقول صارم وانف حمي

أي عذر له الى المجد ان ذل
غلام وفي غمده المشرفي

االبس الذل في ديار الاعادي
وبصمر الخليفة العلوي

من ابوه ابي ومولاه مولا
ي واذا ضامني البعيد القصي


--------------------------------------



المأموني



هو عبد السلام بن الحسين الماءموني ولد في بغداد وغادرها في صباه متجها ناحيةالشرق وقد وصل الى بخارى حيث حط المقام بها وتحسنت حالته وكثر رزقه وكان همه الرجوع الى بغداد مدينة صباه على راس جيش ليفتحها وينصب نفسه خليفة عليها حلم راوده كثيرا الا انه لم يتحقق

مدح الوزراء والامراء وفخر بنفسه وقومه العباسيين ووصف كل ماوقع في نفسه وبصره حتى اصغر الاشياء توفي عام 383 هجرية

يتميز شعره الجودة وحسن اختيار اللفظ وغلب عليه الصناعة اللفظية اسوة بغيره اغلب شعراء العصر
اشتهر بالدح والوصف ومن قوله يصف اسطرلا با : –

وشبيه الشمس يسترق الاخبا
ر من بين لحظها في خفاء

فتراه ادرى واعرف منها
-وهو في الارض – بالذي في السماء

-------------------------------------------------











ا الفصل السادس


نماذج من شعر العصر العباسي الثاني



هذه نماذج من الشعر لشعراء هذا العصر نذكرها كعادتنا في بحثناهذا ليستكمل البحث اهميته
يقول الشاعر ابو فراس الحمداني في الفخر –

غيري تغيره الفعال الجافي
ويحول عن شيم الكريم الوافي

لا ارتضي ودا اذا هو لم يدم
عند الجفاء وقلة الانصاف

نفس الحريص وقل ما ياتي به
عوضا عن الالحاح والالحاف

ماكان فوق البسيطة كافيا
واذا قنعت فبعض شيء كافي

اف لي طمع الحريص فتوتي
ومرؤتي وقناعتي وعفافي

ماكثرة الخيل العتاق بزائدي
شرفا ولا عدد السوام الضافي

خيلي وان قلت كثير نفعها
بين الصوارم والقنا الرعاف

ومارمي عدد النجوم ومنزلي
ماءوى الكرام ومنزل الاضياف

----------------------------


ومن شعر الشريف الرضي في الحكمة قوله=

وفي شدة الدهر اعتبار لعاقل
وفي لذة الدنيا غرور لواثق

واكثر من شاورته غير حازم
واكثر من صاحبت غير المرافق

اذا انت فتشت القلوب وجدتها
قلوب الاعادي في جسوم الاصادق

وعندي من الود الذي لايشوبه
لحاظ المرائي او كلام المنافق

وما جمعي الاموال الا غنيمة
لمن عاش بعدي واتهام لرازقي

-----------------------------

ومن قول ابن سناء الملك في الرثاء وهو من الموشحات التي ظهرت هذا العصرقوله

ماذا عرا قلبي ماذا دهاه مضى نهاه
لما نهاه الوجد مع من نهاه
مازال لي منذ دهاني الزمان
انس شجاع واصطبار جبا ن
وعبرة خالصة للعيان
لاتقبل الصون وترضى بالهوان

وناظري قد غاب عنه كراه ترى سراه
او يفسح الدهر له في ثراه
صبرا جميلا اين صبر جميل
ذاك سبيل ما اليه سبيل
وقتي قصير وحديثي طويل
حسبك من راحته في العويل
وجل ما يبغيه لقيا الوفاة وهي شفاه
يشري خطوبا خاطبنه شفاه

--------------------------------

ومن قصائد المدح هذه الابيات من قصيدة للشاعر المتنبي في مدح سيف الدولةالحمداني ووصف احدى معاركه مع الروم منتصرا بها يقول –

اتوك يجرون الحديد كاءنهم
سروا بجياد مالهن قوائم

اذا برقوا لم تعرف البيض منهم
ثيابهم من مثلها والعمائم

خميس بشرق الارض والغرب زحفه
وفي اذن الجوزاء منه زمازم

تجمع فيه كل لسن وامة
فما تفهم الحدات الا التراجم

فلله وقت ذوب الغش ناره
فلم يبق الا صارم او ضبارم

تقطع ما لايقطع الدرع والقنا
وفر من الابطال من لايصا دم

وقفت وما في الموت شك لواقف
كانك في جفن الردى وهو نائم

تمر بك الابطال كلمى هزيمة
ووجهك وضاح وثغرك باسم

ضممت جناحيهم عن القلب ضمة
تموت الخوافي تحتها والقواد م

بضرب اتى الهامات والنصر غائب
وصار الى اللبات والنصر قا دم

ومن طلب الفتح الجميل فاءنما
مفاتحه الببيض الخفاق الصوارم

نثرتهم فوق الاحيدب نثرة
كما نثرت فوق العروس الدراهم

----------------------------------

ومن شعر الابيوردي يذكر فيها فاجعة القدس مستنهضا النخوات العربية لدراء الخطر عنها يقول –

مزجنا ماءا بالدموع السواجم
فلم يبق الا عرضة للمراجم

وشر سلاح المرء دمع يفيضه
اذا الحرب سبت نارها بالصوارم

فاءيها بني الاسلام ان وراءكم
وقائع يلحقن الذر ا بالمناسم

اتهويمة في ظل امن وغبطة
وعيش كنوار الخميلة نا عم

وكيف تنام العين ملء جفونها
على هبوات ايقضت كل نائم

واخوانكم بالشام يضحي مقلهم
ظهور المذاكي او بطون القشاعم

يسومهم الروم الهوان وانتم
تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

ارى امتي لايشرعون الى ا لعدا
ولا يحسبون العار ضربة لا ز م

فليتهم اذا لم يذودوا حمية
عن الدين ضنوا غيرة بالمحار م

وان زهدوا في الاجر اذ حمي الوغى
فهلا اتوه رغبة في المغانم

---------------------------


ومن قول ابن حيوس في وصف دمشق والحالة فيها وكثرة الاضطرابات فيها قوله\

لقد دفعنا الى حالين لست ارى
مابين ذاك وهذا حظ مختار


اما المقام على خوف ومسغبة
او الرحيل عن الاوطان والدار

والموت ايسر من هذا وذاك وما
كرب الممات ولا في الموت من عار

من جاور الاسد لم ياءمن بوائقها
وليس للاءسد ابقاء على الجار


*********************************


ومن شعر الشاعر الفارس البطل اسمة بن منقذ هذه القصيدة الرائعة :

أبي الله إلا أن يدين لنا الدهر
ويخدمنا في ملكنا العز والنصر

أبي الله إلا أن يكون لنا الأمر
لِتحيَا بنا الدُّنيا، ويفتخرَ العصرُ

وتخدُمَنا الأيّامُ فيما نَرُومُهُ
وينقادَ طوعاً في أزِمَّتنا الدّهرُ

وتخضع أعناق الملوك لعزنا
ويُرهِبَها منّا على بُعدنا الذِّكرُ

بحيثُ حَلْلنا الأمنُ من كلِّ حادثٍ
وفي سائر الآفاق من بأسنا ذعر

بطاعتِنا للّه أصبحَ طوعَنا الأ
نامُ، فما يُعصَى لنا فيهمُ أمرُ

فأيماننا في السلم سحب مواهب
وفي الحَربِ سُحبٌ وبْلُهنَّ دمٌ هَمرُ

قَضتْ في بني الدُّنيا قضاءَ زمانِها
فَسُرَّ بها شطرٌ، وسِىء بها شَطرُ

وما في ملوكِ المسلمينَ مُجاهدٌ
سوانا فما يثنيه حر ولا قر

جعلَنا الجهادَ همَّنا واشتغالَنا
ولم يلهنا عنه السماع ولا الخمر

دماء العدا أشهى من الراح عندنا
ووقع المواضي فيهم الناي والوتر

نُواصِلُهم وصلَ الحبيب وهم عِداً
زيارتُهم ينحطَ عنَّا بها الوزرُ

وثير حشايانا السروج وقمصنا الد
روع ومنصوب الخيام لنا قصر

ترى الأرض مثل الأفق وهي نجومه
وإن حسدتها عزها الأنجم الزهر

وهمُّ الملوكِ البيضُ والسُّمُر كالدُّمَى
وهمتنا البيض الصوارم والسمر

صوارمنا حمر المضارب من دم
قوائِمُها من جُودنا نَضرة ٌ خُضرُ

نسيرُ إلى الأعداءِ والطّيرُ فوقَنا
لهَا القوتُ من أعدائِنَا، ولنا النَّصرُ

فبأس يذوب الصخر من حر ناره
ولُطفٌ له بالماءِ ينبجسُ الصَّخرُ

وجيش إذا لاقى العدو ظننتهم
أسود الشرى عنت لها الأدم والعفر

تَرى كلَّ شَهمٍ في الوغَى مثلَ سَهْمِه
نفوذاً فما يثنيه خوف ولا كثر

هم الأسد من بيض الصوارم والقنا
لهُم في الوغَى النّابُ الحديدة ُ والظُّفرُ

يرَوْن لهم في القتلِ خُلداً، فكيف باللـ
ـقاءِ لقومٍ قتلهُم عندهم عُمْرُ

إذا نُسبوا كانُوا جميعاً بني أَبٍ
فطعنهم شزر وضربهم هبر

يظنُّون أنّ الكفرَ عصيانُ أمرِنَا
فما عندهم يوماً لإنعامنا كفر

لَنَا مِنهمُ إقدامُهُم وولاؤُهمْ
ومنَّا لهم إكرامُم والنَّدى الغَمرُ

بِنا أُيِّد الإسلامُ، وازدادَ عزّة ً
وذل لنا من بعد عزته الكفر

قتلنَا البِرنْسَ، حِينَ سارَ بجهله
تَحفُّ به الفُرسانُ والعَسكر المجرُ

ولم يَبق إلاَّ مَن أَسْرنا، وكيفَ بالبـ
ـقَاءِ لمن أخْنَتْ عليه الظُّبا البُترُ

وفي سجننا ابن الفنش خير ملوكهم
وإن لم يكن خير لديهم ولا بر

كأفعالِنَا في أرضِ من حانَ منهُمُ
وقد قُتِلت فرسانُه فهمُ جُزر

وسلْ عنهُم الوادِي بإقلِيس إنَّه
إلى اليومِ فيه من دمائِهمُ غُدرُ

هم انتَشروا فيه لردّ رَعِيلنا
فمن تربه يوم المعاد لهم نشر

ونحنُ أسرنا الجوسَلِين ولم يكُن
ليخْشَى من الأيَّامِ نائِبة ً تَعْرُو

وكان يظن الغر أنا نبيعه
بمَالٍ، وكم ظَنٍّ به يهِلُك الغِرُّ

فلما استبحنا ملكه وبلاده
ولم يبَق مالٌ يُستباحُ ولا ثَغْرُ

كَحلناهُ، نبغى الأجرَ في فِعلِنا بهِ
وفي مثلِ ما قَد نَالَه يُحرز الأجرُ

ونحن كسرنا البغدوين وما لمن
كَسرنَاه إبلالٌ يُرجَّى ولا جَبْرُ

وقد ضاقت الدنيا عليه برحبها
فلم ينجه بر ولم يحمه بحر

دعته إلى نكث اليمين وغدره
بذمَّتِه النَّفسُ الخسيسة ُ والمكْرُ

وقد كانَ لونُ الخيل شتَّى فأصبحَت
تُعادُ إلينَا، وهي من دَمهِم شُقْرُ

توهَّم عجزاً حِلمَنا وأناتَنَا
وما العجز إلا ما أتى الجاهل الغمر

فلما تمادى غيه وضلاله
ولم يثنه عن جهله النهي والزجر

برزْنَا له كالليِثْ فَارقَ غِيلَه
وعادَتُه كسرُ الفرائس والهَصْرُ

وسِرنا إليه حين هابَ لقاءَنا
وبان له من بأسنا البؤس والشر

فولّى يُبارى عائراتِ سِهَامِنَا
وفي سمعه من وقع أسيافنا وقر

وخلَّى لنا فُرسانَه وحُماتَه
فشطر له قتل وشطر له أسر

وما تنثني عنه أعنة خيلنا
ولو طار في أفق السماء به النسر

إلى أن يزور الجوسلين مساهماً
له في دياج ما لليلتها فجر

ونرتَجِعَ القدسَ المُطهَّر مِنهُم
ويتلى بإذن الله في الصخرة الذكر

إذا استَغْلقتْ شمُّ الحصونِ فعندنَا
مَفاتحُها: بيضٌ، مضاربُها حُمرُ

وإنْ بلدٌ عزَّ الملوكَ مَرامُه ورُمناهُ
، ذلَّ الصّعبُ واستُسهِلَ الوعرُ

وأضحى عليه للسهام وللظبا
ووقع المذاكي الرعد والبرق والقطر

بنَا استَرجَع اللْهُ البلادَ وأمَّن العـ
ـبادَ، فلا خَوفٌ عليهم ولا قَهرُ

فتَحنا الرُّهَا حين استباحَ عداتُنا
حماها وسنى ملكها لهم الختر

جعلْنَا طُلى الفُرسان أغمادَ بِيِضنا
وملَّكنَا أبكارَها الفتكة ُ البكر

وتلُّ عِزَازٍ، صبّحتهُ جُيوشُنَا
وقد عجزت عنه الأكاسرة الغر

أتَى ساكنُوها بِالمفاتيحِ طاعَة ً
إلينا ومسراهم إلى بابنا شهر

وما كلُّ مَلْكٍ قادِرٍ ذو مَهابة ٍ
ولا كل ساع يستتب له الأمر

ومِلْنا إلى بُرج الرَّصاصِ وإنَّه
لكاسد لكن الرصاص له قطر

وأضحت لأنطاكية حارم شجى
ً وفيها لهَا والسَّاكِنينَ بها حَصرُ

وحصن كفر لاتا وهاب تدانيا
لَنَا، وذُراها للأَنُوقِ به وَكرُ

وفي حِصن باسُوطَا وقَورَصَ ذَلَّتِ الصّـ
ـعابُ لنا، والنّصرُ يقدمُهُ الصبرُ

وفامية والبارة استنقذتهما
لنا همَّة ٌ من دونها الفَرعُ والغَفرُ

وحصن بسرفود وأنب سهلت
لنَا، واستحالَ العُسرُ، وهو لنَا يُسرُ

وفي تل عمار وفي تل خالد
وفي حِصْن سلقينٍ لمملَكة ٍ قصرُ

وما مثل راوندان حصن وإنه
لمَمتنعٌ، لو لم يسهل له القَسرُ

وكم مثلِ هذا من قلاعٍ ومن قرًى
ومُزدَرَعَاتٍ لا يحيطُ بها الحصرُ

فلما استعدناها من الكفر عنوة ً
ولم يَبقَ في أقطارِهَا لهمُ أَثْرُ

رددنا على أهل الشآم رباعهم
وأملاكَهُم، فانزاحَ عنهم بها الفَقرُ

وجاءتهم من بعد يأس وفاقة
وقد مسَّهُم من فقدها البؤْسُ والضُّرُّ

ومرَ عليها الدَّهرُ، والكُفرُ حاكِمٌ
عليها، وعمرٌ مرَّ من بعدِه عُمْرُ

فنالهُم من عَوْدِها الخيرُ والغنَى
كما نالنا من ردها الأجر والشكر

ونحنُ وضعنا المكْسَ عن كلِّ بلدة ٍ
فأصبح مسروراً بمتجره السفر

وأصبحت الآفاق من عدلنا حمى ً
فكُدر قَطاها لا يُروّعها صَقرُ
د
فكيف تُسامِينَا الملوكُ إلى العُلا
وعزمهم سر ووقعاتنا جهر

وإن وَعدُوا بالغزوِ نَظماً، فهذه
رؤوس أعاديهم بأسيافنا نثر

سنلقى العدا عنهم ببيض صقالها
هداياهم والبتر يرهفها البتر

وما قولُنا عن حاجة ٍ، بل يسوءُنا
إذا لم يكن في غزونا لهم أجر

خزائنُنَا ملأَى ، ومَا هِي ذُخرُنا المُـ
ـعَدُّ، ولكنَّ الثوابَ هو الُّذخْرُ

ملكنا الذي لم تَحوِهِ كفُّ مالِكٍ
ولم يَعرُنَا تِيهُ الملوكِ ولا الكبرُ

فنحن ملوك البأس والجود سوقة التـ
ـواضع لا بذخ لدينا ولا فخر

عزَفنا عنِ الدُّنيا، على وجدِهَا بِنَا
فمنها لنا وصلٌ، ومنّا لها هَجرُ

وأحسن شيء في الدنا زهد قادر
عليها فما يصبيه ملك ولا وفر

ولولا سؤال الله عن خلقه الذي
رعيناهم حفظاً إذا ضمنا الحشر

لمَلْنَا عن الُّدنيا، وقِلنا لها: اغربي
لك الهجر منا ما تمادى بنا العمر

فما خير ملك أنت عنه محاسب
ومملكة ٍ، من بعدها الموتُ والقبرُ

---------------------------------

ومن شعر شاعر معرة النعمان ابي العلاء المعري شاعر الفلسفة والحكمة نقتطف هذه الابيات في ذم التنجيم والمنتجمين وكذبهم وخرافاتهم يقول :

لوكان لي امر يطا وع لم يشن
ظهر الطريق مدى الحياة منجم

يغدو بزخرفة يحاول مكسبا
فيد ير اسطر لابه ويرجم

وقفت به الورهاء وهي كانها
عند الوقوف على عرين تهجم

ساءلته عن زوج لها متغير
فاهتاج يكتب بالرقا ن ويعجم

ةيقول ما اسمك واسم امك انني
بالظن عما في الغيوب مترجم

علي بان الجن تطرق بيته
وله يدين فصيحها والاعجم

افما يكرعلى معيشته الفتى
الا بما نبذت اليه الانجم

رجم التنائف بالركاب اعز ما
كسب يحق لربه لو يرحم

------------------------------------

ومن شعر الشاعر ابن الهبارية في ذم الحكام نقرأ هذه الابيات-

فانه لن يفسد الاحوالا ويوحش الاحرار والرجالا

شيء كتفضي الدنيء الناقص والبر للشهوة لا الخصائص

وان من يمنع الغر يبا ويحفظ البعيد والقريبا

يستوجب التعنيف والملامة وفعله مثل ابي نعامة

وهو ظليم كان في اليما مة جديته باق الى القيامة

خلى سفاها بيضه وحضنا بيض ا لقطاة اذ راه حسنا

وظنه يفقس عن رئال احسن من رئاله في الحال

فلم يكن ذاك وضاع فعله وبيضه ايضا وذم فعله

----------------------------------

وقال االشاعر ابو الفرج محمد الدمشقي الملقب بالواءواء في الغزل وهي من القصائدالغنائية الرقيقة:


يامن سقام جفو نه لسقام عاشقه طبيب

حزت المودة فاستوى عندي حضورك والمغيب

كن كيف شئت من البعاد فانت من قلبي قريب

--------------------------

ومن شعر السري الرفاء في الغزل يقول:

رويدَكَ عن تفنيدِ ذي المُقلَة ِ العَبْرَى
وقَصرُكَ أنَّ الدَّمعَ غاية ُ ما نَهوى

ولا تبكِ إلاّ بعدَ طولِ صبابة ٍ
وحسْبُك من فرطِ الصَّبابة ِ ما أَبكى

إذا الدمعُ لم يبرَحْ مَحَلاًّ يَحُلُّه
سرى الدمعُ من أَجفانهِ قَلِقَ المَسرى

حَماهُ الكَرى برقٌ تَأَلَّقَ بالحمى
إذا ما خَفَى وهْناً أبى الشوقُ أن يَخفى

وقى اللّهُ من شكوى الصبابة ِ خُلَّة ً
شكوتُ الذي أَلقى فأضعفَ في الشكوى

أُكاتمُ بَلْوى الحبِّ كيما أُبيدَه
وعيني تَفيضُ الدمعَ عينٌ على البلوى

أُواصِلُ فيها الدمعَ يَدمَى مسيلُهُ
وأقطعُ أنفاساً مسالِكُها تَدمى

تذكَّرتُ إذ سَهْمُ الهَوى غير طائشٍ
وإذ أسهُمُ الأيامِ طائشة ُ المَهوى

وكم ليلة ٍ أحيَتْ نفوسَ ذَوي الهَوى
عِناقاً وكانت لا تموتُ ولا تَحيا

ويومَ أَرانا العيشَ يهتزُّ عِزَّة ً
بما قد حوى من غُرَّة ِ الرشأِ الأَحوى

جَلَوْنا به الكاساتِ والأفقُ عاطلٌ
إلى أن تَبَدَّى الأفقُ في حُلَّة ٍ تُجلى

فصافحَ منها الشَّرْبُ كلَّ مَشوقَة ٍ
عليها رِجالُ الفُرسِ يقدُمُهم كِسرى

نُحَيَّا ونُسْقى في الزُّجاجة ِ باطلاً
إذا نحنُ حقَّقْنا التحيَّة َ والسُّقيا

ويُلْبِسُه ساقي المدامة ِ حُلَّة ً
ولكنّه في كَفِّ شارِبه يَعْرَى

وليلٍ رَحيبِ الباعِ مَدَّ رِواقَه
على الأفق ِحتى خِيلَ في حُلَّتَي ثَكْلَى

يُقِّيدُ ألحاظَ العيونِ حِجابُه
كأنَّ بَصيرَ القومِ من دونِه أعمى

ترَدَّيتُه حتَّى رأَيتُ رِداءَهُ
يَرِقُّ بمنشورٍ من الصبحِ لم يُطْوَ

ولاحَ لنا نَهْجٌ خَفِيٌّ كأنَّهُ
إذا اطَّرَدَتْ أثناؤُه حيَّة ٌ تَسعى

إلى سيِّدٍ يُعطي على الحمدِ مالَه
فيأخُذُ ما يَبقى ويُعطي الذي يَفنى

وأبيضَ يَحمي كلَّ أبيضَ ماجِدٍ
إذا لاحَ فرداًفهوصاحبُه الأدنى

ومزمومَة ِ الأطرافِ مُصفَرَّة ِ القَرى
مؤلَّفة ِ الأعضاءِ من فِرَقٍ شتَّى

تَشرَّدَ من أولادِها كلُّ زائرٍ
فيا لَكِ أُمّاً ما أَعقَّ وما أَجفى

وإنْ حادَ عن نفسٍ هَدَاه لها الرَّدى
ولم يُرَ سارٍ قبلَه بالرَّدى يُهْدى

طلعْتَ عليه والذوابلُ تَلتوي
أسنَّتُها في نَحرِ كلِّ فتى ً ألوى

وأسفرْتَ والألوانُ تَرْبَدُّ خِيفَة ً
وبيضُ الظُّبا تَدْمَى وسُمْرُ القَنا تَفْنَى

تَقَيَّل ْتَعبدَ اللّهِفي البأسِ والنَّدى
فما حِدْتَ يوماً عن طريقتِه المُثلى

وأنتَ رفعتَ الشِّعْرَ بعدَ انخِفاضِهِ
بجودِكَ حتى صار في ذِروَة ِ الشِّعرى

فكم مِدحَة ٍ غِبَّ النَّوالِ تبسَّمَتْ
كما ابتسمَ النُّوَّارُ غِبَّ حَيَاً أروَى

ثَناءٌ أبانَ الفضلَ مني لحاسِدٍ
تبيَّنَ فيه ذِلَّة ُ العبدِ للمَولى

يجولُ فِجاجَ الأرضِ وهومقيَّدٌ
بقافية ٍ يَبلى الزمانُ ولا تَبلى

وما ضَرَّ عِقْدٌ من ثَناءٍ نظمتُه
وفصَّلتُهُ أن لا يعيشَ له الأعشى


************************************

وفي ختام هذا الفصل نقرا هذه الابيات من شعر ابن مطروح جمال الدين يحيى بن عيسى
في التهكم بحق الملك لويس التاسع عندما اراد غزو مصر بعد ان دحر في معركة دمياط الشهيرة وينذره انه اذا حاول التقدم ستكون نهايته حتمية كما كانت في معركةدمياط سيخسرها ويكون نصيبه الفشل والاسر مصيره يقول -

قل للفرنيس اذا جئته مقال صدق من قؤول نصيح

اتيت مصرا تبتغي ملكها تحسب ان الزمر باصبل ريح

وكل لاصحابك اودعتهم بحسن تدبيرك بطن الضريحح

خمسين الفا لاترى منهم غير قتيل او اسير ا و جريح

وفقك الله لامثالها لعل عيسى منكم يستر يح

فقل لهم ان اضمروا عودة لاءخذ ثاء ر او لقصد صحيح

دار ابن لقمان على حالها والقيد باق والطواشي صبيح


---------------------------------------------









الباب السادس


الشعر العربي في الاندلس



الفصل الاول – الشعر العربي في الاندلس
الفصل الثاني- الاساليب و المعاني الشعرية في الاندلس
الفصل الثالث – الموشحات والازجال
الفصل الرابع – الفنون الشعرية في الاندلس
الفصل الخامس- الشعراء العرب في الاندلس
الفصل السادس- مراثي الاندلس
الفصل السابع - نماذج من الشعر العربي الاندلسي













الفصل الاول

الشعر العربي في بلاد الاندلس


فتح العرب شبه الجزيرة الاسبانية – الاندلس - في زمن الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك سنة\93 هجربة عندما وجه اليها حملة قوية بقيادة القائد العربي طارق بن زياد ومن المفارقات ان هذا القائد العظيم بعد عبوره البحر احرق كافة السفن التي اقلته هو وجنوده المقاتلين بحيث اصبح الجيش الغازي امام امرين اما الفتح والحياة واما الهزيمة ومعناها الموت المحقق فكان الجيش العربي قاتل قتالا مريرا مستلهما من التضحية والجهاد في سبيل الله نبراسا بحيث باعوا نفوسهم لله تعالى
( ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ) سورة التوبة الاية \ 111 فكان النصر العظيم حليفهم .

غزت اللغة العربية بلاد الاندلس مع الفاتحين وانتشرت بمرور الوقت لتصبح بعد فترة لغة سكان الاندلس وما جاورها فقد انتقل عدد كبير من العرب الى الاندلس بعد فتحها وتمركز الحكم العربي الاموي فيها وبالاخص من الشام ومصر

ولما كان الشعر متاصلا في نفوس العرب وعواطفهم كغريزة فيهم فقد عبر معهم البحر الى البلد الجديد وانتشر فيه وطغت عليه الصفة التقليدية العربية في البدء ثم بدء التاثر في المجتمع الاسباني والطبيعة الاندلسية الجميلة فتحولت الا ندلس الى جنة الله في الارض

افتخر العرب في الاندلس بانسابهم ومدحوا اقوامهم وخلفائهم وامراءهم وهجوا اعداءهم والمنافسين لهم فكان الشاعر الاندلسي اول ذي بدء مقلدا الشاعر العربي في المشرق فقلد ابن زيدون في شعره ا لبحتري وابن هانىء قلد المتنبي على سبيل المثال .

انتشر الشعر العربي في الاندلس بعد ان دخل فاتحا مع الفاتحين العرب وسار معهم اينما توجهوا فبلغ ايطاليا وبحر الادرياتيك ووصل الى جزيرة صقلية وجزيرة مالطة بل وفي كل بقعة في البحرالمتوسط فازدهر في كل مكان صار اليه لجزالته ورقة اسلوبه ووضوح معانيه وخاصة انه نظم في هذه الاصقاع الجديدة الجيدة الغناء والخضرة الدائمة والجو اللطيف

لقد انتشر الشعر العربي في الاندلس حتى وصل الى منتهاه في الرقي والتطور في زمن ظهور دول الطوائف حيث ان كل امير جمع حوله الادباء والشعراء وبذلك حصل الشعر العربي في الاندلس على مكانة عظيمة وثروة ادبية كبيرة نتيجة هذا التنافس بين الا مراء والشعراء و الطبيعة الخلابة التي بهرت الفكر وبالاخص الشاعر العربي فابدع
فظهرت نتيجة هذا الابداع معان جديدة واساليب جديدة متطورة ومتمدنة وظهر الموشح في الشعر والذي لايزال مفخرة من مفاخر الشعر العربي الاندلسي

-----------------------------------


















الفصل الثاني

اساليب ومعاني الشعر العربي في الاندلس



معاني الشعر الاندلسي :
--------------------------

كان الشعر العربي في الاندلس امتدادا للشعر العربي في الشرق لقد تشابهت معاني الشعر الاندلسي اول الامر و معاني الشعر العربي في جميع مناحي الحياة والا مور التي قيل فيها فكان هناك شعر عالى النشاءة شريف المعاني نشأ بجانبه شيء من شعر المجون والابتذال والخلاعة اوجدته الطبيعة الاندلسية الاانه قليل وبمرور الوقت دخلت الفلسفة الى الشعر الاندلسي كما دخلته في الشعر العربي الشرقي و غالى الشعراء في المدح الى حد ان اتوا بالمستحيل وغير المأتي به في وصف الممدوح في المشرق الا انه بعد الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد وتمركز الحكم فيها واحساس الشعراء بتغيير البيئة والمجتمع انعكس ذلك في شعرهم فرق ولطف وابتعدوا عن البدوية التي كانوا عليها الى شعر محدث جديد وكان للطبيعة ومشاهدها الجميلة الحضور العظيم في الشعر العربي الاندلسي فتبدلت الطبيعة الصحراوية الجافة بطبيعة خصبة خضراء قد افاض عليها الله كل نعم الحياة و الجمال وحباها بماشاء من خير ونعمة بين الخضرة وعطرالورد وظلال وارفة وطبيعة غناء تعسر الناظرين وتفح القلاب وتبهج النفس مقرونة الجمال الخلاب لينشد الشاعر قصيدته فيها بل هي القصيدة ذاتها
وكان لاتصال العرب بالغرب نتيجة هذا الفتح المبارك وتطلعهم على عاداتهم وتقالبدهم ان اثر هذا في تقدمهم فكان الشعر الاندلسي رقيق الحواشي رفيع المعاني رقيق الشعور الشعري عذب الالفاظ جميلها واضحة البيان في تعبيرها

كل ذلك ظهر في الشعر العربي في الاندلس حتى تطور في معانيه وفي كل مالبسه من اثوا ب قشيبه وحلل ناعمة رقيقة فكان الشعر الموشح الجديد في الشعر العربي وكذلك ظهور شعر الزجل تبعا لما اقتضته طبيعة المجتمع هناك و حاجته الى ايجاد فن الغناء وموسيقى تنسجم معه

فترنم الشاعر الاندلسي بكل مايحس به وما تفرضه عليه ظروف الحياة الحلوة الجميلة التي يعيشها والطبيعة الغناء من ابتكار في المعاني ورقتها وانتقاء الكلمات الخفيفة الرقيقة في النفس والخيال الواسع والتاثير في الاخرين



----------------------------



اساليب الشعر الاندلسي
----------------

الاساليب الشعرية في الاندلس تتشابه مع الاساليب الشعرية في المشرق العربي في بداية تكوين الدولة الاندلسية وتختلف عنها باختلافات بسيطة باختلاف شخصية الشاعر

وعلى العموم كان هناك اسلوب رصين ومتين بنى عليه الشعراء قصائدهم دخلت عليه بعض من كلمات غريبة الا انه بقي جزل العبارة فخم اللفظ شديد سميك البناء

الا ان الشعراء تاءثروا بالامم الغربية بعد اطلاعهم على عاداتهم وتقاليدهم وتغيير البيئة عليهم والشعراء اول الناس يتغيرون ويتاثرون بمثل هذه الامور ويهيمون بمثل هذه الاشياء فادى هذا التغير الى تطور باساليب الشعر فتطور الاسلوب الشعري الغنائي اولا وما ل الشعراء الى التحرر من القيود الشعرية والانطلاق منها فكانت هناك قصائد في الشعر في الاسلوب السهل والتفعلية القصيرة اة المشطورة او قل قطعت تفاعيل الخليل الى النصف في بعض الاحيان او الى الربع وحسب الحاجة وموازنة الموسيقى الشعرية الغنائية حيث ظهر الموشح في الشعر العربي في الاندلس واقتبسه الغربيون بعد عشرات السنين والموشح هو من الاوزان الشعرية المألوفة في الشعر العر بي موشح الاواخر اما بقواف ثنائية او ثلاثية
واما بجمل متحدة القافية ومتوازنة المعنى
وعلى العموم اساليب الشعر العربي في الاندلس سهلة رقيقة مفهومة المعنى جعلت الشعراء يركضون وراء التقدم والحضار ة ويلقون بانفسهم في مهاوي الحياة السعيدة المحاطة بالرفاهية وسبل العييش الهني ينشدون للحياة المرفهة بين الروضة والجنة وبين الغنوة والرقصة واللحن الجديد اوبمعنى اخر ينشدون وفق ما املته الطبيعة الاندلسية الخضراء فتركت هذه الطبيعة لنا ثروة شعرية ما زالت تطوي الايام وتقف كالجبل الشامخ في وجه كل الصروف الدهرية بقصائدها العصماء التي هي من عيون الشعر العربي ولا تطويها الايام رغم مرور مئات ومئات السنين
وعلى العموم فان الشعر الاندلسي يتميز بميزات كثيرة منها سهولة الالفاظ وسلاسة التركيب ووضوح المعاني مما ظهر في شعر الشعراء وفي حركة التجديد في الشعرالعربي في الاندلس مثل الموشح وذلك لجمال الطبيعة الاندلسية وسعة خيال الشعراء بهذه الطبيعة وافتتانهم بها فقد رق الشعر وكثرت التشبيهات البديعية والتوليدات الكلامية العجيبة وربما الغريبة عند بعضهم

ومن المثير كثرة الشاعرات الاندلسيات بالقياس الى عددهن في المشرق العربي ومفاده ما تتمتع به المراة الاندلسية من علم ومعرفة وحرية شخصية ومنهن على سبيل المثال - عائشة القرطبية ووولادة ابنة الخليفة المستكفي وحسان التميمية و حفصة الحجازية وحمدونة بنت زياد وغيرهن كثير .

وسبقى هذا القصائد وذلكم الشعراء يذكروننا ان العرب فتحوا بلاد الاندلس وعمروها واقاموا فيها حضارة عربية لم تكن موجودة في المجتمع الاوربي كله واصبحت هذه الحضارة رافدا من روافد النهضة الاوربية الحديثة وسببا من اسباب تقدم الانسانية جميعا






-----------------------------------------------

























الفصل الثالث


الموشحات والازجال الاندلسية


الموشحات
---------------

الموشح منظومة شعرية يتميز بتعدد القوافي وبخروجه على بحور الشعر العربي المعروفة في بعض الاحيان وتنويعها في الموشح الواحد وربما يكون مؤلفا من اربعة عشرا بيتا على الاكثر على وزن ايقاعي غنائي معين غير مقيد وقد يزيد او ينقص عن ذلك .

والموشح هو وزن معين من اوزان الشعر العربي المالوفة في الشعر العربي الا ان اواخره موشحة اما بجمل متوازنة متحدة القوافي يؤتى بها في اخر كل مقطع من مقاطع الموشح العديدة او موشح بقواف ثنائية او ثلاثية اورباعية وهكذا .

ظهر الموشح على حقيقته كفن قائم في بلاد الاندلس لاول مرة أي ان الموشح قصيدة كانت موجودة في الشعر العربي تطورت وفق تطور الحياة العربية في الاندلس وما املته هذه الحياة من ايجاد نوع من الشعر احتاجته الاذن العربية او النفس العربية هناك ليتفاعل معهما في الغناء والنفس الطرية التواقة الى كل جميل وجديد .

اول من ابتدع الموشح في شكله الجديد في العربية الشاعر الاندلسي - مقدم الفريري – وقيل انه محمد بن حمود القبري وقيل ايضا انه ابن عبد ربه الاندلسي صاحب كتاب ( العقد الفريد) وقيل غيرهم وقد اكثر الشعراء بعد ذلك من نظمه والتغني به وانشاده كثيرا في دواوين وبلاطات الامراء الاندلسيين أي كانه ابتدع من قبل شعراء هذه البلاطات والداخلين في خدمة الامراءوالخلفاء

والموشح على العموم متكون من عدة اجزاء منها مايلي : المطلع وهو القفل الاول فيه
الدور وهو ماياتي بعد المطلع
السمط وهو كل شطر من اشطر الدور
الغصن وهو الشطر الواحد من اشطر المطلع
البيت وهو ما يتكون من الدور والقفل الذي يليه مجتمعين
الخرجة وهو مايمثل القفل الاخير من الموشح . وهذه هي الجزء الوحيد الذي لايلتزم بالفصاحة ولا الا عراب بل في الاغلب ياتي عفويا قد دخلته ايضا الكلمات المحلية او العامية .

وتعد الموشحات اكبر حركة تجديدية في الشعر العربي واوزانه التقليدية في تلك البلاد وذلك لحاجة هؤلاء الى الغناء والطرب وباساليب ومعان جديدة واضحة المعاني جلية الصورة سهلة الاسلوب تشنف الاذان وتطرب السامع بالحانها الجميلة وكلماتها الفياضة الداخلة الى القلب مباشرة .

اما اغراض الموشح فكثيرة فهي مماثلة للقصيدة العربية في اغراضها كالغزل والمدح والهجاء والرثاء وغيرها.:

ومن هذه الموشحات هذا الموشح الذي يتغنى به المغنون لوقت قريب

ياحلو يااسمر غنى بك السمر
رقوا ورق الهوى في كل ما صورا

---------------------

ما الشعر ماسحره ما الخمر ماالسكر
يندى على ثغرك من انفاسك العنبر

--------------------------

والليل يغفو على شعرك او يقمر
انت نعيم الصبا والامل الاخضر
ما لهوانا الذي اورق لايثمر

-------------------------

قد كان من امرنا ماكان هل يذكر
نعصر من ر وحنا اطيب ما يعصر

----------------------------

نوحي الى الليل ما يبهج او يسكر
نبنيه عشا لنا ياحلو يا ا سمر

------------------------------------



الا زجال
----------------

الزجل هو الصوت المردد او المتسق بالاطراد والاستقامة وقد ظهر لاول مرة في الشعر العربي في بلاد الاندلس واول من انشد وتغنى به الشاعر العربي الاندلسي ابو بكر بن قزمان في القرن الخامس الهجري أي قبل الف سنة تقريبا ثم انتشر بعد ذلك بين شعراء الاندلس ومن ثم انتقل وشاع في البلاد العربية الاخرى وبالاخص في لبنان وما حوله لتقارب البيئة الاندلسية من البيئة اللبنانبة
والزجل نوع من الانشاد العربي القريب الى اللهجة االعامية او هو شعر سهل الالفاظ يحسبه السامع انه من اللهجة العامية لسهولته وتطويعه القريب في الغناء
وقد جاء على اوزان مختلفة وربما تكون غير مظبوطة الوزن الشعري يظبطها اللحن والتناسق الموسيقي المتجاوب معه أي يفضل فيها التناسق الموسيقي على الوزن الشعري في حالة التفاضل بينهما ولو انهما الواحد يكمل الاخر . بحيث يعدها السامع متناسقة ماءلوفة وقد قربت الى اللهجات العامية منها الى الفصحى في اغلب الاقطار العربية فيما بعد تبعا لطبيعة البلد وحاجته الى الغناء والانشاد
-(راجع مقالتي النغم الايقاع في كتابي في الادب والفن)– ولكي لا اطيل فمن الزجل هذه الابيات الشعرية المغناة قديما وحديثا
ومنها :-

فلا بثقهم ينسد ولا نهرهم يجري
خلو ا منا زلهم وساروا مع الفجر





--------------------------------------

















الفصل الرابع

الفنون الشعرية في الشعر العربي الاندلسي


الشعر العربي في الاندلس اغراضه هي ذاتها اغراض الشعرفي المشرق في الاغلب ان طبيعة بلادهم ونظام حياتهم جعل الشعراء يقصرون في بعض الاغراض مثل الحمة والزهد والفلسفة لعدم حاجة الشعراء اليها و بالمقابل فاق شعراؤهم شعراء المشرق العربي في فنون وصف الطبيعة وظهر عندهم رثاء الممالك الزائلة او رثائها وشعر الاستنجاد والاستغاثة في اواخرايامهم وان لم يكن جديدا على الشعرالعربي فمثله مثل رثاء الخلفاء والامراء ورثاء مدينة البصرة بعد نكبتها ورثاء مدينة بغداد بعد احتلالها من قبل المغول سنة 656 هجرية وكذلك ظهر عندهم – كما في المشرق – الشعرالتعليمي وذلك بنظم الفنون والعلوم مثل الفية ابن مالك في النحو او اللغة ومثل الشاطبية في علوم القراآت القرانية المختلفة

1- الفخروالمدح :

انتقل فن الفخر والمديح مع العرب الى الاندلس ودخل بلاد الاندلس يوم دخلوها العرب فهم في طبيعتهم ونفسياتهم يحبون هذا النوع من الشعر
لقد بالغ الشعراء الاندلسيون في المدح والفخر كما بالغ فيه اخوتهم الشرقيون وكان المديح و الفخرعدنهم متأثرين الى حد كبير باسلوب المدح والفخر في المشرق الاانه تحسن ورق في اخر الامر تبعا لطبيعة التأثرالنفسي واشاعة روح الحضارة والطبيعة الخلابه الجميلة التي توجب وتحتم الرقة والعاطفة الرقيقة الرهيفة - بربك قل لي الا ترى فرقا شاسعا بين نفسية من يمشي راكبا بعيره في صحراء قاحلة تلفحه الرياح الساخنة الهاجرة وارمالها الساخنة وبين نفسية من يجلس في حديقة غناء تحف به الخضرة والورود العطرة الفواحة من كل مكان ايهما اطرب ؟؟ -
لقد تمجد شعراء العرب في الاندلس بانفسهم وانسابهم وبالاخص عندما اشتدت المنازعة بين القبائل العدنانية والقحطانية في المشرق وانتقال هذه المنازعة الى الاندلس وانشغال الناس بها في هذا البلد ايضا .
ومن قول بن زيدون في المدح يمدح الوزير ابا حفص
فيقول بعد ان توسطه للصلح بينه وبين حبيبته
\
يا ابا حفص وما سا واك في فهم واياس

من سنا رايك لي في غسق الخطب اقتباس

انا حيران والامر ر وضوح والتبا س

ما ترى في معشر حا لوا عن العهد وخاسو ا

-------------------------------

2- الغزل والتشبيب :-


الغزل انتشر وذاع واسعا في بلاد الاندلس اتساعا كبيرا لم تشهد العرب له مثيل في بلادها - ولا عجب في ذلك فالقول في الغزل ينتشر اينما يجد بيئة طبية حسنة و يكثر فيها تبعا لرفاهية الحياة والطبيعة الجميلة فتميل النفوس الى التغني والانشاد للحبيب .
يمتاز الغزل الاندلسي برقة الاسلوب وجمال المعنى وقد انشد او اشعر فيه اغلب بل كل الشعراء العرب في الاندلس وتفننوا في وصف الحبيب ووصف لوعاتهم وهواهم اليه ومن شعر ابن زيدون في الغزل مخاطبا حبيبته ولادة ابنة الخليفةالمستكفي يقول \

اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا
والافق طلق ووجه الارض قد را قا
يوم كايام لذات لنا انصرمت
بتنا لها حين نام الد هر سراقا


--------------------

3- الرثاء :-


الرثاء من الفنون التي كتب بها الشعراءالعرب منذ القدم وقد انتقل معهم الى بلاد الاندلس -افلا يكون هو رثاء حبيب او قريب يؤثر في نفسية الراثي فيظهر على لسانه شعرا - فقالو ا الشعر فيه ورثوا الاقارب والاخوان والاحباب والامراءوالخلفاء

وقد تميز بعذوبته وصدق العاطفة فيه ومنه قول الشاعر الحصري في رثاء ابيه\

ارى نير الايام بعد ما اظلما
وبنيان مجدي يوم مت تهدما

وجسمي الذي ابلاه فقدك ان اكن
رحلت به فالقلب عندك خيما

سقى الله غيثا من تعمد وقفة
بقبرك ما استسقى له وترجما

وقال سلام والثواب جزا ء من
الم على قبر الغريب فسلما

--------------------------------------------------




4- الوصف :
الوصف وما ادراك ما الوصف في بلاد الاندلس فقد توسع شعراء العربية في الاندلس فيه وتاثروا بطبيعة البلاد الخصبة الخضراء الجميلة الموارد .. مناظرها الفاتنة الساحرة بين الجبال العالية والوديان الغناء الوارفة الظلال روعة وجمالا تلك التي تفتح النفوس لتتيه الارواح سادرة في ضلالها و لتغني القلوب فتطرب الافئدة فتغني وتشنف الاذان بالحانها وتحدق العيون بروعتها سنماء ازاهيرها فتطير النفوس فيها كالفراشات الملونة فتمتلىء بنور الحب واشراق الزهر وعبق الشذى وخفة النسيم وتفننوا في الوصف ويعد الوصف الطبيعي الا ندلسي من جيد الوصوف الشعرية في اللغة العربية
من قول الشاعر ابن خفاجة يصف روضة :-

في روضة جنح الدجى ظل بها
وتجسمت نو را بها الانوا ر

قام الغناء بها وقد نضح الندى
وجه الثرى واسيتيقظ النوا ر

والماء في حلي الحباب مقلد
زرت عليه جيوبها الاشجا ر


وهناك اغراض اخرى غير هذه الاغراض فقد قال الشعراء في الخمرة كثيرا و في الزهد وفي نظم الملاحم والاحداث والقصص وفي كل ما وقعت عليه اعين الشعراء وهاموا به في هذه الارض ذات الطبيعة التي لم ير العرب اجمل منها في بلادهم عامة





-----------------------------------


الفصل الخامس

شعراء العربية في الاندلس

احمد بن زيدون


هو ابو الوليد احمد بن عبد الله بن احمد بن زيدون المخزومي
ولد في مدينة قرطبة سنة 394 هجرية وكانت قرطبة انذاك عاصمة البلاد ومنارا للعلم والادب والثقافة فدرس الشعر والادب العربي حتى برع فيه وتمرس عليه

احب ابن زيدون الشاعر ة والاديبة ولادة ابنة الخليفة المستكفي التي كانت شاعرة اديبة تعقد الندوات والمجالس الادبية والشعرية في بيتها وبادلته حبا بحب وقد انشد في حبها الشعر الكثير شعرا فياضا عاطفة وحنانا وشوقا ولوعة وولها الامرالذي جعلنا نتغنى في شعره الى وقتنا هذا وسيبقى خالدا للاجيال بعدنا حبا صادقا
. فراح يتقرب منها حتى نال منزلة في قلبها فبادلته الحب
وكتبت له تقول :-
ترقب إذا جـــــن الظـــلام زيارتي
فإني رأيت الليــل أكتــم للســر

وبي منك ما لو كان للبدر ما بدا
وبالليل ما أدجى وبالنجم لم يسر.

وتواصلت لقاءاتهما حتى دخل الوشاة بينهما و فرقت بينهما الأيام ففاض الوجد والحنين بعشيقته فكتبت إليه تقول:

ألا هــل لنا من بعـد هذا الــتــفرق
سبـــيل فيشكو كل صب بما لقي

وقد كنت أوقاتالتزاور في الشتا
أبـيـت على جمر من الشوق المحرق

تـمـر الـلــيالي لاأرى البين ينقضي
ولا الـصبـــر من رق التشوق معتقي

سقـا الــلـه أرضا قد غدت لك منزلا
بـكل سـكـون هاطــل الـوبـل مـعدق

لقد علمت ولادة بإن محبوبها قد تولع بغيرها فمالت عنه كل الميل فأحبت الوزير ابي عامر فندم ابن زيدون وراح يتوسل بغيرجدوى وينظم الشعر مهددا الوزير ابا عامر شاكيا إلى ولادة تباريح الهوى ، وكتب إلى الوزيررسالته المعروفة بالرسالة الهزلية سخر فيها منه على لسان حبيبته، فلم يلبث الوزير أن عمل على سجن الشاعر، فتم سجنه . فراح ابن زيدون في سجنه يكتب الشعر مسترحما ،كما كتب إلى أبي حزم رسالته المعروفه بالرسالة الجدية مستعطفا ولكن لم يجد اذنا تصغي ولا قلبا يرحم، فصمم على الهرب ، ففر من السجن في ليلة عيد الأضحى وظل متخفيا عن الانظار حتى عفا عنه ابو حزم فبعث إلى ولادة بقصيدته المشهورة بالنونية والتي تعتبر من روائع الشعر العربي زعيونه في الادب و التي من أجلها كتبت عنه وجمعت مااستطعت جمعه من عدة مؤلفات والتي يقول مطلعها:-

أضحى التنائي بديلا من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا.

الغزل عند ابن زيدون حاجة في النفس يلبي القلب نداءها ، وميل جامح يسير في ركابه ،وثورة في الفؤاد يندفع في تيارها، فهو رجل المرأة الغاوية يهواها إلى حد الجنون والوله ، ويريدها ابدا طوع هواه ، ويوجه نحوها جميع ذاته وقواه ، في ترف أندلسي ، وجماح نواسي ، وقد عانى من لوعة الحب الوانا من الألم والشوق العظيم ، وقاسى في سبيل حبها أمرّ العذاب ، فعرفها رفيقة حياة، ولقي في أس هواها الف حرارة ومرارة ، فراح يسكب نفسه حسرات ، ويعصرلباب قلبه ويرسله تأوّهات وزفرات ، وإذا قصائدة مزيج من شوق ، وذكرى , وألم ، وأمل ، وإذا غزله حافل بالاستعطاف والاسترحام، حافل بالمناجيات الحرّى ، والنداءات السكرى ، وإذا الأقوال منثورة مع كل نسيم ، مرددة مع كل صدى ، وإذا كل كلمة فيها رسالة حبّ وغرام ، وكل لفظة لوعة واطلاقة سهام.
هكذا كان غزل ابن زيدون روحا متململا ، وكيانا تتقاذفها الامواج ، و كان شعره بحر العاطفة والوجدان ، يترقرق ترقرق الماء الزلال ، في صفاء البلور ، ولين الأعشاب على ضفاف الغدران و الانهار، وفي عذوبة تتماوج على اعطافها كل معاني الموسيقى الساحرة التي هي السحر الحلال ، موسيقى تنام على أوتارها الدهور ويغفو بين حناياها الجمال والنور, وهكذا كانت الفاظه سهولة تنمو في أجواء الطبيعة الزاهية ، وتمتزج بهاامتزاج الارواح بالارواح ، وإذا كل شيء في القصيدة حي نابض، وإذا كل شيء رونق وجمال، وكل شيء حلقة نورانية بين الذكرى والآمال .
فهو شاعر الاندلس وبلبلها الغرّيد كان شاعر العبقرية التي تعطي النفس من خلال الطبيعة التى تصف سناءها وشذاها ،وتعصر القلب في كؤوس الحب التي ترتشف ، وتصعّد الزفرات والآمال أنغام سحر وروعة ،وتعتصر اللغة لتستخرج منها كل ممكناتها الشعرية والموسيقية لتشدو الحانها المشجية التي ملكت على العرب ألبابهم في عصورهم القديمة والحديثة

اما في حياته العامة فقد ترقى ابن زيدون في الادارة الى ان تمكن من ادارة الدولة سياسيا واصبح مشرفا على الديوان فيها ا لا انه نكل به فسجن كما اسلفنا ولبث في السجن بضع سنين ثم هرب من السجن في اخرها
انتقل الى مدينة بلنسية ثم الى الزهراء ثم استقربه المقام في مدينة اشبيلية فتلقاه اميرها انذاك المعتضد بالله بلقاء حسن فاكرمه ونعمه واستوزه ولقب بذي الوزارتين واقر بقاءه في منصبه ثم اثبته المعتمد بن عباد في حكمه ايضا وبقي في اشبيلية حتى وافاه الاجل
توفي في اشبيلية سنة\ 463 هجرية

يمتاز بسلاسة النظم وعذوبة وسهولة اللفظ ورقة المعاني وحسن الصناعة الشعرية وبراعتها ويعتبر متنبي بلاد الاندلس لتماثل شعره بشعرالمتنبي وتقليده اياه وقد نظم في اغلب الاغراض الشعرية وخاصة في الغزل
ومن قوله في حب ولاده بعد ان هجرته واحبت غيره لكنه بقى محبا لها ذاكرا شوقه حبه ولوعته اليها هذه الابيات من قصيدة تعد من روائع وعيون الشعر العربي يقول فيها :-

أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا
وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا
حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم
حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا
أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا
بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا
وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم
رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد بنا،
ولا أن تسروا كاشحًا فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه
وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا
شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا
يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ
سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا
إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا
وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا
وإذ هَصَرْنا غُصون الوصل دانية
قطوفُها فجنينا منه ما شِينا
ليسقِ عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا
أن طالما غيَّر النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به
من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينا
واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا
إلفًا، تذكره أمسى يُعنِّينا
ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا
من لو على البعد حيًّا كان يُحيينا
فهل أرى الدهر يَقصينا مُساعَفةً
منه ولم يكن غِبًّا تقاضينا
ربيب ملك كأن الله أنشأه
مسكًا وقدَّر إنشاء الورى طينا
أو صاغه ورِقًا محضًا وتَوَّجَه
مِن ناصع التبر إبداعًا وتحسينا
إذا تَأَوَّد آدته رفاهيَة تُومُ
العُقُود وأَدْمَته البُرى لِينا
كانت له الشمسُ ظِئْرًا في أَكِلَّتِه
بل ما تَجَلَّى لها إلا أحايينا
كأنما أثبتت في صحن وجنته
زُهْرُ الكواكب تعويذًا وتزيينا
ما ضَرَّ أن لم نكن أكفاءَه شرفًا
وفي المودة كافٍ من تَكَافينا
يا روضةً طالما أجْنَتْ لَوَاحِظَنا
وردًا أجلاه الصبا غَضًّا ونَسْرينا
ويا حياةً تَمَلَّيْنا بزهرتها
مُنًى ضُرُوبًا ولذَّاتٍ أفانِينا
ويا نعيمًا خَطَرْنا من غَضَارته
في وَشْي نُعمى سَحَبْنا ذَيْلَه حِينا
لسنا نُسَمِّيك إجلالاً وتَكْرِمَة
فقدرك المعتلى عن ذاك يُغنينا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ في صفةٍ
فحسبنا الوصف إيضاحًا وتَبيينا
يا جنةَ الخلد أُبدلنا بسَلْسِلها
والكوثر العذب زَقُّومًا وغِسلينا
كأننا لم نَبِت والوصل ثالثنا
والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينا
سِرَّانِ في خاطرِ الظَّلْماء يَكتُمُنا
حتى يكاد لسان الصبح يُفشينا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ
عنه النُّهَى وتَركْنا الصبر ناسِينا
إذا قرأنا الأسى يومَ النَّوى سُوَرًا
مكتوبة وأخذنا الصبر تَلْقِينا
أمَّا هواكِ فلم نعدل بمنهله
شِرْبًا وإن كان يروينا فيُظمينا
لم نَجْفُ أفق جمال أنت كوكبه
سالين عنه ولم نهجره قالينا
ولا اختيارًا تجنبناه عن كَثَبٍ
لكن عدتنا على كره عوادينا
نأسى عليك إذا حُثَّت مُشَعْشَعةً
فينا الشَّمُول وغنَّانا مُغَنِّينا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى من شمائلنا
سِيمَا ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا
دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظةً
فالحُرُّ مَنْ دان إنصافًا كما دِينَا
فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا
ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنينا
ولو صَبَا نَحْوَنا من عُلْوِ مَطْلَعِه
بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشاكِ يُصْبِينا
أَوْلِي وفاءً وإن لم تَبْذُلِي صِلَةً
فالطيفُ يُقْنِعُنا والذِّكْرُ يَكْفِينا
وفي الجوابِ متاعٌ لو شفعتِ به
بِيْضَ الأيادي التي ما زلْتِ تُولِينا
عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ
صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا



-------------------------





ابن زريق البغدادي

هو أبو الحسن علي أبو عبد الله بن زريق الكاتب البغدادي ولد في بغداد ونشا فيها عاش فقيرا معدما ولما لم يسعفه الوقت قررالرحيل .
ارتحل ابن زريق البغدادي عن موطنه الأصلي في بغداد قاصداً بلاد الأندلس، عله يجد فيها من لين العيش وسعة الرزق ما يعوضه عن فقره، ويترك الشاعر في بغداد زوجة يحبها وتحبه كل الحب، ويخلص لها وتخلص له كل الإخلاص،و من أجلها سافر وهاجر وتغرب
وفي الأندلس - كما تقول لنا الروايات والأخبار المتناثرة – اخذ يجاهد ويكافح من أجل تحقيق حلمه، ولعله يوفق في حياته ويسعده الحظ لكن التوفيق لم يصاحبه، وهناك في الغربة البعيدة عمن احب مرض واشتد به المرض و حكم الدهر الا ان تكون نهايته في الغربة ؛ ويضيف الرواة بعداً جديداً للمأساة، فيقولون أن القصيدة التي لا يعرف له شعرٌ سواها وجدت معه عند وفاته سنة أربعمائة وعشرين من الهجرة.

والقصيدة هذه يخاطب فيها زوجته، ويؤكد لها حبه حتى الرمق الأخير من حياته، ويترك خلاصة تجربته في الغربة والرحيل، من أجل الرزق وفي سبيل زوجته التي نصحته بعدم الرحيل فلم يستمع إليها. وفي ختام قصيدته يظهر نادم متصدع القلب من لوعةٍ وأسى، حيث لا أنيس ولا رفيق ولا معين.
والمتأمل في قصيدة ابن زريق البغدادي لا بد له أن يكتشف رقة التعبير فيها، وصدق العاطفة، وحرارة التجربة ؛ فهي تنم عن أصالة شاعر مطبوع له لغته الشعرية المتفردة، وخياله الشعري الوثّاب، وصياغته البليغة المرهفة، ونفسه الشعري الممتد عبر حياته وفقره والغريب ألا يكون لابن زريق غير هذه القصيدة حيث لم تحفظ له كتب التراث في الشعر غير ها الا اني اشك في ذلك فهو اما احد امرين ان قصائده استغلت من قبل غيره من الشعراء او ان حرمانه وفقره جعلاه يقول الشعر ثم يمزقه لذا لم تظهر الا هذه وبعد وفاته ياله من شاعر مظلوم ظلمه الدهر وظلمه اهله واحبته والمجتمع القاسي .
فابن زريق شاعر قتله طموحه ، يعرفه دارسوا الأدب ومحبوه ، لكنهم لايعرفون له غير هذا الاثر الشعري الفريد يتناقله الرواة، وتُعنى به الدواوين الشعر العربي ولهذا فهو شاعر شرقي بغدادي وقصيدته اندلسية تعبر عمافي في خوالجه وما يحيط به في بلاد الاندلس
ذ كر ابن السمعاني ان لهذه القصيدة قصة عجيبة فروى:

(أن رجلا من أهل بغداد قصد أبا عبد الرحمن الأندلسي وتقرب إليه بنسبه فأراد أبو عبد الرحمن أن يبلوه ويختبره فأعطاه شيئا نزراً فقال البغدادي إنا لله وإنا إليه راجعون سلكت البراري والقفار والمهامه والبحار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء النزر فانكسرت إليه نفسه فاعتل ومات وشغل عنه الأندلسي إياما ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه فانتهوا إلى الخان الذي هو فيه وسألوا الخانية عنه فقالت إنه كان في هذا البيت ومذ أمس لم أبصره فصعدوا فدفعوا الباب فإذا هو ميت وعند رأسه رقعة فيها مكتوب:

لا تعذليه فإن العذل يولعه
قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه

قال فلما وقف أبو عبد الرحمن على هذه الأبيات بكى حتى خضب لحيته وقال وددت أن هذا الرجل حي وأشاطره نصف ملكي وكان في رقعة الرجل منزلي ببغداد في الموضع الفلاني المعروف بكذا والقوم يعرفون بكذا فحمل إليهم خمسة آلاف دينار وعرفهم موت الرجل )
توفي ابن زريق البغدادي عام\420 هجرية حيث وجد ميتا في بيته المتوضع وبجواره قصيدته لزوجته التي احبها واخلص لها حتى في غربته وهذه هي القصيدة:

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ
قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّ
ب ِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ

فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً
مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ
فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ المَهرِ أَضلُعُهُ

يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ
مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ

ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ

كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ
مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً
وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ

تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه
للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ

وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ
رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ

قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ
لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ

لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى
مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ

وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت
بَغِيُ أَلاإِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ

وَالمَهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه
إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ

اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ

وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ

وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ

لا أَكُذبث اللَهَ ثوبُ الصَبرِ
مُنخَرقٌ عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ

إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ
بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا
شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ

اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ
كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ

كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ
الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ

أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ
لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ

إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفِنُها
بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ

بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ
بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ

لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذ
ا لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ المَهرَ يَفجَعُنِي
بِهِ وَلا أَنّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ

حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا
بِيَدٍ عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ

فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ
وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ

مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ
كَما لَهُ عَهدُ صِداقٍ لا أُضَيِّعُهُ

وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا
جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ

لَأَصبِرَنَّ لِمَهرٍ لا يُمَتِّعُنِي بِهِ
وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ

عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً
فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ

عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا
جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ

وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ
فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ




ابن خفاجة الاندلسي


هو ابو اسحاق ابراهيم بن ابي الفتح الاندلسي ولد في جزيرة \شقر احدي الجزرالتابعة لبلنسية في الاندلس سنة 450 هجرية وفيها نشأ ودرس الادب والشعر في جو مفعم بالثقافة والادب وبرع في نظم الشعر واجاد فيه اجادة تامة وتوفي في مسقط راءسه سنة 533 هجرية
يتميز شعره بالعذوبة والرقة واشتهر بالوصف خاصة الطبيعة وشعره تلاحظ الصناعة الفنية طاغية فيه

ومن قوله في وصف شجرة الاراكة وتحتها مجلس للخمر
والغناء ضمه مع اخرين يقول –

واراكة ضربت سماءا فوقنا
تندى وافلاك الكؤوس تدار

حفت بدوحتها مجرة جدول
نثرت عليه نجومها الازهار

فكاءنها وكاءن جدول ماءها
حسناء شد بخصر ها ز نا ر

زف الزجاج بها عروس مدامة
تجلى وانوار الغصون نتار

قام الغناء وقد نضج الندى
وجه الثرى واستيقظ النو ا ر

----------------------------






لسان الدين بن الخطيب

هولسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السلماني، الخطيب

هو لسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله السلماني، نسبة إلى (سلمان) موضع باليمن، ومنه قدم أهله إلى الأندلس عقب الفتح الإسلامي واستقروا في قرطبة ثم انتقلوا إلى طليطلة بعد ثورة أهل الربض بقرطبة سنة\ 202هـ. ولما اشتد خطر النصارى على طليطلة في منتصف القرن الخامس للهجرة انتقلوا، أيام جده سعيد الى مدينة (لوشه) غرب غرناطة وكان جده سعيد عالما ورعا فجعل يلقى دروسه ومواعظه في (لوشة) فعرف بالخطيب وعرفت الأسرة باسم آل الخطيب
ولد الشاعر في مدينة- لوشة – الاندلسية في رجب من سنة\713 هجرية
درس الادب والطب والفلسفة في جامعة القرويين بفاس انتقلت أسرته من قرطبة إلى طليطلة بعد وقعة الربض أيام الحكم الأول، ثم رجعت إلى مدينة لوشة واستقرت بها. وبعد ولادة لسان الدين في رجب سنة\ 713 هـ انتقلت العائلة إلى غرناطة حيث دخل والده في خدمة السلطان أبي الحجاج يوسف، وفي غرناطة درس لسان الدين الطب والفلسفة والشريعة والأدب. ولما قتل والده سنة\ 741 هـ في المعركة المشهورة بمعركة- طريف - كان يعمل مترجماً في الثامنة والعشرين من عمره فحل مكان أبيه في أمانة السر للوزير أبي الحسن بن الجيّاب. وبعد ان توفي الوزير ابو الحسن بن الجياب بوباء الطاعون الذي حل بالبلاد تولى لسان الدين منصب الوزارة. ولما قتل أبو الحجاج يوسف سنة\ 755 هـ وانتقل الملك إلى ولده الغني بالله محمد استمر الحاجب رضوان في رئاسة الوزارة وبقي ابن الخطيب وزيراً ايضا فاصبح ذا الوزارتين وزارة الادب او القلم ووزارة الدولة..
ثم بعدها بخمس سنوات تقريبا وقعت الفتنة في رمضان من سنة\ 760 هـ، فقتل الحاجب رضوان وثم أقصي الغني بالله الذي انتقل إلى المغرب فتبعه ابن الخطيب اليها وبعد عامين اي في عام\ 762هجرية استعاد الغني بالله الملك وأعاد ابن الخطيب إلى منصبه. الا ان حسد الحاسدين وفي طليعتهم ابن زمرك، أوقعوا بين الملك الغني بالله وابن الخطيب فقرر الملك نفيه الى خارج البلاد فنفي إلى بلاد المغرب.
تولى المغرب السلطان المستنصر احمد بن ابراهيم وقد ساعده الغني بالله صاحب غرناطه مشترطا عليه شروطا منها ان يسلمه الوزير ابن الخطيب فقبض عليه المستنصر وكتب بذلك إلى الغني بالله فأرسل الملك الغرناطي وزيره ابن زمرك إلى فاس حيث انعقد مجلس للخاصه لمحاكمة ابن الخطيب الذي احضر ووجهت له تهمة الزندقه وسلوك مذاهب الفلاسفه وكان المجتمعون قد استحصلوا على فتوى بعض الفقهاء بقتله واعيد إلى السجن الا ان ابن زمرك حرك رجالا سرا فدخلوا عليه في سجنه ليلا وقتلوه خنقا سنة \ 776
ثم دفن في مقبرة (باب المحروق)بفاس
لسان الدين بن الخطيب, شاعر وكاتب ومؤرخ وفيلسوف وطبيب وسياسي من بلاد الأندلس. وقد نـُقِشت أشعاره على حوائط قصر الحمراء بغرناطة فهو علاّمة, وبحر غزير من بحور العلم والمعرفة, ومن أساطين الطب والفقه والفلسفة وعلم الإجتماع والنثر والشعر,لمع نجمُه وذاع صيتُه الا انه لم يجد حظاً كافياً بالعيش الهنيء والاستقرار ,بل جُوبه مجابهة شديدة من قبل خصومه وحاسديه فكادوا له, وكفَّروه على أفكاره ومعتقداته, وأوقعوا بينه وبين حكام زمانه, ونجحوا بالإساءة إليه فحوكم وحكم عليه بالإعدام واحرقت كل كتبه ومؤلفاته إلا ما ندر والذي وصل الى المكتبات العربية والأجنبية قبل الحرق .و ما من احد يقرأ سيرته وحياته الا و يصاب بالذهول لسعة علمه وطريقة تفكيره وحجم مؤلفاته الرائعة والمتنوعة بالطب والفلسفة والفقه والنثر والشعر وله ديوان شعر وجميل ورائع.
ومن شعره هذه الابيات :
أبـا ثابـتٍ كُـنْ فــي الشـدائـدِ ثابـتـا
أعـيـذُكَ أن يُلْـفـى عـــدوُّكَ شـامِـتـا
عزاؤُكَ عن عبد العزيز هـو الـذي
يلـيـقُ بـعِـزًّ مـنــك أعـجَــزَ نـاعـتـا
فدَوْحـتُـكَ الـغـنَّـاءُ طـالــت ذَوائِـبــا
وسَرْحَتُـكَ الشّـمّـاءُ طـابَـتْ منابِـتـا
لقـدْ هــدَّ أركــانَ الـوُجـودِ مُصـابُـهُ
وأنْطَقَ منه الشّجْوُ من كان صامِتا
فمن نفْسِ حُرٍّ أوْثَقَ الحُزنُ كَظْمَها
ومـن نفـسٍ بالوجْـدِ أصبـح خافِـتـا
والموتُ فـي الإنسـانِ فصْـلٌ لِحَـدِّهِ
فليـف نُـرَجِّـي أن نُصـاحِـبَ مائـتـا
وللصّبـرِ أولـى أن يكـونُ رُجوعُنـا
إذا لـم نكُـنْ بالحُـزْن نُـرجـع فائِـتـا

وكذلك اشتهر ابن الخطيب في شعره بالموشحات وفي شعره وموشحاته بداعة ورقة . وصناعته الشعرية ظاهرة في شعره ومن موشحاته هذا الموشح اللطيف \

جادك الغيث اذا الغيث همى
يازمان الوصل بالاندلس

لم يكن وصلك الا حلما
في الكر ى ا و خلسة المختلس

---------------------------

اذ يقود الدهر اسياب المنى
تنقل الخطو على ما ترسم

زمرا بين فرادا وثنى
مثلما يد الو فود الموسم

والحيا قد جلل الروض سنا
فثغو ر الرو ض فيه تبسم

---------------------------------























ابن هانيء الاندلسي


هو ابو القاسم محمد بن هانيء الازدي المهلبي الاندلسي
ولد با شبيلية سنة\ 326 هجرية وكان ابوه شاعرا فجبل هذا على الشعر وتوفرت له دراسته على يد والده والاخرين
كما هو الحال لكثير من ابناء الاندلس
قال الشعر الفلسفي ونبغ فيه فاتهم بها من قبل الامويين في الاندلس فهاجر الى شمال افريقيا ليلتحق بالدولة الفاطمية في مصر ومدح خلفاءها
توفي في طريقه الى مصر سنة\ 362 هجرية
يمتاز شعره بطابع العذوبة والرقة وقد قال في المدح وبالغ فيه اضافة الى اجادته في الاغراض الاخرى وتغلب على شعره الصناعة والتكلف
ومن قوله متغزلا ونلاحظ التكلف ظاهر ا فيه يقول –

المشرقات كاءنهن كواكب
والناعمات كاءنهن غصون

ادمى لها المرجان صفحة خده
وبكى عليها اللؤلؤ المكنون

اعدى الحما م تاءوهي من بعدها
فكاءنما فيما سجعن رنين


--------------------------







الحصري


هو علي بن عبد الغني الفهري
ولد في مدينة القيروان ونشاء فيها وكان ضريرا ثم ارتحل من شمال افريقيا الى الاندلس في منتصف القرن الخامس الهجري ثم عاد في شيخوخته الى شمال افريقيا وسكن مدينة طنجة

توفي فيها سنة \488 هجرية

شعره جيد رائع ويعتبر من الشعراء المجددين في الاندلس ابتكر اوزانا جديدة او بمعنى اخر ولد اوزانا من اوزان الشعر العربي ومن قوله هذين البيتين \

اذا كان البياض لباس حزن
باندلس فذاك من الصواب

الم تر ني لبست بياض شيبي
لاءني قد حزنت على شبابي


-----------------------------------






الفصل السادس


( مراثي الاندلس)

الاندلس هذه الروضة الفينانة عربها العرب بعد دخولهم لها فاتحين ونشروا العلم والمعرفة والعرفان فيها فاصبحت جنة الدنيا ونجمة الارض تسطع في نور العلم والادب مئات من السنين الا انه تجمع الصليبيون من جديد لأ عادتها لحاضرتهم وطرد المسلمين العرب منها وكان هؤلاء قد دب الشقاق فيما بينهم فاصبحوا دويلات وطوائف بدلا من دولة واحدة مستقرة قوية وتفرقوا ليقع الجميع في قبضة اعدائهم اذ قضوا عليهم بايجاد النزاع فيما بينهم ويث الفرقة و التطاحن بين هذه الدويلات والممالك فاقتتل الاخوة فيما بينهم شديدا وطويلا حتى اذا ضعف الجميع احاطوا بهم من كل صوب فقضوا عليهم
وافضل ما انتشر في هذه البلاد وظل تراثا خالدا هو الشعر العربي اذ تطور فيها كثيرا بحيث كان فيها الاف من الشعراء فيهم فحول الشعرالعربي كابن زيدون والمعتمد بن عباد وابن عبدون وغيرهم كثير فكل شيء ذهب وتلاشى الا الشعر الاندلسي فلا زال وسيبقى نبراسا للشعر العربي .
ان السمة و الحالة الافضل لدى الشعراء العرب قديما وحديثا انهم يحنون الى ماضي مجد امتهم فقد ذهبت الاندلس وعادت لتنام في ظلم وغياهب الجهل الاوربي انذاك وشرد العرب وقتلو ا شر قتل لامثيل له في التاريخ الا انهم احتفظت ذاكرتهم بمجد هذه البلاد وكيف عمروها اكثر من اهلها الاصلاء وذكرالشعراء كل صغيرة وكبيرة في قصائدهم وموشحاتهم التي اضحت من روائع الادب العربي بل والعالمي ايضا .
بعد ضياع الاندلس وجد في الشعر غرض جديد او قل فن جديد من فنون الشعر الا وهو رثاء الاتدلس او هو بالاحرى رثاء الممالك والمدن وكا ن هذا الفن من اهم الاغراض الشعرية حيث كان مواكبًا لحركة الإيقاع السياسي راصدًا لأحداثه مستبطنًا دواخله ومقومًا لاتجاهاته.
وكان قد ا ثبت سلبيات المجتمع الأندلسي بسبب ما انغمس فيه الناس في حياة اللهو والترف. فالصوت الشعري لرثاء الأندلس يخالف الأصوات الشعرية الأندلسية الأخرى التي ألفها أهل الأندلس في الموشحات ووصف الطبيعة و في الغزل وبقية الأغراض الأخرى. فقد كان سقوط مدينة( طليطلة) في أواخر القرن الخامس الهجري بداية المأساة؛ فهي أول بلد إسلامي يدخله الفرنسيون وكان هذا يمثل مصابا عظيما هزّ النفوس هزًا عميقًا. يقول شاعر مجهول يرثي طليطلة في قصيدة مطلعها:
لثُكلكِ كيف تبتسم الثغور
سرورًا بعدما سبيت ثغور
طليطلة أباح الكفر منها
حماها إنّ ذا نبــأ كبـــير

استوقفتني ثلاث قصائد _ وانا اراجع ماعندي بغية الكتابة عن الشعر في الاندلس _ تعد من روائع الشعرالعربي وهزتني هزا عنيفا فاثرت نشرها هنا استكما لا لبحثي عن الشعرالعربي في بلاد الاندلس ولتكون خاتمة له.
اما الاولى فهي للشاعر عبد المجيد بن عبدون أبو محمد الفهري فقد روي عن أبي عاصم بن أيوب وأبي مروان بن سراج والأعلم الشنتمري ان ابن عبدون توفي سنة عشرين وخمسمائة هجرية وكان أديبا شاعرا كاتبا مترسلا عالما بالخبر والأثر ومعاني الحديث وقد أخذ الناس عنه وله مصنف في الانتصار لأبي عبيد على ابن قتيبة ومن شعره قصيدته الرائية التي رثى بها ملوك بني الأفطس اذ يحشد ابن عبدون الكثير من أحداث التاريخ وتقلباته ويحكي ما أصاب الدول والممالك من مآسٍ ومحن متخذا من ذلك سبيلا للعظة والتأسي. وتمتاز القصيدة على طولها بحدسية تاريخية شعرية قوية وعاطفة جياشة يقول فيها:
الدهر يفجع بعد العين بالأثر
فما البكاء على الأشباح والصور

أنهاك أنهاك لا آلوك موعظة
عن نومة بين ناب الليث والظفر

فالدهر حرب وإن أبدى مسالمة
والبيض والسود مثل البيض والسمر

ولا هوادة بين الرأس تأخذه
يد الضراب وبين الصارم الذكر

فلا تغرنك من دنياك نومتها
فما صناعة عينيها سوى السهر

ما لليالي أقال الله عثرتنا
من الليالي وخانتها يد الغير

في كل حين لها في كل جارحة
منا جراح وإن زاغت عن النظر

تسر بالشيء لكن كي تغر به
كالأيم ثار إلى الجاني من الزهر

كم دولة وليت بالنصر خدمتها
لم تبق منها وسل ذكراك من خبر

هوت بدارا وفلت غرب قاتله
وكان عضباً على الأملاك ذا أثر

واسترجعت من بني ساسان ما وهبت
ولم تدع لبني يونان من أثر

وألحقت أختها طسماً وعاد على
عاد وجرهم منها ناقض المرر

وما أقالت ذوي الهيئات من يمن
ولا أجارت ذوي الغايات من مضر

ومزقت سبأ في كل قاصية
فما التقى رائح منهم بمبتكر

وأنفذت في كليب حكمها ورمت
مهلهلاً بين سمع الأرض والبصر

ولم ترد على الضليل صحته
ولا ثنت أسداً عن ربها حجر

ودوخت آل ذبيان وإخوتهم
عبساً وغصت بني بدر على النهر

وألحقت بعدي بالعراق على
يد ابنه أحمر العينين والشعر

وأهلكت إبرويزاً بابنه ورمت
بيزدجرد إلى مرو فلم يحر

وبلغت يزدجرد الصين واختزلت
عنه سوى الفرس جمع الترك والخزر

ولم ترد مواضي رستم وقنا
ذي حاجب عنه سعدا في ابنه الغير

يوم القليب بنو بدرفنوا وسعى
قليب بدر بمن فيه إلى سقر

ومزقت جعفراً بالبيض واختلست
من غيله حمزة الظلام للجزر

وأشرفت بخبيت فوق فارعة
وألصقت طلحة الفياض بالعفر

وخضبت شيب عثمان دماً وخطت
إلى الزبير ولم تستح من عمر

ولا رعت لأبي اليقظان صحبته
ولم تزوده إلا الضيح في الغمر

وأجزرت سيف أشقاها أبا حسن
وأمكنت من حسين راحتي شمر

وليتها إذ فدت عمراً بخارجة
فدت علياً بمن شاءت من البشر

وفي ابن هند وفي ابن المصطفى حسن
أتت بمعضلة الألباب والفكر

فبعضنا قائل ما اغتاله أحد
وبعضنا ساكت لم يؤت من حصر

وأردت ابن زياد بالحسين فلم
يبؤ بشسع له قد طاح أو ظفر

وعممت بالظبي فودي أبي أنس
ولم ترد الردى عنه قنا زفر

أنزلت مصعباً من رأس شاهقة
كانت بها مهجة المختار في وزر

ولم تراقب مكان ابن الزبير ولا
راعت عياذته بالبيت والحجر

وأعملت في لطيم الجن حيلتها
واستوسقت لأبي الذبان ذي البخر

ولم تدع لأبي الذبان قاضبه
ليس اللطيم لها عمرو بمنتصر

وأحرقت شلو زيد بعدما احترقت
عليه وجداً قلوب الآي والسور

وأظفرت بالوليد بن اليزيد ولم
تبق الخلافة بين الكأس والوتر

حبابه حب رمان أتيح لها
واحمر قطرته نفحة القطر

ولم تعد قضب السفاح نائبة
عن رأس مروان أو أشياعه الفجر

وأسبلت دمعة الروح الأمين على
دم بفخ لآل المصطفى هدر

وأشرقت جعفراً والفضل ينظره
والشيخ يحيى بريق الصارم الذكر

وأخفرت في الأمين العهد وانتدبت
لجعفر بابنه والأ عبد الغدر

وما وفت بعهود المستعين ولا
بما تأكد للمعتز من مرر

وأوثقت في عراها كل معتمدٍ
وأشرقت بقذاها كل مقتدر

وروعت كل مأمون ومؤتمن
وأسلمت كل منصور ومنتصر

وأعرثت آل عبّاد لعاً لهم
بذيل زباء لم تنفر من الذعر

بني المظفر والأيام لا نزلت
مراحل والورى منها على سفر

سحقاً ليومكم يوماً ولا حملت
بمثله ليلة في غابر العمر

من للأسرة أو من للأعنة أو
من للأسنة يهديها إلى الثغر

من للظبي وعوالي الخط قد عقدت
أطراف ألسنها بالعي والحصر

وطوقت بالمنايا السود بيضهم
فأعجب لذاك وما منها سوى الذكر

من لليراعة أو من للبراعة
أو من للسماحة أو للنفع والضرر

أو دفع كارثة أو ردع آزفة
أو قمع حادثة تعيا على القُدر

ويب السماح وويب البأس لو سلما
وحسرة الدين والدنيا على عمر

سقت ثرى الفضل والعباس هامية
تعزى إليهم سماحاً لا إلى المطر

ثلاثة ما أرى السعدان مثلهم وأخبر
ولو غززوا في الحوت بالقمر

ثلاثة ما ارتقى النسران حيث رقوا
وكل ما طار من نسر ولم يطر

ثلاثة كذوات الدهر منذ نأوا عني
مضى الدهر لم يربع ولم يحر

ومر من كل شيء فيه أطيبه
حتى التمتع بالآصال والبكر

أين الجلال الذي غضت مهابته
قلوبنا وعيون الأنجم الزهر

أين الإباء الذي أرسوا قواعده
على دعائم من عز ومن ظفر

أين الوفاء الذي أصفوا شرائعه
فلم يرد أحد منها على كدر

كانوا رواسي أرض الله منذ مضوا
عنها استطارت بمن فيها ولم تقر

كانوا مصابيحها فمذ خبوا عثرت
هذي الخليقة يا لله في سدر

كانوا شجى الدهر فاستهوتهم خدع
منه بأحلام عاد في خطى الحضر

ويل أمه من طلوب الثأر مدركه
منهم بأسد سراة في الوغى صبر

من لي ولا من بهم إن أظلمت
نوبٌ ولم يكن ليلها يفضي إلى سحر

من لي ولا من بهم إن عطلت
سنن وأخفيت ألسن الآثار والسير

من لي ولا من بهم إن أطبقت محنٌ
ولم يكن وردها يدعو إلى صدر

على الفضائل إلا الصبر بعدهم
سلام مرتقب للأجر منتظر

يرجو عسى وله في أختها أمل
والدهر ذو عقب شتى وذو غير

قرطت آذان من فيها بفاضحة
على الحسان حصى الياقوت والدرر

سيارة في أقاصى الأرض قاطعة
شقاشقاً هدرت في البدو والخضر

مطاعة الأمر في الألباب قاضية
من المسامع ما لم يقض من وطر

ثم الصلاة على المختار سيدنا
المصطفى المجتبى المبعوث من مضر

والآل والصحب ثم التابعين له
ما هب ريح وهل السحب بالمطر
_____________

اما القصيدة الثانية فهي نونية أبي البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي المتوفي سنة -684 هـ - 1285 م) و هو من أبناء
(رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وإليها نسبته. وقيل انه من حفظة الحديث وانه من الفقهاء ايضا وقد كان بارعا في نظم الكلام شعرا ونثرا . وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من المرينيين عندما أخذ ابن الأحمر محمد بن يوسف أول سلاطين غرناطة في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقونه في حكمه غير المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس... فهي واسطة العقد في شعر رثاء المدن وأكثر نصوصه شهرة وأشدها تعبيرا عن الواقع. فهي ترثي الأندلس فتصور ما حلّ بالأندلس من خطوب جليلة لا عزاء فيها ولا تأسٍ دونها وكيف ضاعت قرطبة دار العلوم، وإشبيليا مهد الفن، وحمص مهبط الجمال،وكيف سقطت أركان الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكيف أَقفرت الديار من الإسلام فصارت المساجد كنائس وغدا صوت الأذان صوت ناقوس!، ثم يهيب أبو البقاء الرندي بفرسان المسلمين عبر عدوة البحر إلى المسارعة لنجدة الأندلس والمسلمين. والقصيدة بعنوان رثاء الاندلس يقول فيها:
لـكل شـيءٍ إذا مـا تـم نقصانُ
فـلا يُـغرُّ بـطيب العيش إنسانُ

هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ
مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتهُ أزمانُ

وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد
ولا يـدوم عـلى حـالٍ لها شان

يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ
إذا نـبت مـشْرفيّاتٌ وخُـرصانُ

ويـنتضي كـلّ سيف للفناء ولوْ
كـان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان

أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
وأيـن مـنهم أكـاليلٌ وتيجانُ ؟

وأيـن مـا شـاده شـدَّادُ في إرمٍ
وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟

وأيـن مـا حازه قارون من ذهب
وأيـن عـادٌ وشـدادٌ وقحطانُ ؟

أتـى عـلى الـكُل أمر لا مَرد له
حـتى قَـضَوا فكأن القوم ما كانوا

وصـار ما كان من مُلك ومن مَلِك
كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ

دارَ الـزّمانُ عـلى (دارا) وقاتِلِه
وأمَّ كـسـرى فـما آواه إيـوانُ

كـأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ
يـومًا ولا مَـلكَ الـدُنيا سُـليمانُ

فـجائعُ الـدهر أنـواعٌ مُـنوَّعة
ولـلـزمان مـسرّاتٌ وأحـزانُ

ولـلـحوادث سُـلـوان يـسهلها
ومـا لـما حـلّ بالإسلام سُلوانُ

دهـى الـجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له
هـوى لـه أُحـدٌ وانـهدْ ثهلانُ

أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ
حـتى خَـلت مـنه أقطارٌ وبُلدانُ

فـاسأل(بلنسيةً) ما شأنُ(مُرسيةً)
وأيـنَ(شـاطبةٌ) أمْ أيـنَ (جَيَّانُ)

وأيـن (قُـرطبة)ٌ دارُ الـعلوم فكم
مـن عـالمٍ قـد سما فيها له شانُ

وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ
ونـهرهُا الـعَذبُ فـياضٌ وملآنُ

قـواعدٌ كـنَّ أركـانَ الـبلاد فما
عـسى الـبقاءُ إذا لـم تبقَ أركانُ

تـبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ
كـما بـكى لـفراق الإلفِ هيمانُ

عـلى ديـار مـن الإسلام خالية
قـد أقـفرت ولـها بالكفر عُمرانُ

حيث المساجد قد صارت كنائسَ
مافـيـهنَّ إلا نـواقيسٌ وصُـلبانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ
حـتى الـمنابرُ ترثي وهي عيدانُ

يـا غـافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ
إن كـنت فـي سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ

ومـاشيًا مـرحًا يـلهيه مـوطنهُ
أبـعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟

تـلك الـمصيبةُ أنـستْ ما تقدمها
ومـا لـها مع طولَ الدهرِ نسيانُ

يـا راكـبين عتاق الخيلِ ضامرةً
كـأنها فـي مـجال السبقِ عقبانُ

وحـاملين سـيُوفَ الـهندِ مرهفةُ
كـأنها فـي ظـلام الـنقع نيرانُ

وراتـعين وراء الـبحر في دعةٍ
لـهم بـأوطانهم عـزٌّ وسـلطانُ

أعـندكم نـبأ مـن أهـل أندلسٍ
فـقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم
قـتلى وأسـرى فما يهتز إنسان؟

لمـاذا الـتقاُطع في الإسلام بينكمُ
وأنـتمْ يـا عـبادَ الله إخـوانُ ؟

ألا نـفـوسٌ أبَّـياتٌ لـها هـممٌ
أمـا عـلى الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ

يـا مـن لـذلةِ قـومٍ بعدَ عزِّهمُ
أحـال حـالهمْ جـورُ وطُـغيانُ

بـالأمس كـانوا ملوكًا في منازلهم
والـيومَ هـم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ

فـلو تـراهم حيارى لا دليل لهمْ
عـليهمُ مـن ثـيابِ الـذلِ ألوانُ

ولـو رأيـتَ بـكاهُم عـندَ بيعهمُ
لـهالكَ الأمـرُ واستهوتكَ أحزانُ

يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ حـيلَ بينهما
كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ

وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت
كـأنـما هي يـاقـوتٌ ومـرجـانُ

يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً
والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ

لـمثل هـذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ
إن كـان فـي القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
_______________

اما القصيدة الثالثة فهي للشاعرعبد الله محمد محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار والمتوفي سنة 658 هجرية - 1260ميلادية وهو مؤرخ وشاعر أندلسي وكان عالماً في الفقه والحديث, بصيراً بالرجال والتاريخ, مُِجيداً في البلاغة والإنشاء, عمل في دوواوين الكتابة لبعض ولاة الموحدين, ولد ب(بلنسية )بالأندلس دخل في خدمة بني عبد المؤمن، وفي 635 هـ أوفده زيان بن مردنيش إلى أبي زكريا الحفصي سلطان تونس الذي دخل في خدمته فيما بعد .
رحل عن بلنسية عندما احتلها الإفرنج واستقر بتونس ودخل في خدمة أبو زكريا و عندما مات أبو زكريا خلفه ابنه المستنصر فرفع مكانته الا ان حساده كثروا وقيل انهم نظموا بياتا من الشعر باسم ابن الابار يعيب فيها الخليفة المتنتصر ويهجوه فامر بقتله . وهذه القصيدة هي \

أدركْ بـخـيــلــك خـــيـــل الله أنــدلــســا
إن السـبـيـل إلــــى منـجـاتـهـا دَرَسَــــا

وهب لها من عزيز النصر ما التمست
فلـم يــزل مـنـك عــز النـصـر ملتمَـسـا

وحــــاشِ مــمــا تـعـانـيـه حُـشـاشـتـهـا
فطالـمـا ذاقــت البـلـوى صـبـاح مـســا

يــا للجـزيـرة أضـحــى أهـلـهـا جـــزرا
ًلـلـحـادثـات وأمــســى جــدهــا تـعـســا

فــــي كــــل شــارقــة إلــمــام بـائــقــة
يـعـود مأتـمـهـا عـنــد الـعــدى عُـرُســا

وكـــــل غــاربـــة إجـــحـــاف نــائــبــة
تثنـي الأمـان حِــذاراً والـسـرور أســى

تـقـاسـم الـــروم لا نـالــت مقـاسِـمُـهـمإ
لا عـقـائـلـهـا الـمـحـجـوبـة الأنـــســـا

وفـــــي بـلـنـسـيـةٍ مـنــهــا وقــرطــبــةٍ
ما ينسف النفْـس أو مـا ينـزف النَّفَسـا

مــدائــنٌ حـلـهــا الإشــــراك مبـتـسـمـاً
جـــذلان وارتـحــل الإيــمــان مبـتـئـسـا

وصيّـرتـهـا الـعــوادي العـابـثـات بـهــا
يستوحش الطرف منها ضعف ما أنسـا

فـمـن دسـاكـر كـانــت دونـهــا حـرســا
ومـــن كـنـائـس كـانــت قبـلـهـا كـنـسـا

يـــا للمـسـاجـد عـــادت لـلـعـدى بـيـعــا
ًولـلـنــداء غـــــدا أثـنــاءهــا جَــرَســـا

لهـفـي عليـهـا إلــى استـرجـاع فائتـهـا
مـدارســاً للمـثـانـي أصـبـحـت دُرُســــا

وأربُــعٍ نمـنـمـت يـمـنـى الـربـيـع لـهــا
مــا شـئـت مــن خِـلَـعٍ مَوْشـيّـة وكُـسَـا

كــانــت حــدائــق لــلأحــداق مـونــقــة
فصَـوَّحَ النضـرُ مــن أدواحـهـا وعـسـا

وحـال مــا حولـهـا مــن منـظـر عـجـب
يستجلـس الركـب أو يستركـب الجُلُسـا

سرعان ما عاث جيش الكفـر وا حربـا
عيـث الدَّبَـى فـي مغانيهـا الـتـي كبـسـا

وابـــتـــز بــزتــهــا مـــمـــا تـحـيَّـفــهــا
تحيُّـف الأســد الـضـاري لـمـا افتـرسـا

فـأيـن عـيـشٌ جنـيـنـاه بـهــا خـضــراً؟!
وأيــن غـصـن جنيـنـاه بـهــا سـلـسـا؟!

مـحــا محاسـنَـهـا طــــاغٍ أتــيــح لــهــا
مـا نـام عـن هضمهـا يـومـاً ولا نعـسـا

ورجّ أرجــاءهــا لــمــا أحـــــاط بــهـــا
فـغـادر الـشُّـم مـــن أعـلامـهـا خُـنُـسـا

خــلا لــه الـجــو فـامـتـدت يـــداه إلـــى
إدراك مــا لــم تـطـأ رجـــلاه مختـلـسـا

وأكــثــر الــزعــم بالتـثـلـيـت مـنـفــرداً
ولــو رأى رايــة التـوحـيـد مـــا نـبـسـا

صِـلْ حبلهـا أيهـا المولـى الرحيـم فـمـا
أبقـى الـمـراس لـهـا حـبـلا ولا مـرسـا

وأحـــي مـــا طـمـســت مــنــه الــعــداة كما
أحييت من دعوة المهدي ما طمسا

اـــامَ سِـــرْتَ لـنـصـر الـحــق مقتـبـسـاً
وبــتَّ مــن نــور ذاك الـهـدي مقتـبـسـا

وقــمــت فـيـهــا بــأمــر الله مـنـتـصـرا
كالصـارم اهتـز أو كالعـارض انبجـسـا

تمحـو الـذي كتـب التجسـيـم مــن ظـلـمٍ
والـصـبـح مـاحـيــة أنــــواره الـغـلـسـا

وتقـتـضـي الـمـلــك الـجـبــار مـهـجـتـه
يـوم الوغـى جـهـرة لا تـرقـب الخلـسـا

هــذي وسائلـهـا تـدعــوك مـــن كـثــب
وأنـــت أفـضــل مـرجــوّ لـمــن يـئـســا

وافَــتْــكَ جــاريــةً بـالـنـجــح راجــيـــةً
منـك الأمـيـرَ الـرضـا والسـيـدَ النَّـدِسـا

خـاضـت خـضـارة يعلـيـهـا ويخفـضـهـا
عـبـابـه فـتـعـانـي الـلـيــن والـشـرَســا

وربــمــا سـبـحــت والــريـــح عـاتــيــة
كـمـا طـلـبـتَ بـأقـصـى شـــده الـفـرسـا

تـؤم يحيـى بـن عبـد الـواحـد بــن أبــي
حـفــص مقـبّـلـة مـــن تـربــه الـقـدسـا

مــلـــك تـقــلــدت الأمـــــلاك طـاعــتــه
ديـنـا ودنـيــا فغـشـاهـا الـرضــا لـبـسـا

مــن كــل غــادٍ عـلـى يمـنـاه مستـلـمـا
وكـــل صـــادٍ إلــــى نـعـمــاه ملـتـمـسـا

مــؤيــد لــــو رمــــى نـجــمــاً لأثـبــتــه
ولــو دعــا أفـقـا لـبــى ومـــا احتـسـبـا

تالله إن الـــذي تُـرجَــى الـسـعـودُ لــــهم
ما جال في خـلـد يومـاً ولا هجسـا

إمــــارة يـحــمــل الـمــقــدار رايـتــهــا
ودولـــة عِـزُّهــا يستـصـحـب الـقـعـسـا

يبـدي النـهـار بـهـا مــن ضـوئـه شنـبـا
ويـطـلـع الـلـيـل مـــن ظلـمـائـه لَـعَـسـا

مـاضـي العزيـمـة والأيــام قـــد نـكـلـت
طلـق المحيـا ووجـه الدهـر قـد عبـسـا

كــأنـــه الــبـــدر والـعـلـيــاء هــالــتــه
تحـف مـن حولـه شـهـب القـنـا حـرسـا

تدبـيـره وســـع الـدنـيـا ومـــا وسـعــت
وعرف معروفـه واسـى الـورى وأسـا

قامـت علـى العـدل والإحسـان دعـوتـه
وأنشـرت مـن وجـود الجـود مـا رمسـا

مـــبـــاركٌ هـــديـــه بــــــادٍ سـكـيـنــتــه
مــا قــام إلا إلـــى حـسـنـى ولا جـلـسـا

قــــد نــــوَّر الله بـالـتـقــوى بـصـيـرتــه
فـمـا يبـالـي طــروق الخـطـب ملتـبـسـا

َبَــرى العـصـاةَ وراش الطائعـيـن فـقـل
فـي الليـث مفترسـا والغـيـث مرتجـسـا

ولـــم يـغــادر عـلــى سـهــل ولا جـبــل
حــيّـــاً لـقــاحــاً إذا وفــيــتَــه بَــخَــســا

فـــرُبَّ أصــيــدَ لا تـلـفــي بــــه صَــيَــداً
ورُبّ أشـــوسَ لا تـلـقـى لـــه شــوســا

إلــى المـلائـك ينـمـى والـمـلـوك مـعــاً
فـي نبـعـة أثـمـرت للمـجـد مــا غـرسـا

مـن ساطـع النـور صــاغ الله جـوهـره
وصـــان صيـغـتـه أن تـقــرب الـدنـســا

لـــه الـثــرى والـثـريـا خـطـتــان فــــلا
أعــز مــن خطتـيـه مــا سـمــا ورســـا

حسب الـذي بـاع فـي الأخطـار يركبها
إلـيــه مَـحْـيـاه أن الـبـيـع مـــا وكــســا

إن السـعـيـد امـــرؤ ألـقــى بـحـضـرتـه
عـصــاه محـتـزمـاً بـالـعـدل مـحـتـرسـا

فـظــل يـوطــن مـــن أرجـائـهـا حـرمــا
وبـــات يـوقــد مـــن أضـوائـهـا قـبـسـا

بشـرى لعبـد إلـى الـبـاب الكـريـم حــدا
آمـالـه ومــن الـعــذب المـعـيـن حـســا

كـأنـمــا يـمـتـطـي والـيـمــن يـصـحـبــه
مـــن الـبـحـار طـريـقـا نــحــوه يـبـســا

فاستـقـبـل الـسـعـد وضــاحــا أســرَّتــه
من صفحة غاض منها النور فانعكسـا

وقــبّـــل الــجـــودَ طـفــاحــاً غــواربـــه
من راحة غاص فيهـا البحـر فانغمسـا

يــا أيـهـا المـلـك المنـصـور أنــت لـهـا
علـيـاء تـوسـع أعــداء الـهـدى تعـسـا

وقـــد تـواتــرت الأنــبــاء أنــــك مَــــنْ
يُحـيـي بقـتـل مـلــوك الـصـفـر أنـدلـسـاً

طـهّــر بـــلادك مـنـهــم إنــهــم نــجــس
ولا طـهـارة مـــا لـــم تـغـسـل النـجـسـا

وأوطِـــئ الفـيـلـق الــجــرار أرضــهــم
حـتـى يطـاطِـئ رأســاً كــل مــن رأســا

وانصـر عبيـداً بأقصـى شرقهـا شرقـت
عيونـهـم أدمـعـاً تهـمـي زكـــاً وخَـسَــا

فامـلأ، هنيـئـاً لــك التمكـيـن، ساحتـهـا
جُـــرْداً ســلاهــب أو خَـطّـيّــة دُعُــســا

واضــرب لـهـا مـوعـداً بالفـتـح ترقـبـه
لعـل يــوم الأعــادي قــد أتــى وعـسـى
_________
عسى ان وفقت في مسعاي بعض الشيء والله الموفق









الفصل السابع



نماذج من الشعر العربي في الاندلس


يقول الشاعر ابن زيدون ذاكرا ا يام صباه وشوقه وحبه
لولادة ابنة المستكفي حبيبته في قرطبة –

تنشق من عرف الصبا ما تنشقا
وعاوده ذكر الصبا فتشوقا

وما زال لمع البرق لما تاءلقا
يعيب بدمع العين حتى تدفقا

وهل يملك الدمع المشوق المصبأ

----------------------------

خليلي ان اجزع فقد وضح العذر
وان استطع صبرا فمن شيمتي الصبر

وان يك رزاءا ما اصاب به الدهر
ففي يومنا خمر وفي غده امر

ولا عجب ان الكريم مرزأ

------------------------------------
رمتني الليالي عن قسي النوائب
فما اخطاءتني مرسلات المصائب

اقضي نهاري بالاماني الكواذب
واوي الى ليل بطيء الكوا كب

وابطاء سار كوكب بات يكلأ

----------------------------------

اقرطبة الغراء هل فيك مطمع
وهل كبد حرى لبينك تنقع

وهل للياليك الحميدة مرجع
اذ الحسن مراءى فيك واللهو مسمع

واذ كنف الدنيا لديك موطأ

--------------------------------------


ومن قول الشاعرة حمدة بنت زياد الا ندلسية نقرأ هذه
الابيات الرائعة-

وقانا لفحة الرمضاء واد
سقاه مضاعف العيش العميم

نزلنا دوحه فحنا علينا
حنو المرضعات على الفطيم

وقفنا على ظماء زلا لا
الذ من المدامة للند يم

يصد الشمس انى واجهتنا
فيحجبها وباءذن للنسيم

تروع حصاه حالية العذارى
فتلمس جانب العقد النظيم


-------------------------------


ومن شعرالشاعر الامير المعتمد بن عباد الذي قاله في الاسر بعد ان نكبه الدهر وزال ملكه :-

لما تملكت الدموع وتنهنه القلب الصديع

قالوا الخضوع سياسة فليبد منك لهم خضوع

والذ من طعم الخضو ع على فمي السم النقيع

ان تستلب مني الدنا ملكي وتسلمني الجموع

فالقلب بين ضلوعه لم تسلم القلب الضلوع

لم استلب شرف الطبا ع ايسلب الشرف الرفيع

قد رمت يوم نزالهم ان لاتحصنني الدروع

وبرزت ليس سوىالقميص عن الحشا شيء دفوع

وبذلت نفسي كي تسيل كما يسيل بها النجيع

اجلي تاءخر لم يكن بهواي ذلي والخضوع

ماسرت قط الى القتا ل وكان من املي الرجوع

شيم الاولى اانا منهم والاصل تتبعه الفروع

------------------------------------------

ومن قصيدة للشاعر الحصري على وزن جديد في العربية

يقول الحصري في قصيدته:-

ياليل الصب متى غده اقيام الساعة موعده

رقد السمار وارقه اسف للبين يردده

فبكاه النجم ورق له مما يرعاه ويرصده

كلف بغزال ذي هيف خوف الواشين يشر ده

نصب عيناي له شركا في النوم فعز تصيده

وكفى عجبيا اني قنص للسرب سباني اغيده

صنم للفتنة منتصب اهواه ولا اتعبده

صاح الخمر جنى فمه سكران اللحظ معربده

ينضو من مقلته سيفا وكاءن نعاسا يغمده

فيريق دم العشاق به والويل لمن يتقلد ه

يامن جحدت عيناه دمي وعلى خديه تورده

خداك قد اعترفا بدمي فعلام جفونك تجحده

بالله هب المشتاق كرى فلعل خيالك يسعده

وقد انشد الشاعر احمد شوقي على غر اترها قصيدته المغتاة
التي مطلعها \

مضناك جفته مرقده بكاه ورحم عوده

وقد نظمت في هذا الوزن قصيدتي

جمالك العذال تحسده
--------------------------------------

ومن موشح لابراهيبم بن سهل الملقب بالاسرائيلي يقول فيه-

يا باخلا لا اذم ما فعلا
صيرت عندي محبة البخلا مذهب

يامنيتي وال منى من الخدع
مانلت سؤلي ولاالفؤاد معي
هل عنك صبرا او فيك من طمع

افنيت فيك الدموع والحيلا
فلا سلو في الحب ولا موا

------------------------------------------

انتهى الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث باذن الله تعالى