الخميس، 9 مايو 2013

مدينة بلدروز في الذاكرة - تاليف السيد فالح نصيف الحجية







مدينة بلدروز في الذاكرة - تاليف - فالح نصيف الحجية


مدينة بلدروز في الذاكرة \ تا ليف - السيد فالح نصيف الحجية


مدينة بلدروز في الذاكرة - تاليف - السيد فالح نصيف الحجية





مدينة بلدروز في الذاكرة - تاليف - السيد فالح نصيف الحجية


مدينة بلدروز في الذاكرة -- تاليف \ فالح نصيف الحجية


مدينة بلدروز في الذاكرة - تاليف - فالح نصيف الحجية


موسوعة التفسير الموضوعي للقران الكريم \ 6 يوم القيامة في القرآن الكريم تاليف فالح نصيف الحجية - القسم الاخير من الجزء الثاني







           يوم القيامة في سورة المجادلة

                       1
      
                    بسم الله الرحمن الرحيم

( لاتَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ  وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ   أُولَئِكَ  كَتَبَ  فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22))

                                           سورة المجادلة  الاية \ الاخيرة

 الحمد لله \
 
          الخطاب في هذه الاية المباركة موجه الى الحبيب  المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  يبلغه الله  تعالى  انه لا يجتمع  الايمان  ومحبة الكافرين او المشركين  في قلب واحد  فلا يكون العبد مؤمنا بالله تعالى  واليوم الآخراو يوم القيامة حقيقة  إلا  كان عاملا على مقتضى الإيمان  ولوازمه  من محبة  من قام  بالإيمان  وموالاته وبغض من  لم  يقم به ومعاداته  ولو كان أقرب الناس إليه.

          وهذا هو الإيمان  الحقيقي  الذي  وجدت  ثمرته  والمقصود منه وأهل هذا الوصف هم الذين كتب الله  تعالى  في قلوبهم الإيمان حيث  رسمه  وثبته  وغرسه غرسا  ثابتا  لا  يتزلزل  ولا تؤثر  فيه  الشبهات والشكوك.وهم الذين ثبتهم الله بروح منه بوحيه، ومعونته، ومدده الإلهي وإحسانه الرباني فهؤلاء هم ا لذين لهم الحياة الطيبة في الحياة الدنيا.  ولهم جنات النعيم في في الحياة الاخرى التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وترغب ولهم أكبر النعيم وأفضله وهو أن الله يحل عليهم رضوانه  فلا  يسخط  عليهم أبدا  ويرضى عنهم ربهم  بما وهبهم من النعم و أنواع الكرامات ووافر المثوبات وجزيل الهبات ورفيع  الدرجات بحيث لا يرون فوق ما أعطاهم مولاهم غاية، ولا فوقه نهاية .

          وأما  من  كان  يؤمن  بالله واليوم الآخر وهو مع ذلك محب او  مواد  او متودد  لأعداء  الله  وحب من تركوا الايمان  ولو كانوا  اباءهم  او اخوانهم  او اقاربهم  او من عشيرتهم  فإن إيمانه ناقص لا حقيقة  له  فإن  كل  أمرلابد  له  برهان  يصدقه  فامر المحب للكافرين  مجرد دعوى مع  نقص  في ايمانه   لا يفيد ه شيئا  ولا  يصدق صاحبه .

        لذا فمن اخلص ايمانه  لله تعالى   لا يفضل احدا على الذين امنوا  بالله تعالى وعلامته  محبته  لله  ورسوله  وللمؤمنين  وهؤلاء هم حزب الله  اي  جماعته  ادخلهم في رعايته  وعنايته ملأ قلوبهم بالايمان  وانعم عليهم في الحياةالدنيا انهم هم الغالبون وانعم عليهم  في الاخرة اذ منّ عليهم بالنعيم وجعلهعم من اصحاب الجنة  .


                    *************************            

















            يوم القيامة في سورة  الممتحنة   

                         1 
             
                       بسم الله الرحمن الرحيم


  ( لَنْ تَنْفَعَكُمْ  أَرْحَامُكُمْ وَلا  أَوْلَادُكُمْ   يَوْمَ  الْقِيَامَةِ  يَفْصِلُ  بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كَانَتْ  لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا  بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6))
                                                                                                          ا                                                   ا لممتحنة الايات \3- 6

 الحمد لله\

         ذكر كثير من المفسرين رحمهم الله   أن سبب نزول هذه الآيات الكريمة  كان   في قصة حاطب بن أبي بلتعة، حين حين  اراد  النبي محمد  صلى الله عليه وسلم ان  يغزو قريش وهي ( غزوة الفتح )  فكتب حاطب إلى قريش  يخبرهم بمسير النبي  صلى الله عليه وسلم لغزوهم ليتخذ بذلك يدا عندهم  ومكانة ولكي لا  ينال  اولاده  واقاربه  من  مشركي مكة  اذى بسبب اسلامه  يحذرهم من  ان النبي محمد صلى  الله عليه وسلم  انه قادم عليهم  بجيش وأرسله مع امرأة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشأنه  فأرسل إلى المرأة قبل وصولها وأخذ منها الكتاب.

          وعاتب النبي  صلى  الله عليه وسلم  حاطبا  فاعتذر رضي الله عنه بعذر قبله النبي  صلى الله عليه وسلم  وهذه  الآيات  فيها  النهي الشديد عن موالاة  الكفار من المشركين وغيرهم وإلقاء المودة إليهم ومحبتهم  وأن ذلك مناف للإيمان، ومخالف لملة  إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ومناقض للعقل الذي يوجب الحذر كل الحذر من العدو الذي لا يبقي من مجهوده في العداوة شيئا وينتهز الفرصة في إيصال الضرر إلى عدوه .(فلا  تتخذوا عدو الله  وَعَدُوَّكُمْ  أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ )  فلا تسارعون في  توادهم  فإن المودة  إذا حصلت  تبعتها  النصرة  والموالاة  ومن يفعل ذلك فقد   خرج  من الإيمان ومن خرج الايمان  من قلبه  اصبح  من جملة أهل الكفر وانفصل عن أهل  الإيمان.  حيث  أنهم  كفروا  بالحق الذي لا شك فيه  ولا  مرية ومن  رد الحق فمحال أن يوجد له دليل أو حجة تدل على صحة قوله  بل مجرد العلم بالحق  يدل على  بطلان  قول من رده وفساده.

          ومن عداوتهم  البليغة  أنهم ( يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) أيها المؤمنون من دياركم  ويشردونكم من أوطانكم ولا ذنب لكم  في ذلك عندهم  إلا أنكم  تؤمنون  بالله تعالى  ربكم الذي يتعين على الخلق كلهم القيام  بعبوديته لأن   الله تعالى  ربهم  أنعم عليهم  بالنعم   الظاهرة والباطنة . فلما أعرضوا عن هذا الأمر الذي هو أوجب الواجبات وقمتم  به  عادوكم  وأخرجوكم -  من أجله - من  دياركم  فأي دين  وأي مروءة وعقل  يبقى مع العبد إذا والى الكفار الذين هذا وصفهم في كل زمان أو مكان  ولا  يمنعهم  منه إلا خوف  أو مانع  قوي.

        فإن كان خروجكم   مقصود  به الجهاد في سبيل الله  لإعلاء  كلمة الله تعالى  وابتغاء مرضا ته فاعملوا بمقتضى هذا  الامر من موالاة أولياء الله  ومعاداة  أعدائه  فإن هذا هو الجهاد في  سبيله  وهو من  أعظم  ما يتقرب به المتقربون إلى ربهم ويبتغون ازاء اعمالهم  رضى الله تعالى .
  فكيف  تسرون  المودة  للكافرين  وتخفونها  مع علمكم أن الله تعالى عالم  بما  تخفون وما تعلنون  فهو وإن خفي على المؤمنين  فلا يخفى على الله تعالى  وسيجازي العباد  يوم القيامة  كل  بما عمله  من الخير والشر ( وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْهم) اي من المؤمنين  في  موالاة  الكافرين   بعد ما حذرهم الله تعالى  منهم  فقد كفر ( وضَلَّ سَوَاءَ  السَّبِيل) لأنه سلك مسلكا  مخالفا  لامر الله تعالى ومخالفة  للعقل والمروءة الإنسانية.

            ثم   يبين الله  تعالى شدة عداوة الكافرين  تهييجا  للمؤمنين على عداوتهم    فقال   تعالى ( إِنْ يَثْقَفُوكُمْ )  أي: ان  يجدوكم  ا وتسنح   لهم الفرصة المؤاتية  في أذاكم (  يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً ) ظاهرين(وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ) بالقتل اوالضرب  ( وَأَلْسِنَتَهُمْ  بِالسُّوءِ )  بالقول   الذي   يجلب السوء على  المؤمنين  من شتم واذى ( وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) اي ان غاية ما يرومونه هو رجوع المؤمنين  عن الايمان الى الكفر   .

     اما اذا قال  الموالون لهم من المؤمنين :  نوالي الكفار لأجل القرابة والأموال  والتعامل التجاري  فان هذه الامور لن  تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا.( والله بما تعملون بصير) فالله تعالى حذرهم من ذلك  لانها  تضرهم هذه  الموالات والله تعالى اعلم بهم .

           وقد  كان لهم  قدوة حسنة  صالحة واتمام منفعة في  نبي الله  إِبْرَاهِيمَ  عليه السلام  ومن  مَعَهُ  من  المؤمنين    لأنهم قد  أمرهم  أن يتبعوا  ملة  إبراهيم حنيفا حيث  إِذْ  (قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ  مِنْ  دُونِ  اللَّهِ )  إذ  تبرأ  إبراهيم عليه السلام  ومن معه  من المؤمنين من قومهم المشركين  ومن كل ما  يعبدون  من دون الله. حيث  قال ابراهيم  عليه السلام  والمؤمنون  معه  لأ قاربهم  الكفار  نحن براء منكم  وقد  كفرنا  بكم  وظهرت  بيننا  وبينكم العداوة  والبغضاء  وبوجود العدا وة والبغضاء ذهبت  محبة الكافرين من قلوبهم  وحل محلها  العداوة بينهم والبغضاء لهم في قلوبهم  ولا محبة لهم في قلوب المؤمنين الا بعد ان تؤمن  قلوبهم  ويعلنون اسلامهم  ويعبدون الله  تعالى  وحده.

      الا قول ابراهيم لابيه  آزر الذي لم يؤمن بالله تعالى  وبقي مصرا على كفره  حين  وعده  ابنه  ابراهيم عليه السلام قائلا  ( لاستغفرن لك ولا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ )  لكني سأدعو  ربي عسى  أن لا أكون بدعاء ربي شقيا  فليس لهم أن يقتدوا  بإبراهيم عليه السلام  في  هذه  الحالة التي  دعا  بها المؤمن  للمشرك وهو ابوه  فليس للمؤمنين  أن يدعوا  للمشركين  ابدا  .  حيث ان استغفار  ابراهيم عليه السلام  لابيه ازر  كان  عن وعد  وعده  له . فلما رآه  انه مستمر  بالكفر  وانه  عدو  لله   تعالى  وكافر به  تبرأ منه اي تبرأ من ابيه  لكفره  .
 
         وللمؤمنين  قدوة  وأسوة  حسنة  في إبراهيم  عليه السلام  ومن  معه  من المؤمنين  حين دعوا  الله وتوكلوا  عليه  وأنابوا إليه  فقالوا( رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا )  والتوكل هو الاعتماد  اي  اعتمدنا عليك في ما ينفعنا ودفع  الضر عنا ، ووثقنا بك يا ربنا في ذلك واسعة وكبيرة ( وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا ) أي: رجعنا إلى طاعتك ومرضاتك وجميع ما يقربنا  إليك، فنحن في ذلك قائمون وبفعل الخيرات مجتهدون وقولهم ( رَبَّنَا لا  تَجْعَلْنَا   فِتْنَةً  لِلَّذِينَ كَفَرُوا )  أي: لا تسلطهم  علينا  بذنوبنا،  فيفتنونا  ويمنعونا  ويؤذ ننا قدر استطاعتهم عن  الإيمان، ويفتنون  أيضا  بأنفسهم   فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة  ظنوا أنهم على الحق وأنا على الباطل فازدادوا كفرا وطغيانا ربنا واغفر لنا ذنوبنا  وسيئاتنا  فانت  القادر القاهر لكل شيء والْحَكِيمُ  الذي يضع الأشياء مواضعها فبعزتك  وحكمتك  ر بنا انصرنا على أعدائنا واغفر لنا  ذنوبنا  واجعلنا  من المؤمنين .

        فمن  يؤمن بالله واليوم الاخر وهو يوم القيامة اي يؤمن بالبعث والنشور والحياة من بعد الموت  عليه ان يتخذ اصحاب ابراهيم عليه السلام اسوة  وقد وة  حسنة  في  سبيل  الإيمان والثواب  فانه   يسهل على العبد كل عسير ويوجب  له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين والأنبياء والمرسلين  فإنه يرى نفسه مفتقرا ومضطرا إلى ذلك غاية الاضطرار.

 واما  مَنْ يَتَوَلَّ عن طاعة الله تعالى  والتأسي برسل الله تعالى  فلن يضر احدا  إلا نفسه ولا يضر الله تعالى  شيئا لان   اللَّه  تعالى َ هُوَ الْغَنِيُّ   له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه  فلا يحتاج إلى أحد من خلقه  و الحَمِيدُ  في ذاته  وأسمائه   وصفاته وأفعاله  فانه على  كل  شيئ  قدير .
 والله تعالى اعلم


**********************   

  2

 بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13))

                                   الممتحنة   الاية  \ الاخيرة

 الحمد لله \

    يخاطب الله تعالى  المؤمنين   ايها المؤمنون إن كنتم مؤمنين بربكم ومتبعين لرضاه ومجانبين لسخطه (لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ )  وهم الكافرون  والخارجون عن طاعته   فان الله  تعالى لا يغضب على العبد الا  ان كان  كافرا او مشركا او فاسقا   وهم الذين حرم الله  تعالى عليهم  الجنة  وهذا شامل لجميع أصناف الكفار وهم يعلمون بذلك  لذا  فصفتهم  انهم   قَدْ ( يَئِسُوا مِنَ الاخِرَةِ)  و حرموا من خيرها  فليس  لهم منها نصيب   ويحذر المؤمنين   أن يتولوهم ويسيروا  على  طريقهم  فيوافقوهم على الشر والكفر   فيحرمون  من خير الحياة الاخرة  وهي الجنة (  كَمَا  يَئِسَ  الْكُفَّارُ  مِنْ  أَصْحَابِ  الْقُبُورِ )  وهو مثل ضربه  الله  تعالى للمؤمنين  ومفاده ان  الكافرين   قد يئسوا  من اصحاب القبور او من اي انسان قد مات  وانتهت حياته بالموت قد وقفوا على حقيقة الأمر  وعلموا علم اليقين أنهم لا نصيب لهم في الجنة ويحتمل أن يكون  معناه  قد يئسوا من الآخرة أي  انهم  قد أنكروها وكفروا بها فلا يستغرب حينئذ منهم الإقدام على سخط الله تعالى  وموجبات عذابه  وإياسهم من الآخرة كما  يئس الكفار المنكرون للبعث في  الحياة  الاخرة من بعد الموت كما يئسوا   من رجوع أصحاب القبور إلى الله تعالى في يوم القيامة .
                         والله تعالى اعلم .

      *****************************






          يوم القيامة في  سورة الصف

                                    

                        بسم الله الرحمن الرحيم

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12))

                                                 الصف الايات \10-12

 الحمد لله \

          يبين الله تعالى  للمؤمنين  ويوصيهم  سبحانه  وصية ودلالة  وإرشاد من  ان الله  تعالى  سيدلهم  ويعلمهم  ويفهمهم ان أعظم  تجارة  وافضل  امر  وأجل مطلوب وأعلى مرغوب يحصل بها لهم  النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم  هو الايمان بالله تعالى  واطاعة  رسوله محمد صلى الله عليه وسلم   فأن الإيمان التام هو التصديق بما أمر الله تعالى  بالتصديق به والالتزام  لأعمال  الجوارح ومن أعمال الجوارح  الجهاد  في سبيل الله  وذلك  بأن  يبذلوا  نفوسهم  ومهجهم او ارواحهم  في سبيل الله  بمصادمة أعداء الإسلام  والقصد  منها  نصر دين الله  تعالى  وإعلاء كلمته وينفقون ما تيسرمن أموالهم  في ذلك المطلوب  وان كان تكريهه النفوس فإن فيه الخير الدنيوي من النصر على الأعداء والعزة   والرزق الواسع وسعة الصدر وانشراحه .والفوز في الآخرة  او الفوز  بثواب الله ولهذا ذكر الجزاء في الآخرة فإن الإيمان بالله والجهاد في سبيله   مكفر للذنوب  ولو كانت هذه كبيرة . فيدخلهم  الله تعالى في رحمته  في الحياة الدنيا  ويمن عليهم  بالجنة  في الاخرة  او يوم القيامة  ويتفيئون  في مساكنها  وغرفها  وأشجارها  أنهارها  وما  فيها  من ماء غير آسن وأنهار من  لبن لم  يتغير  طعمه  وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى  ولهم فيها من  كل الثمرات.

         فالله تعالى من له الحكمة التامة  التي من جملتها  أن الله تعالى  لو أرى الخلائق الجنة حين خلقها  ونظروا إلى ما فيها من النعيم لما  تخلف عنها أحد  ولما هناهم العيش في هذه الدار المنغصة  و المشوب نعيمها بألمها  وسرورها  بترحها وهي الحياة الدنيا .

        وسميت الجنة جنة عدن  لأن أهلها   مقيمون  فيها لا يخرجون منها أبدا  ولا يبغون عنها  حولا  ذلك الثواب الجزيل والأجر الجميل  الفوز العظيم  الذي  لا فوز مثله   فهذا الثواب  الأخروي  الذي  أعده  الله تعالى  للمجاهدين في سبيله  .
                             والله تعالى اعلم



                       ****************************




















                    
                    يوم القيامة في سورة التغابن

                                  1

                    بسم الله الرحمن الرحيم


زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ Aya-7.png فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ Aya-8.png يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ  سَيِّئَاتِهِ  وَيُدْخِلْهُ  جَنَّاتٍ  تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا  الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ Aya-9.png وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ Aya-10.png )

                                                التغابن الايات \7- 10

الحمد لله \

       يخبرنا  الله  تعالى عن عناد الكافرين وزعمهم الباطل  وتكذيبهم بالبعث وهو الحيا ة من بعد الموت  في يوم القيامة  بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير فأمر  سبحانه و تعالى  الحبيب المصطفى محمد صلى  الله عليه وسلم  أن يقسم  بربه تعالى على حقيقة  بعثهم  من بعد الموت  وجزائهم بأعمالهم الخبيثة  وتكذيبهم بالحق  ويبين لهم ان َذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فإن هذا الامر  وإن كان عسيرًا بل  متعذرًا  على البشر حتىلو  اجتمعوا  كلهم  على إحياء ميت واحد  لما استطاعوا احيائه واعادة الروح فيه .  وامرهم ان يؤمنوا  بالله تعالى  أمر بما يعصمهم من الهلكة والشقاء  وهو الإيمان بالله تعالى  ورسوله  وكتابه وسمى الله تعالى  هذا الايمان  نورًا و النور خلاف الظلمة  وهو ما اقره الله تعالى  في الكتاب الذي أنزله  على النبي محمد صلى الله عليه وسلم  وفي الأحكام والشرائع والأخبار أنوار يهتدى بها في ظلمات الجهل المدلهمة ويمشى بها في حندس الليل البهيم وهو الكفر   وهي  علوم  ضررها  أكثر من نفعها  وشرها  أكثر من خيرها بل لا خير فيها ولا نفع  إلا  ما  وافق  ما  جاءت   به الرسل  والإيمان  بالله تعالى ورسله  يقتضي الجزم التام واليقين  الصادق  بها  والعمل  بمقتضى التصديق من  امتثال  لأوامر الله تعالى  واجتناب  نواهيه   ( وَاللَّهُ   بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فيجازي كل باعماله في الحياة الدنيا  الصالحة ا والسيئة.

          ففي يوم القيامة  وهو يوم الجمع  حيث يجمع الله تعالى  الاولين والاخرين  ويوقفهم  موقفًا هائلاً عظيمًا  وينبئهم   بما عملوا  فيظهر الفرق  والتفاوت  بين الخلائق  و يظهر  فيه  التغابن  بين الخلائق  وكل مظلوم  ياخذ  له حقه من ظالمه  ومن له حق لدى احد  ياخذه منه  وذلك بغبن حسناته واضافتها الى حسناته .

       وفي هذا اليوم العظيم  يظهر المفلسون الذين اخبر  النبي محمد صلى الله عليه وسلم  عنهم  فياتي الرجل الى  الموقف في يوم القيامة  وكان  في الحياة الدنيا قد اخذ مال هذا واعتدى على هذا وضرب هذا وبهت هذا  فياخذ كل منهم من حسناته بما  يساوي ظلامته لهم  فتنفد حسناته فيطرح من سيئاتهم  عليه   بقدر ما اذنب بحق كل منهم  فتكثر سيئاته  فيطرح في النار  وهذا هو المفلس جاء يوم القيامة بحسنات كثيرة  فغبنت منه في  الحساب فاصبح مفلسا .   وفيه  يغبن المؤمنون الفاسقين  ويعرف   المجرمون أنهم على  ليس على   شيئ  وأنهم هم الخاسرون  فمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ تعالى إيمانًا  تامًا  شاملاً  لجميع  ما أمر الله تعالى   به من الايمان  والعمل الصَالِحً  من  الفرائض  والنوافل  وأداء حقوق الله  تعالى   وحقوق عباده  سيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الانْهَارُ   ويجد  فيها ما  تشتهيه  الأنفس  وتلذ الأعين  وتختاره الأرواح  وتحن إليه القلوب  وكما الخبر الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم خَالِدِينَ  فِيهَا  أَبَدًا و ذَلِكَ  الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  والامل المنشود.

        اما الَّذِينَ كَفَرُوا  ولم يؤمنوا  بالله تعالى  واليوم الاخر   وَكَذَّبُوا   بايات الله تعالى  التي انزلها على حبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  في القران الكريم  و كفروا  بها  من غير مسوغ  شرعي ولا عقلي  وكفروا  بكل ما جاءتهم من الأدلة  والبينات  وكذبوا  بها  و اشتد  عنادهم   ومكابرتهم   فأُولَئِكَ  أَصْحَابُ  النَّارِ  خَالِدِينَ  فِيهَا  لأنها  اي النار  جمعت  كل  بؤس  وشدة  وشقاء  وعذاب شديد . فبئس المصير مصيرهم  فانهم في جهنم خالدون .
                                والله تعالى  اعلم


          ******************************























            يوم القيامة في سورة  الطلاق

                           بسم الله الرحمن الرحيم
 Ra bracket.png يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ  لِعِدَّتِهِنَّ  وَأَحْصُوا  الْعِدَّةَ  وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ  لَا تُخْرِجُوهُنَّ  مِنْ بُيُوتِهِنَّ  وَلَا يَخْرُجْنَ  إِلَّا أَنْ  يَأْتِينَ  بِفَاحِشَةٍ  مُبَيِّنَةٍ  وَتِلْكَ حُدُودُ  اللَّهِ  وَمَنْ  يَتَعَدَ ّ حُدُودَ  اللَّهِ  فَقَد ْ ظَلَمَ  نَفْسَهُ  لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ  يُحْدِثُ  بَعْدَ  ذَلِكَ  أَمْرًا Aya-1.png فَإِذَا  بَلَغْنَ  أَجَلَهُنَّ  فَأَمْسِكُوهُنَّ  بِمَعْرُوفٍ  أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُ وا  ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ  وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ  لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ  بِهِ مَنْ كَانَ  يُؤْمِنُ بِاللَّهِ  وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ  يَتَّقِ  اللَّهَ  يَجْعَلْ   لَهُ   مَخْرَجًا  Aya-2.png   وَيَرْزُقْهُ  مِنْ حَيْثُ  لا يَحْتَسِبُ  وَمَنْ  يَتَوَكَّلْ  عَلَى اللَّهِ  فَهُوَ حَسْبُهُ  إِنَّ  اللَّهَ  بَالِغُ  أَمْرِهِ  قَدْ  جَعَلَ  اللَّهُ لِكُلِّ  شَيْءٍ  قَدْرًا   Aya-3.png  )                                   
                                                     الطلاق الايات \1-3
الحمد لله \

         يخاطب الله  تعالى نبيه  محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين  معه  بامر معين  وهو اذا  ارادوا  طلاق النسوة وقد قال الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ( ان ابغض الحلال الى الله الطلاق)  لما   فيه من تفريق العوائل  وتشتيتها  فعليهم ان  يلتمسوا   لحالة ا لطلاق  الامر  المشروع   وان  لا  يبادروا  بالطلاق  الا  حين  يوجد  سببه  ومراعاة  لامر الله تعالى  بل ( طَلِّقُوهُنَّ   لِعِدَّتِهِنَّ  لأجل عدتهن )  بأن يطلقها زوجها  وهي طاهر اي  في طهر لم يقع  فيه جماع    فهذا الطلاق هو الذي تكون العدة  فيه واضحة  بينة  بخلاف  ما  لو طلقها  وهي حائض  فإنها    لا تحتسب  تلك الحيضة  التي  وقع  فيها  الطلاق  وتطول عليها العدة  وكذلك لو طلقها  في طهر فيه  وطئ .  فإنه لا يؤمن حملها   فلا  يتبين   و لا يتضح  بأي عدة  تعتد  . فان الطلاق لا يقع  لذا أمر الله تعالى بإحصاء العدة أي: ضبطها  في الوقت   بالحيض إن  كانت  تحيض أو   بالأشهر إن  لم  تكن  تحيض  وليست  حاملاً   فإن  في   إحصاء   العدة   أداء  لحق الله  تعالى   وحق الزوج  المطلق  وحق  لمن  سيتزوجها  ان  تزوجت  او رغبت  بالزواج  وحق  الزوجة  المطلقة  في النفقة ونحوها  فإذا ضبطت عدتها علمت حالها على بصيرة  وعلم ما  يترتب  عليها من الحقوق  وما لها منها .   وهذا  الأمر بإحصاء   العدة   يتوجه   للزوج   وللمرأة  إن  كانت مكلفة اي غير قاصرة  فاذا كانت قاصرة  فيسند الامر  لوليها .
        اما   قول  الله  تعالى : (وَاتَّقُوا  اللَّهَ  رَبَّكُمْ )  أي  اتقوه  في جميع   أموركم  ومنها  حق  الزوجات  المطلقات  فـلا  تُخْرِجُوهُنَّ  مِنْ   بُيُوتِهِنَّ  خلال  مدة  العدة  بل عليهن  ان  يلزمن   بيوتهن  التي طلقها  زوجها وهي  فيها.  و لا يجوز  لهن  الخروج  منها  أما النهي عن إخراجها  فلأن  المسكن  واجب  على  الزوج  للزوجة كي  تكمل  فيه  عدتها  التي هي  حق  من  الحقوق  الثابتة  لان  النهي عن  خروجها   فيه  اضاعة   حق  الزوج  وعدم  صونه .ويستمر هذا النهي عن  الخروج  من البيوت والإخراج  إلى  تمام  العدة. ( إِلا أَنْ  يَأْتِينَ  بِفَاحِشَة ٍ مُبَيِّنَةٍ )  أي  الا ان ياتين  بأمر قبيح  واضح   موجب  لإخراجها  بحيث يدخل على أهل البيت الضرر من عدم  إخراجها  كالأذى  بالأقوال  والأفعال الفاحشة  ففي هذه الحالة  يجوز  إخراجها  لأنها هي التي تسببت  بإخراج  نفسها . والإسكان في  بيتها   فيه  جبر لخاطرها  ورفق بها   فهي التي أدخلت الضرر على نفسها   وهذا في المعتدة الرجعية  وأما البائن  فليس  لها سكنى  واجبة  لأن السكن تبع  للنفقة  والنفقة  تجب  للرجعية   دون البائن   وهذا ما حدده  الله  تعالى  لعباده  وشرعها  لهم  وأمرهم  بلزومه   والوقوف  معها   ومن يتعد  هذه الحدود التي رسمها الله تعالى لهم  او قصر عنها  او تجاوز ها (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) أي بخسها حظها وأضاع  نصيبه  من اتباع  حدود الله تعالى  فقد   شرع الله  تعالى  العدة  وحدد  الطلاق  بها   لحكم عظيمة  منها  لعل الله  تعالى  يلقي   في قلب  المطلق  الرحمة   والمودة  فيراجع  طليقته ويستأنف عشرتها ويانس بها   فيراجعها  وينتفي  سبب الطلاق. ومن الحكم  مدة  التربص هذه  ليعلم  براءة  رحمها  من  زوجها.

      اما قول الله تعالى ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ )  أي إذا قاربت  انقضاء مدة  العدة لأنهن  لو خرجن  من  العدة  لم  يكن الزوج  مخيرًا  بين الإمساك  والفراق  ( فَأَمْسِكُوهُنَّ  بِمَعْرُوفٍ ) اي على   وجه  المعاشرة   الطيبة والصحبة الحسنة  فإن إمساكها على غير  هذا الوجه غير  جائز  (أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ )  اي  فارقوهن  فراقًا  لا محذور فيه من غير  شتم ولا تخاصم ولا قهر لها  على أخذ  شيء  من  مالها. وفي حالة طلاقها   او ارجاعها عليهم  ان  يشهدوا  شهودا عدولا  مسلمين   معروف لهم بالعدل  والايمان   وما  يلزمه  بيانه.  وان يأتوا  بالشهادة على وجهها من غير زيادة ولا نقصان  وا ن يقصدوا  بإقامتها  وجه  الله تعالى  وحده  ولا يراعوا بها قريبًا لقرابته ولا صاحبًا لمصاحبته او وداده وهذا  هو ما يُوعَظُ  بِهِ مَنْ  كَانَ  يُؤْمِنُ  بِاللَّهِ  وَالْيَوْمِ الْآخِرِ  فإن من يؤمن بالله واليوم الآخر  يوجب له   أن يتعظ   بمواعظ   الله   تعالى  وأن يقدم لآخرته  من الأعمال الصالحة ما يتمكن منها  ولما كان الطلاق قد  يوقع  في الضيق والحرج  والكرب والغم أمر الله تعالى بتقواه وأن  من  يتق الله تعالى  في  الطلاق  وغيره  فإن الله تعالى  يجعل له من امره يسرا  فرجًا ومخرجًا.

        فإذا  أراد المرء  الطلاق  وفعله  على  الوجه  الشرعي و اتقى    الله تعالى ولازم مرضاة الله تعالى في جميع أحواله فإن الله تعالى  يثيبه في الدنيا والآخرة.ومن ثواب الله تعالى  أن  يجعل  له فرجًا  ومخرجًا  من  كل  شدة ومشقة و يسوق له  الرزق  من وجه لا يحتسبه  ولا  يشعر به. و من  لم   يتق الله  تعالى  وقع  في الشدائد  والمصاعب   والأغلال التي لا يقدر على التخلص  منها  ا والخروج  من تبعتها  .

         واما من مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ تعالى  في أمر دينه ودنياه بأن يعتمد عليه  في جلب ما  ينفعه  ودفع ما  يضره  ويثق  به  في   تسهيل   ذلك فهو حَسْبُهُ  و كافيه  بكل الأمور التي  يتوكل  بها على الله تعالى   وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم  لان الله تعالى  أقرب إلى المرء  من كل شيء وربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب لهذا التاخير . فلهذا قال تعالى( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ) أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره و قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تعالى  لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا  أي:
 وقتًا ومقدارًا  وربما حيزا  لا يتعداه ولا يتجاوزه  ولا يقصر عنه.
                             والله تعالى  اعلم


              ***************************





           يوم القيامة في سورة التحريم

                                   
                         بسم الله الرحمن الرحيم


( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لاتَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا  الانْهَارُ يَوْمَ  لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * )
                                
                                                     التحريم الايات \7و8


 الحمد لله \     
       الله تعالى في يوم القيامة سيوبخ أهل النار  بهذا التوبيخ   اي   إنه ذهب وقت الاعتذار وزال  نفعه بزوال وقته  وهو العمل في الحياة الدنيا  فلم يبق الآن إلا الجزاء على الأعمال وأنتم  لم  تقدموا إلا الكفر والاشراك بالله تعالى  والفسوق والعصيان والتكذيب بآياته  ومحاربة رسله  وانبيائه  صلوات الله عليهم وسلامه  .
     وقد أمر الله تعالى  بالتوبة النصوح  ووعد عليها بتكفير السيئات ودخول الجنة والفوز والفلاح  حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم  ويمشون بضوء هذا النور ويتمتعون بروحه وراحته ورحمته ويسألون الله تعالى أن يتمم لهم نورهم فيستجيب  لدعوا تهم ويوصلهم وما معهم من النور واليقين إلى جنات النعيم والمراد بها التوبةالنصوح اي  التوبة  العامة الشاملة  للذنوب كلها التي عقدها المرء على  الله تعالى لا يريد بها  إلا وجهه الكريم والتقرب اليه اوالقرب منه  ويستمرعليها في جميع أحواله.
             والله تعالى اعلم


              *************************

                 











                   تفسير  سورة الملك

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحمن


    ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)  وَلَقَدْ  زَيَّنَّا السَّمَاءَ  الدُّنْيَا  بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا  فِيهَا  سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ  جَاءَنَا  نَذِير ٌ فَكَذَّبْنَا  وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ  (9)  وَقَالُوا لَوْ كُنَّا  نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا  قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا  بِهِ إِنَّهُ   عَلِيمٌ   بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلا  يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الارْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الارْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاَبْصَارَ وَالاَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الاَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ  (24)  وَيَقُولُونَ  مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ  الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)   قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ  (28)  قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ  آمَنَّا  بِهِ  وَعَلَيْه ِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ  30))

                   سورة الملك كاملة
                             
 الحمد لله \

          سورة تبارك  او الملك  تسمى ( المنجية ) لانها تنجي  حافظها 
و قارئها  وتاليها  من عذاب القبر فقد ورد عن أنس بن مالك  انه قال:  قال الرسول صلى الله عليه وسلم :

( إن رجلاً  ممن كان قبلكم  مات وليس معه شئ من كتاب الله إلا تبارك فلما  وضع  في  حفرته  أتاه  الملك  فثارت السورة  في  وجهه   فقال   لها  إنك  من  كتاب الله  وأنا  أكره  مساءتك وإني لا أملك  لك  ولا  له  ولا لنفسي ضراً ولا نفعاً  فإن أردت هذا به  فانطلقي  إلى الرب  تبارك وتعالى  فاشفعي  له  فتنطلق إلى  الرب  فتقول يا رب  إن فلاناً  عمد إلىّ من بين كتابك  فتعلمني  وتلاني  أفتحرقه  أنت  بالنار  وتعذبه  وأنا  في  جوفه ؟  فإن كنت فاعلاً  ذاك به  فامحني  من كتابك  فيقول  ألا  أراك غضبت ؟  فتقول  وحق  لي  ان اُغضب  فيقول  :اذهبي  فقد  وهبته  لك   وشفّعتك فيه .قال .فتجئ  فتزجر الملك  فيخرج  خاسف  البال  لم  يحل  منه بشئ .قال .فتجئ  فتضع  فاها  على فيه  فتقول  مرحبا  بهذا  الفم   فربما  تلاني ومرحباً  بهذا  الصدر  فربما  وعاني  ومرحباً  بهاتين القدمين  فربما  قامتا  بي  وتؤنسه  في  قبره  مخافة  لوحشة  عليه ).

  وجاء عن النبي  صلى الله عليه وسلم  انه قال :
((  إن سورة في القرأن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر الله له ) تبارك الذي بيده الملك )).  

وقال فيها  ايضا  الرسول محمد صلى الله عليه وسلم :
(لو وددت أنها  في قلب  كل إنسان  من أمتي ) تبارك الذي بيد الملك .

     وكذلك قال عنها الرسول محمد  صلى الله عليه وسلم :
(( سورة  في القرآن خاصمت عن  صاحبها  حتى أدخلته الجنة) تبارك الذي بيده الملك)) .
  وكذلك   قال النبي صلى الله عليه وسلم  في فضلها:
 (هي المانعة هي المنجية  تنجيه  من عذاب القبر)
 اي تنجي  حافظها  وقيل وتاليها ومن قرئت عليه  والله تعالى اعلم.
     وفي تفسيرها اقول وبالله التوفيق :

          تبارك الله اي تعاظم  وتعالى وعم إحسانه وفضله من عظمته  أنه تعالى   بيده ملك العوالم العلوية والعوالم السفلية  خالقها  ومتصرف فيها  بارادته بما شاء  ومن عظمته كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة في  السماوات والأرض.و قدّر لعباده أن يحييهم ثم يميتهم  فالله  تعالى خلق عباده  وجعلهم  في  الحياة الدنيا   وبين لهم  انهم  سيموتون  ثم يبعثون مرة اخرى وأمرهم ونهاهم وابتلاهم بالشهوات  في حياتهم  الاولى  فمن انقاد لأمر الله تعالى  وأحسن العمل أحسن الله له الجزاء في الحياة الدنيا وفي الاخرة  ومن مالت نفسه  الى  شهواتها  ولم  يسلم  لأمر الله  تعالى  فله  شر الجزاء  فالله  تعالى  الذي له  العزة  كلها و التي  قهر  بها  جميع  الأشياء  وانقادت  له   كل المخلوقات. وهو الْغَفُورُ  عن المسيئين والمقصرين  والمذنبين  إذا تابوا وأنابوا اليه  فإنه يغفر ذنوبهم ولو بلغت عنان السماء ويستر عيوبهم .

        وهو سبحانه وتعالى  الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا  كل  واحدة  فوق الأخرى وليس  متكونة من  طبقة واحدة  وخلقها  في غاية الحسن والابداع  ليس فيها  نقص  ولا خلل .مناسبة  من  كل  وجه  من  وجوه  الصناعة  في لونها  وهيئتها  وارتفاعها  وما  فيها  من الشمس والقمر والكواكب  المنيرة  والكواكب  الثوابت  منهن  والسيارة   ولما  كان  كمالها  معلومًا  وتاما . أمر الله   تعالى  البشر  التامل في  النظر  فيها      و تكرار النظر إليها  والتأمل  في أرجائها  فسيظهر  ويثبت  هذا الناظر  او  المتأ مل    انه  عاجز  أن  يرى اي  خلل أو انفطار  .ثم  صرح الله تعالى بذكر حسنها  وجمالها بمصابيح  وهي النجوم  في النور والضياء  الظاهر في  سمائها. و جعل  هذه النجوم  زينة  للسماء  وجمالا  ونورًا وهداية  يهتدى  بها  البشر  في  ظلمات  البر   والبحر  في   تجوالهم وترحالهم  ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا  بمصابيح  أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات لايعلمها الا هو  وانه  تعالى قد جعلها - هذه المصابيح  -رُجُومًا  لِلشَّيَاطِينِ   الذين  يريدون يسترقون السمع  في  خبر السماء  فجعل  هذه  النجوم  حراسة  للسماء عن  تلقف  الشياطين أخبار الأرض  فهذه  الشهب  التي  تنفصل  من النجوم  أعدها  الله  تعالى  في الحياة  الدنيا  رجوما  للشياطين  كما  اعد لهم  في الآخرة  عَذَابِ السعير .

     اما في يوم القيامة  يوم الثواب والحساب  فسيلقون في جهنم  لأنهم تمردوا على امر  الله  تعالى  وأضلوا  فريقا من  عباده ولهذا كان أتباعهم من الكفار مثلهم  قد أعد  الله  تعالى  لهم عذاب  السعير و يهانون  غاية  الهوان  والمذلة   فاذا جاؤوها  و القوا  فيها . و  سمعوا لها  اصواتا عالية فظيعة  تفور فورانا و تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ  تكاد على اجتماعها أن يفارق  بعضها  بعضًا  وكانها ولهبها امواج بحر عاتية  وتتقطع  من  شدة غيظها على الكفار  وقد  صاروا  في داخلها لتحرقهم  .

            اما  خزنتها   فتصرفهم  مع الكافرين  التانيب والتوبيخ   فكلما    القي فيها فوج او زمرة من الكافرين  يسألونهم  :

      الم يأتكم نذير اي  نبي او  رسول يذكركم  بعذاب جهنم   فيعتر فون انهم جاءهم الرسل والانبياء  من الله  تعالى  الا انهم  استمروا  في  كفرهم  وتكذيبهم  لهم   ولم يكتفوا بمجرد  الضلال  بل  جعلوا   ضلالهم  ضلا لا   كبيرًا .  واقروا  اعترافا  بفعالهم   لو كنا  نسمع   ارشادهم  او نعقل ما جاؤوا  في اجله من الايمان    ما كنا  في هذا  الموقع السيئ  – وهو جهنم -   ولهذا  اعتنرفوا  بانهم مذنبون فهم  يستحقون  العذاب والسعير  لذا  فهم  ملازمون  للسعير حيث  تستعر في أبدانهم  وتطلع على أفئدتهم!

        اما اصحاب الجنة فهم  السعداء الأبرار  الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ و في جميع أحوالهم حتى في الحالة التي لا  يطلع  عليهم  فيها  إلا الله تعالى  اي اعمالهم في السر  فلا يقدمون على معصية  ولا يقصرون فيما أمرهم الله تعالى  به   فلَهُمْ مَغْفِرَةٌ  لذنوبهم  فإذا  غفر الله  تعالى  ذنوبهم ووقاهم عذاب الجحيم  جعلهم من اصحاب الجنة   فهؤلاء لهم أجر كبير  وهو ما  أعده  لهم في الجنة من النعيم  المقيم  والملك الكبير والقصور والمنازل العالية  والحور العين الحسان  والخدم والولدان راضية نفوسهم  برضا الرحمن  واحسانه  الذي  انعم عليهم وجعلهم من  أهل الجنان.

      ثم  يذكر  تعالى  سعة علمه وشمول  لطفه فيقول ( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ   أَوِ اجْهَرُوا بِهِ )   اي انها سواسية  عند  الله  تعالى  ويعلمها  الله   تعالى سواء عمل سرا اوجهرا   او قال سرا او جهرا  فإِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ  بما فيها من النيات، والإرادات فكيف بالأقوال والأفعال  التي تسمع وترى  ثم  يؤكد  الله  تعالى : الا يعلم الخالق  من خلق – ومن تستخدم للعاقل -  اي الا يعلم اي شيئ خلقه  وهو خالق  كل شيئ .

         ثم قال الله تعالى مستدلا بدليل عقلي على علمه (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهو اللطيف الخبير )  اي  من  يصنع  شيئا  الا  يعلم  ما في   دواخله  ويتقنه ويحسن  ما  فيه  فمن خلق الخلق  وأتقنه  وأحسنه ا لطف بعلمه وخبره  حتى أدرك السرائر والضمائر  يعلم  أنه  الذي يلطف بعبده ووليه فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب  ويرقيه إلى أعلى المراتب وافضل الامور  و  هو الذي سخر الأرض وذللها  لعباده  ليدركوا  كل ما تعلقت به حاجتهم من غرس وبناء وحرث وسبل  يتوصل  بها إلى الأقطار النائية  والبلدان  الشاسعة  فَا مْشُوا فِي   مَنَاكِبِهَا  واسعوا  في ارجائها  لطلب الرزق وما  يكسبونه  و ينتقلوا فيها  وقد  جعلها الله تعالى  امتحانًا  وطريقا  إلى الدار الآخرة  حيث يبعثون بعد موتهم، ويحشرون إلى الله تعالى  ليجازيهم بأعمالهم بالحسنة  الجنة وبالسيئة النار .

     ويخاطب الله تعالى عباده (  أَأَمِنْتُمْ  مَنْ  فِي السَّمَاءِ  أَنْ يَخْسِفَ  بِكُمُ الارْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ  كَذَّبَ  الَّذِينَ  مِنْ  قَبْلِهِمْ  فَكَيْفَ  كَانَ  نَكِيرِ ) 
 وفي هذه الايات  تهديد  ووعيد  لمن  يعصيه  من احلال العقوبة عليه    ان يخسف الله تعالى بهم الارض  او يرسل عليهم  عذابا  من السماء  يحصبهم  ا ويكون  امرهم  عليهم غمة  وقد  اهلك  الله  تعالى  اقواما  كثيرة   من قبل  وعاجلهم العقوبة في الحياة الدنيا وحذرهم  ان تصيبهم مثلما  اصابت من قبلهم . وضرب  الله تعالى لهم مثلا  حالة الطير  التي سخر الله تعالى  لها  الهواء  والجو  الواسع  تطير فيه  سابحة باجنحتها في هذا الفضاء  الواسع  ساعية في  رزقها  وحاجتها   وجعل  أجسادهن وخلقتهن  في حالة مستعدة  للطيران ومتكيفة  اليه  فمن  نظر في  حالة  الطير واعتبر في  قدرة الباري  فيها  وعنايته الربانية  وأنه الواحد الأحد  يبين  له  إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ  بما  تقتضيه حكمته وقدرته .
     
            ثم  يوجه الله  تعالى  خطابه  الى  الطغاة  النافرين عن أمره  و المعرضين عن الحق( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ ) اي من  الذي  ينصركم إذا أراد بكم الله تعالى  سوءًا  فيدفعه عنكم؟        و من الذي  ينصركم على أعدائكم غير الله تعالى  وهو  الرحمن الرحيم بكم فالله  تعالى هو الناصر المعز المذل  فاستمرار الكافرين على كفرهم  بعد أن علموا أنهم  لا ينصرهم  أحد من دون الرحمن وانه  غرور وسفه. ولا احد   يستطيع  ان  يرزقهم  ان امسك  الله  تعالى  رزقه  والرزق  كله  من  عند الله تعالى  فإن الخلق لا  يقدرون على رزق أنفسهم .  ويضرب الله  تعالى  مثلا أي منهما  أهدى؟  من كان  تائها في الضلال غارقًا في الكفر قد انتكس قلبه  فصار الحق عنده  باطلا  والباطل حقًا ؟ ومن كان عالمًا بالحق مؤثرًا له  عاملا  به   يمشي على الصراط  المستقيم   في أقواله وأفعاله وجميع أحواله؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين المخلوقين   يعلم الفرق بينهما   والمهتدي من الضال منهما  والاحوال  خير  شاهد  من الأقوال.

          ثم يبين الله  تعالى  لعباده   أنه المعبود الواحد الاحد  ولا  يوجد معبود  سواه  وداعيًا  عباده إلى شكره  وخصه  بالعبادة  وحده  فهو الذي أوجدهم  من العدم  من غير معاون  له  ولا مظاهر  ولما  أنشأهم  كمل لهم الوجود  بالسمع  والأبصار والأفئدة، التي هي أنفع الأعضاء   في  البدن  وأكمل القوى الجسمانية   لكنهم  مع  هذا  الإنعام   قليل  منهم  الشاكرين  رغم  انه  بثهم في أقطارها  وأسكنهم في أرجائها، وأمرهم بالعبادة  والتقوى ونهاهم  عن السيئات  وأسدى  عليهم  من النعم  ما    به ينتفعون  و بعد ذلك   سيحشرهم  ليوم القيامة. هذا اليوم  الذي  انكره الكافرون  وكذبوا  به و جعلوا علامة  صدقهم اخبارهم   بوقته وموعده  وهذا  فيه   ظلم  وعناد  فإنما علمه  عند الله تعالى وحده   وقد أقام الله تعالى  لهم  من الأدلة والبراهين على صحته ما لم  يبق  معه  أدنى  شك  لمن  ألقى السمع   وهو  شهيد او شاهد  على ذلك .  وليس هو  محل تكذيب  فالكفار وغرورهم به حين كانوا في الدنيا  فإذا وقعت الواقعة او حل يوم القيامة  ورأوا العذاب منهم  قريبًا ساءهم  ذلك وأفظعهم  واقلق  نفوسهم  فتغيرت لذلك سحنات  وجوههم  وتوبخوا على تكذيبهم، وقيل لهم هذا  الذي كانوا  به يكذبون  رأ وه عيانًا  واتضح  الأمر لهم .

          امر الله  تعالى النبي   محمد  صلى الله  عليه  وسلم  ان  يقول  للمكذبين  الذين يردون  دعوته   ويتربصون به ريب المنون  أن يقول لهم:
( أنتم  وإن  حصلت لكم  أمانيكم  وأهلكني الله  ومن  معي فليس  ذلك بنافع  لكم شيئًا  لأنكم  كفرتم  بآيات الله  تعالى  واستحققتم العذاب  فمن يجيركم  من عذاب الله  تعالى  انه عذاب  أليم قد تحتم وقوعه بكم  وفيه  تعبكم)  . ومن اقوالهم يضا  إنهم على هدى  والرسول محمد صلى الله عليه وسلم على ضلال   أعادوا  في ذلك   جاهروا  به   وجاد لوا  عليه  وقاتلوا .  فأمر الله نبيه محمد  صلى الله عليه وسلم  أن  يخبر عن  حاله  وحال أتباعه  ما  به  يبين  هداهم  وتقواهم  وهو أن  يقولوا  ( آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا )  وهذا  الإيمان يشمل التصديق  الباطن بالحق  والأعمال   الباطنة والظاهرة  ولما كانت الأعمال  وجودها  وكمالها متوقفة على التوكل  على الله   خص الله تعالى  التوكل من بين سائر الأعمال مثل الداخل  في الإيمان  وتوجب  التوكيل عليه ولا  على  احد  غيره   فلا  إيمان  لهم  ولا  توكل  الا عليه  سبحانه  وتعالى  وقد  علم بذلك من هو على هدى  ومن هو في ضلال مبين . ثم يخبر الله تعالى  تفرده   بالانعام    ونعم الحياة  الدنيا  ونعم الحياة الاخرة  وخص من بينها  الماء الذي جعل الله منه  كل  شيء  حي فقال ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ  إِنْ أَصْبَحَ  مَاؤُكُمْ غَوْرًا )  غائرًا  في  باطن الارض ( فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ )  صافيا  زلالا   يشربون  منه  في  حياتهم  ويستخدمونه  في امورهم و في سقي حيواناتهم  وزروعهم.  وفي هذا استفهام  استنكاري يفيد  النفي  ومعناه  لا احد  يقدر على  تزويدهم  بهذه النعم  الا  الله   تعالى  وحده  . سبحانه وتعالى عما  يشركون    .
                                  والله تعالى اعلم


                   ********************** 



             يوم القيامة في سورة القلم                      

                                    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الاَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)

                                              سورة القلم الايات \ 33- 47 

الحمد لله \
       يبين الله تعالى في هذه الايات ان عذاب الكفار في يوم القيامة سيكون  ا شد وا بلغ . وخاصة عذاب من انعم الله  تعالى عليهم في الحياة الدنيا وجحدوها وابدلوا الاحسان بالكفر والعصيا ن والاستخفاف  وبين حال المؤمنين  وما اعد لهم  من  انواع النعيم  في الجنة عامة  ويؤكد الله تعالى هذه الحالة بقوله ( افنجعل المسلمين كالمجرمين* ما لكم كيف تحكمون )   فليس  من  الحق  والعدل ان يتساوى المسلمون  والكافرون في يوم القيامة  فقد قال  الكافرون من قريش للمسلمين ان  حالهم  وحال المسلمين في يوم القيامة  سيكون مثل  حالاتهم في الحياة الدنيا اي انهم ينعمون  باليسر وسعة الغنى ويبقى المسلمون في شظف وفقر .  فرد الله تعالى عليهم ردا شديدا  بانهم  مجرمون  والمجرم  يتوجب عقابه على قدر  ذنبه  وهو في الكفار كثير  فالعدل الالهي يقضي  بعذاب الكفار  وثواب المؤمنين .
     ثم يخاطبهم الله تعالى   تكبيتا وتوبيخا  لهم  على  ما  قالوه  من حكم باطل  فهل لهم من  كتاب يقول هذا فيبين فيه ان في يوم القيامة لهم  ما يشتهون  وما يتخيرون  ام  لهم عهود ومواثيق  تؤكد  بقاء احكامهم  الى  يوم  القيامة  فينفذونها  وتنفذ   اراداتهم  ثم   يسال الكافرين من زعيمهم  الذي يضمن  لهم ما يقولونه  وشركاؤهم  بأن لهم حظا من النعيم فان كان لهم مثل هذا الوهم  فلياتوا  بشركائهم ان كانوا صادقين  كما نزل القران الكريم الى النبي صلى الله  وسلم بالعدل وفيه تبيان عن احوال المؤمنين في هذا اليوم العظيم .  

          يبين الله تعالى ان الكفار سيشتد بهم الخطب في يوم القيامة  ويدعون الى السجود فلا  يستطيعون ذلك  لاضطراب انفسهم وارتجاف اعضائهم  وارتعاد فرائصهم  فهم  سينظرون  من طرف  خفي  علتهم الحسرة  والخزي  ولو امنوا في الحيا ة الدنيا  واسلموا  لتمكنوا  من الصلاة فيها حيث لا مانع يمنعهم من اقامتها  فاعرضوا عنها في الحياة الدنيا لكفرهم  .
         ويخاطب الله تعالى النبي محمد صلى الله عليه وسلم  ان يهون عليه الامر ولا يتسرب الحزن او الاسى  الى قلبه الشريف  وفيحزن  ويضيق فان الله تعالى  كفيل ان يكفيه  شرهم  وياخذهم على حين غرة  من حيث لا يعلمون  وان كان الله تعالى امهلهم ولم يعجل  لهم العقوبة  مما جعلهم يتمادون في امرهم  ويتكبرون . فان  امامهم  يوم القيامة سيستدرجهم  من حيث لا يشعرون  وسيعاقبهم  باشد  العذاب  ويثقل عقوبتهم  باحراقهم في النار .

      اما المؤمنون الذين امنوا بالله  تعالى  وبرسوله محمد  صلى  الله عليه وسلم   فسينعم عليهم  بالجنة  والنعيم  المقيم فيها  واي من  الكفار سيعلن ايمانه  يؤمن بالله تعالى  ويخلص في ايمانه  سيكون مع المؤمنين في الجنة  وان الحبيب  المصطفى  صلى الله عليه وسلم  لا يسألهم اجرا على هدايتهم  انما يهديهم ويدعوهم الى الهداية  فضلا من الله  تعالى ونعمة .
                             والله تعالى اعلم   

                   ***********************
    

               يوم القيامة في  سورة الحاقة


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

( الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الاَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاتَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ  أُوتِيَ  كِتَابَهُ   بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلا قٍ حِسَابِيَهْ  (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي  جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الاَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ  بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لا يَأْكُلُهُ إِلا  الْخَاطِئُونَ (37) فَلا  أُقْسِمُ  بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الاقَاوِيلِ (44) لأ خَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52 )).

                                               سورة الحاقة \ كاملة
الحمد  لله  \
          الحاقة  من اسماء  يوم القيامة   لانها تحق الحق  وتبطل الباطل  وقد  كررت  ثلاث مرات لتاكيد  عظمة هذا اليوم العظيم وشدته  واهمية ما   يحدث فيه . وقد ذكر الله تعالى  نماذج من احوالها  المشابهة   في الحياة الدنيا  وهو ما  أحله الله تعالى من العقوبات البليغة بالأمم العاتية الظالمة فذكر بعضهم   وهم :
1-        قوم  ثمود وهم القبيلة المشهورة  من سكان منطقة ( الحجر) الذين أرسل الله إليهم رسوله ( صالح) عليه السلام، ينهاهم عما  كانوا فيه  من الشرك  ويأمرهم بالتوحيد  فردوا دعوته فكذبوه وكذبوا ما أخبرهم به وهو  يوم  القيامة  وكذلك  هي  القارعة التي تقرع الخلق بأهوالها فاهلكهم الله تعالى بالطاغية  وهي الصيحة  العظيمة  التي انصدعت منها قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم  متناثرة فيها  .
2- قوم عاد  وهم  سكان  (حضرموت)  حيث  بعث الله إليهم رسوله ( هود)عليه االسلام يدعوهم إلى عبادة الله تعالى   وحده  الا انهم  كذبوه  ولم يصدقوا ما اخبرهم من  عذاب يوم القيامة  فأهلكهم  الله  تعالى  بريح  شديدة قوية  لها اصوات مثل الرعد الشديد  سخرها عليهم  سبع ليال وثمانية نهارات  فدمرتهم تدميرا  وجعلتهم  يتهاوون او يتساقطون مثل جذوع اشجارالنخيل  الباسقة التي قطع راسها فتآكل جذعها  فلم يبق منهم احد  .
3-   قوم فرعون  مصر  حيث ارسل الله  تعالى  لهم  نبيه  ورسوله  ( موسى) واخاه( هارون ) عليهما  السلام  فاراه وقومه  من الايات البينات  ما تيقنت  انفسهم  ولكنهم  جحدوا  ظلما وعلوا   وكفروا   فاغرقهم الله تعالى في اليم عند عبورهم  خلف موسى وقومه في قصة مشهورة معروفة.
4-   قوم لوط  هي قرى متعددة   اخطؤوا وجاؤوا بالفعل الشنيع وهو – اللواط – وهو اتيان الرجال شهواتهم بدلا من النساء وهو الفاحشة والفسوق  فارسل  الله  تعالى اليهم  نبيه ( لوط ) عليه السلام  فكذبوه  وعصوه  فاخذهم الله تعالى بذنوبهم  اخذة رابية  اي  زائدة عن حدها ومقدارها واهلكهم جميعا  بان قلب الارض بهم وجعل عاليها سافلها   .
5- قوم نوح  الذين ا رسل الله  تعالى  اليهم  نبيه  ورسوله  نوح عليه السلام  فكذبوه  فاغرقهم الله  تعالى بالطوفان بعد ان اوحى اليه ان يصنع له وللمؤمنين سفينة  يقل المؤمنين  فيها  ومن كل زوجين اثنين  مما خلق الله تعالى  فيسلمون من الغرق .
 فالحمد لله والثناء عليه  الذي نجى المؤمنين واهلك الطغاة الكافرين  فهي تذكرة  وهذه التذكرة يفهمها  اولو الالباب والعقول  وبخلاف الذين يعرضون عنها وهم اهل الغفلة والبلادة  ممن اعمى الله بصيرتهم فاعرضوا عن الحق .
     فاذا حل يوم القيامة  ونفخ اسرافيل عليه السلام في البوق نفخته الاولى  ومن هول هذه النفخة وصوتها العظيم المدوي  تتفتت الجبال وتتناثر وتصبح  ترابا  وتندك في الارض  ومعها دكة واحدة  فتختلط فيها  وتصبح قاعا صفصفا لاترى فيها عوجا ولا امتا.
 واما السماء فتضطرب  وتمور مورا  ويتغيير لونها   وتزول  جاذبية ما عليها  فيرتطم  ما  فيها   ببعضه  حتى  ان القمر  يرتطم   بالشمس  فتبتلعه  او يكون  جزءا منها  . وتصبح  واهية  بعد القوة  والعظمة
   واما الملائكة  المكرمين  فيكونون على جوانب السماء واركانها  خاضعين لامر الله تعالى  مستكينين لعظمته  وقدره.
    وما هذا   الامر الا بداية  لأمر اعظم منه  واهول  وهو يوم القيامة  .
 ( ويحمل عرش ربك فوقهم  يومئذ  ثمانية) اي  ملائكة في غاية القوة  إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء  بينهم  بعدله وقسطه وفضله..
        وفي هذا اليوم العظيم  يعرض الخلق على الله تعالى  فلا يخفى عليه خافية  من اجسامهم وافعالهم  واعمالهم  وصفاتهم فهو عالم الغيب والشهادة. وسيحشر العباد حفاة عراة غرلا في أرض مستوية يسمعهم الداعي وينفذهم البصر فحينئذ يجازيهم بما عملوا  .و ذكرالله تعالى  كيفية الجزاء  الذي يصيب الخلق .
      فاما المؤمنون وهم اهل الخير والسعادة  فيعطون كتبهم التي فيها  كل اعمالهم  بايمانهم  رفعا لقدرهم   ويقول احدهم اذا جاء  للحساب هذا كتابي  فاقرؤوه  لانه  يبشر بالجنة  والمغفرة  والتجاوز عن السيئة  لانه   كان في الحياة الدنيا  مؤ منا  بالله  تعالى  وتيقن  انه ملاقي  الله تعالى يوم البعث والحساب  فعمل الصالحات  فهو في عيشة راضية في الجنة التي فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين  حيث القصور العالية والثمار الكثيرة المتنوعة  فياكلون  منها ويشربون  هنيئا مريئا   جزاء اعمالهم الصالحة في الحياة الدنيا  تلك الاعمال التي جعلها الله تعالى لهم في الجنة واصلا للنعيم  والسعادة  وهي  التوحيد  والتقوى  والصلاح  .
     اما اهل  الشقاء فيعطون كتبهم  بأعمالهم السيئة  بشمائلهم تمييزا لهم وخزيا وعارا وفضيحة فيقول أحدهم من الهم والغم والحزن ياليتني لم استلمه  لأنه يبشر بدخول النار والعذاب الدائم. وليتني لم ابعث ولم احاسب  وليتني مت  موتة لا حياة   بعدها  ثم  يلتفت  الى ماله   الذي لم  يغني عنه  شيئا  ولم  ينفعه  في هذا اليوم العظيم  وكان  وبالا   عليه  فيه  والى  سلطانه  وجاهه العريض  وماله  الكثير في الحياة الدنيا  ولم يجن منه غير الهم والغم  والترح . عندئذ  يؤمر بعذابه  فيقال لزبانية العذاب   خذوه فاجعلوا في عنقه اغلالا  تخنقه  ثم ادخلوه جهنم . واسحبوه على وجهه في جمرها الملتهب  واصلوه بلهيبها المشتعل ثم شدوه في سلسة اطوالها سبعون ذراعا  فيعلق فيها في جهنم  لنال العذاب الفظيع  والالم الشديد   لانه كان  في حياته الدنيا لايؤمن بالله  العظيم  وكان كافرا  بانعمه لا توجد في قلبه رحمة  للفقراء . والمساكين والمحتاجين  فليس له في هذا اليوم العظيم قريب ولا صديق ولا احد  فيشفع له   وليس له طعام إلا من غسلين وهو الصديد  الذي هو في غاية الحرارة  ونتن الريح وقبيح الطعم ومرالمذاق فلا الا يأكله الخاطؤون  الذين أخطأوا الصراط المستقيم فسلكوا طريق  الجحيم  واستحقوا العذاب الأليم.
      ثم أقسم  تعالى  بما  يبصره الخلق  من جميع الأشياء  وبما لا يبصرونه على صدق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ان جاء به  هذا القرآن الكريم لحق  وانه  بلّغه عن الله تعالى.  ونزه الله تعالى رسوله عما رماه به أعداؤه من أنه شاعر أو ساحر وأن الذي حملهم على ذلك هو  عدم إيمانهم اوتذكرهم فلو آمنوا وتذكروا  لعلموا ما ينفعهم ويضرهم  ولعلموا  ان ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم  تنزيل رب العالمين  فإنه لو تقول بعض الاقوال الكاذبة( لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ) والوتين عرق متصل بالقلب لوا نقطع لمات الانسان سريعا فانه شريان الحياة  فلو تقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الامين – وحاشاه-  على الله تعالى  لعاجله بالعقوبة، وأخذه أخذ عزيز مقتدر لأنه حكيم عليم  على كل شيء قدير فحكمته تقتضي أن لا يمهل الكاذب عليه  و الذي يزعم أن الله تعالى  أباح  له  دماء  من  خالفه  وأموالهم  وأنه هو وأتباعه لهم النجاة  ومن خالفه فله الهلاك ولا احد يستطيع ان يمنع عنه عذاب الله تعالى  فان ما جاء  به هو القران الكريم  تذكرة  للمتقين يذكرهم  بالعقائد الدينية والاحكام الشرعية  ليكونوا  عباد الله العارفين  وائمة مهديين  وان الله تعالى  يعلم ان منهم اي  من البشر مكذبين  وفيه  تهديد ووعيد لهم  وللكافرين وانه  لحسرة عليهم اذ  دخلوا  بالعذاب  وتقطعت  بهم الاسباب .
    ان القران الكريم ( لحق اليقين ) اي اعلى مراتب العلم الثابت  وقد تم شرح ذلك في تفسير سورة الواقعة  .
      فما على النبي محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وعلى البشر جميعا الا  ان ينزه الله تعالى  عما لا يليق بجلال وجهه الكريم  ويقدسه بذكر اوصافه  واسمائه  الحسنى  وجلاله  وجماله  وكماله .
                         والله تعالى اعلم


                 ************************* 





            يوم القيامة في سورة المعارج

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
             
  (( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ  الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9)  وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10)  يُبَصَّرُونَهُم ْ يَوَدُّ  الْمُجْرِمُ  لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الارْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18) إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)  إِذَا مَسَّهُ  الشَّرُّ جَزُوعًا  (20) وَإِذَا  مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلا تِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ  مَا مَلَكَتْ  أَيْمَانُهُمْ  فَإِنَّهُمْ  غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لاَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ
 هُمْ  بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35) فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا  قِبَلَكَ  مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ  وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ  كُلُّ امْرِئٍ  مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيم ٍ (38)  كَلا إِنَّا  خَلَقْنَاهُم ْ مِمَّا  يَعْلَمُونَ (39) فَلا  أُقْسِمُ  بِرَبِّ الْمَشَارِقِ  وَالْمَغَارِبِ  إِنَّا  لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ  (42)  يَوْمَ  يَخْرُجُونَ  مِنَ الاجْدَاثِ  سِرَاعًا  كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً  أَبْصَارُهُمْ  تَرْهَقُهُمْ  ذِلَّةٌ  ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)).)
                                              سورة المعارج كاملة

الحمد لله :
                 سال احد كفار مكة عن العذاب في يوم القيامة  وهو النضر بن الحارث  هذا الكافر  يخاطب الله تعالى  كما اورده المفسرون عن ابن عباس  رحمهم الله  انه  قال (  اللهم ان كان هذا هو الحق  من عندك  فأمطر علينا  حجارة من السماء  او ائتنا بعذاب اليم )  وهذا الدعا دعاء استهزاء  وانكار  لامر الله تعالى  وتحديا  لقدرته  وعظمته  وهذا  هو  العذاب الذي اخبر النبي   محمد  صلى الله عليه  وسلم  بانه واقع بالكافرين  حتما   فبين الله تعالى في هذه الايات الشريفة  ان هذا العذاب  قد هيئ  للكفار  ولا يقيهم منه   وهذا العذاب اذا نزل لاشك في وقوعه  فهو واقع بهم  حتما  وان مشيئة الله  تعالى  وحكمته   اقتضت  تعذيبهم  لا محالة  لعصيانهم  وكفرهم  وسيلقون  هذا العذاب الاليم  في يوم القيامة وهو اليوم  العظيم  الذي جعل فيه  الحساب  والثواب  لكل الخلائق وكل منهم  بما كسب رهين .
     اذن هو عذاب من الله تعالى ذي  المعارج اي خالقها  وهي صفة  من صفات الله تعالى  والمعارج  المصاعد او كل ما يرتقى فيه الى الاعلى     اذ ترفع الملائكة وعلى راسهم جبريل عليه السلام وهو ( الروح)  اليه تعالى  امر الخلائق  وما تكسبه  من اعمال  الى عرشه سبحانه وتعالى  في يوم مقداره خمسين الف سنة  من السنوات الظاهر ة المعدودة  والمراد به  مقدار ما يقوم  الناس فيه لرب العالمين وهي المدة المقدرة لحسم امور الخلائق ثوابا وعقابا في يوم القيامة   وقد  ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم انه قال عندما سئل  عن هذا اليوم (  والذي  نفسي بيده  انه ليخف على المؤمن حتى يكون اهون عليه من صلاة مكتوبة  يصليها في الدنيا ) فالمؤمنون يرونه قريبا والكافرون        يرونه بعيدا   .
       ثم يقول الله تعالى فاصبر  ياحبيبي يا محمد صلى الله عليه وسلم وتدرع بالصرالجميل  وفي هذا اليوم  اي في يوم القيامة  ستكون السماء كالمهل وهو خليط  من الماء  والرصاص او النحاس او الفضة  المذاب اي ماءا  كدرا  ثقيلا  وقيل خليط الزيت  وقيل غير ذلك  وتكون الجبال   كالعهن  وهو الصوف المنفوش  او المصبوغ  وقيل  هو الغبار  المتصاعد في الجو . وقيل   تبدل فيه الارض والسموات فتكون السماء مغبرة  بحمرة  كلون الزيت العكر والجبال  تصير هباءا منثورا اشبه بالصوف المنفوش او المصبوغ  بحيث ينكرالكافرون بعضهم فيه بعضا  فحينئذ  تضطرب الامور  ويشتغل الخلائق  كل بنفسه  ويهتم بامره  فلا  يهتم   صديق  بصديقه  ولا قريب بقريبه .
          وفي هذا  الوقت العصيب  يعرف كل  الخلائق انهم سيحاسبون  بما قدمت ايديهم في الحياة الدنيا  فالكفار كل منهم  يود لو  قدم  اقرب  الناس اليه واحبهم الى قلبه كأن تكون زوجته او ابنه او قريبه  او عشيرته  بل كل مافي الارض جميعا  فداءا لنفسه   من عذاب هذا اليوم العظيم  لعله  ينجيه  من العذاب  لكن دون  جدوى   فانه سيكون  عليهم لظى  من  التلظي  في النار  اي   نارا  ملتهبة محرقة يحترق   بها     ومن شدتها انها  تنزع الشوى  وهي جلدة الراس  وهذه النار تحرق الموجود فيها والهارب منها   وقيل انها تنادي  لتحرق من ادبر  عن الحق وتولى عنه  اي اعرض عنه .
            فالانسان   خلقه الله تعالى ويعلم ما توسوس به نفسه  وما جبلت عليهم نفوسهم  فالكثير منهم  شديد التضجر قليل الوفاء  فاذا  الم به مكروه مثل مرض او فقر  او خوف  استولى عليه  القنوط واليأس  واذا   اتسع عليه رزقه  وصح جسده  وتحسنت اموره  فكان ذا منصب او جاه او مكانة   تنكر   للناس  وتكبر عليهم  وربما منعهم من الاستفادة من ماله  والانتفاع  فيه  وهذا ما يسبب  العداوة  والبغضاء  بين الناس .
      واستثنى الله تعالى من هؤلاء المؤمنين  الذين من علامات ايمانهم اقامة الصلاة  في اوقاتها لحرصهم عليها  والذين  يؤدون زكاة اموالهم  ويتصدقون منها  فهذه الاموال انعم الله تعالى عليهم بها  فيها حق للسائل والمحروم  وارى ان المحروم هو الذي  حرمته الشريعة من  الميراث   كالحفيد الذي توفى والده قبل جده  فحجب الوالد  بالجد فلا يورث  فهو محروم  من الميراث   فلو لم يمت ابوه  قبل جده لورث اباه . وقيل المحروم  هو المتعفف اي المحتاج   لكنه  لا يسأل الناس فيعطوه و لا احد يفطن اليه  فيعطيه  وكذلك  انهم  يؤمنو ن بيوم الدين اي يوم  القيامة  فهؤلاء يخافون الله تعالى ويخشون عذابه  لان عذا ب الله  لاينبغي لاحد  ان يأمنه  ومن   صفاتهم    ايضا  انهم  متعففون  يقتصرون  على  ما احل  الله تعالى  لهم   من ازواجهم او ما  ملكت ايمانهم   وكذلك  انهم على  اماناتهم  وعهدهم  في امور  دينهم   ودنياهم  وما جاءت  به  الشريعة المحمدية  وعقائدها  وعباداتها  والوعود والمواثيق   والمعاملات  الا  امانات  لله  تعالى  ائتمن الناس عليها   .
    والذين  يؤدون الشهادة على  وجهها الصحيح فلا يشهدون إلا بما يعلمونه او يبصرونه  من غير زيادة ولا نقص ولا كتمان  ولا يحابو ن  فيها قريبا ولا صديقا ونحوه ويكون القصد بها  وجه الله تعالى . والذين هم على صلاتهم  يحافظون اي يقيمونها في اوقاتها  واداء اركانها  المكتوبة  منها  والمسنونة  بمداومتهم عليها  بأكمل الوجوه .
  فالموصوفون بهذه  الصفات  الثماني هم اصحاب الجنة .  فيوم القيامة  قد أوصل الله تعالى  لهم من الكرامة والنعيم المقيم ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين  وهم فيها خالدون.
        ثم يبين الله تعالى للحبيب المصطفى  محمد صلى الله عليه وسلم فيقول تعالى مبينا اغترار الكافرين فما بال هؤلاء الكافرين المعاندين  حوله  متزاحمين  ناكسي رؤوسهم  جماعات متوزعة  او متفرقة   و كل واحد منهم بما لديه  فرح مسرور .فباي  سبب أطمعهم وهم لم يقدموا سوى الكفر  والجحود برب العالمين فليس الأمر بأمانيهم ولا إدراك ما يشتهون بقوتهم  وتكبرهم  وتجبرهم . فالله  تعالى  خلقهم مما يعلمون  وهو المني من  الرجل والبويضة من الانثى فهم  اذن من ماء دافق  نتن قذر  يخرج من بين الصلب والترائب فهم ضعفاء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
              ثم يقسم الله تعالى  بمالك الملك  ومسير الكواكبالشمس والقمر والكواكب لما فيها من الآيات الباهرات على البعث والنشور  وقدرته على تبديل أمثالهم وهم بأعيانهم . ان  الله تعالى وحده قادر على هلاكهم وخلق غيرهم  فلا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء  وما أحد يسبقه اويفوته او يعجزه  شيئ إذا أراد  سبحانه أن يعيده تارة اخرى . فإذا تقرر  يوم القيامة يوم البعث  والجزاء واستمروا على تكذيبهم وعدم انقيادهم لآيات الله تعالى فذرهم يخوضوا بالأقوال الباطلة والعقائد الفاسدة ويلعبوا بدينهم  ويأكلوا ويشربوا ويتمتعوا حتي يلاقوا مصيرهم الاسود  بما  أعد لهم فيه من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم .
           ثم يذكر الله تعالى حال الخلق حين يلاقون يومهم  الذي يوعدون  اي في يوم القيامة  فهم يخرجون من القبور مجيبين  لدعوة الداعي مهطعين رؤوسهم كأنهم إلى  نصب او تماثيل  كانوا  يعبدونها   يسارعون .  فلا يتمكنون من العصيان   للداعي  والالتواء لنداء المنادي  بل يأتون أذلاء مقهورين للقيام بين يدي رب العالمين و قد لحقتهم الذلة والمسكنة  والقلق  تملك قلوبهم واستولى على أفئدتهم فخشعت أبصارهم  وسكنت  حركاتهم   وانقطعت الأصوات . فهذا هو اليوم الذي كانوا يوعدون. انه يوم القيامة .
                           والله تعالى اعلم  

                 ***********************









               يوم القيامة في سورة  المزمل

             
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

   ( يوم  ترجف الارض  والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا(14 )إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولا  شَاهِدًا عَلَيْكُمْ  كَمَا أَرْسَلْنَا  إِلَى  فِرْعَوْنَ  رَسُولا ( 15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ  الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلا (16)فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا Aya-17.png السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ  وَعْدُهُ  مَفْعُولا Aya-18.png إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ  إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا Aya-19.png )
                                 سورة المزمل الايات\14- 19

الحمد لله :

            يبين الله تعالى هول يوم القيامة   ومن هذه الامور ان  الارض والجبال ترتجف  خوفا وفزعا  من امر الله تعالى  في هذا اليوم العظيم  بحيث تندك فيه الجبال وتتسوى في الارض  فتكون  اشبه بالكثيب او التل الصغير من التراب الناعم وهو ما يحدث في الصحاري الرملية   من تجمع  الرمال والاتربة  فتكون تلا لا من رمال  ثم تتلاشى وتزول  وتنفطر السماء  بما فيها  من كواكب شموس .

              واخبر الله تعالى انه ارسل  للخلائق  سيدنا محمدا  نبيا ورسولا  كما ارسل الى  فرعون  في مصر وقومه    نبي الله موسى عليه السلام رسولا  فلما عصوه   اخذهم الله بذنوبهم اخذا شديدا وعذبهم في الدنيا بالغرق وفي الاخرة  بالحرق  . فعلى المسلمين ان يحمدوا ربهم  على إرسال هذا النبي  البشير النذيرصلى الله عليه وسلم  الشاهد على الأمة بأعمالهم ويشكروه ويقوموا تقديرا وانعاما  لهذه النعمة الجليلة  ولا يكفروها فيعصون الرسول  صلى الاله عليه وسلم الذي أمرهم بالتوحيد والتصديق والعبادة  فيأخذهم عذاب شديد كما اخذ فرعون وقومه العذاب من قبل  فكيف  يتقون العذاب  ان كفروا  او اذا حل عليهم  يوم القيامة هذا اليوم العظيم الذي يجعل الولدان شيبا  اي تشيب رؤوسهم من هوله  وتنفطر السموات في يوم القيامة  يوم مهول أمره عظيم قدره يشيب الولدان  فيه  وتذوب له الجمادات العظام  وتنثر به السماء  نجومها و كَانَ  هذا وعد الله تعالى  الى  خلقه  وكان  وَعْدُهُ مَفْعُولا لا بد من وقوعه ولا حائل دونه ابدا وهذه  انما يذكرها الله تعالى لعباده  ليذكرهم بهذا اليوم العظيم   فمن شاء فليؤمن ويتخذ الى الله تعالى  طريقا وسبيلا ومسلكا ينقذ نفسه فيه من النار وذلك باتباع شرع الله تعالى  والايمان به  فإنه قد أبانه كل البيان وأوضحه غاية الإيضاح وفي هذا دليل على أن الله تعالى أقدر العباد على أفعالهم وامكنهم   ويحفظهم من الحرق  في  عمل الصالحات  ويفوزون بالجنة  التي  وعد الله تعالى  عباده الصالحين .
 والله تعالى اعلم


            *******************************








             يوم القيامة في  سورة المدثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلا إِنَّهُ كَانَ لايَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلاائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) كَلا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لاِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ آلاخِرَةَ (53) كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)
                                            سورة المدثر \ كاملة
 الحمد لله :

          اود ان ابين قبل البدء بتفسير هذه السورة المباركة  ان المفسرين اشاروا  انه  لما   بدء النبي صلى الله عليه وسلم  بالوحي  و جاءه  جبريل عليه السلام فرآه الحبيب المصطفى  محمد صلى الله عليه وسلم  على سرير بين السماء والارض كالنور المتلألئ  ففزع  ووقع مغشيا عليه   فلما افاق  رجع الى بيته  ودخل  على زوجته خديجة بنت خويلد  فدعا  بماء فصبه على راسه  وهو يقول ( دثروني دثروني ) فدثرته بقطيفة .

      وقد ذكر الله تعالى  انه  قال له الملك جبريل عليه السلام عن ربه تعالى  ( يا ايها المدثر )  اي يامن تغشى بثيابه او تدثر بها  (قم فانذر ) اي انذر اهل مكة  وحذرهم  العذاب ان لم يؤمنوا  واختص بالله سبحانه وتعالى  ربك  ومالكك  ومصلح امورك  بالتكبير  وهو حال وصفه   تعالى  بالكبرياء والعظمة وانه تعالى اكبر من ان يكون له شريكا.
          والتفت الى  ثيابك  فطهرها من  الادناس والارجاس وقيل  طهر نفسك من الذنوب  واترك  الاصنام والاوثان فلا  تعبد احدها لانها سبب العذاب  ولا تمنن على ربك  بما تتحمله من  اعباء النبوة كاذي يستكثر  ما يتحمله  بسبب  غيره  وقيل  انه  اذا   اعطيت  هدية  فاجعلها  لوجه   الله تعالى  فانك  ايها النبي قد حملت امرا عظيما . سيحاربك الكفار من الناس ممن لم يؤمنوا بهذا الامر  فاصبر على الاذى وعليه . فأوضح  النبي صلى الله عليه وسلم  لهم بالآيات البينات جميع المطالب الإلهية وعظم الله تعالى ودعا الخلق إلى تعظيمه و أعماله الظاهرة والباطنة من كل سوء وهجر وكل ما يبعد عن الله تعالى  من الأصنام وأهلها والشر وأهله وله المنة على الناس -بعد منة الله- من غير أن يطلب منهم على ذلك  جزاء ولا شكورا وصبر لله أكمل صبر، فصبر على طاعة الله وعن معاصي الله وعلى أقدار الله  المؤلمة  حتى  فاق أولي العزم من المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
     ثم ياتي يوم القيامة فيبين الله تعالى  انه اذا نفخ في الصور والصور هو البوق وينفخ فيه الملك اسرافيل عليه السلام فهو الموكل بذلك  فان هذا هو اليوم العسير الشديد وهو  يوم البعث والنشور فان هذا اليوم يوم شديد على الكافرين  لكثرة اهواله وشدائده لانهم قد يئسوا فيه من رحمة الله تعالى ومن كل خير عليهم  وا يقنوا بالهلاك حتى يقولون ان هذا اليوم يوم علينا عسير .

        ثم بين الله تعالى  لرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  ان يدع الوليد بن  المغيرة وهو رجل من زعماء  قريش وصناديدها وكان اشد  خصومة للنبي صلى الله عليه وسلم  واعظمهم  معارضة للاسلام ومعه كل من ابي سفيان وابي لهب وابي جهل  وكان اكثرهم اموالا  وزروعا فكانت بساتينه ممتدة بين الطائف  ومكة وله عشرة اولاد  يحضرون مجلسه ويتباهى بهم  فيزيدونه وجاهة وقد  ضاق هؤلاء  النفر الاربعه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ذرعا  ولما  قرب موسم الحج  وكانت العرب تحج البيت الحرام قبل الاسلام  وتوقره  اجتمع المغيرة بهم وافهمهم بوجوب توحيد كلمتهم  الى العرب القادمين الى مكة  للحج وقولهم على النبي انه ساحر حيث انه يفرق بين المرء واهله وزوجه- راجع  كتابي( شذرات من السيرة النبوية المعطرة )  فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم اغتم ورجع الى بيته مغتما   فنزلت الايات ( ذرني ومن خلقت  وحيدا... )  اي دع يامحمد صلى الله عليه وسلم  هذا الرجل وشأنه لي  فانه ابتعد عن الحق تكبرا وتجبرا  وكل ما قاله ساعذبه به عذابا شديدا  على تكبره وجحوده وكذبه وافترائه في نار جهنم  فيسود وجهه ويشتوي لحمه  ويذوب شحمه ويحترق لحمه  فان هذه النار لاتبقي ولاتذر  وان عليها تسعة عشر  من الملائكة الغلاظ الشداد  اوكلهم الله  تعالى امرها  فلا يعصون الله تعالى ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون  فلما سمعوا  الكفار بهذه  الاية قال ابو جهل  لقريش  ( ان محمدا  صلى الله عليه وسلم  ان خزنة  جهنم تسعة عشر وانكم  فيكم الشجعان افيعجز كل عشرة منكم ان يبطشوا بواحد منهم )  فقال ابو الاشد ابن كلدة : لا يهولنكم التسعة عشر  ان ادفع بمنكبي  الايمن عشرة من الملائكة وبمنكبي  الايسر التسعة ثم تمورون الى الجنة  . قالها  باستهزاء .

      اما الذين  اوتوا الكتاب من اليهود والنصارى  فانهم  استيقنوا هذا العدد من الملائكة حينما ورد في القرآن لانه موافق لما وجدوه في في كتبهم  التوراة والانجيل  واما المؤمنون من المسلمين  المصدقون  بالقرآن الكريم  فقد ازدادوا ايمانا مع ايمانهم  وتصديقا على تصديقهم لانه  يقرّون ان القرآن حق وان كل ماجاء فيه من عند الله تعالى  صدق لا ريب فيه وهدى للمتقين وما هذه الايات الا عبرة وعظة للناس . ثم  اقسم الله تعالى بالقمر باعتباره اية الليل  من اشراق النور منه في الليل المظلم وسيره الدائب  حين يبدء هلالا  ثم يصير بدرا ثم يعود كما كان عليه ثم يافل  ثم يظهر .  وبالليل اذا  تولى وادبر وعسعسته  وما فيها من  هدوء الكون وسكون الاصوات  وادباره  وتنحيه .     وبالصبح اذا بزغ واسفر فاضاء الكون  وافاق العالم بقبسه   اقسم بهذه الايات الثلاث لما فيها من دلالة على كمال قدرته وتمام حكمته   من ان  جهنم وهي سقر داهية  عظمى ومصيبة كبرى  وانها لتنتظر الكافرين  وانها داهية الدواهي  وانها لنذير لمن شاء ان يتقدم الى الطاعة  والخير  ويتاخر عن المعصية والشر  فمن تقدم الى الطاعة والايمان يجازى بثواب لا ينقطع ومن تاخر عنها عوقب عقابا اليما دائما  وفي هذا تخويف للكافرين من عذاب يوم القيامة  فما تنفعهم شفاعة الشافعين  لانهم لا يشفعون  الا لمن ارتضى. فهم  معرضون  عن الحق فكأنهم  قطيع من الحمر الوحشية  هجمت عليها  اسودا  فانهزمت سريعا خائفة مرتجفة  فقد كانوا يخوضون بالباطل ويجادلون به  لانه من آثار الخوض بالباطل  وهو التكذيب بالحق ومن أحق الحق يوم الدين اويوم القيامة  الذي هو وقت الجزاء على الأعمال وظهور ملك الله تعالى وحكمه العدل لسائر الخلق. عن الحق ومع هذا الإعراض وهذا النفور يدعون الدعاوى الكبار.  وكل منهم  يريد ان   ينزل عليه صحفا  منشورة نازلة عليه من السماء يزعم أنه لا ينقاد للحق إلا بذلك وقد كذبوا فإنهم لو جاءتهم كل آية لم يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم فإنهم جاءتهم الآيات البينات التي تبين الحق وتوضحه فلو كان فيهم خير لآمنوا  بل  كانوا لايخافون  عذاب الله تعالى في يوم القيامة فلو كانوا يخافونه  لما جرى منهم ما جرى فهو  تذكرة لهم  وموعظةلان الله تعالى  قد بين لهم السبيل  وايضاح الدليل . فإن مشيئته  نافذة لا يخرج عنها حادث قليل ولا كثير فأثبت الله تعالى للعباد مشيئة حقيقية وفعلا وجعل ذلك تابعا لمشيئته فهو  سبحانه وتعالى أهل لأن يتقى ويعبد  وأهل أن يغفر لمن اتقاه واتبع رضاه واطاعه  حق طاعته .
                          والله تعالى اعلم   

                 ****************




سورةالقيامة يوم القيامة في

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


(( لا أُقْسِمُ   بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ  بِالنَّفْسِ  اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الاِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الانْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5)  يَسْأَلُ  أَيَّانَ   يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الاِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلا لا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الانْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الانْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)  إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25) كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) أَيَحْسَبُ الاِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ( 40).

                                             سورة القيامة كاملة
 الحمد لله:

        من المفيد ان اذكر انه قد  ورد في القرآن الكريم  كثير من الفاظ القسم قبلها لا  وهذه اللا  يكون حكمها زائدة   ففي هذه السورة يفتتحها الله تعالى بالقسم بيوم القيامة تعظيما وتفخيما لهذات اليوم  واقسم  بالنفس اللوامة  وهي نفس المؤمن اذ تلوم  على  ما فاتها وتندم على الشر ولماذا فعلته وعلى الخير ولماذا لم تستكثر منه  وقيل انها نفس الكافر تلوم وتتحسر في الاخرة  على ما فرطت في جنب الله تعالى . والله تعالى خلق النفوس الانسانية  والهمها ما سارت عليه وقد صنف العلماء النفوس الى عدة درجات  فقيل ثلاث وقيل خمس وقيل سبع  فقسمت الى  ثلاث هي   والنفس اللوامة والنفس الملهمة  والنفس المطمئنة   وانا اقسمها الى ست :
1-  النفس الامارة :  وهي التي تأمر  صاحبها بالسوء وهي نفس خبيثة  وواسطة للسوء وقرينة  للشيطان  وتتسم بالكبر والركض وراء الشهوة والغضب وسوء الخلق والحقد والكراهية ووسيلتها الغواية واللهاث وراء الرذيلة  وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيها (اعدى اعداءك نفسك التي بين جنبيك) .
2-   النفس اللوامة: وهي النفس التى توقع صاحبها بالخطأ ثم تلومه وتندم فيصبح في موقع الندم فهي نفس حساسة  غلبت عليها  الطبيعة البشرية وتانيب الضمير  .
3-   النفس الملهمة : وسميت بالملهمة لانها تلهم الرشد  والتفريق بين الحق والباطل او الخير والشر وتميل  بطبيعتها الى العشق والبكاء وحب ذكر الله تعالى.
4-   النفس المطمئنة :  وهي النفس التي وصلت الى مقام التمكين وهي في مأمن من العثرات والزلات  عرفت طريقها الى الله تعالى  فسارت فيه .
5-   النفس الراضية: وهي النفس التي تجذب  قوة الالطاف الالهية  وقد وصلت  الى قمة الكمال  والى مقام الرضا عند الصوفية .
6- النفس المرضية:   سميت بالمرضية لرضا الله تعالى عنها  فهي قد انعم الله عليها بالرضا ( رضي الله عنهم ورضو عنه ذلك لمن خشي ربه ) سورة البينة  الاية الاخيرة
  وبعضهم يضيف   الى هذا التوزيع  اخرى هي:
 النفس الكاملة : وهي التي تكاملت  في الايمان والخلق القويم .
 ولمن اراد الاستزاده  عليه مراجعة كتابي ( شرح ديوان الشيخ عبد القادر الكيلاني وشئ في تصوفه ) ج 1 الصفحات \63-71

     يقسم الله تعالى القسمين اعلاه  انه قادر على جمع العظام  بعد ان تكون  رفاتا وترابا  فيعيدها خلقا  جديدا  وسيجمعها  وقادر ايضا على ان يسوي بنانه  او اصابعه  فيجعلها سوية مجتمعة كما في خف البعير  او يجعلها  متساوية في الطول  او يجعل لمسات اصابع الانسان  متساوية ومتشابهة  ومن المعلوم ان ا صابع ايدي او ارجل  كل انسان  لاتتشابه مع انسان اخر من حيث التكوين واللمسات والبصمات وغير متوافقة .
 ويبين الله تعالى ايضا  ان  النفس الانسانية  ترغب في الاغلب  ان تقدم فجورها  فيما يستقبله  من الوقت  ويؤخر توبته   ويتساءل  متى يوم القيامة في  ليحقق ذلك  .

      فاذا  حل يوم القيامة  وجاء اشراطها  وبرق البصر  وفزع وتحير من شدة الهول وشخص الانسان  للموت او للبعث و النشور   وقد بينت  فيما سبق  بفضل الله ومنته  كيفية حدوث يوم القيامة وما يعتري الخلق فيه ومنها خسوف القمر وانتهاء  ضؤه  وجاذبيته  فيتحرك  ويرتطم  في الشمس فتبتلعه  يكون في داخلها  فيكونان كتلة واحدة ( وجمع الشمس
 والقمر )  فلا يكون هناك ليل ولا نهار الا  ما شاء الله   فالمؤمنون نورهم يسعى بين ايديهم وايمانهم فهم في نور دائم والكافرون في ظلام دامس  شديد  وتساورالخلائق  افكار شتى  منها  اين المفر من عذاب الله تعالى  وعقابه  ولا يوجد  ما يفرون اليه ويعتصمون به  فلا جبل يصعدونه ولا  حصن يلجؤون اليه  فلا ملجأ  من الله تعالى الا اليه  فيكون عندئذ المصير و الملجأ والمستقر الى الله تعالى   .

       فعند ئذ يبدأ  الحساب واخذ الثواب او العقاب  وكل اسان يعرف حقيقة امره  وما عمله في الحياة الدنيا  من ايمان وعبادة  وطاعة  واستقامة  او كفر  ومعصية  واعوجاج  عما  امرالله  تعالى   وجوارحه  فمه ولسانه وايديه وارجله وجلده خير شاهد عليه اذا انكر  واذا جادل او انكر  فعله  فلا يفيده  او ينفعه نكرانه  وكذبه .

           وهنا يبين الله تعالى لحبيبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم  ان عليه  ان  لا يحرك لسانه وشفتيه  في حالة نزول الوحي عليه  بالقرآن الكريم  والقائه عليه حرصا على حفظه  فانه كفيل ان يجمعه في صدره الشريف واثبات قراءته  في لسانه على الوجه الاكمل والاتم . فاذا  اتم  الوحي قراءته عليه لينصت حتى يتم القراءة  ومن ثم يبين  بيانه اي تفسير ما فيه من الحلال والحرام  وما يشكل على النبي صلى الله عليه وسلم  .

        ففي هذا اليوم العظيم   يعرف الخلائق من وجهوهم  فسيماهم في وجوههم  فوجوه يومئذ ناضرة  لينة طرية نضرة   عليها مسحة النعيم وهذه الوجوه هي وجوه المؤمنين الشاخصة  الى الله تعالى وجوههم وناظرة اليه  تعالى  في هذا اليوم العظيم  كما ينظرون الى النورالساطع .

        اما الكافرون  فوجوههم  عابسة كئيبة  خائفة وجلة  تخاف ان تحل بها  المصيبة الكبرى عند الموت  وكانها فقرات الظهر  المكسورة  فاذا بلغت  النفوس الحناجر  او التراقي  وبلوغ النفس التراقي اي  الاشفاء على الموت  ولا يرقيه احد  او يعينه معين  اي يرقيه او يشفيه  وهذا هو  قدر الله وقضاؤه  فايقن بالموت وفراق  الدنيا  وما فيها من الاهل والاحبة والمال والولد  ولامست   ساقاه  بعضها  اي مدد  للنزع  وفراق الروح للجسد   فتخرج الروح الى باريها  وربها  والجسد الى الارض  واذا تم ذلك   وخرجت روحه من جسده تبين  انه  لم يصدق  بالقرآن الكريم  ولا  صلى لربه  ولا امن بقلبه ولا عمل ببدنه  لكنه  كذب بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم   وكان في حياته الدنيا  قد تولى عن طاعة الله تعالى  وذهب الى اهله   يتبختر  ويمشي اختيالا  وافتخارا  فيقال لهذا الشخص   ان الله تعالى اولاك الويل والثبور  مرة  بعد اخرى  فهل يحسب الكافر ان يترك بدون حساب فلا يحاسب  ولايعاقب  فاولى  به العذاب والعقوبة لانه  لم يفكر فيها.   الا يحسب  الانسان انه كان نطفة من مني  يراق من ا بيه  في رحم امه فخلقه الله تعالى وسواه انسانا سويا   اليس الذي خلقه بهذه الصورة ان يعيده الى الحياة  بعد الموت  والاعادة  حتما اسهل  من بدء  الخلق والصنعة  .
                            والله تعالى اعلم



               ****************************




            يوم القيامة في سورة الانسان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


((هَلْ أَتَى عَلَى الانْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الانْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الابْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ  لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلا(23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا (26) إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا اليما (31))

                                        سورة الانسان  \ كاملة
الحمد لله :

       يبين الله تعالى  في هذه الايات الكريمة انه خلق  الانسان وهو آدم عليه السلام من حمأ مسنون ثم من صلصال وبقي هكذا اربعين عاما قبل ان يبعث فيه الروح  اي لم يكن شيئا مذكورا  ثم نفخ فيه الروح فاستوى بشرا  ثم خلق له زوجا من جسمه وبشكله  ثم خلق بقية البشر من تناسل الزوجين  باختلاط  نطفتيهما  ثم ابتلاه بالخير والشر  فجعله سميعا بصيرا يحس ويسمع ويبصر ويدرك ثم عرفه طريق الخير والهدى والصلاح ومنافعه  وطريق الشر والضلال وعرفه مضاره  بما يدركه في عقله وقلبه . فجعل لمن يكفر به تعالى  ويسير في طريق الضلال والغواية  في الحياة الدنيا  قيودا  يقيده فيها يوم القيامة  ويلقيه في السعير واما المؤمنون الذين التزموا طريق الهدى  والخير فهم الابرار  فلهم  العيون الجارية طعمها كالكافور والكؤوس المترعة ذوات نكهات طيبة ومستساغة  تتفجر من هنا وهناك  اينما يحتاجونها  فهم كانوا في حياتهم الدنيا  يؤدون ما اوجبه عليهم ربهم  من صلاة و صيام   وكل ما فرض عليهم   وما لم بفرض   بما في ذلك  النذور  لانهم يخافون من هول يوم القيامة  هذا اليوم العظيم  الذي تعبس فيه الوجوه من شدته وهوله  وتتقمطر  فيه النفوس وتنقبض العيون والحواجب  والقمطرير هو طول الوقت من  شدة البلاء  ويطعمون الطعام  للفقراء والمساكين واليتامى واسرى الحرب الذين يأسرونهم  فيكونون تحت تصرفم  على حب الله تعالى  وتقربا اليه  يبتغون به وجه الله تعالى   فيمن عليهم فيه  بالنعيم  نضرة في الوجوه  اثرالنعمة  ويتكؤون في الجنة  على  الاسرة  الناعمة  لا يشعرون ببرد ولاحر  وقد تدلت  ثمارها عليهم من كل حدب وصوب  يتناولونها كيفما يشاؤون  وتهيأ لهم من يخدمهم  ويقدم  لهم  انواع الاشربة  كالخمرة الممزوجة بالزنجبيل  وافضلها  بكؤوس من  من زجاج  و فضة  مليانة  بالشكل الذي  يحبونه  ويرغبون فيه   وفيها عينا يجري ماؤها سلسبيلا  وهو  الماء الصافي النقي غاية في السلاسة  يقدمها لهم  اولاد في عمر الصبا  والشباب والنضارة  لايهرمون ولا تتغيير ملامح  اجسامهم  في غاية الحسن والجمال كانهم اللؤلؤ المنثور  اي متوزعين بينهم  واينما نظرت عيونهم واستدار عيونهم رأوا النعيم والملك الواسع . اما ملابسهم  فهي من السندس وهو الحرير الرقيق  ومن الاستبرق وهو الديباج الغليظ  وفي ايديهم الاساور من الذهب والفضة  زينة وحلية .  جزاءا لعبادتهم لربهم سبحانه وتعالى  وثنائهم عليه .
  
           ثم يبين  الله تعالى لنبيه محمد صلى الله علبيه وسلم  ا نه  نزل عليه القرآن الكريم تنزيلا  اي متفرقا  في النزول  ولم ينزله جملة واحدة  فانه نزل من  الله تعالى وليس كما يدعيه الكافرون والمشركون  فهؤلاء آثمون  والاثم هو  الغلو في الكفر  وان يذكر اسم الله تعالى  عند الفجر في صلاة الفجر واخر النهار في صلاة العصر  لان هؤلاء الكافرين  يريدون الحياة الدنيا  ولا يستعدون ليوم القيامة   هذا اليوم العظيم الثقيل باهواله وشدائده  فالله تعالى  كفيل بعقابهم وعذابهم  ولو شاء لأهلكهم  وخلق غيرهم  افضل منهم  فهي مشيئة الله تعالى  قدر ان المؤمنين في جنات نعيم وان الكفار في عذاب اليم .
                                     والله تعالى  اعلم     


                   ************************



















           يوم القيامة في سورة  المرسلات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ


           ((  وَالْمُرْسَلأ تِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لايِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمْ نُهْلِكِ الاوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الاَخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24) أَلَمْ نَجْعَلِ الاَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (28) انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (30) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ (33) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (34) هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (35) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالاَوَّلِينَ (38) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (40) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50))

 سورة المرسلات \ كاملة

  الحمد لله :

        اقسم الله تعالى بصفات خمس  اختلف المفسرون في اصلها فقال بعضهم المرسلات  هي الرياح  وجعلها غيرهم الملائكة وجعل العاصفات  والناشرات  والفارقات والملقيات  طوائف . فالمرسلات طوائف ا رسلت  بامر الله تعالى وامرت هذه الطوائف  بانفاذ الامر  وتنفيذه  فعصفن اي اسرعن  بالمضي  في  تنفيذ  الامر سريعا   كعصف  الريح   تخففا  في امتثال الامروايقاع  العذاب بالكفار نصرة للانبياء والمرسلين  وطوائف اخرى نشرن اجنحتهن  في الجو  عند تنزيل الوحي   الذي  يفرق  بين الحق والباطل  وذكرا للانبياء عليهم السلام  وعذرا  للمؤمنين  وانذارا  للكافرين والمشركين . فيؤكد الله تعالى بهذه الامور ان  ما وعدهم الله تعالى  به وهو  البعث  بعد  الموت  والحساب والثواب  بعد  البعث  في يوم القيامة .

   هذا اليوم العظيم متحقق عاجلا او آجلا  سيحدث  الامرالعظيم  وفيه تنطمس النجوم  وينطفئ  ضؤها  والسماء  تنفرج  وتتفطر  اي تتباعد     او تتقارب اجزاؤها  من بعض  والرسل عليهم السلام توقت ارسالهم  في فترات متباعدة  واذا حضروا يوم القيامة يحضر كل نبي اورسول مع من ارسل اليهم  ليكون شاهدا عليهم  فتم تاجيل شهادتهم بين الخلق  من الله تعالى  الى يوم القيامة وهو يوم الفصل  وسمي بيوم الفصل اي  يوم القضاء بينهم  او الفصل بين اصحاب الحق وهم المؤمنون .وبين اصحاب الباطل وهم الكافرون  فيكون مصير المؤمنين  الى الجنة ومصير الكافرين الى النار .

         اما  فويل يومئذ  للمكذبين  فهذه الاية كررت  عشر مرات وهذا تاكيد من الله عز وجل على ما سيناله الكاذبون من عذاب  وقيل  ويل هو واد في قعر جهنم  فيكون الكافرون فيه جميعها فهو  مأوى وملجأ لهم .
  ثم يبين الله تعالى  كيف هلك  الماضية   التي  خلقها من آدم وحتى امة محمد صلى عليه وسلم  وكيف اهلك هذه الامم  بالعذاب لتكذيبهم رسلهم صلوات الله عليهم وسلامه  ثم سيتبعهم الاخرين وهم الكفار والمشركين من امة محمد صلى الله  عليه وسلم  ويحاججهم  بانه تعالى  الم  يخلقهم  من ماء  مهين  مستقذر  تشمئز النفس لرؤيته  فجعله  في موقع امين وهو رحم الام  الى  مدة معلومة  وهي تسعة اشهر وهي مدة الحمل عند البشر اذ اختلفت هذه المدة في غيره من الحيوانات  بين خمسة اشهر وستة اشهر وسنة وسنوات .  وفي هذه المدة قدر اعضاؤه  واحواله وصفاته  حسب مشيئته وارادته . وبين لهم بانه سبحانه  جعل الارض حافظة لهم في حياتهم يعيشون عليها وفي موتهم يدفنون في باطنها  واسقاهم ماءا عذبا حلوا فراتا لا  مالح ولا  مر  وبما انتم كذبتم  بكل ما سبق واشرنا اليه  فانطلقوا في هذا اليوم العظيم  الذي كذبتم به  وهو يوم القيامة الى جهنم  حيث العذاب ينتظركم  انطلقو الى ظل من دخان كثيف  يتصاعد منها  ثم ينفلق الى ثلاث  فرق  وهذا الظل ليس فيه ظل كظلال الدنيا تستظلون بفيئه  ولا يحميكم من  حرها  واحراقها  فانها تتوقد ويتطاير منها الشرر وكل شرارة  بقدر القصر وهو البيت الكبير  وتقدر ضخامتها  بضخامة الابل  او الجمل الكبير الاصفر . فاذا تطاير  هذا الشرر  من جهنم  سقط  على الكفار فاحرقهم  وقيل انه شبه بالجمال السود المائل لونها الى الصفرة  .
     فاذا  كان لهم حيلة او مخرج فيخرجوا منها  فليجدوه  لكنهم  سيفشلون وسيبقون فيها هم والامم  الماضية لتكذيبهم الرسل صلاة الله عليهم وسلامه  وليبقوا فيها  خالدون .

         اما المؤمنون  فان لهم  ظلال  يستظلون في الجنة  فينعمون في عيونها وينابيعها  وخيراتها  وفواكهها االكثيرة  فياكلون مما فيها حلالا طيبا  هنيئا مريئا  وهكذا يجزي الله المتقين .

   اما الكافرون والمشركون فيقال لهم كلوا من جحيم جهنم وطعامها لكم وهو غسلين وحميم  لانهم  مجرمون  وكانوا اذا امروا بالصلاة  لايصلون والركوع اشارة الى الصلاة  .
  فهل من حديث بعد القرآن الكريم  يصدقون به هؤلاء الاكفار اذا  هم لم يؤمنوا به.
                                والله تعالى اعلم  

   
          

                      **************














              يوم القيامة في  سورة النبأ

                                          1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

((عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20))

                                          سورة النبأ الايات \1-  20 
الحمد لله \                                                                              :

        النبا  العظيم  هو  يوم القيامة  عظّمه  الله تعالى لجسامة وعظمة الامو ر التي ستحدث  فيه  فهو يوم عظيم وعلى الكافرين   والمشركين عصيب وعلى المؤمنين مضيء ينوّر لهم طريقهم الى الجنة باذن ربهم .
يتساءل الكفار والمشركون عن هذا اليوم فينكره بعضهم ويعقله بعضهم الا ان نفوسهم متجبرة متكابرة لا تنصاع لما امر الله تعالى.

           واصل (عم يتساءلون ) هو( عما يتساءلون ) اواصلها (عن  ماذا يتساءلون)  وبكل قال المفسرون الا ان الافضل لغة هو \ عما
وفي هذا الاستفهام معنى التفخيم والتشديد لعظمة الامر الذي يتساءلون عنه وما يحدث لهم فيه فهم يتساءلون عن اي شيء – عن النبا العظيم- اي عن البعث او الحشر من بعد الموت هذا النبا العظيم الذي هم فيه مختلفون اي اختلفت نفوسهم وافكارهم واراؤهم وعقائدهم فيه فاختلفوا في كينونته وحدوثه ومصائرهم فيه وما يصاراليهم فيه وما يعتريهم و يصيبهم في هذا اليوم العظيم .

          فالخلق يتساءلون عما يحدث لهم فيه وما يكونون فيه و ما تكون احوالهم واوضاعهم فيه فهو يوم مهول - يجعل الولدان  شيبا - يوم السماء  منفطر  به - كل يتساءل عن مصيره فيه .

         وقد ذهب اغلب المفسرين ان الامر متعلق  بكفا ر قريش فقط  الا اني ارى ان الامر اعظم من ذلك فكل الخلق منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة يتساءلون عما فيه و عما   سيكتنفهم وما يكونون فيه او بعده  وعن مصائرهم فهم فيه مختلفون باختلاف معتقداتهم وارائهم واعمالهم وافعالهم وما جبلت عليه نفوسهم فمنهم من امن به وعمل صالحا وقال انني من المؤمنين ومنهم من صد عنه ولم يؤمن به وكفر به فهو يومئذ من الكافرين .

        وفي الاية التالية ( كلا سيعلمون ) فيها زجر شديد وابعاد وردع للكافرين به ولا يقرون به ومنهم من يستهزء بهذا الحدث العظيم وما سيلاقونه من اهوال و انواع العذاب الشديد ما بعد الموت ثم يؤكده الله تعالى  بقوله  جلت  قدرته (  ثم كلا سيعلمون ) تاكيد ا فيه  تشديد عن كيفية ما  سيحدث  فيه  ومن ثم انكارهم للبعث والنشور والحساب فيما بعد الموت .
      
     ثم يبين الله تعالى ما انعم به على العباد وما خلقه  لاجلهم ولحياتهم وماتكون عليه هذه المخلوقات في يوم القيامة في صيغة اسئلة اجابتها واضحة بينها الله تعالى ضمنا ( الم نجعل الارض مهادا)  اي الم نخلق الارض ونجعلها  ممهدة مفروشة  تحت  اقدام الخلق  ولأعمالهم عليها وفراشا  للقاعدين عليها او الساكنين   فيها  يستخدمونها  كيفما يشاؤون .وجعل الله تعالى الجبال العالية   ثقيلة ثقيلة متكونة من اتربة وصخور مختلفة فهي اشبه   بالاوتاد التي تثبت  بيت الشعر او الخيمة اذا نصبت فالوتد هو ما يرتكن عليه البيت الذي  ينصب فيكون عمودا له فقد خلق الله تعالى الجبال  لتثبيت الارض ولتوازن  ثقلها  بين  مكان  واخر وفي حركاتها  ودورانها.

           ثم يبين الله تعالى انه خلق المخلوقات جميع المخلوقات ا زواجا ازواجا ذكرا وانثى اي من كل زوجين اثنين ليتآلفوا ويتراحموا فيما بينهم وليتكاثروا بالزواج   فيلتقي الذكر بالانثى   ليكوّنوا   وحدة انجاب جديدة فيكونوا زوجا( أي اثنين ) وحدة متكاملة - رجل وامراة - وتجمع ازواج اي ليكونوا استمرارا للتناسل والبقاء ويتعاونوا على اعباء المعيشة وانه تعالى خلق  لهم النوم  ليستريحوا فيه  من متاعب  العمل  ويسانس  احدهم بالاخر  حيث يقبض الله تعالى ارواح العباد عند النوم ثم يرسلها عند الاستيقاظ  فيعيدها الى اجسادها مرتاحة ذهب عنها التعب والنصب. قال تعالى :
( الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجل مسمى ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ) الزمر الاية \ 69

          وخلق النهار ايضا ليجعل فيه  مكسبا للرزق ومجالا  للعمل في الكسب والاداء  واذا قيل ان الانسان  بدء يعمل  في الليل  ايضا   فاقول - القول في الاغلب وليس في الاقل  فالاغلبية  الساحقة  من البشر اعمالهم  في النهار فالعبرة  اذن في العموم - و العمل  بطبيعته  في النهار  افضل منه في  الليل  فعمل  الليل  اتعب  من  عمل  النهار وجسم  الانسان  فسلجيا لم يألف عمل الليل   فهو في النهار  أطوع منه وأصلح .

             فالليل جعله الله تعالى سترا للانسان وشبه ظلمته باللباس فهو كالثوب الذي يستر عورته  وما يريد ان يستره فيه من اعمال وكذلك فهو ستر يقي الانسان الاعداء واقوم للاختفاء وكل عمل مستور او يراد ستره وبعده عن اعين الناس بينما جعل النهار خلافا لذلك واضح المعالم مظهر الاشياء على حقيقتها .

.         وكذلك من عظمة الله تعالى وفضله على عباده ان خلق فوق الارض  سبع  سموات  قوية شديدة الخلق والانشاء تتفاعل وجعل بينها وبين  الارض هذا  الكون  العظيم  والفاصل  الواسع  المملوء  بالغازات المختلفة والذي نسميه – السماء- والتي تكونت حسب ما تفيد المخلوقات وبقائها على الحياة مثل الاوكسجين والكاربون والهليوم وما اليها وبنسب متفاوتة   فيما   بينها   وبين الارض وما عليها بقوة هائلة عظيمة عجيبة تحكمها قوانين عجيبة الخلق والصنع الا وهي الجاذبية التي اوجدها تعالى في كل شيء  بما  في ذلك  الكو اكب والنجوم  والاقمار  وحتى  مكونات الارض خلقها الله تعالى لتتجاذب فيما  بينها  وجعل لكل منها قدرا مقدورا منها  لا تتقدمه ولا تتاخر فيه جاذبية ثابتة لو قلت او زادت ذرة واحدة او قدر قطمير- وهو الفتيل الصغير في نواة التمر - واحد لحدث ما حدث في هذا الكون العظيم وحكمها بقوة قوانين خلقها وعظمته في خلقه .

        ومن فضائل  نعمته على الخلائق ان جعل الشمس سراجا منيرا متوهجا ومصدرا  لكل نور وضياء  ولكل طاقة وانزل الماء  لأ ستمراية الحياة  لهذه  الكائنات من السحب  والمزن  من السماء  التي  تسوقها  الرياح   والتي جاءت ( المعصرات ) اي ذات عصر اي ضغط  رياح  قوية فتضغط على الغيوم او السحب فتسوقها الى مكان معين باذن ربها لتصب ما فيها من ماء مبارك على الارض فينبت ما في باطن هذه الارض من حب او بذور او ما يزرعه الانسان فيها نباتا وحبا جديدا طعاما للانسان والحيوان على حد سواء و منها ما يكون اشجارا  مثمرة  قائمة و ملتفة على بعضها كالنخيل والعنب مثلا نعمة من الله تعالى لهذا الانسان وفضلا منه ونعمة . لعله يخشاه ويتقيه وفيعبده حق عبادته .
 والله تعالى اعلم

                *********************
2
بسم الله الرحمن الرحيم

( (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (  40))

                              سورة النبأ الايات – 21-40
الحمد لله :

          في يوم  القيامة  هذا اليوم العظيم  الذي  يتسا ءلون فيه او عنه الخلق تبدل  الارض غير الارض وكذلك  السموات  ففي هذا اليوم العظيم يحدث ما ليس بالحسبان ولا يخطر على قلب بشر من الهلع والفزع الاكبر ففيه  يقوم اسرافيل عليه السلام    وهو الملك  الموكل  بالنفخ   بالبوق   ( الصور) ومن شدة هول وعظمة وقوة هذا الصوت تنفلق الجبال وترتج لتتحول الى اكوام من اتربة وتتساوى في الارض - والمطلع على قوانين الصوت واثرها ليعي قدرة ما تفعله هذه الاصوات – فكم هي شديدة هذه النفخة التي يحدث منها هذا الهول العظيم ولشد  ما  تصورت هذا اليوم الزلزال الذي حدث في جنوب شرق تركيا حيث الجبال العالية والاحجار القوية الشديدة الصلابة فاهتزت لهذا الزلزال فتغيرت الارض   وانقلبت الحياة فيها - فلا يعرف مكانها  عليها  فكأنها    كانت   سرابا  او تصبح كالسراب ( وسيرت الجبال فكانت سرابا ) و تتسخن مياه البحار نتيجة انفجارات تحدث في اجوافها فتكون نواة لهذا التسخين فتخرج نيرانا هائلة منها تسخن المياه فترتفع درجات حرارتها وما فيها من انحباس حراري وتتحول الى ابخرة شديدة متصاعدة الى الاعلى وتخرج المياه عن الحدود المرسومة لها ويختل توازن الكواكب والنجوم وتختلف توازنات جاذبيتها فتنسحب احد ها الى الاخرى فترتطم بها وتنفلق ويصبح الكون كل الكون في وضع لا يعلمه الا الله تعالى لاتدركه القلوب والافكارالبشرية او تحدسه حدود مقدرتها ومثل ارتطام القمر بالشمس لقوله تعالى ( وجمع الشمس والقمر) .

        اما مصير الانسان والحيوان في الارض فتنتهي الحياة لاول وهلة من هذا الحدث  العظيم   فيموت  الانسان   والحيوان   ولا   يبقى لهم اثر وينطمر الخلق كله في تراب الارض وتتساوى بما فيها ويتغير شكلها   الى ما  لا  يعلمه الا   الله   تعالى   وكذلك   الجان   والملائكة   وترجع
الارواح  الى بارئها   مثقلة   بافعالها وما عملت ايديها  في الحياة الدنيا ويصبح الجو كله سديما مثقلا بالبخار ارضا وسماءا .

         ثم بعد ذلك ينشؤ الله تعالى النشأة الاخرة في يوم البعث والنشور وهو جزء من يوم  القيامة -اذ يوم  القيامة يوم عظيم  مهول احداثه  لا  يعلمها الا الله تعالى - كما بدء الخلق اول مرة ( كما بدنا اول خلق نعيده وعد ا  علينا  انا كنا   فاعلين )  فتنبسط  الارض وتنهمر السماء بالمطر مدرارا فتغرق الارض وما عليها وتستجيب الارض للانبات مرة اخرى فينبت كل ماكان عليها من دابة وشجر وينبت الانسان من جديد كما ينبت البقل على الارض كما اخبرالحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم اذ ان الانسان تاكله الارض الا عظيمة صغيرة دقيقة متناهية في الصغر تسمى( عجب الذنب) لا تاكلها الارض فتكون بمثابة بذرة لكل انسان فتنبت من جديد فيكون الخلق خلقا اخر( فتبارك الله احسن الخالقين ) فتنهض البشرية من جديد من رقدتها ( واذا القبور بعثرت *علمت نفس ماقدمت واخرت*) بقلوب واجفة ونفوس خائفة قائمة تنتظر يوم حسابها فتكون الجنة والنار متقاربتين متباعدتين وبينهما الصراط –في حديث قد يطول شرحه فيخرجنا عن الموضوع- ثم تشرق الارض بنور ربها ( واشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجيئ بالنبيين والشهداء )

          فتخلق جهنم فاغرة ابوابها للاشرار من الخلق ( يوم نقول لجهنم هل ا متلات وتقول هل من مزيد *) وممن لا يؤمنون بالله تعالى وعظمته وقدرته ولا يعبدونه حق عبادته فيدخلونها داخرين فهي ( للطاغين مآبا * لابثين فيها احقابا * ) فاليها مرجعهم مقيمين فيها فهي دارالخلد لهم . وقد اعد الله تعالى لهم عذابا شديدا فهم يشربون الماء المغلي الاسن الشديد الحرارة والغساق اي الصديد القذر النتن الرائحة الفاسد جزاء ما اقترفوه في حق الله تعالى وحق العباد من افعالهم جزاءا وفاقا يوافق اعمالهم وكل وفق عمله لأنهم لم يؤمنوا بهذا اليوم العظيم يوم الحساب وكذبوا به تكذيبا شديدا فاوقعهم عملهم في العقوبة .

        واكتست الارض من نور الله العظيم لاستقبال اهل الايمان فيها وهم الذين وصفهم الله تعالى بهذه السورة ووسمهم با لمتقين لهم فيها مفازا اي فوزا عظيما كما بشر الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم:
 ( لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )
وكواعب اترابا ولهم من الحور العين ممن هن في اعمار واحدة عمرالصبا والشباب كواعب ناهدات حسان الوجوه والاجساد والانفس رقيقات القلوب- كل قدر عمله وايمانه كاسا دهاقا اي ولهم من الخمور المعتقة الممتعة التي لا تذهب بالافكار ولا العقول كؤوسا مملوءة مترعة ويعيشون في نعيم مقيم عطاءا حسابا من رب السموات والارض وما بينهما جزاء اعمالهم الصالحة وعبادتهم الله تعالى هذا الرب الجليل العظيم الذي وصف نفسه جلت قدرته ب( الرحمن ) والرحمن اسم خالص لله تعالى لايجوز تسمية اي شيء من بشر او ملك او جن او اي مخلوق بهذا الاسم فالكل عبيده فهم ( عبد الرحمن ) بينما اباح لهم التسمية بغير هذا الاسم يتسمون يه فهو خالق الرحمة ومنزلها لعباده حكم بالحق ولا يستطيع احد ان يعترض على حكمه سبحانه وتعالى فهو الرحمن الرحيم

            وفي هذا اليوم وعظمته يصطف الملائكة وعلى راسهم جبريل عليه السلام حيث انه الروح المشاراليه في القران الكريم يصطفون صفا صفا قانطين لله تعالى يرتجفون خوفا وخشية وهيبة ورهبة من الله تعالى لا يتكلمون ابدا الا من بعد ان ياذن الله تعالى لمن يشاء منهم فيقول قولا صادقا صائبا . فهو يوم عظيم مهيب يوم الحساب والجزاء الاوفي فيه يحصل المؤمن على كل ماتمناه ورغبت نفسه فيه ويحدث الكافر نفسه فيه بالويل الثبور ويتمنى لو لم يخلق فيكون ترابا تطؤه الخلق وينسى الى الابد -
        اشير الى كتابي( اصحاب الجنة في القران الكريم) وهو الكتاب الاول من هذه السلسلة المباركة ( التفسير الموضوعي للقران الكريم ) ففيه صفة الجنة وصفة اصحابها وتفسير لكل الايات التي وردت فيها الجنة ).
           اللهم اجعلنا واباءنا وامهاتنا والمؤمنين و كل من  طالع هذا النص ومن له حق علينا من اصحاب الجنة .
                                  امين

                 *******************





               يوم القيامة في سورة  عبس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

     ((  فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (  42 ))
سورة عبس الايات \33-42                     

الحمد لله:

          بعد ان بين الله تعالى بعض آلائه للناس فيذكرهم بطعامهم وكيف يكون .انه تعالى احسن اليهم طعامهم ليكون لهم ولانعامهم متاعا  لعلهم يشكرون الا ان بعضا منهم  جاحدون لهذه النعم  والالآء العظيمة . لهذا فقد اتبعها   سبحانه  بالايات التي ا تثبت  حدوث  يوم  القيامة  وحالة  الانسان  فيه  فاذا  حدث يوم القيامة هذا اليوم العظيم وحدثت الصرخة المدوية المقرعة للاذان  ويشق او يصعب الامر على اي من البشر فلا ناصر ولا  نصير ولا ملاذ  يلوذ  به  او ا غاثة  من مغيث فالفرد يفر او ينهزم او يتخلى عن اقرب الناس اليه  اخيه وهو شقيقه او شقيقته و امه التي حملته وولدته وارضعته  وسهرت عليه وابيه  الذي انجبه  وتولاه  بالتربية  حتى  كبر فظاهر  به  وافتخر  ومن  صاحبته  التي  هي زوجته  احب الناس اليه واقربهم محبة  ومودة الى قلبه اذ غرس الله تعالى  فيما  بينهما  محبة ورحمة  ومن  بنيه  الذين هم  ثمرة  فؤاده واعز كل الخلق اليه فهو ينفر منهم من شدة هول هذا اليوم العظيم اذ انه مهتم بامر نفسه  فقط وهم ايضا مهتمون بامور انفسهم  وما يشغلهم عن امور اقرب الناس اليهم فكل منهم لا مجال عنده غير امر نفسه .

         وفي هذا اليوم العظيم ينقسم الناس قسمين:
 الاول اولئك الذين ترى نورهم في وجوههم فهي مسفرة فرحة ضاحكة مستبشرة متنورة بالايمان والعرفان بلقاء الرب الجليل سبحانه وتعالى وقد بشرهم بالجنة ونعيمها خالدين فيها ابدا .
والثاني اولئك الذي غشيت وجوههم الذلة  والهوان  فهي يعلوها  الكدر والغبرة الناشئة  من اكدارالكفر وانواع  الاثام والعصيان والضلال  فهي مظلمة حتما  متنحسة  يشوبها  صغار  ويعلوها  كدر  وهؤلاء   الكفرة والفجرة الذين ابعدهم الله تعالى عن رحمته و(احلهم دارالبوا ر جهنم يصلونها فبئس القرار ) اعاذنا الله تعالى منهم ومنها .
                             وادخلنا في اصحاب النعيم امين .



                        ******************
































               يوم القيامة في سورة  عبس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

     ((  فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (  42 ))
سورة عبس الايات \33-42                     

الحمد لله:

          بعد ان بين الله تعالى بعض آلائه للناس فيذكرهم بطعامهم وكيف يكون .انه تعالى احسن اليهم طعامهم ليكون لهم ولانعامهم متاعا  لعلهم يشكرون الا ان بعضا منهم  جاحدون لهذه النعم  والالآء العظيمة . لهذا فقد اتبعها   سبحانه  بالايات التي ا تثبت  حدوث  يوم  القيامة  وحالة  الانسان  فيه  فاذا  حدث يوم القيامة هذا اليوم العظيم وحدثت الصرخة المدوية المقرعة للاذان  ويشق او يصعب الامر على اي من البشر فلا ناصر ولا  نصير ولا ملاذ  يلوذ  به  او ا غاثة  من مغيث فالفرد يفر او ينهزم او يتخلى عن اقرب الناس اليه  اخيه وهو شقيقه او شقيقته و امه التي حملته وولدته وارضعته  وسهرت عليه وابيه  الذي انجبه  وتولاه  بالتربية  حتى  كبر فظاهر  به  وافتخر  ومن  صاحبته  التي  هي زوجته  احب الناس اليه واقربهم محبة  ومودة الى قلبه اذ غرس الله تعالى  فيما  بينهما  محبة ورحمة  ومن  بنيه  الذين هم  ثمرة  فؤاده واعز كل الخلق اليه فهو ينفر منهم من شدة هول هذا اليوم العظيم اذ انه مهتم بامر نفسه  فقط وهم ايضا مهتمون بامور انفسهم  وما يشغلهم عن امور اقرب الناس اليهم فكل منهم لا مجال عنده غير امر نفسه .

         وفي هذا اليوم العظيم ينقسم الناس قسمين:
 الاول اولئك الذين ترى نورهم في وجوههم فهي مسفرة فرحة ضاحكة مستبشرة متنورة بالايمان والعرفان بلقاء الرب الجليل سبحانه وتعالى وقد بشرهم بالجنة ونعيمها خالدين فيها ابدا .
والثاني اولئك الذي غشيت وجوههم الذلة  والهوان  فهي يعلوها  الكدر والغبرة الناشئة  من اكدارالكفر وانواع  الاثام والعصيان والضلال  فهي مظلمة حتما  متنحسة  يشوبها  صغار  ويعلوها  كدر  وهؤلاء   الكفرة والفجرة الذين ابعدهم الله تعالى عن رحمته و(احلهم دارالبوا ر جهنم يصلونها فبئس القرار ) اعاذنا الله تعالى منهم ومنها .
                             وادخلنا في اصحاب النعيم امين .



                        ******************





















              يوم القيامة في سورة التكوير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالاُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( 29))   .
                                           سورة  التكوير الايات \1-29

الحمد لله:

         يبين الله تعالى انه اذا جاء يوم القيامة وقرب حدوثه تتغير اجواء هذا الكون ويختل توازنه  ونظامه  فيذهب ضوء الشمس ويلتصق القمر فيها  فيكون في داخلها او جزءا منها  وتنطفئ النجوم  وتتهاوى  نتيجة  اختلال التوازن  بينها  وحدوث  خلل في  نظام  تجاذبها  وتنشق السماء وتزال . وتتحرك   الجبال عن  اماكنها  ومواقعها   وتندك   في  الارض وتتحول  الى هباء  منثور  وتتساوى  في الارض   اما البحار فتسجر اي ترتفع حرارة ما فيها   من  المياه   نتيجة   ثوران  البراكين  في داخلها  فتلتهب النيران خارجة فوق  الماء وكأنها  للناظر  من بعيد ورودا رسمت بدهان او باصباغ دهنية لماعة  وهذا ما ورد وصفه في سورة الرحمن   .

       اما العشار وهي النياق  او اناث الابل  الحوامل في بطونها اولادها  وهي انفس وافضل ما عند العرب  انذاك  واقرب الى نفوسهم  فتترك  سائمة  فلا راع  يرعاها  خوفا  وهلعا  لشدة هول هذا اليوم العظيم .

           وفي هذا اليوم  العظيم  يبين  الله تعالى ان النفوس  الصالحة المؤمنة  ستقترن  بالحور العين  بزواجها منها  وتقترن  نفوس الكفار   بنفوس المردة  والشياطين  ويلحق  كل  بشيعته او جماعته من اليهود والنصارى وغيرهم وياتون ومعهم ا نبياؤهم  شاهد ين عليهم  والمجوس والذين  اشركوا   وجميع الخلق  فيحضرون  في ساحة   القيامة  وهي ساحة واسعة  ارضها  منبسطة  للحساب  لنيل الثواب او العقاب  وتاتي النفوس الموؤودة وهي نفوس البنات التي كانت  تقتل  صغارا  او تدفن احياء  كما يفعل  الاعراب في   قديم الزمان  في الجاهلية  وقبل الاسلام  حيث يقتلون اولادهم خوف الفقر والبنات  خشية العار تسأل  قاتليها عن سبب قتلهم لها   فوبخ  قاتلها  بسؤالها  لانها  قتلت  بدون ذنب  وسوف تنشر الصحف  وهي  صحائف اعمال  وافعال  العباد  في حياتهم  الدنيا  كتبها  وسجلها  الملكان  الموكلان  في  كتابتها حيث كانا ( عن اليمين وعن الشمال قعيد)  ويؤتى  بجهنم  تزبد وترعد  سعرت  نيرانها لغضب الله تعالى  وكثرة خطايا  بني آدم .  وجيئ بالجنة وخيراتها  فتقترب من المؤمنين  فاذا تم ذلك كله  علمت كل نفس ما احضرته  بما  ينشر في  صحائفها  وتم  الحساب في ضوء ذلك .  

           ويقسم الله تعالى  بالكواكب التي تخنس في النهار اي تختفي ولايظهر ضوؤها  وبالجواري من الكواكب  التي  تجري  في  افلاكها وتكنس في غروبها  اي لا يبقى اثر لها  وقيل هي السفن ومجراها في البحار . وبالليل اذا  ادبر وانتهت ظلمته وهو قبيل الفجر بقليل  وبالصبح اذا اقبل وظهر  . يقسم الله تعالى في كل هذه الامور ان القران الكريم نزل من الله تعالى وبامره انزله الملك  جبريل عليه السلام باذن الله تعالى  فهو قول جبريل  حيث نزل  بالقران الكريم   الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم  فهو ذو قدرة فائقة  عالية  ومكانة  كبيرة  سامقة  عند الله تعالى   وهو مطاع عند الملائكة  يرجعون اليه  ويطيعونه  وأمين في نقل  نص القرآن الكريم الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم  والذي وصفه الله تعالى بالصحبة  لانه اعقل الناس واشرفهم  واكملهم حجة وعقلا  وقد شاهد النبي  محمد  صلى الله عليه وسلم  الملك  جبريلعليه السلام   بام عينينه في  صورته  الحقيقية  وما كان النبي محمد  صلى الله عليه وسلم  ان  يضمر  او يخفي او يبخل  بامرالسماء او بما اوحي اليه  من ربه  في  شيئ  ولا  يقصر في  التبليغ  في شيئ  بل يعلم ما  اوحي  اليه  من   ربه  الذي هو القران الكريم   من انه  ليس بقول شيطان رجيم  لان الشيطان  اذا استرق السمع  يرجم  بالشهب فهو  رجيم.   فالكافرون  اين سيذهبون من عقاب الله  بعد ان بين لهم الامور  واضحة جلية وانزل القران الكريم  الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم موعظة  للعالمين  لتذكيرهم  في الامر   فما من سبيل  الا  الاستقامة  والايمان وما يقدرون عليها الا  بمشيئة  الله  تعالى  ورحمته بهم .
                 والله تعالى اعلم



                *****************  












              يوم القيامة في سورة  الانفطار

سْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


(إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) يَا أَيُّهَا الاِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الابْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالامْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)

                                              سورة الانفطار \ كاملة

الحمد لله :

          هذه السورة  المباركة  تؤكد  ما جاء في سورة ( التكوير )  من علامات وقوع يوم القيامة وحدثانه فاذا  قرب انفطرت السماء اي تشققت وازيلت وتكون  قد انتثرت  الكواكب  وارتطمت ببعضها  وتساقطت بفعل اختلال الجاذبية  بينها  وهذا ما  يؤكد  حدوثه في السماء اما ما يحدث في الارض فتنفجر البحار بعضها في الاخر حتى تكون كانها بحر واحد  نتيجة ارتفاع  مناسيب الماء  و ارتفاع  درجات  حرارتها  وانفجار  البراكين في داخلها نتيجة  اختلال الارض  وسير جبالها  واندكاكها  او  انبساطها  في الارض  وجعلها هباءا منثورا . فاذا قامت الساعة  تبعثرت القبور واخرج  من  فيها  احياءا  من  بعد الموت  ففي هذه الساعة   تعلم  النفس الانسانية ما قدمت من عمل  من خير او شر وما اخرت من حسنة او سيئة .

        ثم ينبه الله تعالى  هذا الانسان قائلا  له  ما الذي  غرك  وخدعك حتى  كفرت  بربك   الكريم  الذي  تفضل عليك  بالخلق  وحسن  الخلقة   والانعام  والالاء  ولم تعبده  حق عبادته  - وقيل غر الانسان  عفو  الله تعالى  فكفرت -  فهو خلقك  من نطفة  امشاج  من ماء مهين  وسواك انسانا  تسمع  وتبصر وتفكر  وجعل جسمك  معتدلا  قائما حسن  الخلقة والصورة  وبالتي اختارها  لك  وجعل  الاعضاء  في  الجسد  متناسقة متناسبة  لهذا الهيكل  وفي احسن صورة ركبك .
   
          الا ان هذا الانسان كفر  بنعم الله تعالى وآلائه   ولم يعبده  وكذب بيوم القيامة  وكذب  بالبعث من  بعد  الموت   وكذب بالحساب في الحياة الاخرة .  فالله   تعالى جعل عليه رقابة ملائكة  كراما  امينين  يكتبون كل ما  فعله هذا  الانسان من عمل  في الحياة الدنيا خيرا  او شرا  فالانسان العابد المؤمن يعد  من الابرار  فيكون في يوم القيامة في النعيم  وفي الجنة    خالدون . واما  الفجرة  الكفرة   فيكونون  في  جهنم  داخرين  يصلونها في يوم الدين   لا  يفارقونها  ولا يغيبون عنها    وفي هذا اليوم العظيم  لا  تملك  نفس لنفس شيئا  فليس لاحد  ان  يصنع فيه  شيئا  او يعمل  شيئا  كما  في الحياة الدنيا  فان الامر لله  تعالى  وحده  يفعل ما يريد وما يشاء .
                               والله تعالى اعلم .




      ******************************  







              يوم القيامة في سورة  المطففين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


   ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2)
 وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ
 (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ  يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الاوَّلِينَ (13) كَّلا    بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) كَلا إِنَّ كِتَابَ الاَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ  الاَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى  الاَرَائِكِ  يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي  وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ  يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا  انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ  انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ  هَؤُلاءِ  لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الارَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)))

                                             سورة المطففين \ كاملة

 الحمد لله :

        المطففون هم الذين  يعملون  في  البيع  والشراء  والتجارة  وكل شيء يكال ويوزن  ويتعاملون في الميزان  والكيل  فاذا وزنوا  لانفسهم اي مادة  حاولوا ان يكون  الوزن  مستوف حقه   وراجح  بزيادة  واذا وزنوا  للاخرين  جعلوا  الوزن بخيسا  اي اقل من الحق فيه  اي ناقصا   فيكون  فرق  الوزن  في هذا حرام  وما بين الوزنين  تطفيفا  .  فهؤلاء يحذرهم الله تعالى  الا  يفكرون او يتذكرون ما يكون  مصيرهم  في يوم القيامة هذا اليوم العظيم فيخشون عاقبة افعالهم  حيث سيقوم الناس فيه  واقفين منتظرين لامر رب العالمين  للحساب والجزاء وهذا دليل على عظم ذنب  التطفيف  وفظاعته  وشدة عقابه  لما فيه من اكل اموال الناس بالاثم والباطل  وخيانة للامانة  وما المال الذي يكيله هؤلاء  او يزنونه الا امانة  في ايديهم .

             فالفجار ومنهم  المطففون  سيكونو ن  في سجين  وهو سجن وضيق  وقيل ان الارواح الكافرة او الشريرة عندما  تنتزع من اجسا دها بالموت  تكون في سجين  حتى يوم القيامة   وهذا  ما امر الله  تعالى به  وكتبه عليهم  فهم في سجن وضيق  وقيل  سجين من سجيل  مشتق من السجل اي الكتاب  وانا اراه  انه موقع الارواح الشريرة  حتى يوم القيامة  حيث ان هذه النفوس  بعد خروجها من الجسد يذهب بها الى السماء  فلا تفتح  لها  فيرجع  بها الى  العوالم السفلية  فتبقى  في  سجين الى  يوم  يبعثون   ومن  يكذب بهذا  الا  كل معتد  اثيم  ظالم  وجائر اذا تتلي عليهم ايات القران الكريم  للتذكير  قالوا اساطير الاولين  . قصص   وحكايات  والحقيقة انهم  لكثرة  خبائثهم  وذنوبهم  ومعاصيهم ران على قلوبهم زيغ  ولفها الران في  سوداء  وجعلها حالكة  وقد  قال النبي  محمد  صلى الله عليه وسلم في ذلك (  ان العبد  اذا  اذنب ذنبا  نكت في  قلبه نكتة سوداء  فان تاب ونزع واستغفر  صقل قلبه  وان عاد زادت حتى تغلف قلبه  فذلك الران الذي ذكره الله سبحانه في القران ) لذا فهم يوم القيامة  لا ينظرون الى رب العزة  كما   ينظر المؤمنون  فكما  حجبهم  الله  تعالى  في الدنيا عن توحيده   وعبادته  حجبهم  في الاخرة  عن  رؤيته  وحرمهم   نظرته   وسيدخلون  جهنم   ويذوقون   حرّها   وشدّتها   ويقول   لهم   الملائكة الموكلون  بها  وخزنتها هذا  ما كنتم به تكذبون  ا صبح حقيقة  عليكم .      
      
           اما  المؤمنو ن  الابرار فهم مكتوبون  في عليين  وهي اعالي الجنة  وافضل مواقعها  اوهو كتاب اصحاب الجنة واسماؤهم مسطورة فيه  وقيل ان الارواح المؤمنة  عند ما  يتوفاها الموت  تصعد  الملائكة بها  الى  السماء   فتنفتح  وتبقى في عليين  الى يوم القيامة  فالملائكة  يشهدونه  ويرونه عند  مصاحبتهم لهذه الارواح وقيل يشهدون بما فيه يوم القيامة   فهم اي المؤمنون على  الارائك  ينظرون  الى ما  اعد  الله تعالى لهم من خير ونعيم وقيل ينظرون الى وجهه الكريم . الناظر  اليهم  يعرفهم   بسيماهم  وما عليها من اثر النعمة  والنضرة  والنور والحسن والبهاء  والبهجة  فهم  يسقون من خمر ة  لذة  للشاربين  رحيقها  مسك  مختوم لا يفتحه  الا  الا برار  فهو  معبؤ  ومختوم بالمسك  لا يمكن لاحد غير الابرار فتحه  ومزاج هذا الخمر من  تسنيم وهو شراب يسكب عليهم من  موقع  عال  وهذا  الشراب هو افضل شراب في الجنة  ومنه كعيون  يشرب بها  المقربون  وهم  الابرار  يمزجو ن  كؤوسهم  بشرابها  وهم  في افضل حال واحسن مآل  .   

          والمجرمون  من  الخلائق  والكافرون  ينظرون الى الابرار  في الحياة  الدنيا  ويضحكون  استهزاء ا  بهم  وعليهم   واذا  مروا  بهم وهم  يعبدون الله تعالى  يغمزونهم  باعينهم  وحواجيبهم  ويعيرونهم  بالاسلام ويستهزؤون  بهم  فاذا رجع الكفار الى بيوتهم  رجعوا  فرحين  لما  فعلوه بالمؤمنين   وهذا  هو الحرام  بعينه  .

    اما في  يوم القيامة  فالمؤمنون  والابرار من الكفار يضحكون   لانهم دخلوا جهنم  ولحقهم الخزي  والعذاب.  فالابرار  في  هذا  اليوم  العظيم  جالسون  على ارائكهم  واسرتهم  ويقولون   للكافرين  قد  وقع  عليكم  الجزاء  والعذاب  بما  فعلتم  في حياتكم الدنيا وبما كنتم علينا تضحكون  .
                                  والله تعالى اعلم 



 ********************** 



 يوم القيامة في سورة الانشقاق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الارْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) يَا أَيُّهَا الانْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15) فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19) فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ( 25))

                                               سورة الانشقاق\ كاملة

 الحمد لله:

           الله سبحانه وتعالى  يبين لخلقه  انه اذا  انتهى امر الحياة الدنيا  فستنشق السماء  وتزال  بما  فيها من كواكب ونجوم  وانتثارها وتعاليها وتساقطها  وارتطامها  ببعضها  وسقوطها  طاعة لامر الله تعالى وانقادت اليه  وكان  انقيادها  لازما   والارض  مدت اي  انبسط  سطحها  ودكت جبالها فيها فاصبحت هباءا منثورا  وخرج ما في باطنها  وظهر . واتقدت البحار   وارتفعت   درجاتها   الحرارية  وتخلت  عن كل ما  في  باطنها  فاصبحت  ارضا  منبسطة  بحيث اصبحت مهيأة لقيام حدث عظيم .

           اما الانسان   بطبيعته  عندما  يشعر  بالضيق  والحرج  يلتجئ الى الله تعالى   ويكدح في ذلك اي يتعب نفسه  في  سبيل لقاء ربه تعالى بالحسنى  وانه  سوف يلاقيه  في يوم القيامة . فاذا كان مؤمنا  فسوف يحاسب حسابا هينا لينا  فيدخل الجنة ويذهب الى اهله وهم اصحاب الجنة  مسرورا فرحا  مبتهجا . واما  من أ وتي كتابه  وراء ظهره اي كان كافرا في الحياة الدنيا  وهم الكفار والعصاة  فانه  يدعوا  لنفسه  بالويل والثبور لانه سيصلى  سعيرا  في نار جهنم . والسبب انه كان في  دنياه مسرورا  بشهواته وتكبره  وتجبره على الاخرين  بحيث اعمت هذه الامور بصيرته وبصره فلم يفكر في الحياة الاخرة ولا في يوم القيامة ولا يؤمن بالله العلي العظيم  وظن ان لا حياة من بعد الموت ولا حساب  .

        فالله تعالى  يؤكد  انه تعالى  سميعا  لاخبارالناس بصيرا بكل ما يعمل الظالمون  لاتخفى عليه خافية  فيقسم بالشفق وهو  وقت غروب الشمس  حيث  يكسو السماء  احمرار في  الايام  الصاحية  يستمر  من وقت انتهاء وقت صلاة العصر وحتى قبيل صلاة العشاء  ويقسم مرة اخرى   ب(الليل وما وسق) وهو اتساق المخلوقات وهدأتها  او رغبتها بالهدوء بعد تعب النهار  بما فيها الا نسان و الحشرات والدواب  ويقسم الله تعالى ثالثة  ب( والقمر اذا  اتسق)  اي وقت اتصاله  ذروة  نوره في الايام التي  يتبدر فيها  وهي ثلاثة ايام من كل شهر  الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر  وتسمى ايام  التشريق  ومنهم  من  يضيف اليها الثاني عشر   والسادس عشر لتكون خمسة ايام .  المهم  ان  القسم يقع على القمر في حال كونه  بدرا   وهذا القسم بالثلاثة اعلاه  يقع على ( لتركبن  طبقا  عن طبق )   اي لتكونن  في رخاء  ورخاء  اوشدة  وشدة  وربما المراد  بالانسان واحواله  فمراتب الرخاء كثيرة  بنعم الله  تعالى وآلائه  وربما   تكون   المراتب العالية  التي  يستقلها  الانسان  ومراتب الشدة  كثيرة ايضا  ومنها المرض والفقر والذل والغربة و الكرب والاذى  وقيل  هي  نزلت في احوال النبي محمد  صلى الله عليه وسلم  في  تقوية  دواعي تأييده ومعنوياته  في خدمة الايمان والاسلام  كأنما يقول له  -  كلما مر عليك  وقت  فانت احسن   حالا  وافضل -  بدليل  ما جاء  بعده    ( فمالهم) اي لهؤلاء الكفرة  والمشركين لا يؤمنون  بالقرآن الكريم   واذا تلي عليهم  لا يخرون سجدا  تعظيما  لله تعالى  عند سماعهم له وهو يتلى عليهم  .  وقيل المراد بهذه الاية  السجود عند سماع ايات  السجود .

         بل هؤلاء وهم الذين يكذبون بيوم القيامة  هذا اليوم العظيم الذي بينه الله تعالى في القران الكريم  وفيه احياؤهم من بعد الموت  وحشرهم  للحساب  ولينال كل  منهم الجزاء الاوفي  فمن عمل صالحا فهو في خير ونعيم ومن عمل طالحا  فهو في عذاب اليم  فالكفار لا يفهمون  ما فيه ولا يعون ما سيصيرون اليه  من عذاب واحراق  فبشرهم يا  حبيبي  يا محمد صلى الله عليه وسلم  بان  لهم عذاب اليم  يأتيهم  من الله تعالى  في  يوم القيامة  جزاء  ما اقترفوا من موبقات وكفر واشراك .  ويستثني الله تعالى المؤمنين  بان لهم اجر غير ممنون اي بلا  منة من احد وانما  كان نتيجة ثواب  اعمالهم وافعالهم الصالحة في الحياة الدنيا  فاستحقوا  الاجر والثواب  وادخلوا  الجنة  كما وعدهم الله تعالى  .
               والله تعالى  اعلم


        ******************************


















           يوم القيامة في  سورة الطارق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم           

( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ (10) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالاَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ( 17))
                                                   سورة الطارق\ كاملة

  الحمد لله:

         يقسم الله تعالى بالسماء وهي كل ما علا  الارض من مخلوقات ونجوم وكواكب وشموس واقمار وغيرها مما خلق الله تعالى  ويقسم سبحانه  بالطارق والطارق كل امر يأتي بليل  او يحدث به  وقيل الكواكب  لانها   تظهر  بالليل  وتختفي   بالنهار عن الاعين   والنجم  الثاقب  اي شديد الاضاءة  وكأنه يثقب حلك الليل   فيصل ضوؤه الى الارض  يقسم الله تعالى بهذه الاشياء مجتمعة  ان كل نفس خلق  الله تعالى لها  حافظا  من الملائكة  يحفظها  ويحصي  افعالها  واعمالها من خير ومن شر . فلا  تغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها .

         لذا فليعلم  الانسان  انه  خلق من ماء  دافق يخرج من صلب الرجل الى  رحم  المرأة  فيمتزج به فيكون الولد مخلوق منهما حيث يكونان ماءا واحدا  اثر امتزاجهما  ببعضهما . اما حالة  تكوين هذا الماء  فانه  يتكون في صلب الرجل  وهو وسط  ظهره عند  العمود الفقري ويتكون في المرأة عند سحرها وهو موضع  تكوين  نهديها او موضع  قلادتها  في صدرها وهو ما يسمى الترائب  فينزلان الى الاسفل  ويجتمعان في عملية التزاوج بماء  واحد   فيكون  الانسان . وان  الله  سبحانه   وتعالى  قادر ومتمكن على ان يعيد  الانسان اذا ما  توفي الى الحياة  من جديد  في  يوم القيامة حيث  سيبعثه  في  هذا  اليوم  العظيم الذي  فيه  تبلى السرائر اي   تختبر القلوب  كي  يعرف ما في  دواخلها  من  عقائد  ونيات  بما  يميز الخبيث من الطيب  . ويؤكد الله سبحانه  ان الانسان في هذا اليوم –يوم الحساب- لاتنفعه قوته  ولا  يوجد  فيه ناصر ينصره  وانما ينفعه  عمله .
   
          ويقسم  الله تعالى   بالسماء  ذات الرجع  والرجع هو المطر لانه ياتي   ماءا  ويرجع  سحابا  ويقسم  بالارض  ذات الصدع  اي  تتصدع فيخرج منها  النبت والشجر ليثمر الثمر   يقسم بها  ان القرآن  الكريم  قول  فصل  بين  الحق والباطل وليس هو هزلا  لكن الكافرين والمشركين  يمكرون  في ابطال ما جاء  به من الحق  والله  سبحانه تعالى  سيملي لهم ويستدرجهم من  حيث لا  يشعرون  ويجازيهم  بمكرهم  العذاب  الشديد .  وامهلهم  ياحبيبي  يارسول الله صلى الله عليه  وسلم  امهالا   قريبا  او امهلهم مدة  وجيزة  او قليلة  . فسيلاقون  يومهم الذي  كانوا  يوعدون .
                               والله تعالى اعلم .



            *********************











                    سورة  الاعلى

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  ((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الاعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فلا تَنْسَى (6)الا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الاشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لايَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالاخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الاُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19))
                                            سورة الاعلى\ كاملة

 الحمد لله :

  في هذه السورة المباركة  يوجه الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم  بان ينزه اسم الله تعالى بقوله ( سبحان ربي الاعلى ) فالله تعالى هو الذي خلق الخلق والانسان فسواه فعدل قامته وسوى فهمه وهيأه للعبادة والتكليف   وقدر اجناس الاشياء وامورها وصفاتها  واقوالها  فهدى من اهتدى الى الايمان والصلاح  بما ينبغي له   ثم اخرج  المرعى وهو الكلأ الذي ترعاه الانعام  ثم جعله غثاءا احوى اي هشيما   متكسرا لونه  يميل الى السواد والدكنة  بعد ان كان اخضرا .

     والله تعالى  يبلغ نبيه الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  انه سيقرّأه القران الكريم  فلا  ينساه  وكان النبي صلى الله عليه وسلم  عندما  يقرأ عليه جبريل عليه السلام  القران الكريم   لم يفرغ من  القراءة حتى يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة كي لا ينساه  فنزلت
( سنقرؤك فلا تنسى )  اي عصمه الله تعالى من نسيان  ايات  القرا ن الكريم  الا ما شاء الله تعالى  ان ينساه  لان الله تعالى يعلم  الجهر وما  تخفي الصدور  العلانية والاخفاء من القول  ويعلم ما ظهر  وما بطن.  وسيهون عليه الامر وييسره  لعمل الخير والصلاح الذي ييسر  مدخله والمؤمنين الى الجنة  .

          واما  من اصر على العصيان فكفر  بانعم الله  فلا  حاجة الى تذكيره لانه من اصحاب النار  فلا تفيده تكرار الدعوة  فسيبقى في الكفر  سادرا والى النار  سائرا وسيصلى هذه النار الكبرى وهي جهنم  وقيل ان نار الدنيا هي النار الصغرى  فلا يموت  فيها  فيستريح من العذاب ولاتنفعه  الحياة فيها فيبقى ابد الدهر معذبا  عذابا اليما .   بينما سيذّكر  بالوعظ  من يخشى الله تعالى ويتقه فيزداد بالتذكرة  خشوعا وصلاحا فقد افلح  من تطهر من الشرك والكفر  وزكى نفسه  وامن بالله تعالى  ووحّده وعمل  بشريعة الايمان  والاسلام  وجعل ذكر الله تعالى على لسانه  في  صلواته الخمس  .

          فالفريق الاول وهم الشقاة والعصاة  يؤثرون الحيا ة الدنيا ويفضلونها على الاخرة  والفريق الاخر   وهم المؤمنون  يفضلون الحياة الاخرة ويعملون لها فهي خير  وابقى ابد الدهر  وهذا هو ما افلح به  المؤمنون في حياتهم الدنيا اطاعوا الله تعالى وعملوا لاخرتهم  وهذا ما ثبت في الكتب السماوية ودعى اليه كل الانبياء والرسل ومنهم ابراهيم وموسى عليهما السلام  .

                               والله  تعالى اعلم


              *************************








 
             يوم القيامة في سورة  الغاشية


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


 (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ      
 (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لايُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لاتَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12)  فِيهَا  سُرُرٌ  مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)   وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ  (16)  أَفلا يَنْظُرُونَ إِلَى الاِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ  (17)  وَإِلَى السَّمَاءِ  كَيْفَ  رُفِعَتْ (18) وَإِلَى  الْجِبَالِ  كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الاَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) الامَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الاكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ( 26))

                         سورة الغاشية\  كاملة

الحمد لله :

         هل  حرف استفهام  ولكنه هنا جاء للتعجب بحديث الغاشية والغاشية هي  القيامة  تغشى الناس باهوالها وشدائدها والمراد به هل جاءك يامحمد صلى الله عليه وسلم  خبر يوم القيامة واوله النفخ في البوق من قبل الملك اسرافيل  حيث سينفخ فيه مرتين الاولى  سيموت  الناس والخلائق وتزلزل الارض  وتندك الجبال في الارض لقوتها وشدتها  فتصبح كثيبا مهيلا او هباءا منثورا  والاخرى تحيي الخلائق وتبعثهم من رقدتهم  الطويلة واحيائهم  وسوقهم الى يوم المحشر  حيث تحشر الناس فيه ضحى   اي في وضح النهار  والخلق في هذا اليوم العظيم – يوم القيامة – نوعان  في  ارض المحشر :
 الاول  هم اصحاب  النار
 الثاني هم اصحاب الجنة
  و ويظهرذلك  يبان ذلك في سحنات وجوههم

  فالصنف الاول  وجوههم ذليلة خاضعة حزينة  كئيبة يظهر عليها انها كانت متعبة مرهقة  نتيجة اجهادهم لها في الكفر والضلال   فهي تسقى من عين شديدة الحرارة ماؤها يشوي الوجوه  وطعامهم من ضريع وقيل  الضريع نبات يسمى ( الشبرق) في حالة كونه اخضر  اما اذا جف ويبس فيسمى ( الضريع)  ذو اشواك شديدة كثيرة   وهذا الطعام  لايفيد فهو لايسد رمق الجائع  ولا يسمن الجسد  فهم يأكلونه  وكأنهم لاياكلون شيئا   يبقون جياعا يتضورون من الجوع  والعطش .

         اما القسم الثاني فهم اصحاب الجنة فوجوههم  يظهر عليها اسباب النعمة  ناعمة  نضرة  ضاحكة مستبشرة  في نعمة ونعيم  سعيدة  بهيجة  راضية مرضية  لعملها الذي عملته في الحياة الدنيا لانها منحت لاجله الثواب وامنت به من العقاب  فيه . في  جنة عالية  رفعة  وانعاما  خالية من اللغو والتاثيم  فيها العيون النابعة والانهار  الجارية لارضها راوية  وفيها سرر  مرفوعة  نظيفة  واكواب  موضوعة  في  مواضعها وحسب ارادتهم  ونمارق مصفوفة  وسائد  موزعة  بشكل انيق  زرابي مبثوثة  وطنافس( كوشات)  مخملية  نظيفة رقيقة  متفرقة  في مجالسهم كثيرة . فهم في نعمة ونعيم ومقام كريم فهم فيها يحبرون .

        الا ينظر الانسان  ويتفكر في هذه الابل وكانت اعز الحيوانات وافضلها الى العرب  كيف خلقها  وصورها  بهذه الصورة التي هي فيها  والى السماء  كيف رفعها الله تعالى بلا عمد يرونها  والى  الجبال  المنتشرة في الارض والكثيرمنها كان في مكة ( مهبط الوحي ) كيف نصبها الله تعالى  اوتادا راسخة لا تميل ولاتميد  والى الارض كيف سطحت واصبحت صالحة للزراعة  والتنقل .  الا ينظر الانسان الى كل هذه الاشياء فيتذكر عظمة الله تعالى في الخلق والابداع .

       لذا طلب الله تعالى من نبيه الحبيب المصطفى  محمد صلى الله عليه وسلم ان يذكرهم بها  رغم انه ليس عليهم بمسيطر اي لايستطيع اكراههم على  الايمان  فالذي كفر منهم  وتولى عن الوعظ والارشاد  فسيعذبه الله تعالى  يوم القيامة في جهنم  وهو العذاب الاكبر  ويذكرهم ان لهم معادا  وحياة من بعد الموت  يرجعون فيه   الى الله تعالى  فيحاسبهم  بما كسبت ايديهم في حياتهم الدنيا  فاما الى الجنة واما الى النار .

                        والله تعالى اعلم 






         ***********************






















              يوم القيامة في سورة الفجر


   بسم الله الرحمن الرحيم

( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الاوْتَادِ (10) الَّذِينَ طغَوْا فِي الْبِلاَدِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) فَأَمَّا الاِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلا بَلْ لاتُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى‏ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً (20) كلا إِذَا دُكَّتِ الاَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِي‏ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الاِنسَانُ وَأَنَّى‏ لَهُ الذِّكْرَى‏ (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ  يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى‏ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي ( 30))

سورة الفجر \ كاملة

الحمد لله :
اقسم الله تعالى بالفجر وهو الوقت بين اخر الليل وطلوع الشمس وفيه صلاة الفجر  وهي افضل الصلوات عند الله  واكد الله تعالى  على  تلاوة القرآن الكريم في هذا الوقت ا ذ قال تعالى ( وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كانت مشهودا ) وقيل انها صلاة الفجر وقيل انها الصلاة الوسطى اذا حسبنا ان وقت اليوم  يبدأ  بصلاة المغرب  فيقال مثلا  ليلة الجمعة   فيوم  الجمعة  يبدأ  بغروب شمس  يوم الخميس  ودخول ليلة الجمعة  بصلاة  المغرب  فتكون  صلاة الفجر هي  الصلاة الوسطى  قال تعالى:     ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) فهي مخصوصة  وفضلها كبير  وقيل ان الفجرالذي اقسم  الله تعالى به هو فجر  يوم النحر.
كما اقسم الله تعالى  بالليالي العشر من  اول شهر ذي الحجة الى العاشر منها   وهي من الايام  الفضيلة عند  الله تعالى  فيها  الوقوف بعرفة و بداية الحج وفيها النحر والاضحى وفيها وفيها..
وقال  في فضلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم :
(ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام يعني عشر ذي الحجة - قالوا : و لا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : و لا الجهاد في سبيل الله  إلا رجلا  خرج  بنفسه و ماله  ثم لم يرجع من ذلك بشيء)
ثم اقسم الله تعالى  بالشفع والوتر  وهو كل الشفع وكل الوتر  لان القسم  فيهما جاء مطلقا  وقيل  انها الصلاة  فانها  شفع  الا صلاة المغرب فانها وتر  والمقصود بالوتر المفرد  وقيل  انها صلاة الوتر بعد العشاء  وخاتمة الصلوات الليلية  حيث انها ثلاث ركعات تصلى ركعتين مجتمعة والثالثة مفردة  وعند الامام  ابو حنيفة النعمان تصلى  مجتمعة فهي تشتمل على الشفع والوتر والله تعالى اعلم
واقسم الله تعالى  ب( والليل اذا يسر)  اي  يسير  فكل سير  او مشي  في وقت الليل يسمى ( سرى ) ذهابا او ايابا  وسار يسير  سيرا اذا مشى في الليل   وقد استفهم  الله تعالى عباده هل  في هذه  القسوم  تدبر  لذي العقول الناضجة  او الراجحة  وقيل ان هذه الاقسام مكتف بمن ذوي النهى  وهم اصحاب العقل والادراك  والتدبر وهي  اغلظ الاقسام
ويقع  القسم اعلاه على عقوبة الكافرين والمشركين والعصاة من البشر ممن ذكرهم الله تعالى في هذه السورة المباركة وهم :
1- قبيلة عاد   الساكنين في  مدينة ارم  هذه المدينة العامرة التي لم يخلق مثلها  في البلاد  جمالا وتنظيما في  كل بلاد الله تعالى  لانهم كفروا بربهم وكانوا خارجين عن طاعته  فدمرهم تدميرا ب:
(ريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما فترى القوم فيها صرعى  كانهم اعجاز نخل خاوية *)
2 - قبيلة ثمود وهم قوم صالح عليه السلام وكانت بيوتهم بين الجبال (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين) وقيل انها كانت بوادي القرى
3- قوم فرعون  والمقصود بهم  الفراعنة حكام مصر  وقيل  ان فرعون كان اذا اراد ان يبطش او يقتل من لم يؤمن به  ويخرج عن  عبادته  وطاعته  يشده الى اربعة اوتاد  من يديه ورجليه .
فكل هؤلاء طغوا في البلاد واكثروا فيها الفساد  فارسل الله تعالى  عليهم  سوطا من عذاب اي انواعا معينة لكل منهم  فاهلكهم بها  فالله تعالى  يعلم ما يفعله عباده  ومن تجبر  وفساد  يجازيه اشد الجزاء في الحياة الدنيا وهو في الاخرة من الخاسرين  اذ يعذبه في يوم القيامة  حيث يجعله وقودا في نارجهنم .
           فالانسان في طبيعة نفسه  اذا ما ابتلاه ربه تعالى فاكرمه وانعم عليه بالمال والولد والصحة فيقول ويصرح ان  ربه فضله على الاخرين  وانعم عليه  بينما في حقيقة الامر هو ابتلاء  وامتحان لصاحب هذه النفس .  ليريه ا يشكر ام يكفر  اما اذا  اختبره بضيق الرزق  وقلته  فيقول انما ربي اهانني . والحقيقة هو ليراه ماذا يفعل  ا يصبر ا م  يكفر  وانما  المدار  في كل ذلك طاعة الله تعالى وعبادته  فالانسان الجاحد لا يكرم اليتيم وهو الطفل الفاقد الابوين او احدهما فيكون قد صعبت عليه معيشته  بما في ذلك الطعام والمسكن والحنان  ولا يحض على طعام المسكين  والمقصود به حث على اطعام الفقراء والمساكين  وقيل حثهم  على ان لا ياكلون حق  اليتامى والنساء من الميراث  اكلا شديدا  .وخوفهم  ربهم في ذلك انه اذا دكت الارض دكا شديدا  وهذا ما يكون في يوم القيامة حيث ستندك الارض وتتسطح وتسير الجبال وتندك في الارض وتصبح هباءا منثورا  ويبعث الناس ويحشروا من قبورهم  للحساب والجزاء  ويحضر الملائكة صفوفا صفوفا  كما امرالله تعالى  ثم جيئ  بجهنم  مزمومة  يجرها الملائكة جرا وهي  ترعد  وتزبد  لتخوف   الكافرين  والمشركين  والعصاة وآكلي المال الحرام  فيلقون فيها  بعذاب شديد  ليس كمثله عذاب وكل  من هؤلاء  مقيد  ومصفد  بالسلاسل  والقيود والاغلال فيبقون في جهنم داخرين .
اما النفوس الامنة المطمئنة التي امنت بالله تعالى وكتبه ورسله واهتدت بهديه  فهي التي ترجع الى  ربها راضية بفوزها  بالثواب مرضية  بما كسبته  لتدخل الجنة  التي وعد  المتقون  فتكون  في سعادة وهناء  وتلك هي الكرامة  الحقة .
والله تعالى اعلم

********************************













             يوم القيامة في سورة  الليل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالانْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلاخِرَةَ وَالاُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)لا يَصْلاهَا إِلا الاشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الاتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لاحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)))
                                           سورة الليل\ كاملة

الحمد لله:

       يقسم الله تعالى  بالليل اذا حل وغشي ظلامه الكون واقسم بالنهار  اذا بزغ  ضوءه وازال حلكة الليل وظلامه  وبما خلق  بعظمته سبحانه    الذ ي خلق  صنفين من الخلائق  الذكر والانثى وهما  اساس في التكاثر اقسم بكل هذه الامور ان سعي الخلائق  كل يختلف عن الاخر اوفي وجوه مختلفة  اما في العبادة  والاعتقاد فيذكر صنفين من  هذا السعي  اولهما  هو من اعطى واتقى وصدق الحسنى اي بذل ماله   للفقراء  والمساكين واعانهم على اسباب  العيش  واتقى او ولم  يتجاوز محارم  الله  تعالى  فاخلص نيته في البذل والعطاء والتقوى  وصدق بالحسنى وهو قول ( لا اله الا الله )  وقيل   ( ان الدين عند الله الاسلام )  وقيل اي كلمة موافقة للحق والصلاح  واقول انما  صدق بقيام يوم القيامة وبالبعث  والحشر من بعد  الموت  وعمل  صالحا   فسييسره  عمله   لليسرى  وهي الخصلة الافضل والاحسن والتي ترقيه الى اليسر والراحة في الجنة

 اما الصنف الاخر فهم من بخل  واستغنى  وهم البخلاء عن انفاق  قسم من  اموالهم  في  سبيل الله تعالى  وهو حق  وواجب عليهم  لمساعدة  ابناء  جلدتهم من البشر  على العيش   وتجبر  وتكبر بما عنده من مال واستغنى بشهوات نفسه وملذاتها  وكذب بالحسنى اي كذب بيوم القيامة   او بكل  خصلة  فاضلة حسنة  فسيكون مصيره الى النار  وهي  العسرة العسيرة والحياة  المريرة في الاخرة .

    و يتجنب هذه النار  المتقدة  الاتقى  الذي يعطي ماله  ويبذله ابتغاء مرضاة الله تعالى وقيل نزلت هذه الاية  المباركة  في ابي  بكرالصديق  نتيجة  شرائه لعمار  بن ياسر من امية بن خلف  وشراءه  غيره  ايضا وعتقهم  لوجه الله تعالى  .وحكم الاية عام  لكل من بذل ماله في سبيل الله تعالى  وما  لأحد من البشر عند ه من نعمة  تجزى  و يرجو  ان يتفضل  بنعمة اليه من البشر وانما يبتغي بذلك وجه الله  تعالى وفضله  وسوف يتفضل الله على مثله  فيرضيه  وينعم  اليه  اذ سيدخله الجنة  وهم هو الثواب الاوفى والنعمة الكبرى .
                                   والله تعالى اعلم .


              ******************










              يوم القيامة في سورة الزلزلة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

((إِذَا زُلْزِلَتِ  الارْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ  الارْضُ أَثْقَالَهَا (2)  وَقَالَ الانْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا  لِيُرَوْا  أَعْمَالَهُمْ (6)  فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8))
                                            سورة الزلزلة \كاملة

 الحمد لله :
            في هذه السورة المباركة  يبين الله تعالى كل ما يجري في يوم القيامة حيث يبدأ  بنفخة  الملك اسرافيل عليه السلام في البوق او الصور وهو موكل  بالنفخ فيه  وقيل  ملتقمه اي واضعه في فيه  استعدادا  للنفخ فيه  فاذا حان موعدها  وساعتها - ولا يعلمها الله تعالى- نفخ في الصور  تتزلزل الارض  وتتحرك تحركا شديدا وتندك الجبال التي عليها فتتساوى فيها  تكون  كثيبا مهيلا  او هباءا منثورا فتخرج  الارض مافي دواخلها  من مخفيات وكنوز  واثقال  وتكون  قاعا  صفصفا  بما  فيها  من بحار وانهار وجبال  لتكون ارضا مستوية  مسطحة  منبسطة  بامر الله  تعالى ويتساءل  الانسان  من الموجودين في ذلك الحين ولم يمت بعد, يتساءل  ما لهذه الارض تكون هكذا وتزلزل هذا الزلزال  العظيم الذي  لم يعهده الانسان  قبل  خائفا  مرتجفا  لما يدهمه من الامر  ويبهره خطبها وزلزالها   ثم يموت الجميع  .
.
  اما السماء  فتكون   بنتيجة  زلزلة  الارض  وانبعاث مياه  البحار  في الارتفاع  كبخار  يتصاعد كالدخان  بحيث تكون  بحرا واحدا واسعا  ثم الى الاعلى نتيجة  لسخونة  الماء فيها  وسجورها  فتتخلخل  جاذبية الكواكب والنجوم والشموس والاقمار فتختلف وتنطفي اضواؤها وتنكدر  وتتهاوى ويتلصق القمر في الشمس اذ تنعدم جاذبيته فتجذبه جاذبية الشمس اليها فيرتطم  بها ليكون جزءا منها  .
  
  فيومئذ  اي في الوقت المحدد  تحدث الارض اخبارها  بان ينطقها الله تعالى فتاتي  هي  والسماء   طواعية   ( قالتا اتينا طائعين)   مأمورة مستجيبة بان الله تعالى   امرها او سخرها وامرها ان تحدث اخبارها وتتحدث  بما  عمل عليها من خير  وشر   .

       ثم  تاتي بعد  ذلك  النفخة  الثانية  وقيل ان  بين النفختين  اربعين  كما اخبر الحبيب  المصطفى  محمد  صلى الله عليه  وسلم  المروي عن
 ابي هريرة  رضي الله عنه  ولا نعرف اهي اربعين  سنة او اربعين شهرا اربعين يوما  وهل هي مثل ايامنا التي نعيشها او انها  اياما اخرى كالتي جاءت في المصحف  الشريف  و سبق  ذكرها  حيث  يصدر الناس  من  قبورهم  افواجا  خائفين  مذعورين  من قبورهم  يركضون مسرعين  يصدرون اشتاتا  اي  جماعات جماعات  لايعلمون الى اي جهة يذهبون في كل الجهات  بعضهم الى جهة اليمين وبعضهم الى جهة الشمال  مع  تفرقهم  في  الاديان  والمعتقدات  واختلاف  الاعمال التي عملوها  خلال حياتهم الاولى   فيتجمعون في ساحة العرض  الواسعة  المنبسطة  كما اخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم  والملائكة متصففون  صفافا صفافا  وجبريل عليه السلام  واقف امامهم   ويحشرون يومئذ  كل نبي وجماعته  ليكون شاهدا  عليهم  وليروا اعمالهم  اي ليحاسبوا  عليها   فمن  يعمل مثقال ذرة خيرا يره اي يراه  اذ تشهد عليه الارض كما جاء اعلاه وتشهد عليه اعضاؤه  كما انطقها الله تعالى  وتشهد  عليه الملائكة  الكاتبون  لاعماله  فيرى اعماله واضحة بينه مهما دقت في الصغر  كالذرة والذرة هي ذرة التراب التي ترى  اثناء النظر في الضوء  الوارد  من كوة في الاعلى  في غرفة  ضؤها اقل  ضوء  من الفضاء الخارجي  وقيل انها اي الذرة  النملة الصغيرة الحمراء  حيث لا يقبلها  الميزان  فلا  توزن  شيئا   الا انها تدخل في حساب يوم القيامة   وفيثاب العبد المؤمن عليها  وكذلك  من يعمل مثقال ذرة من شر او سوء  فيراه  حاضرا وبام عينيه ويعاقب عليه .
               والله تعالى  اعلم .


                 *****************

        يوم القيامة في سورة  القارعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

       ((الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)
 يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ
 الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ
 (7) وَأَمَّا  مَنْ  خَفَّتْ  مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)  وَمَا  أَدْرَاكَ
 مَا هِيَهْ (10) نَار ٌحَامِيَةٌ ( 11)))

                                     سورة القارعة\ كاملة

 الحمد لله :

     القارعة   هي ذات الصوت الشديد  ويراد بها   يوم القيامة  وعظمة حدوثه  لانها  تقرع  القلوب والاجسام الصغيرة و الكبيرة  بالفزع الشديد  حيث تؤثر في السماء بالانشقاق  وانتثار الكواكب  وانكدارها  والشمس  والقمر  وتكويرها  وفي الارض  بالتبدل  والتغيير في وجهها وا ندكاك الجبال فيها  بحيث تتلاشى فيها  وتضمحل  فتكون هباءا منثورا .

         وفي هذا اليوم العظيم  يبعث البشر من قبورهم او مراقدهم  حيث  يكون  الانسان  فيه كانه الفراش المبثوث اي كالفراش المتطاير والمنتشر يسيرون على غير هدى  بكل اتجاه  لهول وعظمة  هذا اليوم  وتكون فيه الجبال كالصوف المنفوش   متفتتة ومتطايره غبارا  .

       فاذا جاؤوا للحساب  فمن ثقلت حسناتهم  فهم في  الجنة وهي العيشة  الراضية   لرضى ا صحابها  في عيشهم  في نعيمها  والاء الله تعالى عليهم  بما تفضل عليهم  من  نعيم الجنة  وقد سبق ذكرها.

      اما من خفت موازينه فيكون مسكنه جهنم  وسميت  امه  لانه  يأوى اليها   كما  يأوى  الطفل الى امه  وسميت   هاوية  لانها  تهوي  به  في  قعر جهنم   الاستفهام  هنا( وما  ادراك ماهية )    فهو استفهام لفضاعتها وشدتها وتهويل بيانها  الخارج عن المعهود بحيث لايدر ك  كنهها  فهي نار حامية  شديدة  متقد ة  غاية في  الاشتعال والشدة .
                    والله تعالى اعلم 



      ******************************



   انتهيت من تاليفه  ببركة الله تعالى ومنته  ونعمته  في يوم
   الحمعة    الاول جمادي الاخرة \ 1434 هجرية
      الموافق  12  \ 4 \ 2013  ميلادية

                  والحمد   لله تعالى  رب العالمين    

















                  الخاتمة

                     بسم الله الرحمن الرحيم


        يموت الانسان بخروج الروح من الجسد  فيؤخذ بها الى عالم اخر هوعالم البرزخ  وهو الحد الحاجز بين  الحياة الدنيا والحياة الاخرى والحياة فيه  مجردة عن النعيم او الشقاء  حيث ستستقل الروح فيه عن الجسد  وهي اما تعيش في عليين  او في سجين .
     
         مما  تقدم   يتبين لنا  ان العقل البشري قاصرعن  معرفة الحياة الثانية وادراك كنهها  والمعلوما ت اليقينية المتوفرة لدينا هي ما جاءت  في  القران  الكريم  من  ان  الحياة  الاولى  ستنتهي  بخروج الروح من الجسد  حيث  يموت الانسان وتنفصل الروح من الجسد   فيؤخذ بها الى عالم اخر هوعالم البرزخ  وهو  الحد الحاجز بين  الحياة  الدنيا  والحياة الاخرى والحياة فيه  مجردة عن النعيم او الشقاء  حيث ستستقل الروح فيه عن الجسد  وهي اما تعيش في عليين  او في سجين الى يوم الوقت المعلوم 
       
      وتنتهي حياة  الخلائق  جملة  واحدة  في  نفخة   البوق   ( الصور)  الاولى   ( فاذا  نفخ   في الصور نفخة واحدة * وحملت الارض والجبال  فدكتا  دكة   واحدة * فيومئذ  وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ  واهية * والملك على ارجائها   ويحمل عرش  ربك   فوقهم ثمانية فيومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) الحاقة \ الايات 13- 18  

 وما جاء في احاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم  وهو كثير .
 
          فاذا نفخ فيه  النفخة الاولى  تزلزلت من هولها  وقوتها وشدتها الارض  واخرجت   اثقالها  ودكت  الجبال  بها  واصبحت  هباءا  منثورا  وسجرت البحار  فارتفعت مناسيب المياه فيها واصبحت وكانها بحر واحد
وتلتهب  النير ان  من  اجوافها  وتظهر عليها  كانها  وردة  كالدها ن  ثم تتبخر المياه  بشكل كثيرا وكثيف فيتصاعد  الى السماء  ليحدث مع صوت الزعقة الشديدة  نتيجة هذه النفخة  اختلاف  في جاذبية  الكون   فتنفطر السماء  وتنكدر  النجوم  والكواكب  فتنطفي انوارها وتتهاوى  ويتحرك القمر  ليجتمع  بالشمس  ويلتصق  بها  فجمعا  وتتكور الشمس . وتنتهي الحياة فكل من عليها  فان ويبقى وجه ربك  ذو الجلال  والاكرام . 

      ثم تمطر السماء باذن الله تعالى مطر  شديدا  فتنبت الاجسام تحت الارض  كما ينبت البقل بتفاعل الارض والماء مع عظيمة صغيرة  ( عجب الذنب)  والتي لا تفنى ولا تتآ كل و تكون  في اسفل العمود  الفقري وهي  بمثابة  بذرة الحياة للانسان  كما اخبر  بذلك النبي  محمد صلى الله عليه وسلم  كما  بينا في هذا الكتاب  بمواقع  كثيرة  فاذا تم الخلق واكتمل النمو واصبحت  الاجسا م  هياكل  تامة  التكوين  تحت  الارض  فتكون  النفخة الثانية فتنبعث  الارواح  وتخرج من الارض او من قبورها ورقدتها  كانهم جراد منتشر وهذا  بداية المعاد والحياة  الاخرة  وهو يوم القيامة .

     ويحشر الخلق الى ربهم الاعلى  فيحشرون حفاة عراة غرلا  في ارض بيضاء  متساوية مسطحة  كقرص النقي  فتتدنى الشمس  في  هذا  اليوم (يوم المحشر )  حتى  ترتفع  الحرارة  فيصيب الخلق عرقا شديدا  فيكون الناس عرقهم  على قدر اعمالهم  فمنهم  من  يكون الى كعب قدمه ومنهم الى ركبته  ومنهم  الى حقويه  ومنهم من يلجمه  الجاما  كما اخبر  النبي محمد صلى الله عليه وسلم  وهو خاتم الانبياء والرسل . ثم  يجاء  بجهنم   وهي  ترعد  وتزبد  وتلتمظ  حقدا وحنقا  يجرها سبعون الف من الملائكة  الاشداء  الاقوياء  فتطرح  جانبا  ولها  سبعة  ابواب  لكل  من  المعذبين جزء   مقسوم  يتناسب  وكثرة  سيئاتهم  وقيل هي  دركات  فيلقى  فيها  المعذبون وهم   مقيدون في السلاسل  والاغلال  وسرابيلهم   من  قطران     ثم  ينصب الصراط  على متن جهنم  وهو بمثابة جسر دقيق  على ظهر جهنم  ويكون مرور  الخلائق فيه  حسب اعمالهم  ويقف النبي محمد على جنباته والناس يمرون عليه وهو  يدعو  ( رب سلم سلم ) كما جاء في الاثر الشريف  وبعد ان يمر  الخلق  على الصراط  قيل انهم  يوقفون على قنطرة  بين الجنة  والنار  لتهذيبهم وتطهيرهم  من كل  ما كان بينهم من شحناء وبغض وحقوق لدى بعضهم البعض الاخر  ثم يؤذن لهم بدخول الجنة  فحينئذ  ترى المؤمنين  والمؤمنات  يسعى  نورهم  بين  ثم  يقدم الخلق  للقضاء   فيعطى الخلائق  صحائف اعمالهم  فيقرؤها كل واحد  من اهل الموقف  فيتلقونها ( فمن  اوتي كتابه بيمنيه  فيقول  هاؤم اقرؤا  كتابيه*  اني  ظننت اني  ملاق حسابيه *  فهو في عيشة راضية* في جنة عالية* قطوفها دانية * )  واما القسم الاخر  فهم  من اوتي كتابه بشماله ( فيقول ياليتني  لم اوت كتابيه  * ولم ادر ما حسابيه* ياليتها كانت القاضية * ما اغنى عني ماليه * هلك عني سلطانية *)

      ثم توضع  الموازين القسط  ليوم القيامة  ويقدم الخلق واحدا واحدا للحساب  فمنهم  من  يحاسب  حسابا  يسيرا   ومنهم من يحاسب حسابا عسيرا ويسأل عن كل صغير ة وكبيرة .( ونضع  الموازين  القسط  ليوم القيامة  فلا  تظلم  نفس   شيئا  وان  كان مثقال  حبة من خردل اتينا بها  وكفى بنا حاسبين *)  الانبياء \ 47 فتوزن الاعمال  ( فمن ثقلت موازينه فاؤلئك  هم المفلحون ومن خفت موازينه  فاؤلئك  الذين خسروا  انفسهم  في جهنم  خالدون * ) المؤمنون\ 102

          ثم  ينصب الصراط  على متن جهنم  وهو بمثابة جسر دقيق  على ظهر جهنم  ويكون مرور  الخلائق فيه  حسب اعمالهم  ويقف النبي محمد على جنباته والناس يمرون عليه وهو  يدعو  ( رب سلم سلم ) كما جاء في الاثر الشريف  وبعد ان يمر  الخلق  على الصراط  قيل انهم  يوقفون على قنطرة  بين الجنة  والنار  لتهذيبهم وتطهيرهم  من كل  ما كان بينهم من شحناء  وبغضاء  وحقوق لدى بعضهم البعض الاخر  ثم يؤذن لهم بدخول الجنة .
 وينقسم الخلق الى ثلاثة اقسام  كما بينها الله تعالى اثنان في الجنة  وواحد في النار .

  الصنف الاول : هم السابقون السابقون بالايمان فهم الذين  سبقوا الى الايمان والطاعة من غير تردد وحازوا الكمال في العلوم اليقينية ومراتب التقوي والصلاح  بعد الايمان  وقيل هم الانبياء والرسل  عليهم السلام   حيث انهم مصدر الايمان  من الله تعالى وموصليه لعباده  جميعا . فهم حلقة الوصل  بين  العبد  وربه  فهم المسارعون الى عمل الخير  الذين رفعت  درجاتهم  واعتلت   منازلهم  في  جنات النعيم   وكذلك  الشهداء والاولياء .
    
          وقد ذكر الله تعالى  ان عددهم  من الامم السابقة كثير  وعددهم من امة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قليل حيث انهم الصفوة من بين كل الامم  وبما ان الامم السابقة  كثيرة  فانهم كثير  وان امة محمد صلى الله عليه  وسلم  امة   واحدة  فهم قليل  بالمقارنة   الى الامم   السابقة   وهؤلاء  من لهم مرتبة  السبق  والقربى فلا ينال درجتهم الا  القليل  فقد  رضي الله  عنهم  فاخلصو ا الايمان  لله تعالى  حيث خافوا الوقوف  بين  يديه  في يوم القيامة  فالتزموا  الطاعة  والتزموا  الطريق العدل  السوي  واجتنبوا  النواهي والمكاره  فاعد الله تعالى لهم كل انواع النعيم  وحباهم  بكل الخير والسعادة والرفاه  وقد ذكر الله تعالى انهم   جالسون في الجنة على اسرّة  وارائك  مصفوفة  متجاورة   موشاة  بخيوط الذهب  ومرصعة بالدر والياقوت  جميل  شكلها  بهيج  منظرها  متكئين  عليها  في غبطة  وسرور في   انس تام  مكتمل  وبشر  ظاهر  في  وجوههم  متقابلين يتسامرون فيما بينهم  ويطالع احدهم وجه اخيه فيرى فيه نضرة النعيم .

     وقد  هيأ الله تعالى من يخدمهم  ويمشي بين ايديهم  غلمان مخلدون في عمرالصبا وريعان الشباب ولايكبرون فيصيبهم الهرم  في نضارتهم ثابتون  وببهجتهم  ونشاطهم    ساهرون على خدمتهم فيقدمون  اليهم كل ما يحتاجونه  من شراب  في  كؤوس رائعة  الصنعة  واباريق  يحملونها بايديهم  وفي هذه  الاباريق والكؤوس يسقونهم  الماء من عيون وانهار   ماؤها عذب زلال  سائغ  شرابه  ولبن  طازج  لم يتغير  طعمه ابدا وعسل مصفى  خالص  وخمرة  فيها  لذة  للشاربين  لا يصيبهم  جراء  شربها وتعاطيها اوجاع في الراس ولا فقدان في العقل – كما يحدث للشارب اذا شرب خمرة الحياة   الدنيا – وتبعث  فيهم  الراحة  والنشاط  واالبهجة  والمسرة  ويقدمون  لهم  كل ما  يختارون  من انواع الثمار والفاكهة  ما تشتهيه انفسيهم وتلذ  به اعينهم  ويسارعون  في  تغذيتهم بما يريدون من لحم  طير  وهو افضل واجود انواع اللحوم  واحسنها لجسم الانسان  فيطعمونها كيفما شاؤوا ومتى  ما ارادوا .

         ويأنسون  بنساء   من الحور العين  تفرغن لهم   يحبنّهم  محبة الوفاء  و الشوق  و الوداد  والاخلاص  خلقن  لهم  خاصة فهن  جميلات كاملات الحسن و الجمال  والخلق الرصين  بيض الوجوه كالاقمار. واسعة عيونهن  في اطرافهن حلاوة  وسحر  طويلات الاهداب   في سواد متميز جمعن كل الملاحة والصباحة  والنفاسة  ناصعات البياض  باسمات الوجوه  حمر الخدود  في عيونهن  حور مهيب. حور مقصورات  في الخيام  خلقن لهم خاصة  لم  يمسسهن  قبلهم اي  فرد  من جن اوانس  كانهن  لؤلؤ مكنون  باكرات غير ثيبات  .

     اما  اقوالهم واحاديثهم  فيما  بينهم  فلا فيها فحش ولا سقط  كلام  ولا عنف ولا سخرية  فهم  لا  يقولون ولا  يتحدثون الا  بلهجة  سلسة  وكلام جميل  ولفظ  رصين  بليغ  تحيتهم  فيا سلام  وتحياتهم  مباركة . تطمئن القلب  وتسرالفؤاد   كل يبتدئ اخاه في تحية الاسلام السلام  عليكم  . 

  الصنف الثاني :  فهو المؤمنون من اصحاب الجنة  وهم الذين تعطى صحائف اعمالهم في حياتهم الدنيا بايديهم اليمين او اليمنى  وهي من البركة واليمن .فقد وصفهم الله تعالى بانهم اصحاب اليمين  فهم  في افضل حال  واحسن مآل  شأنهم عظيم وقولهم كريم  قد تاب الله تعالى عليهم وغفر  لهم ماتقدم من ذنوبهم  وتجاوز عن سيئاتهم  وصفح عنهم  ورضى عنهم  وهم الذين ثقلت موازين حسناتهم وخفت موازين سيئاتهم  فاثابهم الله فوزا عظيما .

       فهم  اصحاب الجنة   في مساكن طيبة في جنات عدن  يعيشون في   ظل ظليل  واشجار مورقة  من سدر ( نبق ) اوراقها  واسعة تفيئ عليهم  بظلها  وكثرتها  ترف رفيفا  لينا  وتحدث  نسيما   طيبا  اثمرت واينعت  فثمارها   مختلفة  الالوان  والاحجام  في  كل  غصن  وعود  كانها   في اشجارها  الورود  او يواقيت  حمر او درر  بيض  لم  تمس او  نجوم  ساطعة  في  سماء  صافية  تمايلت  اغصانها  وتعانقت  فروعها وخضد  شوكها  فلا  اشواك  فيها فهي لا تؤذي الايدي  و لا الاجسام  . وبين هذه الاشجار الكريمة  الكبيرة  الظلال  اشجار من  نخيل  طلحها   منضود  وطعمها موجود  وعذوقها  ناضجة  متدلاة  بين ايديهم . وقد  وجدت في بعض التفاسير انها  اشجار  من  ثمر الموز  نضدت اثمارها  وتراصت  اغصانها  في  اعذاقها  بعضها  فوق بعض . ومن  بين   هذه الاشجار  تجري انهار  وعيون ماؤها غدق عذب فيه  لذة للشاربين  فهم يعيشون   بين   هذه الاشجار متنعمين   بكل انواع الثمار  فهم  في  سدر مخضود  وطلح   منضود  وماء مسكوب وفاكهة كثيرة  لا مقطوعة  لهم  ولا  ممنوعة .عليهم  دانية  في  جميع  الاوقات والمواسم .

           وقد  انعم الله تعالى  عليهم  بالحور العين  وجعلهن  فراشا لهم  
 اي ازواجا  يقمن  بخدمتهم  ويسهرن على محبتهم  وراحتهم  قد غرس محبتهم في قلوبهن وافئدتهن  يقمن بامتاعهم بالمؤانسة  انشاهن الله تعالى خاصات لهم  باكرات  غير ثيبات  لم يمسهن انس قبلهم لا  جان  كلهن في عمر الصبا والشباب لا يشبع المرء  من  كلامهن  و حسنهن  وجمالهم    و الاجتماع  بهن  يملكن قلوبهم  بحسن  الطباع و معسول القول  وجمال العشرة وبشاشة الوجه  وسحرالعيون  ورقة الطباع  . فهم في نعيم دائم وظل قائم  وفرح وسرور وزرق  وحبور . لهم ما يشاؤون ولدى الله تعالى لهم من مزيد  الخير  والسعادة والهناء .

     وهم في عددهم كثير. كثير من الامم السابقة لكثر ة هذه الامم وكثير من  امة  سيدنا  محمد  صلى الله عليه وسلم  نتيجة اعمالهم  الصالحة
 وشفاعة سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم لهم  وشفاعة الشافعين من هذه الامة المرحومة  من شهداء واولياء وصالحين وصديقين ومن منّ الله تعالى عليهم  بحق الشفاعة منهم   فيكون عددهم كثير كثير  . 

  اما الصنف  الثالث  : فهم  المبعدون عن رحمة الله تعالى وهم الكافرون وهم اصحاب المشأمة   وهم صنف لا  اعتبار لهم عند ربهم  وجعلهم  اصحاب المشأمة لشؤمهم  او لان  صحائف اعمالهم  تسلم  لهم  يوم  القيامة في  ايديهم الشمال او اليسرى أي  الذين   تعطى اليهم    صحائف اعمالهم  بايديهم اليسرى  وهم  مخالفون لاصحاب اليمين . فهم  يسيرون على كل امر مخالف  لما  امرالله تعالى به  فهؤلاء وصفهم الله تعالى بانهم يقرأؤن  في  صحائفهم  التي  ستعطى لهم يوم القيامة  قبيح   اعمالهم  وسور مصيرهم  فهم في عذاب   شديد  طويل لا  ينتهي  ابدا  وحالهم سوء  في سوء  وعيشهم   نكد وشقاء   فهم في جهنم خالدون  تلفح وجوههم النار  وهم فيها كالحون يقيمون في ريح  شديدة الحر تنفذ  من مسامات جلودهم الى داخل اجسادهم  وبين اوصالهم  فتوخزهم  اشبه بأبر موخزة شديد الوخز وان شربوا  ما ءا لعطشهم القاتل  يشربونه ماءا حميما حارا يغلي في البطون  لكنه لايطفئ ضمأهم  بل يقطع منهم الامعاء  فيحرقها  واما  اذا  قاموا   في  ظلال  فهي  من  دخان  حار قا تم   يملأ  الجو  اختناقا  والعيون  حرقة  وظلاما   والصدور  حرجا  ونارا   يسؤم  الجسم  و يعنت النفس  كريه الرائحة   قبيح الشكل  وفيه عذا ب اليم  هو جزء  من العذاب  المعد  لهم   و  لسوء اعمالهم  في الحياة الدنيا   حيث كانوا ينعمون بالمال الحرام والمتاع الحرام والربا الحرام والسحت الحرام  والسلب والنهب  وسفك الدماء والبغي  والاثم بغير الحق  والعدوان   . كما  كانوا  يخاصمون  الله  تعالى  ولا يؤمنون به تعالى  ولا باليوم الاخر  ولم   يستجيبوا   للانبياء   والرسل  الدعين  لطاعة  الله تعالى وعبادته  واصروا على الكفر والشرك والفسوق والعصيان  وتيقنت انفسهم ان لا حياة من بعد الموت  فلا قيامة ولا بعث ولا جزاء  ويتعجبون  اذ يقولون ااذا متنا   وفارقت ارواحنا اجسادها وصارت جثثا هامدة  تدفن في الارض  فتطويها القبور وتأكلها الاتربة  وتصبح  جزءا من تراب  ثم تنعدم القبور  و تذهب  فكيف  تعود الينا الحياة  وننهض  احياءا من جد يد  ثم نقدم  للمعاد و للحساب ان هي الا حياتنا الدنيا  نحيا ونموت ويهلكنا الدهر .

      وهناك قسم اخر ايضا  ذكر في القران الكريم  هم  اصحاب الاعراف وقد ذكرهم  الله تعالى في  سورة الاعراف وهم الذين تساوت حسناتهم وسيئات في الميزان  فهؤلاء بين الله تعالى  مصيرهم انهم يبقون معلقين بين الجنة  والنار فهم  يرغبون  بدخول الجنة  لكنهم لا يستطيعون  لان حسناتهم لا تؤهلهم  دخولها   وهم  يطمعون في  دخولها .

         اصحاب النار  يدخلونها  من ابوابها السبعة  لكل باب منهم جزء مقسوم  ولها  ولها قعر  ودركات واسفل هذه الدركات المنافقون فهم في الدرك الاسفل من النار .

       فاصحاب الجنة  يدخلونها  من  ابوابها  الثمانية منها باب يسمى الريان هو للصائمين  فضلا من  الله  تعالى عليهم والامة المحمدية هي الامة المرحو مة سيدخلون الجنة باعمالهم وافعالهم واقوالهم وبشفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم  حيث شفعه الله تعالى في امته  واعطاه حوض الكوثر في الجنة من سقاه منها شربة يدخلها ولايضمأ ابدا  وان الله  تعالى  كرمهم  بامور كثيرة  فمن كانت  كلمة ( لا اله الا الله ) اخر  كلماته دخل الجنة  وفي المحشر والحساب اذا  وضعت  في كفة  الميزان ووضعت السموات والارض في الكفة الاخرى  ستكون (لا اله الا الله ) هي الاثقل  من ثقلت موازينه دخل الجنة .    

       اللهم  اجعلنا  من اصحاب الجنة  فنحن  امة  سيدنا  محمد صلى الله عليه وسلم  وادخلنا  اليها  من باب الريان واجعلنا  ممن  يحضى  بشربة من حوض الكوثر  وان   يكون  قول  ( لا  اله  الا  الله )  اخر ما  نقوله  ونتلفظ   به  ونحن  نودع  الحياة  الدنيا . انك انت الرحمن الرحيم  وانت  الغفور الرحيم  .

              ****************************




























المرا جع       


 القران الكريم
 اعجاز القران         محمد الطيب
تفسير المنار          محمد رشيد رضا
تفسير القران         ابن كثير
مواهب الرحمن في تفسير القران    عبد الكريم  محمد بيارة المدرس
 تفسير  القران الكريم للشيخ عبد القادر الكيلاني
تفسير العشر الاخير  من القران الكريم من كتاب زبدة التفسير
 اسباب النزول    السيوطي
 الاسلام يتحدى     وحيد الدين
 تاج العروس          للزبيدي
 التوسل انواعه واحكامه -      الالباني
 اصحاب الجنة في القران الكريم    فالح الحجية الكيلاني
 جواهر البخاري  وشرح ةالقسطلاني    مصطفى محمد عمارة
شرح العقيدة الطحاوية        الامام الطحاوي  بتحقيق الالباني
صحيح البخاري                  الامام البخاري 
العقيدة الاسلامية                محمد عبد الرحمن  حبنك
عقيدة المؤمن         ابو بكر جابر الجزائري
 الفتح الرباني             عبد القادرالجيلاني
القران في القران الكريم   فالح الحجية الكيلاني
الكواشف الجلية     عبد العزيز  سلمان
المستفاد من قصص القران    د . عبد الكريم زيدان
المنار الهادي        عبد الحليم محمود
 اللغة الشاعرة     عباس محمود العقاد
لوامح الانوار البهية  السفاريني
الغنية لطالبي  طريق الحق     عبد القادر الجيلاني
 روح الدين الاسلامي      عفيف  عبد الفتاح طبارة
المغني               ابن قدامة الاندلسي


  ****************************

                   فهرسة  الجزء الثاني
          
   السورة                      عدد المقاطع المفسرة
 سورة مريم                         4
سورة  طه                           3
سورة الانبياء                       3 
سورة الحج                          4
سورة المؤمنون                    2
سورة الفرقان                       3
سورة  الشعراء                     1
سورة   النحل                        3
سورة  القصص                     4
سورة العنكبوت                     6
سورة  الروم                        4
سورة  لقمان                        2
سورة  السجدة                      1
سورة  الاحزاب                     3
سورة  سبأ                           3
سورة فاطر                          3
سورة  يس                           1
سورة  الصافات                     2
سورة  ص                           4
سورة الزمر                          6
سورة المؤمن                        3
سورة  فصلت                        5
سورة  الشورى                      3
سورة الزخرف                       4
سورة  الدخان                        2
سورة  الجاثية                       3
سورة الاحقاف                       2
سورة  محمد                          1
سورة ق                               2     
 سورة  الذاريات                     1 
 سورة الطور                         2
سورة  النجم                          4
سورة القمر                          2
سورة الرحمن                       1
 سورة الواقعة                     كاملة
سورة الحديد                         2
سورة  المجاملة                     1
 سورة الممتحنة                     2
سورة الصف                         1
 سورة  التغابن                      1
 سورة   الطلاق                     1
سورة التحريم                       1
سورة الملك                        كاملة
سورة القلم                           1
سورة الحاقة                       كاملة
سورة المعارج                     كاملة
 سورة المزمل                       1
سورة المدثر                       كاملة
سورة القيامة                     كاملة
سورة الانسان                    كاملة
سورة المرسلات                 كاملة
سورة  النبأ                          2
سورة النازعات                     2
سورة  عبس                        1
سورة التكوير                       1
سورة  الانفطار                     كاملة
سورة المطففين                    كاملة
سورة الانشقاق                    كاملة
سورة  الطارق                     كاملة
سورة الاعلى                      كاملة
سورة الغاشية                     كاملة
 سورة الفجر                        كاملة
سورة الليل                         كاملة
سورة الزلزلة                      كاملة
 سورة القارعة                     كاملة
 الخاتمة
 المراجع
 الفهرس

 *****************