الاثنين، 28 أكتوبر 2013

دراسات في الشعر المعاصر وقصيدة النثر تاليف -فالح نصيف الحجية القسم الرابع









الفنون الشعرية المعاصرة

            من  المعروف  ان  الامة  العربية  امة   شاعرة والعاطفة  الانسانية  واسعة  مساحتها في نفس هذا الانسان العربي  .ولايزال الانسان العربي يندفع وراء عواطفه الى ابلغ الحدود وبما لا يندفع اي انسان  اخر من الامم الاخرى مثل اندفاعه العاطفي  وشدة تاثره بالاحداث   فهو شديد التأثر بما حوله  واللغةالعربية  لغة الشعر والادب والكتابة الادبية  وتكونت هكذا بطبيعتها تبعا لتكوين الانسان العربي .
       فهي تنسجم مع تطلعات الانسان العربي  وتفكيره  وخوالجه وافكاره وعواطفه وهي بحق اللغة الشاعر ة كما يقول  الاديب  المرحوم عباس محمود العقاد لذا ترى فيها كل ما تحتاج اليه من تعبير شعري  لتعبر به عن ما يعتمل في النفس وربما تزدحم فيها الكلمات على الشاعر اوالكاتب فيكتب مايريد ولا يستجدي كلماتها استجداءا  او يتعب نفيه في البحث  عن كلمة يعبر  فيها عما  يجول في  نفسه
       فاللغةالعربية مثل اهلها شاعرة  مطيعة طيعة  الا  انها كثير ة التعقيد واسعة  في مفردات كلماتها  اشتقاقية  في مسارها  واصول قواعدها وتشكيلها  دالة كلماتها على عاطفة انسانها  ومنبعثة من خوالجه ومايحس به  فهي لغة شاعرة مثال اهلها .
       لذا كان الفرد العربي ولا يزال  - مهما كان هذا الفرد – يعبر  عما في خوالجه وافكاره  وله القدرة في التعبير  عنها  وعن هذه العواطف التي تجتاح نفسه فتصدر كشعر او نثر او غناء و بكاء  وطرب وضحك  وما شابه .
 فاذا تركنا الجميع وجئنا الى  الشاعرالعربي وجدناه قمة في الخيال والعواطف  والتعبير الشعري  عما في اعماق نفسه وما يحس به  وهكذا  هو  الشاعر العربي عبر العصور المختلفة  التي مرت بها هذه الامة.
           وفي العصر الحديث  نجد الشاعر العربي  رغم التاثيرات الكثيرة - التي حاولت  او تحاول ابعاده عن لغته او  تقلل من عواطفه  اتجاه  عربيته - لصيقا بلغته  هذه الشاعرة ويغرف منها  ما يشاء ويختار للتعبير عما   في نفسه وما يحس  به  في محيطه وممجتمعه  العربي .
        الفنون الشعرية   التي نظم بها الشاعر الجاهلي ومن جاء بعده هي ذاتها الفنون التي لاتزال عالقة في النفس العربية  ونجدها في  متناول الشاعرالعربي اليوم ينظم بها شعره او يقوله  وستبقى ذاتها مهما  تغيرت  اساليبها ومعانيها بين شاعر  الجاهلية وما بعده وشاعراليوم   وا لا انه من البديهي ان تخضع لتطورالزمن الواسع   في ايجاد فن جديد او غرض اسمى  لم يكن موجودا  في  القدم  تبعا لحاجة  المجتمع اليوم  ومسيرته  الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفنية   كشعر النكبة  الذي استحدث بعد ضياع فلسطين  فتعني الشعراء  بها وبكوا او تباكوا عليها كثيرا حتى اصبح غرضا  بعينه  وان لم يكن حد يثا وجوده  انما تطور  من شعر رثاء المدن الذي تطور بحد ذاته من فن الرثاء  كما  حدث يعد ضياع الاندلس . وهنا اسجل اهم الفنون الشعرية القديمة الحديثة   وهي :/

        1-  الشعر السياسي

          ان اهم الاحداث التي تأثر بها الشاعرالعربي  او قل المواطن العربي ككل هي الاحداث السياسية التي مرت وتمر على   الامة العربية وخاصة في العصرالحديث اي في القرن الحادي والعشرين وما عانته الامة العربية من احداث  وما  قد اصيبت به  من مصائب وكوارث وقد بينت جزءا منها  عند دراستى للشعرالحد يث  وعندما   اكتب عن الشعر المعاصر اجد نفسي   كمن وقف في مكانه لم يتحرك   فالا حداث هي الاحداث والمصائب هي ذاتها التي المت  بامتنا العربية لا تزال قائمة والشعراء المحدثون والمعاصرون  تنعكس كمرآة  امامهم  يرون فيها  او يواجهون  نفس الحالة  فراحوا يكتبون الشعر وينشدونه يعبروم  عما في نفوس هذه الجموع العربية الغفيرة  وما تطمح اليه نفوسهم  وتهوى اليه قلوبهم .
          لذا  نلاحظ ان الشعر السياسي في الشعر العربي قد اخذ  حيزا كبيرا جدا في مجال الشعر ويكاد يزيد عن كل ما نظم ا و كتب من شعر في  الفنون الشعرية االاخرى فهذه قضية فلسطين  احتلت المكانة الاولى  لدى الشعراء العرب  وحتى عند ا و لئك  الشعراء الذين ابتعدوا عن السياسية فراحوا يكتبون للعشق والغرام و المرأة وجمالها وحسنها ومعاناتها العاطفية  نجد بين قصائدهم  قصائد رائعة بل وثائرة  تعبر عما في نفس هذا الشاعر ا و ذاك اتجاه  هذه القضية – قضية فلسطين – لذا نستطيع ان نقول ان اهم الاغراض الشعرية الحديثة والمعاصرة هي الاغراض السياسية وشعر القضية الفلسطينية او  مانسميه اصطلاحا – شعرالنكبة –
يقول الشاعر العراقي مظفر النواب في  قصيدته –
الاساطيل :
ايه  الاساطيل  لاترهبوها
قفوا و لو عراة كما قد خلقتم
وسدوا المنافذ في وجهها
والقرى والسواحل والارصفة
انسفوا ماستطعتم اليه الوصول
من الاجنبي المجازف واستبشروا العاصفة
مرحبا ايها العاصفة
مرحبا مرحبا  مرحبا ايها العاصفة
احرقوا اطقم القمع من خلفكم
فالاساطيل والقمع شيء يكمل شيئا
كما يتنامى الكساد على عملة  زائفة
بالدبابيس والصمغ هذي الدمى الوطنية  واقفة
قربوا منها النار  لاتخدعوا انها تتغير
لايتغير منها سوى الاغلفة
مرحبا مرحبا ايها العاصفة
ايها الشعب احشي المنافذ بالنار
اشعل مياه الخليج تسلح
وعلم صغارك نقل العتاد كما ينطقون
اذا جاشت العاطفة
لاتخف لاتخف
نصبوا حاملات الصواريخ
نصبوا جوعك
ضع قبضتك على  الساحل العربي
وصدرك والبندقية والشفة الناشفة
رب  هذا الخليج    جماهيره
لا الحكومات    لاالراجعون الى الخلف
لاالاطلسي ولا الاخرون وان  نضحوا فلسفة
لاتخف    لاتخف
لا تخف   اننا امة
            اما في فلسطين فالشعراء العرب ابدعوا  وانشدوا وشدوا كثيرا جراحات ودما  نازفا  في ارض المعركة في فلسطين من هذا الكم الهائل من شعر النكبة – بل شعرالمقاومة نختار هذه الابيات للشاعر الفلسطيني  سميح القاسم :-

طعام الشهيد يكفي شهيدين

يا أمنا الريح .. ياهاجر المتعبه

أعدي الطعام القليل لأبنائك العائدين على عربات المنافي

خذي كفني شرشفاً للأواني العتيقة

قومي افرشي للضيوف الأحبة كوفيتي..

إنهم متعبون جياع

أعدي لهم وجبة من بقول الخراب

أعدي كؤوس العذاب

وإبريق أحزانك المرعبه

سيجمعنا الخبز والملح عما قريب

وتجمع أشلاءنا لقمة العودة الطيبه

وأفتح دفتر أمسية شاعرنا
اما انا فاكتب في بغداد والخراب الذي لحقها  حين احتلها الامريكان ومن معهم  والخائنون الذين وضعوا  ايديهم في  ايدي الغاصبين فاقول  \

بغداد يابغداد  يارمز المحبة والصفاء
ضيعوك الغادرون بظلمهم -  ياللغباء
جعلوك فريسة       للطامعين الغرباء
فليكتب التاريخ سطرا في المذلة والخناء
فقد بلت  نفوسهم المها نة    فلا  حياء
=========
بغداد يابغداد صبرا ايا قوت القلوب
بغداد ياقلعة العراق  شمال   وجنوب
بغداد عذرا    هجرت يراعي والكتيب
يغداد عذرا  فر دوسي    انت والحبيب
بغداد ز رتك ضامئا  قد مسني فيك اللغوب

==============   

رحلة العمر  طويلة    مات بين جيم وسين
خمس وستون  تمضي  قد حلق الهم  السنين
لم يبق من  عمري طويلا غير هزيع من قرين
رحت ابكيك  يابغداد كانني  فيك  سجين
اندب  القرب ا رتجا لا   طاردا  هم الشجون


رحت في حلم اسود  فزاع  مرير
لم يبق من عمرك شيء غير انات القبور
نقطة  نقطة نقطتان جف يراعي والبحو ر
قطرة قطرة قطرتان  من نجيع وجهك المنير
بغداد والعراق  قطرتان  كثرت  قطارا في هدير

======================= 
قطرة قطرة  قطرتان  زخات     قطار
ملاءت كل الشوارع  والمواقع والديار
بل صارت   بحارا      جمعت كل البحار
ضاع بيتي  والمحلة    ضاع ليلي والنهار
رحت ابحث  عنك  يا بغداد  يا ام القرار

==============

وتلمست ما حولي  فاذا   نجيع  في   نجيع
الكل مجروح الفؤاد  الكل في الغم صديع
واذا الامر الناهي     غريب  او  وضيع
رحت اصرخ  في  نفسي  واعماقي    نزيع
فاذا كل ماحولي مريع   كل ماحولي  مريع

=================
رحلة العمر طويلة      فيها اتعبنا الزمن
كلما رمنا  صلاحا   نجني   احقادا   احن
شرعوا القتل علانا  فيك وتمثيل البد ن
بدلوا شرعة الله تعالى  شرعة القتل ما امن
اضحى رعاع الناس حكا  ما واعلاما   لمن ؟؟

=====================
الف عام للوراء    قد جلل الناس السواد
دارت الدنيا جحيما واكتوت بها كل العباد
الم  مض في جسمي  احرقني غمالرقا د
قرحت جفني الرزايا   والبلايا  والسها  د
لله اشكو ما نلاقي - ربي رؤوف  بالعباد

---------------------------------------

غصبوا عفافك غيلة   اظالمون  الغاصبون
جاؤوك فئران جحر    في الرذيلة  غارقون
سود الوجوه زعانف  وكل   شر   يمكر و ن
رحماك ربي   منهم    عسل الكلام لا فظو ن
بغداد يابغداد صبرا     فاننا  برحابك صابرون


2- شعر  الغزل والتشبيب

        الغزل من الفنون الشعرية المعروفة في الشعر العربي  وقد كتب فيه الشعراء المعاصرون كثيرا  وعبروا عن عواطفهم وخلجات قلوبهم ازاء  الحبيبة الغالية ووصفوا سهراتهم واحوالهم  وما يعانونه من  حب ووله  وغرام  ولا يوجد شاعر  الاكتب للمرأة شعرا وللحبيبة قصيدة يبثها حبه وشوقه ولوعته  ومن الملاحظ ان اغلب الشعراء قد ابتعدوا في هذا العصر عن الوصف الجنسي للمرأة    وكل مايعيب .
ومن الشعراء   من اختص في شعرالغزل وشعرالنساء وعواطفهن  وما يشعرن به وما يشعر الشاعرازاءالمرأ ة الحبيبة اوالزوجة او العشيقة مثل الشاعرالمعروف نزارقباني  الذي كتب للمرأة الشيء الكثيرمن شعره  ومن شعر الغزل هذه القصيدة للشاعر نزار قباني بعنوان مدرسة الحب :

علَّمَني حُبُّكِ أن أحزن

وأنا    مُحتَاجٌ منذُ عصور

لامرأةٍ تَجعَلَني أحزن

لامرأةٍ أبكي بينَ ذراعيها

مثلَ العُصفُور..

لامرأةٍ تَجمعُ أجزائي

كشظايا    البلورِ المكسور

***

علَّمني حُبّكِ.. سيِّدتي

أسوأَعادات


علّمني أفتحُ فنجاني

في الليلةِ آلافَ المرّات

وأجرّبُ طبَّ العطّارينَ..

وأطرقُ بابَ العرّافات

علّمني.. أخرجُ من بيتي

لأمشِّط أرصفةَ الطُرقات

وأطاردَ وجهكِ..

فيالأمطارِ، وفي أضواءِ السيّارات

و أطارد ثوبك..

في أثواب المجهولات

وأطاردَ طيفكِ..

حتّى.. حتّى..

في أوراقِ الإعلانات

***

علّمني حُبّكِ

كيفَ أهيمُ على وَجهي ساعات

بَحثاً عن شِعرٍ غَجَريٍّ

تحسُدُهُ كُلُّ الغَجريّات

بحثاًعن وجهٍ.. عن صوتٍ..

هوَ كُلُّ الأوجهِ والأصوات

***

أدخلني حبُّكِ سيِّدتي

مُدُنَ الأحزان ..

وأنا من قبلكِ لمأدخل

مُدُنَ الأحزان..

لم أعرِف أبداً ..

أن الدمعَ هوالإنسان

أن الإنسانَ بلا حزنٍ..

ذكرى إنسان..

***

علّمني حبكِ..

أن أتصرَّفَ كالصّبيان

أن أرسمَ وجهك..

بالطبشورِ على الحيطان

وعلى أشرعةِ الصَّيادين

على  الأجراسِ، على الصُّلبان

علّمني حبكِ.. كيف الحبُّ

يغيّرُ خارطةَالأزمان ..

علّمني.. أنِّي حينَ أُحِبُّ

تكُفُّ الأرضُ عن الدوران..

علّمني حُبك أشياءً

ما كانت أبداً في الحُسبان

فقرأتُ       أقاصيصَ الأطفالِ..

دخلتُ قصورَ ملوكِ الجان

وحلمتُ بأن تتزوجني

بنتُ السلطان ..

تلكَ العيناها..

أصفى من ماء الخُلجان

تلك الشفتاها..

أشهى من زهرِ الرُّمان

وحلمتُ بأني   أخطِفُها مثلَ الفُرسان..

و حلمت بأني أهديها أطواق اللؤلؤ و المرجانْ..

علَّمني حُبُّكِ، يا سيِّدتي، ما الهذيان

علّمني.. كيفَ يمرُّالعُمر

ولا تأتي بنتُ السلطان..

***
******************   

              ومن قصائدي في الحب والغزل هذه الابيات من قصيدة بعنوان  جنة الفردوس :-


فؤادي  اذاقته    الزبيدية    الردى
فروحي بها هيمى وشوقي سيؤذيها

لقد ولّعت قلبي الجريح بحبها
فكري  طار  نحوها   كي      يوافيها

لقد لعب الدهر الخؤون بشملنا
وحاقت من  الكرب الدواهي  ضواريها

هموم بقلبي  لا انجلاء لافقها
وافاق افكا ر لي الاوهام تمليها

فلو يبدي قلبي عشر اعشار همه
لما  استطاع الناس بالجهد يخفوها

ولأسودت الافاق حزنا كل ليلة
غابت نجوم الليل والغم  يخفيها

وصامت  طيور الروض عما تغرّدت
وأنّت بلحن ناصب في نواحيها

فالافق باكي العين حمر خدوده

قريح الجفون الغضّ دمعي يدمّيها

طالت ليالي الدهر اضعاف وقتها
وزالت نهارات  فالليل داجيها

وأحنت حقول الروض رؤوسا  لغمّها
فاوراقها صفراء جفت مجاريها

بكت حالتي  فاضت منابع دمعها
فالقدّ مشحوب الثرى يروي تعازيها

راغمت نفسي ان تعيش قريرة
وتأبى النفس الا حبيبا يناجيها

وتأبى نفوس الناس عيشا منغصا
فترنو الى الاسنى  تحيي امانيها

فان نفس امرىء تجارت خبيثة
فالخبث خبث  وليس الحب  يهديها

وان  اهتدت نفس بحب لدربها
فتلك نفوس شامخات  شآ ويها

امرت فؤادي يقصي غرامها
وقلبي مشحون غراما وتمقيها

احببتها روحا لدي عزيزة
وجنات احلامي اسكنتها فيها

دخلت ايا روحي فؤادي عزيزة
- روحي كما تهوين- الودّ يجليها

اكنّيك  ياجنة الفردوس عابقة
خوفي من العذال نجني مكاريها

تذكرت كيف الشوق والحب قادني
اليها وضعت  يدي عهدا بأيديها

واخلصت حتى الموت عهدا لحبنا
هل بعد هذا العهد غدرا  وتمويها

وعهدي ان لا تقطع العهد بيننا
فنحي الحيا  شوقا وحبا  سنبنيها

وقلبي  صلت  لايهيم  بخودة
وان اظهرت  شوقا  اليّ وتدليها

لكن قلبي  هام في سفر حبّها
وغاص الى الاعماق في قعر واديها

ليرعى زهيرات نمت في ودادها
ويجني ثمار الغرس رفقا بساقيها

هي الشمس في نصف النهار بهيّة
لكنها اوفي  عهودا لراعيها

توفي العهود المبرمات  وديعة
رحيم فؤادها  الكرام  اهاليها

هي الصورة الموحاة شكلا بما بها
واية للحسن تسبي معانيها

هي النور  بل النور منها نابع
والخلق والاخلاق من ذا يدانيها


فليست لنا مقياس  يحصي جمالها
وليست لها –كالنور- بالكون  تشبيها

وقد يعجز القول  لحصر صفاتها
والحبروالاوراق او مايضاهيها

فالشعر  ليل قد تشقّر فجره
وتبر مزيج منهما  صار  يجليها

تدلت جديلات طال امتدادها
تلامس العجز الرديف  ذوابيها

يشعّ سناءا حين يسطع نوره
تهادى من الشمس شعاعا يواجيها

اذا كان ضوء الشمس فيه تماوج
فامواج بحر داعب الريح عاليها

وهذي العيون الفاتنات بسحرها
كرشاشة الجندي الشجاع ترميها

رمتني سهاما صائبات بطرفها
اخرقت غشاء القلب آثارها فيها

وتلك العيون الناعسات قتلنني
وتحريك جفنيها الجروح يداويها

اجمل بها قدا رشيقا يزينها
جمال القوام الغضّ خصرا  يدانيها

لها مبسم للشمس ان فاه مشابه
وللزهر بالبسمات رفقا سيغريها

اذا مابدت فالشمس خجلا تزاورت
والبدر يخبو فاقد النور خاليها

احببتها  للروح اوفى حبيبة
والحب يملي القلب مني ويمليها

نبقى على الاخلاص نبني ودادنا
ونجني ثمار الحب خيرا و ترفيها


--------------------------------------------
3- شعرالمدح والفخر

        شعر الفخر او شعر المدح هذا الفن الجاهلي الذي عبر كل  القرون ووصل الينا لايزال  في موقعه  فالدح  الجاهلي والعصورالتي تلته  كان في الحكام والمتنفذين ولا يزال  فاغلب الشعراء  قالوا المدح في العصر الحالي في مدح رؤساء وملوك الدول العربية رغم علمهم ان بعضا منهم لايستحق كل هذا المدح والاطراء الباذخ و النفاق المبرقع فقصائد المدح التي  تقال في المهرجانات والاحتفالات اغلبها زائفة   وطمح الشعراء نيل حضوة اوجاه اومال   ازاءها فمثلهم كمثل شعراء العصور الاخرى بدءا من العصر الجاهلي وكل رئيس او خليفة او ملك اوامير اوقل رئبس دولة اتخذ من بعض الشعراءمداحين له ومطبلين.
           اما شعرالفخر فقد فخر الشعراء بابطال العروبة  والمقاتلين في ساحات الوغي حتى الاستشهاد  اولئك الذين ضحوا بارواحهم في سبيل كرامة وعزة الامة العربية وفخروا باوطانهم  وعزتها عليهم  والدفاع عنها  بالنفس والمال والكلمة الصادقة  ومن شعر الفخر هذه الابيات  للشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد  يفخر بها في وطنه الصبور الذي تكالبت عليه الدول الاكلة  لتقيده وتأكل كل مافيه وتسحق اهله الصابرين  وتمزق لحمتهم  وتشرد الطيبين منهم  يقول –

قالوا وظلَّ.. ولم   تشعر به الإبلُ
                     يمشي، وحاديهِ يحدو.. وهويحتملُ
..
ومخرزُ الموتِ في جنبيه ينشتلُ
                           حتى أناخ َ ببابِ الدار إذوصلوا

وعندما أبصروا فيضَ الدما جَفلوا
                            صبرَ العراق صبورٌ أنت ياجملُ!
صبرَ العراق وفي جَنبيهِ مِخرزهُ
                            يغوصُحتى شغاف القلب ينسملُ
ما هدموا.. ما استفزوا من مَحارمهِ
                       ما أجرموا.. ماأبادوا فيه.. ما قتلوا

وطوقـُهم حولهُ.. يمشي مكابرةً
                           ومخرزُ الطوق في أحشائه  يَغـِلُ

وصوتُ حاديه يحدوهُ على مَضضٍ
                              وجُرحُهُ هو أيضاً نازِفٌ خضلُ

ياصبر أيوب.. حتى صبرُه يصلُ
                          إلى حُدودٍ، وهذا الصبرُ لا يصلُ!

يا صبر أيوب، لاثوبٌ فنخلعُهُ
                            إن ضاق عنا.. ولا دارٌ فننتقلُ
لكنه وطنٌ، أدنى مكارمه
                                  ياصبر أيوب، أنا فيه نكتملُ

وأنه غُرَّةُ الأوطان أجمعِها
                            فأين عن غرة الأوطاننرتحلُ؟!

أم أنهم أزمعوا ألا يُظلّلنا
                           في أرضنا نحن لا سفحٌ، ولا جبلُ

إلابيارق أمريكا وجحفلـُها
                              وهل لحرٍ على أمثالها قَبـَلُ؟

واضيعة الأرض إن ظلت   شوامخُها
                       تهوي، ويعلو عليها الدونُ والسفلُ!

كانوا ثلاثين جيشاً، حولهم مددٌ
                       من معظم الأرض، حتى الجارُ والأهلُ

جميعهم حول أرضٍ حجمُ أصغرهِم
                             إلامروءتُها.. تندى لها المُقلُ!

وكان ما كان يا أيوبُ.. ما فعلتْ
                           مسعورة ً فيديار الناس ما فعلوا
ما خربت يد أقسى المجرمين يداً
                          ما خرّبت واستباحت هذه  الدولُ

هذي التي المثل العليا على فمها
                              وعند كل امتحان تبصقُ المُثُلُ!

ياصبر أيوب، ماذا أنت فاعلهُ
                    إن كان خصمُكَ لا خوفٌ، ولا خجلُ؟

ولا حياءٌ، ولاماءٌ، ولا سِمةٌ
                        في وجهه.. وهو لا يقضي، ولا يكِلُ

أبعد هذا الذي قد خلفوهلنا
                        هذا الفناءُ.. وهذا الشاخصُ الجـَلـَلُ

هذا الخرابُ.. وهذا الضيقُ.. لقمتُنا
                         صارت زُعافاً، وحتى ماؤنا وشِلُ

هل بعده غير أن نبري أظافرنا
                       بريَ السكاكينِ إن ضاقت بنا الحيَلُ؟!

يا صبر أيوب.. إنا معشرٌ صُبًُرُ
ن                          نُغضي إلى حد ثوب الصبر ينبزلُ
لكننا حين يُستعدى على دمنا
                             وحين تُقطعُ عن أطفالناالسبلُ

نضجُّ، لا حي إلا اللهَ يعلمُ ما
                          قد يفعل الغيض فينا حين  يشتعلُ!

يا سيدي.. يا عراق الأرض.. يا وطناً
                               تبقى بمرآهُ عينُ اللهِ  تكتحلُ

لم تُشرق الشمسُ إلا من مشارقه
                               ولم تَغِب عنه إلا وهي تبتهلُ

ياأجملَ الأرضِ.. يا من في شواطئه
                                تغفو وتستيقظ الآبادُ والأزلُ

يا حافظاً لمسار الأرضِ دورته
                                   وآمراً كفةَ الميزان تعتدلُ

مُذ كوّرت شعشعت فيهامسلّته
                              ودار دولابه، والأحرُفُ الرسلُ

حملن للكون مسرى أبجديّته
                           وعنه كل  الذين استكبروا نقلوا!

يا سيدي.. أنت من يلوون شِعفتَه
                              ويخسأون، فلا والله،لن يصلوا

يضاعفون أسانا قدر ما قدِروا
                            وصبرُنا، والأسى، كل له  أجلُ

والعالمُ اليومُ، هذا فوق خيبته
                             غافٍ، وهذا إلى أطماعه عَجِلُ

لكنهم،ما تمادوا في دنائتهم
                               وما لهم جوقةُ الأقزامِ تمتثل

لن يجرحوا منكِ يا بغدادأنمُلةً
                            ما دام ثديُك رضاعوه ما نَذلوا!

بغدادُ.. أهلُك رغم الجُرحِ،صبرهمو
                  صبرُ الكريم، وإن جاعوا، وإن ثـَكِلوا

قد يأكلون لفرط الجوعأنفسهم
                         لكنهم من قدور الغير ما أكلوا!

       اما في  الفخرو مدح   شخصية  الرسول الكريم محمد  صلى الله عليه وسلم وال بيته  الاطهار فقد  ابدع  كثير  من الشعراء  قديما وحديثا وفخروا به نعم الفخار ومن شعر المدح والفخر النبوي الشريف
    فهذا الشاعر وليد الاعظمي يقول :

عفوا رسول الله يانبراسنا
                          فلقد أصاب المسلمين تفرق
دب التناحر والتباغض بينهم
                                 فتهاونوا في دينهم وتمزقوا
وتشعبت طرق الفسادفواحد
                           يرفوا   الثيات لهم وألفت خرق
   عجبا أيسكت ذو الفضيلةوالهدى 
                            وأخو   المفاسد  بالخنا  يتشدق
حال تسيء إلى الرسوودينه   
                            وتعافها    بدر   ويأبى الخندق
أنا يا رسول الله أشدوباسمكم
                            فتصيخ آذان الزما ن  وتطرق
   وتهزها الله أكبرهزة لسماعها
ا                              يهوي    الكفو ر    ويصعق
أنا من شباب محمدوجنوده    
                            وبغير   هدي   محمد  لا أنطق
بايعت ربي أن أظل  مجاهدا   
                                   وبغير حبل الله لا  أتعلق
أنا مسلم بعقيدتي  وبمنهجي
                              عهد علي مدى الحياة وموثق
   أن لا أهادن كافرا أوظالما                         
                                   عهدا ولو من أجل ذلك أشنق

      واقول   في  مدح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم  وافخر  به   في قصيدة  في ذكرى  ميلاده  وقد   قدمتها  في احتفالية اقيمت في المسجد القريب من داري في الحي العصري  في قضاء بلدر وز  اقتطف منها   هذه الابيا ت:

الله يغرس في الانسان عاطفة
منذ الطفولة في فهم وفي جهل

والناس صنفان صنف عاش في دعة
وصنف عاش في لهو وفي سفل

والمرء يظهر ما فاضت منابعه
في ساح فطرته البيضاء من خصل

فما احبوا من الاحوال او كرهوا
الا لما في نفوس الناس من علل

يا مالك الملك ما جاشت مشاعرنا
الا بما شئت من فرض ومن نفل


اذ يرتوي القلب ايمانا فيغمره
فيض المحبة والالهام والامل

يرنو الى الله مزهوا به جللا
يرجوا تفضله في القبض والحلل

حتى تراى لفيض الوجد مصدره
حب الرسول وما فيه من النهل

ربي اليك فؤادي حين يغبطه
حب الرسول مواجيد بها  جذلي

اني بحب المصطفى المختار في وله
ينازع النفس والاشجان في كلل

ما في الفؤاد وما في الروح من نفس
الا اليه وما نخشاه   من وجل

نفسي جناب رسول الله يشغلها
شوقا –تناشده والخلق في شغل

يا سيدي يا رسول الله حبكموا
فرض علينا وما تراى له مقلي


فالقلب يخفق والامال واجفة
والشوق يكبر والايمان كالجبل

اني قصد تك بعد الله محتسبا
ياسيدي المصطفى شوقا على امل

ارجوا الشفاعة يوم الحشر مبتهلا
ان لا اله  الا الله   في   الازل

مستشفعا برسول الله يدخلني
في جنة وسعت افنانها  الملل

اذ ابتغي املا الروح تقصده
حشر مع المصطفى في جنة الظلل


روحي تطير اليها في جوانحها
عصفورة صعدت في الجو في عجل

في حضرة المصطفى المختار انشده
شعرا ينازعني والعين في همل


ان لامني بعض اصحابي على زلل
فما بحب رسول الله من زلل


*************************
4- شعر  الوصف
             العصر الحديث يمتاز بضموركثير  من الاغراض الشعرية لدى اغلب الشعراء  وعزوفهم عن النظم في اغراض كانت تعتبر  من اهم الاغراض الشعرية كالوصف مثلا  وان تكلف  شاعر ونظم في وصف شيء معين كان  نادرا وصفه رغم كثرة المواد الحديثة والامور الشائقة   فهل  قرأ ت ايها القاريء الكريم  قصيدة  في وصف الطبيعة  وجمالها  حديثا او وصف  جهاز النت الحديث وما فيه من امورتخدم البشرية ومحاسن ومساويء او وصف هذه الامورالصناعية الحديثة  بجمالها و كمالها وحسنها وتطورها او في اذاها للناس كصناعة الصواريخ واعتدة الحرب وغيرها فقد ابتعد  الشعراء عن فنون كثيرة  ومنها الوصف ومن شعر الوصف المعاصر هذه الابيات  للشاعر المصري عزت المطيري  في وصف حبيبته يقول:-
في جيدها

عقد من النجوم

لرقصة الشهبْ

في ثغرها سفرجل

وموسم مؤجل

لسكر دنا

ولم يذبْ

في صدرها جسارة الرمان

نشوة الربيع

في سواحل العنب

في زندها أساور

من نرجس السحب

في كفها نمارق

زوارق وردية المجداف

تنتهي لشاطئ

لا ينتهي ... إلا كما بدا

في لحظها ابتسامة الرشأ

في مائها الظمأ

في ريقها شهد وبلسم

لكل ما يهذي به المحب

كل ما يشتاقه، من حلمه الممتد

طول ليله الأثيل

حينما امتلأ

بأغنيات عن حدائق المدى المعلقات

عند بابل الندى

وقصة الهداهد التي نامت

على أسرة النسيم

في سبأ

ولم تبح بسرها

ولم تذع نبأ

في مشيها نعومة الهديل

من يمامة يلفها الطربْ !!

في خطوها غزالة تميس

فوق عشية الأصيل

تقتفي آثار سوسن هربْ

تبّت يدا البنت التي

أغرقت فتى

فغاب ثم ذاب

ثم لم يتب

عن حتفه

ولم يكن سوى غمامة

تقطر الأعناب في سهولها

وترسل العذاب هادرا

إلى سهوله

وترشق التعب

لم يغن عنه عشقه

ولا البروق يصطلي بنارها

ولا بريق فضة الروح

ولا زمرد الضلوع

عندما تضيء كاللهبْ

ولا القصائد الذهب

أضاع عمره سدى

وباء بالخسران مرة

ومرة وما كسبْ !!!

***************************

5 -  الرثاء
               الرثاء من الفنون الشعرية القديمة التي استمرت عبرالعصور  وفي هذا العصر المعاصر ا و قل الحديث والمعاصر تغيربعض جوانب هذا الفن  فاصبح بدل البكاء  والنواح والحنين على شخص ما  اصبح  الرثاء يبكي شهداء الامة العربية ويرفع من مكانتهم  الى ارقى درجاتها العالية واختلف تعبير اليوم عن تعبير الامس لدى بعض الشعراء المعاصرين وبقي على حاله لدي البعض منهم
وراح كل شاعر ينشد رثاءه وما يحس به  اتجاه هذا المتوفي اوذاك بما يختلج في اعماق قلبه  من احساسيس  ومشاعر يراها الافضل في اسلوبه الخاص  وطبيعة  هذه الاساليب  وفقا لما اوجد من  معا ييرابتدعها شعراء المعاصرة والحداثة  او بمعنى اخر وفقا   لما  حفروا  من أنهار القول الشعري بخيال التجربة الجديدة ، فأنشأوا مدائن الشعر المفارقِ صورةَ التقديس المبالغ فيه للتجارب السابقة. ومن أولئك الشاعر محمد علي شمس الدين الذي قرأ وداع أمه قراءة مشعرنة ، فكتب في ديوان المراثي المعاصرة قصيدة تعد أنموذجاً في سموّ الرؤيا والتشكيل.أعني قصيدته ( الفراشة) التي تضاهى فيها روح أمه بفراشة بيضاء في غرفته بعد أن أهال آخر حفنة فوق التراب من التراب.
(فراشة) الشاعر شمس الدين تُخرج الشاعر من رؤية حزنه العادي المألوف إلى رؤيا ذات فضاء صوفي يتجاوز به المعنى الأفقي للموت ، بتمثلات وتقنيات شعرية تقيم ألفةً ما ، مع الموت ،
وتجارب الشعراء المعاصرين مع الموت تشف عن معاناة إبداعية تعيد تشكيل اللحظة. و قد يكون الشعر بالنسبة للإنسان السعيد ترفاً ذهنياً محضاً، غير أنه بالنسبة للمحزون وسيلة حياة جدبدة مابعد الموت اوجدها شعراء  المقاومة في فلسطين في  قصائدهم
ثمة مقاربة أخرى للرثاء جديدة ، ولعل فراشة شمس الدين تعبر عن تفاصيل أخرى خاصة ، في حميمية العلاقة بين الابن وأمه واسترجاع صورتها غير النمطية وتناصّ تسميتها المتماهية في صورة روحانية تضفي على النص بهاءً ، يفضي إلى طمأنينةِ  واشراق يقول الشاعر محمد علي شمس الدين\
=
رأيتُ ثمة وجه أمّي ،

ويقال إن الله سمّاها على اسم الرحمة الأولى ،

فآمنةُ التي مثل الحمامة لم يشُبْها السوءُ ،

مازالت الأسماء رحمتها ،

وتسحب في مدار الشمس رايتها العظيمة،

فالسلام على التي ولدت محمد

 ( وهو نور النور) ،

واغتسلت ضحًى بالماء ،

فانبعثت على الأشياء صورتها البهي

ورأيت رؤيا:

في الليل ،

في الحلَك العظيم ،

وبعدما ألقيتُ آخرَ حفنةٍ ،

فوق التراب من الترابِ ،

ولم يعد في القبر غير جمالها العاري ،

رأيت فراشةً في الضوء تخفقُ ،

فاتّبعتُ جناحها بين القبور ،

وعدتُ نحو البيتِ ،

كي أجد السرير ،

سريرها الملكي، مرتجفاً ، وتغمره الدموع ،

وأنّ فراشةً حطّت هناك على السرير ،

كنقطةٍ بيضاء في الحلك العظيم ،

سألت نفسي:
هل رأيتَ؟ وهل سمعتَ؟

وهل تعود لكي تراني؟

وسألت نفسي:

أين تذهب روحها البيضاءُ؟

كيف ومن سيؤويها إذا ما أقفلَ الحفّار حفرتَها

و(( رنَّ المعولُ الحجريُّ )) في هذا الفراغ الجوهريّ من الزمان؟

ومددتُ كفّي…

نقطة الضوء الفراشة لم تخَفْ،

وأخاف، لكنْ..

ليس بَرداً ما يصيب أصابعي،

وأخاف ، لكنْ ، ليس حُمّى…

فجمالُها المُضني على الأسلاكِ ،

شرّدَني ،

وقد أبصرتُ رؤيا:

في الليلِ ،

في الحلَك العظيمِ ،

وعند تشابك الأحياء بالموتى ،

وولولة السماءِ ،

-----------

ومن قصائدي في هذا المجال هذه القصيدة في ذكرى استشهاد الضابط رعد طه الحجية الكيلاني :

من فوق جفون الشمس

على جبل النور الازلي

وقف شامخا كالعملاق

شامخا كالطود

مقطب الجبين

غضب غضب

تنبعث منه انوار عجيبة

يتلالا في عينيه ضياء مهيب

يمتطي صهوة جواد اصيل يحد ق في قوة الصمود

يرنو الى الافق البعيد

الى محراب صلاتي

ا لى ارض بلادي

واشجار نخيل باسقة

من سعفات النخيل المتطاولة الاعناق

من دم الشهداء الابرار

من نور الشمس ا لعروية

ودجى ليل الاعداء

صنعنا  ثوب  زفافه

ضمخناه بالعطر واريج البرتقال

ارتداه  يوم  زفافه

محمولا على الاكف

رافلا بالثوب

براية الحرية

حملوك نعشا فوق رؤوسهم

فخرا -  وحملتك مفتدى

نسرا ابيا ماجدا

--------------------------------
1 –رايةالحرية-تعني العلم العراقي الذي يلف فيه جثمان
 كل شهيد تقديرا واحتراما لقدسيته



 **************************************






                     المعارضات والمطارحات 

                 والمطاردات  الشعرية

          المعارضات الشعرية  هي القصائد الشعرية التي قالها شعراء ثم عارضها غيرهم والمعارضة تعني القول مثلها وفي اللغة عرض\ ظهر، وعارضه\سار حياله، أو أتى بمثل ما أتى به. وعارض الكتاب بالكتاب اي قابله. وقد جاء في معجم لسان العرب أن المعارضة هي المحاذاة.
وجاء في مختار الصحاح  عارضه  في المسير أي سار حياله وعارضه بمثل ما صنع   أي اتى اليه بمثل ما اتى .

و(اصطلاحا) هي تلك القصائد التي قالها الشعراء فقال مثلها غيرهم معارضة لقصائدهم  أي  يقول الشاعر قصيدة في موضوع ما، فيأتي شاعر آخر، فينظم قصيدة أخرى على غرارها، محاكياً القصيدة الأولى في وزنها، وقافيتها، وموضوعها مع اظهار القدرة  على التفوق عليها من حيث اللغة والاسلوب والمعنى وانتقاء الصور البلاغية وما اليها  من امور التفوق

          و تقتضي المعارضة وجود حدث  فني  او نموذج  شعري ماثل أمام  المعارض ليقتدي به، ويحاكيه، أو يحاول تجاوزه او الاتيان بافضل منه  على نفس النسق أي ضمن القافية الواحدة والروي الواحد والبحر الواحد  واقول  انما هي نوع من المباريات الشعرية التي قد تجري بين الشعراء، مع العلم انها  تختلف عن التقليد فهي نوع من إثبات الذات  والمقدرةعلى الإبداع الشعري وتبدأ بنظم شاعر معين قصيدة رائعة  فيأتي شاعر آخر يعارضها بنفس وزن هذه القصيدة وموسيقاها الشعرية وبنفس قافيتها  وذلك لعدة اسباب  منها الإبداع داخل هذا النوع اذ ان هذا الشاعر  أعجبه ذلك مثلا  فرغب ان يكتب مثل هذه القصيدة التي اعجبته   او  لنقض معاني هذه القصيدة وأفكارها حيث  ان  الشاعر ربما  يتبنى وجهة نظر مضادة، لكنه إمعانًا  منه  في التحدي يلزم نفسه أن يبدع في نفس القالب الشعري الذي التزمه الشاعر الأول، فيلتزم نفس الوزن والبحر والقافية او الموسيقى الشعرية  كما يسمونها حديثا

         تختلف قصائد  المعا رضات عن  النقائض حيث ان  النقائض فن جديد في الشعر العربي وربما يتعبره  اخرون امتدادا لشعر الهجاء في الجاهلية وصدر  الاسلام  الا انه في الواقع اتخذ طابعا جديدا   فالنقائض قصائد في منتهى القوة والبلاغة والعاطفة الشعرية تمتاز بطولها   وقد قالها  فحول شعراء العربية في العصر الاموي  في الرد على الخصم  فيها او الرد على قصيدة الخصم بحيث ينقضون ما فيها من مدح  ويحولونه الى ذم  والفخر الى هجاء ويظهر كل منهم مثالب الاخر ومعايبه وقومه وينسبون الفخر والمدح الى انفسهم اوالى قومهم    ومن اليهم  راجع مقالتي ( النقائض ) المنشورة في موقعي اسلام سيفلايزيشن\ منتدى الشعر .
          و ان النقائض زادت من حدة الخلاف وشدة النزاع  الحزبي والقبلي بين  الاطراف المتنازعة  حيث ذهب الشعراء في البحث عن مثالب  بعضهم  البعض ومثالب اقوامهم   واللهاث وراء  معرفة كل مثلبة في الشاعر اوفي قومه وعشيرته   في الماضي او في الحاضر الا ا نها رسمت صورة لحياة  الشعراء واحداث عصرهم فكانت مصدرا مهما من مصادر تاريخ العصر الجاهلي فهي نبش في التاريخ  وراء الاحداث وما تمخض عنها  من  نوازع وامور   تهم هذا الطرف او ذاك  انها البحث في التاريخ  للقبائل العربية ومعرفة  مفاخرها ومثالبها  للفخر  بها او الطعن فيها.

            المعارضات الشعرية يرجع تاريخ ابداعها  إلى فترة صدر الا سلام  مثل (قصيدة البردة ) لكعب بن زهير بن ابي سلمى في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي مطلعها \

 بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
                           متيم اثرها لم يفد يفد مكبول

             تلك التي  نالت إعجاب الشعراء كثيراً فأكثروا من معارضتها

   اما في العصر الاموي  فان المعارضات لم تكن قد عرفت بعد باستثناء حالة  بين  الشا عرجميل بن معمر، والشاعر عمر بن أبي ربيعة، فقد قال جميل بثينة:

عرفت مصيف الحي والمتربعا
                         كما خطّتِ الكفُّ الكتابَ المرجعا

فقال عمر بن أبي ربيعة معارضا:

ألم تسألِ الأطلالَ والمتربعا
                            ببطنِ حليات دوارس بلقعا.

        فقد جاءت الألفاظ في قصيدة عمر بن ابي ربيعة  شبيهة بمفردات قصيدة جميل  التي تمت معارضتها ، وهذا لا ينقص من قدر القصيدة الثانية. والقصيدتان تعارضان قصيدة الصّمّة القشيري التي يقول في  مطلعها \

  حَنَنْتَ إلى ريّا ونفسُكَ باعَدَتْ
                        مزارَكَ من ريّا وشعباكما معا

وقيل  أن عمر بن أبي ربيعة قد تأثر بشعر جميل بن معمر  فأبدى إعجابه برائيته التي يقول فيها \

أغاد أخي من آل سلمى فمبكر؟
                          أبن لي أغاد أنت أم متهجر

فعارضها عمر بقصيدة رائية ايضا  تحاكيها روعة وجمالا من نفس الوزن والقافية ومنها قوله:

أمِنْ آلِ نُعْم أنتَ غادٍ فمبكرُ
                         غداةَ غدٍ أم رائحٌ فمهجّرُ

    وفي  العصر العباسي فقد وجدت حالات  فردية  ايضا تأثر فيها الشعراء بقصائد  فحاكوها اونسجوا على منوالها من ذلك قصيدة ابي نؤاس  التي يقول فيها \

يا ريم هاتِ الدواةَ والقلما
                    أكتب شوقي إلى الذي ظلما

              فقد عارضه الشاعر الخراز بقصيدة التزم فيها ذات الموضوع والوزن والقافية وحركة الروي يقول فيها \

إن باح قلبي فطالما كتما
                      ما باح حتى جفاهُ مَنْ ظلما

  ولم تكثر المعارضات في الشعر العباسي الا انه لا يخلو من نماذج منها
   فلما قال أبو تمام قصيدته الرائعة التي مطلعها \

السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب
                  في حدّه الحدُّ بين الجدّ واللعبِ

عارضه الشاعر  القيسراني بقصيدة مماثلة مطلعها

هذي العزائمُ لا ما تدعي القُضُبُ
                        وذي المكارمُ لا ما قالت الكتبُ.

 
        أما المتنبي فقد عارضه الكثير من الشعراء حيث انه (مالئ الدنيا وشاغل الناس). كما قيل فيه وهل من شاعر بعد المتنبي فكل الشعراء عيال عليه  فعندما قال قصيدته في مدح سيف الدولة \

على قَدْرِ أهلِ العزم تأتي العزائمُ
                              وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ.

عارضها ابن زريك بقصيدته التي مطلعها:

ألا هكذا في الله تمضي العزائمُ
                         وتقضي لدى الحرب السيوفُ الصوارمُ

و عارضه الشاعر القائد أسامة بن منقذ بقصيدة مطلعها:

لك الفضل من دون الورى والأكارم
                               فمَنْ حاتمٌ؟ ما نال ذا الفخر حاتمُ

-
وعندما قال المتنبي قصيدته الاخرى التي يمدح بها سيف الدولة، ومطلعها ايضا :

أعلى الممالك ما يُبنى على الأسَلِ
                                  والطعنُ عند محبيهن كالقبلِ

عارضه  الشاعر عبيد الله الموصلي بقصيدة مطلعها؛:

ظبا المواضي وأطراف القنا الذبل
                               ضوامنٌ لك ما جازوه من نفل

-
وعندما قال المتنبي قصيدته في تفضيل الاعرابيات على  بنات الحضر او بنات  المدن او الحضريات  التي مطلعها؛:

بأبي الشموس الجانحات غواربا
                              اللابسات من الحرير جلاببا

عارضه الشاعر  صفي الدين الحلِّي بقصيدة مطلعها\:

أسبلن من فوق النهود ذوائباً
                           فجعلن حباتِ القلوب ذوائبا

         وكذلك قصيدة البوصيري  في مدح الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  وقد عارضها كثيرون  بعده
       ويعد هذا الفن إحياء للفن العربي ولتراث الشعراء السابقين في كل زمان ومكان، حيث نشطت  فيه  حركة الشعر العربي مما ادى  الى ان تشد هذه المعارضات الشعرية  ماضي الشعر العربي بحاضره وربما بمستقبله  في حالة وجود شعراء يتبعون هذا النسق من القصائد العربية

        و أن المعارضات وجدت
 ايضا  في الشعر العربي  الأندلسيّ ، عندما شعر الأندلسيون أنهم أقل من الشعراء العرب في الشرق  علماً في علم الشعر  فقام كثير من شعراء الأندلس بمعارضة قصائد مشهورة لشعراءفي شرق البلاد الاسلامية   كما  تلقبوا بألقاب كبار شعراء الشرق العربي  ، فلقّب ابن درّاج القسطلي بـ ( متنبي الأندلس ) ، لكثرة معارضاته للمتنبي ، ولقّب ابن زيدون بـ ( بحتري الأندلس ) ؛ لكثرة معارضاته للبحتري. الأندلس من ذلك معارضة أبي بكر الأشبوني لرائية أبي فراس الحمداني التي مطلعها:

أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبرُ
                            أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ؟

فقال الأشبوني:

وليل كهمّ العاشقين قميصُهُ
                              ركبتُ دياجيه ومركبُهُ وعْرُ.

ومعارضة ابن دراج القسطلي لأبي نواس التي يمدح فيها الخصيب، ومطلعها:

أجارةُ بيتينا أبوك غيورُ
                       وميسورُ ما يُرجى لديك عسيرُ

فعارضه ابن درّ ا ج بقصيدة يمدح فيها المنصور بن أبي عامر، مطلعها:

ألم تعلمي أنّ الثواءَ هو الثرى
                            وأنّ بيوتَ العاجزين قبورُ

وعارض أبو الحسن البغدادي الملقب الفكيك مسلم بن الوليد في قصيدته التي قالها في مدح الرشيد والتي فيها:

أديرا عليّ الكأسَ لا تشربا قبلي
                               ولا تطلبا عند قاتلتي ذحلي

فقال ابو الحسن معارضا:

لأية حال عن سُنّةِ  العدل
                      ولم أصغ يوما في هواك إلى العذل

كما عا رضها محمد بن عبد ربه  صاحب العقد الفريد بقوله:

أتقتلني ظلماً وتجحدني قتلي
                         وقد قام من عينيك لي شاهد عدل

-
وعارض أبو بكر بن نصر الإشبيلي أبا تمام في رائيته التي يمدح فيها المعتصم والتي مطلعها:

رقّتْ حواشي الدهر فهي تمرمرُ
                             وغدا الثرى في حليه يتكسّرُ

فقال  ابو بكر  الإشبيلي:

انظرْ نسيمَ الزهر رقّ فوجههُ
                             لك عن أسرّته السرية يُسفرُ

            وقد عارض الشاعر  محمود سامي البارودي  عظماء  شعراء العربية  لمقدرته الفائقة على مجاراتهم  وقدرته على الخلق والابداع  
يعتبر الشاعر  الكبير أمير الشعراء أحمد شوقي  المتصدر في  شعر المعارضات في العصر الحديث ؛ لأنّ قصائده كانت بعثاً وإحياءً لقصائد البحتري في الوصف ، والمتنبي ، وأبي تمام في الحماسة ، والبوصيري  في المدائح النبويَّة ، وابن زيدون في الغزل ؛ فحققت معارضاته إنجازاً وقوةً وإبداعاً له.

           وقبل ان اخرج من القول في هذا الفن الجميل اود ان اذكر نوعا اخر  من القصائد الشعرية هي المطارحات و التي هي قريبة من  المعارضات وقد ازدهرت في مجال الأنس والسمر والشراب، من ذلك قصيدة أبي نواس همزيته  في وصف الخمر، والتي مطلعها:

دَعْ عنك لومي فإنّ اللومَ إغراءُ
                         وداوني بالتي كانت هي الداءُ

فعارضه الحسين بن الضحاك  بقوله:

بُدّلت من نفحات الوردِ بالآء
                          ومن صبوحك درّ الإبل والشاءِ

فقد تابعه الخليع في ذكر الخمر والشعوبية. كما عارضه ابن المعتز في قصيدة يقول فيها:

أمكنت عاذلتي من صمت أباء
                        ما زاده النهي شيئاً غير إغراء


           وقد  راقت لي هذه القصائد السينية القافية   اولها للبحتري ويعارضها كل من  الشاعر احمد شوقي والشاعر عبد الله بلخير  يعارضان  فيها البحتري وشوقي  كليهم احدهما بعد الاخر   حيث تعتبر بحق اجمل القصائد المعارضة لبعضها  في الشعر العربي لحد الان \ وهذه هي القصائد  الثلاث \
  1-  سينية البحتري=

         وصف الشاعر العباسي البحتري إيوان كسرى في سينيته المشهورة التي تتوارد في أبياتها العظة التاريخية لهذه الدولة التي كانت ذات قوة عظيمة ثم اضمحلت واندثرت  يقول فيها:



صُـــنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
وَتَرَفَّعــــــــــتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـر
التِماساً مــــــــــِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِـــــندي
طَفَّفَتها الأَيّـــــــــــامُ تَطفيفَ بَخسِ

وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفَـــــــــــــــهٍ
عَلَلٍ شُـــــــربُهُ وَوارِدِ خِـــــــمسِ

وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحــــــمولاً
هَواهُ مَـــــــعَ الأَخَسِّ الأَخَــــــــسِّ

لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللـــــــــــَيالي
جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ عُــــــــــرسِ

وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ قَـــــــومٍ
لا يُشابُ الـــــــبَيانُ فيهِم بِلَــــبسِ

وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ أَنطـــــاكِيَّة
اِرتَعـــــــتَ بَينَ رومٍ وَفُـــــــــرسِ

وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَــــــــروان
يُزجي الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفــــــسِ

في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عـــــَلى
أَصفَرَ يَختالُ في صَبيـــــغَةِ وَرسِ

وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَــــــــــــدَيهِ
في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغمـاضِ جَرسِ

مِن مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمـــــحٍ
وَمُليحٍ مِــــــــنَ السِنانِ بِتُـــــرسِ

تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحــــــــياءٍ
لَـــــهُم بَينَهُم إِشـــــــارَةُ خُــــرسِ

يَغتَلي فيهِم ارتيِابي حَـــــــــــتّى
تَتَقَرّاهُـــــــــــمُ يَدايَ بِلَــــــــــمسِ

وَتَوَهَّمتُ أَنَّ كِسرى أَبَـــــــرويزَ
مُعــــــــــاطِيَّ وَالبَلَهبَذَ أُنــــــــسي

حُلُمٌ مُطبِقٌ عَلى الشَكِّ عَــــــيني
أَم أَمانٍ غَيَّرنَ ظَنّي وَحَــــــــدسي

وَكَأَنَّ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَنعَةِ
جَوبٌ في جَــــــــــنبِ أَرعَنَ جِلسِ

يُتَظَنّى مِنَ الكَآبَةِ إِذ يَبــــــــــــدو
لِـــــعَينَي مُصـــــَبِّحٍ أَو مـــــُمَسّي

مُزعَجاً بِالفِـــراقِ عَن أُنسِ إِلفٍ
عـــــَزَّ أَو مُــــرهَقاً بِتَطليقِ عِرسِ

عَكَسَت حَظُّهُ اللَيالي وَباتَ المُشـ
تَـــــري فيهِ وَهوَ كَــــــوكَبُ نَحسِ

فَهوَ يُبدي تَجَــــــــــــــلُّداً وَعَلَيه
كَلـــــكَلٌ مِن كَلاكِلِ الدَهـــرِ مُرسي

لَم يَعِبهُ أَن بُزَّ مِن بُسُطِ الــديباج
وَاِســـــتَلَّ مِـــــن سُتورِ المَـــــقسِ

مُشمَخِّرٌ تَعلو لَهُ شُـــــــــــــرُفاتٌ
رُفِعَت في رُؤوسِ رَضوى وَقُـدسِ

لابِساتٌ مِنَ البَياضِ فَما تُـــبصِرُ
مِـــــنها إِلـــــّا غـــــَلائِلَ بــــــُرسِ

لَيسَ يُدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجـــــــِنٍّ
سَكَنـــــوهُ أَم صـــــُنعُ جِــنٍّ لِإِنـسِ

فَكَأَنّي أَرى المَراتِبَ وَالقَــــــــومَ
إِذا مـــــا بَلَغتُ آخِـــــرَ حِسّــــــــي

وَكَأَنَّ الوُفودَ ضاحينَ حَســـــرى
مِن وُقـــــوفٍ خَلفَ الزِحامِ وَخِنسِ

وَكَأَنَّ القِيانَ وَسطَ المَقاصــــــيرِ
يُرَجِّـــــعنَ بَينَ حُـــــوٍ وَلُعــــــــسِ

وَكَأَنَّ اللِقاءَ أَوَّلَ مِن أَمــــــــــسِ
وَوَشـــــكَ الفِـــــراقِ أَوَّلَ أَمـــــسِ

وَكَأَنَّ الَّذي يُريدُ إِتّـــــــــــــــِباعاً
طامـــــِعٌ في لُحوقِهِم صُبحَ خَـمسِ

عُمِّرَت لِلسُرورِ دَهراً فَــــصارَت
لِلـــــتَعَزّي رِبـــــاعُهُم وَالتـــــَأَسّي

فَلَها أَن أُعينَها بِدُمــــــــــــــــوعٍ
موقَفاتٍ عَلى الصـــــَبابَةِ حُـــــبسِ

ذاكَ عِندي وَلَيسَت الـــدارُ داري
بِإِقتِرابٍ مِنها وَلا الجــــِنسُ جِنسي



2- سينية شوقي\


        وصل شوقي إلى بلاد الأندلس بعد رحلة طويلة مضنية في أرجاء البلاد عندما قرر الانجليز نفيه من مصر  شاهد خلالها الأطلال والآثار المتهدمة من القصور والقلاع والجوامع، هيجت لديه الأحزان، وجددت به الآلام وهزت فيه الوجدان فأثارت مشاعره وشحذت أحاسيسه، وتجلت في خياله قصيدة البحتري، فانطلقت قيثارة شعره بسينيته معارضاً بها البحتري في خضم الظروف السيئة التي أحاطت به، وآثار الرحلة الشاقة التي زادت من تعاسته وعذابه النفسي، تطأ قدمه أرض الأندلس التي تضم أروع صور التاريخ الإسلامي وأزهرها وأشرقها، فأنشأ يقول:



اخـــــتلاف النــــــهار والـــــليل ينسي
اذكــــــرا لـــي الصبا وأيـــــام أنسي

وصـــــفا لـــي ملاوة مـــــن شـــــباب
صـــــورت مــــن تصـــــورات ومس

عصـــــفت كالصبا اللــــعوب ومـــرت
ســـــنة حـــــلوة ولـــــذة خــــــــــلس

وســلا مصر: هل سلا القلب عــــنها
أو أسا جـــــرحه الـــزمان المؤسي

كلـــــما مـــــرت الـــــليالـــي عـــــليه
رق، والعـــــهد فـي الليالي تقــــسي

مســـــتطـــــار إذا البـــــواخـــــر رنت
أول الـــــليل، أو عوت بــــعد جرس

راهـــــب فـــــي الضلوع للسفن فطن
كـــــلما ثرن شاعـــــهن بنــــــــــقس

يا ابـــــنة اليـــــم، ما أبـــــوك بـــخيل
مـــــاله مولعاً بمـــــنع وحــــــــــبس

أحـــــــرام عــــلى بلابـــــله الـــــدوح
حــــلال للـــــطير من كـــــل جـــنس؟

كـــــل دار أحـــــق بـــــالأهـــــــــل إلا
في خبيث مـــــن المـــذاهب رجـــــس

نفســـــي مـــــرجل، وقـــــلبي شراع
بهما في الدموع ســـــيري وأرســــي

واجـــــعلي وجهك (الفنار) ومجراك
يـــــد (الثغر) بــــين (رمل) و(مكس)

وطـــــني لو شـــــغلت بالخلد عـــــنه
نازعتني إلـــــيه في الخـــــلد نفسي

وهـــــفا بالفـــــؤاد فـــــي سلســـــبيل
ظمأ للـــــسواد مـــن (عين شمس)

شهد الله لـــــم يغب عـــــن جـــــفوني
شخـــــصه ساعـــــة ولم يخل حسي

يـــا فــــؤادي لكـــــل أمـــــر قـــــرار
فــيه يبـــــدو وينجـــــلي بعـــــد لبس

عقلـــــت لجـــــة الأمـــــور عـــــقولاً
طالت الحوت طـــــول ســـبح وغس

غـــــرقت حـــــيث لا يصاح بطـــــاف
أو غـــــريق، ولا يصـــــاخ لحـــــس

فلـــــك يكســف الشـــــموس نــهــاراً
ويســـــوم البـــــدور ليـــــلة وكــس

ومـــــواقـــيت للأمـــــور إذا مـــــــــا
بلغـــــتها الأمـــــور صـــــارت لعكس

دول كالرجـــــــــــــــال مـــرتهـــــنـات
بقـــــيام مـــــن الجـــــدود وتـــــعس

وليـــــال مــــن كـــــل ذات ســــــــوار
لـــــطمت كـــــل رب (روم( و(فرس(

ســـــددت بالهـــــلال قوســــاً وســلت
خنـــــجراً ينـــــفذان مـــــن كل ترس

حكـــمت في القرون (خوفو) و(دارا)
وعـــــفت (وائلاً) وألـــــوت) (بعبس(

أيـــــن (مروان) في المشارق عــرش
أمـــــوي وفي الـــــمغارب كــــرسي؟

سقمت شـــــمسهم فـــــرد عــــــــليها
نـــــورها كل ثاقـــــب الرأي نـــــطس

ثم غابت وكل شمس سوى هـــــــاتيك
تبلـــــى، وتنـــــطوي تحـــــت رمس

وعـــــظ (البحتري) إيـــوان (كسرى)
شـــــفتني القصور من (عبد شمس(

رب ليـــــل ســـــريت والبرق طـــرفي
وبساط طويـــــت والريـــــح عنسي

أنظم الشرق في (الجزيرة) بالـــــغرب
وأطوي الـــــبلاد حزنـــــاً لـــــدهس

فـــــي ديـــــار من الخـــــلائف درس
ومـــــنار مـــــن الطـــــوائف طمس

وربى كالـــــجنان في كنف الـــزيتون
خـــــضر، وفـــــي ذرا الكرم طـــلس

لـــــم يرعـــــني سوى ثرى قــــرطبي
لمست فيه عــــــــــبرة الدهر خمسي

يـــــا وقى الله مـــــا أصبح مــــــــــنه
وسقى صــفوت الحيا ما أمــــــــــسي

قرية لا تـــــعد في الأرض كـــــــــانت
تمسك الأرض أن تمــــــــــيد وترسي

غشيت ســـــاحل المحيط وغــــــــطت
لجة الروم من شراع وقـــــــــــــــلس

ركب الدهر خـــــاطري فــــي ثراهــــا
فأتى ذلك الــــــــــحمى بــعد حـــــدس

فتجلت لي القصور ومـــــــــن فيـــــها
من العــــــــــز في مــــــــــنازل قعس

ســـــنة من كـــــرى وطـــــيف أمـان
وصــــــــحا القلب مـن ضلال وهجس

وإذا الـــــدار ما بها مـــــن أنيـــــــس
وإذا القوم ما لــــــــــهم مـــــن محس

ورقيـــــق مـــــن الـــــبيوت عـــــتيق
جاوز الألف غير مــــــــــذموم حرس

أثـــــر مـــــن (مــحـــــمد) وتـــــراث
صــــــــار (للروح) ذي الولاء الأمس

بلــــــــغ النجـــــم ذروة وتنـــــاهـــــى
بين (ثهلان) في الأساس و(قـــــد)

مـــــرمر تســـــبح الـــــنواظر فـــــيه
ويطــــــــــــــول المدى عليها فترسي

وســـــوار كأنـــــها فـــــي اســـــتواء
ألفــــــــــات الوزير في عرض طرس

فـــــترة الدهـــــر قد كست ســـطريها
مــــــا اكتسى الهدب من فتور ونعس

ويحـــــها! كـــــم تـــــزينت لعلــــــــيم
واحــــــــــد الدهر واستعـــدت لخمس

وكـــــأن الرفيف فـــــي مسرح العين
مــــلاء مــــــــــدنرات الــــــــــدمقس

ومكـــــان الكـــــتاب يغـــــريك ريـــــاً
ورده غــــــــــائباً فــــــــــتدنو للـمس

صـــــنعة (الداخـــــل) المبـــــارك في
الغـــــرب وآل لـــــه ميامـــين شمس

مـــــن (لحمراء) جـــــللت بغبـــــــــار
الدهر كالـــــجرح بـــــين بـرء ونكس

كـــــسنا البرق لو مــحا الضوء لحظاً
لمحتها العـــــيون مـــــن طــول قبس

حصـــــن (غرناطة) ودار بني الأحمر
مـــــــن غـــــافل ويقـــــظان نـــــدس

جـــــلل الثلج دونـــــها رأس (شيرى)
فـــــبدا مــــــــــنه في عـصائب برس

ســـــرمد شـــــيبه، ولـــــم أر شـــــيئاً
قـــــبله يــــــــــرجى البــــقاء وينسي

مشت الحادثات في غرف (الحمراء(
مــــــــــشي النـــــعي في دار عــــرس

هـــــتكت عــزة الحجـــــاب وفـــــضت
ســــــــــدة الباب مــــن سمير وأنسي

عـــــرصات تخـــــلت الخــيل عـــــنها
واســــــــــتراحت من احتراس وعس

ومغـــــان عـــــلى الليالـــي وضـــــاء
لـــــم تجــــــــــد للــــعشي تكرار مس

لا ترى غـــــير وافدين عـــلى التاريخ
ساعـــــين فـــي خـــــشوع ونـــــكس

نقلوا الطـــــرف فـــــي نضـــــارة آس
مـــــن نقــــوش، وفي عصارة ورس

وقبـــــاب مـــــن لازورد وتـــــــــــــبر
كالـــــربى الشـــــم بيـــن ظل وشمس

وخطـــــوط تكـــــفلت للمـــــعانــــــــي
ولألفـــــاظـــــها بـــــأزيـــــن لـــــبس

وتـــــرى مجـــــلس السبـــــاع خـلاء
مـــــقفر القـــــاع مــــن ظباء وخنس

لا (الثـــــريا) ولا جـــــواري الثريـــــا
يـــــتنزلن فـــــيه أقـــــمار إنـــــــــس

مـــــرمر قامـــــت الأســـــود عـــــليه
كـــــلة الظـــــفر ليـــــنات المـــــجس

تنثر المـــــاء في الحـــــياض جمــــاناً
يـــــتنزى عـــــلى تـــــرائب مـــــلس

آخـــــر العـــــهد بالجزيـــــرة كــــانت
بـــــعد عـــــرك مــن الزمان وضرس

فتـــــراها تقـــــول: رايـــــة جـــــيش
باد بالأمـــــس بـــــين أســـــر وحـس

ومفـــــاتيحها مقـــــالـــــيد مــــــــــلك
بــــــــــاعها الوارث المضــيع ببخس

خـــــرج القــــوم في كـــــتائب صـــــم
عن حــــــــــفاظ كموكب الدفن خرس

ركـــــبوا بالبـــــحار نعـــــشاً وكـــانت
تحــــــــــــت آبائهم هي العرش أمس

رب بـــــان لهـــــادم، وجـــــمـــــــوع
لمـــشت ومحــــــــــسن لمــــــــــخس

إمـــــرة الـــــناس هـــــمة لا تــــــأنى
لـــــجبــان ولا تســـــنى لــــــــــجبس

يا ديــــــــــاراً نزلت كالخلد ظــــــــــلاً
وجـــــنى دانياً وســــــــــلسال أنـــس

مـــــحسنات الفـــــصول لا نـاجر فيها
بقـــــيظ ولا جــــــــــمادى بـــــــقرس

لا تـــــحش العـــــيون فـــــوق ربــاها
غـــــير حـــــور حــو المراشف لعس

كســـــيت أفـــــرخي بظـــــلك ريـــشاً
وربـــــا فـــــي ربـــاك واشتد غرسي

هـــــم بـــــنو مـــصر لا الجميل لديهم
بمضـــــاع ولا الصـــــنيع بـــــمنسي

مـــــن لسان عـــلى ثنـــــائك وقـــــف
وجـــــنان عـــــلى ولائـــــك حـــــبس

حسبـــــهم هـــــذه الطـــــلول عـــظات
مــن جـــــديد على الدهـــــور ودرس

وإذا فاتـــــك التفـــــات إلـــى الماضي
فـــــقد غـــــاب عـــــنك وجه التأسي

3- و الشاعر عبدالله بلخير  كتب سينيته  معارضاً  فيها
البحتري وشوقي قائلاً :

ذكرياتي مـــــــــــا بين يومي وأمسي
هي عمري ما بين سعدي ونــــــحسي

ضاع منها ما ضــاع في مهمه العمر
وطواها بين اخـــــــــــــضرار ويبــس

وتبقى منها الــــــــذي رسبت مـــــنه
رؤى لا تــــــــرى بفــــــــكري وحسي

مومضات تشع طوراً وتخــــــــــــــبو
في شريط، في ظلمة الــــــذهن منسي

تتعــــــالى به حياتــــــــي وتكــــــــبو
بين كرب مـــــــن الزمان وأنســــــــي

خــــــــاض أمواجها شراعي يطـوي
البـحر طياً بــــــــه يسير ويــــــــرسي

تتغشاه من أعــــــــاصير الـــــــهوج
مــــــــثال الجــبال (رضوى) و(قدس(

فهو ما بينها يغــــــــوص ويطــــــفو
ثــــــــم يمــــضي على ظهور وغطس

هو عمر مضى وقد أذن العــــــــصر
فأضحى مصــــــــبح العـــــــمر ممسي

وهــــــــو في دورة المحاق فلم تبق
اللــــــــيالي مـــــــن بدرها غير سدس

ما تبــــــــقى من ذكريــــــــاتي عنه
قــــــــطرات عــــــلى حصى منه ملس

جـــــف في بعدها نداها فــــــــلا تبتل
من مســــــــها بنــــــــاني بمــــــــسي

طافت الــــــذكريات بي فــــــــي ذرى
(
الحمراء) في عالم على المجد مرسي

طفــــــــت فيها وفي حناياي مــــــنها
زفــــــــرات الواعي، العليم، الـــمحس

نادباً عــــــــزها، وملك (بني الأحمر)
فيها، بــــــــهيبة المــــــــلك مـــــكسي

طفت أرجــــــــاءها وبــــين صياصيه
كــــــــأني أطــــــــوف فيــــها برمسي

في جموع تــــــــوافدت من زوايا الـ
أرض كانت غــــــــريبة الــــدار ليسي

تتلاقى أنــــــــظارهم فــــــــي تلاقيهم
وتصــــــــغي الآذان في كـــــــل دعس

في وجوم كأنهم فــــــــي عـــزا موت
فــــــــقيد لــــــــهم ورنــــــــات تقــس

هي هذي (الحمرا) ولا غـــــــالب إلا
الله كــــــــانت (دار الخــــــــلافة) أمس

كانت الملك والخــــــــلافة والــــــفتح
لآل مــــــــن العــــــــروبة شــــــــمس

ثـــــم زالت وزال ملك (بني الأحمر(
مــــــــــــــــنها لمــــــــا أصيب بنـكس

مثل ما زال مـــــــلك (دارا) و(قسطنـ
طين) في الأرض بعــــد ملك (تحمس

وانتــــــــهى (هيـــــــنبال) و(إسكندر
الأكبر) وانهار مـــلك (روم) و(فرس(

سنة الكــــــــون أن يزول وينــــــــهار
بناء الباني عــــــــــــــــلى غــــير أس

تلك (حمراؤنا) على مفرق (أوروبا
مــــــــنار يهدى بــــــــه كل مـــــمسي

وهي في حمرة العقيق تـــــــــــراءت
تتــــــــلألأ وفــــــــي بريق الــــدمقس

مشرئباً إلى رفافها أرنو إليهــــــــــــا
تفــــــــيض بالــــــــحزن نفـــــــــــسي

خــــــاشع الطرف عندما لاح لــــــــي
فيها (المصلى) ولاح (تاج) و(كرسي(

فاقشعرت مشاعري وتـــــــــــــراءت
لـــــــي رؤى حاضري الحزين كأمسي

خـــيلت لي تموج أكــــــــنافها بالخيل
كالصبح في صهــــــــيل وعـــــــــــس

أشرقت في سنا (الخلافة) تــــــــزهو
بــــــــرجال شــــــــم المعاطس نــطس

والكراديس من (تجيب) ومن (حمير(
(صنــــــــهاجة) الفــــــــتوح و(قيس(

وقــــــــفوا في رماحــــــــهم وظـباهم
كــــــــسنا الفــــــجر بين طرد وعكس

في ظــــــــلال المصفقات من الرايات
فــــــــي (خزرج) تــــــــرف و(أوس(

فوق هامات قــــــــادة (العــرب) من
(عبد مناف) ومـــن بني (عبد شمس)

والأذان الــــــــداوي عـــلى الهضبات
الخضر يدعو إلى فرائض خــــــــمس

تتعــــــــالى به قراهــــــــم وتسمـــــو
حــــــــين تصحو عليه أو حين تمسي

وتــــراءى لي (الخليفة) في  إيوانه
مصــــــــبحاً بــــــــها أو ممــــــــسي

حوله الفاتحون فــــــــي زرد الفولاذ
يــــــــزهون فــــــــي إبــــــــاء وبأس

فلك شع بالشموس أنـــــــار الغرب
عــــــــبر القــــــــرون فــــي كل درس

ما رأت فــــــي ظلامها قبله (أوروبا)
ضيــــــــاء يضــــــــيء فيـــــها بقبس

مثل أضواء (قرطبا) وسنا (غرناطة)
فــــــــــــــــي الدجــــــى ونور (بلنس(

كـــانت الأرض كلها تتــــــــــــــــلاقى
حــــــــــــــــول أبوابها ومن كل جنس

تتلقى العلم الغزير على أعــــــــلامها
الغر من إمــــــــــــــــام وكيـــــــــــس

ووفود (الرومان) و(الغال) و(الجر
مان) حول الأبواب أطــــــــــياف نكس

وقفوا في الصفوف يلتمسون الإذن
لا ينــــــــــــــــبسون فيها بنــــــــــبس

كلما لاح حاجب حفت الأنظـــــــــــــار
مــــــــــــــــنهم به ولــــــــفت بـوجس

كـــــلهم شاخص إلى الإذن في غمزة
طــــــــرف أو فــــــــي إشارة خــــلس

شــــــــرف باذخ لهم أن يقــــــــوموا
فــــــــي صـــفوف على ظلال الدرفس

يستظلون بـ (الخــــــــــــــــلافة) فيها
وهي عدل يبنــــــــي وينــشي ويكسي

تلك (حمراؤنا) بنـــــاها (بنو الأحمر)
يضـــــــــــــــــحي الخيال فيها ويمسي

تخت مــــــــــلك الإسلام فوق روابي
(البيرينه) الخــــــــــضرا أقيم وأرسي

فاحت الأرض حولها بالربيع الطـــلق
قــــــــد ضاع من خــــــــزامى وورس

عبق لا تــــــــــــــــزال أستارها تنفثه
فــــــــي الأكــــــــف، في كــــــل لمس

وهي تــــــــختال في مطارفها الحمرا
عـــــــــــــــروساً يزهو بها ليل عرس

طفت فيها أجر خطوي، ودقــــــــــات
فــــــــــــــــؤادي تقود ترجيع دعــسي

وتجــــــــــــــــولت بين أروقة القصر
حــــــــــــــــزيناً في خيبتي بعد يأسي

تتوالى خواطــــــــري ورؤى شجوي
بــــــــــــــــذهني على خيالي وهجسي

حينما راعــــــــني الذي راعني منها
فــــــــــــــــحوقلت في قنوطي وبؤسي

وتحــــــــسست مهجتي وعرى قلبي
فـــــــــــــــــــــــــــلم أهتد إليها بحسي

فتهاويت خائر العــــــــــــــــــــزم ثاو
واضــــــــــــعاً راحتي من حول رأسي

شـــــــــــارد الذهن لا أرى ما أمامي
حاسباً رجـــــــــس أمتي أمس رجسي

وعــــــــلى هامتي هواني على نفسي
هـــــــــــــــوان المجنى عليه المخس

فكـــــــــــــــــــأني وحدي الملوم على
تعـــــس جدودي يهزني  هول تعسي

تــــــــــــــــلك حمراؤنا وحين أسميها
أســــــــــــــــمي ما أفـــــــتديه بنفسي

مجــــــدنا الأعظم الذي انقض وانهار
وما زال ذكــــــــــــــــــره اليوم قدسي

نـــــــاح (شوقي) على مشارفها قبلي
تشـــــــــــــاجى بـ (البحتري) في تأس

وتشاجيت منهما حـــــــــــــــين سالت
دمــــــــــــــوعي على يراعي وطرسي

وتماديت حين زاحمت فـــي (القصر
 )(
الأميرين) فــــــــــي غرور (البرنس(

فقصور الحمــــــــــــــــراء (دار أبي
سفيان) داري والجنس لا شك جنسي

حــــــــــــــاملاً رايتي أهز بها شعري
تعــــــــــــــــــالت به جذوري وغرسي

ما تخطتني الصفوف فمن حــــــــولي
وخلفي (قيسي) و(عبسي) و(عنسي(

جـــــــــــــــزتهم في سما (عكاظ) فقد
رف جنـــــاحي على السحاب وجرسي

يتبـــــــــــــــــــــارون في لحاقي وهم
خــــــلف غباري على مدى قاب قوس

وأنا عــــــــــــــــــند (سدرة المنتهى)
أرنو إلـــــــــــــيهم على أهازيج قعس

لا أبــــــــــــــــالي بأن يغص بما قلت
شــــــــحيح الإنصاف في ضيق نفسي

فكثير ألا يقال لــــــــــــــــمن أحـــسن
أحســـــــــــــــــنت، في الزمان الأخس

هـــــــمسات رنت بأذني في (الحمرا)
كهــــــــــــــــمس الجني في أذن إنسي

فتريثت فــــــــي مقــــــــــــــــاصيرها
أصــــــــــــغي إليها بكل وعيي وحسي

سابحاً فــــــــي مشاعري في متاهات
تلاقى فيــــــــــــــــــــها يقيني بوجسي

كيف كـــــــــنا، وها هو اليوم ما كان
وكـــــــــــــــــــــنا، أطلال سعد ونحس

هي هذي ديارهم عـــــــــــــبرة الدنيا
وكــــــــــــــــــــــبرى العظات للمتأسي

بقيت عبرة يطــــــــــــوف بها الناس
وتــــــــــــــــــرنوا لها العيون فتخسي

ويحج (السياح) ساحــــــــاتها ماجت
بأفواجهم بزهــــــــــــــــــــــــو وميس

كل ركـــــــــــــــــــــــن منها يئن لما
مـــــــــــــــــر عليها من نائبات وحس

بحــــــــــــــــت النائحات فيها عــــلى
الا ضــــــــاع يندبن في مواكب عمس

وأمحى ما عــــدا (شعار) بني الأحمر
وما زال فضــــــــــــــــــــلة المتحسي

وهو فــــيما يرى (ولا غالب إلا الله)
فيه أسى الخــــــــــــــــــطوب المؤسي

يصــــــــــــــــطفيه (السياح) في سوق
(
غرناطة) فــــي هزء من أصيب بمس

جــــــــــــــــــعلوه مثل الدنانير ذكرى
حــــــــــــــــــول أعناقهم تـدلى بسلس

                اما المطاردات الشعرية في نوع من المباريات او المسابقات في الشعر ظهر احدث من المعارضات والمطارحات ويستعمل في السباقات الشعرية في الدواوين والتجمعات وفي الكتاتيب والمدارسوهي ان ياتي الفريق المتسابق ( مفردا او جماعات ) باحد ابيات الشعر فياتي الاخر ببيت من الشعر ايضا يبدا بحرف القافية التي انتهى به البيت الاول او الذي قاله الفريق الا ول وهكذا يتبارى الفريقان حتى يعجز احدهما عن الاتيان ببيت شعر يبدا اوله بحرف قافية الفريق الاخر فياتي به الفريق الاول فيكون الفوز او الغلبة له . وهذا ما كنا نفعله من نحن طلاب في المدرسةالثانوية في درس اللغة العربية .
مثال على ذلك يقول المتسابق الاول:

ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

فيقول الاخر :

نـــــــاح ) شوقي) على مشارفها قبلي
تشـــــــــــــاجى بـ (البحتري) في تأ س

فيقول الفريق الاول:

سرت في ديجور ليل حندس
متنجدا بنجاد سيف اعوج

فيجيب الاخر :
جزيناهم بما صبحوا شُعيْثاً
وأصْحاباً لَهُ ورَدوا قَرارا

وهكذا .

*****************************



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق