الأحد، 29 ديسمبر 2013

موسوعة شعراء العربية الكتاب الاول \ شعراء الجاهلية تاليف فالح نصيف الحجية القسم الاول

       موسوعة

شعراء  العربية

         1    







شعراء الجاهلية  



                                  تأليف


              فالح   نصيف  الحجية
                               الكيلاني











































                           
                                المقدمة   

                بسم الله الرحمن الرحيم

            بعد  التوكل على الله  سبحانه وتعالى اقدمت  على عمل مهم    في الادب العربي و الشعر خاصة  هو  تاليف موسوعة جديد ة  بعنوان      ( موسوعة   شعراء العربية  ) وساخصص لكل عصر وزمان  كتابا في    شعراء هذا العصر وقد بدأت  بالعصرالجاهلي ومن الله التوفيق .


        يقصد بـالشعر العربي كل الشعر الذي كتب باللغة العربية  بشرط أن يكون موزونا ومقفى  لانه  ولد وترعرع وشب  كذلك  فالوزن  شرط لازم في جميع  أنواع  الشعر القديم  والحديث على  حد  سواء  بما  فيه الشعر المعاصر باستثناء ما يسمى بقصيدة النثر.

         وكان الشعر  العربي  في  الجاهلية  ديوان العرب وعلمهم الذي لم يكن لهم علم أصح منه. واستمر بعد تلك الحقبة فنا أدبيا بارزا فالشعر في الجاهلية كان  وسيلة  العربية الى  تاريخها و ثقافتها   وكانت العرب تقيم الأفراح إن  برز من أبنائها  شاعر مبدع  فالشعر عند العرب  قديما  كان يرفع من شأن  قبيلة  ويحط  من قدر قبيلة  أخرى. وكان الشعر  في صدر الإسلام وسيلة من وسائل الدفاع عن رسالة الإسلام ضد مشركي قريش. كما  كان الشعر في عهد بني أمية و العباسيين  وسيلة من وسائل الفرق السياسية والفكرية المتنازعة بقصد تبليغ آرائها والدفاع عن مبادئها في مواجهة خصومها .

          وهكذا   كان  للشعر العربي دور بارز في الحياة  الأدبية والفكرية والسياسية وهو يتطور  بتطور الزمن و الشعوب العربية وحسب علاقاتها بالشعوب   الأخرى  وقد  برزت   في الشعر  فنون  جديدة   متطورة  من    حيث المضمون ومن حيث الأسلوب واللغة  ومن  حيث الأوزان والقوافي وما إليها حيث   ظهر إلى جانب  شعر الوصف  وشعر الأطلال شعر الغزل العذري  والشعر السياسي والشعر الصوفي  والشعر الاجتماعي والوطني وشعر الموشحات  والشعر المعاصر...

           فاذا كان هذا  هو حال الشعر  عند العرب  فيكو ن حال  الشعراء  الذين قالوا الشعر  وأ وجدوه افضل حالا و اسمى منزلة  واعظم رفعة من غيرهم  فالشعراء هم  قادة  البشرية  للتحرر والازدهار  وهم الذين تكون قلوبهم وافكارهم وعقولهم متفتحة  للنمو والعطاء في شعوبهم لذا اكبرهم  الناس في مجتمعاتهم  المختلفة .

        ففي  المجتمع  العربي الجاهلي  كانت  منزلتهم رفيعة  فالشعراء هم القادة   الافذاذ  واذا  نبغ  شاعر  في القبيلة   اهتمت  به  قبيلته   وقدمته على الاخرين  في الراي والمشورة  واحتفلت  به  وفخرت به على غيرها  من القبائل  فهو لسان حالها والمدافع عنها  والحامي  لذمارها.
   
        وشاعت هذه المنزلة  الرفيعة  للشعراء   في   مجتمعاتهم   العربية وغير العربية .  لذا  يحق لنا  الاحتفاء  بالشعراء  والكتابة  فيهم  وعنهم وعليهم  ومدارسة  حياتهم  حيثما  وجدوا  فقد  نذروا    نفوسهم  ليكون كل  واحد  منهم   شمعة   تحترق  لتنير  سبل  وسموت  الاخرين  ويفتح   آ فاقا جديدة  للحياة و للانسانية  جميعها بحيث  كانوا  وسيكونون رموزا للحرية ومن هنا  كان اهتمامي  بالشعراء لأكتب عنهم  في اغلب  مجالات  كتاباتي .

    اسأ ل الله تعالى  السداد  والتوفيق  والفتح المبين  في  كل ما اروم له  وما سرت  فيه من  انه نعم المولى ونعم النصير .


                                                       فالح نصيف الحجية
                                                             الكيلاني
                                                      العراق- ديالى - بلدروز
                                                       بلدروز  1-6-2013






                  المؤلف  في سطور

   سيرة ذاتية

الاسم واللقب \ فالح نصيف الحجية الكيلاني
اسم الشهرة \   فالح الحجية
تاريخ الولادة \  بلدروز \  1\7\ 1944
البلد \ العراق - ديالى – بلدروز
 المهنة\  متقاعد
الحالة الثقافية \  شاعر وباحث                                                             
فالح الحجية شاعر وباحث  واديب عراقي معروف  من مواليد \- العراق – ديالى- بلدروز 1944- ومن الاسرة الكيلانية والتي لها تاريخ عريق و ترجع بنسبها  للشيخ عبد القادر الكيلاني الحسني والتي انجبت العديد من الاعلام على مر العصور. 
         كان يشغل  مديرا  في وزارة التربية العراقية حتى إحالته الى التقاعد 2001م
أهم مؤلفاته  "الموجز في الشعر العربي"،  ويعتبر من مراجع الكتب العربية في الأدب، والشعر عبر العصور والأزمنة، ومن اهم الموسوعات التاريخية الموضوعية في الشعر العربي في العصر الحديث، والمعاصر بكل مفرداته وأحداثه وتطوراته وفنونه وتغييراتها بما فيها عمود الشعر والشعرالحر وقصيدة النثر والشعراء وطبقاتهم وأحوالهم.
 السيد فالح  الحجية  هو:
     -    عضو الاتحاد  العام للادباء والكتاب في العراق
-         عضو الاتحاد العام للادباء  والكتاب العرب
-         عضو مؤسس في اتحاد ادباء  ديالى
-          عضو الاتحاد الدولي لعلوم  الحضارة الاسلامية – ممثل دولة العراق
-         عضو  الاتحاد العالمي للشعراء  والمبدعين العرب \ وكيل دولة العراق
-         عضو اتحاد الاشراف الدولي
-         عضو اتحاد المنتجين العرب( جامعة الدول العربية ) امانة  شعبة المبدعين العرب –المدير الاقليمي لفرع العراق  ومستشار الشؤون الادبية فيها  وعضو  امانة شعرالتفعيلة – لجنة التقييم والتصحيح .
-         عضو  اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
-          عضو اتحاد  الكتاب والشعراء الاحرار
-         عضو اتحاد  كتاب الانترنيت العراقيين
-         عضو اتحاد  كتاب الانترنيت  العرب
-          عضو اتحاد الشعراء والادباء العرب
-         عضو اتحاد  الادباء والكتاب  التونسيين
-         عضو رابطة  الادباء والكتاب العرب
-          عضو رابطة  ادباء الامة
-         عضو رابطة  المبدعين اليمنيين
-         عضومؤسسة اقلام ثقافية للاعلام في العراق
-         عضو الملتقى الثقافي العربي
-  عضو منظمة الكون الشعري في المغرب

     *  اما  المقالات الكثيرة  التي كتبها الشاعر في الصحف والجلات العراقية والعربية      والاجنبية  الناطقة بالعر بية  .
  *  الا ف المقالات التي نشرها في موقعه او المواقع والمنتديات الالكترونية على النت او    الفيس  .
* وكذلك مشاركاته في كثير من المهرجانات الادبية مثل مهرجان المربد السنوي في العراق و اتحاد المؤرخين العرب وكل الندوات والمهرجانات التي عقدت في ديالى سواء عربية أو عراقية اومحلية
 * له علاقات وصداقات مع العديد من الأدباء والشعراء العرب والعراقيين منهم الشاعر    محمود درويش  الشاعرالفلسطيني المعروف والشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري والشاعر نزار قباني والشاعر العراقي سركون بولس والشاعر وليد الاعظمي والادباء والمورخين الاساتذة والدكاترة  منهم  عماد عبد السلام رؤوف وسالم الالوسي وعبد الرحمن مجيدالربيعي وحسين علي  محفوظ  وجلال الحنفي  وغيرهم كثير  ..

     ومن مؤلفات فالح نصيف الحجية الكيلاني

ا-الدواوين الشعرية :

           نفثات القلب                1978
           قصائد من جبهة القتال   1986
           من وحي الايمان          8 0 20 
           الشهادة والضريح         2010
           الحرب والايمان            2011 
          سناءات مشرقة

ب – الكتب النثرية :
1 -في الادب والفن
2 -تذكرة الشقيق في معرفة اداب الطريق – دراسة وتحقيق وشرح للقصيدة التي تحمل نفس العنوان والمنسوبة للشيخ عبد القادرالكيلاني
3-الموجز في الشعر العربي \ دراسة موجزة في  الشعرالعربي عبر العصور بدءا من العصر الجاهلي وحتى عصر النهضة او الحديث ثم المعاصر اعتبر او قيم من قبل اغلب المواقع الادبية على النت - انه احد امهات الكتب العربية في الادب واللغة  في موضوع الشعر والادب       اربعة اجزاء
4-شرح ديوان الشيخ عبد القادر الكيلاني وشيء في تصوفه – دراسة شاملة في ادب الشيخ عبد القادرالكيلاني كنموذج للشعر
الصوفي وشرح القصائد المنسوبة للشيخ             اربعة اجزاء
5    -   كرامة فتاة ( قصة طويلة )
6-   اصول في الاسلام
7-   عذراء القرية (قصة طويلة )
8-  الاشقياء  ( مجموعة قصص قصيرة )
9-  بلدروز عبر التاريخ
10-  دراسات في الشعر المعاصر  وقصيدة النثر
11- الغزل في الشعر العربي
12– عبد القادر الكيلاني  وموقفه من المذاهب والفرق الاسلامية     دراسة
13--شرح القصيدة العينية \ مع دراسة  بحثية في شاعرها  الشيخ عبد القادر الكيلاني
14-  -مدينة بلدروز في الذاكرة
15- شذرات من السيرة النبوية المعطرة

 ج- موسوعة  التفسير الموضوعي للقران الكريم  وقد انجز منها الكتب التالية :
1-اصحاب الجنة في القران الكريم                 جزءان
2-القران في القران الكريم
3- الادعية المستجابة في القران الكريم
4-الانسان ويوم القيامة
05- الخلق المعاد في القرآن الكريم
     6-يوم القيامة في القران الكريم                    جزءان

     د – موسوعة الشعراء العرب   وقد انجز منها الكتب التالية  :
1- شعراء الجاهلية
2-شعراء صدر الاسلام
3- شعراء  العصر الاموي
4- شعراء  العصر العباسي
5- شعر اء النهضة العربية






                  ******************************







                                          1
                             
امرو ء القيس


              هو الشاعر امرؤ القيس  بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر (ا كل المرار( بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي   من اهل نجد من الطبقة الاولى  .  واصله من اليمن  وكانت قبيلته كندة قد هاجرت من اليمن بعد انهيار  سد مارب  الشهير  وسكنت نجد  وابوه سيد قومه اي ملك قبيبلة  كنده  
ولد في نجد  وبها ترعر ع وشب واكتمل.

          نشا امرؤ القيس نشاة  اولاد  الملوك  نشأة ترف   فاحب اللهو وملذات الحياة  والخمرة   والنساء  وكان   مسرفا   في  شرب الخمرة وملاحقة   النساء   والاخيرة  صفة مذمومة عند العرب  فنهاه ابوه  عن ذلك لكنه لم ينته  وظل  طوال حياته  محبا  للشراب  ومطاردة   النساء والطرب  والصيد وكل امر عابث حتى لقب بالملك الضليل  .

          جاء في  كتاب  شرح  المعلقات السبع   للزوزني انه  نظم معلقته في (عنيزة) ابنة عمه  شرحبيل  وكان لا يحظى  بلقائها ووصالها  فانتظر ضعن الحي وتخلف عن  الرجال حتى اذا  ظعنت النساء سبقهن الى الغدير  في ( دارة جلجل ) وتخفّى هناك  ثم علم انهن وردن الماء ليغتسلن   فلما وردت  العذارى  الماء  و(عنيزة)  فيهن  ونضون  ثيابهن و تعرين للسباحة  والاغتسال  ظهر عليهن امرؤ القيس  وجمع ثيابهن جميعا   وجلس على  الثياب  وحلف ان لا يدفع  اليهن  ثيابهن  الا  ان يخرجن واحدة  واحدة عاريات  و يأتين اليه فيأخذن  ثيابهن  منه  فخرجت اوقحهن
( اكثرهن جرأة) اليه بعد  خصام  طويل معه  فأعطاها ثيابها  ثم تتابعن اليه بعد ذلك  حتى بقيت (عنيزة)  فاقسمت  عليه  فقال لها يابنة الكرام لا بد لك من ان تفعلي مثلهن  فخرجت اليه  عارية  فراها  مقبلة  ومدبرة   فلما  لبسن  ثيابهن  واخذن  يعذ لنه  وقلن  له  جوعتنا  كثيرا واخرجتنا عن الحي  فقال  لهن:
-        لو عقرت  راحلتي اتاكلن  منها 
-        فقلن  نعم   

        فذبح راحلته  لهن  واكلن  منها  حتى شبعن  فلما  ارتحلن  قسمن  امتعته بين رواحلهن  وبقي  وحده  بدون راحلة  فقال  (لعنيزة)
- يا ابنة   الكرام  لا بد من  ان  تحمليني  .
  ثم  الحّت  عليها  صواحبها  ان  تحمله  على  مقدم هودجها  فحملته   فجعل  يدخل راسه  في  الهودج   فيقبلها   ويشمها  حتى  وصلا  وكل هذا  مذكور او  مشار   اليه  في  معلقته .
         
       وقيل  انه  عندما  كان جالسا  يلعب النرد  ويعب الخمرة  اتاه  ات بخبر قتل ابيه  فقال  قولته  المشهورة –( ضيعني  صغيرا  وحمّلني  دمه كبيرا  لا صحو  اليوم  ولا  خمر غدا . اليوم خمر  وغدا امر)– وعندما صحا   من   خمرته  وسكره  اخذ  يطالب  بثأر  ابيه  من  قاتليه  وظل يتنقل  من  مكان  لأخر  لطلب  العون  والمساعدة  في  دم  ابيه   حتى توفته  المنية  في  مدينة  انقرة  التركية  وكان  يلقب  ب(ابي  القروح) لشدة  ما  لحقه  من  اذى  في  بدنه  من  كثرة  الترحال  والتنقل  في  سبيل  تأ ليب  الناس على  قاتلي  ابيه  وقيل ان ملك  الروم البسه عباءة  مسمومة  لانه تحرش  بابنته  عند وجوده عنده في مدينة ( انقرة )  فانتشر السم في جسده فمات .

 تعتبر  معلقته من اروع المعلقات وافضلها  .
  ومطلع معلقته ::-
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
                              بسقط  اللوى  بين الدخول  فحومل

ويقول في الغزل:

سموت إليها بعد ما نام أهلها                              
                 سمو حباب الماء حالا على حال      

فقالت سباك الله إنك فاضحي                            
                   ألست ترى السمار والناس أحوا ل

فقلت يمين الله أبرح قاعدا                                    
                        ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

حلفت لها بالله حلفة    فاجر                                  
                       لناموا فما إن من حديث ولا صال

فلما تنازعنا الحديث وأسمحت                                  
                      هصرت  بغصن  ذي شماريخ ميال                                              

وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا                                 
ورضت فذلت صعبة أي إذلال                            

فأصبحت معشوقا وأصبح بعلها                                
                                      عليه  القتام  سيء الظن والبال
                              
يغط غطيط البكر شد خها
                                       ليقتلني   والمرء  ليس    بقتال     
                              
أيقتلني والمشرفي مضاجعي
                                    ومسنونة   زرق   كأنياب   أغوال 
                                          
وليس بذي رمح فيطعنني به
                                   وليس   بذي   سيف   وليس بنبال
                                 
أيقتلني وقد شغفت فؤادها
                                   كما شغف المهنوءة الرجل الطالي   
                                         
وقد علمت سلمى وإن كان بعلها
                                      بأن الفتى   يهذي  وليس  بفعال      
                            
وماذا عليه أن ذكرت أوانسا
                                    كغزلان رمل في محاريب أقيال



                 *********************


و  قال امرؤ  القيس  في معلقته:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
                                  بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها
                                       لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ

تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا
                                           وَقِيْعَـانِهَا   كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ

كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا
                                              لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ
                                               يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ

وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ
َ                                                فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ


كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا
                                              وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ

إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا
                                          نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ

فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً
                                       عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي

ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ
                                            وَلاَ   سِيَّمَا   يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ

ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي
                                             فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ

فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا
                                            وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّـلِ

ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ
                                           فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً
                                     عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ
                                           ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ
                                          فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ

إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ
                                            بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ

ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ
                                               عَلَـيَّ   وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ

أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ
                                      وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي

أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي
                                           وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ

وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ
                                              فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ

وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي
                                           بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ

وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا
                                            تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ

تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً
                                             عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي

إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ
                                            تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ

فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا
ل                                           لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ

فَقَالـَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ
                                           وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي

خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا
                                               عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ

فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى
ب                                          بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ

هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ
                                           عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ

مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ
                                              تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ

كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ
                                          غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ

تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي
                                           بِـنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ

وجِـيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِـشٍ
                                               اِذَا هِـيَ نَصَّتْـهُ وَلاَ بِمُعَطَّــلِ

وفَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٍ
                                              أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِــلِ

غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُــلاَ
                                          تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَــلِ

وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّــرٍ
                                            وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّــلِ

وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا
                                         نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّـلِ

وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ
                                          أ َسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ

تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَــا
                                              مَنَـارَةُ  مُمْسَى رَاهِـبٍ مُتَبَتِّــلِ

إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً
إ                                       ِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ

تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـا
                                        ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَـلِ

ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُـهُ
                                          نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ

كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى
                                         مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ

كَأَنَّ دِمَاءَ الهَـادِيَاتِ بِنَحْـرِهِ
                                         عُصَارَةُ   حِنَّاءٍ   بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ

فَعَـنَّ لَنَا سِـرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَـهُ
                                          عَـذَارَى   دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّـلِ

فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُ
                                           بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْـوَلِ

فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَاتِ ودُوْنَـهُ
                                            جَوَاحِـرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّـلِ

فَعَـادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَـةٍ
                                          دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَـلِ

فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ
                                          صَفِيـفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّـلِ

ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَـهُ
                                          مَتَى  تَـرَقّ َ العَيْـنُ فِيْهِ تَسَفَّـلِ

فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُهُ ولِجَامُـهُ
                                          وَبَاتَ بِعَيْنِـي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ

أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـهُ
                                           كَلَمْـعِ   اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ

يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِـبٍ
                                  أ َمَالَ السَّلِيْـطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّـلِ

قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَـارِجٍ
                                      وبَيْنَ العـُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّـلِ

عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِـهِ
                                       وَأَيْسَـرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُـلِ

فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ
                                    يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ
ومَـرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ
                                     فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ

وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ
                               وَلاَ   أُطُمـاً    إِلاَّ    مَشِيْداً بِجِنْـدَلِ

كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِ
                                 كَبِيْـرُ أُنَاسٍ    فِي    بِجَـاد   ٍ مُزَمَّـلِ

كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُـدْوَةً
                                   مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْـزَلِ

وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَـهُ
                                  نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ

كَأَنَّ مَكَـاكِيَّ الجِـوَاءِ غُدَّبَـةً
                                    صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَـلِ

كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً
                                بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ

_________________  


       وهذه ابيات  مغناة تنسب  الى امرئ القيس   ايضا  الا اني اتحفظ علي هذا الراي حيث ان ابياتها توحي انها من الشعر العباسي :

قـتــيــلٌ بـــــوادي الـــحـــبِّ مــــــن غـيـرقــاتــلِ
                    ولا مــــيِّــــت يَــــعــــزِي نُــــهــــاك ولا زُمــــــــلُ

فــتــلــك الـــتـــي هــــــام الـــفــــؤاد بـحــبَّــهــا
                    مــهــفــهـــفـــةٌ بـــيـــضـــاءُ دريــــة الــــقُــــبـــــل

ولـــي ولــهــا فــــي الــنــاس قــــولٌ وسُـمـعــةٌ
                        ولـــــي ولــهـــا فـــــي كـــــل نـاحــيــةٍ مَـــثَـــل

رادحٌ صَــمُــوت الـحِــجِــل لـــــو أنــهـــا مــشـــت به
                       عــنـــد    بـــــاب   السَّـبـسـبـيـن    لا ينـفـصــل

ألا  لا  ألا إلاَّ  لآِلاءِ  لابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــثٍ
                    ولا لا    ألا    لآِ لاء مــــــــــــــــــــن رحــــــــــــــــــــل


فكـم كــم      وكــم كــم      ثــم كــم كــم     وكــم وكــم
                 قـطـعــتُ      الـفـيـافــي     والـمَـهـامِــه   لـــــم   أَمـــــل


وكــــــــافٌٌٌ    وكــفـــكـــافٌ     وكــــفــــي    بــكــفــهـــا
              وكــــــافٌ    كَـــفـــوف     الــــــودق    مـــــــن  وصـــــــل


وفـي فـي    وفـي فـي     ثـم فـي فـي      وفـي وفــي
                     وفــي وجنـتـي     سلـمـى       والـربـوع  فـكـم أســـل


وسَل سل       وسل سَل     ثم سل سل    وسل وسل
                        وســـل دا  ر سـلـمــى     والــربــوع   فــكــم أســــل


وشَنصْـنـل   وشـصْـنـل    ثـــم شـصـنـل    عشـنـصـل
                      عـلـى حـاجـبـي       سـلـمـى   يـزيــن    مـــع الـمُـقَـل


حــجــازيـــة    الـعـيـنــيــن       مــكــيـــة الــحــشـــى
                     عــراقــيـــة الأطــــــــراف      رومــــيــــة الــكـــفـــل


تِـهــامــيــة الأبـــــــدان      عــبــســيَّــة الــلَّـــمـــى
                          خــزاعـــيـــةُ الأســــنــــان    دُريــــــــة الـــقُـــبـــل


فــقــلـــتُ لـــهــــا       أي الــقــبــائــل  تُــنــســبــي
                      لعـلَّـي    بـيـن الـنـاسِ      فــي الشِّـعـر   كــي أُســـل


فـــقـــالــــت أنــــــــــا    كـــنــــديــــة   عـــربــــيــــة
                   فـقـلــتُ لــهــا   حــاشــا    وكـــــلاَّ     وهـــــل وبـــــل


فـــقـــالـــت أنـــــــــا      روحـــــيّـــــة عــجــمـــيـــةٌ
                   فـقـلـتُ لــهــا  ورخِــيــز      بـيـاخُــوش   مــــن قُــــزل


ولا عـبـتُـهــا    الـشـطــرنــج     خــيــلــي تـــرادفـــت
                 ورُخِّـــيـــي      عـلـيــهــا    دار بــالــشــاهِ   بـالــعــجــل


فــقـــالـــت     ومــــاهــــذا    شــــطــــارةُ    لاعــــــــبٍ
                 ولــكــن َّ    قــتــل الـنـفــس         بـالـفـيــل   هُــوالاجـــل
.



     *************************************

























                                       
                                          2

                 المرقش



        المرقش  هو ربيعة بن سعد بن مالك، ويقال:  هو عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة. والمرقش  شاعر جاهلي من الطبقة الأولى له قصيدة تدخل في المعلقات، وسمي المرقش لقوله:

       الدار قفر والرسوم كما
               رقش في ظهر الأديم قلم

       وهو أحد عشاق العرب المشهورين بذلك وصاحبته (أسماء) بنت عوف بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وكان أبوها زوَّجهاً رجلا من مراد في غياب المرقش فلما عاد اخبره بخبر زواجها. فخرج يريدها ومعه عسيف له من قبيلة  غفيلة، فلما صار في بعض الطريق مرض، حتى ما . يحمل  إلا  معروضا  ً فتركه   الغفيلي  هناك   في غار وانصرف إلى أهله فأخبرهم أنه مات فلم يصدقوه  فأخذوه وضربوه حتى اعترف انه تركه في غار مريضا   فقتلوه  وقيل ان  صاحبته  أسماء عرفت الامر  فبعثت إليه فجيئ به اليها محمولا  وقد أكلت السباع أنفه، فقال:

ا راكبا إما عرضت فبلغن
                              أنس بن عمرو حيث كان وحرملا
لله       دركما   ودر  أبيكما
                                                إن   أفلت   الغفلى  حتى يقتلا
من مبلغ الفتيان أن مرقشا
                               أضحى على  الأصحاب عبأ مثقلا
ذهب السباع بأنفه فتركنه
                                   ينهشن  منه  في القفار مجدلا
وكأنما ترد السباع بشلوه
                               إذ غاب جمع بني ضبيعة منهلا

            وقيل انه  كتب هذه الأبيات على خشب الرحل، وكان المرقش يجيد الكتابة باللغة  الحميرية،  فقرأها قومه، فلذلك ضربوا الغفيلي حتى اعترف .
ومن جيد شعره قوله:
فهل يرجعن لي لمتي إن خضبتها
                                 إلى عهدها قبل الممات خضابها
رأت أقحوان الشيب فوق خطيطة
                                     إذا مطرت لم يستكن صؤابها
فإن يظعن الشيب الشباب فقد ترى
                                        به لمتي لم يرم عنها غرابها

وقال الشاعر المرقش :

أغالِبُكَ  القلبُ  اللَّجوج   صَبَابَةً
                                                وشوقاً إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالُبُهْ

يهيمُ   ولا  يعْيا بأسماء   قلبُه
                                                  كذاك الـهوى إمرارُه وعواقِبُهْ

أيُلحى امرؤ  في    حبِّ   الأما ء                                                                                                                                                                                                                                                                       ب                                              بِغَمْزٍ من الواشين وازورَّ جانبُهْ

وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالماً
                                                  وبادي أحاديثِ    الفؤادِ وغائبهْ

إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني
                                       يُزعزعني   قفقاف  وِرْدٍ   وصالبُهْ


وقال في الغزل  ايضا :



قُلْ لـأسماء   أَنْجِزي الميعادا
                                          وانْظُري أنْ تُزوِّدي منكِ زادا

أَينما كنتِ أو حَلَلتِ بأَرضٍ
                                                         أو بلادٍ أَحيَيْتِ تلكَ البلادا

إن تَكُونِي تَرَكْتِ رَبْعَكِ بالشَّأ
                                           مِ وجاوَزْتِ  حِمْيراً  ومُرادا
فارْتجِي أَن أَكونَ منكِ قريباً                                                                        ف                                             فاسْألي الصَّادِرِين والوُرَّادا               

وإذا ما رأَيْتِ رَكْباً  مُخِّبِيـ                             
                                                        ـنَ يَقُودونَ مُقْرَباتٍ جِيادا

فَهُمُ صُحْبتِي على أَرْحُلِ المَيْـ
                                                           ـسِ يُزَجُّونَ أَيْنُقاً أَفْرادا

وإذا ما سمَعتِ من نحوِ أَرضٍ
                                             بِمُحِبٍّ قد ماتَ أَو قِيلَ كادا

فاعْلَمِي غيرَ عِلْمِ  شَكٍّ  بأَنِّي
                                                     ذاكِ، وابْكِي لِمُصْفَدٍ أَنْ يُفادى

أو تناءت بك النوى فلقد قدتِ
                                                       فؤادِي  لحينه      فانقادا  

ذاك أنِّي علقت منك جوى الحبّ
                                                 وليدا    ً فزدتُ   سنّاً    فزادا



وقال ايضا :

خليليّ عوجا باركَ اللـه فيكما وإن
                    لم تَكُنْ    هندٌ   لـأرضِكما   قَصْدا

وقولا لـها: ليس الضلالُ أجازَنا
                                           ولكنّنا     جُزنا    لنلقاكمُ عَمدا


تخيّرتُ من نعمان عودَ أراكةٍ 
                                              لـهندٍ فمن هذا     يُبلِّغه هِندا؟

وأنطيتُهُ سيفي    لكيما   أقيمَهُ
                                            فلا أوداً فيه استبنتُ ولا خَضْدا
 
فلمّا أنخنا العيسَ قد طال سيُرها
                             إليهم وجدناهم لنا بالقرى  حَشْدا

فناولتها المسواك والقلب خائف
                                وقلت لـها: يا هند    أهلكتِنا  وَجْدا

فمدَّت  يداً   في حُسْنِ  كلٍّ  تناولاً
                                 إليه وقالت: ما أرى مثل ذا  يُهْدى

وأقبلت كالمجتا  ز  أدّى  رسالةً
                                            وقامت تَجُرّ ُ المَيْسَنانِيَّ  والبُردا

تَعَرَّضُ   للحي   الذينَ  أريدهم
                                               وما التمستْ إلاّ لتقتلني عمدا

فما شبهٍ هند غيرُ أدماءَ خاذِلٍ
                             من الوحشِ مرتاعٍ تُراعى طَلاًّ فَرْدا

وما   نطفَة من    مُزْنَةٍ   في   وَقيعَةٍ
                                     لى متن صخر في صفاً خالطت شهْدا

بأطيب   من    ريّا    عُلالة    ريقها
                           غداة هضاب الطلّ في   روضة   مدا

وقال المرقش ايضا :

سَرى لَيْلاً خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى
                  فَأَرَّقَني   وأصْحابي    هُجُودُ

فَبِتُّ أُدِيرُ أَمْرِي كلَّ حالٍ
                    وأَرْقُبُ   أَهْلَها   وهُمُ بعيدُ

عَلى أَنْ قَدْ سَما طَرْفِي لِنارٍ
                   يُشَبُّ لـها بذِي الـأَرْطى وَقُودُ

حَوالَيْها مَهاً جُمُّ   التَّراقي
                                          وأَرْآمٌ   وغِزْلانٌ     رُقُودُ

َ يَزُحْنَ مَعاً بِطاءَ المَشْيِ بُدّاً
                     عليهنَّ   المَجاسِدُ  والبُرُودُ

سَكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أُخْرى
                   وقُطِّعَتِ   المواثِقُ   والعُهُودُ

قال ايضا :


أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْرا    ً مَنازِلُهْ،
                  كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ

بتثلِيثَ أوْ نَجرَانَ أوْ حيثُ  تَلتقي،
                                         منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه

دِيارٌ لِسلْمى إذ   تصِيدُكَ   بالمُنى،
                                          وإذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُه
 
وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها،
                                          لـها نَظَرٌ ساجٍ   إليكَ،    تُوَاغِلُهْ

غَنِينا، وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً،
                                             كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُه

لَيَاليَ أقْتاد  ُ الصِّبا    ويَقُودُني،
                                               يَجُولُ بنَا رَيعانُه     ُ ويُحاوِلُه

سَما لكَ من سلْمى خَيالٌ ودونَها
                                             سَوَادُ كَثِيبٍ، عَرْضُهُ     فأمايِلُهْ

فذُو النّيرِ فالـأعلامُ من جانبِ الحِمى
                                         وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجلـه

وأنّى اهْتَدَتْ سلمى وَسائلَ، بَيننا
                                             بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ

وكم دُونَ سَلمى من عدُوٍّ وبلدةٍ
                                           يَحارُ بها الـهادي، الخفيفُ ذلاذلُه

يَظَلُّ    بها    عَيرُ   الفَلاةِ ، كأنّهُ
                                               رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ، ويُضائلُهْ

وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ،
                                                إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلـهْ

وقد   ذَهَبَتْ سلمى   بعَقْلِكَ كُلّهِ،
                                                  فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلـه

كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ
                                                بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايلـه

وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي
                                               بذلكَ، عَوْفٌ أن تُصَابَ مُقاتِلـه

فلمّا   رأى   أنْ لا قَرارَ   يُقِرُّهُ،
                                                 وأنّ هَوَى أسْماءَ لا بُدّ قاتِلـه

تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ
                                           على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعاً رواحِلـه

إلى السّرْوِ، أرضٌ ساقه نحوها الـهوى،
                                             ولم يَدْرِ أنّ الموْتَ بالسّرْوِ غائلـه

فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ،
                                                مَسيرَةِ شهْرٍ، دائبٍ لا يُوَاكِلـه



****************************************








                                           3
عنترة العبسي



       هو عنترة بن شداد   بن عمرو  بن قراد   من قبيلة  عبس المضرية  التي  سكنت نجد وقيل ان شداد جده لابيه  وانما هو عنترة  بن عمرو بن شداد  وقيل شداد  عمه  تكفله  بعد وفاة  ابيه ونسب اليه  وكان عبدا اسودا  ذلك  لأن  امه واسمها  – زبيبة -  حبشية   سوداء  كانت قد سبيت  في احدى المعارك  ومن عادات العرب  اتخاذ اولاد  الاماء عبيدا  ولو كانوا  اباءهم  ولا  يعترفون   ببنوتهم  الا في حالة ايتائهم  بابهر الاعمال واشرفها .

     عنترة احب  ابنة عمه – (عبلة )-  الا ان عمه لم يقبل به  بعلا لأبنته  لانه عبد  وابنته حرة  رغم انها  كانت  تحبه  وتعشقه  وبادلته الحب  والوله  و الشوق   وفي هذا الوقت اغارت  على قبيلة  عبس  قبيلة اخرى سلبتها الاموال  والانعام  ونهبت كل شيء وهتكت الاعراض على عادة العرب سابقا اذ  يسوقون النسوة  سبايا  وياخذونهن  كالمتاع  في غنائمهم  . فهب الشجعان من عبس وعلى راسهم عنترة   لمطاردة  الغازين  فردوا  الغاصبين  وقتلوهم  وارجعوا  الى قبيلتهم  المال والزاد والانعام  والنساء  وكل ما سلب  منهم عند  ذلك اعترف ابوه  ببنوته ولحقه في نسبه .

         عنترة  العبسي  كان  من  شجعان و شعراء العرب   وبعد هذه الحادثة اصبح مضرب الامثال في اقدامه وشجاعته  الا  انه  قتل في حروب( داحس والغبراء) التي امتدت سنين طوال بين القبيلتين بعد ان وقع في الاسر وقد ظهرت روايات وقصص واساطير حول سيرة  حياة عنترة وحبه ل(عبلة) ابنة عمه وشجاعته في الحرب اشهرها القصة التي كتبت عن سيرته في العصر الاخير للدولة العباسية

        تتميز قصائده بطولها وتطغى عليها عاطفة الحب والشوق واغلبها ذكر فيها حبه لعبلة اضافة الى الفخر والحماسة ووصف ساحة القتال وبلائه في معاركه وانتصاره على اعدائه

وعنترة من اصحاب المعلقات السبع ومطلع معلقته:

   هل غادر الشعراء من متردم

                                          ام هل عرفت الدار بعد توهم

              وقال عنترة العبسي فيها:

هل غادر الشعراء من مترد م
                                أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي
                                وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـا
                                   فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ

وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا
                                  بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ

حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ
                                 أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ

حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ
                              عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ

عُلِّقْتُهَـا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَـا
                                 زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَـمِ

ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ
                                    مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ

كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا
                                       بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ

إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا
                                     زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ

مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا
                                 وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ

فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً
                                سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ

إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ
                              عَـذْبٍ   مُقَبَّلُـهُ   لَذيذُ المَطْعَـمِ

وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ
                              سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ

أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا
                              غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ
جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ
                                  فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ
سَحّـاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّـةٍ
                              يَجْـرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَـرَّمِ

وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ
                              غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ

هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـهِ
                              قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ

تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ
                              وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ

وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى
                                 نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ

هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ
                            لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ

خَطَّـارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَـةٌ
                              تَطِـسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ

وكَأَنَّمَا تَطِـسُ الإِكَامَ عَشِيَّـةً
                                             بِقَـريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّـمِ

تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ
                                حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ
يَتْبَعْـنَ قُلَّـةَ رأْسِـهِ وكأَنَّـهُ
                            حَـرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ


صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَـةُ
                             كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ


شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ
                            زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَـمِ


وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ
                               وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ


هِـرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لـهُ
                                 غَضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَـمِ


بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّـما
                              بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً
                               حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ

يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ
                                زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ

إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي
                             طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ
أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي
                              سَمْـحٌ مُخَالقفتي إِذَا لم أُظْلَـمِ

وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ
                                   مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَمـا
                             رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَـمِ

بِزُجاجَـةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِـرَّةٍ
                               قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَـدَّمِ

فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ
                              مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ

وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً
                              وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمـي

وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً
                                 تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ

سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ
                                 ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ

هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ
                               إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي

إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ
                                  نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ
طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً
                               يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ

يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي
                         أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ
                              لامُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ

جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ
                           بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ

فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ
                          ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ

فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ
                          يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ

ومِشَكِّ سابِغةٍ هَتَكْتُ فُروجَهـا
                       بِالسَّيف عنْ حَامِي الحَقيقَة مُعْلِـمِ

رَبِـذٍ يَـدَاهُ بالقِـدَاح إِذَا شَتَـا
                             هَتَّـاكِ غَايـاتِ التَّجـارِ مُلَـوَّمِ

لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ
                             أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ

عَهـدِي بِهِ مَدَّ النَّهـارِ كَأَنَّمـا
                          خُضِـبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَـمِ
فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ
                             بِمُهَنَّـدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَمِ

بَطـلٌ كأَنَّ ثِيـابَهُ في سَرْجـةٍ
                         يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَـوْأَمِ

ياشَـاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لـهُ
                          حَـرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْـرُمِ

فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لها اذْهَبـي
                          فَتَجَسَّسِي أَخْبارَها لِيَ واعْلَمِـي

قَالتْ : رَأيتُ مِنَ الأَعادِي غِـرَّةً
                          والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمـي

وكـأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايـةٍ
                          رَشَـاءٍ مِنَ الغِـزْلانِ حُرٍ أَرْثَـمِ

نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي
                             والكُـفْرُ مَخْبَثَـةٌ لِنَفْسِ المُنْعِـمِ

ولقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى
                        إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ

في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي
                            غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ

إِذْ يَتَّقُـونَ بـيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِـمْ
                             عَنْـها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمـي
لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ
                               يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ

يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا
                             أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ

مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ
                              ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ

فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ
                               وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى
                           وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا
                                          قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ

الشَّـاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَـا
                           والنَّـاذِرَيْـنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِـي

إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا
                           جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ


.وقال  عنترة ايضا:
بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ
                                  إذا  أتاني    بريحهِ  العطِرِ

ألذُّ عندي مِمَّا حَوتْهُ يدي
مِنَ  اللآلي    والمالِ     والبِدَر

ومِلْكُ كِسْرَى    لا  أَشتَهيه   إذا
                          ما غابَ وجهُ الحبيبِ عنْ نظري

سقى الخِيامَ التي نُصبْنَ على                     
                                شربَّةِ الـأُنسِ وابلُ المطر

منازلٌ تَطْلعُ البدورُ بها
                               مبَرْقعاتٍ     بظُلمةِ  الشَّعر

تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهْيَ لاهِيَةٌ
                                  كأنّما شَفَّ وَجْهَها  نُزُفُ

بيضٌ وسُمْرٌ تَحْمي مَضاربَها
أساد غابٍ بالبيضِ والسُّمر
صادتْ فُؤادي مِنهُنَّ جاريةٌ     
                                مكْحولةُ المقْلتين بالحور

تريكَ مِنْ ثغرِها إذا ابتَسمت
                                 كأسَ مُدامٍ قد حُفَّ بالدُّررِ

أعارت الظَّبيَ سِحرَ مقْلتها
وباتَ ليثُ الشَّرَى على حذَر

خودٌ رداحٌ     هيفاء  ُ فاتِنةٌ
تُخجلُ بالحُسنِ بهجةَ القمر

يا عبلَ نارُ الغرام في كَبدي
                                ترمي فؤَادي بأَسْهُم الشرر

وقال عنترة ايضا :

إن طيف الخيال يا عبل يشفي
                               ويداوي به    فؤادي الكئيب

وهلاكي في الحب أهون عندي
                              من حياتي إذا جفاني  الحبيب

يا نسيم الحجاز لولاك  تطفا
                               نار قلبي أذاب جسمي اللهيب

لك منى إذا    تنفست   حر
                              ولرياك    من عبيلة    طيب

ولقد ناح في الغصون حمام
                              فشجاني   حنينه    والنحيب

بات يشكو فراق إلف بعيد
                                 وينادي أنا الوحيد الغريب

يا حمام الغصون لو كنت مثلي
                              عاشقا لم يرقك غصن رطيب

كل يوم له عتاب مع الدهر
                                    وأمر يحار   فيه    اللبيب

وبلايا ما تنقضي ورزايا
                                ما لها من نهاية       وخطوب

                           ......وقال عنترة ايضا :

أشاقك من عبل الخيال المبهج
                                 فقلبك   منه   لاعج   يتوهج

كأن فؤادي يوم قمت مودعا
       عبيلة    مني هارب   يتمعج

خليلي ما أنساكما بل فداكما
                                   أبي وأبوها أين أين المعرج

الماء بماء الدحرضين فكلما
     ديار التي في     حبها بت ألهج

ديار لذات الخدر عبلة أصبحت
بها الأربع الهوج العواصف ترهج

الا هل ترى إن سط عني مزارها
وأزعجها  عن  أهلها   الآن  مزعج

فهل    تبلغني   دارها  شدنية
       هملعة    بين   القفار   تهملج


*****************************************





                                          4
قيس بن الخطيم



           هو ابو زيد قيس بن الخطيم بن عدي  بن عمرو بن سواد بن ظفر من بني الأوس بن حارثة إحدى أهم قبائل يثرب(المدينة المنورة).
توفي  لسنتين قبل الهجرة
 شاعر من صناديد وابطال العرب في  الجاهلية وأشد رجالها. قُتل أبوه وهو صغير .  قتله رجل خزرجي . فلما بلغ مبلغ الرجال  قتل قاتل أبيه  وقيل لهذ ا  السبب نشبت  الحروب  بين الاوس و الخزرج - بعد ما كانا اخوين من ام واب  وكانوا   يكنونهم ( اولاد قيلة )  -التي استمرت طويلا الى ان  اطفأها الاسلام حيث آ  خا الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم بين الاوس والخزرج.  وقيل انه  قتل أيضاً قاتل جده، و  يذكر الصفدي صاحب الوافي بالوفيات عنه بقوله :(كان قيس مقرون الحاجبين، أدعج العينين، أ حم الشفتين، براق الثنايا كأن بينهما برقاً، ما رأته حليلة رجل قط إلا ذهب عقلها واستهوته ). وله في وقعة بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة أشعار كثيرة. فقد كان شاعراً لايشق له غبار وكان بينه وبين حسان بن ثابت شاعر الخزرج منافسات ومساجلات شعرية وكان الاوس والخزرج  يعلمونها  لاولادهم   ويجعلونهم   يحفظونها  لأن فيها مآثرهم  وبطولاتهم.
أدرك الإسلام وتريث في قبوله، فقتل قبل اسلامه .
بينما أسلمت زوجته حواء الأنصارية وكانت قد كتمت إسلامها عنه.

عاش قيس يتيماً لايعرف عن موت أبيه شيئا  وكانت امه  تخاف عليه كثيرا  فكتمت خبر مقتل  أبيه خوفاً  منها أن يُقتل ان سعى في ثأر أبيه  كما   قُتل أبوه  وهو يسعى للثأر  لجده  لذا  فقد اصطنعت  قبرا  بجوار بيتها  واخبرته ان هذا قبر ابيه وقبر جده وكان قاتل جد  قيس من بني عمرو بن ربيعة، وقاتل الخطيم من بني عبد القيس من  بني بكر الذين يسكنون هجر( الأحساء) التي تبعد عن المدينة المنورة   مسافة تقارب الألف وخمسمائة كيلومتر وبينهما صحاري وجبال ووهاد فكان قيس لا يشك في كلام أمه. ونشأ قيس قوي البنية شديد الساعدين، فكان يصارع فتيان قومه ويغلبهم إلى أن غضب منه أحدهم
فقال له: والله لو جعلت شِدَّة ساعديك على قتلة أبيك وجدِّك لكان خيراً  من أن تُظهرها علينا.
فقال قيس : ومن قتل أبي وجدي؟
فقال الفتى: سل أمك تخبرك.
فذهب قيس من فوره إلى أمه غاضباً
وقال لها: كيف مات أبي وجدي؟
فقالت : ماتا كما يموت الناس. فوضع سيفه على صدره
وقال لها: لئن لم تخبرينني من قتلهما لأقتلن نفسي .
فقالت: أمَّا جدُّك فقتله رجل من بني عمرو بن عامر بن ربيعة يقال له  مالك  ، وأمَّا أبوك فقتله رجل من عبد القيس ممن يسكن هجر.
فقال : والله لا أرتاح  ولاترين  وجهي حتى أقتل قاتلي أبي وجدي.
فقالت : يا بني مادام الأمر على ذلك فإن مالكاً قاتل جدك من قوم -خداش بن زهير -، ولأبيك عند خداش نعمة ٌ هو لها شاكر، فأته فا ستشره في أمرك، واستعنه على ذلك فأنه يُعِنك .
فخرج قيس من ساعته وأخذ جمله وحمل عليه حملين من التمر ، ثم خرج الى  قومه وقال: من يكفيني أمر أمي العجوز ؟ فإن مِتُّ أنفق عليها من هذا الحائط(البستان) حتى تموت ثم هو له، وإن عشت فمالي عائدٌ إليَّ ، وله ما شاء أن يأكل من تمره.
 فقال رجل من قوم قيس : أنا أكفيك ،
 فأعطاه البستان. ثم خرج يسأل عن خداش بن زهير حتى دُلَّ عليه في وادٍ قرب مكة فذهب قيس إلى خيمة خداش فلم يجده، فنزل تحت شجرة ينزل تحتها أضياف خداش ، ثم نادى امرأة خداش
وقال لها: هل من طعام؟
فقالت: والله ماعندنا إلا تمر .
فقال: أخرجيه لي.
فأرسلت إليه إناءً فيه تمر فأخذ منه تمرة وقسمها نصفين فأكل نصفها وأرجع النصف الباقي في الإناء ، ثم أعاده لها، وذهب لبعض حاجاته.
ورجع خداش ، فأخبرته امرأته بأمر ضيفه  وما فعله بالتمرة ،
فقال لها : هذا رجل له عندنا حرمة وذمة ويريد أن نعينه،
وأقبل قيس راجعاً ، فلما رآه خداش ورأى قدميه
قال لامرأته: أهذا ضيفنا؟
قالت: نعم .
وكان خداش من ذوي الفراسة
فقال: كأن قدمه قدم الخطيم والله إن لم أكن مخطئاً فهو ابنه.
ثم أقبل قيس وقرع طنب الخيمة بسنان رمحه ، واستأذن،
فدخل إلى خداش وعرَّفه بنفسه وأخبره بأمره وعزمه على الثأر لابيه وجده  وأنه يريد من يعينه على ذلك. فرحب به خداش ، وذكر نعمة أبيه عنده،
وقال: مازلت أتوقع هذا الأمر منك منذ حين ، فأمًّا قاتل جدِّك فهو من قومي ، وأنا أعينك عليه ، فإذا اجتمعنا في نادينا(مجلسنا) فسأجلس إلى جنبه وأتحدث إليه ، فإذا ضربت فخذه فقم إليه واقتله. ففعل  ما اشار  عليه خاش  ولما قتل قيس قاتل جده قام عليه القوم ليقتلوه فمنعهم خداش وقال لهم: دعوه فوالله ما قتل إلا قاتل جده.
ثم دعا خداش بجمل من إبله فركبه ، وانطلق مع قيس ليالي وأياماً حتى إذا اقتربوا من هجر
قال خداش لقيس ( اذهب فاسأل عن قاتل أبيك، فإذا دُللت عليه اذهب إليه وقل له:إن لصاً من قومك عارضني فأخذ متاعي ، فسألت من سيد قومه فدلُّوني عليك ، فانطلق معي حتى ترجع لي متاعي منه . فإن اتبعك وحده فستنال ماتريد منه ، وإن أخرج معه غيره فاضحك وقل له إن الشريف عندنا إذا دعي إلى اللص من قومه تكفيه هيبته وسوطه عن سيفه وقومه فإذا رآه اللص أعطاه كل شيء هيبة وتوقيرا له . فإن أمر قومه بالرجوع فقد تهيأت الفرصة ، وإن أبى إلا أن يمضوا معه ، فأتني بهم فإني أرجو أن نقتله ومن معه).

      ونزل خداش تحت ظل شجرة ، وفعل قيس ماأشار عليه خداش فعله ،  فجاء الرجل معه وحده فتمكن قيس  من قتله

فقال له خداش: إنا إن مررنا الآن طلبنا قومه ، ولكن ادخل مكاناً قريباً من مقتله فإن قومه لايظنون أنك قتلته وأقمت قريباً منه.

        و خرج القوم فوجدوا سيدهم قتيلاً فخرجوا يطلبون قاتله  في كل وجه فلم يجدوه فعادوا يائسين وتركوا البحث فعاد قيس وخداش بعدها إلى قومهما سالمين.
      وفي تلك القصة قال قيس بن الخطيم إحدى أشهر قصائده المعروفة والتي كانت تقريباً أول مااشتهر من قصائده ، وفيها يقول:

تَذَكَّـرَ لَيلـى حُسنَهـا وَصَفاءَهـا
               وَبانَت فَأَمسى مـا يَنـالُ لِقاءَهـا
وَمِثلِكِ قَد أَصبَيـتُ لَيسَـت بِكَنَّـةٍ
               وَلا جارَةٍ أَفضَـت إِلَـيَّ حَياءَهـا
إِذا ما اِصطَحَبتُ أَربَعاً خَطَّ مِئزَري
         وَأَتبَعتُ دَلوي في السَخاءِ رِشاءَهـا
ثَأَرتُ عَدِيّاً وَالخَطيـمَ فَلَـم أُضِـع
                وِلايَـةَ أَشيـاءٍ جُعِلـتُ إزاءَهـا
ضَرَبتُ بِذي الزِرَّينِ رِبقَـةَ مالِـكٍ
              فَأُبتُ بِنَفسٍ قَـد أَصَبـتُ شِفاءَهـا
وَسامَحَني فيها اِبنُ عَمروِ بنِ عامِرٍ
                خِـداشٌ فَـأَدّى نِعمَـةً وَأَفـاءَهـا
طَعَنتُ اِبنَ عَبدِ القَيسِ طَعنَةَ ثائِـرٍ
        لَها نَفَذٌ لَـولا الشُعـاعُ أَضاءَهـا
مَلَكتُ بِها كَفّـي فَأَنهَـرتُ فَتقَهـا
     يَرى قائِماً مِن خَلفِها مـا وَراءَهـا
وَإِنّا مَنَعنـا فـي بُعـاثٍ نِساءَنـا
       وَما مَنَعَت مِلمُخزِياتِ نِساءَهـا


         لما عاد قيس بن الخطيم من رحلة ثأره اشتهر أمره بين قومه و قال قصيدته المشهورة التي افتخر فيها بثأره، أراد قومه من الأوس أن يجربوا بطولته وقوته في معاركهم وكانت حرب ( بعاث)  في أوجها ،  فلم يخيب قيس أمل قومه حيث كان بطلاً في معاركهم، وقد شهد له بالبطولة  اصدقاؤه وأعداؤه  وقد قال ثابت بن قيس بن شماس الصحابي الجليل يشهد بذلك أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان في مجلس  من الخزرج فذكر بيت قيس بن الخطيم الذي يقول فيه:
أُجالِدُهُـم يَـومَ الحَديقَـةِ حاسِـراً
كَأَنَّ يَدي بِالسَيفِ مِخـراقُ لاعِـبِ
فتعجب رسول الله من ذلك
وقال: (أكان فعلاً كذلك؟)
فقال ثابت بن قيس بن شماس: نعم يارسول الله، ولقد نزل إلينا ذلك اليوم وكان سابع يوم بعد عرسه .

                     ____________
قال في الغزل:
تَروحُ مِنَ الحَسناءِ أَم أَنتَ مُغتَدي
                            وَكَيفَ اِنطِلاقُ عاشِقٍ لَـم يُـزَوَّدِ
تَراءَت لَنا يَومَ الرَحيـلِ بِمُقلَتـي
                             غَريرٍ بِمُلتَفٍّ   مِنَ السِـدرِ مُفـرَدِ
وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ صـافٍ يَزينُـه
َ                                وَقُّـدُ  ياقـوتٍ وَفَصـلِ   زَبَرجَـدِ
كَأَنَّ الثُرَيّا فَـوقَ ثُغـرَةِ نَحرِهـا
                              تَوَقَّـدُ   فـي  الظَلمـاءِ  أَيَّ تَوَقُّـدِ
وقال ايضا :
يا عبلَ لولا الخيالُ يطرقُني
                       قضيْتُ لَيلي بالنوحِ والسَّهَرِ
يا عبلَ كَمْ فِتْنةٍ بَليتُ بها
                          وخُضتُها  بالمُهنَّدِ الذَّكر
والخيلُ سُودُ الوجوه كالحةٌ
                       تخوضُ بحْرَ الهلاَكِ والخطَر
أُدَافعُ الحادثاتِ فيكِ ولاَ
                       أُطيق دفعَ القَضاءِ والقَدَرِ
وقال في الغزل ايضا :
رَدَّ الخَلِيطُ الجِمَالَ فانْصَرَفُوا
                                     ماذَا عَلَيْهِمْ لَوَ انّهُمْ وَقَفُوا
لَوْ وَقَفُوا ساعةً نُسَائلُهُمْ
                           رَيْثَ يُضَحّي جِمَالَهُ السَّلَفُ
فِيهِمْ لَعُوبُ العِشاء آنِسَهُ ال
                        د   َّلّ، عَرُوبٌ يَسُوءُها الخُلُفُ
بَيْنَ شُكولِ النّساء خِلْقَتُها
                           قَصْدٌ، فَلا جَبْلَةٌ وَلا قَضَفُ
تَنامُ عَنْ كُبْرِ شَأنِها فإذا
                             قَامَتْ رُوَيْداً تَكادُ تَنْغَرِفُ
حَوْراءُ جَيْداءُ يُسْتَضاء بها
                              كأنّها خُوطُ بَانَةٍ قَصِفُ
تَمْشي كمَشْيِ الزَّهراء في دَمَثِ ال
                      رَّمْلِ إلى السّهْلِ دونَهُ الجُرُفُ
ولا يَغِثُّ الحَدِيثُ ما نَطَقَتْ
                           وَهْوَ بِفِيها ذُو لَذَّةٍ طَرِفُ
تَخْزُنُهُ وَهْوَ مُشْتَهًى حَسَنٌ
                          وَهْو َ إذا  ما تَكَلّمَتْ أُنُفُ
بَلْ لَيْتَ أهْلي وأهْلَ أَثْلَةَ في
                         دارٍ قَرِيبٍ مِنْ حَيْثُ تَخْتَلِفُ
أَيْهاتَ مَنْ أهْلُهُ بِيَثْرِبَ قَدْ
                      أمْسَى وَمَنْ دُونَ أهْلِهِ سَرِفُ
يا رَبِّ لا تُبْعِدَنْ دِيارَ بَني
                            عُذْرَة حَيْثُ انصرَفْتُ وانصرَفوا
أبْلِغْ بَني جَحْجَبَى وَقَوْمَهُمُ
                                خَطْمَةَ    أنّا   وَرَاءهُمْ  أُنُفُ
وأنّنا دُونَ ما يَسومُهُمُ الأع
                                 داءُ  مِنْ ضَيْمِ  خُطّةٍ نُكُفُ
نَفْلي بِحَدّ الصَّفِيحِ هامَهُمُ
                                وَفَلْيُنا   هَامَهُمْ   بِنا  عُنُفُ
وقال ايضا :
يا عبلَ لولا الخيالُ يطرقُني
                              قضيْتُ لَيلي بالنوحِ والسَّهَرِ
يا عبلَ كَمْ فِتْنةٍ بَليتُ بها
                                 وخُضتُها   بالمُهنَّدِ الذَّكر
والخيلُ سُودُ الوجوه كالحةٌ
                             تخوضُ بحْرَ الهلاَكِ والخطَر
أُدَافعُ الحادثاتِ فيكِ ولاَ
                                  أُطيق دفعَ القَضاءِ والقَدَرِ
نَفْلي بِحَدّ الصَّفِيحِ هامَهُمُ
                                وَفَلْيُنا   هَامَهُمْ  بِنا    عُنُفُ


    **********************************
                    










                              5
                                

               النابغة الذ بياني


              هو ابو امامة زياد بن معاوية الذبياني من قبيلة قيس المضرية ولقب بالنابغة لأنه لم يقل الشعر في صغره بل نبغ فيه نبوغا عند الكبر وهو من اشراف  ذبيان وكان محبا للمال وكان يفد على النعمان بن المنذر ملك الحيرة ليمدحه فقربه الملك منه واجزل اليه لعطاء.

          وقد غضب الملك عليه مرة فهرب الى الملك عمرو بن الحارث الاصغر ملك الغسا سنة بالشام فمدحه ثم تصالح معه الملك النعمان فرجع ليمدحه مجددا متوسلا فيه يقول :

فلا تتركني بالوعيد كانني
                      الى الناس مطلي به القار اجرب

الم تر ان الله اعطاك سورة
                            ترى كل ملك دونها يتذبذب

        والنابغة يعد من الشعراء المشهورين الذين اختيرت قصائدهم وعلقت في باطن الكعبة وقصيدته  من  المعلقات  العشر ومطلعها:

يادار مية بالعلياء فالسند
                              اقوت وطال عليها سالف الامد

والعلياء والسند اماكن  او مواقع  معروفة  لدي الشاعر.

توفي النابغة الذبياني قبل الاسلام ويغلب على شعره المد ح الى حد المبالغة وقد خص فيه الملك النعمان بن المنذر الا قليلا وقد تكسب بشعره حتى اشتهر بذلك

يقول في الغزل :

نَظَرَتْ بمُقْلَة ِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ
أحوى ، أحمَّ المقلتينِ ، مقلدِ

و النظمُ في سلكٍ يزينُ نحرها
ذهبٌ توقَّدُ ، كالشّهابِ المُوقَدِ

صَفراءُ كالسِّيرَاءِ ، أكْمِلَ خَلقُها
كالغُصنِ ، في غُلَوائِهِ ، المتأوِّدِ

قامتْ تراءى بينَ سجفيْ كلةٍ
كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ

أوْ دُرّةٍ صَدَفِيّة ٍ غوّاصُها
بَهِجٌ متى يرها يهلّ ويسجدِ

أو دُميَة ٍ مِنْ مَرْمَرٍ ، مرفوعة ٍ
بنيتْ بآجرٍ ، تشادُ ، وقرمدِ

سَقَطَ النّصيفُ ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ
فتناولتهُ ، واتقتنا     باليدِ

بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ ، كأنّ بنانَهُ
عنمٌ ، يكادُ من اللطافةِ يُعقدِ

نظرَتْ إليك بحاجة ٍ لم تَقْضِها
نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العُوَّدِ

تَجْلُو بقادِمَتَيْ حَمامة أيكَةٍ
   برداً أسفّ لثاتهُ بالإثمدِ

كالأقحوانِ ، غَداة َ غِبّ سَمائِه
جفتْ أعاليهِ ، وأسفلهُ ندي

أخذ العذارى عِقدَها ، فنَظَمْنَهُ
مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ ، مُتَسَرِّدِ

لو أنها عرضتْ لأشمطَ راهبٍ
عبدَ الإلهِ ، صرورةٍ ، متعبدِ

لرنا لبهجتها ، وحسنِ حديثها
و لخالهُ رشداً وإنْ لم يرشدِ !


**********************************  




                              6

                   الحارث بن ظالم المرّي


     هو ابو ليلى الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان المري،

           الحارث المري  أشهر فُتّاك العرب في الجاهلية. نشأ يتيماً، قتل أبوه وهو طفل،  وشب وفي نفسه أشياء من قاتل أبيه، فهو فاتك مشهور ضرب فيه المثل فقيل: أمنع من الحارث بن ظالم. ومثل  بالعقاب  فقيل: أمنع من عقاب الجو. لعلوه وارتفاعه  وصعوبة الحصول عليه، والظفر به  وكان سيد غطفان  وهو الذي قد امتنع على الملك  النعمان بن المنذر  ملك (الحيرة )  وقيل في رواية اخرى  امتنع عن( الاسود بن المنذر)  اذ لم يستطع أن يظفر به بعد ان قتل خالد بن جعفر العامري قاتل ابيه  وهو في جوار الملك . حيث التقى  به   في حضرته 

         اجتمع  الحارث مع  خالد بن جعفر الكلابي في بلاط الملك الأسود بن المنذر (أخ النعمان بن المنذر)، وقيل   النعمان بن المنذر  وكان بينه وبين خالد بن جعفر عداوة قديمة؛ حيث أن ظالم بن جذيمة هلك من جراح أصابته بعد أن أغار خالد بن جعفر على ذبيان يوم( بطن عاقل)   فقتل كثير من الرجال حتى أسرف، وبقيت النساء، وكان الحارث بن ظالم يومئذ صغيرا، فنشأ على بغض خالد. فلما اجتمعا في بلاط الملك( الأسود بن المنذر) دعا لهما بتمر، فجيء به على نطع فجعل بين أيديهم، فطفق  خالد  يأكل ويلقي نوى ما يأكل من التمر بين يدي الحارث من النوى، فما   ترك  تمرا  إلا أكله والحارث ساكت  ينظر اليه  فلما فرغ  فقال الحارث :
-  أما أنا فأكلت التمر وألقيت النوى وأما أنت يا خالد فأكلته بنواه.
فغضب خالد - وكان لا ينازع - وقال:
 أتنازعني يا حارث وقد قتلت حاضرتك، وتركتك يتيما في حجور النساء؟ فقال الحارث: ذلك يوم لم أشهده، وأنا مغن اليوم بمكاني.
 فقال خالد: ألا تشكر يدي عندك أن قتلت عنك سيد قومك زهير بن جذيمة وجعلتك سيد غطفان ؟
 قال: بلى، سأجزيك شكر ذلك
فلما خرج الحارث قال الأسود بن النعمان  لخالد:
ما دعاك إلى أن تحترش بهذا الكلب وأنت ضيفي ؟
فقال له خالد: أبيت اللعن،! إنما هو...
فلما خرج الحارث قال الأسود لخالد:
- ما دعاك إلى أن  تحترش  بعبد   من عبيدي ،  فوالله  لو   كنت
  نائما ما أيقظني.

         وانصرف الحارث إلى رحله، وكان معه تبيع له من بني محارب يقال له (خراش،) فلما هدأت العيون أخرج (الحارث) ناقته وقال (لخراش) : كن لي بمكان كذا، فان طلع كوكب الصبح ولم آتك فانظر أي البلاد أحب إليك فاغمد لها. فلما هدأت العيون خرج بسيفه حتى أتى قبة( خالد)، فهتك شرجها بسيفه فشقها ، ثم ولجها، فرأه  نائما  وأخاه ( عتبه)  إلى  جنبه، فأيقظ ( خالدا ) فاستوى قائما،
 فقال له: أتعرفني؟
 قال: أنت (الحارث)!
 فقال:( يا خالد؛) أظننت أن دم زهير كان سائغا لك، فخذ جزاء يدك عندي! وضربه بسيفه  فقتله، فانتبه اخوه عتبة،
 فقال له الحارث: لئن نبست لألحقنك.. به!
     ثم خرج من القبة وركب فرسه ومضى على وجهه. وخرج عتبة صارخا: واجوار الملك ! حتى أتى باب الأسود،
 فنادى: يا سوء جواراه !
 فأجيب: لا روع عليك
 فقال: دخل الحارث على خالد  فقتله، وأخفر ذمة الملك.
 قال الحارث: فلما سرت قليلا خفت أن أكون لم أقتله، فعدت للتاكد من  مقتله  امات ام لم يمت .
       
      وجه الأسود فوارس في طلب الحارث فلحقوه سحرا، فرجع عليهم، فقتل جماعة منهم وكثروا عليه، فجعل لا يقصد لجماعة إلا فرقها، ولا لفارس إلا قتله. فارتدع القوم عنه، وانصرفوا إلى الملك  الأسود.
 وفي ذلك يقول:

أنا أبو ليلى وسيفي المعلوب
                                         كم قد أجرنا من حريب محروب

وكم رددنا من سليب مسلوب
                                         وطعنة    طعنتها    بالمنصوب

ذاك جهيز الموت عند المكروب
                                        هل يخرجن ذودك ضرب تشذيب

ونسب في الحي غير ما شوب
                                       هذا  أواني   وأوان      المعلوب

         . ولما علمت بذلك بنو عامر هرعت  في طلب الحارث، فعاد إلى عشيرته من غطفان   فهابوا شرَّ  بني  عامر فلم يحموه،  فانصرف إلى حاجب بن زرارة التميمي فحماه  مدة  ثم  تجهم  له،  فلحق   بعروض اليمامة. وبلغه أن الاسود بن المنذر  بعث إلى جارات له فسباهن  ثم ان الحارث عاد فلحق  ببلاد غطفان  حتى  أتى سنان بن أبي حارثة  المري  فوجد عنده شرحبيل ابن الملك الأسود بن المنذر، وكان مسترضعا في بني مرة عند (سلمى) امرأة (سنان) حاضنة ابن النعمان  فاخذه منها  وقتله. وفي ذلك يقول:


نأت سلمى وأمست في عدو
                                        تحث إليهم القلص الصعابا

وحل النعف من قنوين أهلي
                                        وحلت روض بيشة فالربابا

وقطع وصلها سيفي وإني
                                            فجعت بخالد عمدا كلابا

وإن الأحوصين تولياها
                                         وقد غضبا علي فما أصابا

على عمد كسوتهما قبوحا
                                         كما أكسو نساءهما السلابا

وإني يوم غمرة غير فخر
                                     تركت النهب والأسرى الرغابا

             وهرب الحارث من فوره وكذلك، هرب سنان بن أبي حارثة، فلما بلغ الملك  قتل ابنه  (شرحبيل،)   طلبه   فلجأ  ( الحارث)  الى بني شيبان   فأووه  مدة  من الزمن  ثم التحق  ببني ذبيان  فغزا  الملك  بني ذبيان، فقتل رجالهم وسبى نساءهم ، وأخذ الأموال، ثم أغار على بني دودان بن أسد رهط (سلمى)  تلك التي كان شرحبيل  في  حجرها  فلحق الحارث  بطيِّئ. وكانت  له في كل حي يأوي إليه حادثة. وشاع خبره بين القبائل من ان الملك ا الاسود بن النعمان  يطارده لانه قاتل  ولده  فتحامت العرب شره ،ونشبت من أجله معارك كثيرة، ورحل عن طيئ فجاور بني دارم، فحموه، فغزاهم الأحوص ( أخو خالد بن جعفر العامري )  فانهزم بنو دارم  فهرب  الحارث ثم  جعل يطوف في البلاد  حتى   لحق   بمكة وقريش لأنه   قيل إن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، إنما هو مرة بن عوف بن لؤي بن غالب؛ فتوسل إليهم بهذه القرابة.وفي ذلك يقول:

فلما إن   رأيت   بني    لؤي
                                   عرفت الود والنسب القرابا
رفعت الرمح إذ قالوا قريش
                                     وشبهت الشمائل والقبابا

          ثم توجه إلى الشام ولحق بالملك( يزيد بن عمرو )الغساني فأجاره وأكرمه ثم قتل الحارث بن ظالم  الكاهن (الخمس) التغلبي في حوران  فلما

فعل  ذلك  دعا به  الملك الغساني  فأمر بقتله، فقال  الحارث :
-        أيها الملك انك قد أجرتني فلا تغدرن بي !
-         فقال الملك: لا ضير، إن غدرت بك مرة فقد غدرت بي مرارا !
-                     
          وأمر  الملك ابن  الكاهن الخمس فقتله  بدم ابيه  كان ذلك عام \24 قبل الهجرة  في مدينة حوران وأخذ ابن الخمس سيف الحارث فأتى به عكاظ في الأشهر الحرم، فأراه قيس بن زهير العبسي، فضربه قيس فقتله
  ومن جيد شعره هذه  الابيات :

نأت سلمى وأمست في عدو
                                    تحث إليهم القلص الصعابا

وحل النعف من قنوين أهلي
                                   وحلت روض بيشة فالربابا

وقطع وصلها سيفي وإني
                                        فجعت بخالد عمدا كلابا

وإن الأحوصين تولياها
                                     وقد غضبا علي فما أصابا

على عمد كسوتهما قبوحا
                                    كما أكسو نساءهما السلابا

وإني يوم غمرة غير فخر
                                تركت النهب والأسرى الرغابا

فلست بشاتم أبدا قريشا
                                     مصيبا رغم ذلك من أصابا

فما قومي بثعلبة بن سعد
                                       ولا بفزارة الشعرى رقابا

وقومي إن سألت بنو لؤي
                                     بمكة علموا الناس الضرابا

سفهنا باتباع بني بغيض
                                      وترك الأقربين بنا انتسابا

سفاهة فارط لما تروى
                                      هراق الماء واتبع السرابا

لعمرك إنني لأحب كعبا
                                    وسامة أخوتي حبي الشرابا

فما غطفان لي بأب ولكن
                                       لؤي  والدي  قولا   صوابا

فلما إن رأيت بني لؤي
                                      عرفت الود والنسب القرابا

رفعت الرمح إذ قالوا قريش
                                         وشبهت الشمائل والقبابا

صحبت شظية منهم بنجد
                                        تكون لمن يحاربهم عذابا

وحش رواحة القرشي رحلي
                                       بناقته   ولم   ينظر   ثوابا

كأن السيف والانساع منها
                                         وميثرتي كسين أقب جابا

فيا لله لم أكسب أثاما
                                      ولم أهتك لذي رحم حجابا

أقاموا للكتائب كل يوم
                                      سيوف المشرفية والحرابا

فلو أني أشاء لكنت منهم
                                         وما سيرت اتبع السحابا

ولا قظت الشربة كل يوم
                                        أعدى من مياههم الذبابا

مياها ملحة بمبيت سوء
                                    لبيت سقا بهم صردى سغابا

كأن التاج معقود عليهم
                                      إذا وردت لقاحهم شزابا



 ***********************************








                                    7
                الاعشى


               هو ميمون بن قيس  وسمي الاعشى   لعشو في بصره اضعفه  وكان يلقب ب(أعشى قيس) نسبة لابيه قيس كان كثير التجوال والاسفار جاب اطراف الجزيرة العربية  ووصف  كل المواقع التي زارها في شعره او لمح اليها فيه .
    اشتهر  بالمدح  الى حد الافراط فيه  وبالفخر والوصف والحماسة والغزل والهجاء  .
  الاعشى من اصحاب المعلقات العشر التي علقت في داخل الكعبة لاهميتها ومكانتها الشعرية العاليةهذه ابيات من  معلقته :

وَدّعْ هُرَيْرَةَ إنّ الرَّكْبَ مرْتَحِلُ،
                                 وَهَلْ تُطِيقُ وَداعاً أيّهَا الرّجُلُ؟

غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها،
                     تَمشِي الـهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ

كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا
          مَرُّ السّحَابَةِ، لا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ

تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْ
         كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ

لَيستْ كمَنْ يكرَهُ الجيرَانُ طَلعَتَهَا،
                                   وَلا تَرَاهَا لسِرّ الجَارِ تَخْتَتِلُ

إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعةً فَتَرَتْ
، إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا   الكسل

يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا،
وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ

مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَةٌ
إذا تَأتّى يَكادُ   الخَصْر   ُ يَنْخَزِلُ

صَدّتْ هُرَيْرَةُ عَنّا ما تُكَلّمُنَا،
                                   جَهْلاً  بأُمّ   خُلَيْدٍ   حَبلَ من تَصِلُ؟

وقال  الا عشى في الغزل  :

يقول الاعشى في الغزل :

اوصلت صرم الحبل من ...........سلمى لطول جنبها

ورجعت بعد الشيب تبغى.....       .. ودها   بطلابها

اقصر، فانك طالما....        . ..اوضعت فى اعجابها

ولقد غبنت الكاعبا....        .  ..ت احظ من تحبابها

واخون غفلة قومها.....       .يمشون حول قبابها

حدار عليها ان ترى.....         او ان يطاف ببابها

فبث جنيا لنا.....                   .ياتى برجع حوبها

فمشى ولم يخشى الاني...  ...س فزارها وخلا بها

عضب اللسان متقن.        .....فطن لمن يعنى بها

صنع بلين حديثها...          ...فدنت عرى اسبابها

قالت : قضية قضية..         ..عدلا لنا يرضى بها

فاردها كيف الدخول..         ..وكيف ما يؤتى بها

فى قبة حمراء زي(م)..        ..نها ائتلاق طبابها

ودنا تسمعة الى ....     .الى ما قال اذا اوصى بها

لن الفتاة صغيرة...            ..غر، فلا يسدى بها

واعلم بانى لم اكل(م) .         ...م مثلها بصعابها

انى اخاف الصرم من..........ها او شحيج غرابها

فدخلت اذ نام الرقيب....           .من شدة للعابها

قسمتها قسمين كل(م).       .... موجة يرمى بها

فثنيت جيد غريرة..        . و لمست بطن حقابها

كالحقة صفراء صا.           ...ك عبيرها بملابها

واذا لنا تامورة.....                .مرفوع   لشرابها

وتظل تجرى بيننا..             ..ومفدم  يسعى بها

هزج عليه التومتا.           ....ن اذا نشاء عدا بها

ووديقة شهباء رد(م)...       .. ى اكمها بسرابها

ركت عليها يومها.   .           ..شمس بحر شهابا

حتى اذاما اوقت.                ..فالجمر مثل ترابها

كلفت عانسة امو...               نا فى نشاط هبابها

اكللتها بعد المراح .               .فال من اصلابها

فشكت الى كلامها...              .والجهد من اتعابا

وكانها محموم خيبر ..           . بل من اوصابها

لعب بها الحمى سنين.    ..    وكان من اصحابها

وردت على السعد ابن قيس .  ..ناقتى ، ولما بها

فاذا عبيد عكف...            .مسك على   انصابها

وجميع ثلعبة ابن سعد..        .بعد حول    قبابها

من شراب المزاء ما ...   .استبطنت من اشرابها

وعلمت ان الله....           عمدا حسها وارى بها


وقال الاعشى  ايضا :

سلا القلب عما كان يهوى ويطلب
وأصبح    لا يشكو ولا    يتعتب

صحا بعد سكر وانتخى بعد ذلة
وقلب الذي يهوى العلا   يتقلب

إلى كم أداري من تريد     مذلتي
وأبذل جهدي في رضاها وتغضب


عبيلة   أيام    الجمال     قليلة
لها دولة     معلومة   ثم تذهب

فلا تحسبي أني على البعد نادم
ولا القلب في نار الغرام معذب

وقد قلت إني قد سلوت عن الهوى
ومن كان مثلي لا   يقول ويكذب

هجرتك فامضي حيث شئت وجربي
من الناس غيري فاللبيب يجرب

لقد ذل من أمسي على ربع منزل
ينوح على رسم الديار   ويندب

وقد فاز من في الحرب أصبح جائل
يطاعن قرنا     والغبار    مطنب

نديمي رعاك الله قم عن لي على
كؤوس المنايا من دم حين أشرب

ولا تسقني كأس المدام   فإنها
يضل بها عقل الشجاع   ويذهب



*****************************************











                         8

       الأخنس بن شهاب التغلبي



        هو الأخنس بن شهاب بن شريق بن ثمامة بن أرقم بن عدي بن معاوية بن عمرو بن غنم التغلبي، من أشراف قبيلة تغلب ومن شجعانها،  ويكنى بفارس العصا، و(العصا) فرسه. وفي  شعره انشغل بالبيئة وقضاياها، بما فيها من تناقضات   وصراعات  من أجل البقاء وقد وصف  قومه أن قومه بني تغلب  ليس  لهم  موطن  خاص ولا مسكن محدود  كغيرهم  من  القبائل  فهم في الصحراء يتتبعون الغيث لعزتهم، ولا يرهبون غازياً، ويذكر تأييداً لذلك أن خيلهم ترود حول بيوتهم، لا تتخذ لها محابس لعزة أصحابها وهذا يذكرنا  بحرب البسوس  التي  تشتت فيها  تغلب في البلاد، بعد حرب البسوس  وفيها شتتهم المهلهل وقبيلته وحلفاؤهم

            وقال  أبو عبيد البكري في سمط اللآلي صفحة \730 ( أن الاخنص له ولد اسمه  بكير بن الأخنس وقال انه ابن الأخنس التغلبي وذكر له شعرا في آل المهلب و(التغلبي) بفتح اللام وكسرها. نسبة إلى (تغلب) بكسر اللام. وذكر  أبو تمام في نقائض جرير والأخطل صفحة \89 مانصه:
 (ويقال تغلبي وتغلبي يفتحون اللام فرارا من تتابع الكسرات مع الياء المشددة).

         توفي الشاعر  الاخنس التغلبي  بنحو عام \ 70 قبل  الهجرة النبوية  الموافق  لسنة \571ميلادية
  من شعره هذه الابيات

فَمَن يَكُ أَمسى في بِلادِ مُقامَةٍ
                                  يُسائِلُ   أَطلالاً   بِها   لا  تُجاوِب

 فَلاِبنَةِ حِطّانَ بنِ قَيسٍ مَنازِلٌ
                                    كَما نَمَّقَ العُنوانَ في الرَقِّ كاتِبُ

 ُتُمَشّي بِها حولُ النِعامِ كَأَنَّها
                                  أَماءٌ   تُزَجّى   بِالعَشِيِّ   خَواطِبُ

وَقَفتُ بِها أَبكي وَأُشعَرُ سُنخَةً
                                    كَما اِعتادَ مَحموماً بِخَيبَرَ صالِبُ

خَليلَيَّ عوجا مِن نَجاءِ شِمِلَّةٍ
                                    اَلَيها فَتًى كَالسَيفِ أَروَعُ شاحِبُ

خَليلايَ هَوجاءُ النَجاءِ شِمِلَّةٌ
                                    وَذو شُطبٍ لا يَجتَويهِ المُصاحِبُ

 وَقَد عِشتُ دَهراً وَالغُواةُ صَحابَتي
أ                                    َولائِكَ خُلصاني الَّذين أُصاحِبُ

قَرينَةَ مَن أَسفى وَقُلِّدَ حَبلَهُ
                                       وَحاذَرَ جَرّاهُ الصَديقُ الأَقارِبُ

 فَأَدَّيتُ عَنّي ما اِستَعَرتُ مِنَ الصِبا
                                     وَلِلمالِ عِندي اليَومَ راعٍ وَكاسِبُ

 لِكُلّ أُناسٍ مِن مَعَدٍّ عِمارَة
                                     عَروضٌ  إِلَيها  يَلجَئونَ وَجانِبُ

 لُكَيزٌ لَها البَحرانِ وَالسَيفُ دونَهُ
                                    وَإِن يَأتِهِم ناسٌ مِنَ الهِندِ هارِبُ

 تَطايَرُ عَن أَعجازِ حوشٍ كَأَنَّها
                                  جَهامٌ   هَراق    ماءه   فَهوَ آئِبُ

وَبَكرٌ لَها بَرُّ العِراقِ ولن تَخَف
                                      يَحُل  به  حتى  اليَمامَةِ حاجِبُ

 وَصارَت تَميمٌ بَينَ قُفٍّ وَرَملَةٍ
                                   لَها   مِن   جِبالٍ مُنتَأى وَمَذاهِبُ

وَكَلبٌ لَها خَبتٌ فَرَملَةُ عالِجٍ
                                   إ لى الحَرَّةِ الرَجلاءِ حَيثُ تُحارِبُ

وَغَسّانُ حَيُّ عِزُّهُم في سِواهُمُ
                                      تُجالِدُ   عَنهُم   حُسَّرٌ  وَكَتائِبُ

وَبَهراءُ حَيُّ قَد عَلِمنا مَكانَهُم
                                     لَهُم شَركٌ حَولَ الرَصافةِ لاحِبُ

وَغارَت إِياد في السَوادِ وَدونَها
                                    بَرازيقُ عُجمٍ تَبتَغي مَن تُضارِبُ

 وَنَحنُ أُناسٌ لا حِجازَ بِأَرضِنا
                                   مَعَ الغَيثِ ما نُلفى وَمَن هُوَ غالِبُ

 تَرى رائِداتِ الخَيلِ حَولَ بُيوتِنا
                                    كَمِعزى الحِجازِ أَعوَزَتها الزَرائِبُ

 فَيُغبَفنَ أَحلاباً وَيُصبَحنَ مِثلَها
                                        فَهُنَّ مِنَ التَعداءِ قُبٌّ شَوازِبُ

فَوارِسُها مِن تَغلِبَ اِبنَةِ وائِلٍ
                                        حُماةٌ كُماةٌ لَيسَ فيهِم أَشايِبُ

هُم يَضرِبونَ الكَبشَ يَبرُقُ بَيضُهُ
                                       عَلى وَجهِهِ مِنَ الدِماءِ سَبائِبُ

وَإِن قَصُرَت أَسيافُنا كانَ وَصلُها
                                      خَطانا    إِلى أَعدائِنا  فَنُضارِبُ

فَلِلَّهِ قَومٌ مِثلُ قَومي عِصابَة
                                   إِذا اِجتَمَعَت عِندَ المُلوكِ العَصائِبُ

 أَرى كُلَّ قَومٍ قارَبوا قَيدَ فَحلِهِم
                                    وَنَحنُ  خَلَعنا   قَيدَهُ  فَهوَ سارِبُ




*********************************















                                           9


           عمروبن كلثوم التغلبي
   



           عمرو بن كلثوم  بن مالك بن عتاب بن سعد  بن زهير  بن جشم بن حبيب  بن عمرو بن غنم بن تغلب  بن وائل  من قبيلة تغلب وامه  ليلى  بنت  المهلهل  المشهور اخو كليب  وهذه القبيلة كانت قد دخلت في حروب طويلة مع قبيلة بكر في حروب سميت حرب البسوس وقد احتكمت القبيلتان في فض نزاعاتهما الى الملك عمرو بن المنذر الثالث  ملك الحيرة .

      واختير الشاعر عمرو بن كلثوم ممثلا عن قبيلته لما فيه من صفات الرجولة والبسالة  ويمتاز بشجاعته وجرأته العالية وتتجلى جرأته يوم وقف في حضرة الملك عمرو بن المنذرمدافعا عن قبيلته منشدا قصيدته - والشعراء هم لسان القبيلة – فانساق وراء انفعالاته وهواه واندفاعه القوي الشديد الذي اخرجه عن حدود الواجب الذي جاء لاجله في قصيدة طويلة وشدد فيها على الملك النعمان  فرجع خائبا حاصدا غضب الملك عليه وهذه القصيدة هي معلقته الخالد ة التي مطلعها :

الا هبي بصحنك فاصبحينا
                                       ولا تبقي خمور الاندرينا

مشــعشــعةً كأن الحـص فـيها

                                 إذا مــا المــاء خالــطها سخينا

تجــور بذي اللـبانة عـن هـواه
                                 إذا مــا ذاقهـــا حــتى يلــــــينا

ترى اللحـز الشحيح إذا أمرت
                                علــيه لمــــاله فيهـــا مهـــــينا

صــبنت الكأس عـنا أم عمـرو
                                 وكان الــكأس مجــراها اليمينا

ومـا شــرّ الــثلاثة أم عمـــرو
                                  بصــاحـبك الذي لا تصـــبحينا

وكأس قــد شــربت ببعــلـــبك
                                 وأخـرى في دمشـق وقاصرينا

وإنـا سـوف تـدركـنا المـــــنايا
                                   مقــدرةً لــنا ومـقــدريـــــــــنا

قفــي قــبل التفـــرق يـا ظعـينا
                                  نخــبرك الـيقـــين وتخــبريــنا

قفي نسألك هل أحدثت صـرماً
                                 لوشـك البين أم خـنت الأمـــينا

بيوم كــريــهةٍ ضـربـاً وطـعـناً
                                  أقـرّ بـه مــوالــــيك العــيونــا

وإن غـــداً وإن الــيوم رهـــن
                                 وبعـــد غـــدٍ بمـــا لا تعلـــمينا

تـريـك إذا دخــلت على خـلاء
                                  وقــد أمنت عـيون الكاشحـــينا

ذراعــي عيــطل أدمــاء بــكر
                                  هجـــان اللـون لم تقـرأ جــنينا

وثدياً مثل حــقّ العـاج رخصاً
                                  حصـاناً من أكــف اللامســـينا

ومــتنى لـدنـةٍ سمقــت وطالت
                                 روادفهـــا تـــنوء بمـــا ولـــينا

ومــأكمــةً يضـيق الباب عـنها
                                  وكشـــحاً قـد جـننت بـه جنونا

وسـاريتـي بلــنطٍ أو رخــــــام
                                  يــرن خشــاش حلــيهما رنـينا

فــما وجـدت كوجدي أم سقـب
                                   أضـلـــته فـرجعــت الحــــنينا

ولا شمــطاء لا يــترك شقـاها
                                 لهــا مـن تســـعةٍ إلا جــــــنينا

تـذكـرت الصــبا واشـتقـت لما
                                  رأيــت حمــولهـا اصـلاً حدينا

فأعرضت اليمامة واشمخـرت
                                 كأســـياف بـأيــدي مصلـــــتينا

أبـا هــند فـلا تعجـــل علــــينا
                                  وأنـظــرنـا نخـــبرك اليقـــــينا

بـأنـا نـورد الـرايـات بيضـــــا
                                  ونصــدرهـن حمــراً قـد روينا

وأيــام لـــنا غـــــــرّ طــــوالٍ
                                 عصــينا المــلـك فـيها أن ندينا

وســـيد مـعــشر قــد تـوجــوه
                                  بــتاج المـلك يحمي المحجرينا

تــركــنا الخــيل عـاكــفةً عليه

                                  مقــلّدةً أعــنتهـــا صـــفـونــــا

وأنزلـــنا الــبيوت بذي طـلوحٍ
                                 ألى الشـامـات تنفي المـوعدينا

وقـد هـرّت كلاب الحـي مـــنّا
                                وشـذّبـنا قـــتادة مــن يلـــــــينا

مــتى ننــقل إلى قـومٍ رحـــانا
                                يـكونوا فــي اللــقاء لها طحينا

يــكون ثفــالـهـا شـرقـيّ نـجـدٍ
                                ولــهـوتــها قضــاعة أجمعــينا

نزلــتم مــنزل الضــيّاف مـــنّا
                                فـأعجــلـنا القـرى أن تشـتمونا

قـريــناكم فعـجّلـــنا قــراكــــم
                                 قــبيل الصـبح مـرداةً طحــونـا

نعــمّ أناســنا ونعــفّ عنهـــــم
                                ونحـــمل  عـنهـم مـا حملــــونا

نطــاعن ما تراخى الناس عنّـا
                                 ونضـرب بالسـيوف إذا غشينا


بسمــرٍ مـن قــنا الخــطيّ لدنٍ
                                     ذوابــل أو ببيــض يخـــتلــــينا

كأن جمـــاجـم الأبطــال فــيها
                                     وســوق بالأمــاعــز يرتمـــينا

نشـــق بها رؤوس القـوم شقـاً
                                     ونخــتلب الـرقــاب فتخــــتلينا

وإن الضغــن بعد الضغن يبدو
                                   علــيك ويخــرج الــداء الدفـينا

ورثــنا المجـــد قـد علمت مع دّ
                                   نطــاعـن دونــه حــتى يبيــــنا

ونحـــن إذا عمـاد الحي خرت
                                  عـن الأحفــاض نمـنع من يلينا

نجــذ رؤوســهم في غـير بــر
                                   فمــا يــدرون مــاذا يتقــونــــا

كأن ســـيوفنا مــن ومـــــــنهم
                                    مخــــاريق بأيــدي لاعبيــــــنا

كأن ثيابـــنا مـــنّا ومـــــــــنهم
                                  خضـــبن   بأرجــوان أو طلــينا

إذا مــا عــيّ بالأســناف حــيّ
                                   مـن الهــول المشـبّه أن يـكونـا

نصــبنا مــثل رهــوة ذات حـد
                                   محــافظـــةً وكــنّا السـابقــــينا

بشـــبّان يـرون القـــتل مجــداً
                                  وشـيب في الحـروب   مجـربينا

حـديــا الـــناس كلــهم جمــيعاً
                                  مقـــارعــةً بنيــهم عـن بنيــــنا
فأمّـــا يـوم خشــيتنا علــــــيهم
                                   فتصـبح خيلــنا عصــباً ثبيــــنا

وأمّــا يوم لا نخــشى علــــيهم
                                   فنمعــــن غـــارةً متلببيـــــــــنا

برأس مـن بني جشـم بن بكــر
                                   نـدّق بـه السهـولة والحــزونـا

ألا لا يعــــــلم الأقــــوام أنّـــا
                                   تضعــضعــنا وأنّـا قـد ونيــــنا

ألا لا يجـــهلن أحـــدٌ علـــــينا
                                  فنجـــهل فـوق جـهل الجاهلينا

بأي مشــيئةٍ عمـــرو بـن هــند
                                 نكــون لقيلــكم  فيهــا قطــــــينا

بأي مشــيئةٍ عمــرو بـن هـــند
                                  تطــيع بــنا الوشــاة وتزدريــنا

تهـــددنـا وأوعـدنــا رويــــــداً
                                    مــتى كــنّا لأمّـك مقــــتويــــنا

فـإن قـــناتنا يـا عمــرو أعـيت
                                   علـى الأعــداء قبــلك أن تلـينا

إذا عـضّ الثقـاف بها اشمأزت
                                 وولّــته عشـــوزنة زبـــــــونا

عشـــوزنـةً إذا انقـلــبت أرنت

                                تشــجّ قفــا المـثــقف والجبيــنا

فهــل حدثت في جشـم بن بكر
                                 بنقــص في خطـــوب الأوليـنا

ورثــنا مجـد علقمــة بن سيف
                                 أبـاح لنا حصـــون المجـد دينا

     ورثت مهـلهــلاً والخــير مـنه
                                  زهــيراً نعــم ذخـر الذاخريــنا

وعــتاباً وكلـــثوماً جميعـــــــاً
                                  بهــم نلـــنا تـراث الأكرميــــنا

وذا الـــبرة الذي حـدّثت عــنه
                                 بـه نحمـي ونحمـي المحجرينا

ومــنّا قــبله الســاعي كلــــيب
                                  فـأي المجــد إلا قــد ولـــــــينا

مــتى نعقــد قـــرينتنا بحـــــبل
                                  تجـــذّ الحـبل أو تقـص القرينا

ونوجــد نحــن أمنعـهم ذمــاراً
                                 وأوفـاهــم إذا عقـــدوا يمــــينا

ونحـن غـداة أوقد في خزازى
                                  رفــدنا فــوق رفــد الرافـــدينا

ونحــن الحابسون بذي أراطى
                                  تسـفّ الجـــلة الخـور الدريـنا

ونحــن الحاكمــون إذا أطعــنا
                                  ونحــن العـازمــون إذا عصينا

ونحــن الـتاركون لما سخطــنا
                                  ونحــن الآخــذون بمـا رضـينا

وكــنّا الأيمنـين إذا التـقـــــــينا
                                  وكان الأيســريـن بنــو أبــــينا

فصـــالوا صــولةً فيمن يلــيهم
                                 وصــلنا صـــولة فيمتتن يلــينا

فآبــوا بالنهــاب وبالســـــــبايا
                                  وأبــنا بالمــــلوك مصفـــــدينا

إليـــكم يـا بنـي بكـــر إليــــكم
                                  المّـــا تعــرفــوا مــنّا اليقــــينا

المّـــا تعلمــــوا مـــنّا ومـــنكم
                                  كــتائب يطـعــن ويرتمــــــــينا

علــينا البيـض واليلـب اليماني
                                 وأسـياف يقــمن وينحــــــــنينا

علـــــينا كل ســابغــــةٍ دلاص
                                 ترى فـوق النطـاق لها غصوناً

إذا وضــعت عن الأبطال يوماً
                                  رأيـت لهــا جـلود القـوم جونا

 كأن غصــونهــن مـــتون غدر
                                 تصفقــــها الـرياح إذا جـريــنا

وتحملــنا غـداة الـروع جـــرد
                                 عـرفـن لـــنا نقـــائذ وافتلــــينا

وردن دوارعــاً وخرجن شعثا
                                  كأمــثال الرصــائع قـد بلــــينا

ورثناهـــن عـن آبــاء صـــدق
                                ونــورثهـا إذا متـتنا بنيـــــــــنا

عـلى آثـارنـا بيــض حســــان
                                 نحــاذر أن تقســم أو تهـونــــا

أخـذن على بعولتــهن عهــــداً
                                  إذا لا قــوا كــتائب معلمـــــينا

ليسـتلبنّ أفـراســـــــاً وبيضـــاً
                                 وأســرى في الحـديـد مقــرنينا

ترانــا بارزيـــن وكلّ حــــــي
                                 قـد اتخــذوا مخــافتنا قـريــــناً

إذا مــا رحــن يمشــين الهوينا
                                    كما اضطربت مـتون الشاربينا

يقــتن جــيادنا ويقــلن لســــتم
                                   بعـــولــتنا إذا لـم تمنعــــــــونا

ظعـائن من بني جشـم بن بكـر
                                   خلطــن بميسـم حسـباً وديــــنا

ومـا مـنع الظعائن مثل ضرب
                                   تـرى منه السـواعـد كالقلــــينا

كأنـا والســـــيوف مســــللاتٌ
                                   ولـدنـا الــناس طــرّاً أجمعــينا
يـدهـدون الرؤوس كما تدهدي
                                    حــزاورة كــــرات لاعبيـــــنا

وقـد عــلم القــبائل مـن معــــدّ
                                  قــباباً لـي بأبطحـهــــا بنيـــــنا

بأنّـا المطعمــون إذا قــــدرنــا
                                  وأنّـا المـهلكــون إذا ابتلــــــينا

وأنّـا المانعــون لمـــا أردنـــــا
                                  وأنّـا الـنازلــون   بحــيث شــينا

وأنّـا الـتاركــون إذا سخطـــنا
                                  وأنّـا الآخــذون  إذا رضــــــينا

وأنّـا العـاصمــون إذا أطعــــنا
                                   وأنّـا العــازمــون إذا عصــينا

ونشرب إن وردنا الماء صفواً
                                  ويشــرب غيرنا كـدراً وطــينا

ألا أبلــغ بنـي الطمّـــاح عنّـــا
                                  ودعمـــيا فكـيف وجـدتمـونـــا

إذا ما الملك سـام الناس خسـفاً
                                  أبيــنا أن نقــرّ الـذّل فـــــــــينا

مـلأنا الــبرّ حتى ضــاق عــنّا
                                 ومـــاء البحــر نمــلؤه سفـــينا

إذا بلــغ الفطــام لـنا صـــــبيٌ
                                 تخـــرّ له الجـــبابر سـاجــدينا



                      -----------------------
























                                        10



                زهير بن ابي سلمى
 
        
           زهير بن ابي سلمى- هو زهير بن ربيعة بن رباح من بني مزينة من قبيلة غطفان التي كانت تسكن نجد وقد توفي ابوه وهو طفل فنشا يتيما حيث تزوجت امه من اوس بن حجر وقد عنى بتربيته خال ابيه بشامة بن الغدير الذي كان مقعدا.

           نشا زهير في بيئة شعرية فكان ابوه شاعرا وخاله شاعرا وزوج امه اوس بن حجر شاعرا وخال ابيه الذي تبناه واحسن تربيته كان شاعرا وسيد قومه فاحب زهيرا وحبب اليه الشعر منذ الصغر فاحب زهير الشعر وقام بتهذيبه والعنايةالتامه فيه وقد اشتهر زهير بتنقيح اشعاره وقصائده بين فترة واخرى وقد اشعر او قال الشعر  في اغلب الاغراض الشعرية الا انه اشتهر بالمدح وقد مدح هرم بن سنان كثيرا هذا الذي انفق المال الكثير في في اطفاء حرب البسوس الشهيرة واخماد نيرانها بين القبيلتين وزهير من اصحاب المعلقات السبع.

 ومطلع معلقته :


امن ام اوفى دمنة لم تكلم
                                   بحومانة الدراج فالمتثلم

 ومنهاهذه الابيات-

وَدَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا
                             مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ

بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً
                              وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ

وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً
                                 فَهـلأ عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّم

أَثَـافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَـلِ

                              وَنُـؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـمِ

فَلَـمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَـا

                           أ َلاَ أَنْعِمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَـمِ

تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِـنٍ

                              َحَمَّلْـنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُـمِ

جَعَلْـنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَـهُ

                                وَكَـمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْـرِمِ

عَلَـوْنَ بِأَنْمَـاطٍ عِتَاقٍ وكِلَّـةٍ
                              وِرَادٍ حَوَاشِيْهَـا مُشَاكِهَةُ الـدَّمِ

وَوَرَّكْنَ فِي السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَـهُ

                             عَلَيْهِـنَّ    دَلُّ النَّـاعِمِ المُتَنَعِّــمِ

بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْـرَةٍ

                            فَهُـنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَـمِ

وَفِيْهـِنَّ مَلْهَـىً لِلَّطِيْفِ وَمَنْظَـرٌ
                              أَنِيْـقٌ لِعَيْـنِ النَّـاظِرِ المُتَوَسِّـمِ

كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْـزِلٍ

                               نَـزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّـمِ

فَـلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُـهُ

                           وَضَعْـنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّـمِ

ظَهَرْنَ مِنْ السُّوْبَانِ ثُمَّ جَزَعْنَـهُ

                                عَلَى كُلِّ قَيْنِـيٍّ قَشِيْبٍ وَمُفْـأَمِ

فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِّي طَافَ حَوْلَهُ

                             و ِجَـالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُـمِ

يَمِينـاً لَنِعْمَ السَّـيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا

                            عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ

تَدَارَكْتُـمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَـا

                                تَفَـانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَـمِ

وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعـاً

                               بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَـمِ

فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِـنٍ

                                بَعِيـدَيْنِ فِيْهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَـمِ

عَظِيمَيْـنِ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَـا
                            وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً مِنَ المَجْدِ يَعْظُـمِ

تُعَفِّـى الكُلُومُ بِالمِئينَ فَأَصْبَحَـتْ

                                 يُنَجِّمُهَـا مَنْ لَيْسَ فِيْهَا بِمُجْـرِمِ

يُنَجِّمُهَـا قَـوْمٌ لِقَـوْمٍ غَرَامَـةً

                                وَلَـمْ يَهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَـمِ

فَأَصْبَحَ يَجْرِي فِيْهِمُ مِنْ تِلاَدِكُـمْ

                                   مَغَـانِمُ شَتَّـى مِنْ إِفَـالٍ مُزَنَّـمِ

أَلاَ أَبْلِـغِ الأَحْلاَفَ عَنِّى رِسَالَـةً

                                  وَذُبْيَـانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَـمِ

فَـلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُـمْ

                                  ليَخْفَـى وَمَهْمَـا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَـمِ

وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ

                                  ماهو عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ

مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً
                                وتضـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ

فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا
                                   وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ

فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ
                                   كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ

فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا
                                قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ

لَعَمْـرِي لَنِعْمَ الحَـيِّ جَرَّ عَلَيْهِـمُ
                                بِمَا لاَ يُؤَاتِيْهِم حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَـمِ

وَكَانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّـةٍ
                                     فَـلاَ هُـوَ أَبْـدَاهَا   وَلَمْ   يَتَقَـدَّمِ






        ----------------------------------












                                 11



                طرفة بن العبد         


          هو طرفة بن العبد   بن سفيان  بن سعد  بن مالك  بن ضبيعة  بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن مصعب بن  علي بن بكر بن وائل  من قبيلة بكر بن وائل التي سكنت البحرين وما اليها توفي ابوه وهو صغير فعنت  بتربيته والدته التي ظلمها اعمامه كثيرا .

            عاش طرفة في ترف ولهو وبذخ لغناه وكان شاعرا جريئا  وتميز بجرأته التي كانت سببا في هلاكه ومقتله اشتهر بالهجاء فهجى اعمامه واقاربه وهجى ملك  الحيرة  عمرو  بن هند  واخاه  قابوس
 وقيل ان سبب موته  ان اخته كانت عند  عبد عمرو بن بشر وكان سيد زمانه   واكرم الناس  وكان قد هجاه  حيث قال فيه :

                ولا خير فيه غير  ان له غنى
                                       وان له كشحا اذا قام اهضما

                تظل نساء الحي  يعكفن حوله
                                      يقلن عسيب من اسرة ملهما

         وكان قد  خرج  عمرو  بن هند او عمرو بن المنذر بن ماء السماء  ملك  الحيرة  يتصيد ومعه  عبد عمرو فرمى حمارا وحشيا  وقال لعبد عمرو انزل فاذبحه  فلم يستطع ذلك  فضحك الملك  وقال له ---صدق طرفة حين وصفك وانشده الابيات السابقة  فما كان من عبد عمرو الا ان قال للملك  ابيت اللعن ماقال فيك اشد مما قال بي -  فقال  الملك   فما قال    فانشد ه الابيات:

فليت لنا مكان الملك عمر و
                                       رغوثا حول قبتنا تخور

من الزمرات اسبل قادساها
                                       وضرتها مركنة   درور

لعمرك ان قابوس بن هند
                                       ليخلط ملكه   نوك كثير

قسمت الدهر في زمن رضي
                                    كذاك الحكم  يقصد او يجور
     
 فقال الملك \ أوقد بلغ من امره بان يقول فيّ مثل هذا الشعر  فكتب الى الى المعلى  وهو  رجل ذو شان في البحرين من قبيلة عبد شمس ليقتله في رواية طويلة.  

          فكان ان قتل في البحرين بامر من الملك عمرو بن هند     وعمره لايتجاوز السادسة والعشرين  

         ومع حداثة عمره وصغره فقد عد من اصحاب المعلقات وهم فطاحل شعراء الجاهلية ومطلع معلقته :.

لخولة اطلال ببرقة ثمهد
                             تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

ومنها هذه الابيات:

وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم
              َيقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ

كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً
           خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ

عدولية ٌ أو من سفين ابن يامنٍ
                              يجورُ بها المَّلاح طوراً ويهتدي

يشقُّ حبابَ الماءِ حيزومها بها
                                 كما قسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ

وفي الحيِّ أحوى ينفضُ المردَ شادنٌ
                               مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ

خذولٌ تراعي ربرباً بخميلة ٍ
                            تَناوَلُ أطرافَ البَريرِ، وتَرتَدي

وتبسمُ عن ألمَى كأنَّ مُنوراً
                           تَخَلّلَ حُرَّ الرّمْلِ دِعْصٌ له نَدي

سقتهُ إياة ُ الشمس إلا لثاتهُ
                               أُسف ولم تكدم عليه بإثمدِ

ووجهٌ كأنَّ الشمس ألقت رداءها
                               عليه، نَقِيَّ اللّونِ لمْ يَتَخَدّدِ

وإنّي لأمضي الهمّ، عند احتِضاره،
                             بعوجاء مرقالٍ تروحُ وتغتدي

أمونٍ كألواح الإرانِ نصَأْتُها
                              رعلى لاحب كأنهُ ظهرُ بُرجد

جَماليّة ٍ وجْناءَ تَردي كأنّها
                              سَفَنَّجَة ٌ تَبري لأزعَرَ أربَدِ

تباري عتاقاً ناجيات وأتبعت
                            وَظيفاً وَظيفاً فَوق مَورٍ مُعبَّدِ

تربعت القفّين في الشول ترتعي
                              حدائق موليِّ الأسرَّة أغيد

تَريعُ إلى صَوْتِ المُهيبِ، وتَتّقي
                           بِذي خُصَلٍ، رَوعاتِ أكلَفَ مُلبِدِ

كأن جناحي مضرحيٍّ تكنّفا
                           حِفافَيْهِ شُكّا في العَسِيبِ بمَسرَدِ

فَطَوراً به خَلْفَ الزّميلِ، وتارة ً
                              على حشف كالشنِّ ذاوٍ مجدّد

لها فَخِذانِ أُكْمِلَ النّحْضُ فيهما
                                    كأنّهُما بابا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ

وطَيُّ مَحالٍ كالحَنيّ خُلوفُهُ،
                                 وأجرِنَة ٌ لُزّتْ بِدَأيٍ مُنَضَّدِ

كَأَنَّ كِناسَي ضالَةٍ يُكنِفانِها
                               وَأَطرَ قِسيٍّ تَحتَ صُلبٍ مُؤَيَّدِ

لَها مِرفَقانِ أَفتَلانِ كَأَنَّها
                                   تَمُرُّ بِسَلمَي دالِجٍ مُتَشَدَّدِ

كقنطرة الرُّوميِّ أقسمَ ربها
                                لتكفننْ حتى   تُشادَ بقرمد

صُهابِيّة ُ العُثْنُونِ مُوجَدَة ُ القَرَا
                            بعيدة ُ وخد الرِّجل موَّراة ُ اليد

أُمرُّتْ يداها فتلَ شزرٍ وأُجنحتْ
                            لها عَضُداها في سَقِيفٍ مُسَنَّدِ

جنوحٌ دقاقٌ عندلٌ ثم أُفرعَتْ
                             لها كتفاها في معالى ً مُصعَد

كأن عُلوبَ النّسع في دأياتها
                         مَوَارِدُ مِن خَلْقاءَ في ظَهرِ قَردَدِ

تَلاقَى ، وأحياناً تَبينُ كأنّها
                              بَنائِقُ غُرٌّ في قميصٍ مُقَدَّدِ

وأتْلَعُ نَهّاضٌ إذا صَعّدَتْ
                         به كسُكان بوصيٍّ بدجلة َ مُصعِد

وجمجمة ٌ مثلُ العَلاة كأنَّما
                     وعى الملتقى منها إلى حرف مبرَد

وخدٌّ كقرطاس الشآمي ومشْفَرٌ
                              كسَبْتِ اليماني قدُّه لم يجرَّد

وعينان كالماويتين استكنَّتا
                         بكهْفَيْ حِجاجَيْ صخرة ٍ قَلْتِ مورد

طَحُورانِ عُوّارَ القذى ، فتراهُما
                                 كمكحولَتي مذعورة أُمِّ فرقد

وصادِقَتا سَمْعِ التوجُّسِ للسُّرى
                                 لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أو لصَوْتٍ مُندِّد

مُؤلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتقَ فِيهِما،
                                   كسامعتيْ شاة بحوْمل مفرد

وَأرْوَعُ نَبّاضٌ أحَذُّ مُلَمْلَمٌ،
                          كمِرداة ِ صَخرٍ في صَفِيحٍ مُصَمَّدِ

وأعلمُ مخروتٌ من الأنف مارنٌ
                           عَتيقٌ مَتى تَرجُمْ به الأرض تَزدَدِ

وإنْ شئتُ لم تُرْقِلْ وإن شئتُ أرقَلتْ
                              مخافة َ مَلويٍّ من القدِّ مُحصد

وإن شِئتُ سامى واسِطَ الكورِ رأسُها
                             وعامت بضبعيها نجاءَ الخفيْدَدِ

على مثلِها أمضي إذا قال صاحبي
                               ألا لَيتَني أفديكَ منها وأفْتَدي

وجاشَتْ إليه النّفسُ خوفاً،وخاله
                       مُصاباً ولو أمسى على غَيرِ مَرصَدِ

إذا القومُ قالوا مَن فَتًى ؟
                      خِلتُ أنّني عُنِيتُ فلمْ أكسَلْ ولم أتبَلّدِ

حَلْتُ عليها بالقَطيعِ فأجذَمتْ،
                               وقد خبَّ آل الأَمعز المتوقد

فذلك كما ذالت وليدة مجلس
                              تُري ربّها أذيالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ

ولستُ بحلاّل التلاع مخافة ً
                            ولكن متى يسترفِد القومُ أرفد

---------------------------------------






                                     12


                   الحارث  اليشكري

   
            هو الحارث بن حلزة اليشكري من قبيلة بكر التي نشبت حرب البسوس الشهيرة بينها وبين تغلب وكان الحارث من رجالها المشهورين حيث اختير ممثلا لقبيلته في التحكيم وحل المنازعات والرد على الشاعر عمرو بن كلثوم شاعر تغلب في حضر ة الملك عمر بن هند 

          قيل  انه ارتجل قصيدته هذه  في حضرة الملك عمروبن هند من وراء  سبعة ستور  فامر الملك برفع الاستار  عنه استحسانا لقصيدته  وقيل ان  حلزة معناها  القصير ة او البخيلة
 
 توفي الحارث  قبل الاسلام وهو من اصحاب المعلقات
ومطلع معلقته -

اذنتنا ببينها اسماء               رب ثاو يمل منه الثواء

ومنها هذه الابيات-

بعد عهدٍ لنا ببرقة شما
                           ء فأدنى ديارها الخلصاء

فالمحياة فالصفاح فأعنا ق
                                 فتاقٍ فعاذبٌ فالوفاء

فرياض القطا فأودية الشر
                              يب فالشعبتان فالأبلاء

لا أرى من عهدت فيها فأبكي اليـ
                          ـوم دلهاً و ما يحير البكاء

 بعينيك أوقدت هندٌ النا
                           ر أخيراً تلوي بها العلياء

فتنورت نارها من بعيدٍ
                          بخزارى هيهات فيك الصلاء

أوقدتها بين العقيق فشخصيـ
                            ـن بعودٍ كما يلوح الضياء

غير أني قد أستعين على الهـ
                              ـم إذا خف بالثوي النجاء

بزفوفٍ كأنها هقلةٌ أ
                             م رئالٍ     دويةٌ   سقفاء

آنست نبأةً و أفزعها القـ
                      ـناص عصراً و قد دنا الإمساء

فترى خلفها من الرجع و الوقـ
                                 ـع منيناً كأنه إهباء

و طراقاً من خلفهن طراقٌ
                        ساقطاتٌ ألوت بها الصحراء

أتلهى بها الهواجر إذ كـ
                             ـل ابن همٍ بليةٌ عمياء

و أتانا من الحوادث و الأنـ
                       ـباء خطبٌ نعنى به و نساء

ان إخواننا الأراقم يغلو
                           ن علينا في قيلهم إحفاء

يخلطون البريء منا بذي الذنـ
                        ـب و لا ينفع الخلي الخلاء

زعموا أن كل من ضرب العيـ
                           ـر موالٍ لنا و أنا الولاء

أجمعوا أمرهم عشاءً فلما
                     أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

من منادٍ و من مجيبٍ و من تصـ
                         ـهال خيلٍ خلال ذاك رغاء

أيها الناطق المرقش عنا
                          عند عمروٍ و هل لذاك بقاء

لا تخلنا على غراتك إنا
                            قبل ما قد وشى بنا الأعداء

فبقينا على الشناءة تنميـ
                           ـنا حصونٌ و عزةٌ معساء

قبل ما اليوم بيضت بعيون الـ
                              ـناس فيها تغيظٌ و إباء

و كأن المنون تردي أر
                        عن جوناً ينجاب عنه العماء

مكفهراً على الحوادث لا تر
                             توه للدهر مؤيدٌ صماء

إرمي بمثله جاكت الخيـ
                           ل وتأبى لخصمها الإجلاء

ملكٌ مقسطٌ وأفضل من يمـ
                       ـشي ومن دون ما لديه الثناء

أيما خطةٍ أردتم فأدو
                          ها إلينا تشفى بها الأملاء

إن نبشتم ما بين ملحة فالصا
                          قب فيه الأموات والأحياء

أو نقشتم فالنقش يجشمه النـ
                            ـاس وفيه الإسقام والإبراء

أو سكتم عنا فكنا كمن أغـ
                            ـمض عيناً في جفنها الأقذاء

أو منعتم ما تسألون فمن حد
                                  ثتموه له علينا العلاء


    -------------------------------










                                13

                 لبيد العامري


           
   ابو عقيل لبيد بن  مالك بن  قيس بن جعفر بن كلاب  بن ربيعة  بن عامر بن صعصعة العامري وربيعة هذا يعرف بربيعة المقترين لاحسانه وكثرة فضائله وانفاقه على المعوزين والمقترين وقد نشا لبيد شجاعا قوي النفس كريما  عزيز النفس  ذكي الفؤاد ذا مكانة ممتازة في قومه واترابه وقد مدحه بعض الشعراء واثنوا على شاعريته وقصيده مثل النابغة واخرين

          ادرك لبيد الاسلام وانتقل من البا دية الى العراق وسكن الكوفة وتوفي في زمن الخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان بعد ان عمر طويلا وقيل ان عمره تجاوز المائة سنة وقيل مائة واربعين سنة   وقد قال في ذلك بعد ان سام الحياة وما بها وقيل ان بصره كف لكبرسنه
و-قال لبيد عندما اكمل الثمانين  :

قامت تشكى إلي الموت مجهشةً
                                       وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا
فإن تزادي  ثلاثاً  تبلغي   أملاً  
                                       وفي الثلاث وفاءٌ للثمـانـينـا

كأني وقد جاوزت تسعين حجةً
                                       خلعت بها عن منكبي ردائيا

فعاش حتى بلغ عشراً ومائةً سنة فقال:

أليس في مائةٍ قد عاشها رجلٌ
                                        وفي تكامل عشرٍ بعدها عبر

 وقيل فعاش والله حتى بلغ مائة وعشرين سنة فقال:

وغنيت سبتاً قبل مجرى داحسٍ
                                          لو كان للنفس اللجوج خلود

وفي رواية اخرى عاش حتى بلغ مائة وأربعين سنة فقال:

ولقد سئمت من الحياة وطولها
                                      وسؤال هذا  الناس  كيف لبيد  


           شعر لبيد يعد من روائع الشعر العربي ويضرب في معلقته الامثال وله اشعار غيرها كثير اشهرها التي قالها في رثاء اخيه اريد وقيل انه هجرالشعر بعد اسلامه وهو القا ئل – :
(الحمد لله الذي ابدلني بالشعر سورة البقرة )–
وقيل انه لم يقل في الاسلام الا بيتا واحدا من الشعر  :

الحمد لله ا ذ لم ياتني اجلي
                                 حتى كساني من الاسلام سربالا

ولبيد من اصحاب المعلقات السبع ومطلع معلقته :-


عفت الديار محلها فمقامها
                                بمنى تأبد غولها فرجامها

ومن شعره هذه الابيات:---

 وقد كنت في أكناف جار مضنة
                                   ففارقني جار بأربد نافع

 فلا جزع إن فرق الدهر بيننا
                             وكل فتى يوما به الدهر فاجع

 فلا أنا يأتيني طريف بفرحة
                             ولا أنا مما أحدث الدهر جازع

 وما الناس إلا كالديار وأهلها
                               بها يوم حلوها وغدوا بلاقع

 وما المرء إلا كالشهاب وضوئه
                              يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

 وما البر إلا مضمرات من التقى
                               وما المال إلا معمرات ودائع

 وما المال والأهلون إلا وديعة
                                  ولا بد يوما أن ترد الودائع

 ويمضون أرسالا ونخلف بعدهم
                             كما ضم أخرى التاليات المشايع

 وما الناس إلا عاملان فعامل
                                    يتبر ما يبني وآخر رافع

 فمنهم سعيد آخذ لنصيبه
                                 ومنهم شقي بالمعيشة قانع

أليس ورائي إن تراخت منيتي
                          لزوم العصا تحنى عليها الأصابع

 أخبر أخبار القرون التي مضت
                                 أدب كأني كلما قمت راكع

 فأصبحت مثل السيف غير
                            تقادم عهد القين والنصل قاطع

 فلا تبعدن إن المنية
حالة
                             عليك    فدان للطلوع    وطالع

 أعاذل ما يدريك إلا تظنيا
                            إذا ارتحل الفتيان من هو راجع

تبكي على إثر الشباب الذي مضى
                             ألا إن أخدان الشباب الرعارع

أتجزع مما أحدث الدهر بالفتى
                                 وأي كريم لم تصبه القوارع

لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى
                             ولا زاجرات الطير ما الله صانع

سلوهن إن كذبتموني متى الفتى
                           يذوق المنايا أو متى الغيث واقع



            -------------------------------















                                          14



حاتم الطائي


                 هو ابو عدي حاتم  الطائي  ولد قبل الهجرة النبوية الشريفة ب\ 46 سنة  اي ولد سنة \  610 ميلادية  وفي بلاد نجد  تزوج من ماوية بنت حجر الغسانية  بعد ان زار الشام  ونزل ضيفا عند ابيها
           .
            حاتم  الطائي من ا  جواد العرب وكرمائهم  ويعد من مشاهير كرماء العرب  وهي الصفة التي غلبت عليه . اما والدته فهي  عتبة بنت عفيف بن عمرو بن أخزم. وكانت ذا يسار وسخاء، حجر عليها أخوتها ومنعوها مالها خوفا من الاسراف و التبذير لشدة سخائها  وبذل مالها للاخرين .وقد نشأ ابنها حاتم مثلها بالجود والكرم.

        سكن  مع قومه  في  منطقة حائل في اعالي  بلاد نجد  عند جبلي (اجا وسلمى )من الجزيرة العربية  ولا تزال اطلال قصوره وسكنه وضريحه المدفون فيه  هناك ظاهرة للعيان  وكذلك  قيل ان اثار  مواقده وقدور لاتزال شاخصة في  نفس الموضع   في بلدة يقال لها (توران) في حائل من  نجد وشمال المملكة العربية السعودية  وتعتبر  اثارا  من الاثارالخالدة .

                      كان  حاتم الطائي يلقب  بابي عدي  وعدي هذا هو ابنه البكر  وقد  شهد الاسلام واسلم  وكذلك ابنته سفانة  ادركت الاسلام واسلمت  وقيل انها اكبر سنا من اخيها  عدي .

           حاتم االطائي  من اجود اجواد العرب حتى  ضر ب مثلا  بالجو د والكرم   وقد قيل فيه (وكان جواد يشبه شعره جوده ويصدق قوله فعله وكان حيثما نزل عرف منزله مظفر وإذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا ضرب بالقداح فاز وإذا سابق سبق وإذا أسر أطلق وكان يقسم بالله أن لا يقتل واحد أمه 

            وفى الشهر الأصم (رجب) كانت  العرب تعظمه في الجاهلية وكان  ينحر في كل يوم عشرا من الإبل فيطعم الناس  فاجتمع خلق كثير حوله  وذاع صيته

وقيل أنه قالت له امرأة من  عنزة بن ربيعة  :
-                    قم افصد لنا هذه الناقة 
-                     فقام حاتم ونحر الناقة بدلاً من فصدها، فذهلت  المرأة واسمها عالية العنزيه من هذا الفعل  وقد  تزوجها  بعد ذلك  فانجبت له على حد ذكر ابن الاثير..
      فقال حاتم الابيات التالية بعد نحره للناقة او  بهذه الواقعة  

إنّ ابن أسماء لكم ضامن.
                                    . حتّى يؤدّي آنسٌ ناويـه

لا أفصد الناقة في أنفها
                                     لكنّني أوجرهـا العاليـه..                     

إنّي عن الفصد لفي مفخر
.       يكره منّي المفصد الآليه

              وقيل  ان ضيوفا  حلوا اليه  فقدم اليهم  كل الابل التي كان   يرعى بها  رغم  جهله  معرفتهم  وقيل  انهم كانوا  ثلاثة  شعراء  وهم كل من  النابغة الذبياني  وعبيد بن الابرص  وبشر بن ابي خازم  وكانوا ينوون الذهاب الى النعمان  بن المنذر ملك الحيرة  فسالوه ان يضيفهم او يقريهم  فنحر لهم ثلاثه من الإبل فقال عبيد بن الابرص :

أنما أردنا بالقرى اللبن وكانت تكفينا بكره إذ كنت لابد متكلفا لنا شيئا.
فقال حاتم:قد عرفت ولكنى رأيت وجوها مختلفة وألوانا متفرقة فطننت أن البلدان غير واحدة  فأردت أن يذكر كل واحد منكم مارأى إذا أتى قومه
فقالوا فيه قصائد امتدحوه بها وذكروا فضله.
فقال حاتم:
-أردت أن أحسن اليكم فصار لكم الفضل علي وأنا أعاهد أن أضرب عراقيب ابلى عن أخرها أوتقوموا إليها فتقسموها بينكم
ففعلوا فأصاب الرجل تسعه وثلاثون ومضوا إلى النعمان. وان أبا حاتم  لما سمع بما فعل ابنه  فأتاه فقال له اين الإبل ؟
فقال حاتم  : يا أبت طوقتك بها طوق الحمامة مجد الدهر وكرما  لا يزال الرجل يحمل بيت شعر اثنى به علينا عوضا عن ابلك
فلما سمع أبوه ذلك قال:
-        أبابلى فعلت دلك؟
قال: نعم
قال: والله لا أساكنك بعدها  ابدا
فخرج أبوه بأهله وترك حاتما ومعه جاريته وفرسه وفلوها او وليدها الصغير والفلو هو ابن الفرس .
فقال حاتم في ذلك:


اني لعف الفقر مشترك الغنى
                                        وترك شكل لا يوافقه شكلي

وشكلي شكل لا يقوم لمثله
                                    من الناس الا كل ذي نيقه مثلي

واجعل مالي دون عرضي جنة
                              لنفسي واستغني بما كان منت فضل

ماضرني ان سار سعد باهله
                              وافردني  في الدار ليس معي اهلي

سيكفي ابتنائي المجد سعد بن حشرج
                              واحمل  عنكم كل  ماضاع  من  نفل

ولي مع بذل المال في المجد صولة
                                   اذا الحرب ابتدات من نواجذها العصل

       و قيل ان أحد قياصرة الروم لما بلغته أخبار جود حاتم  الطائي وكرمه فأستغربها فبلغه أن لحاتم فرسا من كرام الخيل عزيزة عنده فأرسل اليه بعض رجاله  يطلبون تلك  الفرس فلما دخل الحاجب دار حاتم أستقبله أحسن أستقبال ورحب به وهو لا  يعلم أنه حاجب القيصر  وكانت المواشى في المرعى فلم يجد إليها سبيلا لقرى ضيفه فنحر الفرس وأضرم النار ثم دخل إلى ضيفه يحادثه فأعلمه أنه رسول القيصر قد حضر يستميحه فرسه فساء ذلك  حاتما واحزنه
 فقال  له حاتم  :

هلا أعلمتني قبل الآن فأنى قد نحرتها لكم إذ  لم أجد جزورا غيرها  فانحرها  لاضيفكم بها  حيث ان الماشية في المرعي فجزرتها لاقرائكم .
فعجب الرسول من سخائه وقال:

والله لقد رأينا منك أكثر مما سمعنا عنك
               وهذه شهادة  كبيرة  في السخاء والكرم




************************











                                     15


              السموأل  الازدي


             هو الشاعرالسموأل بن غريض بن عاديا الأزدي   وكان حكيما في الجاهلية  واسمه معرب من اللغة العبرية  واسمه معرب من شْمُوئِيل  ويعني ( سمّاه الله) فهو اذن  كان شاعرا يهوديا  جاهليا  اول الامر.
         ولد في خيبر  وبها عاش في القرن السادس الميلادي  وقيل انه كان له حصن بناه جده  عادياء  واسماه الابلق في مدينة (تيماء )من اعالي نجد  فكان كثيرالتنقل بين حصنه  في تيماء وبين  مدينة خيبر حيث مسكنه فيها .
 
       وقيل انه من بني الديان  او بني عبد المدان  حسبما ورد في شعره  وهم  اقوام سكنوا اليمن وقال فيهم  المؤرخون كثيرا منهم مايلي :
   فقد ورد ان القلقشندي قال  :

(بنو الديان - بفتح الدال المهملة وتشديد الياء المثناة تحت ونون في الآخرة بطن من بني الحارث بن كعب من القحطانية وهم بنو الديان واسمه يزيد بن قطن بن زيادة الحارث بن كعب بن الحارث بن كعب ‏)
قال في العبر‏:‏ (وكان لهم الرئاسة بنجران من اليمن والملك على العرب بها وكان الملك منهم في عبد المدان بن الديان وانتهى قبل البعثة إلى يزيد بن عبد المدان ووفد أخوه على النبي محمد  صلى الله عليه. وأسلم على يد  القائد خالد بن الوليد.) ‏.‏

    وذكرهم  ابن قتيبة  فقال ( أن بني الحارث بن كعب، الذين تفرع عنهم بني الديان، كانوا يدينون باليهودية قبل الإسلام.)

     ولهذ ا  نقول ان نسبه  كان عربيا  خالصا  فهو  من بني  عبد المدان من الحارث بن كعب من  قبيلة مذحج  القحطانية  من اليمن   وهذا يثبت بالدليل القاطع ان يهود اليمن والجزيرة العربية  هم من العرب  الاصلاء النسب.

            وقيل .  انه قدم  عليه  (امرئ القيس بن حجر الكندي)  اشهر شعراء الجاهلية  وكان قد عجز عن الاخذ بثأر أبيه وكان قد عزم الذهاب إلى قيصر الروم ليستنجد به لعل ملك  الروم يخرج معه جيشا يساعده على اخذ ثأر  ابيه  من  قاتليه  ,فذهب  اولا  إلى  السمؤال  وأمن  عنده ( أدراعا ثمينة ) لا مثيل لها كما ترك عنده أهله ثم سار  امرئ القيس إلى قيصر الروم، وبعد حين طوق حصن السمؤال أحد الملوك ممن له ثأر على امرئ القيس، فسأله السمؤال عن سبب تطويقه لحصنه ؟ فقال له  الملك  ان عنده ثارا على امرئ القيس وانه: سيغادر الحصن بمجرد تسليمه أدراع امرئ القيس وأهله، فرفض السمؤال ذلك رفضا قاطعا، وقال : لا أخفر ذمتي وأخون أمانتي،

    فظل الملك محاصرا الحصن حتى مل، وفي أثناء ذلك جاء أحد أبناء السمؤال من رحلة صيد وفي طريقه إلى الحصن قبض عليه الملك
 ونادى السمؤال :
-        هذا ابنك معي فاما أن تسلمني مالديك واما أقتله !
 فرفض السمؤال تسليم الأمانة على عادة العرب قديما فذبح ابنه أمام الحصن وعاد الملك  بجيشه  ولم  يحصل على بغيته فقال السمؤال :

وفيت بأدرع الكندي اني
                                   إذا ما خان أقـوام وفيـت

  ومن اهم قصائده  اللامية التي مطلعها:

 اذا المر ء لم يدنس من اللؤم عرضه
                              فكل رداء يرتديه جميل

 ومنها :

 وان هو لم يحمل على النفس ضيمها
                             فليس له الى حسن الثناء سبيل

 تعيرنا   انا    قليل    عديدنا
                             فقلت   لها    ان   الكرام   قليل

وما ضرنا انا قليل وجارنا
                                عزيز   وجار  الاكثرين  ذليل

لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ
                                  مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ

رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ
                                إِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ

هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ
                                   يَعِزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ

وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً
إ                                  ا  ِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ

يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
                                    وَتَكرَهُهُ   آجالُهُم  فَتَطولُ

وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ
                                   وَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ

تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا
                              وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ

صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا
                                   إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ

عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا
                             لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ:

فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا
                                      كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ

وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم
                               وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ

إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
                                  قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ

وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ
                                 وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ  نَزيلُ

وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنا
                                 لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ   وَحُجولُ

وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ
                             بِها مِن قِراعِ الدار  ِعينَ فُلولُ

مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها
                                فَتُغمَدَ   حَتّى يُستَباحَ  قَبيلُ

سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ
                                  فَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ

فَإِنَّ بَني الرَيّانِ قَطبٌ لِقَومِهِم
                                تَدورُ رَحاهُم حَولَهُم وَتَجولُ


*******************************************




                                  16

                     الشنفري


       الشنفري  هو  الحارث بن ربيعة بن الاوس بن الحجر بن الهنوء  بن الازد    فهو اذن من قبيلة اوس  من  قبيلة  ازد  اليمانية  وقيل سمي  بالشنفري لغلظة في شفتيه . ويعني اسمه (غليظ الشفاه) وغلبت كنيته اسمه  فقيل الشنفري مما يدل على  أن دماء حبشية كانت تجري فيه.

       نشأ في قبيلة (فهم ) العدنانية بعد أن تحولت إليها أمه بعد أن قتلت الأزد والده، ويرجح أنه خص بغزواته  بني سلامان بن مفرج  ثأراً لوالده الذي قتلوه  وانتقاما منهم  لاسره صغيرا  وكان الشنفرى سريع العدو لا تدركه الخيل حتى قيل: (أعدى من الشنفري)، وكان يغير على أعدائه من بني سلامان برفقة صعلوك فتاك هو( تأبط شرا) من قبيلة ( فهم  ) العدنانية وهو الذي علمه الصعلكة،

  الشنفرى  شاعر صعلوك   يعد من أشهر عدَّائي الصعاليك  مثل تأبط شراً وعمرو بن براقة وعروة  بن الورد  ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال.
 ويقول في نسبه:

أنا ابن خيار الحجر بيتاً ومنصباً
                                  وأمي  ابنة  الأحرار لو تعلمينها

         نشأ  بين  قبيلة  بني فهم الذين أسروه  صغيرا وعندما  شب  انتقل إلى بني سلامان بن مفرج الأزدي  حيث عاش  بين البراري والجبال  متسكعا متصعلكا   فلما عرف بقصة اسره حلف أن  يقتل من  قبيلة  (فهم )  مائة  رجل .

.          وقيل أنه  قتل  من  بني سلامان  بن مفرج  تسعة  وتسعين رجلا  في غاراته عليهم. وأن  بني سلامان  أقعدت  له رجالا  من بني  الرمد  من قبيلة (غامد)  يرصدونه.  فجاءهم   للغارة  فطلبوه  فأفلت  منهم   فأرسلوا عليه   كلبا  لهم   يقال  له  ( خبيش)   فقتل الشنفري  الكلب .وبعد ذلك   مرّ  برجلين  من  بني( سلامان ) ففر عنهما  ونجا  .  فأقعدوا  له أسيد  بن  جابر السلاماني  وحازما البقمي من (البقوم ) من(حوالة ) بن  الهنوء  بن  الأزد ( بالناصف) من ( أبيدة ) وهو واد  كبير  فرصداه .  وقيل انه  أقبل في الليل و قد نزع إحدى نعليه، وهو يضرب برجله ان لا يشعر  به  احد ..
 فقال حازم: هذا الضبع
 فقال أسيد : بل هو الخبيث.

           فلما  دنا  توجس  ثم  رجع  فمكث قليلا،  ثم عاد إلى الماء ليشرب فوثبوا عليه  فأخذوه  وربطوه وأصبحوا به في بني (سلامان ) فربطوه إلى شجرة
 فقالوا  له :- قف أنشدنا.
 فقال: إنما النشيد على المسرة.
    فذهبت مقولته  مثلا.
 وجاء غلام  كان الشنفري قد  قتل أباه، فضرب يده بالشفرة فاضطربت فقال:

 لا تبعدي إمّا هلكت شامه       فرب  واد  قد  قطعت هامه

 وربّ حيّ أهلكت   سوامه       ورب  خرق  قطعت  قتامه

                    ورب خرق فصلت عظامه

ثم قالوا له : أين نقبرك؟
فقال:

لا تقبروني إن قبري محرّم
                                    عليكم ولكن أبشري أم عامر

إذا احتملت رأسي وفي الرأس أكثري
                                 وغودر عند الملتقى ثمّ سائري

هنا لك لا أرجو حياة تسرني
                                   سمير الليالي مبسلا بالجرائر

 الا أن رجلا من بني سلامان رماه بسهم في عينه فقتله. فقال جزء بن الحارث في مقتله:

 لعمرك للساعي أسيد بن جابر
                               أحق بهامتكم بني عقب الكلب

     مات الشنفري قبل الهجرة النبوية المباركة  ب سبعين عاما  اي انه مات  سنة \525  ميلادية .

       الشنفري احد  الشعراء الصعاليك  شعره من الدرجة الاولى  وتنسب اليه  القصيدة  المشهور ب ( لامية العرب )  وهي  تقارب  المعلقات  العشر  وان لم تكن منها   .

 ومن لامية العرب  هذه الابيات :

أقيموا بني أمي، صدورَ مَطِيكم   
                                       فإني إلى قومٍ  سِواكم لأميلُ !

فقد  حمت الحاجاتُ، والليلُ مقمرٌ
                                  وشُدت،  لِطياتٍ،  مطايا  وأرحُلُ؛

وفي الأرض مَنْأيً، للكريم، عن الأذى
                                وفيها، لمن   خاف   القِلى، مُتعزَّلُ

لَعَمْرُكَ، ما بالأرض ضيقٌ على أمرئٍ
                                   سَرَى راغباً أو راهباً، وهو يعقلُ

ولي، دونكم، أهلونَ: سِيْدٌ عَمَلَّسٌ
                              وأرقطُ زُهلول وَعَرفاءُ جيألُ هم الأهلُ

. لا مستودعُ السرِّ ذائعٌ   لديهم
                                      ولا  الجاني  بما   جَرَّ،   يُخْذَلُ

وكلٌّ أبيٌّ، باسلٌ. غير  أنني إذا
                                      عرضت  أولى  الطرائد  ِ أبسلُ

وإن مدتْ الأيدي إلى الزاد لم أكن
                                      بأعجلهم  إذ أجْشَعُ القومِ أعجل

وماذاك إلا بَسْطـَةٌ  عن  تفضلٍ
                                     عَلَيهِم  وكان  الأفضلَ المتفضِّلُ

وإني كفاني فَقْدُ من ليس  جازياً
                                     بِحُسنى،  ولا  في  قـربه  مُتَعَلَّلُ

ثلاثةُ  أصحاب  ٍ: فؤادٌ    مشيعٌ،
                                      وأبيضُ إصليتٌ، وصفراءُ عيطلُ

هَتوفٌ، من المُلْسِ المُتُونِ، يزينها
                                       رصائعُ قد نيطت إليها، ومِحْمَلُ

إذا زلّ عنها السهمُ، حَنَّتْ كأنها
                                            مُرَزَّأةٌ، ثكلى، ترِنُ وتُعْوِلُ

ولستُ بمهيافِ، يُعَشِّى سَوامهُ
                                           مُجَدَعَةً سُقبانها، وهي بُهَّلُ

ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسـِهِ
                                        يُطالعها في  شأنه  كيف يفعـلُ

ولا خَرِقٍ هَيْقٍ، كأن فُؤَادهُ
                                           يَظَلُّ به  الكَّاءُ  يعلو ويَسْفُلُ،

ولا خالفِ داريَّةٍ، مُتغَزِّلٍ،
                                      يروحُ   ويغدو، داهناً، يتكحلُ

ولستُ بِعَلٍّ شَرُّهُ دُونَ خَيرهِ
                                    ألفَّ، إذا ما رُعَته اهتاجَ، أعزلُ

ولستُ بمحيار الظَّلامِ، إذا انتحت
                                هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ

إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسمي
                                      تطاير    منه   قادحٌ     ومُفَلَّلُ

أُدِيمُ مِطالَ الجوعِ حتى أُمِيتهُ،
                                  وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحاً، فأذهَلُ

وأستفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ
                                      عَليَّ، من الطَّوْلِ، أمرُؤ مُتطوِّلُ

ولولا اجتناب الذأم، لم يُلْفَ مَشربٌ
                                  يُعاش   به،   إلا    لديِّ،   ومأكلُ

ولكنَّ  نفساً مُرةً لا  تقيمُ بي
                                     على الضيم،  إلا   ريثما أتحولُ

وأطوِي على الخُمص الحوايا، كما انطوتْ
                                      خُيـُوطَةُ   ماريّ  تُغارُ    وتفتلُ

وأغدو على القوتِ الزهيدِ كما غدا
                                      أزلُّ    تهاداه   التَّنائِفُ،   أطحلُ

غدا طَاوياً، يعارضُ الرِّيحَ، هافياً
                                      يخُوتُ بأذناب الشِّعَاب، ويعْسِلُ

فلمَّا لواهُ القُوتُ من حيث أمَّهُ
                                        دعا؛   فأجابته   نظائرُ   نُحَّلُ

مُهَلْهَلَةٌ، شِيبُ الوجوهِ،  كأنها
                                        قِداحٌ    بكفيَّ    ياسِرٍ، تتَقَلْقَلُ

أو الخَشْرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْرَهُ
                                        مَحَ أبيضُ أرداهُنَّ سَامٍ مُعَسِّلُ؛

مُهَرَّتَةٌ، فُوهٌ،   كأن     شُدُوقها
                                        شُقُوقُ العِصِيِّ، كالحاتٌ وَبُسَّلُ

فَضَجَّ، وضَجَّتْ، بِالبَرَاحِ، كأنَّها
                                     وإياهُ ، نوْحٌ   فوقَ  علياء، ثُكَّلُ؛

وأغضى وأغضتْ، واتسى واتَّستْ
                                     بهِ مَرَاميلُ عَزَّاها، وعَزَّتهُ مُرْمِلُ

شَكا وشكَتْ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت
                                     ولَلصَّبرُ، إن لم ينفع الشكوُ أجملُ!

وَفَاءَ  وفاءتْ     بادِراتٍ، وكُلُّها،
                                     على  نَكَظٍ   مِمَّا   يُكاتِمُ،   مُجْمِلُ

وتشربُ أسآرِي القطا الكُدْرُ؛ بعدما
                                        سرت  قرباً، أحناؤها  تتصلصلُ

هَمَمْتُ وَهَمَّتْ، وابتدرنا، وأسْدَلَتْ
                                          وَشَمـَّرَ  مِني  فَارِطٌ    مُتَمَهِّلُ

فَوَلَّيْتُ عنها، وهي تكبو لِعَقْرهِ
                                       يُباشرُهُ   منها   ذُقونٌ  وحَوْصَلُ

كأن وغاها، حجرتيهِ وحولهُ
                                     أضاميمُ من سَفْرِ القبائلِ، نُزَّلُ،

توافينَ مِن شَتَّى إليهِ، فضَمَّها
                                      كما ضَمَّ أذواد الأصاريم مَنْهَل

فَعَبَّتْ غشاشاً، ثُمَّ مَرَّتْ كأنها
                               مع الصُّبْحِ، ركبٌ، من أُحَاظة مُجْفِلُ

وآلف وجه الأرض عند افتراشها
                                   بأهدَأ    تُنبيه   سَناسِنُ    قُحَّلُ؛

وأعدلُ مَنحوضاً كأن فصُوصَهُ
                                       كِعَابٌ دحاها لاعبٌ، فهي مُثَّلُ

فإن تبتئس بالشنفري أم قسطلِ
                                  لما اغتبطتْ بالشنفري قبلُ، أطولُ !

طَرِيدُ جِناياتٍ تياسرنَ لَحْمَهُ
                                           عَقِيرَتـُهُ في أيِّها حُمَّ أولُ،

تنامُ إذا ما نام، يقظى عُيـُونُها
                                           حِثاثاً إلى مكروههِ تَتَغَلْغَلُ

وإلفُ همومٍ مـا تزال تَعُودهُ
                                      عِياداً، كحمى الرَّبعِ، أوهي أثقلُ

إذا وردتْ أصدرتُها، ثُمَّ إنها
                                     تثوبُ، فتأتي مِن تُحَيْتُ ومن عَلُ


فإما تريني كابنة الرَّمْلِ، ضاحياً
                                             على رقةٍ، أحفى، ولا أتنعلُ

فأي لمولى الصبر، أجتابُ بَزَّه
                                    على مِثل قلب السَّمْع، والحزم أنعلُ

وأُعدمُ أحْياناً، وأُغنى، وإنما
                                            ينالُ الغِنى ذو البُعْدَةِ المتبَذِّلُ

فلا جَزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ
                                            ولا مَرِحٌ  تحت الغِنى أتخيلُ

ولا تزدهي الأجهال حِلمي، ولا أُرى
                                            سؤولاً بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ

وليلةِ نحسٍ، يصطلي القوس ربها
                                           وأقطعهُ   اللاتي   بها   يتنبلُ

دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ، وصـحبتي
                                          سُعارٌ، وإرزيزٌ، وَوَجْرٌ، وأفكُلُ

فأيَّمتُ نِسواناً، وأيتمتُ وِلْدَةً
                                          وعُدْتُ كما أبْدَأتُ، والليل أليَلُ

وأصبح، عني، بالغُميصاءِ، جالساً
                                          فريقان: مسؤولٌ، وآخرُ يسألُ

فقالوا: لقد هَـرَّتْ بِليلٍ كِلابُنا
                                      فقلنا: إذِئبٌ عسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ

فلمْ تَكُ إلا نبأةٌ، ثم هوَّمَتْ
                                          فقلنا قطاةٌ رِيعَ، أم ريعَ أجْدَلُ

فإن يَكُ من جنٍّ، لأبرحَ طَارقاً
                                    وإن يَكُ إنساً، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ

ويومٍ من الشِّعرى، يذوبُ لُعابهُ،
                                        أفاعيه، في رمضـائهِ، تتملْمَلُ

نَصَـبـْتُ له وجهي، ولاكنَّ دُونَهُ
                                          ولا ستر إلا الأتحميُّ المُرَعْبَلُ

وضافٍ، إذا هبتْ له الريحُ، طيَّرتْ
                                            لبائدَ عن أعـطافهِ ما ترجَّلُ

بعيدٍ بمسِّ الدِّهنِ والفَلْى عُهْدُهُ
                                     له عَبَسٌ، عافٍ من الغسْل مُحْوَلُ

وخَرقٍ كظهر الترسِ، قَفْرٍ قطعتهُ
                                            بِعَامِلتين، ظهرهُ ليس يعملُ

وألحقتُ أولاهُ بأخراه، مُوفياً
                                           على قُنَّةٍ، أُقعي مِراراً وأمثُلُ

تَرُودُ الأراوي الصحمُ حولي، كأنَّها
 ع                                         عَذارى عليهنَّ الملاءُ المُذَيَّلُ

ويركُدْنَ بالآصالٍ حولي، كأنني
                                    مِن العُصْمِ أدفى ينتحي الكيحَ أعقلُ


                ******************************



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق