السبت، 10 مارس 2012

الموجز في الشعر العربي -الجزء الاول القسم الثاني \ تاليف فالح نصيف الحجية

البا ب الثاني



الشعر في صدر الاسلام





الفصل الاول – الشعر في الاسلام
الفصل الثاني- اغراض الشعر
الفصل الثالث- اشهر الشعراء
الفصل الرابع- نماذج من شعر صدر الاسلام














































الفصل الاول

الشعر في صدر الاسلام


احدث الاسلام انقلابا فكريا واسعا وكبيرا وترك اثارا طيبة وعميقة في النفوس فقد رفعت راية الدين عاليا وانحطت مفاهيم الضلالة والجهالة والكفر والالحاد والترف والمجون وقد حدث هذا الانقلاب في كل امور الحياة فقلبها راسا على عقب ولا عجب في ذلك
واصيب الشعر العربي بشيء من هذا التغيير

------------------


موقف الاسلام من الشعراء



وقف الاسلام من الشعر والشعراء الموقف الحازم وقيد
الشعر بقيود الاسلام والدين الجديد بعد ان كان في الجاهلية طليقا ينشد الشاعر ما يريد وفي أي غرض يريد فقد حد الاسلام هذه الاغراض
فالزم الشعراء بالصدق وعدم المبالغة – وقد قيل سابقا اعذب الشعر اكذبه - وهذا الموقف اضعف الشعر حتى ادى الى ان يهجر بعض الشعراء الشعر وقد سبق ذكر لبيد الشاعرالجاهلي المعروف وتركه قول الشعر في الاسلام

وقف القران الكريم – دستور الاسلام - موقفا شديدا من الشعراء –( والشعراء يتبعهم الغاوون* ا لم تر انهم في كل واد يهيمون *وانهم يقولون مالا يفعلون*) سورة الشعراء الايات\ 224و22و22 فقد وصفهم بانهم يقولون وما لايفعلونه ويعملونه وانهم من تبعهم من الغواة وانه استثنى منهم من كرس حياته لرفعة الاسلام وسار على ركبه –
( الاالذين امنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا) الشعراء الاية \227 –
فالقران الكريم لم يحارب الشعر في ذات الشعر وانما حارب المنهج الذي التزمه بعض الشعراء من الانفعالات والاهواء غيرلا المنضبطة وفي القران الكريم تمييز بين نوعين من الشعراء الاول من استغل فنه او شعره فيما ينافي الدين الجديد وادابه وهم الذين حاربهم القران الكريم
والفريق الثاني من اتجه بشعره الى طريق الخير والصلاح ونصرة الدين فجاء مؤيدا لهم بكل ما يمكن منن قوة
والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم نبي الاسلام وصاحب الرسالة لا غرو ان يقف الموقف ذاته الذي وقفه القران الكريم من الشعراء الجاهليين الغاوين بل انه امر بقتل احدهم لانه هجا المسلمين وعاب عليهم دينهم الجديد الا انه ساعد شعراء الاسلام وشجعهم على قول الشعر ليرد بهم على اعداء الاسلام والمسلمين وهو القائل صلى الله عليه وسلم (ان من الشعر لحكمة )– وقد طلب صلى الله عليه وسلم من الشعراء ان يردوا علفى شعراء قريش وينصروه بالسنتهم كما نصره غيرهم باسلحتهم وهو القائل لحسان بن ثابت( لشعرك اجزل عند قريش من سبعين رجلا مقاتلا ) ويصف شعركعب بن مالك ( ولشعر كعب بن مالك اشد على قريش من رشق السهام )

دافع شعراء الاسلام الدفاع البطولي عن دينهم واخوتهم من المسلمين بعد ان نال منهم ومن اعراضهم شعراء الكفر والشرك في هجائهم للاسلام والمسلمين لذا فالشعراء العرب كانوا يمثلون اتجاهين الاول امن بالرسالة المحمدية ودافع عنها وهم الذين وصلت اشعارهم الينا والتي لا تزال بين ايدينا في اغلبها ومنهم ةحسان بن ثابت و عبد الله بن رواحة و كعب بن مالك ومن النساء الشاعرات ميمونة بنت عبد الله وتماضر بنت الشريد ( الخنساء) و صفية بنت ابي طالب .


والقسم الاخر هم الذين بقوا على الكفر والاشراك بالله تعالى ومنهم ابو سفيان بن الحارث وهبير ة بن ابي وهب وعبد الله بن الزبعرى ومن النساء الشاعرات قتيلة بنت الحارث وهند زوجة ابي سفيان ومن هذا الفريق ايضا شعراء اليهود حيث ازرو شعراء الشرك والكفر واعانوهم على المسلمين حيث انهم نكثوا العهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن الجوار ومنهم كعب بن الاشرف ومرحب اليهودي و الربيع بن ابي الحقيق وكذلك تبعهم شعراء القبائل العربية التي لم يصل اليها الاسلام في حينه ا و بقيت على الكفر مثل امية بن ابي الصلت وهم الذين لم يصل شعرهم الينا لتحرج الرواة في نقله وروايته الا القليل القليل منه لما فيه من هجاء مقذع للمسلمين والاسلام .

-------------------------------



الاساليب الشعر ية

اكتسى الشعر الاسلامي بطابع اسلامي محض واستقى من القران الكريم الالفاظ والمعاني النبيلة من صدق وحكمة وعدل فكان الشاعر الاسلامي يعيب على الشعراء الجاهليين ان هجاهم يعيب عليهم الكفر والفسوق والعصيان واعمال الشرك واعمال الشر التي حرمها الاسلام من شرب خمر وقمار ونصب وازلام وفواحش

ويمدح في المسلمين العمل الصالح و الايمان بالله تعالى وقيامهم بالعبادات والاخلاص لله تعالى بالعمل الصالح والكلم الطيب مشيدا بصفات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه والدعوة للجها د في سبيل الله و يفتخر بانتصارات المسلمين ويرثي موتاهم بان لهم الجنة

والملاحظ ان الشعر في هذا العصر قد ضعف لانبهار الشعراء في معاني القران الكريم واساليبه وتقييدهم بقيود خلقية واجتماعية اسلامية وكذلك لانشغال الناس بالدين الجديد وانصرافهم عن سماع الشعر الا ان هذا لايمنع من وجود شعراء قحول اقوياء في الاسلوب والبيان الشعري ومتانة القصيدة في شعرهم وقصائدهم بسبب بعدهم عن المدينة وقلة تاثرهم بالدين الجديد


---------------------------------


بناء القصيدة


ظل بناء القصيدة العربية في العصرالاسلامي كما كان عليه في العصر الجاهلي تستهل بالغزل وذكر الاحبة في اغلب الاحيان ثم تنحدر من غرض الى اخر حسب مشيئة الشاعر ورغبته ونفسيته وسياق القصيدة ومعنى هذ ا ان القصيدة الاسلامية شاملة لعدة اغراض كما كانت في الجاهلية وخاصة القصائد الطوال وقد حافظت على بنائها في هذا العصر من حيث التنسيق والترتيب والوزن والقافية الا ان بعض كلماتها تغيرت ودخلت اليها كلمات جديدة هي الجنة والنار والجزاء
في الاخرة والبعد عن ذكر الكلمات التي لا تتجاوب مع روح الدين الجديد

وقد تميز هذا العصر بعناية الشعراءبشعرهم وتنقيحه وتحسينه كما كان يفعل زهير بن ابي سلمى في الجاهلية حيث يعتني بشعره ويراجعه من حين لاخر.

------------------------











الفصل الثاني
اغراض الشعر في صدر الاسلام


الدين الجديد احدث تغييرا كبيرا في اغراض الشعر في العصر الاسلامي او في صدر الاسلام فقد ادى الى ضعف في اغراض معينة الى حد بعيد اوقل الى ادنى مستوى مثل وصف الخمرة ومجالسها والمبالغة في التشبيب ومجالس اللهو وكل ماحرمه الاسلام في حين بقيت اغراض اخرى على حالتها او زادت مثل المدح والفخر والهجاء والرثاء والوصف ولم يات الشعراء باغراض جديدة او مبتكرة في هذا العصر واهم هذه الاغراض :-

المدح :
_______


بعد ان كان المدح في العصر الجاهلي يتناول اشخاصا كثيرين ولاسباب عديدة ومختلفة اصبح المديح في العصر الا سلامي يكاد يكون مقتصرا في مدح شخص الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم و ربما الخلفاء الراشدين من بعده ولم يخرج الى المبالغة واذكر قول حسان بن ثابت في ذلك
اذ يقول \

نبي اتانا بعد يأس وفترة
من الرسل والاوثان في الارض تعبد

فامسى سراجا مستنيرا وهاديا
يلوح كما لاح الصقيل المهند
---------------------------------------


الهجا ء :
______

امتاز الهجاء في هذا العصر بشدته ويتميز بذم المشركين والسخرية منهم لعدم ايمانهم بالاسلام ا و عدم اتباعهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتعيابهم عليهم عبادة الاصنام والاوثان الا انه بالمقابل هناك شعراء نالوا من المسلمين واعابوا عليهم ترك ما كان يعبد اباءهم وكذلك منهم من تجرأ وهجى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه وهذا النوع من الشعر قليل وصوله لتحرج المسلمين من التابعين اوتابع التابعين من الر واة من روايته

من اشهر شعراء الهجاء في هذا العصر الشاعر الحطيئة الذي هجا كثيرا من الناس واهله ونفسه يقول في هجاء نفسه:

ابت شفتاي اليوم الا تكلما
يشر فما ادري لمن انا قائله

ارى لي وجها قبح الله خلقه
فقبح من وجه وقبح حامله

------------------------


الشجاعة والاقدام:
ممممممممممممممم

خاض المسلمون معارك دامية ضد الكفار والمشركين واظهروا بطولات وشجاعة منقطعة النظير انتصروا فيها عليهم وقد حث القران الكريم المسلمين على المشاركة في هذه الحروب في سبيل نصرة الاسلام - (ان الله اشترى من المؤمنين اموالهم وانفسهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) – سورة التوبة الاية \ 111 واعتبر المشاركة في هذه الحروب الجها د في سبيل الله الذي هو ركن من اركان الاسلام الستة وهي الصوم والصلاة والحج والزكاة وشهادة ان لا اله ا لاالله وان محمدا رسول الله والجها د في سبيل الله وقد اعانهم الله في هذه الحروب وفي بعض الروايات انزل ملائكة يقاتلون معهم –
( ا ذ تقول للمؤمنين الن يكفيكم ان يمدكم ربكم بثلاثة الاف من الملائكة منزلين * بلى ان تصبروا وتتقوا وياتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة الاف من الملائكة مسومين *) - سورة ال عمران الايات \ 134 و135
وقد افتخر الشعراء المسلمون بكل هذا واثبتوه في قصائده
يقول النابغة الجعدي في قصيدة يفخر بها:


انا لقوم ما تعود خيلنا
اذا ما التقينا ان نحيد وتنفرا

بلغنا السما مجدا وجودا وموئلا
وانا لنرجوا فوق ذلك مظهرا


---------------------------

الغزل:
--------
من الاغراض الشعرية المهمة في الشعر العربي هو الغزل والتشبيب بمن يحب الشاعر حيث يبدى لواعج قلبه وحبه و ما يكتمه من شوق وعشق ووله فيمن يحب
ان هذا الفن لحقه الانتكاس والجفوة في صدر الاسلام - الا ماندر - او ماذكر في مطالع قصائد الشعراء المسلمين مثل ذلك ماقاله الشاعر كعب بن زهير في قصيدته في مدح الرسول الكريم محمد صلوات الله عليه وسلامه و التي سميت بالبردة
يقول في مطلعها :

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم اثرها لو يفد مكبول



---------------------------


الرثاء :
مممممممم

الرثاء هنا أي في هذا العصر اقتصرعلى رثاء قتلى المسلمين واستشهادهم في سبيل الله والدعاء لهم با ن وعدهم ان يدخلهم الله تعالى الجنة و وفي الرثاء يعبر عن عاطفة الشاعر اتجاه المرثي بحرارة لاهبة ونفس ابية بعيدا عن الغلو أي بما جاء به خلق االاسلام وايات القران الكريم وسنة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم

ومن اشهر شعراء هذا العصر الخنساء في رثاء اولادها الاربعة الذين استشهدوا في حروب القادسية بينما كانت تبكي اخويها معاوية وصخر في الجاهلية والشاعر ابو ذؤيب الهذلي في رثاء اولاده
الخمسة يقول :

فالعين بعدهم كاءن جفونها
سملت بشوك فهي عور تدمع

-------------------------------



الوصف :
وقد وصف شعراء الاسلام كل ماشاهدوه وخاصة وصف المعارك والحروب بينهم وبين المشركين والكفار من الفرس والروم ووصف انهزاميتهم وخذلانهم
والنصر المؤزر الذي حققه المسلمون عليهم من ذلك قول كعب بن مالك في وصف معركة بدر الكبرى: –

قضى يوم ببدر ان تلاقى معشرا
بغوا وسبيل البغي بالناس جائر

وهناك فنون اخرى في صدر الاسلام اقل اهمية من التي ذكرناها انشد فيها الشعراء اوجاءت عفوية في قصائدهم تجاوزناه خوف الاطالة مع الاعتذار في هذا الموجز





--------------------------------------------------















الفصل الثالث

شعراء صدر الاسلام


يمتاز شعراء هذا العصر بانهم مخضرمون عاصروا عصرين اواكثر فمنهم من عاش في الجاهلية وشعر بها وعايش صدر الاسلام والعصرالاموي و في كل له شعر وقصيد
ومن اهم شعراء هذا العصر مايلي -


حسان بن ثابت



حسان بن ثابت من بني النجار اخوال النبي محمد صلى الله عليه وسلم من قبيلة الخزرج
ولد سنة ستين قبل الهجرة نشا في بيت عز وشرف وغنى اسهم في الخصومات بين الاوس والخزرج فهجا الاوس ونال منهم
مدح حسان في الجاهلية الغساسنة وملوكهم قبل الاسلام وكذلك المناذرة وغيرهم الا انه بعد مجيء الاسلام واعلان اسلامه اختص في مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومدح المسلمين وفخر بهم
توفي سنة 54 هجرية في خلافة معاوية بن ابي سفيان عن عمر يناهز المائة وخمس سنوات

يمتازشعره بقوته ومتانته وبلاغته بحيث كان سوطا لاذعا في ظهور اهل الشرك والكافرين بعد اسلامه اتخذه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم شاعره المفضل وحثه على قول الشعر ومناجزة شعراء الشرك والجاهلية ومدح المسلمين وهجاء قريش والرد على كل شاعر يهجوالمسلمين من شراء الشرك .

يقول النقاد والمختصون في الشعر ان شعره في الجاهلية اقوى واحسن وافضل من الشعر الذي قاله في الاسلام ويرجعون او يعولون ذلك لانبهاره في اساليب القران الكريم ومعانيه وتقييده شعره بقيود اخلاقية اسلامية منها الكذب المبالغ فيه حد الاسراف كما انه اسلم بعد ان بلغ الستين من عمره وتكون قد انطفاءت ثورة عاطفته
اما انا فلي قول اخر في ذلك هو ان الشاعر حسان قال الشعر في الجاهليــــة والإسلام و في هذا المقال الموجز سنبين رأينا في شعره في كلا العصرين

يقول اغلب النقاد إن شعر حسان الجاهلـــــي أقوى من شعره الإسلامي في كل قصائده وهذا حكم في رأي الخاص قاس وصارم فقد طرق حسان أكثر الإغــــــــــراض الشعرية فقد شبب ومدح وهجا ورثا ووصف وافتخر وفخر وحكم مثله مثل كل الشعراء الجاهليين يقول حسان في قصيدة له نظمها في الجاهلية :

أسألت رسم الدار ام لم تسألـــــــــــي
بين الجوابي والبضيع فحومـل

لله در عصابة عصابـــــــــــــــــــــــة
يوما بجلق في الزمــــــان الأول

يمشون في الحلل المضاعف نسجها
مشي الجمال الى الجمال البزل

بيض الوجوه كريمة أحسابهـــــــــــم
شم الانوف من الطـــراز الأول

لقد شربت الخمر في حانوتهــــــــــــا
صهباء صافية كطعم الفلفـــل

نسبي اصيل في الكرام ومــــــــــذودي
تكوى مواسمه جنوب المصطلي

بدأ قصيدته في الغزل وتساءل عن ديار الأحبة وتنقل بين البضيع والجوابي وحومل وانتقل إلى مدح الغساسنة حكام الشام فـــي (جلق ) ثم عرج على الخمرة واحتسائها ثم افتخر بنسبه الأصيل وإذا أمعنا النظر في هذه القصيدة او في غيرها من شعره الجاهلي نلاحظ متانة الشعر وبلاغته وقوة الفاظه وصعوبتها في كثير من الأحيان وكذلك الشعراء كانوا يفعلــــون إذ يخرجون في القصيدة الواحدة إلى إغراض شتى إذ تبدأ بالغزل والبكاء على الإطلال أو وصف الخمرة وينحدر مــــن فن لاخر وهذا بلاشك يفتح أمام الشاعر أجواء شعرية واسعة فتاتي قصيدته قوية متينة لذا كان الشعر الجاهلي بليغا وقويا

اما شعر حسان في الاسلام فيتميز بطبقة شعرية عالية رفيعة جمعت بين بيان الجاهلية ومعارفها وحداثــــــــة الاسلام وروحانيته الواسعة وافر البيان جزل اللفظ واسع البلاغة يعود ذلك الى صلته الشديدة والقريبة من موقـــــــع مهبط الوحي وقربه من معين الأدب الإسلامي حيث كان يستمع إلى القرآن الكريم ويحفظه فشعره قد تحلــــــــــــــى بالفصاحة الخالصة من شوائب اللفظ وغريب العبارة والتعقيد فشعره حسن مفهوم خال من حوشي الكلام زاخـــــــــــر بالمعاني الاسلامية الجديدة والاغراض السامية النبيلة ينهل من بحر المدرسة المحمدية التي التزم بها و أصبــــــــــــح لايفارقها

من جهة اخرى انه كان شاعرا في الجاهلية شاعرا في الإسلام فازداد قوة شعرية ورفعة ومتانة فعمــــــــــره الطويل وعراكه مع الزمن وتجربته الشعرية وحاجة الإسلام إليه في الذود عنه وعن شخصية الرسول الكريم محمـــــــد صلى الله عليه وسلم قادته إلى السمو والعلى

قال ابن سلا م في طبقاته للشعراء متحدثا عن شعراء الإسلام وأشهرهم حسان بن ثابت وهو كثير الشعر جيده من هذا نستنتج إن شعر حسان في الإسلام يضاهي شعره فــــــــي الجاهلية أو يزيد عليه لنقرأ له هذه الأبيات الإسلامية :

الله ا كرمنا بنصر نبيــــــــــــــه
وبنا أقام دعائم الإســـــــــــلام

وبنا اعز نبيه وكتابــــــــــــــه
وأعزنا بالضرب و الإقـــــد ام

في كل معترك تطل سيوفنـــــا
فيه الجماجم عن فراخ الها م

ينتابنا جبريل في أبياتــــــــنا
بفرائض الإسلام والإحكــــام

يتلو علينا النور فيها محكمـا
قسما لعمرك ليس كالأقســام

نلاحظ جودة شعره وتأثير الإسلام فيه واقتباسه في شعره من آيات القرآن الكريم فما اقتبسه من القران الكريم واحاديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم زادت في شاعريته وروت شعره من معينها قوة وبلاغة وسهولة وفصاحة حتى بلغ الذروة رحم الله حسان فهـــو سيد الشعراء المخضرمين وأسعدهم
ومن جميل شعره هذه الابيات:

توحْ منَ الحسناء أمْ أنتَ مغتدي،
وكيفّ انطلاقُ عاشقٍ لمْ يزودِ

تَرَاءتْ لَنا يَوْمَ الرَّحيلِ بمُقْلَتيْ
غَرِيرٍ بمُلْتَفٍّ مِن السِّدْرِ مُفْرَدِ

وجيدٍ كجيدِ الرثمِ صافٍ، يزينهُ
توقدُ ياقوتٍ، وفصلُ زبرجدِ

كأنَّ الثُّرَيّا فَوْقَ ثُغْرَة ِ نَحْرِها
توقدُ، في الظلماءِ، أيَّ توقدِ

لعَمْري لَقدْ حالَفْتُ ذُبْيانَ كُلَّها
وعبساً على ما في الأديمِ الممددِ

وأقبلتُ منْ أرضِ الحجازِ بحلبة
ٍ تَغُمُّ الفَضاءَ كالقَطا المُتَبَدِّدِ

تحملتُ ما كانتْ مزينة ُ تشتكي
منَ الظلمِ في الأحلافِ حملَ التغمدِ

أرَى كثْرَة َ المَعْرُوفِ يورِثُ أهْلَهُ
وسَوَّدَ عَصْرُ السَّوْءِ غَيْرَ المُسَوَّدِ

إذا المرءُ لمْ يفضلْ، ولم يلقَ نجدة
ً معَ القَومِ فَلْيَقْعُدْ بِصُغْرٍ ويَبعَدِ

وإنّي لأغْنى النّاسِ عَنْ مُتكلِّفٍ
يَرَى النّاسَ ضُلاَّلاً وليس بمُهْتدي

كَثِيرِ المُنى بالزَّاد، لا خَيْرَ عِندَهُ
إذا جاعَ يوماً يَشْتَكِيهِ ضُحى الغدِ


--------------------------------
















الحطيئة



ولد الحطيئة الشاعر في العصر الجاهلي ونشا فيه وقال الشعر فيه وتتناقض الروايات في اصله فليس له اصل صريح الا انه مشهور بقبح الصورة وقصر القامة
اشتهر الحطيئة في الهجاء ويقول بعض المؤرخين من انه كان ناقما على الناس لوضاعة اصله لذا نراه اشتهر بالهجاء فهجى امه واباه واقاربه ومن الناس كثير وحتى هجا نفسه وكذلك اشتهر بالدح والغزل

توفي سنة تسع وخمسين للهجرة ويتميز شعره بلهجة بدوية ولم يتاثر في الاسلام الا قليلا لبعده عن مركز الخلافة الاسلامية وقلة دراسته واهتمامه وتفهمه للاسلام
ومن شعره: –


نَأَتْكَ أُمَامَة ُ إلاَّ سُؤَالاَ
و أَبْصَرْتَ مِنْهَا بغَيْبٍ خَيالا

خيالاً يروعك عند المنامِ
و يَأْبَى مَعَ الصُّبْحِ إلا زَوَالا

كِنَانِيَّة ٌ دَارُها غَرْبَة ٌ تُجِدُّ
وِصَالاً وتُبْلي وِصَالا

كعاطية ٍ من ظباءِ السَّليل
حُسَّانَة ِ الجيدِ تُزْجِي غَزَالا

تَعَاطَى العِضَاهَ إذا طَالَها
و تَقْرُو مِنَ النَّبْتِ أَرْطًى وضَالا

تَصَيَّفُ ذَرْوَة َ مَكْنُونَة
ٍ و تبدو مصاف الخريف الحبالا

مُجَاوِرَة ً مُسْتَحِيرَ السَّرا
أفرغت الغرُّ فيه السَّجالا

كأنّ بحافتهِ للطّراف
رجا ل لحميرَ لاقت رجالا

فهل تبلغنيكها عرمسٌ
صَمُوتُ السُّرَى لا تَشكّى الكَلالا

مفرّجة الضّبع موّارة
ٌ تَجُذُّ الإكامَ وتَنْفِي النِّقَالا

إذا ما النَّوَاعِجُ وَاكبْنَها جَشَمْنَ
من السَّير رَبْواً عُضَالا

و إن غضبت خلت بالمشفرين
سَبَائخَ قُطْنٍ وَ زِيراً نُسالا

و يَحْدُو يَدَيْها زَجُولاَ الحَصَى
أَمَرَّهُمَا العَصْبُ ثمَّ اسْتَمَالا

و تُحْصِفُ بَعْدَ اضْطِرابِ النُّسُوعِ
كما أَحْصَفَ العِلْجُ يَحْدُو الحِيَالا

تُطِيرُ الحَصَى بعُرَى المَنْسِمَيْنِ
إذا الحاقفات ألفن الظّلالا

و تَرْمِي الغُيُوبَ بِمَاوِيَّتَيْنِ
أُحْدِثَتا بَعْدَ صَقْلٍ صِقَالا

و لَيْلٍ تَخَطَّيْتُ أهْوَالَهُ
إلى عمرٍ ارتجيه ثمالا

طويتُ مهالك مخشية ً
إليك لتكذب عني المقالا

بِمِثْلِ الحَنِيِّ بَراها الكَلاَ
لُ يَنْزِعْنَ آلاً ويَرْكُضْنَ آلاَ

إلى مالكٍ عادلٍ حكمهُ
فلمّا وضعنا لديه الرِّحالا
ً
صرى قول من كان ذا مئرة
ٍ و مَنْ كان يَأْمَلُ فِيَّ الضَّلالا

و خصمٍ تمنّى المنى
لأنْ جاشَ بَحْر ُ قُرَيْع فَسَالا

أمينُ الخليفة بعد الرّسول
و أوفى قريشٍ جميعاً حبالا

و أطولهمْ في النّدى بسطة
ً و أفضلهم حين عدُُّوا فعالاً

أَتَتْنِي لِسَانٌ فَكذَّبْتُها
و ما كنتُ أحذرها أن تقالا

بأن الوشاة بلا جرمة ٍ
أتوك فراموا لديك المحالا

فَجِئْتُكَ مُعْتَذِراً رَاجِياً
لِعَفْوِكَ أَرْهَبُ مِنْكَ النَّكالا

فلا تسمعنْ بي مقال العدا
و لا تُوكِلَنِّي هُدِيتَ الرِجَالا

فإنّك خيرٌ من الزّبرقان
أشَدُّ نَكَالاً وخَيْرٌ نَوالا









---------------------------------------------



















كعب بن مالك


كعب بن مالك من قبيلة الخزرج ولد في الجاهلية ونشا فيها مسقط راسه يثرب او المدينةالمنورة او هكذا سميت بعد الهجرة اذ تنورت برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بعد هجرته اليها وفيها نشا وترعرع .
اسلم مع قومه وحسن اسلامه واستماله الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه اليه وقربه منه وجعله من شعرائه المقربين فافتخر بالاسلام وبالحبيب المصطفى وبالمسلمين ومعاركهم وانتصاراتهم واكثر في مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ورثى قتلى المسلمين وشهدائهم وهجا اهل الشرك والرد على شعرائهم وكان حافظا للحديث الشريف حتى عد من رواته .
قال في هجاء المشركين من قريش :

فامسوا وقود النار في مستقرها
وكل كفور في جهنم صا ئر

وكان رسول الله قد قال اقبلوا
فولوا وقالوا انما انت ساحر


من جيد شعره في رثاء الحمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم هذه ا لابيات :-

طرقت همومك فالرقاد مسهد
وجزعت أن سلخ الشباب الأغيد

ودعت فؤادك للهوى ضمرية

فهواك غوري وصحوك منجد

فدع التمادي في الغواية سادرا
قد كنت في طلب الغواية تفند

ولقد أتى لك أن تناهى طائعا
أو تستفيق إذا نهاك المرشد

ولقد هددت لفقد حمزة هدة
ظلت بنات الجوف منها ترعد

ولو أنه فجعت حراء بمثله
لرأيت رأسي صخرها يتبدد

قرم تمكن في ذؤابة هاشم
حيث النبوة والندى والسودد

والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت
ريح يكاد الماء منها يجمد

والتارك القرن الكمي مجدلا
يوم الكريهة والقنا يتقصد

وتراه يرفل في الحديد كأنه
ذو لبدة شثن البراثن أربد

عم النبي محمد وصفيه
ورد الحمام فطاب ذاك المورد

وأتى المنية معلما في أسرة

نصروا النبي ومنهم المستشهد

ولقد إخال بذاك هندا بشرت
لتميت داخل غصة لا تبرد

مما صبحنا بالعقنقل قومها
يوما تغيب فيه عنها الأسعد

وببئر بدر إذ يرد وجوههم
جبريل تحت لوائنا ومحمد

حتى رأيت لدى النبي سراتهم

قسمين يقتل من نشاء ويطرد

فأقام بالعطن المعطن منهم
سبعون عتبة منهم والأسود

وابن المغيرة قد ضربنا ضربة
فوق الوريد لها رشاش مزيد

وأمية الجمحي قوم ميله
عضب بأيدي المؤمنين مهند

فأتاك فل المشركين كأنهم
والخيل تثفنهم نعام شرد

شتان من هو في جهنم ثاويا
أبدا ومن هو في الجنان مخلد



----------------------------




الشاعر ابو ذؤيب الهذلي


ولد ابو ذؤيب الهذلي في الجاهلية ونشا وشب فيها وقال الشعر فيها وقد ادرك الاسلام واسلم .
جاهد ابو ذؤيب الهذلي مع المسلمين وكان شجاعا فارسا سافر الى شمالي افريقيا مع عبد الله بن ابي سرح القائد العربي مجاهدا ولما وصلو ا الى مصر فتك الطاعون – وكان منتشرا فيها – باولاده الخمسة فاماتهم
عايش ابو ذؤيب الهذلي ثلاثة عصور الجاهلي والاسلامي والاموي وقد توفي في العصر الاخير
اشتد حزنه على اولاده فاثر ذلك في نفسيته وقوته فرثاهم كثيرا ومما قال فيهم :

أمن المنون وريبهـا تتوجـع
والدهر ليس بمعتبٍ من يجزعُ

قالت أمامة ما لجسمك شاحبـا
منذ ابتذلت و مثل مالك ينفـعُ

أم ما لجنبك لا يلائم مضجعـاً
إلا أقض عليك ذاك المضجـعُ

فأجبتها أن ما لجسمـي أنـه
أودى بني من البلاد فودعـوا

أودى بني فأعقبونـي حسـرةً
بعد الرقـاد وعبـرة لا تقلـعُ

ولقد أرى إن البكـاء سفاهـةً
و لسوف يولع بالبكاء من يفجعُ

وليأتيـن عليـك يـوم مـرةً
يبكى عليك معنفـاً لا تسمـعُ

سبقوا هواي وأعنقوا لهواهـمُ
فتحزموا ولكل جنبٍ مصـرعُ

فغبرت بعدهم بعيـشٍ ناصـبٍ
و أخال إني لاحـق مستتبـعُ

ولقد حرصت بأن أدافع عنهـم
فإذا المنيـة أقبلـت لا تدفـع

وإذا المنية أنشبـت أظفارهـا
ألفيـت كـل تميمـةٍ لا تنفـع

فالعين بعدهـم كـأن حداقهـا
سملت بشوك فهي عور تدمع

و تجلـدي للشامتيـن أريهـمُ
إني لريب الدهر لا أتضعضع

حتى كأني للحـوداث مـروةٌ
بصفا المشرق كل يوم تقـرع

والنفـس راغبـة إذا رغبتهـا
وإذا تـرد إلـى قليـل تقنـعُ


**************************************************




الخنساء

هي الشاعرة المخضرمة تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد من بني اسلم قيل انها ولدت سنة\ 575 ميلادية
نشأت نشاة عز وترف وجاه في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر وقد أثبتت قوة رايها و شخصيتها حيث رفضت الاقترا ن بدريد بن الصمة الفارس العربي المشهور اذ آثرت الزواج من أحد ابناء عمومتها وفضلته على دريد فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم معه طويلا لانه كان مقامرا وقد قيل انه قامر بماله فانفصلت عنه بعد ان أنجبت منه ولدا ، ثم تزوجت من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي وأنجبت منه أربعة أولاد وهم كل من يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة.
الخنساء تعد من الشعراء المخضرمين اذ عاشت عصري الجاهلية و الإسلام وانشدت في كل منها وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها.
قيل توفيت سنة\ 664 ميلادية:

تعـد الخنساء من الشعراء المخضرمين وقد تفجر شعرها ينبوعا من شعرالرثاء بعد مقتل أخويها صخر ومعاوية ، وخاصة أخوها بعد مقتل اخيها صخر فقد رثته رثاء حزينا وبالغت فيه حتى عدت أعظم شعراء الرثاء. ويغلب على شعر ها البكاء والتفجع والمدح فكام شعرها ثير عاطفة صادقة نابعة من أحاسيسها الصادقة فقد قتل معاوية على يد هاشم ودريد ابنا حرملة يوم حوزة الأول سنة\ 612 م ،فحرضت الخنساء أخاها صخر ان ياخذ بثأر أخيه فقام صخر بقتل دريد قاتل أخيه. ولكن صخر أصيب بطعنة دام إثرها حولا كاملا، وكان ذلك في يوم كلاب سنة\ 615 م. فبكت الخنساء على أخيها صخر بكاءا مرا لم تبكه على امراة على اخيها مثلها حتى قيل انها اصيبت بالعمى .
وفي الإسلام وبعد اسلامها ابتليت بمقتل اولادها اربعة في معركة القادسية الشهيرة فقد حرضت الخنساء أبناءها الأربعة على الجهاد وقد رافقتهم مع الجيش زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وقد اوصتهم قبل دخول المعركة في هذه الوصية :( يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فأعدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة…). وقلما توصي ام ابناءها بهذا الا ان هذا يدلل على ايمانها المطلق والثابت في الاسلام. ورسوخ الايمان في قلبها ونفسها.
فقد أصغى أبناؤها إليها ، فذهبوا إلى القتال واستشهدوا جميعا، في معركة القادسية بين المسلمين والفرس وغلب المسلمون فيها الفرس ولم تقم لهم قائمة بعدها الى الان . وعندما ابلغت الخنساء باستشهاد أبنائها قيل انها رفعت راسها الى السماء قائلة قولتها التي تخلدت ابدا الدهر(الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته) :

الخنساء شاعرة و موقعها عند اساطين الشعر كبير وقد قيل أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.

وقيل ان النابغة الذبياني قال : (( الخنساء أشعر الجن والإنس) بعد ان انشدته قصيدتها ::

قذى بعينيك أم بالعين عوار
ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
ومنها هذا البيت :
وان صخرا لتأتم الهداة به
كانه علم في راسه نار

وكان للنابغة الذبياني في سوق عكاظ خيمة تضرب فياتي الشعراء ينشدون قصائدهم ويحتكمون اليه وقيل انه قال لها( : لولا أن الأعشى(أبا البصير) أنشدني قبلك لقلت أنك أشعر من بالسوق ).)
وقيل ان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان يعجبه شعرها فكانت تنشد شعرا وهو يقول لها مومئا بيده الشريفة ( هيه ياخناس) وقيل ان عدي بن حاتم الطائي جاء الى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقال ( ان فينا اشعرالناس وافرس الناس واسخى الناس ) فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم سمهم ياعدي :
فقال اما اشعرالناس فامرؤ القيس بن حجرالكندي واسخى الناس فهو حاتم بن عدي الطائي ( يعني به اباه) واما افرس الناس فهو عمروا بن معد يكرب الزبيدي – فقال له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اما اشعر الناس فالخنساء بنت عمرو واما افرس الناس فعلي بن ابي طالب واما اسخى الناس فمحمد ( يعني نفسه ) صلى الله عليه وسلم
وسئل جرير عن أشعر الناس فـأجابهم: أنا، لولا الخنساء ، قيل فيم تفضل شعرها عنك، قال بقولها :
ان الزمان ومـا يفنى له عجـب
أبقى لنا ذنبا واستؤصل الــرأس

إن الجديدين في طول اختلافهما
لا يفسدان ولكن يفســد النــا س

تعكس أبيات الخنساء عن حزنها الأليم على أخويها وبالأخص على أخيها صخر، فقد ذكرته في أكثر أشعارها. وقد اقتطفت بعض من أشعارها التي تتعلق بالدموع والحزن، فهي في هذه القصائد تجبر عينيها على البكاء وعلى ذر ف الدموع لأخيها صخر تقول : :

ألا يا عين فانهمري بغدر
وفيضـي فيضـة مـن غـير نــــزر

ولا تعدي عزاء بعد صخـر
فقد غلب العزاء وعيل صبري

لمرزئة كأن الجوف منهـا
بعيد النـوم يشعــر حـــر جمــر
.
. كان بشار بم برد يقول:( لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف، فقيل له: وهل الخنساء كذلك، فقال تلك التي غلبت الرجال.)
وفي معركة بدر قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فكانت هند بنت عتبة( اكلة الكبود) ترثيهم، وتقول بأنها أعظم العرب مصيبة. وأمرت بأن تقارن مصيبتها بمصيبة الخنساء في سوق عكاظ ، ولما تقابلتا في عكاظ سألتها الخنساء من انت اجابتها :
أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمينهم ؟ فقالت الخنساء: بأبي عمرو الشريد ، وأخوي صخر ومعاوية . فبم أنت تعاظمينهم؟ قالت الخنساء: أوهم سواء عندك ؟ فأنشدت هند بنت عتبة تقول::

أبكي عميد الأبطحين كليهما
ومانعها من كل باغ يريدها

أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي
وشيبة والحامي الذمار وليدها

أولئك آل المجد من آل غالب
وفي العز منها حين ينمي عديدها

فقالت الخنساء:

أبكي أبي عمراً بعين غزيـرة
قليل إذا نام الخلـي هجودها

وصنوي لا أنسى معاوية الذي له
من سراة الحرتيـن وفودها
أبكي عميد الأبطحين كليهما
ومانعها من كل باغ يريدها

أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي
وشيبة والحامي الذمار وليدها

أولئك آل المجد من آل غالب
وفي العز منها حين ينمي عديدها
فقالت الخنساء: :

أبكي أبي عمراً بعين غزيـرة
قليل إذا نام الخلـي هجودها

وصنوي لا أنسى معاوية الذي
له من سراة الحرتيـن وفودها
ومن قصيدها في رثاء اخويها معاوية وصخرا هذه الابيات تقول:
يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ
كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ

انّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ
ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ

نِعْمَ الفتى كانَ للأضْيافِ إذْ نَزَلوا
وسائِلٍ حَلّ بَعدَ النّوْمِ مَحْرُوبِ

كمْ منْ منادٍ دعا وَ الَّليلُ مكتنعٌ
نفَّستَ عنهُ حبالَ الموتِ مكروبِ

وَ منْ اسيرٍ بلاَ شكرٍ جزاكَ بهِ
بِساعِدَيْهِ كُلُومٌ غَيرُ تَجليبِ

فَكَكْتَهُ، ومَقالٍ قُلْتَهُ حَسَنٍ
بعدَ المَقالَة ِ لمْ يُؤبَنْ بتَكْذيبِ



********************************





عبد الله بن رواحة



هو الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الانصاري بن امرئ القيس بن عمرو بن امرىء القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الشاعر المشهور. يكنى بابي محمد، ويقال كنيته أبو رواحة، ويقال أبو عمرو. و اما أمه فهي كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة الخزرجي
شهد الاسلام فاسلم وحسن اسلامه صحابي جليل كان يكتب الشعر ويقوله في الجاهلية فهو من الشعراء العرب
المخضرمين
شهد العقبة نقيباً عن أهله و آخى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بينه وبين القائد المقداد بن عمرو
شارك في معركة بدر وكان أول من خرج للمبارزه مع اثنين من الأنصار للقتال الا ان عتبة بن ربيعة ابى إلا أن يكون النزال مع قريش فخرج حمزه ورفاقه- علي وعبيده بن الحارث،
أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهائها إلى المدينة المنورة ليبشر المسلمين بالنصر، وشهد ما بعدها من المعارك إلى أن استشهد في معركة مؤتة .
قيل انه كان كثير التعبد لله فكان إذا لقي احدا من الرجال من أصحابه يقول له: تعال نؤمن ساعة.

أثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليه فقال فيه : (رحم الله عبد الله بن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة). وقال فيه أيضا: (نعم الرجل عبد الله بن رواحة). وروي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعه يقول: اجلسوا. وكان خارج المسجد ولم يصل بعد فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته، فقال له:( زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله.) وكان أول رجل خرج إلى الغزو وآخر رجع منه.

كان أحد الشعراء الثلاثة الذين تصدوا للمشركين ودافعوا عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام والمسلمين. ومن شعره في النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
انت النبي ومن يحرم شفاعته
يوم الحساب فقد ازرى به القدر
فثبت الله ما اتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا

فقال له النبي : (وأنت فثبتك الله يا بن رواحة)
ومن افضل ما مدح به النبي قوله

لولم تكن فيه ايات مبينة
كانت بديهته تنبيك بالخبر

قال ابن سيرين كان شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة، وحسان ابن ثابت، وكعب بن مالك. وقال ايضا : كان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر، وينسبهم إليه، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد عليهم.وقيل ان النبي- صلى الله عليه وسلم – كان يتمثل بشعره؛ فعن عائشة رضي الله عنها ( كان يتمثل النبي- صلى الله عليه وسلم -بشعر عبد الله بن رواحة) وربما قال: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.

وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثين راكباً إلى أسير بن رفرام اليهودي بخيبر فقتله، وبعث بعد فتح خيبر فخرص عليهم. ومن فضائله ما جاء في حديث أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال:( نعم الرجل عبد الله بن رواحة ).

وقيل عنه في الزهد لعبد الله بن المبارك بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة فسألها عن صنيعه فقالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين وإذا دخل بيته صلى ركعتين لا يدع ذلك، قالوا: وكان عبد الله أول خارج إلى الغزو، وآخر قافل. وذكر ابن سعد بسنده عن هشام عن أبيه قال: لما نزلت :{وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} سورة الشعراء الاية\224. قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم، فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} سورة الشعراء. الآية\ 227
وعن مدرك بن عمارة قال: قال عبد الله بن رواحة: مررت في مسجد الرسول، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، وعنده أناس من الصحابة في ناحية منه فلما رأوني قالوا: يا عبد الله بن رواحة، فجئت، فقال: اجلس هاهنا، فجلست بين يديه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : كيف تقول الشعر؟ قلت: أنظر في ذلك ثم أقول، قال: (فعليك بالمشركين ). ولم أكن هيأت شيئاً، فنظرت ثم أنشدته، فذكر الأبيات فيها:

قال: فأقبل بوجهه متبسماً، وقال: ( وإياك فثبتك الله ) . وأخرج أبو يعلى بسند حسن عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة في عمرة القضاء، وابن رواحة بين يديه، وهو يقول:


خلوا بني الكفار عن سبيـله اليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عـن خليـله

فقال عمر : يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -تقول هذا الشعر؟ فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ( خل عنه يا عمر، فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل) .
وهو أحد شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال ابن سيرين كان شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة، وحسان ابن ثابت، وكعب بن مالك.
وقال ايضا: كان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر، وينسبهم إليه، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد عليهم. بل لقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم -يتمثل بشعره؛ فعن عائشة كان يتمثل النبي- صلى الله عليه وسلم -بشعر عبد الله بن رواحة، وربما قال: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.

عبد الله بن رواح كان أحد أمراء الجهاد في مؤتة،
ففي سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله عليه وسلم جيشاً لمواجهة الروم وكان امراء هذه المعركة كما امرالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ( زيد ثم جعفر الطيار ثم عبالله بن رواحة فإن استشهدوا فليرتضي المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم. ولما أرادوا الخروج بكى عبد الله، فقالوا: ما يبكيك يا بن رواحة؟
فقال: (أما والله مابي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً) سورة مريم الاية\ 71 فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟» فقال المسلمون: (صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم) فأجابهم عبد الله مبيناً تطلعه إلى الشهادة:

لكنني اسال الرحمن مغفرة
به ذات فرع يقذف الزبدا
اوطعنة بيدي حران مجهزة
بحربة تنفذ الاحشاء والكبدا
حتى يقولوا اذا مروا على جدثي
ارشده الله من غاز وقد رشدا

ثم ساروا حتى اذا بلغوا بادية الشام علموا بأن جيش الروم مئتا ألف بينما جيش المسلمين ثلاثة آلاف. فأرادوا أن يتوقفوا ويرسلوا الخبر إلى رسول الله ليعلموه فوقف عبد الله بن رواحة مشجعا وحاثا على الجهاد. وسمعه زيد بن أرقم ذات ليلة يقول:

اذا ادنيتني وحملت رحلي
مسيرة اربع بعد الحساء

فشانك فانعمي وخلاك ذم
ولا ارجع الى اهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني
بارض الشام مشهور الثواء

فبكى زيد، فضربه عبد الله بن رواحة بالدرة قائلا: (ماعليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع أنت) ولما حمي وطيس القتال واستشهد زيد وجعفربن ابي طالب ( الطيار ) فحمل الراية عبد الله بن رواحة وهو يقول مرتجزا :

يانفس الا تقتلي تموتي
هذا حياض الموت قد صليت
وما تمنيت فقد لقيت
ان تفعلي فعلهما هديت
وان تاخرت فقد شقيت

.فلما قتلا قيل كره ابن رواحة الإقدام والقيادة فقال:



أقسمت يا نفس لتنزلنه طائعة أو لا لتكـرهنــه
فطالمأ قد كنت مطمئنة ما لي أراك تكرهين الجنة

بقي مقاتلا حتى قتل

استشهد عبد الله ابن رواحة يوم مؤتة.



****************************************


وهناك شعراء اخرون في هذا العصر من اشهرهم النابغة الجعدي ومعد بن يكرب و القعقاع بن عمرو وعمرو بن شاس وكعب بن زهير بن ابي سلمى وغيرهم كثيرون ممن اجادوا الشعر وانشدوه






الفصل الرابع

نماذج من شعر صدر الاسلام



وفي نهاية البحث في هذا العصر اقدم نماذج من الشعر لشعراء فيه
يقول الشاعر حسان بن ثابت في مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :

اغر عليه للنبوة خاتم
من الله مشهود يلوح ويشهد

ضم الاله اسم النبي لاسمه
اذ قال المؤذن في الخمس اشهد

وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد

نبي اتانا بعد ياءس وفترة
من الرسل والاوثان في الارض تعبد

فامسى سراجا مستنيرا وهاديا
يلوح كما لاح الصقيل المهند

وانذرنا رادا وبشر جنة
وعلمنا الاسلام فالله نحمد

ويقول الشاعر كعب بن زهير في قصيدته البردة وسميت بالبردة لان الرسول الكريم خلع عليه بردته وهو ينشد مادحا اياه
وهذه هي :-

بـانَتْ سُـعادُ فَـقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
مُـتَـيَّمٌ إثْـرَها لـم يُـفَدْ مَـكْبولُ

وَمَـا سُـعَادُ غَـداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا
اّلا أَغَـنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ

هَـيْـفاءُ مُـقْبِلَةً عَـجْزاءُ مُـدْبِرَةً

لا يُـشْتَكى قِـصَرٌ مِـنها ولا طُولُ

تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ

كـأنَّـهُ مُـنْـهَلٌ بـالرَّاحِ مَـعْلُولُ

شُـجَّتْ بِـذي شَـبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ

صـافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْوَ مَشْمولُ

تَـنْفِي الـرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ

مِـنْ صَـوْبِ سـارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ

أكْـرِمْ بِـها خُـلَّةً لـوْ أنَّها صَدَقَتْ

مَـوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَِّ النُّصْحَ مَقْبولُ

لـكِنَّها خُـلَّةٌ قَـدْ سِـيطَ مِنْ دَمِها

فَـجْـعٌ ووَلَـعٌ وإِخْـلافٌ وتَـبْديلُ

فـما تَـدومُ عَـلَى حـالٍ تكونُ بِها

كَـما تَـلَوَّنُ فـي أثْـوابِها الـغُولُ

ولا تَـمَسَّكُ بـالعَهْدِ الـذي زَعَمْتْ

إلاَّ كَـما يُـمْسِكُ الـماءَ الـغَرابِيلُ

فـلا يَـغُرَّنْكَ مـا مَنَّتْ وما وَعَدَتْ

إنَّ الأمـانِـيَّ والأحْـلامَ تَـضْليلُ

كـانَتْ مَـواعيدُ عُـرْقوبٍ لَها مَثَلا
و ومــا مَـواعِـيدُها إلاَّ الأبـاطيلُ

أرْجـو وآمُـلُ أنْ تَـدْنو مَـوَدَّتُها

ومـا إِخـالُ لَـدَيْنا مِـنْكِ تَـنْ
أمْـسَتْ سُـعادُ بِـأرْضٍ لا يُـبَلِّغُها

إلاَّ الـعِتاقُ الـنَّجيباتُ الـمَراسِيلُ

ولَـــنْ يُـبَـلِّغَها إلاَّ غُـذافِـرَةٌ

لـها عَـلَى الأيْـنِ إرْقـالٌ وتَبْغيلُ

مِـنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ عُ عـرْضَتُها طـامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ

تَـرْمِي الـغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ
إذا تَـوَقَّـدَتِ الـحَـزَّازُ والـمِيلُ

ضَـخْـمٌ مُـقَـلَّدُها فَـعْمٌ مُـقَيَّدُها

فـي خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ

غَـلْـباءُ وَجْـناءُ عَـلْكومٌ مُـذَكَّرْةٌ

فــي دَفْـها سَـعَةٌ قُـدَّامَها مِـيلُ

وجِـلْـدُها مِـنْ أُطـومٍ لا يُـؤَيِّسُهُ

طَـلْحٌ بـضاحِيَةِ الـمَتْنَيْنِ مَهْزولُ

حَـرْفٌ أخـوها أبـوها مِن مُهَجَّنَةٍ

لاوعَـمُّـها خـالُها قَـوْداءُ شْـمِليلُ

يَـمْشي الـقُرادُ عَـليْها ثُـمَّ يُزْلِقُهُ

مِنْـها لِـبانٌ وأقْـرابٌ زَهـالِيلُ

عَـيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ

مِـرْفَقُها عَـنْ بَـناتِ الزُّورِ مَفْتولُ

كـأنَّـما فـاتَ عَـيْنَيْها ومَـذْبَحَها

مِـنْ خَـطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ

تَـمُرُّ مِـثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ

فـي غـارِزٍ لَـمْ تُـخَوِّنْهُ الأحاليلُ

قَـنْواءُ فـي حَـرَّتَيْها لِـلْبَصيرِ بِها

عَـتَقٌ مُـبينٌ وفـي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ

تُـخْدِي عَـلَى يَـسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ

ذَوابِــلٌ مَـسُّهُنَّ الأرضَ تَـحْليلُ

سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً

لـم يَـقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْـمِ تَـنْعيلُ

كــأنَّ أَوْبَ ذِراعَـيْها إذا عَـرِقَتْ

وقــد تَـلَـفَّعَ بـالكورِ الـعَساقيلُ

يَـوْماً يَـظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً

كـأنَّ ضـاحِيَهُ بـالشَّمْسِ مَـمْلولُ

وقـالَ لِـلْقوْمِ حـادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ

و ُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا

شَـدَّ الـنَّهارِ ذِراعـا عَيْطَلٍ نَصِفٍ

قـامَـتْ فَـجاوَبَها نُـكْدٌ مَـثاكِيلُ

نَـوَّاحَةٌ رِخْـوَةُ الـضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها

لَـمَّا نَـعَى بِـكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ

تَـفْرِي الُّـلبانَ بِـكَفَّيْها ومَـدْرَعُها

مُـشَـقَّقٌ عَـنْ تَـراقيها رَعـابيلُ

تَـسْعَى الـوُشاةُ جَـنابَيْها وقَـوْلُهُمُ

إنَّـك يـا ابْـنَ أبـي سُلْمَى لَمَقْتولُ

وقــالَ كُـلُّ خَـليلٍ كُـنْتُ آمُـلُهُ

لا أُلْـهِيَنَّكَ إنِّـي عَـنْكَ مَـشْغولُ

فَـقُـلْتُ خَـلُّوا سَـبيلِي لاَ أبـالَكُمُ

فَـكُلُّ مـا قَـدَّرَ الـرَّحْمنُ مَفْعولُ

كُـلُّ ابْـنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ

يَـوْماً عـلى آلَـةٍ حَـدْباءَ مَحْمولُ

أُنْـبِـئْتُ أنَّ رَسُـولَ اللهِ أَوْعَـدَني
والـعَفْوُ عَـنْدَ رَسُـولِ اللهِ مَأْمُولُ

وقَـدْ أَتَـيْتُ رَسُـولَ اللهِ مُـعْتَذِراً

والـعُذْرُ عِـنْدَ رَسُـولِ اللهِ مَقْبولُ

مَـهْلاً هَـداكَ الـذي أَعْطاكَ نافِلَةَ

الْـقُرْآنِ فـيها مَـواعيظٌ وتَـفُصيلُ

لا تَـأْخُذَنِّي بِـأَقْوالِ الـوُشاةولَـمْ
اُذْنِـبْ وقَـدْ كَـثُرَتْ فِـيَّ الأقاويلُ

لَـقَدْ أقْـومُ مَـقاماً لـو يَـقومُ بِـه

أرَى وأَسْـمَعُ مـا لـم يَسْمَعِ الفيلُ

لَـظَلَّ يِـرْعُدُ إلاَّ أنْ يـكونَ لَهُ مِنَ

الَّـرسُـولِ بِــإِذْنِ اللهِ تَـنْـويلُ

حَـتَّى وَضَـعْتُ يَـميني لا أُنازِعُهُ

فـي كَـفِّ ذِي نَـغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ

لَــذاكَ أَهْـيَبُ عِـنْدي إذْ أُكَـلِّمُهُ

وقـيـلَ إنَّـكَ مَـنْسوبٌ ومَـسْئُولُ

مِـنْ خـادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ

م مِـنْ بَـطْنِ عَـثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ

يَـغْدو فَـيُلْحِمُ ضِـرْغامَيْنِ عَيْشُهُما

ل َـحْمٌ مَـنَ الـقَوْمِ مَـعْفورٌ خَراديلُ

إِذا يُـسـاوِرُ قِـرْناً لا يَـحِلُّ لَـهُ

أنْ يَـتْرُكَ الـقِرْنَ إلاَّ وهَوَ مَغْلُولُ

مِـنْهُ تَـظَلُّ سَـباعُ الـجَوِّ ضامِزَةً
ولا تَـمَـشَّى بَـوادِيـهِ الأراجِـيلُ
ولا يَــزالُ بِـواديـهِ أخُـو ثـقَةٍ

مُـطَرَّحَ الـبَزِّ والـدَّرْسانِ مَأْكولُ

إنَّ الـرَّسُولَ لَـسَيْفٌ يُـسْتَضاءُ بِهِ

مُـهَنَّدٌ مِـنْ سُـيوفِ اللهِ مَـسْلُولُ

فـي فِـتْيَةٍ مِـنْ قُـريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ
بِـبَطْنِ مَـكَّةَ لَـمَّا أسْـلَمُوا زُولُوا

زالُـوا فـمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ
عِـنْـدَ الِّـلقاءِ ولا مِـيلٌ مَـعازيلُ

شُــمُّ الـعَرانِينِ أبْـطالٌ لُـبوسُهُمْ
مِـنْ نَـسْجِ دَاوُدَ في الهَيْجَا سَرابيلُ

بِـيضٌ سَـوَابِغُ قـد شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ

كـأنَّـها حَـلَقُ الـقَفْعاءِ مَـجْدولُ

يَمْشونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ

ضَـرْبٌ إذا عَـرَّدَ الـسُّودُ التَّنابِيلُ

لا يَـفْـرَحونَ إذا نَـالتْ رِمـاحُهُمُ

قَـوْماً ولَـيْسوا مَـجازِيعاً إذا نِيلُوا

لا يَـقَعُ الـطَّعْنُ إلاَّ فـي نُحورِهِمُ

ومـا لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ

-------------------------------------



ويقول الشاعر الحطيئة موجها كلامه وشعره الى لاءيبن شماس اولئك الذين مدحهم ولم يحصل منه على شيء وفيه هجاء مستور ضمني لكنه موجع وشديد:

والله يامعشر لاموا امرءا جنبا
في ال لاءي بن شماس باكياس

ما كان ذنب بغيض لا ابا لكم
في بائس جاء يحدوا اخر الناس

قد حريتكم لو ان درتكم
يوما يجيء بها مسحي واياسي

وقد مدحتكم عمدا لاءرشدكم
كيما يكون لكم متحي وامراسي

لما بدا لي منكم عيب انفسكم
ولم يكن لجراحي منكم ا سي

ازمعت ياسا مبينا من نوالكم
ولا يرى طاردا للحر كالياس


جار لقوم اطالوا هون منزله
وغادروه مقيما بين ارماس

ملوا قراه وهرته كلابهم
وجرحوه بانياب واضرا س

دع المكارم لا ترحل لبغيتها
واقعد فانك انت الطاعم الكاسي

من يفعل المعروف يعدم جوازيه
لايذهب العرف بين الله والناس

ما كان ذنبي ان فلت معاولكم
من ال لاءي صفاة اصلها راسي

قد ناضلوك فسلوا من كنائنهم
مجدا تليدا ونبلا غير انكاس


----------------------------



اما الخنساء تماضر بنت الشريد فقد تفرد ت الرثاء لاخوتها معاوية وصخر واولادها الاربعةالذين استشهدوا في معركة القادسية تلك المعركة الحاسمة بين الاسلام والمجوس او بين العرب والفرس وفي شعرها يتجلى صدق العاطفة والالم الممض
تقول في رثاء صخر:

يذكرني طلوع الشمس صخرا
واذكره لكل غروب شمس

ولولا كثرة كثرة الباكين حولي
على اخوانهم لقتلت نفسي

ولكن لا ازال ارى عجولا
وباكية تنوح ليوم نحس

اراها والها تبكي اخاها
عشية رزئه او غبب امس

وما يبكين مثل اخي ولكن
اعزي النفس عنه بالتاءسي

فلا والله لاانساك حتى
افارق مهجتي ويشق رمسي

فقد ودعت يوم فراق صخر
أبي حسان لذاتي وا ءنسي

فيالهفي عليه ولهف امي
ايصبح في الضريح وفيه يمسي


--------------------------------



ونختتم المطاف في قطعة من شعر الشاعر النابغة الجعدي من قصيدة بمدح ويفخر بها بقومه يقول :

وانا لقوم ما تعود خيلنا
اذا ما التقينا ان نحيد وتنفرا


بلغنا السما مجدا وجودا وسؤددا
وانا لنرجوا فوق ذلك مظهرا

وما كان معروفا لنا ان نردها
صحاحا ولا مستنكرا ان تعفرا

لاخير في حلم اذا لم يكن له
بوادر تحمي صفوه ان يكدرا

ولا خير في جهل اذا لم يكن له
حليم اذا ما اورد الامر يصدرا



------------------------------------------


نختم هذا الغصل بقصيدة للشاعر المخضرم السمؤال يقول:

بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا
ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلَفا

عاد السوادُ بياضاً في مفارقهِ
لا مرحباً هابذا اللونِ الذي ردفا

في كلِّ يومٍ أرى منه مبيِّنة ً
تكاد تُسْقِطُ منِّي مُنَّة ً أَسَفَا

ليت الشَّبَابَ حَلِيفٌ لا يُزَايِلُنا
بل ليته ارتدّ منه بعضُ ما سلفا

ما شَرُّها بعد ما ابيضَّتْ مَسَائحُها
لا الود أعرفه منها ولا اللَّطفا

لو أنها آذنتْ بِكراً لقلتُ لها
يا هَيْدَ مالِك أو لو آذنَتْ نَصَفَا

لولا بنوها وقولُ الناسِ ما عطفتْ
على العتاب وشرُّ الودِ ما عطَفَا

فلن أزالَ ، وإنْ جاملتُ ، مضطغِناً
في غيرِ نائرِة ٍ ضبَّا لها شنَفَا

ولا حبٍ كحصيرِ الراملات ترى
من المطيِّ على حافاته نَطِفا

والمُرْذِياتِ عليها الطّيْر تَنْقُرها
إ مّا لهِيداً وإمّا زاحِفاً نَطِفَا

قد ترك العاملاتُ الراسِماتُ به
من الأحِزَّة في حافاته خُنُفَا

يَهْدِي الضَّلُولَ ذَلُولٍ غيرِ مُعْتَرِفٍ
إذا تَكَاءدَه دَوِّيُّهُ عَسَفَا

سمحٍ دريرٍ اذا ما صُوَّة ٌ عرضتْ
له قَريباً لسَهْلٍ مال فانحرَفا

يجتازُ فيه القطا الكُدريّ ضاحية ً
حتّى يَؤوبَ سِمَالاً قد خَلَتْ خُلُفَا

يَسْقِينَ طُلْساً خَفِيّاتٍ تَرَاطُنُها
كما تَرَاطَنُ عُجْمٌ تَقْرَأ الصُّحُفَا

جَوَانحُ كالأَفَانِي في أَفاحِصِها
ينظُرْنَ خَلْفَ رَوَايَا تَسْتَقِي نُطَفَا

حمرٌ حواصلها كالمغدِ قد كسيتْ
فوقَ الحواجبِ مما سبدتْ شعفَا

يوماً قطعتُ وموماة ٍ سريتُ إذا
ما ضاربُ الدُّفِّ من جنانِها عزَفا

كلفْتُها حرّة َ الليتينِ ناجية ً
قَصْرَ العَشِيِّ تُبَارِي أَيْنُقاً عُصُفَا

أبقى التهجرُ منها بعد ما ابتذلتْ
مَخِيلة ً وهِبَاباً خَالَطَا كَثَفَا

تَنْجُو وتَقْطُر ذِفْرَاها على عُنُقٍ
كالجِذْع شذَّب عنه عاذِقٌ سَعَفَا

كأن رَحْلِي وقد لانتْ عَرِيكتُها
كسوتُه جورَفاً أقرابُهُ خصفَا

يجتازُ أرضَ فلاة ٍ غيرَ أنّ بها
آثارَ جنٍّ ووسماً بينهم سلفا

تَبْرِي له هِقْلة ٌ خَرْجاءُ تحسبَهُا
في الآلِ مخلولة ً في قرطفٍ شرفا

ظَلاَّ بأَقْرِية ِ النَّفَّاخِ يومَهما
يَحْتَفِرَانِ أُصُولَ المَغْدِ واللَّصَفَا

والشَّرْيَ حتّى إذا اخضرَّتْ أُنُوفُهما
لا يألوانِ من التنُّومِ ما نقفا

راحا يطيرانِ معوجَّين في سرعٍ
ولا يريعان حتى يهبطا أنُفا

كالحَبَشِيَّيْنِ خافَا من مَلِيكهما
بعضَ العَذاب فجالا بعدَ ما كُتِفَا

كالخاليَيْنِ إذا ما صَوَّبا ارتفعا
لا يحقرانِ من الخطبان ما نقفا

فاغترَّها فشآها وهي غافلة ٌ
حتى رأته وقد أوفى لها شَرفا

فشَمَّرَتْ عن عَمُودَيْ بانة ٍ ذَبَلاَ
كأنّ ضاحِيَ قِشْرٍ عنهما انْقَرَفَا

وقارَبَتْ من جَنَاحَيْها وجُؤْجُئِها
سكَّاءَ تثني إليها ليناً خُصفَا

كانت كذلك في شأوٍ ممنعة ٍ
ولو تَكَلَّف َ منها مِثْلَه كَلِفَا





























الباب الثالث



الشعر في العصر الاموي

الفصل الاول – الشعر في العصر الاموي
الفصل الثاني- الشعرالاموي واثر التيارات فيه
الفصل الثالث- اغراض الشعر الاموي
الفصل الرابع – النقائض في االشعر الاموي
المعارضات والمطارحاتوالمطاردات في الشعر العربي
الفصل الخامس- شعراء العصر الاموي
الفصل السادس نماذج من الشعر الاموي














































الفصل الاول

الشعر في العصر الاموي



لم تدم فترة ركود الشعرالعربي التي مر بها في عصر صدر الاسلام او - العصر الاسلامي كما يسمونه - طويلا بل ازدهر مجددا في العصر الاموي واتسعت افاقه ومراميه وتحسنت اساليبه ورقت معانيه والفاظه تبعا لحالة العصر الجديد ومظاهره السياسية والدينية والقبلية والثقافية فقد ظهرت في هذا العصر احزاب سياسية واخرى قبلية واخري مذهبية أي تعددت السياسات في هذا العصر وتحولت الى صراع عنيف بين بعضها الاخر وصلت الى حد المقاتلة والتخريب في بعض الاحيان وقد خاض غمار هذه الاحداث الشعراء وتحزبوا كل الى فئته اوجماعته وهذا امر طبيعي حيث ان الشعراء اهم افراد هذا المجتمع وصفوتهم وهم اهل الثقافة والفكر واولي الالباب والي النهى فكان لكل حزب شعراؤه الذين يدافعون عنه وينشرون افكاره ومفاهيمه فقد كا ن الشعراء والادباء عامة اشبه بالصحف المحلية في عصرنا هذا

وكذلك تأثر الشعر الاموي بالتيارات الثقافية وقد اهتم بعض الشعراء في الناحية الثقافية والفكرية وكان من اسباب دفع هؤلاء الشعراء الاعجاب بالشعر وحركة النقد والاستشهاد بجيد الشعر وتاثر الشعراء الامويين بالثقافتين الجاهلية والاسلامية لذلك جاء اغلب شعرهم سليم العبارة فصيحا سهل الحفظ مختلط المعاني

وقد اثر التعصب القبلي في الشعر كثيرا فظهر الهجاء بين الشعراء والفخر كل بقومه وقد ادت هذه الظاهرة الى انشقاق بين القبائل وشرخها وتعميق العلاقات بينها فظهر جراء ذلك شعر النقائض
والاحوال المعاشية والاجتماعية كان لها تاثيرا عظيما في الشعرالاموي و كذلك ظهور اللهو والترف فنشط الغزل الحضرى في الحجاز والغزل البدوي في نجد وكذلك اتسعت معالم الشعر الخمري والوصفي نتيجة اختلاطهم بالامم الاخرى كالفارسية والرومانية واضافة لما ورثوه من موروث جاهلي

وعلى العموم اتسعت افاق الشعر في مدارج الحياة في هذا العصر بعد ركودها في العصر الاسلامي الاول ويمكن ان نقول ان الشعرفي العصر الاموي كان في بداية ثورته وشدة غليانه




**************************






















الفصل الثاني


الشعرالاموي واثر التيارات المختلفة فيه


اختلفت الحياة في العصر الاموي وتشابكت الامور وتشعبت وتعقدت كثيرا ونشأت تيارات مختلفة منها السياسية والدينية والقبلية وتبعا لهذا نشات التيارات الشعرية المختلفة والتي تعبر عن واقع هذه الاختلافات بما فيها الاحزاب ومجريات امور ها واهدافها ومبادئها وما ما تدعو اليه و تشحذ الناس الى هذا الطرف او ذاك ويعزى ذلك لاختلاف وجهات النظر لدى الشعراء وطرق معيشتهم والصراع بينهم وبين الاحزاب والقبائل المذاهب بينها وبين الاخرى المتصارعة معها ويمكن اجمال اتجاهات الشعر الاموي او التيارات التي اثرت فيه بما يلي :-


1- التحزب السياسي

نتيجة لظروف الدولة الاموية وتكوين نظام الحكم فيها واتساع رقعتها الجغرافية كثيرا فقد ظهرت الاحزاب الساسية في المجتمع العربي واختلفت وجهات نظر كل حزب عن الاحزاب الاخرى اتجاه سياسة الدولة او الخلافة وكان هناك اربعة احزاب رئيسية \
الاول الحزب الاموي وهو الحزب المناصر للدولة ومجريات سياستها وهم الخلفاء والمناصرين لهم وحاشيتهم وذوي الجاه والسلطان وما تبعهم من ابناء الشعب اوالمجتع عامة ولهم شعراؤهم وادباؤهم الذين يعيشون في كنفهم .

والحزب الاخر هو الحزب العلوي الذي كان يرى ان الخلافة يجب ان تكون في البيت العلوي حصرا

والحزب الزبيري وهذا الحزب نظرته ان الخلافة في قريش وليست حكرا على العلويين

اما الحزب الاخر فهم الخوارج الذين يرون ان الخلافة حق لجميع المسلمين لا فرق بين مسلم واخر امتثالا للاية الشريفة( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) بل تكون للاصلح

ولكل حزب من هذه الاحزاب او لكل جماعة من هذه الجماعات شعراؤهم والناطقون باسمهم
كانت الجماعات الثلاثة التالية معارضة لسياسة الدولة و قد تطورت هذه الخلافات بينهم وبين الدولة الى حد النزاع المسلح في بعض الاحيان

------------------------------------


2- التعصب القبلي

الاسلام قضى على العصبية القبلية وجعل الولاء لله وللرسول ولكن بعد وفاة الرسول الكريم صلوات الله تعالى عليه وسلامه بدت بوادر العصبية القبلية تظهر بذورها نابتة من جديد وكان ذلك زمن الخلفاء الراشدين وبالاخص في خلافة عثمان وعلى رضي الله عنهما وتفاقم وبلغ ذروته اثناء الحكم الاموي اذ تغذت العنصريةالقبلية وكان للخلفاء يد في ذلك لغرض ابعاد الناس عن سياسة الدولة وانشغالهم في مثل هذه الامور وليؤمنوا المعارضة او شدتها وليحدوا منها فكان ان اشتد النزاع والصراع القبلي الى درجة خطيرة وكان لكل قبيلة شعراؤها حيث يذودون عنها ويردون على شعراء القبيلة المناهضة لها ويفخرون عليهم



---------------------------------



انتشار الثقافة \

لقد نشات فى العصر الاموي حركة ثقافية كبيرة وواسعة وانتشرت المعرفة بين طبقات المجتمع وكان لازدهار الحركة الثقافية اثره العظيم في سير اتجاه الشعر وتطوره .

كانت الثقافة الاموية مكونة من ثقافات جاهلية قبلية واسلامية وثقافة مختلطة نشات من تاثير الاجانب او الاعاجم من الشرق والغرب الذين فتحت بلادهم واصبحوا تحت سيطرة الحكم الاموي حيث طوروا الاساليب الثقافية وفق احتياجات الدولة والمجتمع الذي سما الى الرقي والتوسع في المعرفة ومن ذلك تعريب الدواوين الحكومية والمكاتبات الرسمية وصك العملة الاموية والتمازج الثقافي بين اللغات الفارسية والهندية والرومانية من جهة واللغة العربية من جهة اخرى وتفتح اذهان المثقفين من الشعراء والعلماء واطلاعهم على ثقافات جديدة

كل ذلك انعكس ايجابا على معاني واساليب الشعر في هذا العصر واتضح جليا في قصائد الشعراء سواء كان في المعنى او المضمون او الاساليب الا ان القوالب الشعرية بقيت على حالتها ذلك ان الاذن العربية الفت قول الشعر و سماع الشعر على اوزان خاصة وبموسيقى محددة .


--------------------------------------

4- التعصب العنصري
--------------------

لم يسر الامويون على السياسة التي انتهجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في تسيير دفة الحكم وامور الدولة
لقد انتهجت الدولة الاموية سياسة التعريب وتفضيل العنصر العربي على غيره من اتباع الدولة التي اصبح فيها الفارسي والهندي والافريقي والاوربي والتركي ومن كل العناصر الانسانية الاخرى فكانوا يسمون غير العرب \ الموالي ويقدمون العنصر العربي على الموالي وينظرون اليهم نظرة فيها نوع من احتقار ومذلة ولم يستخدموهم في شؤون الدولة الا النزر القليل منهم والذي لا يجدون اليه بديلا عربيا لذا عزف الموالي عن وظائف الدولة وتحولو ا للعمل في الحرف والصنا عا ت البسيطة كل بمعرفته ,تلك الحرف التي يانف منها العربي ويعتبرالعمل بها عيبا وشنارا.

وقد ادى هذا الى ظهور التباغض والتناحر والكراهية بين العرب وبين العناصر الاخرى من المسلمين الاعاجم وقد ظهر هذا جليا في الشعر اذ ظهر شعراء من الموالي تعصبوا لقومياتهم وافتخروا بها ثم كانوا وبالا على العربية ومستقبلها كالشاعر الفارسي اسماعيل بن سيار الذي راح يفتخر بالفرس ويفضلهم على العرب .




---------------------------------


5-الحالة المعاشية
----------------

ان انتعاش الحياة المعاشية في الدولة الا موية وازدهارها وظهور كثرة الموارد والاشغال ادت الى الترف وانحسار شظف العيش وخاصة في دوواين الدولة عند الخلفاء والامراء فبنيت القصور على غرار ما موجود في الامم المجاورة وانتشر اللهو
وظهر الترف المفضي الى النزق والاسراف في الموبقات بين الشباب من طبقات الاغنياء و المحافل الكبرى و وظهرت المو اكب والاحتفالات والاعياد وكثر الشراب وبيوت الخمرة ثم قلد الاغنياء الخلفاء والامراء فيما فعلوه في حياتهم فكان لهذه الاسباب اثرها الكبير على حركة الشعر واتجاهاته .

الا انه يجب ان نشير الى ان اغلب عامة المجتمع كانوا فقراء ومعدمين وكان لكل من هؤلاء وهؤلاء شعراؤهم والسنتهم المعبرة عن احوالهم العامة .


----------------------------------------------

































الفصل الثالث


الفنون الشعرية في العصر الاموي

انه لمن الطبيعي ان تتوسع وتزداد الفنون الشعرية في هذا العصر بعد الانكماش الذي لحقها في العصرالذي قبله فقد طرق الشعراء في هذا العصر ابوابا كثيرة في الشعر منها ماكانت في الجاهلية والاسلام فوسعوها واكثروا فيها ومنها ماهو محدث وجديد ابتكروه تبعا لظروف الحياة وسعتها ومتطلباتها ومنها ماكان له اثر في الجاهلية والاسلامي فاضا فوا فيه حتى جعلوه غرضا مستقلا قائما بذاته
لذا نقول انقسمت الفنون الشعرية الى قديم وجديد


**********************


الفنون الشعرية القديمة :

هناك بعض الاغراض الشعرية التي توسع الشعراء فيها ومنها ما بقي على حاله او زاده توسع قليل ومن
هذه الاغراض\

1\ المدح


من الفنون الشعرية التي توسعت كثيرا في هذا العصر هو المدح فقد بالغ الشعراء في المديح متأثرين بالتيارات السياسية والتحزب و التعصب القبلي او الطمع والتكسب في الشعر لدى بعض الشعراء وخاصة شعراء خاصة الخلفاء وامراء الولايات الجديدة

والمديح اما حزبيا فيعبر عن رأي و عاطفة الشاعر بصدق اتجاه مايحمل من افكار ومفاهيم او قبليا بان يدافع الشاعر عن عصبيته وقبيلته وفي كل تنبع العاطفة فيه صادقة تعبر عما
في نفس الشاعر اتجاه الممدوح
من ذلك قول الشاعر الكميت الاسدي في
مدح بني هاشم يقول:-

بني هاشم رهط النبي فانني
بهم ولهم ارضى مرارا واغضب

فمالي الا ال احمد شيعة
ومالي الا مذهب الحق مذهب

او كان مدح عن طمع وتكسب فيكون الكذب والمخاتلة الشعرية واضحة وغير معبر عن عاطفة صادقة خالصة ويكون التكلف ظاهرا فيه ومنه قول الفرزدق للخليفة عبد الملك بن مروان:-

ارى الثقلين الجن والانس اصبحا
يمدان اعناقا اليك تقرب

وما منهما الا يرجى كرامة
بكفيك او يخشى العقاب فيهرب

وما دون كفيك انتهاء لراغب
ولا لمناه من ورائك مذهب

2--الفخر



توسعت فنون شعر الفخر في هذا العصر كثيرا لوجود التحزب واشتداء المنافسة بين الاحزاب من جهة وبين التعصب القبلي من جهة اخرى ايضا فتفاخر الشعراء كل بقبيلته اوحزبه او مذهبه كما تفاخروا في الشجاعة والكرم وكثرة الاموال والاولاد ويتميز الفخر هذه المرة بطابعه الاجتماعي الجماعي وسلوكه جماعية الفخر وابتعاده عن الفردية
ومن الشعراء الذين لمعوا في هذا الفن واشتهروا الفرزدق وقيس الرقيات ولنقرا قول قيس بن الرقيات في الفخر في اهل
الكنانة \

خلق من بني كنانة حولي
بفلسطين يسرعون الركوبا

من رجال تفنى الرجال وخيل
رجم بالقنا تسد ا لغيوبا

وان قوم الفتى هم الكنز في
دنياه والحال تسرع التقليبا

الهجاء

والهجاء ايضا فن توسع كثيرا في هذا العصر وقد تشعب عدة شعب او فنون ترفد كل فن روافد اخرى فكان الهجاء السياسي والهجاء المذهبي و الهجاءالفرقي الطائفي وحتى المذهبي في نهاية هذا العصر ومن الهجاء قول الاخطل في هجاء الانصار \

ذهبت قريش بالمكارم والعلى
واللؤم تحت عمائم الانصار

فذروا المعالي لستموا من اهلها
وخذوا مساحيكم بني النجار

ومنه الصراع القبلي الذي ادى الى انقسام العرب الى يمانية ومضرية وفيه يقول الشاعر الطرماح بن الحكيم في
هجاء بني تميم: -

تميم بطرق اللؤم اهدى من القطا
ولو سلكت سبل المكارم ضلت

ولو ان برغوثا على ظهر نملة
يكر على صفي تميم لولت


ومنه الهجاء الفردي الذي يظهر العداء الشخصي للشاعر اوالمنافسة بينهم
وقد ظهر لدى فحول الشعراء مثل الفرزدق وجرير و الاخطل ويتميز بتجاوزه حدود الهجاء التي كانت معروفه من قبل وربما تجاوز الاداب الاجتماعية حيث يهجو الشاعر باقذع الكلمات واخسها مما لم تالفه العرب من ذي قبل . من ذلك هجاء جرير للاخطل يعيب عليه نصرانيته\

ما كان يرضى رسول الله دينهم
والطيبان ابو بكر ولا عمر

جاء الرسول بدين الحق فانتكثوا
وهل يضير رسول الله ان كفروا

3- الرثاء

بقي الرثاء على ماهو عليه في الجاهلية والاسلام غير موسع الا انه ظهر فيه فن جديد هو رثاء الخلفاء والامراء والقادة واؤلي الشان ولم يكن صادق العاطفة بل في اكثر الاحيان كان تقليديا طمعا في التكسب والمال وبعضه ذو عاطفة فياضة عندما يكون المرثي ذا علاقة بالشاعر كالقرابة والصداقة وتحس بحراة نفسه المتاثرة او المحزونة على فقد المرثي واشهر شعراء الرثاء هم الاخطل وجرير وليلى الاخيلية التي تقول في رثاء صاحبها المتوفي :-

لعمرك ما الموت عار على الفتي
اذا لم تصبه في الحياة المعاير

وما احد حي وان عاش سالما
باخلد ممن غيبته المقابر


------------------------------


4- الوصف-

الوصف انكمش في هذا العصر بالرغم من حدوث تطور كبير في كل مجالات الحياة فقد ظل الشاعر الاموي يصف ما وصفه شعراء الجاهلية مثل وصف الناقة والضعن والاطلال ومجالس الخمر ومن الشعراء الذين اشتهروا بالوصف الشاعر ذو الرمة والشاعر الاخطل يقول الاخطل في وصف الخمرة :-

فصبوا عقارا في اناء كانها
اذا لمحوها جذوة تتاكل

تدب د بيبا في العظام كانه
دبيب نمال من نقى يتهيل

-----------------------------------------------



ب – االاغراض الجديدة
--------------------
هي الاغراض المبتكرة او التي توسع فيها الشعراءالامويون بحيث اصبحت اغراضا جديد ة او فنونا حديثة و منها مايلي \

1- الغز ل

الغزل فن من الفنون الشعرية القديمة قدم الشعر و فيه تعبير عن عاطفة الشاعرالشخصية وما يعتمل في نفسه من هواجس ولواعج وحب وشوق ووله وغرام يبثها لحبيبته اوعشيرته .
كا ن معروفا في الجاهلية الا انه انكمش في صدر الاسلام وبعث من جديد في العصر الاموي بصورة واسعة حتى ان بعض الشعراء لم يكن لهم شعر الا في الغزل وهم عشاق العرب وقد وجد فيه ثلاثة اتجاهات واسعة ومختلفة احدها عن الاخر تبعا لطبيعة ونفسية الشاعر ومكانته
وشاعريته \


الغزل العذري \

شاع هذا النوع من الغزل بين قبائل بني عذرة التي تقطن في نجد و قرى الحجاز منها اشتقت تسميته
يتميز الشعرالعذري بانه شعر يروي قصص الحب الصريحة والصحيحة شعر الحب العفيف المحتشم البعيد عن التبذل والتفسخ الخلقي ويطلق عليه الغزل البدوي ايضا وقد تسمى شعراؤه او بعض منهم باسماء من يحبون ومن اهم من اشتهر به من الشعراء جميل بثينة وكثير عزة وعبد الله بن الدمينة وغيرهم من الشعراء يقول الشاعر جميل بثينة او جميل بن عبد الله العذري
في حبه لبثينة حبيبته\

واني لأرضى من بثينة بالذي
لو ابصره الواشي لقرت بلابله

بلاه بان لا استطيع و بالمنى
وبالامل المرجو قد خاب امله

وبالنظرة العجلى وبالحول تنقضي
واواخره لا تلتقي واوائله



----------------------------------


الغزل الحضري
-------------------
ذاع او انتشر الغزل الحضري في الحجاز خاصة في المدن الكبرى الثلاث مكة والمدينة والطائف لتوفر اسباب المعيشة المترفة واستتباب الامن وكثرة الاموال والترف الاجتماعي .
وهذا الحب حب مبني على المادة الجسدية واللذة الجنسية وقد وصف الشعراء المرأة بعبارات جريئة في هذا العصر بشكل لامثيل له في عصر صدر الاسلام وقد توسع هذا الغزل ليشكل مدرسة شعرية بذاته ويمثل حياة العبث والمجون واللهو والفسوق وخلاف خلق الاسلام .
ويتميز بالاعتماد على الحادثة لذلك كثر فيه القصص الغرامية والمغامرات في طلب النساء والتعرض لهن ويعتمد ايضا في بعض الاحيان على الحوار بين الشاعر وحبيبته .

ومن اهم شعراء هذا النوع من الغزل عمر بن ابي ربيعة والاحوص والعرجي ومن قول الشاعر
عمر بن ابي ربيعة هذه الابيات \

فحييت اذ فاجاتها فتولهت
وكادت بمكنون التحية تجهر

وقالت وقد عضت بالبنان فضحتني
وانت امرؤ ميسور امرك اعسر

فوالله ماادري اتعجيل حاجة
سرت بك ام قد نام من كنت تحذر

فقلت لها بل قادني الشوق والهوى
الايك وما نفس من الناس تشعر




------------------------------


الغزل التقليدي\
------------

هي ابيات في الحب والغزل يفتتح الشاعر فيها قصيدته وسمي تقليديا لاءنه استمرار لغزل الجاهليين وصدر الاسلام وفيه يتغزل الشاعر بمن يحب وفي اكثر الاحيان يذكر اسما لحبيبته ويذكر ساعات اللقاء وايام الجفاء والم الحب ولوعة الهوى والفراق كسياق عمل في افتتاح قصيدته
ومن اهم الشعراء فيه فحول شعراء هذا العصر جريروالاخطل والفرزدق وغيرهم ومما قاله جرير في الغزل هذين البيتين و يتمثل فيهما افضل ما قيل في شعر الغزل في الشعرالقديم او الحديث اذ لم يات شاعر بمثلهما فيه \

ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لاحراك به
وهن اضعف خلق الله انسانا


-----------------



2- الشعر السياسي –

نقصد بالشعر السياسي الشعر الذي قيل في الامور السياسية ونظام الحكم سواءا كان مواليا للدولة والخلافة الاموية اومعارضا لها ومنها الاحزاب اوالحركات الاربع التي ظهرت في هذا العصر حيث شارك الشعر في الصراع العنيف الناشب بينها وكان لكل فئة شعراؤها يناضلون عنها ويدافعون عن ارائهم ومعتقدات فئاتهم ويتعصبون اليهم وهي كما يلي\


الحزب الاموي
----------------
-
تزعم هذا الحزب الخلفاء ورجال الدولة وتحزب معهم بعض القبائل العربية كربيعة وكلب وفكرة هذا الحزب او الفئة- وهي الاكثر عددا وانتشارا - ان قادته كسبوا الخلافة عن طريق الحرب فلهم الحق فيها وكذلك لهم نسب عريق وماض مجيد فهم من قبيلة قريش سيدة قبائل العرب
ولهذا الحزب شعراؤه الذين دافعوا عن الخلافة الاموية وخلفائهم ومدحوهم كثيرا وتغنوا بفتوحاتهم وانتصاراتهم وردوا على اعدائهم او المعارضين لهم ردا عنيفا وكانت بيدهم كلمة السبق ومجال القوة والانتصار .
ومن الشعراء في هذا المجال الكثير نذكر منهم الاخطل و والفرزدق والعرجي ومن قول الاخطل في مدح
الخليفة عبد الملك يقول \

نفسي فداء امير المؤمنين اذا
ابدى النواجد يوما صارم ذكر

الخائض الغرة الميمون طائره
خليفة الله يستسقى به المطر

من نبعة من قريش يعصبون بها
وما ان يوازي باعلى نبتها الشجر


الحزب العلوي \
----------------------

وهم اتباع الامام علي رضي الله عنه ويرون ان الخلافة من حقه وفيه ولأولاده من بعده الحسن والحسين واولادهما من بعدهما وانه احق الناس بها لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ابن عمه وزوج ابته الزهراء البتول رضي الله عنهم جميعا

عرف عن زعماء هذا الحزب التمسك بالدين ومحبتهم لال علي رضي الله عنهم وكرههم الشديد للاموين وخلفائهم وانضم اليهم ايضا غير العرب من الامم الاخرى الحاقدة على العنصر العربي وخاصة الفرس بعد ان قضى العرب على دولتهم الساسانية ودينهم المجوسي في معركة القادسية .
ولهذا الحزب شعراؤه منهم الكميت الاسدي ومما قال في هجاء البيت الاموي والخلافة الاموية \

فتلك ملوك السوء قد طال ملكهم
فحتى م حتى العناء المطول

رضوا بعفال السوء من امر دينهم
فقد ايتموا طورا عداءا واثكلوا

تحل دماء المسلمين لديهم
ويحرم طلع النخلة المتهدل


---------------------------------

الخوارج\


وهم ايضا من اتباع الامام علي رضي الله عنه الا انه خذلوه وخرجوا عليه بعد موافقته على التحكيم بينه وبين معاوية – في قصة معروفة خارج نطاق هذا البحث – وينظرون ان الخلافة الاسلامية للمسلمين عامة يتولاها من تتوفر فيه شروط المسلم الصالح مهما كان نسبه او اصله ومن شعراء هذه الفئة الشاعر الطرماح والشاعر القطري بن الفجاءة وغيرهم كثير
يقول الشاعر الطرماح \

لقد شقيت شقاءا لا انقطاع له
اذ لم افز فوزة تنجي من النا ر

النار لم ينج من روعتها احد
الا المنيب بقلب المخلص الشاري

او الذي سبقت من قبل مولده
له السعادة من خلاقها الباري


---------------------------------

الزبيريون\
--------------

وهم اتباع عبد الله بن الزبير الذي اقام امارته في مكة المكرمة وما حولها واتباع اخيه مصعب بن الزبير الذي اقام امارته في البصرة وحكما لعدة سنين وقد ظهر هذا الحزب بعد مخالفة ابني الزبير عبد الله ومصعب لمعاوية على وراثية الحكم وتجمع حولهما الكثيرمن القبائل العربية التي تؤيد رايهما
وقد ظل هذا الحزب سريا باديء ذي بدء في عهد معاويه واصبح جهريا في زمن ابنه يزيد وقد استقل عبد الله بن الزبير في الحجاز وجعل اخيه مصعب حاكما في بصرة العراق ودام حكمه عشر سنوات ولم تكن لهذه الفئة مباديء معينة الا ان تكون الخلافة مطلقة ولا تكون في البيت الاموي فقط ومن اشهر شعراء هذا الحزب الشاعر الكبير عبد الله بن قيس الرقيات
ومن شعره \

حبذا العيش حين قومي جميع
لم تفرق امورها الاهواء

ايها المشتهي فناء قريش
بيد الله عمرها والفناء

انما مصعب شهاب من الله
تخلت عن وجهه الظلماء


-------------------------------------



3- النقائض\
------------------------


النقائض قصائد في غاية البلاغة والقوة تمتاز بطولها وتكاد تكون من شعر الهجاء ويدخلها المدح والفخر ايضا يرد الشاعر فيها على خصمه الشاعر او خصومه من الشعراء
تتميز في الاشتراك في الوزن والقافية والروي و نستطيع ان نقول انها قد تطورت من الهجاء الجاهلي وفي النقيضة يمدح الشاعر قومه ونفسه بافتخار ويفند مزاعم خصمه الشاعر الاخر وقد خرجت بعض هذه القصائدعن المالوف في الاصول والاداب بما سنوضحه في مجاله واهم شعراء هذا الفن الفرزدق والاخطل وجرير يقول جرير في الفرزدق وامه \

ولقد ولدت ام الفرزدق فاجرا
فجاءت بوزار قصيرالقوادم


هو الرجس يا اهل ا لمدينة فاحذروا
مداخل رجس بالخبيثات عالم


---------------------------------




4- الخمريات
---------------

غرض من اغراض الشعرالعربي التي كانت معروفة في الجاهلية الا ان الاسلام حرم الخمرة والقول فيها فامتنع شعراء صدر الاسلام من القول فيها وحتى عن ذكرها في اشعارهم وقصيدهم ومن المفروض ان تهجر نهائيا طالما حرمها الاسلام الا انها ظهرت في العصر الاموي مجددا لقلة حدة الدولة اتجاه الدين وانتشار اللهو والترف والمجون لدى بعض الشعراء الشباب او من اديان اخرى لذا بقيت قائمة في زمن الدولة الاموية
ومن اسباب ظهورها ايضا التمازج الاجتماعي من الاعاجم من فرس وروم واقباط وغيرهم في الدولة الاموية واتساع رقعتها الجغرافية ومن شعراء الخمرة الشاعر الاخطل حيث ذكرها كثيرا وتغنى بها يقول \

تفوح بماء يشبه الطيب طيبه
اذا ما تعاطت كاسها من يد يد

تميت وتحي بعد موت وموتها
لذيذ ومحياها الذ واحمد




*********************************************

































الفصل الرابع

النقائض


النقائض فن جديد في الشعرالعربي وربما يتعبره اخرون امتداد لشعر الهجاء في الجاهلية وصدرالاسلام الا انه في الواقع اتخذ طابعا جديدا فالنقائض قصائد في منتهى القوة والبلاغة والعاطفة الشعرية تمتاز بطولها وقد قالها فحول شعراء العربية في العصر الاموي في الرد على الشاعر الخصم او الرد على قصيدة الخصم بحيث ينقضون ما فيها من مدح ويحولونه الى ذ م والفخر الى هجاء ويظهر كل شاعر منهم مثالب الاخر ومعايبه ومعايب قومه وينسب الشاعر القائل الفخر والمدح الى نفسه اوالى قومه ومن اليهم
النقائض قصائد تشترك في الوزن والقافية والروي فكل قصيدتين متضادتين تأتيان من بحر واحد وروي واحد وقافية واحدة كانهما قصيدة واحدة لولا اختلاف المقاصد والاهواء لدى الشاعرين
وقد شاعت النقائض في هذا العصرالاموي نتيجة للصراع الحزبي او القبلي او العداء الشخصي بين الشعراء انفسهم حتى اصبحت فنا جديدا من فنون الشعرالعربي له شعراؤه وفرسانه وقيلت فيه القصائد الطوال الرائعة التي اعجب بها الادباء والنقاد واعتبرت من روائع الشعرالعربي
النقائض فن متطور من الهجاء الجاهلي حيث يعتبر البذرة الاصلية له والقصيدة في هذا الفن تختلف عن قصيدة الهجاء كونها ملتزمة الرد والنقض لما يرد في القصيدة المقابلة مع التزام القصيدة الناقضة نفس وزن وقافية وروي القصيدة المنقوضة
ويمكننا ان نقول انها لم يكن لها وجود في الشعر الجاهلي او شعر صدرالاسلام وانها وليدة هذا العصر وهي فن من فنون الشعر العربي الجديد في العصر الاموي

ان هذه النقائض زادت من حدة الخلاف وشدة النزاع الحزبي والقبلي بين الاطراف المتنازعة حيث ذهب الشعراء في البحث عن مثالب بعضهم البعض ومثالب اقوامهم واللهاث وراء معرفة كل مثلبة في الشاعر اوفي قومه وعشيرته في الماضي او في الحاضر وان كانت خافية الا ا نها رسمت صورة لحياة المجتمع العربي والقبلي وكانت سببا مباشرا في دراسة المجتمع القبلي من قبل هؤلاء الشعراء واحداث عصرهم فكانت مصدرا مهما من مصادر تاريخ العصر الجاهلي فهي نبش في التاريخ وراء الاحداث وما تمخض عنها من نوازع وامور تهم هذا الطرف او ذاك
انها البحث في التاريخ للقبائل العربية ومعرفة مفاخرها واحداثها ونوازعها وما لها او عليها ومثالبها قد هيات للشعراء اصحاب النقائض المجال للفخر بها او الطعن فيها.

وفي النقائض يبالغ الشاعر في الفخر بنفسه وبقومه وبقبيلته وينطلق في وصف خصمه وقومه وعشيرته بكل نقيصة يراها او يسمع بها اوقيلت بهم وقد وصلت حدا لايطاق بان يقوم الشاعر بقذف الشا عر الخصم وقومه بكل نقيصة من بذاءة القول الموغل في الفحش لدى بعضهم والسباب والشتم بما يتنافى والاداب و الا خلاق العربية المعروفة والتي قد مقتها الاسلام وكره القول فيها ايضا انذاك ولست هنا في وضع تحليل النقائض وما فيها وماهي فوائدها وما تمخضت عليه في هذا الموجز

ومن اشهر شعراء هذا الفن هم فحول الشعر العربي في العصر الاموي وهم جرير والاخطل والفرزدق والبعيث وقد وقف كل من الاخطل والفرزدق والبعيث وغيرهم ضد جرير انه تمكن جريرمن
التصدي لهم واكمام افواه بعضهم كالشاعرالبعيث ولكي لا اطيل اقدم بعضا من نقائضهم
يقول الفرزدق في جرير:

قال ابن صانعة الزروب لقومه
لااستطيع رواسي الاعلام

ووجدت قومك فقؤوا من لؤ مهم
عينيك عند مكارم الا قوام
صغرت دلاؤهم فما ملاءوا بها
حوضا ولا شهدوا عراك زحام
وحسبت بحر بني كليب مصدرا
فغرقت حين وقعت في القمقام
في حومة غمرت اباك بحورها
في الجاهلية كان والاسلام

اني وجد ت ابي بنى لي بيته
في دوحة الرؤ ساء والحكام

وابي ابن صعصعة بن ليلى غالب
غلب الملوك ورهطه اعمامي

وترى عطية مغاربا بفنائه
ربقين بين حظا ئر الاغنا م

لاحظ مديح الفرزدق لابيه وقومه فهم من دوحة الروساء والحكام ولاحظ هجاءه المقذع لجرير ووالده عطية البائس الهاجع في حضيرة الاغنام
الا ان جريرا ينقض قصيدة الفرزدقهذه باخر ى مثلها
فيقول :
خلق الفرزدق سوءة في مالك
ولخلف ضبة كان شر غلام

مهلا فرزدق ان قومك فيهموا
خورالقلوب وخفة الاحلام

كان العنان على ابيك محرما
والكير كان عليه غير حرام

مازلت تسعى في خيالك سادرا
حتى التبست بعرتي وعرامي

عمدا اعرف بالهوان مجاشعا
ان اللئام علي غير كرام

انب اذا كره الرجال حلاوتي
كنت الذعاف مقشبا بسمام

فيم المراء وقد علوت مجاشعا
علياء ذات معاقل وحوا م

وجللت في متمنع لو رمته
لهويت قبل تثبت الاقدام

لاحظ كيف رد جرير على الفرزدق وكيف ظهرت معلوما ت جديد ة من تاريخ القبيلتين في الجاهلية وهكذا كانت النقائض تاريخا حافلا بالاحداث التاريخية عند العرب وقد استفاد منها المؤرخون كثيرا ولناخذ مثلااخر من النقائض بين جرير والاخطل
يقول الاخطل في نقيضته :

اما كليب بن يربوع فليس لهم
عند التفار ط ايراد ولا صدر

قوم انابت اليهم كل مخزية
وكل فاحشة سبت لها مضر

وكليب قوم جرير لذا يرد عليه جرير فيقول :

ما كان يرضى رسول الله دبنهم
والطيبان ابو بكر ولا عمر

جاءالرسول بدين الحق فانتكثوا
وهل يضير رسول الله ان كفروا


حيث يعيب جرير على الاخطل نصرانيته وهذا غيض من فيض في هذا الفن وما فيه من قصائد كثير ة وقد كثر الشعر فيه والشعراء من غير هؤلاء الفحول ولم يقتصر عليهم الا انهم الاشهر في هذا المجال



************************************





























المعارضات والمطارحات والمطاردات
الشعرية

وما دمنا نتكلم عن النقائض في الشعر العربي فهناك موضوع ايضا في الشعرالعربي مشابه للنقائض الا وهو المعارضات الشعرية والمطارحات الشعرية لذا نتكلم عنها هنا بايجاز منذ بداية وجودها الى وقتنا الحاضر فنقول :

المعارضات الشعرية هي القصائد الشعرية التي قالها الشعراء ثم عارضها شعراء اخرون غيرهم والمعارضة تعني القول على نفس النسق أي مثلها
وفي اللغة عرض\ ظهر، وعارضه\سار حياله، أو أتى بمثل ما أتى به. وعارض الكتاب بالكتاب اي قابله. وقد جاء في معجم لسان العرب أن المعارضة هي المحاذاة.
وجاء في مختار الصحاح للرازي عارضه في المسير أي سار حياله وعارضه بمثل ما صنع أي اتى اليه بمثل ما اتى به

و(اصطلاحا) هي تلك القصائد التي قالها الشعراء فقال مثلها غيرهم معارضة لقصائدهم أي يقول الشاعر قصيدة في موضوع ما، فيأتي شاعر آخر، فينظم قصيدة أخرى على غرارها، محاكياً القصيدة الأولى في وزنها وقافيتها، وموضوعها مع اظهار القدرة على التفوق عليها من حيث اللغة والاسلوب والمعنى والاخيلة الشعرية وانتقاء الصور البلاغية وما اليها من امور التفوق الشعري

و تقتضي المعارضة وجود حدث فني او نموذج شعري ماثل أمام المعارض ليقتدي به، ويحاكيه و يحاول تجاوزه او الاتيان بافضل منه على نفس النسق أي ضمن القافية الواحدة والروي الواحد والبحر الواحد
واقول انما هي نوع من المباريات الشعرية التي قد تجري بين الشعراء، مع العلم انها تختلف عن التقليد فهي نوع من إثبات الذات والمقدرةعلى الإبداع الشعري وتبدأ بنظم شاعر معين قصيدة رائعة فيأتي شاعر آخر يعارضها بنفس وزن هذه القصيدة وموسيقاها الشعرية وبنفس قافيتها وذلك لعدة اسباب منها الإبداع داخل هذا النوع اذ ان هذا الشاعر أعجبه ذلك مثلا فرغب ان يكتب مثل هذه القصيدة التي اعجبته او نقض معاني هذه القصيدة وأفكارها حيث ان الشاعر ربما يتبنى وجهة نظر مضادة، لكنه إمعانًا منه في التحدي يلزم نفسه أن يبدع في نفس القالب الشعري الذي التزمه الشاعر الأول، فيلتزم نفس الوزن والبحر والقافية او الموسيقى الشعرية كما يسمونها حديثا.
تختلف قصائد المعا رضات عن النقائض حيث ان النقائض فن جديد في الشعر العربي وربما يتعبره اخرون امتدادا لشعر الهجاء في الجاهلية وصدر الاسلام الا انه في الواقع اتخذ طابعا جديدا فالنقائض قصائد في منتهى القوة والبلاغة والعاطفة الشعرية تمتاز بطولها وقد قالها فحول شعراء العربية في العصر الاموي في الرد على الخصم فيها او الرد على قصيدة الخصم بحيث ينقضون ما فيها من مدح ويحولونه الى ذم والفخر الى هجاء ويظهر كل منهم مثالب الاخر ومعايبه وقومه وينسبون الفخر والمدح الى انفسهم اوالى قومهم ومن اليهم راجع مقالتي ( النقائض ) المنشورة في موقعي اسلام سيفلايزيشن\ منتدى الشعر .

و ان النقائض زادت من حدة الخلاف وشدة النزاع الحزبي والقبلي بين الاطراف المتنازعة حيث ذهب الشعراء في البحث عن مثالب بعضهم البعض ومثالب اقوامهم واللهاث وراء معرفة كل مثلبة في الشاعر اوفي قومه وعشيرته في الماضي او في الحاضر الا ا نها رسمت صورة لحياة الشعراء واحداث عصرهم فكانت مصدرا مهما من مصادر تاريخ العصر الجاهلي فهي نبش في التاريخ وراء الاحداث وما تمخض عنها من نوازع وامور تهم هذا الطرف او ذاك انها البحث في التاريخ للقبائل العربية ومعرفة مفاخرها ومثالبها للفخر بها او الطعن فيها

المعارضات الشعرية يرجع تاريخ ابداعها إلى فترة صدر الا سلام مثل (قصيدة البردة ) لكعب بن زهير بن ابي سلمى في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي مطلعها \

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم اثرها لم يفد يفد مكبول

تلك التي نالت إعجاب الشعراء كثيراً فأكثروا من معارضتها

اما في العصر الاموي فان المعارضات لم تكن قد عرفت بعد باستثناء حالة بين الشا عر جميل بن معمر، والشاعر عمر بن أبي ربيعة، فقد قال جميل بثينة:

عرفت مصيف الحي والمتربعا
كما خطّتِ الكفُّ الكتابَ المرجعا

فقال عمر بن أبي ربيعة معارضا:

ألم تسألِ الأطلالَ والمتربعا
ببطنِ حليات دوارس بلقعا.

فقد جاءت الألفاظ في قصيدة عمر بن ابي ربيعة شبيهة بمفردات قصيدة جميل التي تمت معارضتها ، وهذا لا ينقص من قدر القصيدة الثانية. والقصيدتان تعارضان قصيدة الصّمّة القشيري التي يقول في مطلعها \

حَنَنْتَ إلى ريّا ونفسُكَ باعَدَتْ

مزارَكَ من ريّا وشعباكما معا

وقيل أن عمر بن أبي ربيعة قد تأثر بشعر جميل بن معمر فأبدى إعجابه برائيته التي يقول فيها \

أغاد أخي من آل سلمى فمبكر؟
أبن لي أغاد أنت أم متهجر؟

فعارضها عمر بقصيدة رائية ايضا تحاكيها روعة وجمالا من نفس الوزن والقافية ومنها قوله:

أمِنْ آلِ نُعْم أنتَ غادٍ فمبكرُ
غداةَ غدٍ أم رائحٌ فمهجّرُ

وفي العصر العباسي وجدت حالات فردية ايضا تأثر فيها الشعراء بقصائد فحاكوها اونسجوا على منوالها من ذلك قصيدة ابي نؤاس التي يقول فيها \

يا ريم هاتِ الدواةَ والقلما
أكتب شوقي إلى الذي ظلما

فقد عارضه الشاعر الخراز بقصيدة التزم فيها ذات الموضوع والوزن والقافية وحركة الروي يقول فيها \

إن باح قلبي فطالما كتما
ما باح حتى جفاهُ مَنْ ظلما

ولم تكثر المعارضات في الشعر العباسي الا انه لا يخلو من نماذج منها
فلما قال أبو تمام قصيدته الرائعة \

السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب
في حدّه الحدُّ بين الجدّ واللعبِ

عارضه الشاعر القيسراني بقصيدة مماثلة مطلعها

هذي العزائمُ لا ما تدعي القُضُبُ
وذي المكارمُ لا ما قالت الكتبُ.


أما المتنبي فقد عارضه الكثير من الشعراء حيث انه (مالئ الدنيا وشاغل الناس). كما قيل فيه وهل من شاعر بعد المتنبي فكل الشعراء عيال عليه فعندما قال قصيدته في مدح سيف الدولة \

على قَدْرِ أهلِ العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ.

عارضها ابن زريك بقصيدته التي مطلعها:

ألا هكذا في الله تمضي العزائمُ
وتقضي لدى الحرب السيوفُ الصوارمُ

و عارضها الشاعر القائد أسامة بن منقذ بقصيدة مطلعها:

لك الفضل من دون الورى والأكارم
فمَنْ حاتمٌ؟ ما نال ذا الفخر حاتمُ

-وعندما قال المتنبي قصيدته الاخرى التي يمدح بها سيف الدولة، ومطلعها :

أعلى الممالك ما يُبنى على الأسَلِ
والطعنُ عند محبيهن كالقبلِ

عارضه الشاعر عبيد الله الموصلي بقصيدة مطلعها:

ظبا المواضي وأطراف القنا الذبل
ضوامنٌ لك ما جازوه من نفل

-وعندما قال المتنبي قصيدته في تفضيل الاعرابيات على بنات الحضر او بنات المدن او الحضريات التي مطلعها :

بأبي الشموس الجانحات غواربا
اللابسات من الحرير جلاببا

عارضه الشاعر صفي الدين الحلِّي احد شعراء الفترة الراكدة بقصيدة مطلعها\

أسبلن من فوق النهود ذوائباً
فجعلن حباتِ القلوب ذوائبا

وكذلك قصيدة البوصيري في مدح الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وقد عارضها كثيرون بعده :
ويعد هذا الفن إحياء للفن العربي ولتراث الشعراء السابقين في كل زمان ومكان، حيث نشطت فيه حركة الشعر العربي وقد شدت وبقوة هذه المعارضات الشعرية ماضي الشعر العربي بحاضره وربما بمستقبله في حالة وجود شعراء يتبعون هذا النسق من القصائد العربية

و أن المعارضات وجدت ايضا في الشعر العربي الأندلسيّ ،فقد شعر الأندلسيون أنهم أقل من الشعراء العرب في الشرق علماً في علم الشعر فقام كثير من شعراء الأندلس بمعارضة قصائد مشهورة لشعراء في شرق البلاد الاسلامية كما تلقبوا بألقاب كبار شعراء الشرق العربي ، فلقّب ابن درّاج القسطلي بـ ( متنبي الأندلس ) ، لكثرة معارضاته للمتنبي ، ولقّب ابن زيدون بـ ( بحتري الأندلس ) ؛ لكثرة معارضاته للبحتري. من ذلك معارضة أبي بكر الأشبوني لرائية أبي فراس الحمداني التي مطلعها:

أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبرُ
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ؟

فقال الأشبوني:

وليل كهمّ العاشقين قميصُهُ
ركبتُ دياجيه ومركبُهُ وعْرُ.

ومعارضة ابن دراج القسطلي لأبي نؤاس التي يمدح فيها الخصيب، ومطلعها:

أجارةُ بيتينا أبوك غيورُ
وميسورُ ما يُرجى لديك عسيرُ

فعارضه ابن درّ ا ج بقصيدة يمدح فيها المنصور بن أبي عامر، مطلعها:

ألم تعلمي أنّ الثواءَ هو الثرى
وأنّ بيوتَ العاجزين قبورُ

وعارض أبو الحسن البغدادي الملقب الفكيك الشاعر مسلم بن الوليد في قصيدته التي قالها في مدح الرشيد والتي قال فيها:

أديرا عليّ الكأسَ لا تشربا قبلي
ولا تطلبا عند قاتلتي ذحلي

فقال ابو الحسن معارضا:

لأية حال عن سُنّةِ العدل
ولم أصغ يوما في هواك إلى العذل

كما عا رضها محمد بن عبد ربه صاحب العقد الفريد بقوله:

أتقتلني ظلماً وتجحدني قتلي
وقد قام من عينيك لي شاهد عدل

-وعارض أبو بكر بن نصر الإشبيلي أبا تمام في رائيته التي يمدح فيها المعتصم والتي مطلعها:

رقّتْ حواشي الدهر فهي تمرمرُ
وغدا الثرى في حليه يتكسّرُ

فقال ابو بكر الإشبيلي:

انظرْ نسيمَ الزهر رقّ فوجههُ
لك عن أسرّته السرية يُسفرُ

وقد عارض الشاعر محمود سامي البارودي عظماء شعراء العربية لمقدرته الفائقة على مجاراتهم وقدرته على الخلق والابداع

يعتبر الشاعر الكبير أمير الشعراء أحمد شوقي المتصدر في شعر المعارضات في العصر الحديث ؛ لأنّ قصائده كانت بعثاً وإحياءً لقصائد البحتري في الوصف ، والمتنبي ، وأبي تمام في الحماسة ، والبوصيري في المدائح النبويَّة ، وابن زيدون في الغزل ؛ فحققت معارضاته إنجازاً وقوةً وإبداعاً .

وقبل ان اخرج من القول في هذا الفن الجميل اود ان اذكر نوعا اخر من القصائد الشعرية الا وهي المطارحات و التي هي قريبة من المعارضات وقد ازدهرت المطارحات في مجال الأنس والسمر والشراب، من ذلك قصيدة أبي نواس همزيته في وصف الخمر، والتي مطلعها:

دَعْ عنك لومي فإنّ اللومَ إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الداءُ

فعارضه الحسين بن الضحاك بقوله:-

بُدّلت من نفحات الوردِ بالآء
ومن صبوحك درّ الإبل والشاءِ

فقد تابعه الخليع في ذكر الخمر والشعوبية. كما عارضه ابن المعتز في قصيدة يقول فيها :-

أمكنت عاذلتي من صمت أباء
ما زاده النهي شيئاً غير إغراء

وقبل ان اختم هذا الموضوع الشيق اذكر ثلاث قصائد قد راقت لي في هذا الفن وهي قصائد سينية القافية اولها للبحتري و عارضها كل من الشاعر احمد شوقي والشاعر عبد الله بلخير يعارضان فيها البحتري وشوقي كليهم احدهما بعد الاخر حيث تعتبر بحق اجمل القصائد المعارضة لبعضها في الشعر العربي لحد الان \
وهذه هي القصائد الثلاث \

1- سينية البحتري:-

وصف الشاعر العباسي البحتري إيوان كسرى في سينيته المشهورة التي تتوارد في أبياتها العظمة التاريخية لهذه الدولة التي كانت ذات قوة عظيمة ثم اضمحلت واندثرت يقول فيها:



صُـــنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
وَتَرَفَّعــــــــــتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـر
التِماساً مــــــــــِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِـــــندي
طَفَّفَتها الأَيّـــــــــــامُ تَطفيفَ بَخسِ

وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفَـــــــــــــــهٍ
عَلَلٍ شُـــــــربُهُ وَوارِدِ خِـــــــمسِ

وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحــــــمولاً
هَواهُ مَـــــــعَ الأَخَسِّ الأَخَــــــــسِّ

لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللـــــــــــَيالي
جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ عُــــــــــرسِ

وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ قَـــــــومٍ
لا يُشابُ الـــــــبَيانُ فيهِم بِلَــــبسِ

وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ أَنطـــــاكِيَّة
ِارتَعـــــــتَ بَينَ رومٍ وَفُـــــــــرسِ

وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَــــــــروان
ُزجي الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفــــــسِ

في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عـــــَلى
أَصفَرَ يَختالُ في صَبيـــــغَةِ وَرسِ

وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَــــــــــــدَيهِ
في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغمـاضِ جَرسِ

مِن مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمـــــحٍ
وَمُليحٍ مِــــــــنَ السِنانِ بِتُـــــرسِ

تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحــــــــياءٍ
لَـــــهُم بَينَهُم إِشـــــــارَةُ خُــــرسِ

يَغتَلي فيهِم ارتيِابي حَـــــــــــتّى
تَتَقَرّاهُـــــــــــمُ يَدايَ بِلَــــــــــمسِ

وَتَوَهَّمتُ أَنَّ كِسرى أَبَـــــــرويزَ
مُعــــــــــاطِيَّ وَالبَلَهبَذَ أُنــــــــسي

وَكَأَنَّ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَنعَةِ
جَوبٌ في جَــــــــــنبِ أَرعَنَ جِلسِ

يُتَظَنّى مِنَ الكَآبَةِ إِذ يَبــــــــــــدو
لِـــــعَينَي مُصـــــَبِّحٍ أَو مـــــُمَسّي

مُزعَجاً بِالفِـــراقِ عَن أُنسِ إِلفٍ
عـــــَزَّ أَو مُــــرهَقاً بِتَطليقِ عِرسِ

عَكَسَت حَظُّهُ اللَيالي وَباتَ المُشـ
تَـــــري فيهِ وَهوَ كَــــــوكَبُ نَحسِ

فَهوَ يُبدي تَجَــــــــــــــلُّداً وَعَلَيه
كَلـــــكَلٌ مِن كَلاكِلِ الدَهـــرِ مُرسي

لَم يَعِبهُ أَن بُزَّ مِن بُسُطِ الــديباج
وَاِســـــتَلَّ مِـــــن سُتورِ المَـــــقسِ

مُشمَخِّرٌ تَعلو لَهُ شُـــــــــــــرُفاتٌ
رُفِعَت في رُؤوسِ رَضوى وَقُـدسِ

لابِساتٌ مِنَ البَياضِ فَما تُـــبصِرُ
مِـــــنها إِلـــــّا غـــــَلائِلَ بــــــُرسِ

لَيسَ يُدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجـــــــِنٍّ
سَكَنـــــوهُ أَم صـــــُنعُ جِــنٍّ لِإِنـسِ

فَكَأَنّي أَرى المَراتِبَ وَالقَــــــــومَ
إِذا مـــــا بَلَغتُ آخِـــــرَ حِسّــــــــي

وَكَأَنَّ الوُفودَ ضاحينَ حَســـــرى
مِن وُقـــــوفٍ خَلفَ الزِحامِ وَخِنسِ

وَكَأَنَّ القِيانَ وَسطَ المَقاصــــــيرِ
يُرَجِّـــــعنَ بَينَ حُـــــوٍ وَلُعــــــــسِ

وَكَأَنَّ اللِقاءَ أَوَّلَ مِن أَمــــــــــسِ
وَوَشـــــكَ الفِـــــراقِ أَوَّلَ أَمـــــسِ

وَكَأَنَّ الَّذي يُريدُ إِتّـــــــــــــــِباعاً
طامـــــِعٌ في لُحوقِهِم صُبحَ خَـمسِ

عُمِّرَت لِلسُرورِ دَهراً فَــــصارَت
لِلـــــتَعَزّي رِبـــــاعُهُم وَالتـــــَأَسّي

فَلَها أَن أُعينَها بِدُمــــــــــــــــوعٍ
موقَفاتٍ عَلى الصـــــَبابَةِ حُـــــبسِ

ذاكَ عِندي وَلَيسَت الـــدارُ داري
بِإِقتِرابٍ مِنها وَلا الجــــِنسُ جِنسي


2- سينية شوقي\
وصل شوقي إلى بلاد الأندلس بعد رحلة طويلة مضنية في أرجاء البلاد عندما قرر الانجليز نفيه من مصر شاهد خلالها الأطلال والآثار المتهدمة من القصور والقلاع والجوامع، هيجت لديه الأحزان، وجددت به الآلام وهزت فيه الوجدان فأثارت مشاعره وشحذت أحاسيسه، وتجلت في خياله قصيدة البحتري، فانطلقت قيثارة شعره بسينيته معارضاً بها البحتري في خضم الظروف السيئة التي أحاطت به، وآثار الرحلة الشاقة التي زادت من تعاسته وعذابه النفسي،و تطأ قدمه أرض الأندلس التي تضم أروع صور التاريخ الإسلامي وأزهرها وأشرقها،
فأنشأ يقول:

اخـــــتلاف النــــــهار والـــــليل ينسي
اذكــــــرا لـــي الصبا وأيـــــام أنسي

وصـــــفا لـــي ملاوة مـــــن شـــــباب
صـــــورت مــــن تصـــــورات ومس

عصـــــفت كالصبا اللــــعوب ومـــرت
ســـــنة حـــــلوة ولـــــذة خــــــــــلس

وســلا مصر: هل سلا القلب عــــنها
أو أسا جـــــرحه الـــزمان المؤسي

كلـــــما مـــــرت الـــــليالـــي عـــــليه
رق، والعـــــهد فـي الليالي تقــــسي

مســـــتطـــــار إذا البـــــواخـــــر رنت
أول الـــــليل، أو عوت بــــعد جرس

راهـــــب فـــــي الضلوع للسفن فطن
كـــــلما ثرن شاعـــــهن بنــــــــــقس

يا ابـــــنة اليـــــم، ما أبـــــوك بـــخيل
مـــــاله مولعاً بمـــــنع وحــــــــــبس

أحـــــــرام عــــلى بلابـــــله الـــــدوح
حــــلال للـــــطير من كـــــل جـــنس؟

كـــــل دار أحـــــق بـــــالأهـــــــــل إلا
في خبيث مـــــن المـــذاهب رجـــــس

نفســـــي مـــــرجل، وقـــــلبي شراع
بهما في الدموع ســـــيري وأرســــي

واجـــــعلي وجهك (الفنار) ومجراك
يـــــد (الثغر) بــــين (رمل) و(مكس)

وطـــــني لو شـــــغلت بالخلد عـــــنه
نازعتني إلـــــيه في الخـــــلد نفسي

وهـــــفا بالفـــــؤاد فـــــي سلســـــبيل
ظمأ للـــــسواد مـــن (عين شمس)

شهد الله لـــــم يغب عـــــن جـــــفوني
شخـــــصه ساعـــــة ولم يخل حسي

يـــا فــــؤادي لكـــــل أمـــــر قـــــرار
فــيه يبـــــدو وينجـــــلي بعـــــد لبس

عقلـــــت لجـــــة الأمـــــور عـــــقولاً
طالت الحوت طـــــول ســـبح وغس


غـــــرقت حـــــيث لا يصاح بطـــــاف
أو غـــــريق، ولا يصـــــاخ لحـــــس

فلـــــك يكســف الشـــــموس نــهــاراً
ويســـــوم البـــــدور ليـــــلة وكــس

ومـــــواقـــيت للأمـــــور إذا مـــــــــا
بلغـــــتها الأمـــــور صـــــارت لعكس

دول كالرجـــــــــــــــال مـــرتهـــــنـات
بقـــــيام مـــــن الجـــــدود وتـــــعس

وليـــــال مــــن كـــــل ذات ســــــــوار
لـــــطمت كـــــل رب (روم( و(فرس(

ســـــددت بالهـــــلال قوســــاً وســلت
خنـــــجراً ينـــــفذان مـــــن كل ترس

حكـــمت في القرون (خوفو) و(دارا)
وعـــــفت (وائلاً) وألـــــوت) (بعبس(

أيـــــن (مروان) في المشارق عــرش
أمـــــوي وفي الـــــمغارب كــــرسي؟

سقمت شـــــمسهم فـــــرد عــــــــليها
نـــــورها كل ثاقـــــب الرأي نـــــطس

ثم غابت وكل شمس سوى هـــــــاتيك
تبلـــــى، وتنـــــطوي تحـــــت رمس


وعـــــظ (البحتري) إيـــوان (كسرى)
شـــــفتني القصور من (عبد شمس(

رب ليـــــل ســـــريت والبرق طـــرفي
وبساط طويـــــت والريـــــح عنسي

أنظم الشرق في (الجزيرة) بالـــــغرب
وأطوي الـــــبلاد حزنـــــاً لـــــدهس

فـــــي ديـــــار من الخـــــلائف درس
ومـــــنار مـــــن الطـــــوائف طمس

وربى كالـــــجنان في كنف الـــزيتون
خـــــضر، وفـــــي ذرا الكرم طـــلس

لـــــم يرعـــــني سوى ثرى قــــرطبي
لمست فيه عــــــــــبرة الدهر خمسي

يـــــا وقى الله مـــــا أصبح مــــــــــنه
وسقى صــفوت الحيا ما أمــــــــــسي

قرية لا تـــــعد في الأرض كـــــــــانت
تمسك الأرض أن تمــــــــــيد وترسي

غشيت ســـــاحل المحيط وغــــــــطت
لجة الروم من شراع وقـــــــــــــــلس

ركب الدهر خـــــاطري فــــي ثراهــــا
فأتى ذلك الــــــــــحمى بــعد حـــــدس

فتجلت لي القصور ومـــــــــن فيـــــها
من العــــــــــز في مــــــــــنازل قعس

ســـــنة من كـــــرى وطـــــيف أمـان
وصــــــــحا القلب مـن ضلال وهجس

وإذا الـــــدار ما بها مـــــن أنيـــــــس
وإذا القوم ما لــــــــــهم مـــــن محس

ورقيـــــق مـــــن الـــــبيوت عـــــتيق
جاوز الألف غير مــــــــــذموم حرس

أثـــــر مـــــن (مــحـــــمد) وتـــــراث
صــــــــار (للروح) ذي الولاء الأمس

بلــــــــغ النجـــــم ذروة وتنـــــاهـــــى
بين (ثهلان) في الأساس و(قـــــدس)

مـــــرمر تســـــبح الـــــنواظر فـــــيه
ويطــــــــــــــول المدى عليها فترسي

وســـــوار كأنـــــها فـــــي اســـــتواء
ألفــــــــــات الوزير في عرض طرس

فـــــترة الدهـــــر قد كست ســـطريها
مــــــا اكتسى الهدب من فتور ونعس

ويحـــــها! كـــــم تـــــزينت لعلــــــــيم
واحــــــــــد الدهر واستعـــدت لخمس

وكـــــأن الرفيف فـــــي مسرح العين
مــــلاء مــــــــــدنرات الــــــــــدمقس

ومكـــــان الكـــــتاب يغـــــريك ريـــــاً
ورده غــــــــــائباً فــــــــــتدنو للـمس

صـــــنعة (الداخـــــل) المبـــــارك في
الغـــــرب وآل لـــــه ميامـــين شمس

مـــــن (لحمراء) جـــــللت بغبـــــــــار
الدهر كالـــــجرح بـــــين بـرء ونكس

كـــــسنا البرق لو مــحا الضوء لحظاً
لمحتها العـــــيون مـــــن طــول قبس

حصـــــن (غرناطة) ودار بني الأحمر
مـــــــن غـــــافل ويقـــــظان نـــــدس

جـــــلل الثلج دونـــــها رأس (شيرى)
فـــــبدا مــــــــــنه في عـصائب برس

ســـــرمد شـــــيبه، ولـــــم أر شـــــيئاً
قـــــبله يــــــــــرجى البــــقاء وينسي

مشت الحادثات في غرف (الحمراء(
مــــــــــشي النـــــعي في دار عــــرس

هـــــتكت عــزة الحجـــــاب وفـــــضت
ســــــــــدة الباب مــــن سمير وأنسي

عـــــرصات تخـــــلت الخــيل عـــــنها
واســــــــــتراحت من احتراس وعس

ومغـــــان عـــــلى الليالـــي وضـــــاء
لـــــم تجــــــــــد للــــعشي تكرار مس

لا ترى غـــــير وافدين عـــلى التاريخ
ساعـــــين فـــي خـــــشوع ونـــــكس

نقلوا الطـــــرف فـــــي نضـــــارة آس
مـــــن نقــــوش، وفي عصارة ورس

وقبـــــاب مـــــن لازورد وتـــــــــــــبر
كالـــــربى الشـــــم بيـــن ظل وشمس

وخطـــــوط تكـــــفلت للمـــــعانــــــــي
ولألفـــــاظـــــها بـــــأزيـــــن لـــــبس

وتـــــرى مجـــــلس السبـــــاع خـلاء
مـــــقفر القـــــاع مــــن ظباء وخنس

لا (الثـــــريا) ولا جـــــواري الثريـــــا
يـــــتنزلن فـــــيه أقـــــمار إنـــــــــس

مـــــرمر قامـــــت الأســـــود عـــــليه
كـــــلة الظـــــفر ليـــــنات المـــــجس

تنثر المـــــاء في الحـــــياض جمــــاناً
يـــــتنزى عـــــلى تـــــرائب مـــــلس

آخـــــر العـــــهد بالجزيـــــرة كــــانت
بـــــعد عـــــرك مــن الزمان وضرس

فتـــــراها تقـــــول: رايـــــة جـــــيش
باد بالأمـــــس بـــــين أســـــر وحـس

ومفـــــاتيحها مقـــــالـــــيد مــــــــــلك
بــــــــــاعها الوارث المضــيع ببخس

خـــــرج القــــوم في كـــــتائب صـــــم
عن حــــــــــفاظ كموكب الدفن خرس

ركـــــبوا بالبـــــحار نعـــــشاً وكـــانت
تحــــــــــــت آبائهم هي العرش أمس

رب بـــــان لهـــــادم، وجـــــمـــــــوع
لمـــشت ومحــــــــــسن لمــــــــــخس

إمـــــرة الـــــناس هـــــمة لا تــــــأنى
لـــــجبــان ولا تســـــنى لــــــــــجبس

يا ديــــــــــاراً نزلت كالخلد ظــــــــــلاً
وجـــــنى دانياً وســــــــــلسال أنـــس

مـــــحسنات الفـــــصول لا نـاجر فيها
بقـــــيظ ولا جــــــــــمادى بـــــــقرس

لا تـــــحش العـــــيون فـــــوق ربــاها
غـــــير حـــــور حــو المراشف لعس

كســـــيت أفـــــرخي بظـــــلك ريـــشاً
وربـــــا فـــــي ربـــاك واشتد غرسي

هـــــم بـــــنو مـــصر لا الجميل لديهم
بمضـــــاع ولا الصـــــنيع بـــــمنسي

مـــــن لسان عـــلى ثنـــــائك وقـــــف
وجـــــنان عـــــلى ولائـــــك حـــــبس

حسبـــــهم هـــــذه الطـــــلول عـــظات
مــن جـــــديد على الدهـــــور ودرس

وإذا فاتـــــك التفـــــات إلـــى الماضي
فـــــقد غـــــاب عـــــنك وجه التأسي


3- و الشاعر عبدالله بلخير كتب سينيته معارضاً البحتري وشوقي
قائلاً:-

ذكرياتي مـــــــــــا بين يومي وأمسي
هي عمري ما بين سعدي ونــــــحسي

ضاع منها ما ضــاع في مهمه العمر
وطواها بين اخـــــــــــــضرار ويبــس

وتبقى منها الــــــــذي رسبت مـــــنه
رؤى لا تــــــــرى بفــــــــكري وحسي

مومضات تشع طوراً وتخــــــــــــــبو
في شريط، في ظلمة الــــــذهن منسي

تتعــــــالى به حياتــــــــي وتكــــــــبو
بين كرب مـــــــن الزمان وأنســــــــي

خــــــــاض أمواجها شراعي يطـوي
البـحر طياً بــــــــه يسير ويــــــــرسي

تتغشاه من أعــــــــاصير الـــــــهوج
مــــــــثال الجــبال (رضوى) و(قدس(

فهو ما بينها يغــــــــوص ويطــــــفو
ثــــــــم يمــــضي على ظهور وغطس

هو عمر مضى وقد أذن العــــــــصر
فأضحى مصــــــــبح العـــــــمر ممسي

وهــــــــو في دورة المحاق فلم تبق
اللــــــــيالي مـــــــن بدرها غير سدس

ما تبــــــــقى من ذكريــــــــاتي عنه
قــــــــطرات عــــــلى حصى منه ملس

جـــــف في بعدها نداها فــــــــلا تبتل
من مســــــــها بنــــــــاني بمــــــــسي

طافت الــــــذكريات بي فــــــــي ذرى
(الحمراء) في عالم على المجد مرسي

طفــــــــت فيها وفي حناياي مــــــنها
زفــــــــرات الواعي، العليم، الـــمحس

نادباً عــــــــزها، وملك (بني الأحمر)
فيها، بــــــــهيبة المــــــــلك مـــــكسي

طفت أرجــــــــاءها وبــــين صياصيه
كــــــــأني أطــــــــوف فيــــها برمسي

في جموع تــــــــوافدت من زوايا الـ
أرض كانت غــــــــريبة الــــدار ليسي

تتلاقى أنــــــــظارهم فــــــــي تلاقيهم
وتصــــــــغي الآذان في كـــــــل دعس

في وجوم كأنهم فــــــــي عـــزا موت
فــــــــقيد لــــــــهم ورنــــــــات تقــس
هي هذي (الحمرا) ولا غـــــــالب إلا
لله كــــــــانت (دار الخــــــــلافة) أمس

كانت الملك والخــــــــلافة والــــــفتح
لآل مــــــــن العــــــــروبة شــــــــمس

ثـــــم زالت وزال ملك (بني الأحمر(
مــــــــــــــــنها لمــــــــا أصيب بنـكس

مثل ما زال مـــــــلك (دارا) و(قسطنـ
طين) في الأرض بعــــد ملك (تحمس

وانتــــــــهى (هيـــــــنبال) و(إسكندر
الأكبر) وانهار مـــلك (روم) و(فرس(

سنة الكــــــــون أن يزول وينــــــــهار
بناء الباني عــــــــــــــــلى غــــير أس

تلك (حمراؤنا) على مفرق (أوروبا
مــــــــنار يهدى بــــــــه كل مـــــمسي

وهي في حمرة العقيق تـــــــــــراءت
تتــــــــلألأ وفــــــــي بريق الــــدمقس

مشرئباً إلى رفافها أرنو إليهــــــــــــا
تفــــــــيض بالــــــــحزن نفـــــــــــسي

خــــــاشع الطرف عندما لاح لــــــــي
فيها (المصلى) ولاح (تاج) و(كرسي(

فاقشعرت مشاعري وتـــــــــــــراءت
لـــــــي رؤى حاضري الحزين كأمسي

خـــيلت لي تموج أكــــــــنافها بالخيل
كالصبح في صهــــــــيل وعـــــــــــس

أشرقت في سنا (الخلافة) تــــــــزهو
بــــــــرجال شــــــــم المعاطس نــطس

والكراديس من (تجيب) ومن (حمير(
(صنــــــــهاجة) الفــــــــتوح و(قيس(

وقــــــــفوا في رماحــــــــهم وظـباهم
كــــــــسنا الفــــــجر بين طرد وعكس

في ظــــــــلال المصفقات من الرايات
فــــــــي (خزرج) تــــــــرف و(أوس(

فوق هامات قــــــــادة (العــرب) من
(عبد مناف) ومـــن بني (عبد شمس)

والأذان الــــــــداوي عـــلى الهضبات
الخضر يدعو إلى فرائض خــــــــمس

تتعــــــــالى به قراهــــــــم وتسمـــــو
حــــــــين تصحو عليه أو حين تمسي

وتــــراءى لي (الخليفة) في إيوانه
مصــــــــبحاً بــــــــها أو ممــــــــسي

حوله الفاتحون فــــــــي زرد الفولاذ
يــــــــزهون فــــــــي إبــــــــاء وبأس

فلك شع بالشموس أنـــــــار الغرب
عــــــــبر القــــــــرون فــــي كل درس

ما رأت فــــــي ظلامها قبله (أوروبا)
ضيــــــــاء يضــــــــيء فيـــــها بقبس

مثل أضواء (قرطبا) وسنا (غرناطة)
فــــــــــــــــي الدجــــــى ونور (بلنس(

كـــانت الأرض كلها تتــــــــــــــــلاقى
حــــــــــــــــول أبوابها ومن كل جنس

تتلقى العلم الغزير على أعــــــــلامها
الغر من إمــــــــــــــــام وكيـــــــــــس

ووفود (الرومان) و(الغال) و(الجر
مان) حول الأبواب أطــــــــــياف نكس

وقفوا في الصفوف يلتمسون الإذن
لا ينــــــــــــــــبسون فيها بنــــــــــبس

كلما لاح حاجب حفت الأنظـــــــــــــار
مــــــــــــــــنهم به ولــــــــفت بـوجس

كـــــلهم شاخص إلى الإذن في غمزة
طــــــــرف أو فــــــــي إشارة خــــلس

شــــــــرف باذخ لهم أن يقــــــــوموا
فــــــــي صـــفوف على ظلال الدرفس

يستظلون بـ (الخــــــــــــــــلافة) فيها
وهي عدل يبنــــــــي وينــشي ويكسي

تلك (حمراؤنا) بنـــــاها (بنو الأحمر)
يضـــــــــــــــــحي الخيال فيها ويمسي

تخت مــــــــــلك الإسلام فوق روابي
(البيرينه) الخــــــــــضرا أقيم وأرسي

فاحت الأرض حولها بالربيع الطـــلق
قــــــــد ضاع من خــــــــزامى وورس

عبق لا تــــــــــــــــزال أستارها تنفثه
فــــــــي الأكــــــــف، في كــــــل لمس

وهي تــــــــختال في مطارفها الحمرا
عـــــــــــــــروساً يزهو بها ليل عرس

طفت فيها أجر خطوي، ودقــــــــــات
فــــــــــــــــؤادي تقود ترجيع دعــسي

وتجــــــــــــــــولت بين أروقة القصر
حــــــــــــــــزيناً في خيبتي بعد يأسي

تتوالى خواطــــــــري ورؤى شجوي
بــــــــــــــــذهني على خيالي وهجسي

حينما راعــــــــني الذي راعني منها
فــــــــــــــــحوقلت في قنوطي وبؤسي

وتحــــــــسست مهجتي وعرى قلبي
فـــــــــــــــــــــــــــلم أهتد إليها بحسي

فتهاويت خائر العــــــــــــــــــــزم ثاو
واضــــــــــــعاً راحتي من حول رأسي

شـــــــــــارد الذهن لا أرى ما أمامي
حاسباً رجـــــــــس أمتي أمس رجسي

وعــــــــلى هامتي هواني على نفسي
هـــــــــــــــوان المجنى عليه المخس

فكـــــــــــــــــــأني وحدي الملوم على
تعـــــس جدودي يهزني هول تعسي

تــــــــــــــــلك حمراؤنا وحين أسميها
أســــــــــــــــمي ما أفـــــــتديه بنفسي

مجــــــدنا الأعظم الذي انقض وانهار
وما زال ذكــــــــــــــــــره اليوم قدسي

نـــــــاح (شوقي) على مشارفها قبلي
تشـــــــــــــاجى بـ (البحتري) في تأس

وتشاجيت منهما حـــــــــــــــين سالت
دمــــــــــــــوعي على يراعي وطرسي

وتماديت حين زاحمت فـــي (القصر
) (الأميرين) فــــــــــي غرور (البرنس(

فقصور الحمــــــــــــــــراء (دار أبي
سفيان) داري والجنس لا شك جنسي

حــــــــــــــاملاً رايتي أهز بها شعري
تعــــــــــــــــــالت به جذوري وغرسي

ما تخطتني الصفوف فمن حــــــــولي
وخلفي (قيسي) و(عبسي) و(عنسي(

جـــــــــــــــزتهم في سما (عكاظ) فقد
رف جنـــــاحي على السحاب وجرسي

يتبـــــــــــــــــــــارون في لحاقي وهم
خــــــلف غباري على مدى قاب قوس

وأنا عــــــــــــــــــند (سدرة المنتهى)
أرنو إلـــــــــــــيهم على أهازيج قعس

لا أبــــــــــــــــالي بأن يغص بما قلت
شــــــــحيح الإنصاف في ضيق نفسي

فكثير ألا يقال لــــــــــــــــمن أحـــسن
أحســـــــــــــــــنت، في الزمان الأخس

هـــــــمسات رنت بأذني في (الحمرا)
كهــــــــــــــــمس الجني في أذن إنسي

فتريثت فــــــــي مقــــــــــــــــاصيرها
أصــــــــــــغي إليها بكل وعيي وحسي

سابحاً فــــــــي مشاعري في متاهات
تلاقى فيــــــــــــــــــــها يقيني بوجسي

كيف كـــــــــنا، وها هو اليوم ما كان
وكـــــــــــــــــــــنا، أطلال سعد ونحس

هي هذي ديارهم عـــــــــــــبرة الدنيا
وكــــــــــــــــــــــبرى العظات للمتأسي

بقيت عبرة يطــــــــــــوف بها الناس
وتــــــــــــــــــرنوا لها العيون فتخسي

ويحج (السياح) ساحــــــــاتها ماجت
بأفواجهم بزهــــــــــــــــــــــــو وميس

كل ركـــــــــــــــــــــــن منها يئن لما
مـــــــــــــــــر عليها من نائبات وحس

بحــــــــــــــــت النائحات فيها عــــلى
الا ضــــــــاع يندبن في مواكب عمس

وأمحى ما عــــدا (شعار) بني الأحمر
وما زال فضــــــــــــــــــــلة المتحسي

وهو فــــيما يرى (ولا غالب إلا الله)
فيه أسى الخــــــــــــــــــطوب المؤسي

يصــــــــــــــــطفيه (السياح) في سوق
( غرناطة) فــــي هزء من أصيب بمس

جــــــــــــــــــعلوه مثل الدنانير ذكرى
حــــــــــــــــــول أعناقهم تـدلى بسلس

اما المطاردات الشعرية في نوع من المباريات او المسابقات في الشعر ظهر احدث من المعارضات والمطارحات ويستعمل في السباقات الشعرية في الدواوين والتجمعات وفي الكتاتيب والمدارس
وهي ان ياتي الفريق المتسابق ( مفردا او جماعات ) باحد ابيات الشعر فياتي الاخر ببيت من الشعر ايضا يبدا بحرف القافية التي انتهى به البيت الاول او الذي قاله الفريق الا ول وهكذا يتبارى الفريقان حتى يعجز احدهما عن الاتيان ببيت شعر يبدا اوله بحرف قافية الفريق الاخر فياتي به الفريق الاول فيكون الفوز او الغلبة له . وهذا ما كنا نفعله من نحن طلاب في المدرسةالثانوية في درس اللغة العربية .
مثال على ذلك يقول المتسابق الاول:

ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

فيقول الاخر :
نحن قوم ابت اخلاقنا شرفا
ان نبتدي بالاذي من ليس يؤذينا

فيقول الاخرومن حرف النون ايضا حيث انتهى البين في حرف النون :

نقلوا الطـــــرف فـــــي نضـــــارة آس
مـــــن نقــــوش، وفي عصارة ورس

وعلى الطرف الاخر ان ياتي ببيت يبدا بحرف السين لان البيت الاخير انتهى بحرف السين وهكذا حتى يعجز احد الفريقين فياتي به الفريق الاخر فيكون الفريق الفائز






**************************************
























الفصل الخامس

اشهر شعراء العربية في العصر الاموي



جرير بن عطية


هو جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي من قبيلة يربوع ومن رهط كليب
ولد في خلافة عثمان بن عفان ونشأ في بيت فقير, قضى طفولته وصباه يرعى الاغنام .
وقال الشعر منذ صغره متحديا كل الظروف الملمة به

قضى جرير فترة شبابه باليمامة وتهاجى في الشعر مع الفرزدق ثم انتقل الى البصرة عند سيطرة الامويين عليها بعد القضاء على ثورة مصعب بن الزبير وظل يتهاجى مع الفرزدق الذي كان ساكنا فيها وقد مدح جرير فيها بشر بن مروان والحجاج بن يوسف الثقفي وغيرهما وكانا هذين من ولاة الامويين عليها وكان الحجاج سببا في وصول جرير الى الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان لمدحه ثم مدح الخلفاء الامويين الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبدالملك وهشام بن عبد الملك وعد من شعراء الخلافة والبيت الاموي في وقت كانت قبيلته ضد الحكم الاموي
بقي جرير ينافس الاخطل والفرزدق بمدحه لخلفاء بني امية الا ان نشبت بين الفريقين مهاجاة عنيفة ازدادت عنفا بمرور الزمن واستمرت حتى توفي جرير سنة 114 هجرية.

اشتهر جرير بالهجاء والمديح حتى عد من اشهر شعراء العصر الاموي واشهر شعراء الهجاء في العربية ويتميز هجاؤه بالبذاءة والسب والمهاترة وتقصي عيوب خصومه ومثالبهم ومثالب اقوامهم وفضحها وخاصةالمخزية منها بسخرية لاذعة وتهكم مقذع ولعل ذلك يرجع الى نشوئه في بيت وضيع حقير واشتداد العصبية القبلية والخصوما ت السياسية في زمنه والتي كان طرفا في كل
منها اضافة الى شاعريته الفذة.

وقد خص في هجائه الشاعرين الاخطل والفرزدق اكثر من غيرهما لهذه الاسباب ولوجود المنافسة بينهم على مدح الخلافة والتقرب منها فكان يعيب على الفرزدق تهكمه وفسقه ومجونه وعلى الاخطل نصرانيته وشربه الخمرة وانتصار قيس على تغلب وما صب عليهما في النقائض من سباب وهجاء مقذع وشديد يؤيد ما قلناه في الهجاء .
بالاضافة الى الهجاء برع جرير في المدح وخص به الخلافة الاموية وامرائها وكان مدحه للتكسب والحصول على المال لمعالجة فقر حالته كما برع في الغزل التقليدي الذي افتتح به قصائده وكذلك اشتهر بالفخر والرثاء والوصف

ومن خلال تتبعي لشعر جرير لاحظت ثلاثة امور لم اجدها عند غيره من الشعراء :-
الاول - ان جرير قال بيتين في شعر الغزل يعدان من افضل ماقيل في الغزل بالعربية- رغم كونه ليست من شعراء الغزل ولم يتوله باحد اويعشق احدا- ولم يقل الشعراء مثليهما في الشعرالعربي على مدى العصور:

ان العيون التي في طرفها حور

قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن اضعف خلق الله انسانا

والثان - انه تكالب عليه الشعراء في النقائض والهجاء فافحمهم واسكتهم ونقض قصائدهم بافضل منها قصائدا واشد معنى واقوى اسلوبا وكان سببا في وجود شعر النقائض في العربية
والثالث - طيبة نفس جرير جعلته ينسى كل ماقاله فيه الفرزدق من هجاء مقذع في قصائده اذ انه لما سمع بوفاة الفرزدق قام برثا ئه افضل رثاء في قصيدة رائعة تعد من روائع الشعر العربي و تنم عن الخلق العربي الاصيل

شعر جرير من الطبقة الاولى واني لأعتبره من اشهر شعراء العربية في العصر الاموي . كان شعره مفهوم اللفظ سهل العبارة واضح المعاني جيد المباني خال من التعقيد عندما تقرأه تنسجم معه وتنفتح نفسك اليه كانه قاله الان او ا نشدك به حاضرا .
يقول في قصيدة في مدح الخليفة شارحا حالته المالية
مستجديا \

اشكو اليك فاشتكي ذرية
لا يشبعون وامهم لاتشبع

كثر و اعلي فما يموت كبيرهم
حتى الحساب ولا الصغير المرضع


واذا نظرت يريبني من امهم
عين مهججة وخد اسفع

من روائع شعره في الغزل –

ياأم عمـرو جـزاك الله مغفـرة
ردي علي فؤادي كالـذي كانـا
ألست أملح من يمشي علـى قـدم
يا أملح الناس كل النـاس انسانـا

يلقى غريمكم من غير عسرتكـم
بالبذل بخلا وبالاحسـان حرمانـا

قد خنت من لم يكن يخشى خيانتكم
ماكنت أول موثـوق بـه خانـا

لقد كتمت الهوى حتـى تهيجنـي
لاأستطيـع لهـذا الحـب كتمانـا

كاد الهوى يوم سلمانيـن يقتلنـي
وكـاد يقتلنـي يومـا ببيـدانـا

لابارك الله في من كان يحسبكـم
الا على العهد حتى كانـا ماكانـا

لابارك الله في الدنيا اذا انقطعـت
أسباب دنياك من اسبـاب دنيانـا

مااحدث الدهـر مماتعلميـن لكـم
للحبل صرما ولا للعهـد نسيانـا

ان العيون التي في طرفها حـور
قتلننـا ثـم لـم يحيـن قتـلانـا*

يصرعن ذا اللب حتى لاحراك به
وهن اضعـف خلـق الله انسانا *

ياحبذا جبل الريـان مـن جبـل
وحبذا ساكن الريـان مـن كانـا

* وهذين البيتين من اجود ماقالته العرب في الغزل

اما في رثاء الفرزدق فقد قال: -

لعمري لقد أشجى تميمـاً وهدهـا
على نكبات الدهر موت الفرزدق

عشيـة راحـوا للفـراق بنعشـه
إلى جدثٍ في هوة الأرض معمـقِ

لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي
إلى كل نجم فـي السمـاء محلـقِ

ثوى حامل الأثقال عن كل مُغـرمٍ
ودامغ شيطان الغشـوم السملـقِ

عمـاد تميـم كلهـا ولسانـهـا
وناطقها البذاخ فـي كـل منطـقِ

فمن لذوي الأرحام بعد أبن غالبٍ
لجارٍ وعانٍ في السلاسـل موثـقِ

ومن ليتيم بعد موت ابـن غالـب
وأم عـيـال ساغبـيـن ودردقِ

ومن يطلق الأسرى ومن يحقن الدما
يداه ويشفي صدر حـران مُحنَـقِ

وكم من دمٍ غـالٍ تحمـل ثقلـه
وكان حمولاً في وفـاءٍ ومصـدقِ

وكم حصن جبار هُمـامٍ وسوقـةٍ
إذا مـا أتـى أبوابـه لـم تغلـق

تفتـح أبـواب الملـوك لوجهـه
بغيـر حجـاب دونـه أو تملُـقِ

لتبكِ عليه الأنس والجن إذ ثـوى
فتى مُضرٍ في كل غربٍ ومشـرقِ

فتىً عاش يبني المجد تسعين حجـةً
وكان إلى الخيرات والمجـد يرتقـي

فما مات حتى لـم يُخلـف وراءه
بحيلة وادٍ صولـةً غيـر مصعـقِ



***************************************************























عمر بن ابي ربيعة


عمر بن ابي ربيعة المخزومي ومخزوم احد فروع قبيلة قريش .
ولد في المدينة المنورة سنة \ 23 هجرية في خلافة عثمان بن عفان من اسرة معروفة بثرائها وجاهها وكان ابوه في عهد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين واليا على اليمن
ورث عمر عن ابيه ثروة طائلة مكنته العيش في ثراء ونعمة وحياة مترفة واسراف لذا انصرف الى حياة اللهو والعبث ومطارة النساء وقد ساعدته البيئة لتي نشأ فيها على ذلك .

المتتبع لشعره وديوانه يتعجب من سرده لهذه المطاردات والقصص الماجنة في اغلبها ولم يحب امرأة حبا صادقا انما ظل يطارد الجمال والدلال والغنج في النساء الجميلات اينما كا نت المطاردات والمغامرات الغرامية فيه حتى قيل انه كان يتخذ من مواسم الحج وقتا ملائما لمغامراته وترصده النسوة اللاتي ياتين للحج او العمرة ومعرفةاوضاعهن والاتصال بهن فاشتهر كثيرا وكانت النسوة يتحاشينه للألا يقعن في حبائل حبه ومغامراته لجماله وحسنه وتمكنه من اصطيادهن بكلامه المعسول وشعره الرقيق حتى انه خافت الاسر الشريفة والملتزمة على اعراضها منه وشكته لدى الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي نفاه في احدى المرات الى جزر البحر الاحمر ولم يسمح له بالعودة الا بعد توبته وقد تاب في اخر حياته وبعد زواجه من كلثوم المخزومية
توفي عمربن ابي ربيعة عام\ 93 هجرية

اختص شعر عمر بالمرأة والتغزل بها في اغلبه ويمتاز شعره بقدرته على وصف المرأة وعواطفها ونفسيتها وهواجسها وانفعالاتها وميلها للتشوق والحب وكل ما يتعلق بها من رغبتها و حبها لوصف جمالها وحسنها والتعبير الجاذ ب وحتى قيل ما من امرأة لحظت عمر بن ابي ربيعة وهويتقرب منها ويصف لواعج حبه لها الا وقعت في شرك حبه وعشقه
واشتهر في شعره سرد المغامرات الغرامية بشكل فاضح ملفت للنظر لم تالفه الطبيعة الاجتماعية العربية ولم تألفه الخلق او الحياة العربية انذاك وتلاحظ في شعره ايضا الحوار التمثيلي او السرد القصصي للحادثة مثل قالت وقلت
لذا جاء شعره سهلا يثير الخلجات النفسية ويثير العواطف الكامنة قريب من النفس قريب من القلب يتميز بالمعاني الرقيقة والعبارات المرهفة التي تلج القلب مباشرة ودون اسئذان في الحب مثيرة عواطف السامع والقارئ او المتلقي وخاصة الغزل المحسوس
يقول في تغزله من قصيدة له –

كيف اصطباري على فتاة طفلة
بيضاء في لون لها ذي زبرج

و لما تعاظم امر وجدي في الهوي
وكلفت شوقا بالغزال الادعج

فسرت في ديجور ليل حندس
متنجدا بنجاد سيف اعوج

حتى دخلت على الفتاة وانها
لتحط نو ما مثل نوم المنهج

فلثمت فاها اخذا بقرونها
شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

************************************************






جميل بثينه العذري

هو جميل بن عبد الله بن معمر ولد بوادي القرى بالقرب من المدينةالمنورة
احب جميل ابنة عمه واسمها بثينة وبادلته الحب والشوق والهوى حتى تسمى باسمها ( جميل بثينة ) او تلقب كذلك وتذكر الروايات
ان حبهما نشا من خلاف بينهما كان فيه السباب والشتم لبعضهما يقول مخاطبا لها في شعره:
اول ما قاد المودة بيننا
بوادي بغيض يابثين سباب
فقلت لها قولا فجاءت بمثله
لكل كلام يابثين جواب

تغزل جميل في بثينته حتى شاع خبرهما بين الناس وانتشر شعره على كل لسان واشتهر وهذا معروف من ان شعرالحب والشوق ينتشر كثيرا ويحفظه الشباب والصبيان لقربه من النفس وكونه يعبر عما في خوالجهم وعواطفهم وكل من في قلبه عاطفة فياضة فيقع في القلب لانه صادر عن قلب مثله
انتشر شعره على كل لسان فلقب – (جميل بثينة ) وقد طلب جميل يد حبيبته فامتنع ابوها من تزويجها له حفاظا على شرفه لما قد يوجه اليه من تهم باطلة في عرضه وهذه حالة لاتزال ماثلة في الجتمع العربي القروي اوالمجتمات الفقيرة والعوائل الملتزمة لا تزال خوف التقول المقيت وتتجنبه واني لأعرف ابنة احبت شابا وشاع خبرهما فخطبها من ابيها فلم يزوجها له رغم قرابته منها وحبه لها وشيوع هذا الحب بين الناس في المنطقة ولاتزال غير متزوجة حيث بلغت الان فوق الخمسين من عمرها واخرى احبت اخر فخطبها الذي تريد واشتهرحبهما في ما بين من يعرفهما وفي المنطقة فلم يزوجها ابوها له الا ن احد الرجال الذين ذهب بجملة من ذهب لخطبتها لحبيبها وكان متزوجا قال لوالدها :
- اذن لمن تريد ان تعطيها وقد بلغت فوق الثلاثين اتعطيها لي ؟؟ قال والدها -
- نعم اني موافق
فاعطاها له وتزوجها ضرة لزوجته

تزوجت بثينة من غيرجميل لكن جميل استمر في حبه لها و لم يتركها بل زاد فيها حبا وشوقا وولها و فاضت عبراته في قصائده فيها فكان ان شكاه والدها الى الخليفة مروان بن الحكم فهرب الى اليمن بعد ان اهدر الخليفة دمه ولم يعد الا بعد وفاة الخليفة .
وعاد من جديد ليعاود ذكر حبه لبثينة وشوقه وألم حبه لها فاضطر اهلها الى الرحيل الى الشام تجنبا للشر ولصيانة عرضهم فتبعهم مرتحلا خلفهم الى الشام غير هياب ولا عابه بما يقوله الناس عنهما وعبر عن مشاعره تجاه لوم الناس له في حبه لها فيقول \

ولا زادني الواشون الا صبابة
ولا كثرة الناهين الا تماديا

عند ذلك اضطر اهل بثينة ان يهددوه بالقتل ان لم يتركها فاضطر الى السفر الى مصر لعله ينساها هناك حيث بقى فيها بقية حياته الا ان توفى سنة 82 هجرية
شعر جميل بثينة من شعرالحب العذري البعيد عن التكلف وشعره من الغزل العذري البعيد الغزل الحضري حيث يتميز بصدق العاطفة نبل الاخلاق وينم عن الاخلاص للحبيب والحب الصادق المعبر عما يختلج في القلب من عاطفة صادقة فياضة مفعمة الود والحب والاخلاص ويبعث في النفس كل دواعي الصبر والتضحية والالتزام بالعهد والوفاء به.
واضافة الى الغزل العذري فقد قال الشعر في المدح والفخر والهجاء الا ان شعره قليل.
من التغزل في بثينة نروي هذه الابيات :

لو ارسلت يوما بثينة تبتغي
يميني وان عزت علي يميني

لأعطيتها ماجاء يبغي رسولها
وقلت لها بعد اليميت سليني

وفيها يقول ايضا-

ديـار ليـلى إذ نحلّ بهـا معـا
وإذ نحن منها بالمودّة نطمـع

إلى الله أشكو لا إلى الناس حبها
ولا بد من شكوى حبيب يروّع

ألا تتقيـن الله فيمـن قتلـتـه
فأمسى إليكم خاشعـا يتضـرّع

فإن يك جثمـاني بأرض سواكم
فإن فـؤادي عندك الدهر أجمع

ألا تتقين الله في قتـل عاشـق
لـه كبـد حرّى عليـك تقطّـع

فيا ربّ حببنـي إليهـا وأعطني
المـودّة منها أنت تعطي وتمنع

وإلا فصبّرني وإن كنت كارهـا
فإني بها يـا ذا المعارج مولـع

تمتّعْتُ منها يوم بانـوا بنظـرة
وهل عاشـقٌ من نظـرةٍ يتمتّع

كفى حزنا للمرء ما عاش أنه
ببين حـبـيـب لا يـزال يـروّع

فوا حزني لو ينفع الحزن أنه و ويا جزعي إن كان للنفس مجزع

فأي قلـوب لا تذوب لما أرى
وأي عيـون لا تجـود فتـدمـع

أبت مقلتـي كتمان ما بي وبيّنت
مكان الذي أخفي وفـاض المدامع

غداة لقيناهـا على غير موعـد
بأسفـل خيـم والمطيّ خواضـع

وأومت بجفن العين واحتار دمعها
لتقتلنـي مملوحـة الـدّلّ مانـع

كمت دمعها عين الصحيح وبيّنت
مكان ذوي الشوق العيون الدوامع

ورقرقت دمـع العيـن ثم ملكته
مجال القذى فالدمع في الجفن ناقع


--------------------------------










الكميت الاسدي

ولد الكميت بن يزيد الاسدي في الكوفة وما ادراك ما ماكانت الكوفة عند ولادته وطفولته وشبابه فقد كانت مسرحا لصرا ع سياسي بين الاحزاب المتنافسة وصراع ديني بين الفرق الدينية والمذاهب المختلفة وصراع قبلي شديد بين القحطانيين والمضريين وصراع رابع بين الكوفين والبصريين حول مسائل النحو واللغة .
في هذا الخضم من الصراعات العنيفة المليئة بالاحدات نشأ الكميت الاسدي وتربى تربية حسنة طيبة فدرس اللغة العربية وادابها وقواعدها والم بكل التواريخ والانساب وتأثر بكل الخصومات التي كانت موجودة انذاك وخاض غمارها.

فقد تعصب للمضرية على القحطانية ورد على الشاعر الاعور الكلبي عندما هجا المضريين وسعى خالد القيسي عليه لدى الخلفاء الامويين للنيل منه فامر عبد الملك بن مروان الخليفةالاموي بقتل الكميت فسجن بالكوفة الا انه هرب من السجن قبل ان يقتل وذهب الى الشام ليستجير بالاموين منهم فمدحهم فعفى الخليفة عبد الملك بن مروان عنه واكرمه .

عا د الى العراق مرة ثانية وبقي الى ان تولى يوسف بن عمر ولاية الكوفة فقتله وجماعة من اشياعه العلويين عام 126 هجرية
وهكذا قضى هذا الشاعر الكبير نتيجة التعصب الديني وكذلك الصراع السياسي وكان ضحية لهذه الصراعات والاحزاب المتطاحنة بينها فكان ان قتل حتف لسانه وشعره ..
كان الكميت الاسدي علوي الحزب متعصب للعلويين هجا الامويين اول الامر لكنه لما ضيقوا عليه الخناق وامر الخليفة عبد الملك بن مروان بقتله مدحهم حفاظا على نفسه ثم قتل جراء هذا الصراع الدامي متاثرا بالصراع السياسي من جهة والصراع الديني المذهبي من جهة اخرى .
من اهم الاغراض التي اشتهر فيها الكميت الاسدي الشعر السياسي في المدح والهجاء وكذلك له قصائد في مواضيع اخرى
قال في هجاء بني امية \

فقل لبني امية حيث حلوا
وان خفت المهند والقطيعا

الا اف لدهر كنت فيه
هدانا طائعا لكم مطيعا

اجاع الله من اشبعتموه
واشبع من بجوركم اجيعا

بمرضي السياسة هاشمي
يكون حيا لاءمته ربيعا







---------------------------------------------














الاخطل التغلبي




هو غياث بن غوث الاخطل وسمي بالاخطل لكثرة سفاهته وخطل في شخصيته وهو من قبيلة تغلب من ربيعة التيس التي كانت تسكن العراق في اعالي الفرات والجزيرة مابين الموصل والفرات
ولد في خلافة عمر بن الخطاب سنة \20 للهجرة

قال الشعر في اول شبابه ودافع عن قبيلته وقومه تغلب ضد قبيلة قيس كما تحزب اللامويين وهجا الانصار والزبيرين وقد اكرمه خلفاء بني امية وقربوه فكان شاعر البلاط الاموي وخاصة ايام الخليفة عبد الملك بن مروان
تعاون مع الفرزد ق وشاركهم الراعي النميري والبعيث ايضا في هجاء جرير فرد عليهم جرير ردا عنيفا اسكت النميري واغلق فمه وخذل البعيث واخافه فهابه وسكت خوفا وناقض الاخرين
توفي سنة \95 هجرية

ومن اهم الاغراض الشعرية التي اشتهر فيها فهي المدح والهجاء والوصف وكان شاعرالبلاط الاموي والمقرب اليهم
يمتاز شعره بالقوة والحجة الشعرية البالغة والصور الشعرية الحاذقة والاخيلة الواسعة و البلاغة والبيان فكان شعره من الدرجة الاولى وقد اعتبره بعض النقاد والادباء اشعرشعراء العصرالاموي الا اني افضل جرير عليه .

قال في هجاء جرير وقومه بني كليب هجاء مقذعا لاذعا حيث وصمهم بالبخل المدقع المفضي الى الخجل والهوان باستخدام الفاظ سوقية فاحشة لم يسبق لشاعر ان استخدمها
من ذي قبل فقال \

وما زال فينا رباط الخيل معلمة

وفي كليب رباط الذل والعار

قوم اذا استنبيح الاضياف كلبهم

قالوا لاءمهم بولي على النار

فتمنع البول سخا ان تجود به

ولا تجود به الا بمقدار

ومن روائع شعره هذه القصيدة -

ألمْ تشكرْ لنا كلبٌ بأنا
جَلَوْنا عَنْ وجوهِهِمُ الغُبارا

كشفناعنهمُ نزواتِ قيسٍ
ومثلُ جموعِنا منعَ الذمارا

وكانوا مَعْشَراً قَدْجاوَرونا
بمنزلة ٍ فأكرَمْنا الجِوارا

فلما أن تخلى الله منهمْ
أغارواإذْ رأوْا منّا انفتارا

فعاقبناهم لكمالِ عشرٍ
ولَمْ نَجْعلْ عِقابَهُمُضِمارا

وأطفأنا شهابهُم جميعاً
وشُبَّ شِهابُ تَغلبَ فاستَنارا

تَحَمّلْنا فلمّا أحْمشونا
أصابَ النارُ تستعرُ استعارا

وأفلتَ حاتمٌبفلولِ قيسٍ
إلى القاطولِ وانتهكَ الفِرارا

جزيناهم بما صبحوا شُعيْثاً
وأصْحاباً لَهُ ورَدوا قَرارا

وخيرُ متالفِ الأقوامِ يوماً
على العزاءعزماً واصطبارا

فمَهْما كانَ مِنْ ألمٍ فإنّا
صَبَحْناهُمُ بهِ كأساًعُقارا

فليتَ حديثنا يأتي شعيثاً
وحَنْظَلة َ بنَ قيسٍ أوْ مرارا

بمادِناهُمُ في كلّ وجْهٍ
وأبْدَلْناهُمُ بالدَّارِ دارا

فلا راذان تدعى فيهقيسٌ
ولا القاطولُ واقتنصوا الوبارا

صَبرنا يوْمَ لاقَيْنا عُميراً
فأشبعنا معَ الرخَمِ النسارا

وكان ابنُ الحباب أعير عزاً
ولم يكُ عِزّ تغلبَ مستعارا

فلا بَرِحوا العُيونَ لتَنْزلوها
ولا الرَّهَواتِ والتَمسواالمَغارا

وسيري يا هَوازِنُ نَحْوَ أرْضٍ
بها العذراءُ تتبعُ القتارا

فإنّا حَيْثُ حَلَّ المَجْدُ يوْماً
حَلَلْناهُ وسِرْنا حَيْثُ سارا






----------------------------------------------------






















الفرزدق البصري

الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي من قبيلة تميم ولد سنة \21 هجرية في بادية البصرة ونشأ فيها في بيت له شهرة كبيرة ومنزلة عالية رفيعة في العز والجاه والكرم والمال فقد كان جده من رؤساء القبيلة و كان لهذه المكانة تاثير على نشاته
فقال الشعر في صباه مفتخرا في بيته
لقب بالفرزدق لجهامة وتغضن ووجوم في وجهه لايفارقه وقد مدح قومه وفخربهم ومدح العلويين وافتخر بهم متعصبا لهم لكنه مدح الامويين تقيا وخوفا منهم وقد تعاون مع الشاعرالاخطل في هجاء جرير في النقائض
توفي الفرزدق سنة \ 114 هجرية
يتميز شعره بقوة الاسلوب والجودة الشعرية وقد ادخل في الشعر الكثير من الالفاظ الغريبة
ومن اهم الفنون الشعرية التي انشد فيها :المدح والفخر والهجاء والوصف حيث كان وصفه جيدا وقد برع فيه
يقول في وصف ذئب \

وطلس عسال وما كان صاحبا
دعوت لناري موهنا فاتاني

فلما اتى قلت ادن دونك انني
وياك في زادي لمشتركان

ومن شعره هذه القصيدة ايضا –

وَلَمّا رَأيْتُ النّفْس صَارَنَجِيُّها
إلى عازِماتٍ مِنْ و َرَاءِضلوعي

أبَتْ نَاقَتي إلاّ زِيَادا ًوَرَغْبَتي،
وَما الجُودُ مِنْ أخْلاقِهِ بِبَدِيعِ

فَتىً غَيرُ مِفْرَاحٍ بِدُنْيَا يُصِيبُها،
وَمِنْ نَكَباتِ الدّهْرِ غَيرُجَزُوعِ

ولمْ أكُ أوْ تَلْقَى زِياداًمَطِيّتي
لأكْحَلَ عَيْنَي صَاحِبي ِهجُوعِ

ألا لَيْتَ عَبْدِيَّيْنِ يَجْتَزرَانها،
إذا بَلّغَتْني نَاقَتي ابنَ رَبِيعِ

زِياداً، وَإنْ تَبْلُغْ زِياداً فَقَدْ أتَتْ
فَتىً لِبِنَاءِ المَجْدِغَيْرَ مُضِيعِ

نَمَاهُ بَنُو الدّيّانِ في مُشْمَخرّةٍ،
إلى حَسَبٍ عِنْدَ السّمَاءِرَفِيعِ

وَكانَ خَليلي قَبْلَ سُلْطانِ ما رَمَى
إلَيْهِ، فَما أدْرِي بِأيّ صَنِيعِ

لَنَا يَقْضِينّ الله، وَالله قادِرٌ
عَلى كلّ مَالٍ صَامِتٍ وَزُرُوعِ

وَلَوْلا رَجائي فَضْلَ كفّيكَلم تَعدْ
إلى هَجَرٍ أنْضَاؤنَا لرُجُوعِ

أمِيرٌ، وَذو قُرْبَى،وَكِلْتَاهُما لنا
إلَيْهِ مَعَ الدّيّانِ خَيْر ُشَفِيعِ

وَكَانَ بَنُو الدّيَّان ِزَيْناً لِقَوْمِهِمْ
وَأرْكَانَ طَودٍ بِالأرَاكِ مَنِيعِ

وَكانَ خدِيجٌ وَالنّجاشِيّ ُمِنْهُمُ،
ذَوَيْ طِعْمَةٍ في المَجدِ ذاتِ دَسيعِ

هِما طَلَبَا شَعْرانَ حَتىحَبَاهُما
بعَضْبٍ وَألْفٍ في الصِّرَارِجميعِ

وقيل ان الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان ذهب الى الحج وبمعيته الشاعرالفرزدق ولكثرة الحجيج لم يفسح للخليفة وكان الزحام شديدا في الطواف ولاحظ الخليفة شخصا اخر تحف به الناس وتخلي له الطريق في الطواف اي تفضله عليه رغم انه خليفة المسلمين فعجب منه وسأل عنه فاجابه الفرزدق انه الامام زين العابدين علي بن الحسين فقال قصيدته في مدحه والتي تعد من روائع شعره
نقتطف منها هذه الابيات:-

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ
وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ
هذاالتّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ

هذا ابنُ فاطمَةٍ، إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ
بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا

وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه
العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ

كِلْتا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفعُهُمَا
يُسْتَوْكَفانِ، وَلا يَعرُوهُما عَدَمُ

سَهْلُ الخَلِيقَةِ، لا تُخشى بَوَادِرُهُ
يَزِينُهُ اثنانِ: حُسنُ الخَلقِ وَالشّيمُ

حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا
حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ

ما قال: لا قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ
لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ

عَمَّ البَرِيّةَ بالإحسانِ، فانْقَشَعَتْ
عَنْها الغَياهِبُ والإمْلاقُ والعَدَمُ

إذا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِلُها
إلى مَكَارِمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ

يُغْضِي حَياءً، وَيُغضَى من مَهابَتِه
فَمَا يُكَلَّمُ إلاّ حِينَ يَبْتَسِمُ

بِكَفّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ من
كَفّ أرْوَعَ، في عِرْنِينِهِ شمَمُ

يَكادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ رَاحَتِهِ
ركن الحَطِيمِ إذا ما جَاءَ يَستَلِمُ

الله شَرّفَهُ قِدْماً، وَعَظّمَهُ
جَرَى بِذاكَ لَهُ في لَوْحِهِ القَلَمُ

أيُّ الخَلائِقِ لَيْسَتْ في رِقَابِهِمُ
لأوّلِيّةِ هَذا، أوْ لَهُ نِعمُ

مَن يَشكُرِ الله يَشكُرْ أوّلِيّةَ ذا
فالدِّينُ مِن بَيتِ هذا نَالَهُ الأُمَمُ

يُنمى إلى ذُرْوَةِ الدّينِ التي قَصُرَتْ
عَنها الأكفُّ، وعن إدراكِها القَدَمُ

مَنْ جَدُّهُ دان فضْلُ الآنْبِياءِ لَهُ
وَفَضْلُ أُمّتِهِ دانَتْ لَهُ الأُمَمُ

مُشْتَقّةٌ مِنْ رَسُولِ الله نَبْعَتُهُ
طَابَتْ مَغارِسُهُ والخِيمُ وَالشّيَمُ

يَنْشَقّ ثَوْبُ الدّجَى عن نورِ غرّتِهِ
كالشمس تَنجابُ عن إشرَاقِها الظُّلَمُ

من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ
كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ

مُقَدَّمٌ بعد ذِكْرِ الله ذِكْرُهُمُ
في كلّ بَدْءٍ، وَمَختومٌ به الكَلِمُ

إنْ عُدّ أهْلُ التّقَى كانوا أئِمّتَهمْ
أوْ قيل: من خيرُ أهل الأرْض؟ قيل: هم

لا يَستَطيعُ جَوَادٌ بَعدَ جُودِهِمُ
وَلا يُدانِيهِمُ قَوْمٌ، وَإنْ كَرُمُوا

هُمُ الغُيُوثُ، إذا ما أزْمَةٌ أزَمَتْ
وَالأُسدُ أُسدُ الشّرَى، وَالبأسُ محتدمُ

لا يُنقِصُ العُسرُ بَسطاً من أكُفّهِمُ
سِيّانِ ذلك: إن أثَرَوْا وَإنْ عَدِمُوا

يُستدْفَعُ الشرُّ وَالبَلْوَى بحُبّهِمُ
وَيُسْتَرَبّ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ



--------------------------------------





الراعي النميري



هو عبيد بن الحصين النميري ولد في البادية وعاش فيها شاعر مشهور يعد من اجود شعراء الوصف في هذا العصر ولقب بالراعي لكثرة وصفه الرعي والابل والبادية

شارك الفرزدق والاخطل في هجاء جرير في النقائض فرد عليه جرير وافحمه واسكت لسانه للابد

توفي الراعي سنة \90 للهجرة

يتميز شعره بطابع التقليد والمحاكاة لكثرة ما يحفظ من .

يقول في الشكوى مخاطبا الخليفة يشكوه ظلم السعاة الذي ارسلم على قومه ويرجوه ان يرفع عنهم الظلم \

ان الذين امرتهم ان يعدلوا
لم يفعلوا مما امرت فتيلا

اخليفة الرحمن ان عشيرتي
امسى سوامهم عزين فلولا

قطعو اليمامة يطردون كاءنهم
قوم اصابوا ظالمين قتيلا

فتركت قومي يقسمون امورهم
االيك ام يتريصون قليلا

انت الخليفة عدله و نو اله
اذا اردت لظالم تنكيلا

فارفع مظالم عيلت ابناءنا
عنا وانقذ شلونا الماءكولا



------------------------------





















العرجي


هو محمد بن عبد الرحمن الاموي وهومن احفاد
الخليفة الراشد عثمان بن عفان ولقب بالعرجي نسبة الى محل ولادته حيث ولد في موضع يقال له العرج قرب الطائف في بيت شرف وغنى لذا نشأ في حالة ميسورة من الترف والعبث ومطارة النساء
تغزل بنساء كثيرات من حرائر الناس وكان يغتنم مواسم الحج او غيرها للتغزل بمن تعجبه منهن شانه شان عمر بن ابي ربيعة المخزومي الا ان الاخير اكثر منه شهرة واكثر مغامرات واشد تغزلا وارق شعرا واشعر منه في هذا الباب.
كان من أوسط قريش نسباً، وأكمل فتيانها خَلْقاً وخلُقاً، وكان كريماً سخياً جم المروءة .. فقد أصابت الناس مجاعة في عهده فقال للتجار : أعطوا الناس وعليّ ما تعطون، فلم يزل يعطيهم ويطعم الناس حتى أخصبوا .
وكان من الفرسان المعدودين مع مسلمة بن عبد الملك في غزوة القسطنطينية،وابلي بلاء حسنا وانفق فيها ا نفاقا كثيرة، فقد باع أموالاً عظيمة كانت له، وأنفقها كلها في سبيل الله حتى نفدت

وقد تطلع إلى ما يطمح إليه أمثاله من الشباب، وأراد – وهو حفيد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه – أن تكون له في دولة بني أمية منزلة تلائم نسبه وسجاياه، وتكافئ بلاءه وجهاده في سبيل الله . الاانه لم يفلح إذ لم تنفعه عند بني أمية مؤهلاته وسابقته كما لم تنفعه قرابته لعثمان رضي الله عنه، فاضطر العرجيّ أن يعود إلى الحجاز يائساً محزوناً – وأن ينكب على حياة اللهو والمجون يجد فيها متنفساً عن يأسه، وإذا به يتحول شيئاً بعد شيء إلى رجل شديد النقمة على الناس، ينصرف عنهم ما صرفه اللهو والعبث، فإذا اضطر إلى مواجهتهم لم يجدوا منه خيراً، وهم الذين عوّدهم بالأمس على أن يجدوا عنده الخير كل الخير .
وكان العرجي شاعراً بارعاً تتبع خطوات عمر بن أبي ربيعة ثم العرجيّ ما لبث أن استغل غزله الصريح في إيذاء والي مكة محمد بن هشام المخزومي، منتقماً بذلك من بني أمية إذ كان الوالي خالاً للخليفة هشام بن عبد الملك، فكان العرجي يتغزل بأم الوالي وزوجته، ويدفع بهذا الغزل إلى المغنين لينتشر بين الناس . فما كان من الوالي الا ان سعى للإيقاع بالشاعر، حيث أودعه السجن وضربه بالسوط وحلق رأسه وصبّ عليه الزيت، ثم أبقاه في السجن تسع سنوات إلى أن
مات فيه .
وقيل كانت أشعاره تتوالى من السجن شاكية ما يلقى من ظلم وعذاب، وهي تفيض بالألم والحسرة، وعبثاً كان يستنجد بأهله كي يغضبوا له وينصروه فلم يلتفت أحد منهم إليه . حتى إذا أيقن أن أهله قد ضيّعوه، وأنه سيموت بين جدران السجن أطلق من أعماقه صرخة مدوية، ظلت تتردّد باسماع الدهر، وتهتز لها أفئدة الناس حزناً وأسىً فقد أضاع نفسه وضيّعه أهله، لاحظ اليه يقول :

أضاعوني وأيَّ فتى أضاعوا
ليومِ كريهةٍ وسِـداد ثَغْـرِ

وصبرٍ عندَ معترَك المنايـا
وقد شرعَتْ أسنَّتَها لِنَحْري

كأني لم أَكُنْ فيهم وَسيطاً
ولم تَكُ نِسْبتي في آل عَمْرِو

أُجَرَّرُ في الجوامع كُلَّ يوم
ألا لله مَظْلَمتي وصَبْــري

يتميز شعرالعرجي ككل الشعراء الغزليين بوضوح العبارة وسهولة اللفظ غلب على شعره سرد القصص الغرامية ومطاردة النساء
يقول متغزلا \

يوسدني جسم المرافق تارة
جبايرها عضت بهن المعاضد

يفد ينني طورا وضممني تارة
كما ضم مولودا الى النحر والد

يقلن الا تبدي الهوى يستزدنني
وقد يستزاد ذو الهوى وهو جاهد

---------------------------------------------

ونكتفي بهؤلاء الشعراء ممن ذكرنا هم في هذا العصر وان كان هذا العصر كثر فيه الشعراء والادباء وانشترت فيه اكثر من العصور التي قبله .






















الفصل السادس


نماذج من شعر العصر الاموي


في نهاية هذالباب نثبت بعض النماذج المختارة من شعر شعراء هذا العصركما فعلنا في الابواب السابقة ولكي نطلع على شعر هذا العصر يقول الاخطل التغلبي وهو شعراء البلاط الاموي \

بني امية نعماكم مجللة
تمت فلا منة ولا كدر
بني امية قد نافلت دونكم
ابناء قوم هم اوو وهم نصروا
افحمت عنكم بني النجار قد عملت
عليا معد وكانوا طالما هذروا
حتى استكانوا وهم مني على مضض
والقول ينفذ ما لا تنفذ الابر

بني امية اني ناصح لكم
فلا يبتن فيكم امنا زفر*

*زفر \ رؤساء بني النجار
----------------------------------

ومن شعر عمر بن ابي ربيعة المخزومي هذه المغامرة
في الغزل يقول\

فحييت اذ فاجاتها فتولهت
وكادت بمكنون التحية تجهر

قالت وعضت بالبنان فضحتني
وانت امرؤ ميسور امرك اعسر

اريتك اذ هنا عليك الم تخف
رقيبا وحولي من عدوك حضر

فوالله ما ادري اتعجيل حاجة
سرت اليك ام قد نام من كنت تحذر

فقلن لها بل قادني الشوق والهوى
اليك وما نفس من الناس تشعر

قالت وقد لانت افرخ روعها
كلاك بحفظ ربك المتكبر

انت ابو الخطاب غير مدافع
علي امير ما مكثت مؤمر

فبت قرير العين اعطيت حاجتي
اقبل فاها في الخلاء فاكثر

فيالك كم ليل تقاصر طوله
وما كطان ليلي قبل ذلك يقصر

ويالك من ملهى هناك ومجلس
لنا لم يكدره علينا مكدر

ترنو بعينيها الي كما رنا
الى ظبية وسط الخميلة جؤذ ر

فلما تقضى الليل اللا اقله
وكادت توالي نجمه تتغور

اشارت بان الحي قد حان منهم
هبوب ولكن موعد لك عزور

فما راعني الا مناد برحلة
وقد لاح مفتوق من الصبح اشقر

فلما رات من قد تثور منهم
وايقاظهم قالت اشر كيف تامر

فقلت اباديهم فاما افوتهم
واما ينال السيف ثاءرا فيثاءر

فقالت اتحقيقا لمن قال كاشح
علينا وتصديقا لما كان يؤثر

فما كان لابد منه فبغيره
من الامر ادنى للخفاء واستر

اقص على اختي بدء حديثنا
وما لي من ان تعلما متاءخر

لعلهما ان تبغيا لك مخرجا
وان ترحبا سربا بما كنت احصر

فقامت كئيبا ليس في وجهها دم
من الحزن تذري عبرة تتحدر

فقالت لاختيها اعينا على فتى
اتي زائرا والامر للامر يقدر

فاقبلتا فارتاعتا ثم قالتا
اقلي عليك الهم فالخطب ايسر

قالت لها الصغرى ساعطيه مطرفي
ودرعي ومهذا البرد ان كان يحذر

يقوم يمشي بيننا متنكرا
فلا سرنا يفشو ولا هو يظهر

فكان مجني دون من كنت اتقي
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

فلما اجزنا ساحة الحي قلن لي
اما تتقي الاعداء والليل مقمر

وقلن اهذا داءبك الدهر سادرا
اما تستحي اما ترعوي او تفكر

اذا جئت فامنح طرفك غيرنا
لكي يحسبوا ان الهوى حيث تنظر

---------------------------------

ومن جميل شعر جرير نقتطف هذه الابيات في رثاء زوجته
وهي ايضا من روائع الشعر العربي يقول \

لولا الحياء لعادني استعبار
ولزرت قبرك والحبيب يزار
ولهت قلبي اذ علتني عبرة
ذوو التمائم من بنيك صغار

كانت مكرمةالعشيرولم يكن
يخشى غوائل ام مرزة جار

ولقد راك كسيت اجمل منظر
ومع الجمال سكينة ووقار
واذا سريت رايت نارك نورت
وجها اغر يزينه الاسفار
------------------------------------------

ومن شعر الكميت الاسدي نطالع هذه
القصيدة من قصائده ( الهاشميات) في مدح بني هاشم
وينقد سياسة الخلفاء الامويين:

الاهل عم في رايه متاءهل
وهل مدبر بعد الاساءة مقبل
وهل امة مستيقضون لرشدهم
فيكشف عنه النعسة المتز مل
كلام النبييين الهدا ة كلامنا
وافعال اهل الجاهلية نفعل

بيتا زرارة محتب بفنائه
بيتا دعائمه اعز واطول

ااهل كتاب نحن فيه وانتم
على الحق نقضي بالكتاب ونعدل

فكيف من انى واذ نحن خلفة
فريقان شتى تسمنون ونهزل

برينا كبري القدح اوهن متنه
من القوم لاشار ولا متنبل

--------------------------------------

ومن الغزل العذري نقتطف هذه الابيات لجميل بن معمر العذري في بثينته:
ا لا ليت ايام الصفاء جديد
ودهرا تولى يابثين يعود

فنغنى كما كنا نكون وانتم
صديق واذ ما تبذلين زهيد

خليلي ما اخفي من الوجد ظاهر
ودمعي بما اخفي الغداة شهيد

اذا قلت مابي يابثينة قاتلي
من الحب قالت مثله ويزيد

فقلت لها بيني وبينك فاعلمي
من الله ميثاق له وعهود

وان عروض والوصل بيني وبينها
وان سهلة بالمنى لصعود

فافنيت عيشي بانتظار نوالها
وابليت ذاك الدهروهو جديد

يموت الهوى مني اذا مالقيتها
ويحيا اذا مافارقتها ويعود

-----------------------------------

ومن شعر النقائض ناخذ هذه الابيات من قصيدة للفرزدق في هجاء جرير
يقول فيها\

ان الذي سمك السماء بنى لنا
ومجاشع وابوا الفورس نهشل

ملك الملوك لباسنا في اهلنا
والسابغات الى الوغى تتسر بل

فادفع بكفيك ان اردت بناءنا
نهلان ذا الهضبات هل يتحلحل

خالي الذي غصب الملوك نفوسهم
واليه كان حياء جفنة ينقل

وهب القصائد لي النوابغ ان مضوا
وابو يزيد وذو القروح وجرول

دفعوا الي كتابهن وصية
فورثتهن كاءنهن الجند ل
-----------------------

ومن شعر الخوارج يقول شاعرهم عيسى بن فاتك في مدحهم والفخر بهم يقول:

فلما اصبحوا صلوا وقاموا
الى الجرد العتاق مسو مينا

فلما استجمعوا حملو اعليهم
فظل ذووا ا لجعائل يقتلونا

يقول بصيرهم لما اتاهم
بان القوم ولوا هاربينا

االفا مؤمن فيما زعمتم
ويقتلهم با سك ا ربعينا

كذبتم ليس ذاك كما زعمتم
ولكن الخوارج مؤمنونا

هم الفئة القلبلة غير شك
على الفئة الكثيرة ينصرونا
--------------------------------

ونعود ثانية الى شعر الغزل وهذه المرة الغزل الحضري من قصيدة للشاعر الاحوص يتغزل بها يقول \

انما الذلفاء همي فليدعني من يلوم

احسن الناس جميعا حين تمشي وتقوم

حبب الذلفاء عندي منطق منها رخيم

اصل الحبل لترضى وهي للحبل صروم

حبها في القلب داء مستكن لا يريم

-------------------------------

ومن شعر الوصف هذه الابيات في وصف النساء الضاعنات للشاعر ذي الرمة يقول في وصفهن \

وفي الاضعان مثل مها رماح
علته الشمس فادرع الظلا لا
اولاك كاانهن اولا ك الا
ثوى لصواحب الارطي ضئالا

وان صواحب الاضعان جم
وان لهن اعجازا ثقالا
رخيصات الكلام مبطنات
جواعل في الابرى قصبا خدالا
جمعن فخامة وخلوص عتق
وحسنا بعد ذلك واعتدالا

-----------------------------------------

واخيرا هذه الابيات من شعر قيس بن عبد الله الرقيات شاعر الزبيريين يمدح مصعب بن الزبير حزبه وجماعتهم
يقول :

ايا المشتهي فناء قريش
بيد الله عمرها والفناء

لو تقضى وتترك الناس كانوا
غنم الذئب غاب عنه الرعاء

انما مصعب شهاب من الله
تجلت عن وجهه الظلما ء

ملكه ملك قوة ليس له
جبروت ولا به كبرياء

يتقي الله في الامور وقد
افلح من كان همه الاتقاء

كيف نومي على الفراش ولما
تشمل الشامة غارة شعواء

انا عنكم بني امية مز ور
وانتم في نفسي الاعداء


--------------------------------
تم الجزء الاول ويليه الجزء الثاني بعون الله وعنايته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق