الأربعاء، 1 مايو 2013






             يوم القيامة في سورة  الزمر

                                    1

                       بسم الله الرحمن الرحيم
 (  واذا مس الانسان ضر  دعا ربه  منيبا ا
ليه  ثم  اذا خوله  نعمة   نسي  ما كان  يدعو اليه  من قبل   وجعل لله اندادا  ليضل  عن سبيله  قل  تمتع بكفرك  قليلا 

   (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ   (9)   قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا  رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا  حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ  وَاسِعَةٌ   إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ  (10)  قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ  أَعْبُدَ اللَّهَ  مُخْلِصًا  لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13)  قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ  مُخْلِصًا  لَهُ  دِينِي  (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15))

                                             سورة الزمر الايات8-15  

  الحمد لله: 

           في  هذه الايات  المباركة   يبين الله  تعالى  طبيعة   النفوس البشرية   والتباين الحاصل بينها   فالا نسان  بطبيعته وسليقة نفسه  اذا وقع  في  ضيم او مشكلة  او حادثة  يجأ ر  او يلوذ  بمن  يراه  يكشف الغمة  التي المت به  وعرف  بطبيعة  نفسه  وحدسه   ان هناك  الاها  يرجع  اليه وقت الشدة  والضيق فهو  يرجع الى  ربه  ويدعوه باخلاص ويرجو ه بقوة ان  يكشف عنه ما هو  فيه  ويفرج عنه   كربته معتذرا عما  بدر منه  من سوء عمل  في حياته  من ارتكاب  المعاصي والذنوب او انحرافه عن عقيدته التي بينها له النبي محمد صلى الله عليه وسلم  قبل  اصابته  بهذا المكروه  فاذا  ما منّ الله عليه  بالنعمة وفرّج كربته  وازال شدته   وبدل  بؤسه   وشقاءه الى  نعمة  ورفاهية  نسي الضيق والشدة  التي كان عليها وعاد الى  ما كان عليه   من  كفر  والحاد وربما اشرك بالله تعالى الذي وهبه كل  نعمته   وصحته  وعقله  وولده  وماله  واصبح مثلا سيئا  لغيره من البشر  يتاثرون فيه  وقد يتخذونه  قدوة لهم  فيكون سببا في ضلالهم عن الحق . فلمثل هذا – وهم  في    المجتمعات البشرية كثير-   يامر الله  النبي محمد صلى الله عليه  وسلم ان يقول له او  يخبره  بزجره  ويقول له   لقد كفرت  بانعم  الله تعالى  فتمتع  بكفرك  فان عملك  هذا  سيرديك   في  النار  يوم  القيامة  وتكون  من   اصحاب الجحيم .

          فايهما   افضل  هذا الذي  ذكر اعلاه ام  من  يطيع  الله   تعالى    ويكون   عابدا  متعبدا  آ ناء الليل واطراف النهار  ويقضي ساعات ليله  قانتا  لله تعالى    بين  سجود  وخضوع  وتعبد  خشية من ربه  وخوفا  من العذاب  يوم القيامة  ويرجو ربه ان يقيه  شر ذلك اليوم   فيعبده حق عبادته .  ففي يوم القيامة او يوم الحساب لايستوي هذا المؤمن مع ذلك  ذلك الكافر   ولكن الكافرون والذي وصفهم الله تعالى بانهم لايعلمون  اي – جاهلون الحق والحساب-   فالذين   يتعظون  ويعتبرون  من  كل  ما  الم بهم ويتذكرون  هم المؤمنون فهم اصحاب العقول السليمة  والنيرة  والفهم الصحيح لمجريات الامور في حياتهم الدنيا  ويعلمون ان  وراءهم يوما  عظيما  مهولا  هو يوم  القيامة   فهم  بتفتح عقولهم   وصحة  ارائهم  يعبدون  الله تعالى  حقا  ويوحدونه  ويتقونه  ويخافون  عقابه  فياتمرون  باوامره وينتهون عن نواهيه   فيمن  الله  تعالى عليهم  بالخير والايمان  في  حياتهم  الدنيا   وينير  طريقهم   ويتجاوز  عن  سيئاتهم   فيكون  معادهم  الجنة  في يوم القيامة .

          ويأمر الله   تعالى  نبيه  محمد   صلى الله  عليه وسلم  ان يخبر  المشركين والكفار  ويؤكد لهم انه صلى الله عليه وسلم  يعبد الله وحده ولا  يشرك به  شيئا   ويخلص العبادة  له وحده دون سواه  فقد  اختصه  الله تعالى  بالرسالة فلم يسبقه  اليها  احد  فهو اول  من  آمن  بها  اذن فهو  اول  المسلمين  ومع  كل هذه الميزات  فانه  صلى الله عليه  وسلم   يخاف  من عذاب  يوم  القيامة   وما  فيه  من  اهوال عظيمة   شديدة  لذا  فقد اخلص العبادة لله تعالى   ومعه كل المؤمنين  فالذين  يخافون من هول هذا اليوم  الشديد يعبدون الله تعالى حق عبادته   ولا يشركون  به   شيئا  والذين لا يعبدونه حق عبادته  وهو المشركون   والكفار هم  الخاسرون  الذين سيخسرون   انفسهم   بانهم  فاوردوها  النار  وبئس الورد المورود  وهذا هو الخسران المبين  لانهم بفعلهم هذا  قد   جنوا  على انفسهم و كانوا  سببا  في  سوء  نهايتهم  ومصيرهم  الاخير  في  نار جهنم
                         والله تعالى اعلم                                                            


                   **************************

                                         2

                       بسم الله الرحمن الرحيم


اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (25(  فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26) .

                                        الزمر\ الايات \23-26

الحمد لله :

           يؤكد الله تعالى  انه نزل  هذا القران العظيم  والذي  هو احسن ما انزل من كتب  سماوية  وافضلها  ومهيمنا عليها  بسعة احكامه  وبيان تفوقه  على  جميع الكتب السماوية التي انزلت قبله لغة وبلاغة  واسلوبا   فهو كتاب لا ياتيه  الباطل  من بين  يديه ولا من خلفه  تنزيل من حميد مجيد   وقد نزله الله تعالى  الى حبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  وليكون ركنا من اركان الايمان  واصدقها  .

   وقد جاء هذا الكتاب العظيم  متشابها  يشبه  بعضه  بعضا  من  حيث البلاغة  والفصاحة  وشمولية  الاحكام الواردة فيه   وثبوتيتها   ومكررة من التلاوة  وفي الصلوات  وفي افادة  الاحكام  ولشدة  تاثيرها على قلوب المؤمنين  فتزيد ايمان هذه القلوب  وتقواها  وتفرج الهم والغم عنها  وقد تقشعر هذه القلوب  اذا تليت عليها ايات هذا الكتاب العظيم  رهبة وهيبة   في  بدء سماعها  وتفهمها  ثم تلين  فيزول عنها  الخوف والرهبة    فتسكن الى  ذكر  الله  وعند ذلك  تلين  الجلود  ايضا   ومن البديهي  ان جلد الانسان يقشعر عندما يسمع  حدثا جديدا او مهيبا او رهيبا  للحظات فينكمش على بعضه  ثم اذا استمر رجع الى حالته الاولى  وهكذا ترجع جلود المؤمنين وقلوبهم الى ذكرالله تعالى  وهو الهدى يهدي الله تعالى به من يشاء  بارادته  وتوفيقه الى صراط مستقيم  مستو  موصول معبد  .

         اما الذين   لايؤمنون به ولا يتاثرون  باحكامه  وينزعون عنها  وعن اياته  الواضحة  فقد   اضلهم  الله تعالى عن  سمت الحق وطريق الهداية  فاعرضوا عن الرشد  ومن  يضلله الله تعالى   معمي قلبه   فما  له  من احد   يهديه  ويخلصه من شر  الضلال  .

         فالناس صنفان  صنف  طائع لربه و هم الذين  يتقون بوجوههم سوء العذاب   وذكرالله تعالى الوجه  دون  بقية  الاعضاء  كون الوجه  طلعتها   و اشرفها و اقربها في بيان التاثير  والحال  فيه  اي اذا  كان المرء وجهه في هذه الحالة  مطلقا  ضاحكا مستبشرا  غير خائف  في يوم  القيامة  لتأكده  من تقواه  وصحة  ايمان  قلبه   في الحياة الدنيا  ومؤمن بانه من  اهل الجنة  سيكون  فيها متنعما  بنعيمها  مع اصحابه و احبابه 

.  اما الصنف الاخر  فهم  الظالمون  والذين قيل لهم  ذوقوا ما  كنتم   تكسبون  من وبال امركم  في الحياة الدنيا   فهم كالذين  من قبلهم  من المشركين والكافرين  فلم يؤمنوا  بما جاءهم من الحق فانزل الله تعالى عقابه عليهم  بعذابه لهم  في الحياة الدنيا  من حيث لا  يشعرون  ولا يعلمون  وانواع  العذاب   في الدنيا  كثيرة  منها   الرياح    والسيول والصواعق والبراكين وما اليها  اما في يوم القيامة  فسيكون عذابهم اشد من هذا  وفزع   واعظم  وابقى مدة  ودواما    فسيكونون في  العذاب  خالدو ن    ولجهنم   واردون   لو  كانوا يعلمون .

        ********************************

                            3


                بسم الله الرحمن الرحيم

  (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32)

                                                       الزمر الايات \ 29-31

 الحمد  لله :
 
    سبحان الله  ضرب في القران الكريم امثالا كثيرة   ليبين للناس الحق من الباطل  وليفقه الناس بالدين القيم  لعلهم يؤمنون   وفي هذه الاية  المباركة  يمثل الله  تعالى  الكافر  بشخص  عبد اشترك فيه  عدة اسياد مختلفوا الاراء  والاهواء لا يستطيع هذا العبد  ارضاءهم   جميعا  فاذا ارضى احدا منهم  غضب الاخر عليه وحاسبه  فهو  في  محاسبة  دائمة  وعقوبة مستمرة   وحياة معقدة  متعبة صعبة  لا استقرار له فيها .
 ورجل اخر عبد عند سيد واحد يخدم سيده  بالمعروف  لاينازعه اخر فيه  فاذا اخطأ عفى عنه واذا مرض رحمه  واشفق عليه  فأيهما افضل  فكذلك  الكافر والمؤمن  فالمؤمن  له  رب واحد  هو الله  سبحانه وتعالى  وهو المختص  بالحمد  والثناء   ولكن الكافرين لا يعلمون الحق  فهم غافلون فلا يعلمون شيئا .

 ثم  يؤكد الله تعالى لنبيه  المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  انه سيموت  وان  المؤمنين والكافرين  سيموتون  وكل ما خلق الله تعالى مصيره الموت والانتهاء في هذه الحياة الدنيا  ثم  سيحييهم  من بعد الموت مرة اخرى  في يوم القيامة   للحساب  وسيتخا صمون بينهم  فالكافرون  يتخاصمون   بينهم  كل يقول   لصاحبه  انت الذي ارديتني   في العذاب فهم خصام مستمر  ثم  في العذاب مشتركون  واهل الجنة يتساءلون  فيما   بينهم  عن الكافرين   ما  ولاهم   في  سقر .
      ثم  يبين الله  تعالى  ان اظلم  الناس  واكثرهم  كفرا  هم الذين يكذبون على الله  حيث  يضيفون  اليه  صفات  البشر  مثل  الولد  او الشريك  كالاصنام  فهم  يكذبون  بالصدق  وهو الحق  من  ربهم  فهؤلاء في  جهنم داخرين   وقد   جاء في  صيغة  السؤال  ويحمل  اجابته في ذاته  ( اليس  في  جهنم  مثوى للكافرين ؟)  اي هؤلاء الكفار  سيكون مثواهم  ومصيرهم  في يوم  القيامة  في  جهنم   فجهنم   مثوى  كل الكافرين .
               والله تعالى اعلم


          **************************

                                4

                     بسم الله الرحمن الرحيم


   ((اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45) قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48))


                                           الزمر الايات\42- 48


 الحمد لله :

         يبين الله تعالى  في هذه الايات المباركة ان  التوفي  نوعان   :
 الاول ان الله تعالى  يتوفى  الخلق  بالموت   فبعد ان ينتهي عمره المقدر له او المكتوب له  وعندئذ  يحين  اجله  تقبض  روحه من جسده اغو تفارق روحه جسده   وهذه الروح  وضعت في  الجسد  بعد التكوين الاول   وهو في  بطن  امه  قال تعالى:
 ( ولقد خلقنا الانسان من  سلالة من  طين ثم  جعلناه  نطفة  في قرار مكين  ثم  خلقنا النطفة علقة  فخلقنا العلقة مضغة  فخلقنا المضغة عظاما  فكسونا العظام لحما   ثم انشأناه خلق اخر  فتبارك الله احسن الخالقين *) المؤمنون \14            
   وهذا التكوين يمر بعدة مراحل عده  كما جا ء في الاية المباركة اعلاه وكما بينها الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم حيث   قال (  وان احدكم  ليجمع خلقه في  بطن امه  اربعين يوما نطفة  ثم يكون علقة مثل ذلك  ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم ياتي اليه الملك  فينفخ الروح فيه   ثم يؤمر بكتب اربع كلمات  \ رزقه  واجله  وعمله وشقي او سعيد)  اي ان الروح  توضع  في الجسد  بعد ان تكون   نطفة  اربعة  شهور او مائة واربعين  يوما  اي قبل ولادة الانسان  بخمسة شهور . وهذه الروح  تقبض بالموت متى جاء اجلها  المثبت لها   قال  تعالى ( فاذا جاء اجلهم لا يستقدمون ساعة  ولا يستأخرون )   وهي الموتتة  الحقيقية  للانسان  بنتهاء العمر  او بخروج الروح من الجسد  وقد  وكل  الله  تعالى  ملك  الموت  بقبض كل   الارواح  عند  انتهاء اجل اي منها  وما بين  بعث الروح في الجسد وانتزاعها منه  هو العمر  وهو من الغيبيات التي لايعلمها  الا الله تعالى  .
       اما  النوع الثاني من ا لوفاة  فهي  الوفاة في النوم  وهو سكون جسد  الانسان  اثناء  النوم فكأنه  في  الموت  فالله  تعالى  يتوفى  كل الانفس  فتقبض التى  انتهى عمرها  بالموت  وتبعث الاخرى التي لم ينته اجلها  فتعود  الى الجسد  فيستيقظ  الانسان من نومته  بعد ان سكنت نفسه  في منامها  وهدأت في سبات النوم  وهو ما نسميه  الموتة الثانية  وفي  هذه الامور  ادلة  لذوي العقول الراجحة والافكار النيرة من  ان الله تعالى على  كل شيئ  قدير .  فهذه الروح يقبضها بالمنام ويرسلها مرة  اخرى  في حالة الاستيقاظ وتلك  يقبضها  بالموت  فلا تعاد الى الجسد مرة  اخرى .  واود ان ابين ان الروح  جوهر  لطيف  متعلق  بالجسد  تعلق التصرف  والتدبير  فهي اشبه  بسريان الماء  في النبات  بل هي  اشبه بشذى العطر في الوردة  و انها اي الارواح مستمر ة  في تدبير شؤون الجسد حالا  ومآلا  باستعمال  المشاعر والاحاسيس  والافكار والنظر  و...   وقد  تتعب هذه  التي  تعلقت  بها  فيصيبها   الوهن  فاذا  شعرت بذلك  استراحت بالنوم  وهو القبض المؤقت للروح  الى اجل معين  فاذا انتهى التعب  وتمت مدة الاستراحة  استعادت الروح نشاطها ثانية  فيرسلها الى الجسد مجددا  فتعود اليها الحياة .   

         الا ان بعض الخلق  جاحد  لنعم  الله  فيتخذ  اربابا  من دون الله  لعلهم يشفعون له عند الله تعالى يوم القيامة  وقد اتخذ  الناس الاصنام  والاوثان  يعبدونها من دون الله او لتقربهم الى الله زلفى والشفاعة ايضا نوعان شفاعة حسنة  وهي الشفاعة في عمل الخير والاحسان وبما يحب الله ويرضاه وشفاعة دنيوية قد تكون في امور لايرضاها الله  تعالى  ومنهي عنها  فهي تقود صاحبها الى الهلاك وتحميله الوزر .  فيبين الله تعالى  ان الشفاعة  لله جميعها  وان  هذه الشفاعة  اي المقصودة هنا في هذه الاية  هي الشفاعة في يوم القيامة  فهي لله تعالى خالصة  ولا علاقة  لاحد من البشر  او غيره بها  الا من بعد ان يأذن الله  لمن يشاء  ويرضى عنه  فيكون عبدا مؤمنا  مخلصا   قضى حياته  في مرضاة الله فرضي عنه  الله تعالى  .

         اذن  الشفاعة لله  تعالى  وقد  يتفضل على بعض عباده المؤمنين  الانبياء والرسل  والاولياء والشهداء  فيأذن لهم  بالتشفع  وبالقدر الذي  يمنحه الله تعالى اليه قال تعالى ( من ذا الذي يشفع عنده  الا باذنه ) اية الكرسي اية \255 سورة البقرة  . فالشفاعة منزلة  رفيعة  لا ينالها الا اخص خلق الله  بالله  الذي  له  ملك السموات والارض وهو المختص بالعبادة والتوحيد  .

      وقد بين الله تعالى بعض صفات  الكافرين او المشركين  في قوله تعالى ( واذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم  واذا ذكر الذين من دونه اذا هم يستبشرون )   فاي انسان  لا يفرح ولا ينشرح  قلبه  بذكر  الله ولا تطمئن نفسه بذكر الله  فهو منكر جاحد . و من  صفات  نفسه  اذا  سمع  ذكر الله تعالى انقبض قلبه  وداخله  شئ من الحزن او الاسى  او الامتعاظ  ويظهر على سحنة وجهه  اما  اذا  ذكر  ما  اراد هو او ا حبته  نفسه  ولوكان حراما  ومالت اليه   كالاصنام والاوثان  والاشياء  التي  يتخذها  اشراكا  بالله تعالى  استبشرت  نفسه  وظهر عليها  الفرح والانشراح  والغبطة  .
 
   وقد  قرأ الحبيب المصطفى  محمد صلى الله عليه وسلم سورة النجم  بباب الكعبة  وما فيها من توحيد لله وتعظيم وتنزيه عن الشريك والولد وكل  امر اخر وسمعها  شركاء قريش وكفارهم  انقبضت نفوسهم  واظهروا  الاشمئزاز  ونفروا عن سماعها  فمثل  هؤلاء  مثل اولئك   .

    ثم  يامر ه الله تعالى  بعد ان  بين الامور اعلاه  ان  يتوجه الى  رب السموات والارض فيقول: يالله  ياخالق  والسموات والارض وعالم الغيب والشهادة  يامن  لاتحسه الابصار ولا تراه العيون  وواردات الخواطروشاردات الظنون  انت الحاكم العدل بالحق  بين   عبادك  فاحكم بيننا  و بين المشركيم  بما تقتضيه قدرتك ومشيئتك  وترتضيه لهم  فهم قد ظلموا انفسهم  باشراكهم .

           وفات هؤلاء العلم انهم لو يملكون كل ما في الدنيا   ومثله  معه  مرات ومرات   وحاولوا تقديمه  فداءا  لهم  من العذاب الشديد  الذي  ينتظرهم  يوم  القيامة  فلن  ينفعهم شيئا و سيعذبون به يوم القيامة  و لما تقبل منهم  ولظهر  عليهم الياس القنوط   لانهم سيجدون ما عملوا  من اعمال سيئة  وكفر واشراك بالله  تعالى او الاستهزاء بنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  او بمن آمن معه  حاضرا  وسيطوقون  باعمالهم  وسيعذبون  بها  يوم القيامة  .
                  والله تعالى اعلم  


          ***************************

                                  5

                       بسم الله الرحمن الرحيم


 ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)

                                              الزمر  الايتان \60-61

الحمد لله :

     يوم القيامة هو يوم البعث والنشور حيث يبعث الله فيه  الخلق  من جديد من قبورهم او من رقدتهم بالموت والموت  هو الحد الفاصل بين الحياة الدنيا  والحياة الاخرة  فيبعثهم  لحسابهم  لما فعلوها في حياتهم الاولى   سواءا في حق الله تعالى  في اطاعة اوامره وتنفيد اما امرهم به  من خلال ما ارسل اليهم الانبياء  والرسل فعبدوه حق عبادته  ومن عليهم بالايمان والتقوى  او مخالفتهم لما امرهم  به  فكفروا بنعم الله وآلائه  وعبدوا غير الله تعالى او تناكصوا عن فعل الخير  وهو  ما ارهم  به او في  سيرهم  الحياتية  فيما  بينهم  في احقاق الحق   والعدل  مثل  اطاعة الوالدين  او الجهاد في سبيل الله  والتربيةالقويمة لابنائهم وغيرها كثير او عملهم الاعمال المنهي عنها   مثل الاعتداء على الاخرين واكل اموالهم بالباطل او  او التعالي والتكبر على الخلق  واتيان كل ما امر الله ان يترك وبهذا يكون الناس فريقين  يختلف االاول عن الاخر .

     وقد  شاءت سنة  الله  تعالى  في  ان  يحق الحق في  خلقه  في يوم القيامة  ويحاسبهم في هذا اليوم العظيم  فما يظلم احد منهم  قطميرا  او نقيرا والقطمير هو الفتيل الموجود  في  شق  نواة  التمرة  رغم صغرها  والنقير هو النقيرة  فيها  من  جهة  ارتباط التمرة   بالعرموش او العثق  ومنها  مكان الانبات   فلوكانت اعمال احدهم مثل هذه اوتلك او حبة الخردل الصغيرة  فسيحاسب المرء عليها ويجزيه بهذا الحساب  اجر ما فعل  فسنته تعالى   مزج الوعد بالوعيد  والثواب بالعقاب  وليفصل بينهم فيما هم فاعلوه في حياتهم الدنيا .  فالذين كذبوا على الله  تعالى  وتمادوا في غيهم  تكون وجوههم مسودة  سوادا واقعيا في يوم القيامة اي يغلف وجوههم السواد وهو سواد اعمالهم في حياتهم الدنيا . وبهذا يؤخذ بهم الى العذاب  ويلقون في جهنم  وهوالمكان المعد للعذاب لمن خالف  شرع الله وعمل السيئات في حياته وفي قول الله تعالى ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ؟)   فيه استفهام استنكاري    وجوابه (  بلى ان جهنم فيها مثوى  لعقابهم )  ففيها  مكام واسع  ليعاقب المتكبرون عن طاعة الله فيه وهو دائم وثابت .

  اما المؤمنون   وهم الذين اتقوا الله حق تقاته  وعملوا صالح الاعمال واسماها  فسينجيهم الله تعالى  من عذاب  جهنم  بمفازتهم او بفوزهم برضاه عنهم  فتنار وجوههم بنور الايمان  فيؤخذون  الى الجنة  زمرا  فهم في هذا اليوم لا يمسهم  السوء والاذى  الذي لحق  بأهل جهنم  ولا يحزنون  اي يذهب عن نفوسهم الحزن  لانهم  لم يعملوا عملا فاسدا في حياتهم الدنيا  فيحاسبون عليه  فهم مستبشرون  والا ستبشار والفرح هالة من نور الايمان  ظاهرة  في وجوههم  يوم القيامة
 والله تعالى اعلم .    
    


          *******************************

                                            6

                               بسم الله الرحمن الرحيم


   (  وَمَا  قَدَرُوا اللَّهَ  حَقَّ قَدْرِهِ   وَالاَرْضُ  جَمِيعًا   قَبْضَتُهُ   يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الارْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ   (68)   وَأَشْرَقَتِ الارْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ  وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ  وَالشُّهَدَاءِ  وَقُضِيَ   بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ  وَيُنْذِرُونَكُمْ  لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ  (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ  (72)  وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73(  وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الاَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75((

                                         الزمر الا يات \67-75

 الحمد لله:

         سبحان الله العظيم  قدرته  وعظمته   وموقف الكافرين  ازاء هذه القدرة الهائلة  حيث   تمادوا  في  قوتهم  وتكبر نفوسهم  بحيث منعتهم قدرتهم  ومكا نتهم  من  رؤية  غيرها  فحسبوا  انهم   كبارا  فتكا بروا     وعظماء  فتعاظموا  واغنياء  فاستغنوا . وهكذا كل الخلق السئ...

            فهؤلاء الكفار لم  يتفكروا في  عظمة الله تعالى   فيعظموه  من حيث  له السلطان القاهر على خلقه   من هذه العظمة  له  سبحانه مقاليد السموات والارض بحيث الارض في يوم القيامة  تكون في كف قبضته  والسموات وما فيها  ملك قبضته في هذا اليوم العظيم  والطي  ربما يفسر  باللف او المحو  - والله تعالى  هو الاعلم-    تنزه الله وتعالى  عن اشراك المشركين وكفر الكافرين   وعما  يظنون في هذه  الاطر والمجالا ت من اشراك  بعظمته وقدرته تعالى .    

               فقد  قدر الله  تعالى ان  تنتهي  الحياة  الاولى  بنفخة  واحدة ينفخها  الملك الموكل في هذا الامر- اسرافيل -  فيوم  يحين الوعد الحق يبدأ  الملك اسرافيل في النفخ في  بوقه الذي التقمه منذ ان خلق الله تعالى الخلق والخلائق  وقيام القيامة  ففي نفخته وعظمة الصوت الذي يخرج في هذه النفخة  من البوق وقوتها  ستنتهي الحياة  ويصعق البشر اينما كان سواءا  في الارض  او تحتها  او في السموات او في فضاآتها   ومن  تستخدم  للعاقل  فقط  اي يصعق  كل  من  يعقل او  يفهم  وينتهي امر  من لا يعقل  مثل  النجم والشجر بالسجود . ويقصد بالنجم هنا الشجر النبات  الذي  لا ساق له  .  فكل الخلائق تصعق وتموت  وتنتهي من هول هذه الصرخة او الصيحة او الصعقة  الا من استثناه الله تعالى  ( الا من شاء الله )   وقيل  ان من  استثناه  الله  تعالى  هم الملائكة  المقربون  وحملة  عرش الرحمن  والله تعالى اعلم .

         فبمجرد  ان يحدث النفخ  تنقلب كل  موازين القوى وتختلف في الارض وفي والسموات  ففي الارض   تتناثر  الجبال العظيمة  المتحجرة وتنفلق الصخور  وتتهاوى من عليائها  لتندك  في الارض  فاذا هي كثيبا مهيلا وتنعدم  يومئذ الحياة  فلا بشر يبقى ولا  شجر و تتفجر البحار وتخرج عن مستوياتها  الثابتة المرسومة اليها  بفعل مخارج  الانفجارات في داخلها وتخرج السنة اللهب من مداخلها  في  داخل الماء الى خارجه فتسجر البحار  وتفور المياه  وتتبخر ويتحول  فضاء  السماء  الدنيا الى  سديم من  بخار يتعالى  في  جو السماء  فتختلف  جاذبية  الاجرام السماوية  فينجذب  بعضها الى  البعض الاخر  بقوة  جاذبية   كل  منها   فتجذب الشمس القمر ويلتصق بها ( و جمع الشمس القمر) وقيل الشمس تبتلع القمر فيكون جزءا منها  وهكذا  بقية  الاجرام  والنجوم   والايات القرانية كثيرة  في هذا المجال .

      فاذا  انتهت  هذه الامور واستقرت  ينفخ  اسرافيل  في  بوقه  نفخة ثانية باذ ن من الله تعالى  فتنبعث الحياة  من جديد  وقيل تنهمر السماء مطر ا جراء  ما تصاعد  من ابخرة  فتكون  سيولا  تسقط  على الارض  المستوية  والتي  استوت  فيها  الجبال  ببحارها  فاصبحت  منبسطة  باذن الله تعالى  فينبت البشر   فيها  كما  ينبت  البقل كما  اخبر الحبيب  المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  وهما تبدأ  الحياة  الاخرة والبشر ينبت  جراء  بذرة  فيه  لاتفنى  ولا  تتآكل  كل  المدة  الزمنية  منذ  يوم خلق السموات  والارض  الى  يوم  القيامة  وهذه البذرة  هي عظيمة صغيرة  دقة  في الصغر  توجد في نهاية العمود الفقري للانسان واسماها الحبيب  المصطفى  محمد  صلى الله عليه  وسلم ( عجب الذنب )  فتبت البشر الذي  تكونت  فيه  وتعاد  اليها  الروح  باذن  ربها  بعد اكتمالها ( فاذا هم  قيام  يتظرون  )  بشرا  كاملا  وهذا  هو يوم البعث والنشور  .

      وتشرق الشمس بنور ربها سبحانه وتعالى  لتنير الارض وما عليها  وهنا   يبدأ  الحساب  بعد  ان انبعث  الناس  من رقدتهم  واصبحوا قياما ينظرون .   ويبدأ  يوم الحساب .  و هذا  المشهد  اعظم   مشاهد   يوم   القيامة  مشهد  قيامة  الناس للحساب  ونيل  الجزاء  وفيه   يوضع  الكتاب  اي تبان  اعمال  الانسان وتكون حاضرة  مستنسخة من اعمالهم - صورة  وصوت-  كما يتراى لي في هذه الوهلة وانا اكتب هذه الكلمات  ان  كل انسان اعماله حاضرة  ومنها مستنسخة   كما ورد   في القران الكريم    وفي  وضح  النهار  واشرقت الارض  بنور ربها  وهنا  يتضح  ان  الارض  تنورت   بنور  الله  تعالى  وليس  بنور الشمس  كما  في الحياة  الدنيا  فالارض غير الارض والسمات ايضا  غير السموات  قال تعالى  (  يوم تبدل الارض غير  الارض والسموات   وبرزوا  لله  الواحد  القهار ) ابراهيم -3
 وبهذا يبدأ الحساب .  وينقسم الخلق الى ثلاثة  اقسام او مجاميع :

 1-  الفريق الاول وهم الانبياء والشهداء  وهم صفوة الخلق  وفيقضى بينهم  بالحق  ولا ظلم في هذا اليوم العظيم  فهم لا يظلمون . فيدخلون الجنة  باذن ربهم   وبما فعلوه في حياتهم الدنيا  للبشرية من هداية وعدل وانصاف وجهاد في سبيل الله تعالى .
2-  الفريق الثاني  يساق الكفار والمجرمون  الى جهنم – وجهنم نار مستعرة  يجاء بها يجرها الملائكة الموكلون بها جرا ( وجيئ يومئذ يجهنم ) الفجر- 23  وهي  تكاد  تميز  من الغيظ  . وعن  رسول الله محمد  صلى الله عليه وسلم في الصحيح  ( يؤتى  بجهنم  يومئذ ولها سبعون الف  زمام  مع  كل  زمام  سبعون  الف  ملك  يجرونها ) -  زمرا جماعات  جماعات  كل  حسب  عمله  وكثرة  سيئاته  فيزجون  فيها  زجا ودفعا   كل زمرة  من  باب  مخصص  لهم  فيها  ويصف لنا  القران الكريم  حال  جهنم  وهي  تجر  لتنصب  للكافرين  بانها  قال تعالى :       ( واذا  القوا  فيها  سمعوا  لها  شهيقا  وهي تفور* تكاد تميز من الغيظ  كلما  القي فيها  فوج   سألهم   خزنتها  الم يأتكم  نذير*) الملك \ 7و8
 حتى اذا وصلوا اليها  مكرهين  تلقتهم  الملائكة الموكلون  يسألونهم  خزنتها
 ( الم  ياتكم رسل منكم يتلون  عليكم ايات ربكم  وينذرونكم  لقاء يومكم هذا  قالوا بلى  ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين )
 فيجيبون   حكما على انفسهم  واعترافا بتقصيرهم:
  ( لوكنا نسمع او نعقل ماكنا في اصحاب السعير *)  الملك \10
   وبهذا  حق عليهم كلمة العذاب فيدخلون جهنم داخرين  اي  باقين فيها  الى الابد .
3-اصحاب الجنة  هم الفريق الثالث  فيساقون الى الجنة زمرا زمرا ايضا اي جماعات جماعات  يدخلون اليها من ابوابها الثمانية كل يدخل من الباب  المخصص  لهم  ا و القسم المعد  لهم  ولأمثالهم  وهؤلاء هم:   ( ان الذين يخشون ربهم بالغيب  لهم مغفرة واجر كبير *)
فاذا وصلت افواجهم الى ابواب الجنة   يرحبون بهم خزنتها  قائلين لهم( سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين )

            فيحمدون  الله  تعالى  على ما انعم عليهم  وآلائه  الكثيرة   وصدق الوعد  الذي وعدوه  في الحياة الدنيا  حيث ارثهم  الارض  يتبؤون  من  الجنة  حيث  يشاؤون  واينما  يريدون  وترغب انفسهم  .
            وافضل هذه المشاهد واسناها   رؤية  المشهد  الاعظم  وهو رؤية الملائكة  المقربين  والموكلين  بعرش  الرحمن  حافين  محيطين  بالعرش من كل حدب  وصوب  وجانب وهم يسبحون بحمد الله  تعالى وله  يسجدون   . وقيل  هذه  الرؤية   خاصة  للحبيب  المصطفى  محمد  صلى الله عليه  وسلم  لان الكلام في الاية المباركة   موجه  اليه  حصرا: ( وترى الملائكة حافين من حول العرش  يسبحون  بحمد  ربهم ).
      وهكذا قضي بين الخلق بالحق والميزان العدل  في يوم الحساب  وكل اخذ حقه  و يبقى  حمد  الله  ملفوظا  معتقدا  من  قبل الملائكة  والناس اجمعين  وملاذا   للمؤمنين . والله تعالى اعلم
             والحمد لله رب العالمين .

 **************************  


                   


          يوم القيامة في  سورة  المؤمن

                                        1

                          بسم الله الرحمن الرحيم

             (   رفيع  الدرجات   ذو  العرش  يلقي  الروح  على  من  يشاء  من  عباده  لينذر  يوم التلاق *  يوم  هم  بارزون  لا يخفى  على الله  منهم   شيء  لمن  الملك  اليوم  لله  الواحد  القهار  * اليوم  تجزى  كل  نفس  بما كسبت  لا ظلم  اليوم  ان  الله  سريع الحساب  *  وانذرهم  يوم  الازفة   اذ  القلوب  لدى  الحناجر  كاظمين   وما  للظالمين  من  حميم  ولا  شفيع  يطاع  *  يعلم  خائنة  الاعين  وما  تخفي  الصدور  *  والله  يقضي  بالحق  والذين  يدعون  من    دونه  لا  يقضون  بشيء  ان  الله  هو السميع البصير*)

                                               المؤمن \الايات 15 - 20

 الحمد لله :

         الله تعالى رحيم بعباده  فهو رفيع الدرجات  اي المقامات  وهي درجات ثوابه لاهل طاعته من الانبياء والمرسلين والشهداء والصالحين  انعم الله تعالى عليهم  بها  فكل  منهم له  درجة  او مقام معلوما  في يوم القيامة  او في يوم التلاق  وتحتسب هذه الدرجات  المميزة  بمعرفته   سبحانه وتعالى في  درجة  ذاته  وصفاته  فمنهم من يعرفه  على بساطته ومقدرة فهمه   منهم  من يعرفه  بدرجات اعلى  وحسب مستواه العلمي والثقافي ( هل يستوي الذين  يعلمون والذين لايعلمون )   وهذه الصفات اشبه  بجوهر نادر  له صفات  وآثار  خاصة به   فنحن  البسطاء نعرفه انه حجر كريم  ذو لمعان ولون معين   براق   اما  المختصون  بهذه الجوهر فيعرونه حق معرفته  وكذلك  الانبياء والاولياء  يعرفون الله افضل من معرفتنا  له  واخص مما نعرفه  وبدرجة  انعم الله عليهم  بها افضل  منا  وقيل  انه  عالي المقام واسعه  لا يضاهيه شيء   وغاية ما  توصل اليه  البشر انه  ( ذو العرش )   فهو خالقه  وراعيه  او صاحبه  فهو سبحانه وتعالى  صاحب  الملك  المتفرد  بالسلطان  ومن  صفاته  سبحانه  وتعالى   انه  ينزل الوحي ( الروح)  من قول او حكم او قضاء  او امر على من يشاء من عباده  والروح  هو الملك  جبريل عليه السلام  وقد انزله  الى الارض  لتبيلغ  رسالاته  الى  من انبيائه ورسله  عليهم السلام  واخر من نزل عليه  هو سيدنا  محمد صلى  الله  عليه  وسلم  .

الامر الذي انزل لاجله هو  دعوة الناس  لعبادة الله تعالى ولأ نذارهم  ان وراءهم  موتا  وحياة  اخرى  يلتقون  فيه  وهو  يوم   القيامة   وفيه سيكون يوما  للحساب والجزتء   فهو يوم   فيه  يظهرون   من  جديد  بذاتهم واعمالهم  التي  اقترفوها في حياتهم الاولىفي الحياة الدنيا   كلها  خيرها وشرها  فلا يخفى  منها   شيئ  سواءا بانفسهم  او ذات اي منهم  او باعمالهم   التي  فعلوها  حيث وكل  بكل  نفس  عدد  من  الملائكة ارسلهم  الله  تعالى  يكتبون  ما  يفعلون ( ورسلنا  لديهم  يكتبون )  فهم  في هذا اليوم  بارزون  ظاهرون  من قبورهم  او رقداتهم  مذهولين  خائفين  لا يسترهم  ستر ولا ثوب   سائرين الى  ساحة الحساب  ( لاتخفى منهم خافية )  .
      وفي وقفتهم تلك  يقال لهم  :
-        لمن الملك اليوم ؟؟؟
-         ثم يجاب السؤال من ذا ت القائل العظيم :  لله الواحد القهار    والواحد  معناه المتفرد  بالاحدية اوالصمدية  والقهار هو الغالب  المسيطر عليهم  القاهر لهم  بامره    فالجميع  يجيبون جوابا واحدا  مؤمنهم وفاجرهم  او كافرهم  :
-         لله الواحد القهار.

 فالمؤمنون   يجيبون بما يعتقدونه  في حياتهم الدنيا  من  انه سلحانه وتعالى ربهم ورب الكون كله  فعبدوه حق عبادته    واما الكافرون فيجبون متحسرين مغمومين  مكرهين  بما لا سبيل  لا نكاره  في  مثل هذا  اليوم  وان  فاتهم  قول  ذلك  في الحيا ة  الدنيا  فيعترفون  به اليوم  ان الملك  لله  الواحد القهار .

           فالله تعالى  يوحي الى حبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  ان ينذر هؤلاء  او ينذرالناس  من اهوال يوم القيامة  ( وانذرهم  يوم الازفة اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين )  الساعة  اي  ساعة وقوفهم   للحساب  اذ  قلوبهم  تكاد تزهق  كمدا  فتتحرك من اماكنها   لتضغط على الرئة وتمتلئ هواءا حسرات  اتضغط  الرئة على الحناجر حيث  الحبال الصوتية  فيصابون  بالضيق  الشديد   يتمنون  لحظة  راحة  ولو بالموت  خوفا  وهلعا  وحسرة  لكنهم لا يستطيعون  وكأنهم  ماسكون او قابضون على قلوبهم  خوفا عليها ان لا تخرج  من فزعهم  الا  انهم  اي الظالمين وهم  في هذا الموقف  لا صديق لهم ولا ناصر ينصرهم ولا معين يعينهم ولا شفيع  فيشفع  لهم  .  فيبقون  في   موقفهم هذا  خاشعة   ابصارهم ترهقهم   ذلة  تتعبهم  وتحزنهم  وتذ لهم    ولا يعلم احد  ما  في قلوبهم في هذا الموقف  الا الله  تعالى فهو  وحده  من يعلم  ما  كانت تنظراليه اعينهم  الزائغة   او  الخائنة  وما  في   قلوبهم  وانفسهم  وما تخفيه صدورهم  في هذا الموقف او ما  كانت  تنظر  اعينهم  الى المحرمات  او ما  في  قلوبهم  وانفسهم  وما  تكنه   وتتستر عليه  في حياتهم الدنيا   .

      فالله تعالى  هو الحكم  العدل بين عباده   اذ يقضي   بينهم   بعلمه بالحقائق والوقائع  فهو دائما  يقضي بالحق   واما  الذين  من دونه  وهم الالهة  التي  يعبدونها  من  دون  الله  او التي تقربهم  الى  الله زلفى  او  بني البشر ممن   يقدسونهم   تقديس  عبادة   وهم  من   دون الله  فلا يقضون  بشيء   وحتى  القضا ة  في  الحياة الدنيا  كثيرا  ما يخطؤون بحكمهم  فلا  حكم عدل الا الله  سبحانه وتعالى  وهو السميع البصير .
                              والله تعالى اعلم
       

           *****************************


                                  2

                     بسم الله الرحمن الرحيم

   ( وقال الذي  آمن  ياقوم  اتبعوني  اهدكم    سبيل الرشاد * يا قوم  انما  هذه  الحياة  الدنيا  متاع  وان الاخرة  هي دار   القرار * من  عمل  سيئة فلا  يجزى  الا  مثلها  و من عمل  صالحا   من  ذكر  او انثى  وهو مؤمن  فاؤلئك   يدخلون   الجنة   يرزقون   فيها  بغير  حساب * ويا قوم  ما  لي  ادعوكم  الى النجاة وتدعونني الى النار* تدعونني لاكفر بالله  واشرك  به ما ليس لي به علم  وانا ادعوكم الى العزيز الغفار*  لا جرم  انما تدعونني  اليه  ليس  له دعوة  في الدنيا  ولا  في الاخرة  وان  مردنا الى الله  وان  المسرفين هم اصحاب النار * فستذكرون  ما اقول   لكم   وافوض  امري الى الله  ان الله  بصير بالعباد *  فوقاه  الله  سيئات  ما مكروا  وحاق بال  فرعون  سوء  العذاب * النار  يعرضون عليها  غدوّا وعشيا   ويوم تقوم الساعة  ادخلوا  ال  فرعون  اشد العذاب  * و اذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا انا  كنا لكم تبعا  فهل انتم مغنون عنا  نصيبا  من النار *  قال الذين  استكبروا  انا   كل  فيها   ان  الله  قد حكم  بين العباد * وقال  الذين  في  النار  لخزنة  جهنم  ادعوا  ربكم  يخفف  عنا  يوما من العذاب * قالوا اولم تك  تاتيكم رسلكم بالبينات  قالوا بلى  قالوا فادعوا وما   دعاء  الكافرين الا  في ضلال  *  انا   لننصر رسلنا  والذين  امنوا  في الحياة  الدنيا  ويوم  يقوم  الاشهاد* يوم لا ينفع  الظالمين  معذرتهم  ولهم  اللعنة  ولهم  سوء الدار*)


                                    سورة  غافر( المؤمن)  الايات \38 - 52


 الحمد لله :
      ان الرجل المؤمن في هذه السورة بقصد به  صاحب موسى عليه السلام  فعندما  قتل  موسى الرجل الفرعوني الذي تشاجر مع الاسرائيلي  واستغاث  الا سرائيلي بموسى عليه السلام –  فاغاثه حيث  ضرب موسى الرجل الفرعوني ضربة  واحدة على هامته  أخرجت  روحه  من   جسده  فخر صريعا ميتا  . وفي اليوم التالي وجد موسى  نفس ذاك الاسرائيلي يتشاجر مع رجل فرعوني آخر  فلما رآه  استغاث به ايضا  فتقدم موسى منهما  ليحجزهما  فسحب الرجل الاسرائيلي  فظن انه يريد قتله   فقال له  بصوت عال ( اتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالامس ان تريد الا ان تكون جبارا في الارض  وما تريد ان تكون من المصلحين *) القصص\ 19
 فتركهما موسى  واخذ يمشي في المدينة  فجاء اليه رجل  من اقصى المدينة  وهي مدينة( منف) الاثرية في مصر تقع  جنوب القاهرة  فقال له :(   ياموسى ان الملأ  يأتمرون  بك  ليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب قال رب  نجني من القوم الظالمين *) القصص \20و21
( راجع كتابي الثالث من هذه الموسوعة   – الادعية المستجابة في القران الكريم ) .

          فهذا الرجل قد  آمن برسالة موسى عليه السلام  واصبح  من دعاتها  لهذا نراه  في هذه الايات المباركة   قد ذكره  الله  تعالى داعية للايمان  بالله  تعالى  .

    يقول هذا الرجل الؤمن  وهو  من ال فرعون  لكنه  كان يكتم ايمانه خوفا  من بطش فرعون وجماعته   ( وقال رجل مؤمن من ال فرعون يكتم ايمانه  اتقتلون  رجلا ان يقول ربي الله ... ) سورة غافر \28
  يخاطب  جماعته  وقومه في مدينة(  منف ) ( ياقوم اتبعوني اهدكم سبيل الرشاد )  والاتباع هو السير في الاثرومايضاهيه   فهو يدعوهم  للايمان بالله تعالى  وبما اوحاه الله تعالى  الى موسى عليه السلام   وهذا هو سبيل الرشاد او طريق الحق والصواب .

      ويؤكد لهم   جازما ان  هذه الحيا ة الدنيا  متاع  او  لهو ولعب  فهم يتمتعون بها  تمتعا  موقوتا  معلوما   وسينتهي  بأيها اجل اي منهم  او بزوال  اسباب هذا التمتع كالصحة  التي تنتهي  بالمرض او بالمال الذي ينتهي حال المرء منه بالفقر  وستنتهي هذه الحياة  الى حياة اخرى دائمة الحياة   و ثابتة مستقرة  وهي  الحياة  ما  بعد الموت  او الحياة  الاخرة فهي دار استقرار دائم  واقامة  ثابتة  وخلود  ابدي .   وفي هذه  الدار  اي في الاخرة  فسيبعثون جميعا    فمن  كانت  اعماله في حياته الدنيا  سيئة  ومخالفة   لاوامر الله  ومنكرة لها  فسيكون  عقابه  بقدر  عمله  سيئة  بسيئة   فاذا  كانت سيئآته اكثر من حسناته  او ميزان سيئاته كفته راجحة  اثقل من كفة حسناته   فيكون  من اصحاب النار  فان مصيره اليها ويلقى  فيها  خالدا في العذاب المبين .

           ومن  يكون  ميزان  حسناته  اثقل من سيئاته  يكون من اصحاب الجنة   يرزقون فيها من كل انواع الرزق  و المتعة  مما (  لا  عين رات ولا اذن  سمعت ولا  خطر على  قلب بشر  ) وهذا حكم الله تعالى  اذ  ان كل حسنة  يعملها الانسان تضاعف  عشر مرات ( من جاء بالحسنة فله عشر امثالها )   ومن  عمل  سيئة  يجزى  مثلها  واحدة   بواحدة  فمن عمل عشر سيئات   سجلت  عليه  عشرا وحوسب يوم القيامة  بعشر  ومن عمل  عشر حسنات  سجلت  له  مائة حسنة ويجزى  كمن فعل مائة حسنة    وهذا فضل من الله عظيم .

          ثم يكرر هذا الرجل المؤمن  نداءه اليهم فيقول لهم مؤنبا  مالي ادعوكم الى الجنة وفيها رحمة الله تعالى  وفضله  واحسانه  واريد لكم  الخير في دعوتي لكم بالايمان بربكم    وانتم  تصرون على فعل المنكر وتدعونني  الى عمل الشر ومخالفة امر رب العالمين فانا  انشدكم الى الخير  وانتم تدعونني الى  الكفر   والاشراك  بالله تعالى  وهو حرام  وانا ادعوكم  الى  كل خير  ومعروف  يثيبكم  الله  تعالى عنه   يوم  القيامة  الحسنات  فيغفر لكم الله  سيئاتكم  ويتجاوز عنها .  فالله  هو العزيز القوي الشديد المنعة   فلا يحتاج الى احد  وهو الغفار الذي  يغفرالذنوب  جميعا  فمن دخل في  حرز الله  وغفر  لهم  ذنوبهم  فيكونون من اصحاب الجنة  . فان لم  يعجبكم   قولي هذا  فستندمون  في  حياتكم الاخرة  وتتذكرونه  وانتم تتعذبون  وتقولون   بانفسكم:  ياويلنا  اذ  قد  نصحنا  فلم  ننتصح . لكني ارجع   امري الى الله تعالى   واشكو اليه  بثي وحزني  نصبي وتعبي  في دعوتكم  اليه تعالى  فانه  بصير  بكل اعمال عباده  يعلمها   ويعلم  سرائر عباده وما يعلنون   فانه بصير بالعباد .

         وهنا في هذا المشهد العظيم   يمن الله تعالى عليه  فوقاه سيئات اعمالهم  فادخله الجنة .  بينما غضب الله تعالى  على  ال فرعون و من معهم  فادخلهم  عذابه  فهم يعرضون   على النار  في الغداة  او الصباح  والعشي اي العشاء  وتتحقق مشاهدتهم لها  وذعرهم منها فهم  يعرضون عليها  منذ  يوم  وفاة  احدهم  وانتهاء عمره في الحياة  الدنيا  الى يوم القيامة وهو يوم الساعة  فاذا حان وقتها  حاقت  بهم النار من كل جانب وكانت اجسادهم  وقود النار وانفسهم تعذب  بها  اي ادخلوا فيها  فقد اعد لكم فيها  اشد  الوان  وانواع  العذاب   فهي  محيطة  بهم  وفيها داخرين .  .
 
        وهذا مشهد اخر من مشاهد  يوم القيامة هو مشهد الكافرين في  نار جهنم فهاهم  يتناقشون بينهم  فيقول الضعفاء  منهم لساداتهم وامرائهم   الذين اغروهم وكانوا سببا في كفرهم و دخولهم النار :
-        انا كنا تبعا لكم  نتبعكم ونطيع امركم . فهل لكم ان ترفقوا بنا وتحملوا بعضا من ايام عذابنا  من النار اوتقللون من عذابها علينا؟؟
-         فيجيبونهم قائلين لهم :
-        انا وانتم كلنا في النار  وعقابنا مستمر فيها  وهذا حكم الله تعالى فينا فقد حكم علينا فجعلنا   اصحا ب النار  وحكم الله تعالى لايبدل ولا يغيير.

            ثم  يلتفت  جميعهم الضعفاء والمستكبرون  الى خزنة النار متوسلين فيهم لعلهم  يدعون الله تعالى ان  يخفف عنهم عذاب يوم واحد  من هذا  العذاب  الشديد  الذي  يقاسونه  في  جهنم  فيجيبهم الملائكة الموكلون بجهنم ا و هم خزنتها :
-        (الم  تأ تكم رسلكم  بالبينات ) او الم يرسل الله تعالى لكم الانبياء والمرسلين في الحياة الدنيا  لهدايتكم وينذرونكم  هذا العذاب ؟؟
-         فيقولون :   بلى  ........
-        فيردون عليهم قائلين لهم :  فادعوا وما دعا ء الكافرين الا في ضلال  .
 اي ان دعاء  الكافرين غير مسموع  ولا مستجاب  وانه  ضائع  في  جو سماء  الدنيا في الاخرة  فلا يسمع منهم دعاء   فانهم في دعائهم تائهون او ضائعون او ضالون . فالله تعالى  تنزه عن سماع  دعاء الكافرين  فيذهب ادراج الرياح .   فالله تعالى  ينصر  رسله وانبياءه  الذين ارسلهم  لبني البشر و من آمن بهم.
 فالانبياء والرسل والمؤمنون بالله تعالى و ملائكته وكتبه ورسله  منصورون  باذن الله  في الحيا ة  الدنيا  وفي الاخرة  او  ويوم  يقوم الاشهاد وهم شهود الحق  في يوم الحساب .

         ففي هذا  اليوم العظيم  لا  ينفع الظالمين  اعذراهم  واقوالهم واحتجاجاتهم   ودعاؤهم  وتوسلاتهم   فانها   في  هباء   متناثر   ومصيرهم  ان عليهم لعنة  الله  والملائكة   والناس اجمعين  ولهم سوء الدار الاخرة  وهذا هو حكم الله تعالى بهم بما اقترفت انفسهم  فبئس المصير .

                   والله تعالى  اعلم 

         ******************************

                               3

            بسم الله الرحمن الرحيم

( وما يستوي  الاعمى والبصير والذين امنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء  قليلا  ما تتذكرون * ان الساعة لاتية  لاريب فيها  ولكن اكثر الناس لا يؤمنون  *)

                                     المؤمن الايات \58و59

الحمد لله:



امر الله تعالى في خلقه وهو الاساس في التشريع في الغالب فلا يتساوى الاعمى الذي لا يبصر ما حوله وهو كالسجين في بيته في الحياة الدنيا اما الا نسان السوي الذي يسمع ويرى ويفكر فهو من تفتحت له الحياة كلها بين يديه يكيف عمله فيها كيفما يشاء ويريد . وهذا مثل ضربه الله تعالى للناس لعلهم يتفكرون. فالمؤمنون  الذين  يعملون  الصالحات  وكرسوا حياتهم لعبادة الله تعالى والايمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله كمثل من يبصر في عينيه فيشاهد الاشياء حوله على حقيقتها اي فتح الله قلبه فيرى الامور كلها فيميز بين الخير والشر فمثله كمثل النهار المشمس نور على نور واما المسيء او المذنب فهو كالاعمى يتخبط في سيره فلا يرى ما امامه ولا ما خلفه او جنبه فلا يتساوى هذا بذا ك والله تعالى بعباده سميع بصير .

           وفي يوم القيامة سيحاسب الله المسيئين او المذ نبين وهو امر فرض الحدوث ومؤكد الوجود فيؤكد الله تعالى ان يوم القيامة او الساعة سيحدث في اوانه وهو الوقت المعلوم الذي  حدده  الله فهو معلوم عنده وخاف على عباده  فهم لا  يعلمونه وسيأتيهم  بغتة فلا شك فيه .ولا ريب في موعده وسيكون  فيه  الفصل  بين الحق والباطل  وبين الخير والشر ولكن اكثر الناس لا يصدقون   بهذا الامر ولا يقرونه وهم المنكرون له والكافرون   بربهم  وقد  بين الله   تعالى انهم الكافرون  والخارجون عن الايمان بما بسط لهم من طريق الحق والصواب وهم اغلب الناس واكثرهم .
والله تعالى اعلم


              **************************























           يوم القيامة في سورة فصلت                  

                                    1

                     بسم الله الرحمن الرحيم

       (قل انما انا بشر مثلكم  يوحى الي  انما الهكم اله واحد فاستقيموا اليه  واستغفروه   وويل للمشركين  *  الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالاخرة كافرون )

                                 سورة فصلت  الايتان \ 6و7


  الحمد لله:

           خطاب  من  الله  تعالى الى الحبيب المصطفى  محمد صلى الله    عليه   وسلم  ان  قل  يامحمد  لقومك  ما انا  الا  بشر مثلكم  عشت  بينكم  وعرفتموني  حق  المعرفة  قبل ان  يبعثني الله تعالى  نبيا  ورسولا   فلما اوحي  الي  وبعثني   نبيا   ورسولا  لكم   خاصة   وللناس   عامة   فانا    ادعوكم  الى عبادة  الله  الواحد   الاحد   فآ منوا  به   الاها  واحدا  في العالمين  ووحدوه  واهجروا  عبادة   الاصنام   والاوثان  والاشراك  بالله  تعالى  في  قول  او فعل ا و عمل  واستقيموا  في  عبادتكم  على الهدى  والايمان    وانيبوا  اليه   واستغفروه  فانه  هو  العزيز الغفار.

   من لا يستغفر الله  او بستقيم في  حياته الدنيا  فيعبد الله حق عبادته  فهذا انذار له  فويل للمشركين  وويل كلمة  عذاب شديد  من  الله تعالى للمشركين والكافرين .وقيل ويل واد سحيق في اعماق جهنم  فهم اذن في اسفلها او  في اعماقها  يشتوون بنارها  ويحترقون باوارها .

         و المشركون هم  الذين يعبدون  اوثانا  واصناما  من دون الله  او يعرفون الله تعالى   ويعبدونه   لكنهم  يعبدون الاصنام  والاوثان  لتقربهم االى الله  زلفى  او هم  الذين  يقدسون   الاشخاص والقبور  ويحفونها  بهالة  من القدسية  تضاهي  قدسيتهم  لله  تعالى  فهم  يشركونهم  في عبادته  قال تعالى :
( واذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم  واذا  ذكرالذين  من دونه اذا هم  يستبشرون )

   ومن علائم  هؤلاء  وتصرفاتهم انهم  لا يؤدون حق  الله تعالى في اموالهم  فهم لا يدفعون زكاة  اموالهم  وهو حق فقراء المسلمين في تلك الاموال   حيث انهم لا يؤمنون  بأن لهم معادا  ان  هناك حسابا  ينتظرهم  في يوم القيامة  فهم  عنه  غافلون .
    والله تعالى اعلم

              **************************

                                          2

                         بسم الله الرحمن الرحيم


        ( فاما  عاد  فاستكبروا  في الارض  بغير الحق  وقالوا  من  اشد  منا  قوة  او لم  يروا  ان الله  الذي  خلقهم  هو اشد  منهم  قوة  وكانوا باياتنا  يجحدون * فارسلنا  عليهم ريحا   صرصرا  في ايام  نحسات  لنذيقهم  عذاب  الخزي في الحياة  الدنيا  ولعذاب الاخرة  اخزى وهم لا ينصرون * واما  ثمود  فهديناهم  فاستحبوا العمى على الهدى  فاخذتهم  صاعقة  العذاب الهون بما  كانوا يكسبون * ونجينا الذين امنوا وكانوا يتقون * ويوم  يحشر اعداء  الله الى النار  فهم  يوزعون * حتى  اذا جاؤوها  شهد عليهم  سمعهم  وابصارهم  وجلودهم  بما  كانوا  يعملون * وقالوا  لجلودهم  لم  شهدتم علينا  قالوا  انطقنا  الله  الذي  انطق                     كل  شئ وهو خلقكم  اول  مرة   واليه  ترجعون  * وما  كنتم  تستترون  ان يشهد  عليكم سمعكم  ولا ابصاركم  ولا جلودكم  ولكن   ظننتم  ان الله لايعلم كثيرا مما تعملون *  وذلكم   ظنكم  الذي  ظننتم   بر بكم   ارداكم  فاصبحتم  من  الخاسرين *  فان  يصبروا   فالنار   مثوى  لهم   وان  يستعتبوا   فماهم  من   المعتبين *)

                                     سورة فصلت الايات \15 –24

 الحمد لله \

          في هذه الايات  مشاهد  عظيمة يعرضها الله سبحانه وتعالى ويبينها لحبيبه  المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  والمؤمنين :.
 
       الاول   قوم  نبي الله هود  عليه السلام اذ كانوا يسكنون في مدينة   ( ارم )  وهي مدينة عظيمة  جميلة  ( لم  يخلق  مثلها  في البلاد*)  تقع  في اليمن في منطقة الاحقاف ما بين  مدينة عمان  في امارة عمان الحالية وحضرموت   حيث كانت ذات ابنية  عا لية رفيعة  وقلاع منيعة  وقصور شامخة  جميلة  وحدائق ذات بهجة  فلما  طغوا  في  بلادهم  واستكبروا  بعث الله تعالى اليهم  نبيه  هود  عليه السلام لعلهم   يؤمنون ويرتدعون  الا  انهم   قالوا   من   من  الناس   او   الخلق  اشد  منا  قوة  ومنعة  وعريكة  او من يقدر ان يقاومنا  او يقف  امامنا  في شيء  وتكبروا في الارض  كثيرا  وعلت  نفوسهم  كبرياء   جسومهم  الكبيرة  حيث كانت اجسامهم  ضخمة   اضخم من غيرهم من الاقوام  وغاب عنهم ان الله تعالى   وهو خالقهم  اشد واعظم  منهم  مقدرة وعزما  فقدرته ذاتية متناهية لا يماثلها شيء  وهو على كل شيء قدير  فهم  وكل الامور في قبضته  .

               فلما  استمروا في  غيهم وتكابرهم  وجحودهم  بكل  علامات الايما ن وغفلوا عن ذلك  وكذبوا  رسلهم  فاستحقوا  العذا ب.  عند ذلك   عاقبهم الله تعالى  في  حياتهم الدنيا  بان  ارسل اليهم  ريحا  باردة   شديدة  البرودة  سخرها  عليهم ليالي واياما  وهذه الايام ايام نحسة وقيل انها في نهاية شباط  واوائل آذار وفيها  بردات  العجوز الموسمية  وقد روي عن ابن عباس  رضي الله عنهما   انها كانت   من  الاربعاء  الى الاربعاء  من اخر شوال في ذلك الوقت  وهو ما يصادف   ما ذكرته في التقويم الشمسي  انذاك  وهذه الايام  سبع ليال  وثمانية  ايام   اي سبع ليال و ثمانية نهارات  .  وقد قضت عليهم  هذه الريح  الشديدة  في هذه المدة القصير ة   حيث اذاقهم الله تعالى  عذاب الخزي في الحياة الدنيا  وهو  المذلة  والمسكنة  والموت  فيها   وسيكون  مصيرهم  في الحياة الاخرى اخزى  واظلم  فلا  احد  ينصرهم  او يشفع  لهم  باي وجه  من الوجوه .

            اما ثمود وهي  قبيلة عربية  كانت  تسكن  وادي الاردن  بحيث كانوا  يبنون  بيوتهم من صخورالجبال  القريبة منهم  فارسل الله تعالى لهم صالحا  عليه السلام  ليكون نبيا ورسولا لهم  ليرشدهم  ويبين لهم طريق  الصلاح  والايمان  طريق الحق والسعا دة . والسلامة  والصلاح  الا انهم   اثروا  البقاء  فيما هم   فيه   من الضلال والعمى والابتعاد عن طريق الحق والصواب    فحق عليهم العذاب فكا ن   ان سلط  الله تعالى عليهم  صاعقة  العذاب  الهون  عذاب شديد   كان  سببا  في   خذلانهم  واذلالهم وموتهم  وتبين  لهم ذلتهم في انفسهم  في الحياة الدنيا  ولم ينجو منهم  ا لا  نبيهم  صالح والذين آمنوا  معه   حيث  كانوا اصحاب ايمان وتقوى  .

          وتلك مشاهد  من عذاب  شديد  في الحياة  الدنيا  ضربها  الله تعالى مثلا   لبني البشر  ليتعضوا بها  ويتذكروها  اما المشهد الاخر فهو مشهد  انحباس ارواح  الكفار والمشركين  بعد  خروجها  من اجسادها  في اخرهم الى ان  يحين  مجيئ اولهم   فيكون  الاولين   والاخرين  في العذاب  مشتركون و عقوبتهم  وعذابهم في وقت واحد  في  يوم  القيامة  فاذا  حضر  الجميع   الاولون   والاخرون  بعد النشر من  بعد  الموت الاول  للمحاسبة  في يوم القيامة  وسؤلوا   عما اجرموا  او عن سبب سوقهم الى جهنم  شهد عليهم  سمعهم  بما  كانوا  يسمعون  بها ما  لا  يحل  سماعه   او ما حرم  سماعه  وشهدت عليهم اعينهم   بابصارهم  ماحرم  النظر اليه  وراتها  اعينهم  وشهد عليهم  جلودهم  اي البشرة  الخارجية من اجسامهم  في ابدانهم  وايديهم  وارجلهم   بما   مسها  وحست بها من مس الحرام  او بالحركة  او المشي او بكل ما كانوا  يعملون  في  حياتهم الدنيا  وتمس هذه  الجلود   فيسأ لون   سمعهم وابصارهم وجلودهم  قائلين لهم :
-        لم شهدتم علينا  ؟؟
-         فتجيبهم :: انطقنا  الله تعالى  الذي انطق  كل شيء  وهو خلقكم اول مرة واليه تعودون في مصيركم الاخير  وكنتم تتصورون  ان    لا يشهد  عليكم  سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم  وكنتم تتوقعون ان الله تعالى  لا  يعلم  من اعمالكم السرية شيئا   وهذا الظن جعلكم تتمادون في اعمالكم المحرمة  فوقعتم بشرّها  وعوقبتم عليها ونحن شهداء عليكم  فخسرتم  الدنيا  والاخرة .

         وهذه محاورة  بين  نفوس الكافرين  والمشركين  في   يوم الحساب  لتثبيت  احقية العقوبة   والزام الحجة  بالشاهد   ومن الاقرب  الى نفوسهم  وهي  سمعهم وابصارهم وجلودهم  فهي  حجة عليهم  ولهذا  فقد  استحقوا العذاب في جهنم  فان يصبروا او  يجزعوا  على العذا ب وهم فيها  فهو سواء  فان الصبر  لا ينفعهم   ولا يقودهم الى الفرج  بعد  الحكم العادل عليهم   فهم في جهنم خالدون  لا يبرحونها ولايخرجون منها   وان يرجون رضا الله تعالى  فلن يرضى  الله تعالى عنهم  لسوء اعمالهم  فلا تجاب  دعواتهم   وهذا مشهد من عذاب الكافرين في يوم القيامة  .
           والله تعالى اعلم .


         ******************************

                                3

                   بسم الله الرحمن الرحيم

(  ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا  تخافوا ولا تحزنوا  وابشروا بالجنة التي كنتم  توعدون *نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا  وفي الاخرة  ولكم  فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم* )

                                       سورة فصلت الايتان \  31و32

 الحمد لله :

        يؤكد الله تعالى  في هذه الايات المباركة  صدقا  وعدلا  بان الذين آمنوا بالله  تعالى  وثبتوا على الايمان  قولا  ( لا اله  الا  الله   وحده لا شريك  له  )  وعملا  باستقامتهم  في اعمالهم  وكل امورهم  ويستمرون  عليها   تتنزل عليهم  ملائكة  الرحمن   اذا  حزبهم  امر  او عند  موتهم  لتطمئنهم  ان لا  يخشوا  الموت  وما وراء  الموت من حساب  يوم القيامة  فلا يخافون  حرمانهم  الثواب  ولا  يحزنوا   كونهم  كانت لهم  ذنوب  قبل  ايمانهم  واستقامتهم  ولا  على  ما  خلفوه  وراءهم   من  مال  وولد  ولا   يخافون  ما  ينتظرونه  من  امر يوم القيامة  لان الله تعالى  وعدهم الجنة  والتجاوز عن السيئات  لانه  هو الغفور الرحيم  و يقولون  لهم :

(  ابشروا بالجنة  فنحن اولياؤكم  ننصتر لكم  واحبابكم  في الحياة الدنيا  ونرعاكم   فيها  ونسجل  كل   حسناتكم  جميعها  وسنكون اصدقاؤكم واحبائكم في الحياة و  الاخرة   ايضا    وسنشهد  انكم كانت  اعمالكم  مستقيمة  في الحياة الدنيا  ونبقى معكم حتى تستقرون في  الجنة  التي  لكم  فيها  كل ما تتمنونه وترغب به انفسكم  من الملاذ   والمشتهيات  الطيبة  في الطباع  والنوازع السليمة  وماتطلبونه لانفسكم  من الرحمة والمغفرة والرضوان من الله تعالى . وهذا ما امرنا الله تعالى به 
  فانه هو الغفور الرحيم  .


                      ********************  

                                      4

                             بسم الله الرحمن الرحيم


( ان الذين  يلحدون في اياتنا  لا يخفون علينا   ا فمن  يلقى في النار خير  ام  من ياتي امنا  يوم القيامة  اعملوا  ما شئتم  انه  بما  تعملون  بصير*)

                                               سورة فصلت الاية \  40  

 الحمد لله :

      القرآ  ن الكريم  كتاب  الله تعالى   نزل  به   الروح  الامين على الحبيب المصطفى محمد   صلى الله عليه وسلم  ليكون  للعالمين  بشيرا  بشيرا   للمؤمنين  يبشرهم   بنعمة  من الله وفضل و نذرا الى الكافرين  والمشركين  الذين  يلحدون  باياته  ولا  يؤمنون  بها  فظلت   قلوبهم  معشعش  فيها   ظلام  الكفر  والضلال  والشرك   والالحاد  هو الكفر بعينه . فهؤلاء  الضالون  او المشركون  او الكافرون  يعلمهم  الله تعالى  الذي  يعلم  السر  واخفى   ويعلم  ما ما يعملون  وما يكسبون  وما في   قلوبهم   من شر   و ما تكتم  هذه  القلوب  من  كراهية  وحقد  للمؤمنين  او لاتفسهم   فهم  لا  يغيب  امرهم  على الله  تعالى   حتى يستطيعوا   الافلات  من عقابه  لهم  في يوم القيامة .  وهذا  انذار وتهديد  لهم  لما   سيجري  لهم  في يوم الحساب  من تعذيب  اذا  ما  تمادوا  في استكبارهم   وكفرهم.

             وهؤلاء الكافرون والمشركون  اذا  وازنا بينهم و بين المؤمنين  الذين يؤتون   يوم  القيامة  امين  مطمئنين  على   انفسهم   ومصيرهم   بان لهم الجنة  ايهم  افضل  واسمى  ؟  لا ريب ان اصحاب الجنة  افضل من الكافرين والمشركين  والضالين  الذين سيلقون في النار لقاء اعمالهم  التي  فعلوها  في  حياتهم  الدنيا   فتكون لهم  مأوا  ومصيرا .

        وفي  الحقيقة  لا  توجد  مواز نة   بين هؤلاء  وهؤلاء  فالمؤمنون هم اصفياء  الله  تعالى واحباؤه  . والله  تعالى  هدد بشدة  اصحاب النار من الكافرين  والمشركين   فقال  تعالى ( اعملوا ما شئتم  )  ان  سيكون مصيرهم  في  جهنم  داخرين .
       
           ثم  يؤكد الله  تعالى   تاكيد  شمول  واحاطة   ( انه بما تعملون بصير ) ويقصد  فيها  كل  الخلق   ومنهم  المؤمنون   وكذلك الكافرون والمشركون   يعلم  ما  يجري  لهم  وما  يعملون  من    خير ا و  شر  فيحاسبهم   كل   بعمله  مفردا  (  ولا  تز وازرة  وزر اخرى ).

                والله تعالى اعلم
    
   
          ********************

                                   5

                         بسم الله الرحمن الرحيم

 ( لا يسأم  الانسان  من  دعاء الخير  وان مسه  الشر  فيؤوس  قنوط  * ولئن  اذقنا ه رحمة  منا  من  بعد ضراء  مسته  ليوقولن  هذا  لي   وما اظن الساعة   قائمة  ولئن  رجعت  الى   ربي  ان  لي   عنده    للحسنى  فلننبئن  الذين   كفروا   بما  عملوا   ولنذيقنهم   من  عذاب  غليظ * واذا  انعمنا   على  الانسان  ونئى  بجانبه   واذا  مسه  الشر  فذو    دعاء عريض *)
                                          سورة فصلت الايتان \ 49-51

 الحمد لله :

             الله تعالى خلق النفس الانسانية  ويعلم كل سكناتها وخلجاتها  وما في  دواخلها  فقد  جبلت  النفس على  الاستعجال  وحب الذات  فهي  غير قانعة بما كتب لها  من  خير من مال  وولد  وصحة  وغيرها   من زينة  الحياة  الدنيا    وتطمح  على حصول  ا لمزيد  منها   الا ما  يعكر صفوها  وينغصها   لذ ا جعل  الدعاء  (مخ العبادة)   كما  جاء  في الاثر الطيب   لذا  امر الله  تعالى  بكبح  جماحها   وما  تتمناه   من    امور  واخضاعها   لقواعد  الايمان  والحد  من  تصرفها  غير المعقول  فامر الله تعالى  في هذه  الاية الشريفة  ان لا يسأم الانسان  ولا  يتضجر  من دعاء  الله  تعالى   ان ينعم  عليه  في استجابة الخير له  واستمراريته  عليه   ذلك  ان   النفس اذا  اصابها  الشر او حل  بها   اليأس من  النعمة  مثل  الفقر  بعد  الغنى  والضر  بعد   الايناس  والعسر بعد  اليسر  داخلها  القنوط  ويئست  من رحمة الله   وانكفأت على  ذاتها  و  تحسب ان  الله  تعالى  خذلها  لذا بعضها    قنطت  من رحمته  تعالى  واستسلمت لليأس  وجزعت  وضاقت  عليها  الارض  بما رحبت  ويئست  من  زوال الشر  منها  وما  الم  بها   وخارت  قواها   وضعفت  واستكانت  على  ذاتها  . وهذا  من  اسرار النفس الانسانية  وما  جبلت عليه .

           فهذا  الانسان  اذا  انعم الله  تعالى عليه  وكشف  ما  به  من  سوء  او ضر في  ماله  او عياله  او ولده  ثم علته  النعمة  وتفضل الله تعالى  عليه  بالعافية  والغنى   من بعد  الشر  والقنوط  الذي اصابه  او الشدة التي المت به   في الاغلب تعود  نفسه الطموحة  الى نفس حالتها التي كانت عليها  فيعود  الى  تجبره   ومكابرته  وينسى  فضل الله تعالى عليه  وانعامه عليه  وكذلك  ينسى  ما وراءه  في يوم القيامة  من ثواب وعقاب  لا  بل  يتمادى  في ذلك  ولا  يفكر بالموت وما بعد الموت و قيام الساعة  و يظن  ان لا توجد   قيامة  من بعد  الموت  ومنهم  من  يعطي من ماله  ويتصدق  منه  ليقولوا  فلان  يتصدق  ويعطي  من  ماله  فهو كريم  يحسن  الى الناس  و في   قرارة   نفسه  انه   غير  مؤمن  بهذه الامور ويتراءى لنفسه  انه  اذا  كانت  هناك  حياة اخرى من  بعد الموت وحساب  وعقاب   وبعث  ونشور  في  يوم القيامة  فانه سيكون عند الله تعالى  في   حالة  طيبة   يكرمه  وينعم عليه .   لانه  كان  في  الدنيا  من المحسنين الكرماء  وانعم  الله تعالى عليه  فيها  ظانا  ان من انعم الله تعالى عليه  في الدنيا  سينعم  عليه في الاخرة ايضا   ناسيا   كفره  بالله  تعالى  وعزة نفسه وتعاليها  على الاخرين   مما  جعلها  لا  تؤمن  بالله  تعالى  ولا باليوم  الاخر  .

           ان  الله  تعالى  يؤكد  تاكيدا  قاطعا  لهؤلاء   ويخبر الكافرين  منهم  بحقيقة  ما في  نفوسهم  وما  استقرت عليه  فيجعلهم  في العذاب مشتركون  وليذيقنهم  من العذاب  الشديد  الدائم  المستمر  في الحياة الاخرة   او يوم القيامة  على ما تمادت به  انفسهم  وجنوحها  في غير طاعة  الله  تعالى .

        وكذلك  توجد  بعض  النفوس  الانسانية  اذا  انعم الله تعالى عليها واغدق  عليها    نعمه  و تفضل  عليها  اعرضت  عن  ذكر الله  تعالى  والايمان  به  وكفرت  وابتعدت عنه   اي اذا دعي  هذا  الانسان الى عمل الخير  ليعمله  ينقلب على  جانبه  الاخر او جهته  الاخرى  معرضا   عن الاذعان  للحق  او ينأى  عنه . اما اذا  مسه الشر  فأوذي   في   حياته بمصيبة حلت به  او حالة  احلت به  او نكبة او غيرها  فانه  يجأ ر الى الله  تعالى  ويدعوه  دعاءا   مستمرا  و  كثيرا  لعل الله تعالى   يرفع عنه هذا الابتلاء ويكشف عنه ما الم به..

          فالنفوس  اذن مختلفة  فيما  جبلت عليها  فهناك النفس المؤمنة  المطمئنة  بما  قسم  الله   تعالى  اليها  من  خير وانعام  قانعة  بمجريات الاحداث  وهذه  هي النفوس  الراضية المرضية   ونفوس  ان اصابها خير  اطمأنت  به  وان اصابتها  مصيبة او شر او نكبة  انقلبت على ذاتها  وهذه هي النفوس الخاسرة التي خسر ت الدنيا والاخرة ( لاحظ مقالتي النفوس الانسانية  والايمان ).
                  والله تعالى اعلم



       **********************
























            يوم القيامة في سورة الشورى

                                       1

                          بسم الله الرحمن الرحيم

( وكذلك او حينا اليك قرآنا عربيا لتنذر ام القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير *  ولو شاء لجعلهم امة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون مالهم من ولي ولا نصير *)
                                                      سورة الشورى \الايتان\6و7

 الحمد لله :

         ام القرى هي  قرية كانت  صغيرة  بجوار مكة واصبحت  جزءا منها او حيا من احيائها  قبل مبعث النبي  محمد صلى الله عليه  وسلم واطلقت  التسمية ( ام القرى)  على مكة المكرمة  من باب الاسماء التي سميت بها  فهي مكة وبكة  وام القرى  والبلد الامين و...   ومن حولها  هم الساكنون فيها وما يحيط  بها  ولما كانت مكة المكرمة  مركز الارض ومحورها  ونقطة الارتكاز  . لذا تكون الكرة الارضية  باكملها هي حول مكة  المكرمة  والخلق  الساكنون   في  هذه الارض   كلهم مشمولون   بالانذار.
       ولاحظ  البلاغة  والبيان  في المصحف الشريف  ففي  كلمة  (ومن حولها ) فرق الله تعالى بين  الخلائق وبين الانسان (  فمن ) خصصت للعاقل فقط  وبهذا يكون المشمول  بالانذار  الانس والجن ممن لهم العقل والتفكر  فقط  فلو كانت (وما حولها) لشملت كل المخلوقات من حيوان وجماد  ولكنها جاءت( ومن حولها ) .

          فالله تعالى اوحى الى النبي محمد  صلى الله عليه وسلم  ليكون  نشيرا  ونذيرا  للا نسانية  يبشرها  بنعم الله  تعالى  وآلائه  عليهم  في الدنيا  والاخرة ويحذرهم او ينذر هم  بما  اعد  للكافرين والمشركين او المعتدين   على الحرمات  التي  بينها  الله  تعالى  من عذاب في الحياة الدنيا  وفي الاخرة .

          فبهذا يكون  الانذار شاملا لكل الناس  لان رسالته صلى الله عليه وسلم   شاملة  لكل  الناس  فهو  مبعوث  للناس اجمعين  وليس  لاهل مكة وما  جاورها  بدليل  الايات  القرانية  المباركة  في  المصحف الشريف منها قوله تعالى :

       ( يا ايها  الناس  قد جاءكم  الرسول  بالحق  من  ربكم  فآ منوا  خيرا لكم وان  تكفروا  فان  لله ما  في السموات  والارض  وكان  الله  عليما  حكيما *)   النساء \170

     ( قل يا ايها  الناس اني رسو ل الله اليكم  جميعا   الذي   له   ملك السموات  والارض  لا  اله  الا  هو  يحيي  ويميت   فا منوا  بالله ورسوله النبي  الامي  الذي  يؤمن  بالله  وكلماته  واتعبعوه  لعلكم  تهتدون * )  الاعراف \ 158

             ويبين  الله  تعالى  ايضا  ان النبي  محمد صلى الله عليه وسلم   كذلك  ينذرهم  بيوم الجمع  وهو يوم القيامة  حيث  سيحيي  الله تعالى كل الخلائق في هذا اليوم العظيم  لحسابهم  على اعمالهم  في  حياتهم الدنيا – فالدنيا  هي  الحياة  الاولى  للبشر  والاخرة  هي الحياة  الثانية  لهم –   وهو يوم البعث  اذ يبعث الله تعالى الخلق  فيه   من  بعد الموت   للحساب  ثوابا  او عقابا  كل  بما عمل في   حياته  الدنيا  لذا  قيل ( الدنيا مزرعة الاخرة )   فيكون  فريق  منهم  في الجنة  وهم  المؤمنون  بالله وملائكته وكتبه ورسله  واليوم الاخر  اي يوم القيامة  وهو اليوم الذي نتحدث عنه  والفريق الاخر  يكون مصيرهم  الحرق  في  جهنم  او في السعير  وهم الكافرون   ومن  اليهم .
    
         ومن عظمة  الله تعالى  ان لو  شاء   لجعل  الناس   سواسية  في اعمالهم وفي  حسابهم  فيد خلهم الجنة او النار ولكنه سبحانه وتعالى  جعل الحياة   الدنيا  متاعا  لهم  ويحاسبهم  بقدر اعمالهم فيها فمن  شاء  رحمه وادخله  في رحمته  ورضوانه  فهم اصحاب الجنة    اما الظالمون والكافرون  فلا  احد   يتولاهم  او ينصرهم  لانهم  نالوا غضب الله تعالى واخلفوا   امره  فمصيرهم النار .
    اعاذنا  الله  تعالى  منها  وجعلنا  من  اصحاب  الجنة
                        والله  تعالى اعلم 

 
                ********************

                                      2

                            بسم الله الرحمن الرحيم

( الله  الذي انزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب * يستعجل بها الذين لايؤمنون بها والذين امنوا مشفقون منها ويعلمون انها الحق من ربهم   الا ان الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد* الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز * من كان يريد حرث الاخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا  نؤته منها وما له في الاخرة من نصيب * ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم ياذن به الله ولولا  كلمة  الفصل لقضي  بينهم  وان الظالمين  لهم عذاب  اليم  ترى الظالمين   مشفقين  مما كسبوا وهو  واقع  بهم  والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات  لهم مايشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير *  ذلك  الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا  وعملوا الصالحات . قل لا اسالكم عليه اجرا  الا المودة في القربى  ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور )

                                         سورة الشورى الايات \17-22

 الحمد لله :
            
         الله  تعالى  انزل الكتب السماوية على  انبيائه  اي  بين  جنس    ما انزل سبحانه على انبيائه وهو الحق اذ لا  ينزل من الله تعالى لعباده  الا  الحق  رافة  بهم  ورحمة لهم   وكذلك  انزل الميزان وهو العدل وفيه رعاية  حقوق  الاخرين  على  اكمل وجه   فهو  بين الله تعالى   وعباده وبين  الرسل  واممهم  وبين  الحاكم  ورعيته  فله  عليهم  حق الطاعة ولهم  عليه  حق  اقامة  العدل  والمساواة  بينهم   .

         والحق  والعدل  صنوان  لا يفترقان  ابد ا  احدهما  يكمل الاخر  واحدهما  عين الاخر ويدخل في  هذا حق  الاباء على  اولادهم  وحقهم على آبائهم  وحق  النفس على المرء  ان لا يظلمها   ويكبتها  ومن حق الانسان على  نفسه  ان تاتمر  بامر الله تعالى  ولا تتبع هواها   وان لا تكون  سببا   في غضب الله عليه  , وجاء  في الحديث الشريف:  (  ان لنفسك  عليك  حقا.  ولربك عليك حقا )  ذلك   ان الله  تعالى انزل الكتاب  بالحق والعدل  ليبلغ المرء  التفريق بين الحق والباطل ويعرف ما امر الله تعالى  وما نهى عنه وحسابه على ضؤء ذلك في يوم القيامة  لذا جاءت (  وما  يد ريك  لعل الساعة  قريب ) اي وقت  قيامتها  او الموعد  المحدد لها عند  الله تعالى   والذي هو  من الغيبيات  التي  لم  يستطع  الانسان ان  يطلع  عليها  او يعرفها .

         اختلف  الناس  في امرالساعة  واشراطها   فالكافرون  وغير المؤمنين   بها  يستعجلونها  وهو استعجال  استهزاء   وانكار  وجهالة   واما  المؤمنون  بها  وهم المتقون   واهل الا يمان  فهم مشفقون  منها اي خائفون  لشدة  ايمانهم  بحدوثها   واستقرار  نفوسهم   على   ذلك  ويعلمون  علم  يقين   لا مراء  فيه  او ريبة  انها  واقعة  فعلا  بخلاف الذين   يمارون   فيها   ويترددون  في اعتقادهم  بوجودها  ويجادلون في امر  حدوثها   ووقته  ومنهم  من ينكرها  اصلا  فيقولون  لا  ساعة   ولا  بعث ولا حياة  من  بعد الموت  فهؤلاء  يعيشون بمتاهات  و وضلال  وهم عن الحق لناكبون .

           ان الله  تعالى  لطيف  بعباده  رؤوف  رحيم  بهم  منّ عليهم بالنعمة   وتفضل  عليهم   بالخير معنويا و ما ديا  فألهمهم العقل والتفكير والعلم  ومنّ  عليهم  بالايمان  والصلاح   والصحة  والسعادة  وماديا  منحهم  الارزاق  في المال  والولد   وغيرها كثير  فهو القوي  ذو القوة  المتين  الارادة  في  ادارة  امورهم   الواسع  الارادة   فيما  يحتاجونه  والغالب على امورهم  والمبين  لهم  طريق  الحق وطريق الضلال .

          فالانسان حكم على نفسه   فان اختار طريق الحق  وعمل  في حياته الدنيا   لحياته الدنيا   ولحياته الاخرة  وهذا هو حرث الاخرة  لان الدنيا  مزرعة الاخرة   وكل ما يعمل في هذه الاولى  وما يكسبه  سيكون زاده  في الاخره  . فاذا  اختار الانسان  حرث  الاخرة  اي زرع   في حياته الدنيا  ما يكفيه  مؤونة الاخرة  من الاعمال الحسنة  سيزيد ه الله تعالى  ويبارك  في عمله  ( الحسنة بعشر امثالها )  ويضاعفه  له  ويجعله  من اصحاب الجنة.

        واما  من اختار طريق الضلال  او حرث الدنيا  وملذاتها ومكاسبها  فالله  تعالى  يعطيه  منها  ما اراد  وما عمل  كي  يستمتع  بها  في حياته الدنيا  ثم  تكون  عليه  حسرة  وماله من نصيب  في الاخرة .  حيث جعلوا لله  شركاء  واتخذوا  اعتقادات  خاطئة  واديان ما انزل الله   تعالى  بها من  سلطان  فهي  الى الهوى  والضلالة  والجهل  في الله تعالى  اقرب منها  للايمان  بالله  تعالى   وهذه الامور  مفادها  كراهة  الله  تعالى  لهم ولأعمالهم  فيحاسبهم  عليها  ويكون  يوم القيامة  حساب  الكل الفريق الاول في  النعيم  واصحاب  الشر في الجحيم  وقد  وصمهم الله  تعالى ب ( الظالمين ).

         وقد يكون العذاب  يلحقهم  في  دنياهم  ايضا  بما  قدر الله تعالى عليهم  فهم  مشفقون على انفسهم  خوفا  وهلعا  بما  كسبوا   اي  بما عملت  ايديهم  وانفسهم  من  سيئات  فهو  فعلا  واقع   بهم  ولا ريب   في ذلك .

           اما  المؤمنون  الذين عملوا   الاعمال الصالحة واستقاموا  في حياتهم  الدنيا  واخلصوا  في عملهم و دينهم لله تعالى فهم  في روضا ت  الجنات  لهم  فيها  نعيم  مقيم  وهذا ما هو مقرر لهم   وحقهم  حقا وعدلا  وهو  الفضل الكبير الذي ا كتنزه  الله  تعالى لهم  فهو  حقهم  وحصتهم  في حياتهم الاخرى  نعيم  مقيم  دائم ثابت   وهذه هي بشارة  الله   تعالى  التي يبشر بها عباده  الصالحين  حيث  ان  الله  تعالى هو المقرر  لذلك الجزاء  الطيب  وهو الفضل الكبير الذي يبشرهم به .

          ثم يخاطب  الله تعالى  الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم  ان  يقو ل للمؤمنين  انه  لا يريد منهم  جزاءا  ولا  يسألهم  مالا    على   ما  يتفضل  به  عليهم   في   دعوتهم  الى  الايمان  والصلاح   اويبتغي  من  وراء  ذلك  شيئا  يؤثره لنفسه الشريفة  الا مودتهم   فيما بينهم  ومحبتهم  للقرابة   فمحبة  الا قرباء   بعضهم  للبعض  الاخر هو الاجر  الذي  ينشده  رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لانه  يشيع المحبة والالفة   والمودة  بينهم  وصلة  الرحم  بينهم   وهي  المودة   الثابتة  المتمكنة  في القلب  والفؤاد   وقد ذهب  اكثر المفسرين  لهذا   المنحى . الا اني ازيد على ذلك  فاقول ان قول الله  تعالى  للنبي  صلى الله عليه وسلم ( الا المودة في القربى )  المقصود   بهذه  القربى  قرابة رسو ل   الله  صلى الله عليه وسلم  وهم  اهله  وال بيته  الاطهار  فمن  لم  يجد   في  قلبه  محبتهم   ومودتهم  فهو  ناقص  ايمانه  .

         و جاء  في كتب  بعض المفسرين اثر من ذلك  فقد سئل سعيد بن جبير  عن  هذه  القربى  فقال : ( قربى ال محمد  صلى الله عليه وسلم ).  وجاء في كتاب روح  المعاني  ( وذهب جماعة  الى ان المعنى  لا اطلب منكم اجرا الا محبتكم اهل بيتي وقرابتي ).   وقيل المراد  بقرا بته  صلى الله عليه وسلم  ولد عبد المطلب فهم كلهم اقاربه  وقيل ( علي  وفاطمة   وولديها )  رضي الله  تعالى عنهم .  وفي  رواية  عن ابن عباس  رضي الله عنهما قال  : لما تزلت هذه الاية  قالوا : يارسول الله  من قرابتك الذين  وجبت  مودتهم ؟
 قال: ( علي  وفاطمة  وولدها ) . رضوان الله عليهم .

          وهذه المحبة والمودة  تمثل عند الله حسنة فمن زاد فيها زاد الله تعالى في حسناته  لقوله تعالى ( ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ) اي يكسبها  وهذه الاية شاملة لكل من جاء بالحسنة سواءا من محبة او مودة  ال بيت  النبي  صلى  الله عليه وسلم  او مودة  المرء لا قاربه حيث ان  الرحم معلقة في عرش الرحمن  وذوي رحمه   لاشاعة  المحبة  المودة  بين  المسلمين  فالله  تعالى  يجزيه  خيرا  ويغفر له   ويدخله  جنات نعيم  .


            ***********************  

                             3
                بسم الله الرحمن الرحيم

    (  ومن   يضلل  الله  فما له من ولي من بعده  وترى  الظالمين لما راوا العذاب  يقولون : هل الى مرد من سبيل * وتراهم  يعرضون عليها خاشعين  من الذل . ينظرون  من  طرف  خفي  وقال  الذين امنوا  ان الخاسرين  الذين  خسروا انفسهم  واهليهم  يوم  القيامة  الا  ان الظالمين في عذاب اليم *  وما كان لهم من  اولياء  ينصرونهم  من دون الله  ومن يضلل الله  فما   له  من   سبيل * استجيبوا   لربكم  من قبل  ان ياتي يوم لا مرد له من الله . مالكم  من ملجأ  يومئذ  وما  لكم  من  نكير *)

                             سورة الشورى الايات \43-47

  الحمد لله :

           قدر الله تعالى ان يكون  بعض الناس  معوجة  سبلهم عن  الحق والايمان  فهو تائهون لايعرفون طريقا واضحا يلتزمونه  فيسلكونه  في مسيرة الحياة  الدنيا   وهؤلاء  هو المخذ ولون  وما   لهم   من  ناصر يتولاهم  بعد ان خذلهم الله تعالى  بعد ان راى انهم  سائرون  بطريقهم المعوجة   وقد وصمهم الله تعالى  بالظالمين  و خاطب الحبيب المصطفى  محمد صلى الله عليه وسلم ( وترى  الظالمين لما  رأوا العذاب يقولون : هل الى مرد من سبيل ؟)   اي ستراهم  يامحمد ( صلى الله  عليه وسلم) في يوم القيامة وهم يقولون هل هناك  وسيلة  ترجعنا  الى  الدنيا - التى  كانت قد  انتهت  في  هذا اليوم  -  من جديد  يلفهم الندم والذل  ويتمنون ان يعودوا الى حياتهم الدنيا فيعملون العمل الصالح  فيكفروا عن اعمالهم التي عملوها  فلايستجاب لهم   لذا فقد وفتهم اعمالهم الى جهنم داخرين  فتراهم  خاشعين ترهقهم ذلة  ويكتنفهم الهوان  منكسرة اعينهم يلفهم الهوان والاذلال فكأنهم ينظرون من طرف خفي  بخوف ورهبة الى من سياخذهم  من تلابيبهم  الى  العذاب  والى النار .

         فهؤلاء هم الخاسرون الذين خسروا الدنيا والاخرة و انفسهم لكونها  اودعت الى جهنم بعد الحساب  وخسروا اهليهم وذ ويهم  في  حملهم على الكفر   لمعاداة  النبي  محمد  صلى الله عليه وسلم  وانما  اسلموا  وكان مصيرهم الى الجنة  فلا يرونهم بعد الان   فلا يرفع  عنهم العذاب  لان الله تعالى  لا يغفر  ان يشرك به  ومن  هنا  نعرف ان  من  يشرك بالله سيحل عليه غضب من الله  وسيكون  مصيره  الى النار  .

          ثم  يقرر المصحف الشريف   فرضية الاستجابة  لامر الله تعالى وعبادته  واطاعته  في الحياة  الدنيا  وقبل  مجيئ   الموت على الانسان فينتهي عمله  في الدنيا   وبهذا يخسر الدنيا  والاخرة  اي قبل يوم  وسمه الله  تعالى  بانه  يوم لا مرد  له و لا   رجعة  فيه  لهم  من الله  تعالى  فما لهم من موقع  يلتجئون اليه   او يقصدونه  فينجيهم  من العذاب الواقع بهم  ولا يستطيعون انكار هذا الامر .
                           والله تعالى اعلم     


       *******************************
















           يوم القيامة في  سورة الزخرف

                               1

                 بسم الله الرحمن الرحيم

      (  ولولا  ان   يكون الناس امة  واحدة  لجعلنا  لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم  سقفا  من  فضة  ومعارج  عليها  يظهرون *  ولبيوتهم   ابوابا   وسررا عليها   يتكؤون * وزخرفا  . وان  كل  ذلك  لما   متاع   الحياة  الدنيا  والاخرة  عند   ربك   للمتقين *   )

                     سورة الزخرف الايات \ 33-35

 الحمد لله:

        
        يبين  الله  تعالى  انه  لولا  مصلحة  الناس  جميعا  لا   تتحقق  بالشكل  الامثل  وتتطلب  هذا الشكل  من  الحياة   لجعلهم  امة  واحدة   اي جماعة  واحدة  من  نوع  واحد  بدون  فوارق طبقية   فاوسع  عليهم جميعا برزقهم  وعطائهم  ومن عليهم  بمباهج   الحياة  الدنيا  ونعيمها  وبكل ما  يشتهون   فاوسع عليهم  واغدق عليهم  المال بحيث  لا يحتاج احد الى احد وهذا ما يجعل  الحياة والعمل  سيتوقف  لعدم  حاجة الانسان الى العمل  ولكان من مظهر  احتقار الدنيا  الفانية  ونعيمها  ان يعطي  الله تعالى  الكافرين   الذين هم  شر الخلائق   وادناهم   منزلة  عند  الله تعالى  يعطيهم  قصورا  عالية  سقفها وسلالمها  التي  يرتقون  للصعود الى  السقف والاسطح  كلها  من فضة  وزينها  بالابواب  المحكمة  الايصاد  والقوة   والاثاث  الراقي  من  السرر  والارائك  التي عليها   يتكؤون  عليها او ينامون  فيها  واتحفهم  بكل  الزينة  وبكل انواع  الزخرفة  -  كما  موجود اليوم -   وهو سبحانه وتعالى  قادر متمكن في ذلك واعلى  وهذا  كله  متاع  الحياة الدنيا  ومحتقر  عند الله تعالى  وزائل  بمرور الوقت  وتقلب الزمن  لانه  كله   يكون التمتع  به  لوقت  محدود  ولا  يساوي اي شيئ  يذكر  بجانب  نعيم  الاخرة  التي  هياها  الله   تعالى  لعباده  المتقين  في الحياة  الاخرة .
 
         لذا يتوجب على المر ء ان يحرص  على ايمانه  ليكسب  ما تفضل الله عليه  في الحياة  الدنيا  وفي الحياة  الاخرة  وليعلم  المؤمن ان الله تعالى  هيأ  له  يوم القيامة(  ما لا  عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب  بشر)  من النعيم المقيم

                           والله تعالى  اعلم


               ***************************


                                  2

                    بسم الله الرحمن الرحيم

( ان الله  ربي  وربكم  فاعبدوه  هذا  صراط  مستقيم *  فاختلف الاحزاب  من بينهم  فويل  للذين  ظلموا  من  عذاب  يوم عظيم *  هل  ينظرون الا  الساعة  ان  تاتيهم  بغتة  وهم لا  يشعرون * الاخلاء   يومئذ   بعضهم لبعض  عدو  الا  المتقين  *)

                                   سورة الزخرف الايات \64- 67

 الحمد لله :
          عندما بعث الله  تعالى عيسى بن مريم  عليه السلام  رسولا  ونبيا   امر هم  بعيادة  الله تعالى .  فاوضح  لهم ان  الله  تعالى  ربه  وربهم ايضا  وعبادته  مفروضة  عليه  وعليهم الا  ان الناس  بعد عيسى عليه السلام اختلفو ا   في  شأنه   فيما  بينهم  وكل  فرقة  ادعت حالة معينة :
 فالنسطورية : ادعت  انه ابن الله
 والفرقةالملكية: ادعت  انه ثالث  ثلاثة  (الله والمسيح وروح القدس)
 والفرقة اليعقوبية:  ادعت ان المسيح عليه السلام هو ابن الله

         وكل هذه  الفرق كافرة  بتوحيد  الواحد الاحد  وبعيدة عن الحق لانها جعلت لله تعالى  شريكا   لذا هددهم الله تعالى بالويل  والثبور  حيث ظلموا  انفسهم  وفحق  عليهم  العذاب  في يوم الحساب  في يوم القيامة  فويل  للذين  ظلموا   من المختلفين بانكارهم  لرسالته عليه السلام  من عذا ب اليم في يوم القيامة.

          فهل  ينظر هؤلاء وامثالهم من الكافرين في كل زمان ومكان  الى الساعة  او حلولها  ومجيئها وهو لا يشعرون بوقت ايتائها وغشيانها  لهم كما تغشى سائر  الخلق  فهم  لا يقبلون نصيحة ولا يرتضون عذرا  ولا يخافون انذارا ولا يرفع رؤوسهم  الا  حلول الساعة او يوم القيامة  في حالة لا يشعرون  بها  الا ان  تحل  فتبهتهم  وهم لا  يشعرون .

           وجاء عن الحبيب المصطفى محمد   صلى الله عليه وسلم قال:  (تقوم  الساعة  والرجلان  يحلبان  النعجة  والرجلان   يطويان  الثوب) يعصرانه  اي  تاتي  بغتة   لا يعلم وقت  حدوثها  الا  الله  تعالى  وهو العليم  الخبير .

        وفي هذا  اليوم ا لعظيم   ترفع  المحبة  والاخوة   والصحبة  عن الناس    فلا يعرف  احدهم احدا  واستثنى الله تعالى  المتقين ( الا  المتقين )  اذ  تنقطع هذه  الصلات  بين الناس  حين  تاتيهم او تحل عليهم الساعة  بغتة  وتبقى  فقط  محبة المتقين  المؤمنين  المتحابين في الله تعالى  فهم وحدهم  يرون ثواب  التحابب في الله تعالى  .

                        والله   تعالى اعلم


            ***************************
                                    4

                          بسم الله الرحمن الرحيم

     (  وتبارك  الذي له  ملك  السموات  والارض  وما  بينهما  وعنده    علم الساعة  واليه  ترجعون* ولا يملك  الذين  يدعون  من  دونه الشفاعة الا من  شهد  بالحق  وهم  يعلمون *)

                                سورة الزخرف الايتان\ 85و86
الحمد لله :

             تبارك الله  تعالى اي تقدس  وترفعت صفاته واسماؤه العلى وتعاضمت  بركاته  وتكاثرت آلاؤه  وخيراته  فهو وحده سبحانه وتعالى   الذي يعلم  موعد  قيام الساعة  والبعث  من  بعد  الموت  بغية  حسابهم واشاعة  الحق والعدل  حيث  سيموت الناس كلهم جميعا  بقيام الساعة   او في   يوم  القيامة  ثم  يبعثهم الله   تعالى  في هذا   اليوم  للمحاسبة  على ما عملوه  في حياتهم  الدنيا   فيعيد  للمظلوم  ظلامته  ممن  ظلمه  ويعاقب الظالم على ظلمه  بحيث   تشيع  العدالة  والحق ( لا ظلم اليوم )  بينما يثيب  المؤمنون  الثواب  الامثل   حيث   يبعثهم   فيرجعون  اليه  ويقفون   بين  يديه  سبحانه  وتعالى   وينعمون  بنظرة  من  وجهه الكريم   فينظر  اليهم   بعين  رحمته  وعنايته  .

          اما  المشركون  وهم  الذين  يظنون  ان  الهتهم   او اصنامهم سيكونون  شفعاء  لهم   يوم  القيامة  الا ان الله   تعالى   بين   سبحانه وتعالى  في  كتابه الكريم  انها لا  تملك  الشفاعة  لنفسها  فكيف ستشفع  لهم  بل ستكون هذه الالهة  حصب  جهنم  اي حصى او حجارة  في قعرها تتوقد  فتحرقهم  بنارها  حالهم  حال الكافرين . فليس  لهؤلاء   شفاعة تذكر انما  الشفاعة  لمن  رضي الله  عنه  وشفعه  في  غيره مثل الانبياء  والاولياء   والشهداء   والصالحين .
                         والله  تعالى  اعلم
 
                     ************************





           يوم القيامة في سورة الدخان

                                 1

                   بسم الله الرحمن الرحيم

(     فارتقب  يوم   تاتي   السماء   بدخان  مبين  * يغشى الناس  هذا عذاب اليم * ربنا  اكشف  عنا  العذاب انا  مؤمنون *  )

                                     سورة الدخان الايات \8-12

 الحمد لله :

         من علامات  قيام الساعة  واشراطها  هو ظهور الدخان قال الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم (  اول الايات الدخان  ونزول عيسى  ونار تخرج من قعر عدن  ابين  تسوق الناس الى المحشر ) فقيل يارسول الله  ( وما الدخان ؟ ) فتلى  رسول الله صلى الله عليه وسلم  الايةالمبارؤكةالمذكورة اعلاه ثم قال:
( يملأ  ما بين المشرق  والمغرب  حيث يمكث اربعين  يوما وليلة   . اما المؤمن  فيصيبه  كهيئة الزكام  . واما  الكافر فهو كالسكران  يخرج  من منخره واذنيه  ودبره )  وهذا الدخان  يغشى الناس كلهم  كما بين رسول الله صلى  الله عليه وسلم  في الحديث اعلاه  فيحيط  بهم .  وهو نوع من العذاب   فيؤخذ المؤمنون بالدعاء ربنا اكشف عنا  العذاب انا  مؤمنون  اي وعد من الناس  بالايمان  ان كشف عنهم العذاب  واعتراف فيه تضرع بخشوع  وتشفع من الله تعالى  .

          ومن موجبات هذه الايات  المباركة انه عند اشتداد معارضة قريش  للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  دعا الله تعالى ان يصيبهم بنوع من العذاب   وان يوقع فيهم قحطا وجدبا ويبتليهم بسنين كسنين يوسف بن يعقوب عليهما السلام  فاصابهم القحط حتى كان الرجل يرى  ما بين السماء والارض كهيئة الدخان  من الجوع  . اي اصابهم ضعف هزال في جسومهم  فاثر على  الرؤية في ابصارهم .

     قد م ابو سفيان  ونفرمن زعماء قريش  فناشدوه الرحمة والرحم  ان يدعو الله تعالى  كشف الضرعنهم  ووعدوه  انه اذا كشف هذا الضر عنهم  الايمان به وبرسالته   فتوجه الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم الى الله تعالى بالدعاء  فاستجيبت دعوته صلى الله عليه وسلم  وكشف الله تعالى عنهم العذاب  وزال عنهم الكرب  والجوع .

        الا  ان القرشيين  لم يؤمنوا  ونكثوا ما وعدوه  صلى الله عليه وسلم  فنزلت( فارتقب يوم تاتي الاسماء  بدخان مبين .)

                         والله تعال اعلم  

   ********************************

                               2

                        بسم الله الرحمن الرحيم

( ان يوم الفصل ميقاتهم اجمعين * يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون * الا  من  رحم الله انه العزيز الرحيم *  )   
                      سورة الدخا ن الا يات :  40- 42

الحمد لله :

        يوم الفصل  هو يوم القيامة  وسمي بيوم الفصل لان الله تعالى يفصل  بالحق فيه بين عبادة   فيقتص  من الظالم  ويعطي للمظلوم  حقه  فيتميز في هذا اليوم الحق من الباطل  والمؤمن  من الكافر  و فيه موعد  للناس  للحساب  وفيه توفى كل نفس  ما اسلفت  وعملت في حياتها الدنيا  فالناس فيه فريقان في الاغلب فريق في الجنة وفريق في السعير  .
وسيحاسبهم سبحانه وتعالى  عن فعالهم التي فعلوها في حياتهم الاولى  فهو يوم لا  ينفع  نفسا  قريب او صديق او والد او مولود  فلا  يستطيع الكافر ان  ينصر  كافرا  ولا المؤمن  ان ينصر  كافرا  ايضا  ولا  ينفع شفيع   او ولي  الا  من  بعد  ان ياذن الله  تعالى ويرضى شفاعته   فالامر كله  لله  سبحانه و تعالى  وكل نفس  بما  كسبت رهينة  الا من رحم الله تعالى  وادخلهم   في  رحمته  وقبل  فيهم  الشفاعة  فهو  صاحب الامر  في  كل  عباده  لا ينازعه  منازع  ولا يمنعه  مانع  لانه  تعالى هو العزيز الغالب  وهو الرحمن الرحيم .

                            والله تعالى اعلم 




     ***************************
























         يوم القيامة في سورة الجاثية

                        1   

                   بسم الله الرحمن الرحيم

        ( ولقد آتينا بني اسرائيل الكتاب  والحكم والنبوة  ورزقناهم من الطيبات  وفضلناهم على العالمين *   واتيناهم بينات من الامر فما اختلفوا الا  من بعد   ما جاءهم العلم  بغيا بينهم  ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون *)

                                          سورة الجاثية الايات\  16-17

 الحمد لله :
       
                  بنو اسرائيل هم  اولاد يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل  عليهم  السلام  واحفادهم . لقد  بعث الله تعالى فيهم  موسى عليه السلام نبيا ورسولا  وانزل عليه ( التوراة)  وجعلهم اصحاب حكم وعلم وقضاء وتفضل  عليهم  اذ فضلهم على سائر الامم  وجعل منهم  انبياء  وملوكا كثيرين    منهم :  داود  وولده  سليمان  وذو  الكفل  و موسى  وهارون  وغيرهم  كثير  ومن  او اغدق عليهم  نعما  كثيرة  منها  المن والسلوى وطيبات  كثيرة وانجاهم من ال فرعون  ومن  الغرق  واسكنهم في ارض الشام  ونعما  لا  تعد ولا  تحصى  لكنهم لم  يحمدوها  ووقع  بينهم البغي والحسد والتنافس على الحكم  والرئاسة   فاختلفوا  في امر دينهم  وبغى بعضهم  على الاخر  فحاق  بهم النكبات   نتيجة هذا النزاع   الناشئ  من النزاع  او البغي  حيث   كانوا  يعلمون  الاحكام  والاحتكام  ثم  ينكرونها  ويعرفون  الحق  من الباطل  لكنهم يركبونه  ويعملونه   وقتلوا  انبياءهم  لذا  غضب  الله عليهم ولعنهم    .

          فالله تعالى  سيقضي  بالحق بينهم  في يوم القيامة  ويرد المظالم الى اهلها  ويقتص للمظلوم ممن ظلمه  ويسوق المذنبين  الى جهنم وردا  حيث سيحاسب كل  بما عمل  فمن  عمل  خير ا  يجزى خير ا  ومن عمل شرا  فجزاؤه  شرا  وسيلقى   جزاء  عمله  في  يوم  القيامة  حيث  ترد الخلائق  الى الله تعالى  فيحاسبهم على ما فعلوه  في حياتهم  الدنيا  لان الله  تعالى لا يظلم احدا ( وان  الله  ليس  بظلام  للعبيد )
                     والله تعالى اعلم   .
   
 
     *****************************
   
                                  2

                      بسم الله الرحمن الرحيم

(  وقالوا  ما هي الا  حياتنا  الدنيا  نموت  ونحيا  و ما  يهلكنا  الا الدهر ومالهم بذلك من علم  ان هم الا يظنون *  واذا تتلى  عهليهم آياتنا  بينات  ماكان حجتهم الا ان قالوا ااتوا بآبائنا  ان  كنتم  صادقين *   قل  الله يحييكم  ثم  يميتكم  ثم  يجمعكم  الى يوم القيامة   لا ريب  فيه  ولكن اكثر الناس  لا يعلمون * ولله  ملك  السموات  والارض  ويوم   تقوم  الساعة يومئذ  يخسر المبطلون* وترى كل كل  امة  جاثية  كل  امة  تدعى الى  كتابها  اليوم تجزون ما كنتم  تعملون *)

                                 سورة الجاثية الايات \24-28

الحمد لله :

         الدهريون  هم  فصيلة من الناس آعتقدوا  ان لا سلطان  لخلقهم ولا احد خالقهم  بل هم  يخلقون ويموتون   بتقادم الدهر  وهذا الموضوع  طويل  وفيه  نظريات  واسعة  وكثيرة  وخاصة عند الغربيين  وملاحدة الشرق والغرب   الا اني هنا امر عليها  بقدرالحاجة لها في تفسير  هذه الاية المباركة .

         فالدهريّة هي  اعتقاد   فكري   ظهر في   فترة  ما   قبل الاسلام   أو الجاهلية  ويشتقّ المصطلح من الدهر اذ تعتبر الزمان أو الدهر السبب الأول  للوجود  وأنّه  غير  مخلوق  ولا نهائي  وتعتبر  الدهريّة أن المادّة لا فناء  لها  وهي الاقرب الى الالحادية

         قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: يخبر تعالى عن دهرية الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا الجاثـية):24.

       ما ثم إلا هذه الدار، يموت قوم ويعيش آخرون، وما ثم معاد ولا قيامة.وهذا يقوله مشركوا العرب المنكرون للمعاد ، ويقوله الفلاسفة الإلهيون فهم ينكرون البداية والرجعة.

       وتقول الفلاسفة الدهريون  القائلون ب (الدورية) المنكرون للصانع، المعتقدون أن في كل ست وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه، وقيل  أن هذا  الامر قد تكرر مرات لاتتناهى  فهم يتوهمون ذلك ويتخيلونه.    .

        وفي  الحديث الشريف الذي أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( يقول الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار).

وفي رواية:( لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر).
وفي روايةثالثة ( لا يقل ابن آدم: يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهر، أرسل الليل والنهار، فإذا شئت قبضتهم ) .     
  
        ومعناه أن العرب كانت  من شأنها ذم الدهر وسبه  عند النوازل والنكبات  بهم  لأنهم  كانوا   ينسبون  إليه  ما  يصيبهم  من المصائب والمكاره، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد  سبوا فاعلها، فكان مرجع سبها إلى الله تعالى ، إذ هو الفاعل  في  حقيقة الأمر التي  يصفونها، فنهوا عن سب الدهر.
          ا ن  فكر الدهريين  ذهب  مذهبا  معينا مفاده  ان الانسان متكون  في الطبيعة  لا خالق  ولا مخلوق   يحيون  ويموتون  بفعل  الايام او بفعل الدهر  حيث  تأكلهم الايام  بآ جال معينة  لا   لاحد  فيها  يد  وليس  بفعل  فاعل   فهم  يقولون  كلما  مات  جيل  نشأ جيل اخر  وهكذا الحياة  وهنا  نسوا  ذكرالله  تعالى  خالقهم  فهم   يؤكدون على  ان الوقت  هو  وحده الكفيل بهم  موتا   وحياة   ولا  شيئ  سواه   ابدا   والزمن المستمر  هو الذي يهلكهم  ويعيدهم الى الحياة   فتستمر الحياة  هكذا  وليس لهم  في علم  الله  تعالى  من علم  ولا  دراية  فنظرتهم  قاصرة . ان هم الا يظنون  ظنا  وما هم بمستيقنين .

           فهؤلاء   اذا  ناقشهم احد  او جادلهم  اختلف  معهم   في الراي  فقالوا  هاتوا بآبائنا  الاقدمين  ان كنتم  صادقين  وفي العرف الاسلامي هذا ما لا يستطيعه  الا  الله  تعالى  فهو الخالق الاول  والباعث الاخير .

    فالشريعة  الاسلامية  تؤكد  ان كل  انسان  يموت  لابد ان  يبعث من جديد  فلكل  انسان  معاد  وهو يوم القيامة  فالله تعالي  يحيينا  ثم يميتنا  ثم يبعثنا  مرة اخرى من  بعد الموت . فالامر  كله  لله فهو  مالك  الملك في السموات  والارض  واليه  يرد  علم  الساعة  . فاذا   قامت   القيامة وبعث  الخلق  من  جديد  خسر  هؤلاء  الدهريون   ومن  والاهم  لانهم  مبطلون .

         وفي هذا  اليوم  العظيم  قدر الله تعالى ان  تحشر  كل امة  وتحاسب في  ضوء  تعاليم  الله  تعالى  اليهم و بما  نزله  في  كتاب  تلك   الامة من  تعليم  وشرائع   وتكون  كل هذه  الامم  جاثية  خانعة  خاضعة  في يوم  القيامة لله  تعالى  والكل جالسون على  ركبهم  واطراف اصابعهم    تنتظر ساعة  حسابها  وفقا  لما  جاء  في  تعاليم   شرائعها  والكتب  السماوية  التي انزلها  الله  تعالى على الانبياء  والرسل مثل  الزبور  والتوراة  والانجيل  والقران  الحكيم  .
                            والله تعالى اعلم

               *********************

                                      3

                    بسم الله الرحمن الرحيم


   ( واذا  قيل ان وعد الله حق والساعة  لاريب فيها  قلتم ما  ندري  ما الساعة ان نظن الا ظنا  وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون * وقيل اليوم ننساكم  كما  نسيتم   لقاء يومكم هذا  ومأواكم  النار وما لكم من ناصرين * ذلك  بانكم اتخذتم   آيات الله هزوا  وغرتكم الحياة الدنيا  فاليوم  لا يخرجون منها ولاهم يستعتبون * فلله الحمد رب السموات ورب  الارض  رب العالمين* وله الكبرياء  في السموات  والارض  وهو العزيز الحكيم *)

                                         سور ة الجاثية  الايات \32-37

الحمد لله \

           في الايات السابقة  بينا  ان في يوم القيامة  يبعث الناس  من موتهم  وان   الكافرين ومنهم الدهريون  يساقون الى الحساب   فتاتي
 كل امة  لتجثوا في حسابها  تنتظر  ماذا سيحل بهم  حيث كان يقال لهم في حياتهم الدنيا  ان وعد الله هو الوعد الحق وان ماجاءهم به الانبياء  والرسل  صحيح   وما اخبروهم به من  مجيئ الساعة هو الحق  الثابت     يقولون  لا نعلم  من  ذلك شيئا   على سبيل  الاستغراب  والانكار  اي ينكرون  قيام  يوم القيامة  وبعثهم  ومعادهم  فيه  وينكرونه مستغربين  منه وفيه   ولا يستيقنون انه الحق من ربهم  ويؤكدون انهم لا يعرفون عن هذا اليوم شيئا  وليس لهم به علم  وكل ما  يعرفونه عنه  هو ظن  وحدس في شك  وريب  .

        فحين  تقوم  الساعة   ويبدو لهم  حقيقة  امرها   وتظهر سيئات اعمالهم  ومعاصيهم ذاتها  هنالك يعرفون  انهم كانوا  لانفسهم  ظالمين  وعن الحق عمين   عندئذ  سيلقون في عذاب جهنم  ويقال لهم  سنترككم في العذاب  او في جهنم ترك المنسي الذي لا يذكره احد   حيث كذبتم  به  فهو اليوم هذا العذاب  مستقركم  ومسكنكم في النار خالدين فيها  وما لكم من ناصرين  .
  
           والسبب في ذلك  عدم ايمانهم بايات الله تعالى   وسخرهم منها  حيث غرتهم الحياة الدنيا وملذات بهرجتها  حتى  ظنوا  ان لاحياة من بعد  الموت ولا حساب   لذا فاليوم  يلاقون جزاء اعمالهم  ويقين افكارهم  فيلقون في النار لاينظرون ولا يستعتبون  ولا يخرجون منها ابدا.

         فالله تعالى هو وحده  سبحانه وتعالى  له الحمد   والثناء , واسع فضله  جليلة  نعمه  كثيرة آلائه  فهو رب كل شيء  رب السموات  وما فيها ورب الارض وما عليها وما في باطنها  فهو سبحانه وتعالى مالك الملك  صاحب العظمة والقدرة  والجلال  والقوة  والسلطان  رب العالمين  وهو سبحانه  وتعالى وحده  العزيز الغالب  والحكيم  المقد ر  وهو رب العرش العظيم  سبحانه وتعالى عما يشركون .

   

         ****************************

















              يوم القيامة في سورة الاحقاف
                             1
                          بسم الله الرحمن الرحيم

 (  ومن اضل  ممن يدعوا من  دون الله  من لا يستجيب  له  الى يوم القيامة  وهم عن دعائهم غافلون *  واذا حشرالناس  كانوا لهم اعداءا وكانوا بعبادتهم كافرين  * واذا  تتلى عليهم  آياتنا  قال  الذين   كفروا للحق  لما  جاءهم  هذا سحر  مبين *)
                                      
                                      سورة الاحقاف الايات \ 5-7

الحمد لله :

         يوجه الله تعالى نظر الكافرين  الذين يعبدون الاصنام وامثالهم  ويسجدون لها سجود عبادة  او تكريم من ان هذه الاصنام عاجزة  عن تحقيق اي مطلب لهم  فهم  في عبادتهم هذه على ضلال  وبطلان حيث انها عاجزة  ان تستجيب لهم في  شيئ  وغير قادرة على ذلك في الحال  او المستقبل  حيث  انها لا تسمع ولا تعي  ولا تقدر من  دفع الاذى عن نفسها  او منعه عنها  او عنهم  ولا  تمنحهم اي شيئ لانها لاتضر ولا تنفع   ولا  تسترجى في شيئ   فهي   في غفلة  دائمة  لانها جماد لا يسمع  ولا ولايعي ولا يعلم  و لا يجيب .
   
       وفي يوم القيامة  يبعث الله تعالى الناس   في يوم المحشر  ويساق الكافرون   الى الحساب  تتبرأ هذه  الاصنام  منهم   بقدرة الله  العظيمة   وتنكر  سجودهم  لها  وتعظيمهم  اياها   .  واذا ذكّرهم  مذّكر  با يات الله  تعالى  او بين لهم الحق   فسيتيهون  في  تفكيرهم عن الحق  ولا  يجدون  قولا  يقولونه   الا  قولهم  هذا سحر مبين   وقد قال  هذا القول  كفار قريش  للحبيب  المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم   يوم  دعاهم  للايمان  والاسلام  فلم يؤمنوا  وقست  قلوبهم  وقالوا  :
-        هذا سحر مبين  .

                ************************  

                      بسم الله الرحمن الرحيم

                               2   

    (  اولم  يرو ا  ان الله الذي خلق السموات والارض ولم يعي  بخلقهم بقادر على ان يحي الموتى  بلى  انه على كل شيئ  قدير*  ويوم يعرض الذين كفروا على النار اليس هذا بالحق قالوا بلى  وربنا  قال فذقوا العذاب بما كنتم تكفرون *  فاصبر  كما صبر اؤلوا العزم من الرسل  ولا تستعجل لهم كانهم  يوم  يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار  فهل يهلك الا القوم الفاسقون *)
                                       الاحقاف الايات \ 32- 35

   الحمد لله :
               يبين  الله تعالى  للكافرين والمشركين انهم  لو فكروا  قليلا لعرفوا ان الله تعالى  هو الذي  خلق  السموات  والارض  ولم يمنعه مانع  او يعجره  امر  وهو  قادر عليها  وعلى  خلق  وابداع  ما  يريد   في كل    ما في السموات والارض  من انس وجن وحيوان وجماد وكواكب ونجوم  ولم يعجزه شيء  فلو عرفوا  هذه الامور  واستيقنتها  عقولهم  وانفسهم  لعلموا  ان  الله  تعالى  لا يعجزه  احياء الموتى   وبعثهم  في  يوم القيامة  حيث  انه  تعالى  انشأ  النشأة  الاولى  وهي الحيا ة الدنيا  وخلقهم   فيها   وان  الانشاء   اوالخلق الاول  اصعب  واعسر  من  الاحياء  الثاني  فمن انشأه  اولا  قادر على اعادة  بنائه  او تغييره  او تبديله او اعادته  بهيئته التي كان عليها مرة اخرى   والله  تعالى بعظمته  وسلطانه  قادر على ان يحيي الموتى مرة اخرى   .
                                    والله تعالى اعلم

              *************************** 








            يوم القيامة في سورة محمد    
           

                         بسم الله الرحمن الرحيم

                                   1    


(  فهل ينظرون الا  الساعة  ان  تأتيهم  بغتة  فقد  جاء اشراطها  فانى لهم  اذا  جاءتهم   ذكراهم .*  فاعلم  انه لا اله الا  الله واستغفر  لذنبك وللمؤمنين  والمؤمنات  والله  يعلم  متقلبكم  ومثواكم *)

                                      سورة محمد الايات \ 18و19


 الحمد لله :

         الله سبحانه وتعالى  يبين للحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ان الخلق  صنفان صنف يؤمن بالله تعالى ايمانا صادقا  ويستمع لقوله صلى الله عليه وسلم وهم المؤمنون  فهم يستمعون ويفقهون  ما يسمعونه فيقوى يقينهم بالله تعالى  ويخشونه  فيجزيهم الجزاء  الاوفى ويؤمنون بان لهم معادا  وحياة اخر ى من بعد الموت  في يوم القيامة  وقيام الساعة .

         وصنف  اخر  اصموا  آذانهم  عن  الاستماع  لما   يقول النبي  محمد صلى الله عليه وسلم  وما  يدعو  له  من عبادة  الله تعالى  وهم   الكافرون والمنافقون  الذين لا يؤمنون بيوم القيامة  وقيام الساعة  و لو فاجأتهم   وقد ظهر كثير من  علاماتها   ومنها مبعث النبي  محمد صلى الله عليه وسلم  باعتباره  اخر الانبياء والرسل .

   ومن علاماتها كما اخبرالحببيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :  قلة العلم  وقلة  الحياء   وكثرة الجور والظلم  والفوضى  والهرج   والمرج بين  الناس  و الدخان  وخروج الدجال  ونزول عيسى عليه السلام  من الاسماء الى الارض  وظهور المهدي  وخروج  الدابة  وطلوع الشمس من المغرب  وقد ذكرت  في مكان  سابق انها  لا تقوم  الا بظهور بعض اموراخرى  ذكرت عن الحبيب ا لمصطفى   محمد  صلى الله عليه وسلم   واذكر هنا اضافة  لما جاء اعلاه  انه قيل ان  النبي محمد  صلى الله عليه وسلم خطب باصحابه  بعد  العصر حين كادت الشمس ان تغرب  ولم يبق منها الا  اسف  وهو الشيئ القليل اي قاربت النزول الى الارض  فقال :
( والذي نفس محمد بيد ه ما  مثل ما مضى  من الدنيا  فيما بقى منها  الا مثل ما مضى من يومكم هذا  فيما بقي منه  وما بقى منه الا اليسير) اي القليل  فهي قريبة ان شاء الله  وقد ظهر الكثير من علاماتها  فعلمها عند الله تعالى وحده .

       لذا  يأمر الله تعالى  نبيه  وحبيبه  محمدا  ان يثبت على ما هو عليه  من  الايمان  الذي يقضي التوحيد والاستغفار   توحيد الله  تعالى واستغفار للمؤمنين  والمؤمنات   فالله تعالى  هو وحده الذي يعلم تصرفات الخلق وتغييرات حياتهم ومعاشهم  ومستقراهم ومأواهم  في يوم القيامة  فريق في الجنة وفريق في السعير .
    والله تعالى اعلم



        *********************************
                      







          يوم القيامة في سورة  ق

                    بسم الله الرحمن الرحيم

                                  1

 )) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ  غطاءك                     
 فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35))
 
                                      سورة ق  الايات \17-35

الحمد لله :

    الله تعالى يبين لما في هذه الايات المباركة انه تفضل على الانسان وخلقه  ويعلم  ما كل مافي نفسه  وقلبه وفكره من سكنات ووساوس وافكار وكل تصرفاته  المخفيةوالعلنية  فما ياتي بشئ  او يضمره في نفسه الا يعلمه الله سبحانه وتعالى  فلاتخفى عليه خافية  كحديث النفس لنفسها وخلجات الضمير  فالله تعالى  اقرب الى الانسان من عقله وقلبه ونفسه  ومجرى الدم في جسمه  فهو  اقرب اليه من حبل الوريد  وحبل الوريد هنا  هو العرق  وفي الانسان  حبلان للوريد احدهما في يمين الرقبةوالاخر في يسارها  وهما اقرب شيء الى موضع الحس والشعور في الانسان .

      فالله تعالى  اقرب لقلب  الانسان  وعقله من مجاري دمهع في جسمه  ويحصي كل مايجري  له او عليه  ظاهرا وباطنا  سرا وعلانية  فعلا  او حدسا او اعتقادا   في التحفظ والاحصاء او التمكين  بحيث لاتخفى عليه خافية  شاردة  او  واردة.  فهو  سبحانه وتعالى يعلم ما توسوس به نفسه  وهو اقرب اليه من حبل الوريد هذا الذي ينقل دمه واحساسه من  والى اعضاء جسمه  .  واضافة الى هذا القرب وهذه الحالة فقد سخرالله تعالى لكل انسان ملكين  موقعهما  على كتفيه  يسجلان او يقيدان كل حركاته وسكناته  واقواله  وافعاله  احمدهما  عن يمينه  حيث يسجل  الاعمال الصالحة التي يقوم بها  او امورالخير  والاخر  عن شماله  يسجل  اعماله السيئة  فهما اشبه بجهاز  كمبيوتر الى في وقتنا الحاضر  او اشد تقدما صورة وصوت   - والله تعالى  اعلم -    وهما رقيبان  امينان  والانسان السوي يعلم بهما  فهو اي الانمسان محصي عليه  كل شيء  حتى انفاسه  مهما  دق  او صغر او كبر عمله  او تفكيره ومعتقده  في خير اوشر  عظيم  او حقير. فهو محاسب عليه   في يوم القيامة .
        
         حتى اذا  انتهى عمر المرء المقدر له  وجاءه ملك الموت  واخذه النزع  في سكرات الموت  وشدتها  وهي شديدة شديدة  ويحاول الانسان اي انسان ان يهرب منه  فلا مهرب   وهذا ما يخافه كل انسان  مهما اوتي من قوة  وايمان  فلا مهرب منه   ولاهروب او زيغ  فقبضت روحه   وانتهى امره .  فيمر في مراحل عدة  منها سؤال  القبر وعذاب القبر ثم  يلقى  في البرزخ  الى يوم القيامة .

             وفي يوم  القيامة  هذا اليوم  العظيم  الذي  سينفخ   فيه  الملك
اسيرافيل النفخة الثانية لتوقظ الخلق من رقدتهم  وهذا هو  اليوم الموعود الذي     ياذن الله تعالى في بعث الخلق من مراقدهم او مدافنهم  ويعلمون  بهذا اليوم الذي وعدهم الله تعالى ان سيبعثهم فيه  للحساب   يساق الخلق الى الحساب في ( يوم الحساب )  وفيه تاتي كل نفس  مهما كانت  واينما كانت مطيعة او مذنبة ومعها  سائق   يسوقها الى ساحة الحق  والحساب وشهيد   يشهد على ما اقترفته   من اعمال هذان الملكان اللذان تحدثنا  عنهما  فيقدمان   صحائف اعماله  التي سجلاها  فتظهر امامه  صورة وصوت  بكل مافعل او ضمر في نفسه  من خير او شر  فلا يستطيع  انكار شيئ فعله او حاول فعله  في نفسه او نوى ان يفعله في حياته  وقد قال  الرسول  الكريم محمد  صلى الله عليبه وسلم :
(  انما الاعمال بالنيات ) .    بحيث لا يقبل من  المرء  اي جدال او نقاش  وهنا  ينقسم  البشر  الى عاص او مؤمن  كل حسب عمله.

      فالعاصون  يرون ما ينتظرهم من حساب ويرون كل اعمالهم السيئة حاضرة  امامهم  فيقال لهم :   هذا ما  كنتم عنه  غافلون او تغافلتم عنه  وقد نبهتم  عنه فلم تنتبهوا  وقد غرتكم  الحياة الدنيا  وزخارفها وملذاتها وشهواتها  وغرتكم بغرورها  من جاه وسلطان ومال  وولد  واتبعتم  فقد كانوا كل منهم  لاهيا  وغافلا  عما يلقاه   وحيث يقدم هذا العاصي للعذاب يجد عمله كله  خيره وشره حاضرا   يراه راي العين  ويقول الملك الموكل بسيئاته :
-  هذا كتابه  ينطق عليه بالحق  مهيئ  وحاضر  وقد سجل فيه كل اعماله  واقواله   واغلبها سيئات  اما حسناته فقليلة ازاء سيئاته  فسيئاته  اثقل من حسناته   فياتي امر الله  تعالى   بعد  ان  شهد  هذا عليه  ان يسوقه السائق والشهيد الى جهنم  ويبقيانه في  نارها  نتيجة  عصيانه  وجحوده معاندته الحق تعالى في حياته الدنيا   فقد كان في حياته  مناع للخير عن الناس  معتد عليهم  اثما في اعماله فهو قد جعل مع الله الها اخر   واشرك  وكفر  فكان مصيره في جهنم  في  الدرك الاسفل منها .

       ومن المعلوم والبديهي ان الانسان يرمي بعمله الضار  كالعصيان لله تعالى والاشراك به والاعتداء على  الاخرين  ومنعه الخير   كل  الاعمال  الضارة    على  صاحبه او قرينه  فيقول لولاه هذا الصديق لما  فعلت كذا ولولا هذا القرين لما  فعلت كذا   ففي هذه الساعة لاتفيده هذه  ولا تنفعه  اذ ينكر القرين  هذه الامور ويتبرأ من صديقه  ويقول :
-        يارب  لست انا الذي اضللته ولكنه كان قلبه مغلقا عن الايمان  وكان في ضلال بعيد  او كثير  .
           
                فهنا  اليوم لا يوجد جدال ولا  مخاصمة   ولا فائدة من الجدال والمخاصمة  بعد ان  ارسل الله تعالى الرسل والانبياء و انار لهم كل طرق الخير  وحذرهم  عواقب  الامورالسيئة  فاليوم  يوم مكافأة  المطيعين ومعاقبة  العاصين   لذا  يرمى هؤلاء العاصين في نار جهنم  فتلتهمهم التهاما  وهي تصرخ وتصيح : هل من مزيد  وفي الحديث الشريف  :
 ( لاتزال  جهنم  يلقى فيها  وتقول  هل من مزيد  حتى  يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها عن بعض  وتقول  قط قط  بعزتك  وكرمك ) اي تنقبض على من فيها وتشتغل بعذابهم  عندها تكف عن طلب المزيد .

        اما الفريق الاخر  من البشر وهم المؤمنون  فان الجنة  تكون قريبة منهم وفي متناول ايديهم  حيث اطاعوا الله تعالى  وامنوا به  سبحانه وتعالى  وعبدوه  حق عبادته  فيقال لهم :
 هذا يومكم الذي كنتم توعدون   ولكل ا واب  حفيظ  فانابوا الى  ا لله  ورجعوا عن  فعل المعصية  وحافظ  غلى  ما  انعم الله عليه من نعمة الايمان والاحسان  فادى حقه  فيقال  لهم ادخلوها بسلام  آمنين  فالله تعالى راض عنهم  وملائكته  يحفون بهم  من كل جانب  فيعيشون فيها خالدين  في نعيم مقيم ولهم فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين .
 والله تعالى اعلم    

            *********************** 

                                       2

                          بسم الله الرحمن الرحيم

((وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الارْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45))


                                       سورة ق  الايات \41-  45

 الحمد لله :

        الله  سبحانه   وتعالى  يخاطب في  هذه  الايات  المباركة  رسوله الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم    باستماع  صوت نداء المنادي  في يوم القيامة ويقصد به استماع الناس لهذا الصوت وكانه قريب منهم  وفي آذانهم  وهي صيحة  البعث الذي لاريب فيه  فيخرج الناس من قبورهم  وكانهم جراد منتشر  اي اشبه باسراب الجراد   الذي  ياتي  ملايين الملايين فيسد عين الشمس وياكل الزرع والضرع – واذكر كنت صغيرا  يوم هجم الجراد على بلدتنا  فاكل  الزرع والمحاصيل الزراعية وحتى  سعف النخيل فتركها  جريدا بلا  اوراق ( خوص )  وهذا اليوم  هو  يوم الخروج  نسبة الى خروج الخلائق من قبورها  .

        فالله  تعالى يؤكد  انه هو الذي  يحيي الخلائق  في هذا اليوم كما وعدهم في الحياة الدنيا  فهو الذي  احياها اول مره ثم اماتها   ثم يحييها بهذا اليوم  فلا يستطيع  او يقدر  غيره من  فعل  الاماتة والاحياء   واليه مرجعهم جميعا .

      وفي هذا اليوم العظيم تهيئ الاسباب  فتمطر السماء مطرا غزيرا  بحيث تنبت  عظيمات  الذنب ( عجب الذنب ) والتي  تبقى  من الانسان  كبذرة انبات  له  كما اخبرالحبيب المصطفى   كما ينبت البقل  فعد سماع  الصيحة الثانية  تشقق عنهم الارض فيخرجون سراعا  يتراكضون الى ساحة العرض .  وهذا الجمع وسوقهم الى  الموقف  للحساب والثواب امر هين على الله تعالى ويسير  فانه لا يعجزه شيء في الارض ولافي السماء
 والله تعالى  اعلم بما يقول المنكرون والكافرون   في مثل انكارهم البعث والنشور  واصرارهم على عبادة الاوثان والاصنام في حياتهم الدنيا  . 

            والله تعالى اعلم  بما يقولون هؤلاء المنكرون في رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه واتباعهم من المؤمنين  وفي بعث انفسهم وسوقها الى الله تعالى  في يوم القيامة  لان النبي صلى   الله عليه وسلم  ليس بمسيطر عليهم  وليس بامكانه ان يجبرهم على  الايمان والاسلام  وما يريده منهم  انما  يذكرهم بايات القران الكريم وما جاء فيها  من التهديد والوعيد .
         والله تعالى  اعلم  

               ******************** ** 


           يوم القيامة في  سورة الذاريات

                                  1

                       بسم الله الرحمن الرحيم


((وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَاملاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالاَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19))


                                 الذاريات الايات \  1- 19

 الحمد لله :

            ان الكفار والمشركين  لا يؤمنون  بالله  تعالى  وبما  انزله   على الحبيب  المصطفى  محمد  صلى الله  عليه  وسلم   وقلوبهم   جبلت  باصرار على الكفر لذا اقسم الله تعالى  ليؤكد ان  ما جاء  به  النبي محمد   صلى الله عليه   وسلم  صحيحا  وقول  الله  تعالى  هو الحق  وهو   قسم  عظيم   اذ  اقسم  بالذاريات  وهي  الرياح  التي  تفرق  الاشياء  وتعبث  فيها  وتذروها  ذروا وتسوقها  سوقا   مثلما  تسوق  الغيوم. وهذه الرياح  في لينها  وشدتها   ونسيمها  وعصفها  واختلاف   طبائعها   وصفاتها  امور كثيرة  منها انها  تنثر السحاب في السماء  وتسوقه  وتحيي الزرع والنبات  وتميته وتلقحه  فتكتمل  ثماره  فهي عوامل اساسية  في ديمومة هذا  الكون  الكبير والحياة  فيه   وتسوق السفن  وتغرقها    وهي دلائل على  عظمة الله وقدرته .

      واقسم مرة اخرى بالحاملا ت وما توقرت به من ماء  كثير وهي السحب   تسوقها هذه الرياح  فتنقلها من مكان  الى اخر والمحملة بالمياه الثقيلة  او الخفيفة  و مافيها  من شحنات كهربائية  تحدث   نتيجة  سوق الرياح لها  فتحدث  البرق والرعد  والصواعق المحرقة  فتسوقها  باذن الله تعالى الى الاماكن  التي قدر سبحانه وتعالى ان  تمطر عليها  غيثا او قطرا  اومزنا   من السماء  فينبت الزرع  ويدر  الضرع  وتحيي  الارض  الميتة بعد جفافها  فتصبح الارض مخضرة  و تكون  الانهار  والبحيرات  والينابيع  وما  اليها  او تغرق  هذه الامور وتدمرها   وما في هذا القسم من عظمة وموعظة .

          ثم اقسم الله تعالى ثالثة  بالجاريات  وهي السفن التي  تجري في البحر  بيسر  ورخاء  لتنقل  الانسان  واحتياجاته  من بلد الى اخر  حيث امسكها على ظهر الماء طافية  اوجارية في داخله  وحفظها في مجراها ومرساها   وعلّم هذا  الانسان  صناعتها  وتطور ها على مدى الازمنة والدهور والاستفادة  منها  في تقريب المسافات االبعيدة  فترتبط  جوانب الارض دانيها  بقاصيها .

    واقسم  الله  تعالى  رابعة   بالملائكة الموكلة   بتصريف اعمال هذا الكون  العجيب  ادارته  وتدبيره  وبما   تقتضيه  مشيئة  الله  تعالى  وطاعته   وبما تريد حكمته  وتدبر امور ه ما نراه ونشاهده وما هو خاف علينا  ولا يعلمه  الا  الله  تعالى .

       اقسم  الله تعالى بهذه الامور  كلها  وما فيها من عظمة و موعظة للانسان  على ان ما وعد الله تعالى  عباده  من امر الساعة و الحياة  من بعد الموت والبعث والنشور والحساب  والثواب  والعقاب  لوعد  صادق محقق  الوقوع  وكائن لا مفر منه ولا مهرب .

              ثم  اكد الله  تعالى  قسما  خامسا  حيث اقسم  بالسماء ذات الحبك  والحبك تجمع حبيكة  والحبك قيل هي حبال لاترى بالعين المجردة ولا بغيره  بقدرة الله العظيم   تربط السماء بالارض وتثبتها  فلا تسقط على الارض  وقيل  ما فيها من مباهج وزينة  لما  فيها  من كواكب   والقول  الاول اصوب – حسبما  اراه -  حيث رفع  سمكها  وسواها  وحبك بناءها  واحسن نسجها وابدع  انظمتها  وابدع مسارات النجوم  المختلفة فيها  . اقسم الله  تعالى  بالسماء بعد ان اقسم  بالامور الواردة اعلاه  ان الدين لواقع  وهو يوم  القيامة وما   فيه من اهوال واحداث .

        واقسم الله  تعالى  للمرة  السادسة  ان  بني البشر  لفي   قول مختلف  منهم   المؤمن  ومنهم  الكافراو المشرك وان هؤلاء المشركين والكافرين ليقولون قولا  متناقضا  وانهم  على  مذاهب وطرائق  شتى  وعباداتهم مختلفة   وانهم  اشركوا بالله تعالى  ولم  يؤمنوا  بما  نزل على الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وهوالحق من ربهم  فقالوا   انه  افترى  القران    الكريم  وانه  مجنون  وساحر وشاعر  وغير هذه الاقاويل  واضلوا  انفسهم عن  الطريق  ا لسوي .على ان هؤلاء الكافرين لا يستقيمون   على قول واحد بل  لكل  منهم  طريقته ومذهبه  ورأيه  الذي يسير عليه  واتباعه فتراهم  مختلفين .
     وهنا تحضرني  قصة  الاصمعي  اذ قال :

      - اقبلت من مسجد البصر ة   في احد الايام  واذ طلع  اعرابي جلف
 جاف على قعود له  متقلدا سيفه  وبيده قوسه  فدنا  فسلم  وقال  :
-        ممن الرجل
-         من بني اصمع
-         انت الاصمعي؟
-         نعم
- ومن اين اقبلت .؟
-        من موضع  يتلى فيه كلام الرحمن
-        ا و للرحمن  كلام يتلوه الادميون .؟
-        نعم
-        فاتل علي شيئا منه
 قال الاصمعي:  فقرات ( والذاريات  ذروا ) الى  قوله تعالى( وفي السماء رزقكم  وما توعدون )
 فقال :  ياا صمعي  حسبك حسبك .
     ثم قام الاعرابي الى  ناقته  فنحرها وقطعها  وقال:
-        اعني على توزيعها .
  ففرقناها  على من اقبل وادبر  ثم عمد الى قوسه وسيفه فكسرها  ووضعهما تحت الرحل  وولى نحو البادية  وهو يقول :
( وفي السماء رزقكم وما توعدون )

-  فمقتّ نفسي ولمتها   ثم  حججت مع الرشيد  فبينما انا اطوف بالبيت واذا انا بصوت رقيق فالتفت فاذا انا بالاعرابي  وهو ناحل مصفر فسلم علي واخذ بيدي  فقال :
-        اتلو علي كلام الرحمن
 واجلسني  من وراء المقام ( مقام ابراهيم عليه السلام )  فقرأت:       ( والذاريات ..) حتى وصلت الى قوله تعالى ( وفي السماء  رزقكم وما توعدون )
  فقال الاعرابي :  لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن  حقا  وهل غير هذا؟؟
قلت : نعم  يقول الله تبارك وتعالى (  فورب السماء والارض انه لحق مثل ما انكم تنطقون )
 فصاح الاعرابي :
- ( يا سبحان  الله من الذي اغضب الجليل  حتى حلف ؟   الم يصدقوه  في قوله  حتى ألجاووه  الى اليمين )  فخرجت  بها نفسه  وذهب الى رحمة الله .

        وهنا   ينزل  الله   تعالى عليهم  غضبه  فيقول سبحانه وتعالى:      ( قتل الخراصون .....)  ومعناها    لعن   الكذابون   الغارقون في  الغفلة والجهالة  والذين  غمرتهم  الضلالة  والسهو  في الكفر  فهم  ساهون او لاهون عن امر يوم الدين او ايوم  القيامة  واخذوا  يسالون عنه  با نكار واستهزاء  يسالون  عن موعد قيامهم من قبورهم  وعن مبعثهم للحساب ونوع العذاب الذي  سيسلط عليهم .    

      ان الله  تعالى  يبين  لنا  انه   تعالى  قد  ختم على قلوبهم  بالكفر  وجعل  هذا اليوم العظيم  - يوم القيامة - هو يوم  تلقي بهم الملائكة الموكلون  في  نا ر جهنم  ليذوقوا العذاب الذي انكروه  في الدنيا  واستعجلوا  في  وقوعه استنكارا  واستخفافا .

        اما المؤمنون او المتقون وآمنوا  بما جاء به  النبي  محمد صلى الله عليه  وسلم  وهو الحق  من  ربهم   فقد  كانوا  يعبدون  الله  حق عبادته مخلصين  حق  الاخلاص  في  اداء  الفروض والواجبات  عليهم  ويستغفرون الله  تعالى النهار  وفي الليل قليلا ما  يهجعون  او ينامون  فهم  ساهرون  حتى الفجر يستغفرون  ويسبحون  الله  تعالى و يعلمون ان  في  اموالهم  حقا  للفقراء  والمحتاجين   فيخرجونها   لهم    زكاة  وصدقة   لذا رضي الله  عنهم  وانعم عليهم  من فضله  فجعلهم  في  نعيم  مقيم   في الجنة  ناعمين .
 اللهم اجعلنا  منهم  برحمتك يا ارحم الراحمين   



       ****************************** *

























          يوم القيامة  في سورة الطور   

                   بسم الله الرحمن الرحيم
                                      1


((وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا  لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28))


                                            سورة الطور الا يات \1-  28

الحمد لله :
         اقسم الله تعالى  بالطور  وهو الجبل الذي كلم الله  تعالى  عليه نبيه موسى عليه  السلام في سيناء .

        واقسم الله تعالى  بالمصحف الشريف ( القران الكريم)  الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ونشر في  بعد ذلك في رق  وهو جلود  الانعام والغزلان  ثم  صنع  الورق  فنشر في الورق .

        واقسم  الله تعالى في البيت المعمور وهو بيت الله الحرام  في مكة المكرمة  وتتوسط هذ البيت  الكريم  الكعبة المشرفة  وربما  يقصد  به  البيت المعمور في  السماء السابعة  حيث يجتمع فيه  من الملائكة  ما لا يعلمه  الله تعالى .

       وقسم الله تعالى  في السقف المرفوع  وهي السماء المرفوعة فوق الارض بحيث تشكل سقفا لها  وما في هذه السماء من كواكب ونجوم  واجرام سماوية وما نعرف وما لا نعرف ماذا فيها  وكيفية  ادارتها .

     واقسم الله تعالى  ايضا في  البحرالمسجور اي المسخن  وحيث سخن  البحر وما فيه من مياه  عند بدء الخلق يوم كان عرش الرحمن  على الماء  فسخن الماء  وكان سببا في ايجاد هذا الكون ( راجع كتابي -الخلق والمعاد  في القران الكريم ) .

           اقسم الله تعالى  في كل هذه الاشياء  وهو خالقها ويعلم موقعها ومستقرها ومستودعها . وانه لقسم عظيم  ان  عذاب الله  لواقع  ومحيط بالكافرين  وهذا العذاب  لابد واقع ومؤكد وقوعه ولا يؤخر او  يؤجل عن موعده المحدد وهو يوم القيامة   .

       و القسم على هذه الامور  عظيم رهيب ، يرج القلب رجا ، ويرعب الحس رعبا . في تعبير  يناسب  لفظه  مدلوله الرهيب ، وفي مشهد كذلك ترتجف له القلوب : ( إن عذاب ربك لواقع ، ما له من دافع ، يوم تمور السماء مورا ، وتسير الجبال سيرا ) .. ففي هذا اليوم العظيم  تضطرب السماء وترتج  وتشقق  و تسيرالجبال  الراسية على الارض وتندك فيها فتكون ( هباءا منثورا )    وهو مشهد مفزع نرى فيه  ونسمع ما يزلزل ويرعب  من ويل وهول  وتقريع وتفزيع  في قوله تعالى :
( فويل يومئذ للمكذبين ، الذين هم في خوض يلعبون . يوم يدعون إلى
 نار جهنم دعا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون . أفسحر هذا ؟ أم أنتم لاتبصرون ؟ اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا ، سواء عليكم ، إنما تجزون ما كنتم تعملون ) . اذ يدعى الكافرون لنيل عقابهم  فيدفعون في جهنم دفعا  ويقال لهم هذه النار الي كنتم بها تكذبون فهم  يرونها  وقد دخلوها حقيقة  فليس بسحر كما  كانوا يقولون في حياتهم الدنيا  فيصلونها فيكتوون بها  سواءا صبروا  على الاحراق  والحرق  او لم يصبروا  وهذا نتيجة ما اقترفوه  من اعمال وافعال في الحياة الدنيا .      

          اما  المتقين وهم ايضا  يدخلون في هذا القسم العظيم  فينعمون  في الأمن والنعيم و يعرض صورة للمتقين وما أعد لهم من تكريم . وما هيئ لهم من تكريم . وما هيئ لهم من نعيم مقيم و رغيد وكريم  ، يطول عرضه ، وتكثر تفصيلاته ،وتتعدد ألوانه . مما يجيش الحس إلى روح النعيم ويرده ( إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم . كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون . متكئين على سرر مصفوفة وزوجنهم بحور عين . والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم . وما ألتناهم من عملهم من شيء . كل امرئ بما كسب رهين . وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون . يتنازعون فيها كأساً  لا  لغو فيها ولا تأثيم . ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون . وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون . قالوا : إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين . فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم . إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ) .. وقد وصف الحبيب المصطفى  محمد صلى الله عليه وسلم  فقال (  ان اهل الجنة  يتراؤن اهل الغرف من فوقهم  كما يتراؤون الكوكب الدري الغابر في الافق من المشرق او المغرب لتفاضل ما بينهم  قالوا يارسول الله  تلك منازل الانبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى  والذي  نفسي بيده رجال امنوا  بالله وصدقوا المرسلين )  وقال صلى الله عليه وسلم في وصفها ( انها لبنة من ذهب ولبنة من فضة  وملاطها  المسك الاذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت  وترابها الزعفران من يدخلها ينعم ولايبأس  ويخلد لايموت  ولا تبلى  ثيابهم ولا يفنى شبابهم ) فهي اذن  حاوية  لكل  انواع النعيم الجثماني والروحاني مشتملة على كل ضروب السعادة واطواقها وصنوف النعيم   وهم ياكلون فيها ويشربون  ولا  يتفلون او يتغوطون  ولا يبولون   وان في  الجنة   للمؤمن لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستةن ميلا وعرضها في الارض ستون ميلا وللمؤمن فيها اهلون يطوف عليهم )  وفيها  انهار كبيرة عظيمة  انهار  من ماء غير آسن  وانهار من لبن  لم يتغير طعمه  وانهار من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى  وفيها لهم من كل الثمرات مشتبهة لما في الحياةالدنيا  وغير متشابهة  معها  ) وفيها  ما لاعين رات ولا اذن سمعت  ولاخطر على قلب بشر من  الخير العميم والنعيم المقيم  والله تعالى اعلم .


              **************************  


                              2

                  بسم الله الرحمن الرحيم

)) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ولاهُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47))

                                      سورة الطور الايات \  44 -  46


 الحمد لله :
             يخبر الله تعالى  النبي محمد صلى الله تعالى ويخاطبه  ان يذر الكافرين  ويتركهم   على حالتهم  حتى  يلاقوا  العذاب في  يوم القيامة هذا اليوم العظيم الذي  كذبوا به   ففي هذا اليوم لا يغني  عنهم  كيدهم  وسوف  لا احد  ينصرهم   في هذا اليوم العظيم   وقدر الله تعالى  ان لهم عذابا  شديدا   ولكنهم  لا  يعلمون  في حياتهم الدنيا  ماذا  سيحدث  في الحياة الاخرة من عذاب شديد .     

           فهي  بمثابة  قذيفة  تهديد رهيب  بملاقاة ذلك المشهد المرهوب ، الذي عرض عليهم  : ( فذرهم حتى يلقوا يومهم الذي فيه يصعقون . يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ولا هم ينصرون ) كما يهددهم الله تعالى   بعذاب أقرب من ذلك العذاب : (وإن للذين ظلموا عذاب دون ذلك ، ولكن أكثرهم لا يعلمون ) . وربما يكون المقصود  به  عذاب في الحياة الدنيا  بما  فيها من كوارث يصيب بها من يشاء  او  عذا ب القبر او عذاب النفس الخبيثة في البرزخ  والله تعالى اعلم .           


**********************



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق