الأحد، 10 يناير 2010

ديوان الشيخ عبد القادر الكيلاني شرح وتحقيق فالح نصيف الحجية

فالح نصيف الحجية
الكيلاني




شرح ديوان

الشيخ عبد القادر الكيلاني

وشيء في تصوفه



نشر على الانترنيت في موقعنا
اسلام سيفلايزيشن ( الحضارة العربية )

وفي مدونتي(www falih bloger . Com )






























تقد يم

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العا لمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الاولين والاخرين وسيد العارفين وعلى اله وصحبه اجمعين
اضع بين يديك- قارئي الكريم – تحقيقا وشرحا للقصائد الشعرية المنسوبة لجدنا الشيخ عبد القادرالكيلاني قدس سره والتي تمكنت من الحصول عليها من جهات عدة او العثور عليها منسوبه له بين ثنايا وطيات الكتب والمجلات وتهيأت لي مصادرها ومراجعها بع ان تحققت من نسبتها اليه وبغية تسهيل وايضاح شرح هذه القصائد فقد قدمت بحثا في التصوف والتصوف القادري لان القصائد ذات العلاقة كلها من الشعرالصوفي اللذي يصعب على غيرالمتصوفين اوغير سالكي الطريق الصوفي او الدارسين والمتطلعين على الادب الصوفي معرفته على حقيقته وسبر اغواره والخوض في هذا البحرالمتلاطم الامواج والذي يحسبه الجاهل به نوعا من الكفروالالحاد او الاشراك في الوقت الذي يقصد به التعمق في الدين والثبات على الايمان في الاسلام وتثبيت الحقيقة الدينية المحمدية ايما ثبات

ومن هنا تم تقسيم هذا الكتا ب الى بابين الاول شمل



دراسة التصوف فجاء مكونا منعشرة فصول وكما يلي
الفصل الاول تناولت فيه مفهوم التصوف وتعريفاته ونشأته وذكر الله تعالى والثاني لمحة تاريخية عنه خلال العصور والثالث دراسة في التصوف القادري والطريقة القادرية وفي الفصل الرابع تناولت اداب المنتسب للطريقة القادرية وسالكها –المريد- وشملت ادابه مع ربه ومع نفسه ومع شيخه واداب الشيخ معه ثم اداب المريد مع اخوانه والناس اجمعين أي الاحاطة بسلوكيةالمريد
وفي الفصل الخامس بينت اسس الطريقة القادرية واولها المجاهدةوتضمنت دراسة للمجاهدة ونفوس المجاهدين ثم التوكل وحسن الخلق والشكر والصبر والرضا والصدق وفي الفصل السادس بينت انواع النفوس الانسانية ومراتبها على حسب الطرق الصوفية الامارة واللوامة
والملهمة والمطمئنة والراضية والمرضية والكاملة
اما في الفصل السابع فقد بينت الخصال العشر التي اثبتها الشيخ عبد القادرالكيلاني قدس سره لاهل المجاهدة والمحاسبة ممن سلك طريقته تلك الطريقة التي انتشرت شرقا وغربا في العالم الاسلامي وكانت سببا في انتشار الاسلام في العديد من الدول العالمية
و الفصل الثامن تناول دراسة لحياة الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره ونشأته وحياته العلمية واساتيذه وشيوخه ثم ثقافته وكذلك تناول الفصل التاسع دراسة الشعر الكيلاني واساليب هذا الشعر باعتباره شعرا صوفيا والفنون الشعرية التي نظم فيها شعره وقصائده بما في ذلك الفخر الصوفي والخمرة الالهية والحب الالهي وشعرالشكوى والحنين
وفي الفصل العاشر دراسة للشيخ عبد القادر الجيلاني قدس


سره في موقفه من المذاهب والفرق الاسلامية

اما الباب الثاني فقد شمل شرحا وافيا للقصائد الشعرية او المقطوعات الشعرية المنسوبة للشاعر الشيخ عبد القادرالكيلاني قدس سره شرحا لغويا صوفيا وفقا لما تقتضيه حالة النص الشعري وما مكنني ربي سبحانه وتعالى
ابتهل اليه تعالى ان يجعلني على الطريق القويم ويفتح لي بصيرتي وبصري واسأله تعالى العون والمساعدة مع الايمان الخالص في انجاز ما ا قدمت عليه من دراسة وشروحات لديوان الشيخ عبد القادر الكيلاني ابتغي وجهه الكريم
انه نعم المولى ونعم النصير




فالح نصيف الحجية
الكيلاني
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب
العراق- ديالى – بلد روز







فالح نصيف الحجية
الكيلاني


شرح د يوان

الشيخ عبد القاد ر الكيلاني

وشيء في تصوفه



الجزء الاول




نشرت على الانترنيت في موقعنا
اسلام سيفلايزيشن ( الحضارة العربية)وفي المدونة
www falih bloger . Com ,) )




































البا ب الاول

شيء في تصوف الشيخ عبد القادر الكيلاني

ويشمل دراسة في التصوف ومفهومه ونشأته وتعريفه ولمحة تاريخية فيه ودراسة التصوف القادري والطريقة القادرية وكيفية الانتساب اليها وادابهم ودراسة النفس الانسانية وفق المنهج الصوفي وانواع هذه النفوس ثم اسس التصوف القادري وذكرالخصال العشر التي اثبتها الشيخ عبد القادرالكيلاني لسالكي طريقته ثم دراسة حياة الشيخ العلمية واساتيذه وشيوخه وتلامذ ته ومكانته العلمية ثم دراسة الشعرالصوفي وشعرالشيخ عبد القادر الكيلاني كشاعر واساليبه ومعانيه الشعرية والاغراض الشعرية كالفخر
الصوفي الحب الالهي والخمرة الالهية وشعر الحنين والشكوى ثم دراسة موقف الشيخ من المذاهب والفرق الاسلامية

شرة فصول ففي فصل من عدة مواضيع
































الفصل الاو ل

التصوف

مفهوم التصوف
--------------------


التصوف تجربة روحية خالصة او هي حال يعانيها الصوفي من خلال توجهه الى خالقه لعبادته وسمت مستقيم في سبيل الوصول الى الغاية المرجوة ويقصد به تزكية النفوس وصفاء القلوب واصلاح الاخلاق والوصول الى مرتبة الاحسان وله من الصفات والخصائص ما يميزها عن غيرها من الانفعالات النفسية الانسانية فهو – كما اعتقد - صورة لمعراج النفس الانسانية في الارتقاء الى المستوى المرجو نحو هدفها الاسمى وهو بعد ذلك اروع صفحة – في نظري - تتجلى فيها الروحانية والنصيب الخصب والمشرق والعميق في توجيه الروحية الانسانية وخاصة في توجيه وتربية الحياة الروحية في الاسلام
والعجيب في التصوف انه شامل لكل المعتقدات و النزعات النفسية في طوح المرء نحو ربه لاعلاقة له بدين معين او بمذهب من المذاهب اوبفرقة من الفرق فهو شامل وموجود في الجميع فهو الاحساس النفسي والشعورالانساني المتوقد في الفكر الانساني نحو الرب وبيع النفس روحيتها الى بارئها مقابل الجزاء الاوفي في العالم الاخر
والتصوف الاسلامي هو ذلك الاحساس الذي يرسم الصورة الحقيقية الشاملة لهذا الدين ويجمع بين هذه الحال وبين الاصول والنصوص او بين اللتفسيرات والتاءويلات ويفند مزاعم وماخذ الاخرين عليه من الذين ينكرون على المتصوفين حالاتهم ومقامالتهم وامورهم فهو قبس من نور هذا العالم يسري في نفوس وافئدة المتصوفين وينير السبيل امامهم لنيل مرادهم وما تصبوا اليه نفوسهم المتعلقة بربها وهو الهدف الذي يهدفون ويكرسون فيه حياتهم حتى يتم الوصول من خلال طريق حالة روحية خاصة يدركونها ادراكا مباشرا ذوقيا لهم وحدهم دون غيرهم
ومن هنا كانت كل الاساليب – رغم اختلافها- التي عبر بها طلاب الحقيقة ومهما تباينت الاسماء والمسميات التي يطلقونها عليها وبها فان الصوفيين هم وحدهم الذين يذكرون صراحة انهم شاهدوا هذه الحقيقة وجها لوجه واتصلوا بها اتصالا روحيا لذا نرى في دعواهم نغمة من اليقين المحض وصدقا من الايمان الخالص
فطالب الحقيقة يطلبها غنية ثرة في ذاتها وجودا غير متناه خارجا عن حدود الزمان والمكان وقد تجاوز العقل البشري في طلبه للحقيقة الالهية او الحقيقة العلوية كل مقولات العالم المحسوس واخذ نفسه بالبحث عن عالم اخر متخذا لنفسه صورا شتى يفلسف الحياة ميتافريقيا للوصول الى ما وراء ها وقد تطوت هذه الصور بتطور الحضارة الانسانية وتعقدت معها فولدت الرجل الصوفي ذا النزعة الدينية - بعد مخاض عسير – الذي يعرف الحقيقة في ذاتها منبعثة من ذاته وصلته الفطرية بها ليبقى يحمل قبسا من نورها في قلبه وعشعش في فكره يتجاوز ميدان العقل الى ميدان الوجدان والارادة والحرية المطلقة بحيث يبقى الجميع قاصرين عن فهم حقيقته الوصول الى ماوصله هذا الصوفي من روحانية وحقيقة ذاتية خالصة له منه وفيه
وقد مر التصوف خلال العصور والازمنة منذ ظهور الاديان وحتى عصرنا هذا بمراحل وتطورات عديدة وعرف خلالها بتعاريف تكاد تكون – رغم اختلافها وتنباينها - منبعثة من حالة واحدة ومن معين واحد وقد تجاوزت هذه التعاريف المئات لكني ساكتفي بذكر بعضها معتمدا على التعاريف التي عرفه بها الرجال الافذاذ من علماء الدين الاسلامي الحنيف ومن خلال رجال عرفوا بالزهد والتصوف
يقول المتصوف والزاهد الكبير الشيخ معروف الكرخي المتوفي سنة \200 هجرية
( التصوف الاخذ بالحقائق والياءس مما في ايدي الخلائق) الرسالة القشيرية صفحة 127
وتفسيره الزهد في الدنيا والنظر في والى حقيقة الدين وعدم الاكتفاء بظاهر التكاليف الدينيةوالقيام بها على اكمل وجه
اما الشيخ ابو سليمان الداراني المتوفي ستة \ 215 هجرية فيقول
( التصوف ان تجري على يد الصوفي اعمالا لايعلمها ا لا الحق ويكون دائما مع الحق على حال لا يعلمها الا هو ) تذكرة الاولياء الجزء الاول صفحة 222
ويذكر الشيخ فريد الدين العطار ( الصوفي من اذا نطق كان كلامه عين حاله فهو لاينطق بشيء الااذا كان هو ذلك الشيء واذا امسك عن الكلام عبرت اعماله عن حاله وكانت ناطقة بقطع علائقه الدنيوية ) تذكرة الاولياء الجزء الاول صفحة 126
0 ولقد عرف السري السقطي المتوفى سنة \257 هجرية التصوف بقوله( التصوف اسم لثلاثة معان وهو الذي لايطفيء نور معرفته نور ورعه ولا يتكلم بباطن في علم ينقض عليه ظاهر الكتاب والسنة ولا تحمله الكرامات على هتك استا ر محارم الله ) الرسالة القشيرية صفحة 10\
ويعرف الشيخ سهل بن عبد الله التستري الصوفي بانه – من صفا من الكدر واملاء من الفكر وانقطع الى الله من البشر واستوى عنده الذهب والمدر – تذكرة الاولياء ج1 صفحة 264
اما ابو الحسن الندوي النوري المتوفى سنة 295 هجرية فيقول - ليس التصوف رسما ولا علما ولكنه خلق لاءنه لوكان رسما لما حصل بالمجاهدة ولوكان علما لخص بالتعليم ولكنه تخلق باخلاق الله - التصوف الثورة الروحية في الاسلام صفحة 44
اما الشيخ الجنيد البغدادي المتوفى سنة 297 هجرية فقد عرف التصوف والمتصوفين تعاريف كثيرة – التصوف ال يختصك الله بالصفاء فمن اصطفى من كل ما سوى الله فهو الصوفي - المصدر السابق
او قوله – التصوف تصوف القلوب حتى لايعاود هذا ضعفها الذاتي ومفارقة اخلاق الطبيعة واخماد صفات البشرية ومجانبة دعاوى النفسانية ومنازلة صفات الروحانية والتعقل بعلوم الحقيقة والعمل بها وهو خير والنصح لجميع الامة والاخلاص في مراعاة الحقيقة واتباع النبي صلىالله عليه وسلم- تذكرة الاولياء
اما الشيخ ابو بكر الشبلي المتوفي 334 هجرية فقد قال- الصوفي من لا يرى في الدارين مع الله الا الله – فالتصوف عنده هو لحظة الاشراق التي تكاد يصعق فيها الصوفي فعندها يتجلى لقلبه نور الحق - التصوف الثورة الروحية في الاسلام صفحة 50
ويقول الشيخ احمد رزق رحمه الله تعالى – التصوف علم قصد به لاصلاح القلوب وافرادها لله تعالى عما سواه والفقه لاصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالاحكام والاصول علم التوحيد لتحقيق المقدمات والبراهين وتجلية الايمان بالايقان كالطب لحفظ الابدان وكالنحو لاصلاح اللسان – قواعد التصوف لابي العباس احمد الفاسي صفحة 6
اما الشيخ ابن عجيبة فيقول – التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك الى حضرة ملك الملوك وتصفية البواطن من الرذائل وتجليتها بانواع الفضائل واوله علم واوسطه عمل واخره موهبة –
اما العلامة الاستاذ ابو الاعلى المودودي فيقول – التصوف عبارة –في حقيقة الامر عن حب الله رسوله الصادق بل الولوع بهما والتفاني في سبيلها والذي يقتضيه هذا الولوع والتفاني الا ينحرف المسلم قيد شعره عن اتباع احكام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فليس التصوف الاسلامي الخالص بشيء مستقل عن الشريعة انما هو القيام باحكامها بغاية الاخلاص وصفاء النية وطهار القلب – مبادىء الاسلام صفحة 114
اما انا فاقول الله00 الله00 الله عنما يمتليء القلب في حب الله ويفيض هذا الحب فيغمر القلب و الفكر وتتجه الاحاسيس نحو المحب الاعظم وتصعد اليه النفس تسبح في بحر الحب الخالد طائرة على جناحي الايمان بعيدة عن هذا الجسد الفاني فيفقد القلب والفكر سيطرتهما على الحركات الالية والتفكير الدنيوي وهو يردد – لا اله الاالله – هذا الذكرالعظيم هو الولوج الى باب التصوف الحق في حب الله الى منتهاه وقد جمع الشريعة والحقيقة فالصوفي عبد عابد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم باداء حقوقه ناظراليه بقلبه احرق قلبه انوار هدايته وصفاء شربه من كاءس حبه ووده وقربه فانكشف له الحق عن استار غيبه فاذا تكلم فبالله وان نطق فعن الله وان تحرك فباءمرالله وان سكت فمع الله فهو بالله ولله ومع الله عندها تحن النفس لمشاهدة المحبوب وتعرج الى افضل الاماكن الانيقة في الجنان النضرة لتستريح من عذاباتها الدنيوية

- --------------










تعريف التصوف
التصوف تجربة روحية خالصة او هي حال يعانيها الصوفي من خلال توجهه الى خالقه لعبادته وسمت مستقيم في سبيل الوصول الى الغاية المرجوة ويقصد به تزكية النفوس وصفاء القلوب واصلاح الاخلاق والوصول الى مرتبة الاحسان وله من الصفات والخصائص ما يميزها عن غيرها من الانفعالات النفسية الانسانية فهو – كما اعتقد - صورة لمعراج النفس الانسانية في الارتقاء الى المستوى المرجونحو هدفها الاسمى وهو بعد ذلك اروع صفحة – في نظري - تتجلى فيها الروحانية والنصيب الخصب والمشرق والعميق في توجيه الروحية الانسانية وخاصة في توجيه وتربية الحياة الروحية في الاسلام والعجيب في التصوف انه شامل لكل المعتقدات و النزعات النفسية في طوح المرء نحو ربه لاعلاقة له بدين معين او بمذهب من المذاهب اوبفرقة من الفرق فهو شامل وموجود في الجميع فهو الاحساس النفسي والشعورالانساني المتوقد في الفكر الانساني نحو الرب وبيع النفس روحيتها الى بارئها مقابل الجزاء الاوفي في العالم الاخر والتصوف الاسلامي هو ذلك الاحساس الذي يرسم الصورة الحقيقية الشاملة لهذا الدين ويجمع بين هذه الحال وبين الاصول والنصوص او بين اللتفسيرات والتاءويلات ويفند مزاعم وماخذ الاخرين عليه من الذين ينكرون على المتصوفين حالاتهم ومقامالتهم وامورهم فهو قبس من نور هذا العالم يسري في نفوس وافئدة المتصوفين وينير السبيل امامهم لنيل مرادهم وما تصبوا اليه نفوسهم المتعلقة بربها وهو الهدف الذي يهدفون ويكرسون فيه حياتهم حتى يتم الوصول من خلال طريق حالة روحية خاصة يدركونها ادراكا مباشرا ذوقيا لهم وحدهم دون غيرهم ومن هنا كانت كل الاساليب – رغم اختلافها- التي عبر بها طلاب الحقيقة ومهما تباينت الاسماء والمسميات التي يطلقونها عليها وبها فان الصوفيين هم وحدهم الذين يذكرون صراحة انهم شاهدوا هذه الحقيقة وجها لوجه واتصلوا بها اتصالا روحيا لذا نرى في دعواهم نغمة من اليقين المحض وصدقا من الايمان الخالص فطالب الحقيقة يطلبها غنية ثرة في ذاتها وجودا غير متناه خارجا عن حود الزمان والمكان 0وقد تجاوز العقل البشري في طلبه للحقيقة الالهية او الحقيقة العلوية كل مقولات العالم المحسوس واخذ نفسه بالبحث عن عالم اخر متخذا لنفسه صورا شتى يفلسف الحياة ميتافريقيا للوصول الى ما وراء ها وقد تطوت هذه الصور بتطور الحضارة الانسانية وتعقدت معها فولدت الرجل الصوفي ذا النزعة الدينية - بعد مخاض عسير – الذي يعرف الحقيقة في ذاتها منبعثة من ذاته وصلته الفطرية بها ليبقى يحمل قبسا من نورها في قلبه وعشعش في فكره يتجاوز ميدان العقل الى ميدان الوجدان والارادة والحرية المطلقة بحيث يبقى الجميع قاصرين عن فهم حقيقته الوصول الىماوصله هذا الصوفي من روحانية وحقيقة ذاتية خالصة له منه وفيه وقد مر التصوف خلال العصور والازمنة منذ ظهور الاديان وحتى عصرنا هذا بمراحل وتطورات عديدة وعرف خلالها بتعاريف تكاد تكون – رغم اختلافها وتنباينها - منبعثة من حالة واحدة ومن معين واحد وقد تجاوزت هذه التعاريف المئات لكني ساكتفي بذكر بعضها معتمدا على التعاريف التي عرفه بها الرجال الافذاذ من علماء الدين الاسلامي الحنيف ومن خلال رجال عرفوا بالزهد والتصوف يقول المتصوف والزاهد الكبير الشيخ معروف الكرخي المتوفي سنة \200 هجرية( التصوف الاخذ بالحقائق والياءس مما في ايدي الخلائق) الرسالة القشيرية صفحة 127وتفسيره الزهد في الدنيا والنظر في والى حقيقة الدين وعدم الاكتفاء بظاهر التكاليف الدينيةوالقيام بها على اكما وجه اما الشيخ ابو سليمان الداراني المتوفي ستة \ 215 هجرية فيقول ( التصوف ان تجري على يد الصوفي اعملا لايعلمها ا لا الحق ويكون دائما مع الحق على حال لا يعلمها الا هو ) تذكر الاولياء الجزء الاول صفحة 222 ويذكر الشيخ فريد الدين العطار ( الصوفي من اذا نطق كان كلامه عين حاله فهو لاينطق بشيء الااذا كان هو ذلك الشيء واذا امسك عن الكلام عبرت اعماله عن حاله وكانت ناطقة بقطع علائقه الدنيوية ) تذكرة الاولياء الجزء الاول صفحة 126 0 ولقد عرف السري السقطي المتوفى سنة \257 هجرية التصوف بقوله( التصوف اسم لثلاثة معان وهو الذي لايطفيء نور معرفته نور ورعه ولا يتكلم بباطن في علم ينقض عليه ظاهر الكتاب والسنة ولا تحمله الكرامات على هتك استا ر محارم الله ) الرسالة القشيرية صفحة 10\ ويعرف الشيخ سهل بن عبد الله التستري الصوفي بانه – من صفا من الكدر واملاء من الفكر وانقطع الى الله من البشر واستوى عنده الذهب والمدر – تذكرة الاولياء ج1 صفحة 264 اما ابو الحسن الندوي النوري المتوفى سنة 295 هجرية فيقول - ليس التصوف رسما ولا علما ولكنه خلق لاءنه لوكان رسما لما حصل بالمجاهدة ولوكان علما لحص بالتعليم ولكنه تخلق باخلاق الله - التصوف الثورة الروحية في الاسلام صفحة 44اما الشيخ الجنيد البغدادي المتوفى سنة 297 هجرية فقد عرف التصوف والمتصوفين تعاريف كثيرة – التصوف ال تختصك الله بالصفاء فمن اصطفى من كل ما سوى الله فهو الصوفي - المصدر السابق او قوله – التصوف تصوف القلوب حتى لايعاود هذا ضعفها الذاتي ومفارقة اخلاق الطبيعة واخماد صفات البشرية ومجانبة دعاوى النفسانية ومنازلة صفات الروحانية والتعقل بعلوم الحقيقة والعمل بها وهو خير والنصح لجميع الامة والاخلاص في مراعاة الحقيقة واتباع النبي صلىالله عليه وسلم- تذكرة الاولياءاما الشيخ ابو بكر الشبلي المتوفي 334 هجرية فقد قال- الصوفي من لا يرى في الدرين مكع الله الا الله – فالتصوف عنده هو لحظة الاشراق التي تكاد يصعق فيها الصوفي فعندها يتجلى لقلبه نور الحق - التصوف الثورة الروحية في الاسلام صفحة 50 ويقول الشيخ احمد رزق رحمه الله تعالى – التصوف علم قصد به لاصلاح القلوب وافرادها لله تعالى عما سواه والفقه لاصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالاحكام والاصول علم التوحيد لتحقيق المقدمات والبراهين وتجلية الايمان بالايقان كالطب لحفظ الابدان وكالنحو لاصلاح اللسان – قواعد التصوف لابي العباس احمد الفاسي صفحة 6اما الشيخ ابن عجيبة فيقول – التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك الى حضرة ملك الملوك وتصفية البواطن من الرذائل وتجليتها بانواع الفضائل واوله علم واوسطه عمل واخره موهبة – اما العلامة الاستاذ ابو الاعلى المودودي فيقول – التصوف عبارة –في حقيقة الامر عن حب الله رسوله الصادق بل الولوع بهما والتفاني في سبيلها والذي يقتضيه هذا الولوع والتفاني الاينحرف المسلم قيد شعره عن اتباع احكام الله ورسوله صلىالله عليه وسلم فليس التصوف الاسلامي الخالص بشيء مستقل عن الشريعة انما هو القيام باحكامها بغاية الاخلاص وصفاء النية وطهار القلب – مبادىء الاسلام صفحة 114 اما انا فاقول الله00 الله00 الله 00 عنما يمتليء القلب في حب الله ويفيض هذا الحب فيغمر القلب الفكر وتتجه الاحاسيس نحو المحب الاعظم وتصعد اليه النفس تسبح في بحر الحب الخالد طائرة على جناحي الايمان بعيدة عن هذا الجسد الفاني فيفقد القلب والفكر سيطرتهما على الحركات الالية والتفكير الدنيوي وهو يردد – لا اله الاالله – هذا الذكرالعظيم هو الولوج الى باب التصوف الحق في حب الله الىمنتهاه وقد جمع الشريعة والحقيقة فالصوفي عبد عابد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم باداء حقوقه ناظراليه بقلبه احرق قلبه بانوار هدايته وصفاء شربه من كاءس حبه ووده وقربه فانكشف له الحق عن استار غيبه فاذا تكلم فبالله وان نطق فعن الله وان تحرك فباءمرالله وان سكت فمع الله فهو بالله ولله ومع الله عندها تحن النفس لمشاهدة المحبوب وتعرج الى افضل الاماكن الانيقة في الجنان النضرة لتستريح من عذاباتها الدنيوية
ولهذا يعتبر التصوف هو مقام الإحسان من الإسلام كما جاء ذلك في الحديث المعروف بحديث جبريل, والذي نصه كالتالي: عن عمر (رض) قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها. قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان. ثم انطلق. فلبث مليا، ثم قال: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" (رواه مسلم). فالتصوف هو الطابق الثالث في البناء الإسلامي، أي مستوى الإحسان حيث يصبح الإيمان إيمانا شهوديا بعد أن كان إيمانا غيبيا اعتقاديا. فالغيب الذي نؤمن به على مستوى الإيمان يصبح واقعا شهوديا نتراءاه (كأنك تراه) على مستوى الإحسان. فإذا كان الإسلام هو مجموع الطوابق الثلاثة إلا أن طابقه الثالث (مستوى الإحسان) هو كماله من خلال تحقيق مستويي الإسلام والإيمان تحقيقا يحول الظن الغائب إلى يقين حاضر. ومستوى الإحسان عايشه الصحابة رضوان الله عليهم في علاقتهم بالرسول عليه الصلاة والسلام. وانتقلت أسرار هذا المقام إليهم روحيا من خلال رابط المحبة والتعلق بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكما أن أسرار مستوى الإسلام تنتقل بالتلقين والإستماع من فكر إلى فكر، وأسرار مستوى الإيمان تنتقل بالعمل والإتباع من سلوك إلى سلوك، فأسرار مقام الإحسان تنتقل من قلب إلى قلب بالمحبة والتعلق بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وورثته من أمته. وإن غياب ممارسة مستوى الإحسان في سلوك المسلمين (لغياب قناة التواصل لديهم التي هي المحبة)، باستثناء بعض الدوائر الضيقة، أدى إلى تأسيس إسلام مبتور بدون روح. وعندما حاول البعض ترميم الجزء المتداعي من البناء الإسلامي (طابق الإحسان) نعتوا بالمتصوفة، وتم تقييم سلوكهم انطلاقا من تصور قاصر لإسلام بمستويين فقط، حيث اعتبروا أن محاولة الصوفية بناء الطابق المتداعي هو إضافة إلى الإسلام ما ليس منه. وإن الحقيقة الصوفية التي اكتشفها العارفون بالله ما هي إلا تفصيل لما أجمل في الشريعة. وإن معارضة النص القرآني أو الحديثي بالحقيقة الصوفية يرجع إلى معارضة الجزء (الحقيقة الصوفية) بكله (الشريعة). ذلك أن علاقة الحقيقة الصوفية بالنص القرآني أو الحديثي هي علاقة تضمن واستغراق (الثاني للأول) لا علاقة تضاد وتنافر كما يحاول الإيهام بذلك بعض ممن يوجد خارج التجربة الصوفية. إن التعارض – إذا وجد – هو تعارض بين سوء تأويل النص القرآني أو الحديثي و/أو النص الصوفي، أو بين سوء تأويل النص الصوفي (على فرض صحته) والنص القرآني أو الحديثي. هذا خصوصا إذا علمنا أن اللغة الصوفية هي لغة إشارية لا دلالية، أي أنها تشير إلى الحقيقة عن بعد ولا تدل عليها. إذ الدلالة الحقيقية للنص الصوفي لا يمكن فهمها إلا بالمشاركة الوجدانية. إ ان التصوف هو القلب النابض للإسلام و كمال بنائه.لأن العبادة بدون محبة لله و معرفة به تجعل من العبادات طقوسا شكليةفارغة. فهو يمثل الرصيد الشعوري غير المدون من السنة النبوية لعدم قابليته للتدوين.ذلك أن أحوال الرسول عليه الصلاة والسلام الباطنية لا تدون في الكتب اذ تعجز الكتابة ان تدونها وتستوعبها بطون الكتب و لكنها تدرك بالمعايشة الوجدانية.

- ----------------------------------------------------------



نشأ ة التصوف
نشأ التصوف أول ما نشأ بالبصرة، وأول من بنى ديرة التصوف بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد من أصحاب الحسن البصري رحمه الله .
وقد تميز عباد البصرة آنذاك بالمبالغة في التعبد، وظهرت فيهم مظاهر جديدة لم تكن مألوفة من قبل، فكان منهم من يسقط مغشيا عليه عند سماع القرآن، ومنهم من يخر ميتا، فافترق الناس إزاء هذه الظاهرة بين منكر ومادح، وكان من المنكرين عليهم جمع من الصحابة كأسماء بنت أبي بكر وعبدالله بن الزبير رضي الله عنهم، إذ لم تكن تلك المظاهر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وهم الأعظم خوفا والأشد وجلا من الله سبحانه .
ورأى الإمام ابن تيمية أن حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من ضبط نفوسهم عند سماع القرآن أكمل من حال من جاء بعدهم، ولكنه - رحمه الله - لا يذهب إلى الإنكار على من ظهر منه شيء من ذلك إذا كان لا يستطيع دفعه، فقال رحمه الله تعالى : " والذي عليه جمهور العلماء أن الواحد من هؤلاء إذا كان مغلوبا عليه لم ينكر عليه وإن كان حال الثابت أكمل منه ") .
تنازع العلماء في أصل هذه النسبة وإلى أي شيء تضاف فقيل : هي نسبة إلى أهل الصُفَّة ، وقيل : نسبة إلى الصفوة، وقيل : نسبة إلى الصف المقـدّم، وقيل : بل نسبة إلى صوفة بن بشر رجل عرف بالزهد في الجاهلية، قال الإمام ابن تيمية : " وكل هذا غلط ، وقيل - وهو المعروف - أنه نسبة إلى لبس الصوف ". ونفى القشيري صحة هذه النسبة أيضاً، وقال : إن القوم لم يعرفوا بلبس الصوف، وأيا كان أصل النسبة فإن اللفظ صار علما على طائفة بعينها، فاستغني بشهرته عن أصل نسبته.
هذا عن أصل النسبة، أما معنى التصوف فللقوم عبارات مختلفة في ذلك تصور مقام كل واحد في التصوف وتصوره له، فقال بعضهم في تعريف التصوف : أنه الدخول في كل خلق سني، والخروج عن كل خلق دني، وقيل : أن يكون العبد في كل وقت بما هو أولى به في ذلك الوقت ، بمعنى أنه إن كان في وقت صلاة كان مصليا، وإن كان في وقت ذكر كان ذاكر، وإن كان في وقت جهاد كان مجاهدا، لذلك قيل : الصوفي ابن وقته، وقيل في تعريف التصوف الأخذ بالحقائق، واليأس بما في أيدي الخلائق، وقيل التصوف مراقبة الأحوال ولزوم الأدب، وقيل غير ذلك امتاز منهج المتقدمين في الجملة بالتعويل على الكتاب والسنة، واعتبارهما مصدري التلقي والاستدلال الوحيدين، ويروى عنهم نصوص كثيرة في ذلك، فمن ذلك ما قاله أبو القاسم الجنيد :" مذهبنا هذا مقيد بالأصول الكتاب والسنة " وقال أيضا : " علمنا منوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به " وقال أبو سليمان الداراني :" ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة "، وقال سهل بن عبدالله التستري :" مذهبنا مبني على ثلاثة أصول :" الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، في الأخلاق والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع الأعمال " ربما بدأت الصوفية كمجموعة اتخذت الزهد شعارها، وتصفية القلوب دثارها، مع صحة الاعتقاد وسلامة العمل في الجملة، إلا أنه قد دخل في مسمى الصوفية فرق وطوائف متعددة، لم يكن الجامع بينها إلا التحلي بالزهد والاهتمام بأحوال القلوب سواء أكان على وجه الصدق أم كان على وجه الادعاء والتظاهر أمام الخلق، أما العقائد فقد تفرقت بهم السبل فيها، ولا سيما بين جيل الصوفية الأوائل من أمثال إبراهيم بن أدهم، والجنيد، وبشر الحافي، وبين المتأخرين من أمثال الحلاج وابن عربي والفارابي وابن سبعين وغيرهم، وعليه فمن الخطأ بمكان إطلاق الأحكام التعميمية على الصوفية عامة، لاتحادهم في الاسم مع اختلافهم الجوهري في كثير من العقائد والأفكار،.
وسنعرض من خلال هذا البحث الموجز شيئاً من عقائد بعض الصوفية المتأخرين، ، فمن عقائدهم:
1. القول بالحلول: وهي بدعة كفرية أخذها من أخذها عن كفار الهند، ومعناها عندهم أن الله حالٌّ في مخلوقاته فلا انفصال بين الخالق والمخلوق، وليس في الوجود إلا الله، وهذا ما يسمى بوحدة الوجود







ومن أوجه الغلو عند الصوفية كذلك الغلو في صالحيهم، حتى وجد في بعضهم من يعبد شيخه فيسجد له ويدعوه، وربما قال بعضهم كل رزق لا يرزقنيه شيخي فلا أريده ونحو هذه الأقوال، وربما غلا بعضهم في نفسه واغتر بها، حتى روي عن بعضهم قوله: " خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله "، ويلقبون قادتهم ومعلميهم بالأقطاب والأوتاد، ويجعلون لهم تصريف الكون أرضه وسماءه، في منطق يجمع بين الجهل والسخف وقلة العقل والدين.3. تقسيم الدين إلى شريعة تلزم العامة، وحقيقة تلزم الخاصة، فالشريعة هي ما يسمونه العلم الظاهر، والحقيقة هي ما يدعونه العلم الباطن، فالعلم الظاهر والذي يمثل الشريعة معلوم المصدر وهو الكتاب والسنة، أما علم الحقيقة، علم الباطن فهذا يدعي الصوفية أنهم يأخذونه عن الحي الذي لا يموت، فيقول أحدهم : حدثني قلبي عن ربي، وذهب بعضهم إلى القول بأنه يأخذ عن ملك الإلهام، كما تلقى الرسول صلى الله عليه وسلم علومه عن ملك الوحي، وزعم بعضهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو من يخبرهم بما يتوجب عليهم من عبادة وذكر، وأنهم يلتقون بالأنبياء ويسألونهم عن قصصهم، وقال آخر إذا طالبوني بعلم الورق، برزت عليهم بعلم الخرق. وقال أبو حامد الغزالي في بيان هذا المسلك: " اعلم أن ميل أهل التصوف إلى الإلهيه دون التعليمية، ولذلك لم يتعلموا ولم يحرصوا على دراسة العلم وتحصيل ما صنفه المصنفون، بل قالوا الطريق تقديم المجاهدات بمحو الصفات المذمومة، وقطع العلائق كلها، والإقبال على الله تعالى بكنه الهمة، وذلك بأن يقطع الإنسان همه عن الأهل والمال والولد والعلم، ويخلو بنفسه في زاوية ويقتصر على الفرائض والرواتب، ولا يقرن همه بقراءة قرآن ولا بالتأمل في نفسه، ولا يكتب حديثا ولا غيره، ولا يزال يقول : "الله الله الله" إلى أن ينتهي إلى حال يترك تحريك اللسان ثم يمحي عن القلب صورة اللفظ " 4. بناؤهم العبادة على المحبة فقط، فلا يعبدون الله خوفا من ناره ولا طمعا في جنته، وقد قال بعض السلف:" من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري - أي من الخوارج - ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ ، ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد
أعلام التصوف :
اشتهر طائفة من رجال التصوف بالزهد، ومراعاة أحوال القلوب، حتى أصبحوا مضرب المثل في ذلك، في حين لم يعرف البعض الآخر من التصوف سوى لبس الخرق والتظاهر بالمسكنة، فضلا عن خروج الكثير منهم عن السنة بكثرة ما أحدث من البدع في العقائد والعبادات، فليست الصوفية سواء وليس رجالها سواء، والبصير العاقل من لم يضع الجميع في سلة واحدة لاتحاد الاسم مع أن المعنى مختلف، وسوف نعرض لتراجم بعض أعلام التصوف وأغلبهم من أهل الاستقامة في الدين لئلا تنفر النفوس من التصوف بمعناه الحسن، فما أحوج القلوب اليوم في زمن الجفاف المادي إلى نسمات الروح وهبات الإيمان لتغتذي بها، وفي ذكر الصالحين نعم العون على ذلك، فمن أعلام التصوف:1- أبو محمد رويم بن أحمد المتوفيسنة 303هـ من أقواله : " إذا رزقك الله المقال والفعال، فأخذ منك المقال وأبقى عليك الفعال فإنها نعمة، وإذا أخذ منك الفعال وأبقى عليك المقال فإنها مصيبة، وإذا أخذ منك كليهما فهي نقمة "
2- أبو العباس أحمد بن محمد الآدمي المتوفي 309هـ كان من كبار مشائخ الصوفية وعلمائهم، وكان من أقران الجنيد - رحمه الله - من أقواله: "من ألزم نفسه متابعة آداب الشريعة، نور الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب صلى الله عليه وسلم في أوامره وأفعاله وأخلاقه ".
3- أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم المتوفي سنة 161هـ كان من أبناء الملوك، فخرج عن حاله تلك وتصوف، حتى صار مقدما في الصوفية، من أقواله : " إني لأسمع النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدين من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ".
4- أبو الفوارس شاه بن شجاع الكرماني ( توفي قبل 300هـ ، كان من أولاد الملوك، وكان يقول: " من غض بصره عن المحارم، وأمسك نفسه عن الشهوات، وعمر باطنه بدوام المراقبة0
وغيرهم كثير ممن سلك مسالك الحق واهتدى بنور الايمان والاسلام
--------------------------------


التصوف وذكر الله
--------------------------
اعتمد التصوف في الاسلام ذكر الله مبدءا اساسيا والوصول الىالله تعالى هدفا وغايته المرجوة ومبتغاه واعتبر قول ( لا اله الا الله) شعارا فذكرالله تعالى هو علامة الفلاح وسبيل النجاح والرقي والالتزام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فرض على كل سالك لهذه الطريقة وحقه من الحقيقة قدر التزامه في الكتاب والسنة وتنفيذا لاءوامرالله تعالى وتعاليم رسوله الكريم صلىالله عليه وسلم لقد وردت في القفران الكريم ايات كثيرة تحض لا بل تلزم اهل الايمان بذكرالله تعالى – اذكروني اذكركم – سورة البقرة 152- الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم – ال عمران 191- فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم - النساء 103- واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين – الاعراف 205- ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم بما تصنعون – العنكبوت 25- الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم – الاحزاب 41 وكثير من الايات في القران الكريم تؤكد وتحث على ذكر الله تعالىوفي الحديث الشريف ايضا الكثير فعن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - يقول الله تعالى اذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي واذا ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير من ملئه واذا تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا واذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا واذا مشى اليه هرولت اليه – متفق عليهوفي حديث اخر قدسي يقول الله تعالى – انا مع عبدي ماذكرني وتحركت بي شفتاه– رواه ابن جابر وابن حيانوفي الاحاديث الشريفة الكثير الكثير في الحض على ذكرالله تعالى وفضل الذكر واذكر على سبيل المثال قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يخاطب صحابته الكرم – ا لا انبؤكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من عطاء الورق والذهب وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربون اعناقهم ويضربون اعناقكم قالوا وما ذاك يارسول الله قال ذكر الله عز وجل- رواه الترمذي وابن ماجة والحاكموقال رسول الله صلىالله عليه وسلم- من احب ان يرتع في رياض الجنة فليكثر من ذكرالله – رواه ابو شيبة والطبرانيوايضا عن ابي هريرة قا ل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل الا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عند ه – رواه مسلمواالذكر نور وايمان و هدى وعرفان وانشراح في الصدر وسعة في العيش وسعادة في الدنيا وجنة في الاخرة ولو تعمقنا قليلا في معنى الذكر لوجدنا ان الذكر ذكران ذكر يتولد من الخوف والخشية وهومن يذكرالله مع نفسه ويرى ان ذكرالله تعالى له امان وما كان الا بذكرالله تعالى ويعلم انه يذكرالله يصل الى ذكر الله له والذكر الاخر ذكرالمحبة والشوق وهو التذكر بذكرالله به في الازل حيث لم يكن موجودا الى ان يصير في الدنيا مفقودا ثم الى الابد وعند ما يتجوهر ويستكن نور اليقين فيه حتى اذا ذهبت صولة الذكر من اللسان والقلب لا يزال نور الذكر متجوهرافي دواخله فيصير الذكر ذكر الذات وهذا هو ذكر المشاهدة والمكاشفة والحقيقة الكبرى والذكر نار لاتبقي ولاتذر فاذا دخل قلب عبد مؤمن يقول – انا لا غيره لااله الاالله – فاذا كان في القلب حطب الدنيا وهشيم متاعها وظلمة الوجود الحادث وخواطر النفس الامارة بالسوءووساوس الشيطان احرق الذكر كل ذلك وانار للقلب المحالك لذلك القلب بنور الله تعالى حيث ان الذكر يكون اولا باللسان فاذا داوم عليه العبد انخرق له القلب وسرى نور ذكر الله الى بقية الجوارح واستغرق العبد كله في الذكر فتحول بتشريفه ووجوده الى حال اخر وعلامة انخراق القلب للذكر الشعوربالخفة في الاعضاء حتى يكاد المرء ان يطير بلاجناحين من خفته فاذا سكت اللسان عن الذكر تحرك الفكر و تحرك القلب في الصدر بالذكر فاذا داوم العبد على ذلك وصل الذكر الى سره وهنا تكون الغيبة في الذكر والذاكر في المذكور ويكون الهيمان حتى اذا ترك العبدالذكر لم يتركه الذكر ولا تذهب عنه انواره ولا يطيب به قرار الا بالمشاهدة والاشراق - نور على نور هداية من الله العلي العظيم











الفصل الثاني

التصوف في لمحة تا ريخية--- التصوف بكل تعاريفه وكثرة ما كتب عنه اصله من الصفاء من الكدر- كما اعتقد – فهو انبعاث من اعماق النفس الانسانية متفاعلا معها وفيها معنى هذا ان التصوف وجد بوجود الانسان ومعتقده وحاجته اليه في تصفية هذه النفس التي يحملها بين جنبيه مما يلحقها او علق بها من ادران اوشوائب يقول الدكتور محمد اقبال الشاعر الباكستاني الكبير( –ليس من الصواب ان نرجع كل ظاهرة في بيئة ما الى عوامل خارجة عنها ونهمل العوامل الداخلية فانه لافكرة من الافكار ذات قيمة يكون لها سلطان على نفوس الناس الا اذا كانت تمت اليهم بصلة فاذا جاء عامل خارجي ايقضها ولكنه لايخلقها خلقا وعندما بحث المستشرقون في اصل التصوف ذهبوا الى ان مرده الى هذا العامل الخارجي او ذلك ونسوا ان اية ظاهرة عقلية او تطور عقلي في امة لايكون لها معنى ولايفهمان الا في الظروف العقلية والسياسية والدينية والاجتماعية التي عاشت فيها هذه الامة قبل ظهور تلك الظاهرة) لاحظ تطور الفلسفة اليتافزيقية في فارس صفحة 96 في هذه الظاهرة بين نشاة التصوف الاسلامي والطريق السوي في معالجتها والنظر الى البيئة العقلية والدينية والسياسية والاجتماعية التي نشاءت فيها هذه الظاهرة الكبيرة التي غيرت مجرى التاريخ الاسلامي فالتصوف وليد تاريخ الاسلام الديني والسياسيي والعقلي والعنصري فهو مظهر من مظاهره وما احاط به من ظروف وما دخل فيه من شعوب0 النظريات الصوفية كثرت وتعددت تبعا لمدارسه خلال الزمن وما اكتنف كل نظرية من مفاهيم وعوامل ابتداء من عهد الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم ومنعه الرهبنة في الاسلام ولا لتفريق بين الزهد والعبادة وبين الرهبانية وما تمخضت عنه هذه المدارس الكثيرة كالمدرسة النيسابيورية التي اظهرت او افرزت فرقة – الملامتية – او مدرسة مصر والشام التي امتاز علما ؤها بدقة التحليل النفسي في لحظات قربها من الله تعالى او بعدها عنه جل وعلىونستطيع تحديد تاريخ التصوف الاسلامي بثلاث مراحل الاولى تكمن في الزهد والتعبد والخوف الشديد من الجزاء مثلما يظهر في سيرة الحسن البصري-- الفقيه الصوفي المولود عام 21هجرية 642 م في البصرة عاش بواد ام القرى في نواحي المدينة المنورة ودرس الحديث الشريف والفه واشتهر بالزهد والتقشف ويعتبر رائد الزهد والتصوف في الاسلام توفي عام 110 هجرية 7728 م -- وسفيان الثوري المحدث من مشاهير التابعين وكان يلقب بامير المؤمنين في الحديث وهو ابو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري توفي في البصرة عام 161 هجرية 778 م – وما قبلها والمرحلة الثانية مرحلة المعرفة والمحبة والعشق الالهي ويظهر ذلك في اقوال معروف الكرخي البغدادي –( وهو ابو محفوظ معروف بن فيروز وقيل علي منسوب الى الكرخ في بغداد احد اعلام التصوف الزهاد والمتصوفين اشتهر بالصلاح وقده الناس للتبرك به وقبره ظاهر وشاهد في بغداد ولا يزال قائما يقصده الناس للتبرك به -)والجنيد البغدادي ( وهو ابو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد ويلقب بالخزاز او القوا ريري او الزجاج ولد في القرن الثالث الهجري في بغداد متصوف وفقيه اول من اشتغل بكلام التوحيد وشبخ مذهب التصوف حج من بغداد الى مكة ثلاث مرات على قدميه ويعرف بطاووس العلماء توفي في بغداد سنة 297 هجرية 910 م وقبره ظاهر ومعروف في بغداد ) وذو النون المصري ( وهو ابو الفيض نوبان بن ابراهيم المصري المولود بصعيد مصر عام 255هجرية 771 م زار القدس والشام وبغداد ومكة من اصحاب المجاهدات والكرامات توفي سنة 345 هجرية 859 مبالجيزة ودفن في القاهرة وقيره ظاهر فيها ومزار يزوره الناس للترك به) اما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الفناء في الله تعالى ووحدة الوجود واول التكلمين فيها الجنيد المذكر مسبقا والشبلي ( وهو القاضي بدر الدين محمد بن عبد الله بن محمد الشبلي الدمشقي ولد بدمشق 712 هجرية 1312 م وتوفي 769 هجرية 1367 م ) وابو يزيد البسطامي ( وهو طيفور بن عيسى بن ادم بن سروثان البسطامي ولد عام 188 هجرية 804 م عرف بالزهد والتصوف واحد المتكلمين بوحدة الوجود توفي سنة 261 هجرية 875 م وقبره ظاهر ويزار وقد مزجت شخصيته بالاساطير والشطحات الصوفية ) الذي اوغل في ذلك ونستطيع ان نحدد حقيقتين اثنتين هما محور كل قديم او محدث
الاولى انه ليس في العالم الا وجود واحد هو الوجود المطلق ذو الخيرالمحض والجمال الخالص-( له يسجدمن في السموات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس -) سورة الحج اية 18 والحقيقة الثانية ان الروح من عالم الغيب وهي في حنين دائم الى عالمها وغاية الصوفي في هذه الحياة ان ييسر للروح النجاة ويخلصها من كل نقص ويحررها من كل علاقة او حالة حتى تتصل بالله تعالى ويطلقها من قيودها ترجيعا ووجودا مطلقا غير محدود لترجع الى عالمها الازلي امنة مطمئنة لم تكن في عصر صدر الاسلام حاجة الى وضع حدود وقواعد للزهد والعبادة في الدنيا للقصد من ملذاتها كما لم تكن حاجة الى تمييز طائفة من المسلمين عن غيرهم بسبب انفرادهم بالورع او التقوى وانما ظهرت هذه الحاجة ملحة كما يقول العلامة ابن خلدون ( وهو الدين بن الوزير عبد الرحمن بن محمد بن محمد ولبد عام 573هجرية 1322 م بتونس وتنقل الى مناطق عديدة في بلاد شمال افريقيا والشام والحجاز والقاهرة اتسمت مؤلفاته بالنزعة الفلسفية والاجتماعية والتاريخية متصلة بينها توفي عام 808 هجرية 1405 م بالقاهرة ) في مقد مته –( عندما فشا الاقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس الى مخالطة الدنيا فاختص المقبلون باسم الصوفية) – لاحظ كشف الظنون ج1 اما الامام القشيري فيقول – اعلموا ان المسلمين بعد رسول الله صلىالله عليه وسلم لم يتسم افاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول صلىالله عليه وسلم اذ لا افضلية فوقها فقل لهم الصحابة ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بالدين الزهاد والعباد ثم ظهرت البدعة وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق ان فيهم زهادا وانفرد خواص اهل السنة المراعون انفسهم مع الله تعالى والحافظون قلوبهم من طوارق الغفلة باسم التصوف - لاحظ كشف الظنون ج1 صفحة 414 اما الاما م الحافظ السيد محمد صديق الغماري فقد افتى عندما سئل عن اول من ا سس التصوف فقال –( اما اول من اسس الطريقة فلنعلم ان الطريقة اسسها الوحي السماوي في جملة ما اسس من الدين المحمدي اذ هي بلاشك مقام الاحسان الذي هو احد اركان الدين الثلاثة التي جعلها النبيى صلى الله عليه وسلم بعد مابينها واحدا واحدا الينا بقوله - هذا جبريل عليه السلام اتاكم يعلمكم دينكم - وهو الاسلام والايمان والاحسان فالاسلام طاعة وعبادة والايمان نور وعقيدة والاحسان مراقبة ومشاهدة ان تعبد ا لله كانك تراه فان لم تراه فا نه يراك ) لاحظ حقائق عن التصوف للسيخ عبد القادر عيسى صفحة 15 لقد مر التصوف في الاسلام منذ نشاته ولحد الان في اطوار ومفاهيم تبلورت مع الوقت وتحولت خلالها الصوفية من الشكل الفردي الى شكل جماعي منظم وصارت طرقا وجماعات بعد ان كانت فردية يجتمع افراد ها للمارسة العبادة في مسجد من البمساجد اوفي معبد اخر تحولت هذه الى طرق جماعية لها نظمها ومراسمها في القول والقبول0 والانتماء وفي العلاقة بين بعضها مع لبعض الاخر ضمن الطريقة الواحدة اي انقسمت الطريقة الواحدة الى عدة اقسام وكان لشيوخ والمريدين منهم رتب وناصب واصبح لكل طريقة بيعة واناشيد خاصة وتلاقين واذكار واوراد ومظاهر خاصة وتلاوات وطاعات وسلوكية معينة لايمكن تجاوزها فهي كالاحزاب السياسية او المجامع الادبية او العلمية في الوقت الحاضر كما صارت لها موارد مالية ثابتة مما اوقفه اصحاب البر والخير عليها وعلى المنتسبين اليها والدارسين فيها 0 بل صارت – اشبه بمهنة تعدل او تفضل اية مهنة يصطنعها الناس وحظيت بمكانة رفيعة في المجتمع وذات تاثير قوي جعلها تشكل اديانا او مذاهب من خلال الدين الواحد ودولا ضمن كل دولة ولم تعد مقصورة على افراد مثقفين فقط كما كالنت سابقا ولكنها فتحت ابوابها للعامة وللمعتوهين والمجاذيب كما فتحت لكبار رجال الدولة والسلاطين ) لاحظ المدن الاسلامية للسيد شاكر مصطفى ج1 صفحة 272 وقد بلغ عدد هذه الطرق اكثر من ماءتي طريقة وبلغ من انتمى اليها اكثرمن 30 بالمائة من المسلمين لكن جميع هذه الطرق رغم كثرتها ترجع في جذورها الاساسية للطرق الاصلية او متفرعة عنها وان اهم هذه الطرقالاصلية او الاساسية مايلي \ الطريقة القادرية مؤسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره وهي موضوع بحثنا ومداره والطريقة الرفاعية التي اسسها الشيخ احمد الرفاعي ( وهو ابو العباس احمد بن علي بن احمد الرفاعي المولود سنة 512 هجرية 1118 م بقرية حسن او ام عبدة باقليم البطائح ما بين البصرة وواسط وتوفي ابوه وهو طفل فكفله خاله منصور ابوشيبة البطائحي ومرقده ظاهر حاليا ومزار لعامة المسلمين ويقع في جنوب بلدروز من محافظة ديالى \ العراق وارسله للدراسة في واسط على فقهاءالشافعية وقد انصرف الى التصوف وقد اخذ العهد على يد خاله وكان شيخ طريقة صوفية عرفت بالرفاعية ولا تزال موجودة لحد الان عاصره الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي يعتبرا شيخا له في الطريقة توفي في بلدته وقبره ظاهر ومزار في قضاء الرفاعي جنو ب العراق توفي عام 578 هجرية 1182 م) والطريقة الشاذلية في مصرومؤسسها ابو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن فهيم بن هرمز ولد سنة 593 هجرية 1197في سبتة المغرب والشاذلي نسبة الى شاذليه قريته التي عاش فيها في تونس ثم سافرفي طلب العلم الى القاهرة ثم بغداد ثم استقر في القاهرة جاهد ضد الصليبيين بنفسه توفي عام 656 هجرية 1258 م وهو في طريقه الى الحج ودفن حيث مات وقبره ظاهر في مصر يرتاده المسلمون للتبرك ) والطريقة السهروردية ومؤسسها الشيخ عبد القاهر السهروردي وهو ضياء الدين عبد القاهر بن عبد الله السهروردي يرتقي نسبه الى ابي بكر الصديق رضى الله عنهم وهو ابن عم الشيخ عمر السهروردي المدفون في بغداد ولد عام 490 هجرية 1097 م ودرس بالمدرسة النظامية وسلك طريقة الصوفية وله كتاتبان مخطوطان - اداب المريدين وغريب المصابيح – توفي في بغداد عام 563 هجرية 1168 م ا
و الطريقة البدوية ومؤسسها الشيخ احمد البدوي المولود في مدينة فاس المغربية سنة 596 هجرية 1199 م سافر الى الحج ثم الى العراق بغداد واستقر سكنه في مصر وبها توفى سنة 675 هجرية 1276 م بطنطا وقبره ظاهر فيها ومزار للمسلمين

والطريقة المولوية ومؤسسها الشيخ جلال الدين الرومي وهو محمد بن محمد بن الحسين البلخي ولد سنة 604 هجرية 1207 م بمدينة بلخ ولقب ايضا بالقونوي نسبة الى قونية التي سكنها وبالرومي نسبة الى بلاد الروم وهو شاعر مجيد نظم بالعربية والفارسية والتركية وانصرف الى التصوف بعد اتصاله بالشيخ شمس الدين التبريزي دفين بزايز بلدروز محافظة ديالى العراق وعرفو جماعته او اتباعه بالمولوية توفي في مدينة قونية التركية 673 هجرية 1373 م وقبره معروف ومزار للمسلمين والطريقة التيجانيةا ومؤسسها الشيخ احمد مختار التيجاني المعروف بابي العباس التيجاني المغربي واستقر بمدينة فاس ونشر طريقته بعد ادائه فريضة الحج ورجوعه الى فاس وتوفي فيها سنة 1 230 هجرية 1815 م والطريقة السنوسية ومؤسسها الشبخ محمد علي السنوسي الحسني الادريسي وطريقته تتميز بالدعوة الى العودة بالاسلام الى عهد الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم والخلفا ء الراشدين من بعده ولد في بالقرب من مدينة الجزائر وتلمسان وتوفي سنة 1276هجرية 1859 م ودفن في الجغبوب وقبره ظاهرو مزار للمسلمين والطريقة المهدية ومؤسسها الشيخ محمد المهدي محمد بن احمد النقلاوي المولود سنة 1260 هجرية 1844 م قتله الاستعمار الانكليزي بعد ان حاربهم بطريقته واتباعه سنة 199 م وهناك عدد اخر من الطرق هي مشتقة من هذه الطرق واغلبها مشتق من الطريقة القادرية او الرفاعية انتشرت في العالم الاسلامي وكل لها اتباع مريدين ولا تزال بعض هذه الطرق موجودة لحد الان ولها اتباعها ومريدوها
------------------------------------------------
















الفصل الثالث

التصوف القادري عرف الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره التصوف بانه الصدق مع الحق وحسن الخلق مع الخلق والصوفي ماخوذ من المصافات ويعني عبد صافاه الله تعالى صافيا من كل افات النفس خاليا من كل مذموماتها سالكا لحميد مذاهبه ملازمة للحقائق غير ساكن بقلبه الى احد من الخلائق وعقد مقارنة موسعةبين المتصوف وهو المبتدي الشارع في طريق الوصول الىالله تعالى وبين الصوفي المنتهي ووصل في الطريق الى منتهاه حمل حتى ذابت نفسه وزال هواها وتلاشت ارادته وامانيه فصار محمود القدر مربي النفس منبع العلوم والحكم بين الامن والنور وكهف للاءولياء والابدال ومنؤئلهم ومرجعهم ومتنفسهم ومستراحهم اذ هو عين القلادة درة التاج بعين الرب 0 بائن عن الاتصال والاعمال والسرائر والضمائروالثبات على معنى انه يصفى من التكدر بالخليقة والبريات و فهو عين من الاعيان وبدل من الابدال عارف بنفسهوبربه اخرجه الله تعالى ممن ظلما ت النفوس واالطباع والاءهوية والضلالات الى ساحة الذكر والمعارف والعلوم والاسرار ونور قلوبهم بنور القرب ثم نوره تعالى –( الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور)- سورة البقرة 2257 والله تعالى عز وجل جعل هؤلاء الاولياء والصديقين - جواسسي القلوب الامناء على السرائر والخفيات وحرسهم من الاعداء في الخلوات والجلوات وقمع رعونات انفسهم وضراوتها وثبتهم في مراتبهم ووفقهم بسر طه النبي المختار بعد ان وفقهم للوفاء بالصدق في سيرهم وبالصير في محل انقطاعهم واضطرارهم فالتزموا بتادية الفرائض وحفظوا الحدود والاوامر والزموا المراتب حتى قوموا وهذبوا ونقوا وادبوا وطيبوا ووسعوا وزكوا فتولاهم الله تعالى-( وهو يتولى الصالحين )– سورة الاعراف اية\ 196 وقد جعل الشبخ الجيلاني قدس سره الارادة الاساس الثابت والفاعل لهذه الحالة فعرفها بانها ترك ماعليه العادة وتحقيقها نهوض القلب في طلب الحق سبحانه وتعالى وترك كل ماسواه فهي مقدمة كل امر ثم يعقبها القصد ثم الفعل فهي بداية الطريق والنية الصافية الخالصة لكل سالك واول منزلة لكل قاصد وقد سمي من سلك هذا الطريق مريدا مشتق من الارادة والمريد هو المقبل على الله تعالى وطاعته يسمع ويطيع ويعمل بما في كتاب الله وسنة نبيه الحبيب المصطفى صلىالله عليه وسلم يبصر بنور الله تعالى فلا يرى ا لا فعله فيه وكفى – لاحظ الغنية لطالبي طريق الحق الصفحات 1265 – 1276
--------------------------------------------------















الطريقة القادرية وضع الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره اسس وقواعد ومفاهيم ومبادىء واهداف التصوف القا دري فيما كتبه ونشره وعلمه لتلاميذه ومريدي طريقته وقد تبت ذلك في كتابه الغنية لطالبي طريق الحق وكتابيه الاخرين فتوح الغيب والفتح الرباني بصورة خاصة وكل ما كتبه وعلمه بصورة عامة لذا تعتبر الطريقة القادرية اولى الطرق الصوفية واول طريقة منظمة ذات قواعد واسس ومفاهيم ثابتة في كل مجريات امورها فطريقها واضح لسالكيه وتعاليمها متوفرة وتابتة ولا اريد الدخول او التعريف بهذه الطريقة التي انتشرت في كل انحاء العالم وانتشر الاسلام في بقاع من الارض بسببها وعلى ايدي مريديها وسالكيها وشيوخها – الا بايجاز شديد وبالقدر الذي يفي بالغرض الذي اصبوا اليه ويجعل لقارىء الكريم على بينة ومعرفة منها وفيها اعتمدت الطريقة القادرية ذكر الله مبدءا اساسيا لها والوصول الىالله تعالى هدفا لها وغايتها المرجوة ومبتغاها واعتبرت قول ( لا اله الا الله) شعارا لها فذكرالله تعالى هو علامة الفلاح وسبيل النجاح والرقي والالتزام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فرض على كل سالك لهذه الطريقة وحق من الطريقة قدر التزامه في الكتاب والسنة وتنفيذا لاءوامرالله تعالى وتعاليم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم لقد وردت في القران الكريم ايات كثيرة تحض لا بل تلزم اهل الايمان بذكرالله تعالى –( اذكروني اذكركم) – سورة البقرة 152- (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) – ال عمران 191-( فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) - النساء 103- (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين) – الاعراف 205-( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم بما تصنعون )– العنكبوت 25-( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )– الاحزاب 41 وكثير من الايات في القران الكريم تؤكد وتحث على ذكر الله تعالىوفي الحديث الشريف ايضا الكثير فعن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – (يقول الله تعالى اذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي واذا ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير من ملئه واذا تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا واذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا واذا مشى اليه هرولت اليه) – متفق عليهوفي حديث اخر قدسي يقول الله تعالى –( انا مع عبدي ماذكرني وتحركت بي شفتاه) – رواه ابن جابر وابن حيان وفي الاحاديث الشريفة الكثير الكثير في الحض على ذكرالله تعالى وفضل الذكر واذكر على سبيل المثال قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يخاطب صحابته الكرام –( ا لا انبؤكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من عطاء الورق والذهب وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربون اعناقهم ويضربون اعناقكم قالوا وما ذاك يارسول الله قال ذكر الله عز وجل-) رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم وقال رسول الله صلىالله عليه وسلم-( من احب ان يرتع في رياض الجنة فيكثر من ذكرالله) – رواه ابو شيبة والطبراني وايضا عن ابي هريرة قا ل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – (ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز وجل الا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عند ه) – رواه مسلم واالذكر نور وايمان و هدى وعرفان وانشراح في الصدر وسعة في العيش وسعادة في الدنيا وجنة في الاخرة ولو تعمقنا قليلا في معنى الذكر لوجدنا ان الذكر ذكران ذكر يتولد من الخوف والخشية وهومن يذكرالله مع نفسه ويرى ان ذكرالله تعالى له امان وما كان الا بذكرالله تعالى ويعلم انه بذكرالله يصل الى ذكر الله له والذكر الاخر ذكرالمحبة والشوق وهو التذكر بذكرالله به في الازل حيث لم يكن موجودا الى ان يصير في الدنيا مفقودا ثم الى الابد وعند ما يتجوهر ويستكن نور اليقين فيه حتى اذا ذهبت صولة الذكر من اللسان والقلب لا يزال نور الذكر متجوهرا فيصير الذكر ذكر الذات وهذا هو ذكر المشاهدة والمكاشفة والحقيقة الكبرى والذكر نار لاتبقي ولاتذر فاذا دخل قلب عبد مؤمن يقول – انا لا غيره لااله الاالله – فاذا كان في القلب حطب الدنيا وهشيم متاعها وظلمة الوجود الحادث وخواطر النفس الامارة ووساوس الشيطان احرق الذكر كل ذلك وانار للقلب المحالك لذلك القلب بنور الله تعالى حيث ان الذكر يكون اولا باللسان فاذا داوم عليه العبد انخرق له القلب وسرى نور ذكر الله الى بقية الجوارح واستغرق العبد كله في الذكر فتحول بتشريفه ووجوده الى حال اخر وعلامة انخراق القلب للذكر الشعوربالخفة في الاعضاء حتى يكاد المرء يطير بلاجناحين من خفته فاذا سكت اللسان عن الذكر تحرك الفكر و تحرك القلب في الصدر بالذكر فاذا داوم المريد على ذلك وصل الذكر الى سره وهنا تكون الغيبة في الذكر والذاكر في المذكور ويكون الهيمان حتى اذا ترك الذكر لم يتركه الذكر ولا تذهب عنه انواره اخلاصه وصدقه ومحبته لشيخه مع الرضا التام وعدم الاعتراض فالشيخ يضفي على المريد من حضرته التي حل بها عند ربه ويسقيه من مورده الذي نهل منه وينال بركته فمقام العبد من مقام سيده ومقام المريد من مقام شيخه 0 ومن النظم القادرية ان فيها ترئيسا لسالكيها ودرجا لكل منهم كالمريد والخليفة والشيخ والبدل والقطب يتدرج فيها المريد حسب ما اوتي من التزام وتعبد مع الوقت وكلما ارتفعت درجته علت مكانته واصبحت مسؤوليته اكبر وحالته اوسع فالمنتسيون اليها منظمون تنظيما دقيقا ولا يتجاوز احدهم مكانته او منزلته قيد انمله 0 والانتساب اليها يتم عن طريق التلقين كما اسلفت والتلقين موجود بوجود الاسلام والايمان التلقين هنا كلمات في ذكرالله تعالى يتلقنها المريد من شيخه وهي المفتاح الى الطريقة 0وكيفية التلقين هي ان يسند المريد الراغب في سلوك الطريقة لاءول مرة ركبتيه الى ركبتي شيخه او من اراد ان يتلقن منه الطريقة متقابلا ن وجها لوجه واضعا يديه على فخذي شيخه فيقرا شيخه فاتحة القران الكريم ويصلي على النبي محمد صلىالله عليه وسلم ويردد المريد مع شيخه قول –لا اله الا الله - ثم ياخذ الشيخ عليه العهد والميثاق بالالتزام التام بالاسلام والايمان والحفاظ على ما امنه عليه بصدق واخلاص وهو – لا اله الا الله -- ان اول حالة التلقين هي الذكر فمما صح عن الامام علي كرم االله وجهه عندما ساءل النبي صلى الله عليه وسلم لتعليمه فقال يارسول الله دلني على اقرب الطرق الى الله تعالى واسهلها عبادة وافضلها عند الله تعالى فاجابه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم –( افضل ماقلت انا والنبيون من قبلي - لااله الا الله- ولو ان السموات السبع والارضين السبع وضعت في كفة ولا اله الا الله وضعت في كفة لرجحت بهم لااله الا الله )-- رواه مالك والنسائي وابن الحاكم فقا لعلي رضي الله عنه – كيف اذكر يارسول الله فقال النبي صلىالله عليه وسلم –( اغمض عينيك واسمع مني ثلاث مرات ثم قل انت ثلاث مرات وانا اسمعها منك فقال النبي ثلاث مرات – لا اله الا الله- رافعا صوته مغمضا عينيه وعلي رضي الله عنه يسمع قم قال علي - لا اله الا الله – ثلاث مرات مغمضا عينيه مادا صوته والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ) وهذا هو التلقين وقد يكون التلقين جماعيا فقد روي عن شداد بن اوس انه قال كنا عند رسول الله صلىةالله عليه وسلم فقال – هل فيكم غريب – يعني من اهل الكتاب - قلنا لايا رسول الله - فامر بغلق الباب وقال ارفعوا ايديكم وقولوا- - لا اله الا الله – فرفعنا ايدينا وقلنا– لا اله الا الله - ثم قال النبي صلىالله عليه وسلم -الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وامرتني بها ووعدتني عليها الجنة انك لا تخلف الميعادثم قال صلىالله عليه وسلم- ابشروا فان الله قد غفر لكم رواه احمدومن المعلوم ان السالك لهذه الطريقة يكون انتسابه السها بمحض ارادته متمسكا بنظامها متقيا بتعاليمها وقواعدها ملتزما بها بكل سكناته وحركاته فهي جزء من الايمان امات الخطوات التي تتبع في سلوك هذه الطريقة والانتساب اليها في عمليتي التلقين واخذ العهد والميثاق فساءشرحها بقيل من التفصيل لتكون مفهومة تتم هذه العملية على مرحلتين \ الاولى وتسمى مرحلة الابتداء وتنتهي بجلسة قصيرة واحدة لايستغرق وقتها الربع ساعة اذا كان العمل فيها جديا وتبدء باللقاء الاول الذي يكون بين المريد والشيخ وفيه العهد والاستغفار والتوبة والطاعة والذكر والعهد من الامور المهمة جدا في هذه الطريقة فقد اكد الشيخ الجيلاني قدس سره ان له اصلا وهذا الاصل جاءت به الاحاديث الشريفة عن النبي محمد صلىاللع عليه وسلم في مبايعته للصحابة الكرام كما ذكرت انفا – لاحظ كتاب فتوح الغيب صفحة 166والعهد لايتم ا لا على يد شيخ معترف له بالمشيخة ومجاز بالتربية الدينية القادرية الصوفية وفي اللقاء الاول يتم مايلي1- يصلي المريد ركعتين نافلة لله تعالى ثم يقرا الفاتحة على روح النبي مجمد صلىالله عليه وسلم ولاخوانه من الانبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم
2- يجلس المريد بين يدي شيخه تجاهه او قبالته واضعا ركبتيه بركبتي الشيخ ويده اليمنى بيده اليمنى ويلقنه الشيخ الاستغفاروالعهد ( استغفر الله العظيم الذي لااله الا هو الحي القيوم واتوب اليه واشهد الله وملائكته ورسله وانبيائه باني تائب لله منيب اليه وان الطاعة تجمعنا وان المعصية تفرقنا وان العهد عهد الله ورسوله وان اليد يد شيخنا واستاذنا الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره وعلى ذلك اني احل الحلال واعمل به واحرم الحرام واتجنبه والا زم الذكر والطاعة بقدر الاستطاعة ورضيت بحضرة شيخنا عبد القادر اللجيلاني شيخا لي وطريقته طريقة لي والله على ما اقول وكيل)ثم يلقنه الذكر وهو كلمةالتوحيد – لا اله الا الله – ثلاث مرات وهو مغمض العينين ثم يرددها الشيخ في سره ثلاث مرات ثم يقول – ياواحد ياماجد انفحنا بنفحة منك – ثلاث مرات سرا ثم يقرا الاية الكريمة-( ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهدعليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما )- سورة الفتح الاية 10- ثم يسمع الشيخ كلمةالبتوحيد من المريد ثلاث مرات – لا اله الا الله - لاحظ او راجع الفيوضات الربانية صفحة 30 وكتاب اذكار الاذكار وكتاب المبايعات القادرية المخطوطين في مكتبة الاثار العامة ببغداد3- الوصايا وهي جملةامور يوصي بها الشيخ مريده طالبا منه اتباعها وتنفيذها والعمل بها وقد اوردت اغلبها في اداب المريد مع شيخه لاحقا 4- القبول والمبايعة وهو قبول الشيخ مريده هذا العهد وتكون بالصيغة التاليةانا قبلتك ولدا وبايعتك على هذا المنوال- ويده متشابكة مع ايدي مريده ثم يردد المريد ذلك ويقبل بان شيخه والدا له وانا قبلت انك والدا لي وبايعت على هذا المنواللاحظ المصدر السابق5- الدعاء وهو الدعاء الذي يدعوا به الشيخ بحضور المريد وامامه وهو يسمعه بكل جوارحه يكون هذا الدعاء بصورتين الاولى الدعاء العام -( اللهم اجعلنا مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلما لاؤولياءك واعداءا لاءعداك نحب بحبك من يحبك ونعادي من خالفك اللهم هذا الدعاء منا وعليك الاجابة وهذا الجهد وعليك التكلان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) - لاحظ الفيوضات الربانية صفحة 31اما الدعاء الثاني فيكون خاصا بالمريد وصيغته كما يلي –( اللهم كن به برا رحيما جوادا كريما اللهم دله بك اليك اللهم مده منه اللهم افتح عليه بفتوح الانبياء والاولياء لجودك ورحمتك وكرمك يا ارحم الراحمين وصلىالله هلي سيدنا محمد وعلى جميع الانبياء والمرسلين وعلى الهم وصحبهم اجمعين امين )-6- الكاءس وهواناء او قدح ياءخذه اليخ بيده وفيه ماء اوشراب بارد وطعم طيب حلو المذاق ويقرا عليه الاية

-( سلام قولا من رب رحيم )سورة يس الاية\58 (وننزل من القران ما فيه شفاء ورحمة للمؤمنين )– ثم سورة الفاتحة وسورة الاخلاص ثلاث مرات ثم يناول الكاءس الى المريد ليشربه وبشربه هذا الكاس يكون قد اصبح مريدا وانتسب للطريقةالقادرية هذه هي المرحلة الاولى من الانتساب اما المرحلة الثانية فهي المرحلة الطويلة والتي تمتد ربما لسنوات طوال تبدء المرحلة الثانية بانتهاء المرحلة الاولى بعد التلقين واخذ العهد والميثاق وشرب الكاءس وفي هذه المرحلة الطويلة يتلقى المريد دروسا في علم الحقيقة عن شيخه ويتاءدب بادابه ممتثلا لاءوامره منتهيات عن نواهيه اخذا نفسه بالمجاهدة والرياضة الصوفية تحت اشراف شيخه ومستمرا لى هذا المنوال حتى يفتح الله تعالى عليه فتوح الانبياء والاولياء- راجع الغنية ج2 صفحة 166 وما بعدها وحين تتم ساعة الانفصال بين المريد وشيخه والذي يتم فيه منح المريد الذي اقتنع به شيخه انه اصبح مؤهلا واستوفى كل الامور فيقوم الشيخ بمنح المريد اجازة المشيخة وتكون هذه الاجازة اجازة خطية محررة تحريرا تشهد له ببلوغ المراد وانه اصبح شبخا من شيوخ الطريقة عالما بعلم الحقيقة عملا بها في تربية المريدين والاجازة هذه تكون موقعة ومختومة من قبل المجيز وهو الشيخ ذاكرا فيها انه الشيخ الفلاني قام بتلقين المريد كلمة التوحيد كما تلقاها هذا الشيخ بالسند عن شيخه وشيخه عن شيخه بالاسماء متواتر ة بذكر سلسلة الشيوخ حتى تصل الى صاحب الطريقة ومنشئها الاول قدس سره ومنه الى اساتذته فيها حتى تصل الى الشيخ الحسن البصري ثم الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه عن النبي الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم عن جبريل علبيه السلام ثم تختم الاجازة بهذا الدعا ء ( اللهم بجاه اصحاب هذه الشجرة المباركة متعنا بالنظر الى وجهك

الكريم في الاخرة بعد حسن الختام في هذه الدار والسلام )وبهذا يصبح المريد شيخا له اتباع ومريدون وله حق اجازة الغير اذا راه مستوفيا والله الموفق راجع النفحات الناصرية في الطريقة القادرية للشيخ محمد الناصري المالكي القادري و لاحظ الاجازة المخطوطة سنة 1924 في المكتبة القادرية ببغداد
----------------------------------------------------











الفصل الرابع


الاداب في الطريقة القادرية وضع الشبخ عبد القادر الجيلاني قدس سره لمريديه واتباعه وسالكي طريقته ادابا في جميع تصرفاتهم واحوالهم واعتبر الطريق الصوفي كله ادبا ورسم لهم هذ الطريق مستقيما فالمتصوف له ادب مع ربه وادب مع شيخه وادب مع نفسه وادب مع اخوانه المتصوفين وا دب مع سائرالخلق وجعل ادب الصوفي في مراقبة نفسه وملاحظتها ومراقبة قلبه وحفظ احواله ورعايته لاداب الطريق والاداب العامة وفي كل اموره وفي مدار الاجتماع مع شيخ عارف ماذونله بالاذن والانقياد لاءمره والتسليم له والقيام بوالجبات خدمته والتفاني في حبه الاخلاص له وجعل ادب المريد مع ربه التزامه الشديد بالشريعة السمحاء في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بحرفية الكتاب والسنة للمزيد من الافادة اوجز هذه الااب ملخصة مماذكره صاحب هذه الطريقة في كتابه الغنية لطالبي طرق الحق عز وجل مستعينا بكتبه الاخرى وببعض المصادر ------------------------------------------------------------------


اداب المريد مع ربه------------------------ الادب جوهرة تكمن في حسن المعاملة مع الله تعالى سرا وعلانية في الصدق في القول والفعل مبني على معاملة القلب وحفظ السر وتوجز اداب المريد مع الحق تعالي بما يلي 01- مراقبة المريد لنفسه وقلبه سرا وعلانية في كل الاموروالاحوال والتصرف بوقار تام وان يتجنب في حضرة الله تعالى - اي اثناء تادية الفرائض او النوافل مثلا فوفي غيرها من تصرف المريد خلال اليوم - مايتجنبه في حضرة الاخرين فاكثر 2- التوكل علىالله تعالى في جميع الامور والاعتماد عليه فيها والفرار في جميع الشدائد والنوائب والحاجات اليه تعالى والعمل لوجهه الكريم3- جعل عبادته وعمله خالصا لله تعالى ولا يطلب علبها مقاما ولا حالا من الحضرة الالهية 4- على المريد ان يتفحص اعضاءه الظاهرة والباطنة في كل حين لمعرفة ان كانت موافقة لحدود الله تعالى وملازمة لها بعيدا عن الغفلة 5- لايستعيذ بالله من شيء بل يستعيذ من شر ذلك الشيء في الفعل او الامر كاءن يقول استعذ بالله من شر الشيطان الرجيم 6- اعتماد الاستغفار وترديد - استغفر الله العظيم واتوب اليه كثيرا لاءن كثرت الاستغفار مجلبة للرزق ويستحسن ان يقول المريد اذا ذكر ذنبه - ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفرلنا وترحمنا لنكونن من الخاسريناو يردد الايةالشريفة – لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين –7- المريد الصالح من تجرد مع ربه عن العزة ةالغنى والتحقق بالذلة والفقر والخضوع لله تعالى ولا يساءل ربه تعالى شيئا الا مع التفويض ورد العلم والقوة اليه في ذلك وحده 8- من واجبات المريد الاهتمام بقيام الليل 9- على المريد ان يتلو القران الكريم ويكقر منها مع التدبر والخشوع واذا اراد ان يتكلم مع شخص اخر وهو في حال التلاوة ان يستاءن من ربه تعالى لااءنه في حضرته اثاء التلاوة والاذن يكون بالقلب لا باللسان وتعظيم حرمته 10- الالتزام التام بمحبة الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم وال بيته الاطهار واصحابه الاخيار والسلف الصالح وان يكون حب الرسول الكريم احب اليه من ماله وعرضه ونفسه 11- يجب علىالمريد هجر اصحاب المعاصي والذنوب والكذابين والمنافقين بامر من الله تعالى 12 - تعظيم حرمة الوالدين فانه حق للله تعالى عليه13- الببعد كل البعد عن الحسد والغيبة وكل مانهى الشرع عنه واذا صدرت من المريد غيبة لاءحد بدون قصد فعليه الاستغفار واظهار التدم وتلاوة سورةالفاتحة والاخلاص والمعوذتين واهداء اجر التلاوة الى من اغتابه 14- تعليق الامل المراد والطلب والرجاء بالله تعالى ورفع الحوائج اليه ويفوض امره اليه تعالى متوسلا برسوله الكريم وباشياخه في كل اموره مع مريديه 15- عدم اللانشغال بامور الدنيا وتدبيرها انما يؤثر الاخرة عليها ويدع ما وراءذلك لله تعالى16- لايمنع سائلا بخلا اوشحة ويترك الامر لله تعالى 17- عليه الرضا بكل ما تقدم اليه من زاد او طعام لاءنه رزق ساقه الله تعالىاليه فيحمده عليه وان يغض النظر عن فضوله فمن زادت نظراته كثرت حسراته يوم القيامة18- المريد الصادق مع الله تعالالى لايشكو ربه الىالخلق في بلوه بل عليه الامساك وترك الامر وتفويضه الى الله تعالى ولا يستنعين الا بالله تعالى فمن استعان بغير الله ذل 19- التحلي بالرحمة والمودة مع اخوانه المسلمين وكافة الخلائق فمن لا يرحم الخلق لايرحمه الله والتساح مع الاخرين اذا ما اذنبوا بحقه مع التسليم بالامر الى الله تعالى –20- شكرالنعمة على ان يكون ذلك الشكر امتثالا لاامرالله تعالى - ان اشكرلي الي المصير – ولا يكون ذلك الشكر لطلب المزيد من النعم فالامر الى الله تعالى


------------------------------------------

اداب المريد مع نفسه
--------------------------
وضع الشيخ عبد القاددر الجيلاني قدس سره شروطا وضوابط لتعامل المريد او المنتسب لطريقته حديثا في اداب هذا المريد مع نفسه وطيفية التعامل معها واوجز هذه الاداب بما يلي –
1- التزام الصدق ليصح له بناء نفسيته على اصل صحيح وتكون بداياته صحيحة و واعتقاده بينه وبين ربه تعالى صحيحا بعيدا عن الشبهة والظنون والضلال والبدع
2- العمل على اخراج كل امور الدنيا من قلبه واولها المال وقد قيل ان المال سمي مالا ل لاءنه يميل بصاحبه عن الحق في اغلب الاحيان
3- ملازمة موضع ومكان ارادته وهو شيخه ولايبتعد عنه ا لا بعد بلوغ المرام وحصول ا ا لمراد
4- اقامة الفرائض والسنن وما زاد عنها بعمله باذن من شيخه وبهذا يخلي المريد
خاطره ويعالج نفسه بتخليصها من الغفلة
5- لاينبغي للمريد ان يستاءنس بما يلقىاليه في سره فان استشير في ذلك توقف في
سلوكه والنظر اليها بانها نعم ومنن من الله تستوجب الشكر والخشوع لله تعالى
6- الالتزام التام بشيخه واذا لم يجد من يتاءدب به في منطقته عليه السفر الى منطقة اخرى والتاءدب على يد شيخ عارف منصوب في وقته للارشاد ويقيم عنده وياءتمر باوامره ويسلك سلوكه
7- الالتزام بالتوبة النصوح الىالله تعالى من كل زلة والاجتهاد بعلاجها بارضاء اصحاب الحقوق عليه والتوبة الخالصة وتجديدها كلما وقه في غفلة او زلة
8- اعتبار قلوب المشايخ له ومحبتهم شاهد صدق على سعادة قلبه وقبوله
9- على المريد ان يحفظ السر من كل واحد الا من شيخه فعليه اطلاعه عليه والبوح بكل صغيرة وكبيرة وقعت له ويستسلم لحكمه ونصيحته له
10- البعد عن الغرور في الدنيا ولايجعل له قدرا او قيمة فيها وان يلتزم التواضع في كله
11- الابتعاد عن مصاحبة النساء الاجنبيات او مجالستهن او النظراليهن خوف الفتنة والوقوع في المحذور ا
12- الالتزام بالايثار مع جميع اخوانه ومفاضلتهم على نفسه وان كانت به خصاصة و و التواضع لهم
13- تجنب الحسد والابتعاد عنه فان الحسد ياءكل الحسنات كما تاءكل النار الحطب
كما بين ذلك الحبيب المصطفى صلىالله عليه وسلم
14- اعانةالضعيف والمحتاج والمسكين علىالبر والتقوى ابتغاء وجه لله تعالى
15- حفظ العهود المواثيق مع الله تعالى فان نقض العهد في طريق الاراة كالردة عن ا
الدين وان يقصد بالعمل الصالح المقاصد المحمودة في كل الامور الدنيوية ويبتغي فيها
وجه الله تعالى
16- الالتزام بدوام الوضوء والطهارة والنظافة واتباع السنة النبوية في ذلك والصلاة ر
ركعتين بعد كل وضوء اقتداء بهدي الحبيب المصطفى صلىالله عليه وسلم
17- الاقتداءبما هو اهل للقدوة ومراقبةالله تعالى في كل احواله واموره ويجعله امام
عينيه لاءنه تعالى يراك وان لم تره 0 وان يكون يقضا لما يرد على خاطره من
خواطر وعلى قلبه من موارد فان كان الورد يخالف الشرع اعرض عنه ونفاه عن
ذاكرته ونفسه وقلبه
18- العلم التام و الالتزام الاكيد بالعرفان بان هذا الامر – سلوكه الطريقة – وبناءه
جاء على حفظ اداب الشريعة وعدم التفريط بشعيرة من شعائرها سواء وردت في
الكتاب اوالسنة
19- صون اليد والنفس عن مدهما الى الحرام والشبهة وحفظ الحواس من المحذورات وعد الانفاس مع الله تعالى عن الغفلات
20- دوام المجاهدة وترك الشهوات فان اقبح خصال المريد الرجوع الى شهوة
21- الحذر الشديد من ابناء الدنيا وصحبتهم ( ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا
واتبع هواه وكان امره فرطا ) سورة الكهف الاية
-----------------------------------








اداب المريد مع شيخه
---------------------------
ان غاية المريد هو الاجتماع يشيخ عارف يربيه ويرشده الى الطريق القويم ا ل الى الله تعالى ويحذره من افات الدنيا وهوى النفس وغواية الشيطان وان يكون له
ايمان وتصديق واعتقاد ان ليس في تلك الديار اولى منه فالشيخ استاذه وياءخذه عنه طريقته درجة درجة ومقاما مقاما وياخذ عنه كل مراده واماله لذا وجب اختياره قبل الشروع في اخذ الطريقة عنه في حالة وجود اكثر من واحد في نفس المكان وان كان هذا نادرا
ونوجز اداب المريد هذا مع شيخه بما يلي \
1- الانقياد التام بما ياءمره شيخه من التاءديب والالتزام التام بخدمة شيخه خدمة صادقة وحبته محبة خالصة كاملة صحيحة في حب الله تعالى وان تكون بينهما رابطة قوية مبنية على الحب الصادق وقد قيل – من اشتغل بمحبة شيخه ترقىا الى محبه الله تعالى
2- التسليم لاءمرالشيخ والطاعةلقوله وتجنبي نهيه من غير استفهام فان مخالفة الشيخ موجبة للطرد من سلوك الطريقة وكذلك لاينبغي له ان يحتج الى طلب الرخصة او يرجع الى شيء تركه لله تعالى فانه من الكبائر وفسخ الارادة عند اهل الطريقة
3- يجب على المريد توقير شيخه واجلاله واحترامه ولايعلوصوته عليه ولا يسابقه في الحديث
4- لايجوز للمريد التكلم او التحدث في الطريقة او التربية الصوفية ولافي علوم الطريقة الا باذن من شيخه في لايجوز للمريد التكلم او التحدث في الطريقة او التربية الصوفية ولافي علوم الطريقة الا باذن من شيخه في حضرته او في غيبته وان يحفظ حرمته
5- لايجوز للمريد ان يعتقد في شيخه العصمة اذ ان العصمة من الله تعالى للانبياء
وله ان يلتمس في ذلك عدة ابواب من الصحة والصواب لشيخه
6- يجب على المريد ان يحب من احبه شيخه ويصله ويتودد اليه وان يكره ويبغض
من ابغضه شبخه ويقاطعه
7- على المريد ان لايطيل النظر الى شيخه او يكثر منه
8- يجب على المريد ان لايخفي عن شيخه سرا وزعليه البوح بكل ماعنده اليه وكل ما
يجيش في صدره كمن خواطر ومفاهيم واسئلة
9- على المريد ان لايدخل على شيخه الا بعد اخذ الاذن منه ولا يدخل في شيء من
الاسباب او العبادات غير الفرائض والسنن الا بعد امر من شيخه
10- اذا جلس المريد في مجلس شيخه فعليه ان يدخل عليه بادب واحترام وينظر اليه بوقار ثم الانتباه لكل مايقوله شيخه ويلتفت الى ارشاده وتعليماته حاضر القلب معه بلا شطح اوغفلة
11- مما يرقي المريد في طريق السالكين اعتقاده في شيخه انه اكمل اهل زمانه في الارشاد والتربية الصوفية وانه لايوجد اكمل منه في منطقته او احد
اولى به منه بالتربية

-----------------------------------
اداب الشيخ مع المريد
----------------------
وضع الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره شروطا وضوابط للشيخوواجبات في تاءديب اللمريد مثلما وضع ادابا للمريد مع شيخه حيث ان هذا الشيخ هو الجامع لكل الامور ولكل مايحتاجه المريد في تربيته وسلوكه وكشفه وشهوده الى ان يوصله شيخه الى مقام الاحسان فيصبح اهلا للمشيخة فالشيخ الكامل هو العالم باصول الدين وقواعد الشرع واداب الطريق والعامل في كل محمود ذو فراسة يرى بنور الله تعالى الهاما وتعليما مايناسب كل مريد وكل ما يتوافق مع طبع كل بشر حيث لاتثمر العلاقة بين اللشيخ ومريده الا اذا كان الشيخ ناطقا بالله تعالى ناظرا بنور الله تعالى لما يودع في قلبه من الهام وما يرد عليه
من وارد0 مراعيا للحدود موفيا بالعهود يحب لله ويكره لله امرا بالمعروف وناهيا عن المنكر قوي الايمان حجة لله على خلقه قد جلله الله تعالى بالهيبة والوقار اذا راءيته اول امرك هبته واذا خالطته احببته واذا لازمته صافيته وسرت منه اليك امداد الرعاية واشرقت فيك منه انوار الهداية واوجز هذه الامور بمايلي \
1- قبول المريد يتم لله تعالى لا لنفسه ويعاشره معاشرة الاباء للابناء يحكم له النصيحة ويحدجه ويرمقه بعين الشفقة والرحمة ويربيه كولده فياءخذه بالاسهل ثم الاشد بحيث لايحمله ما لا طاقة له به تيمنا بقوله تعالى ( لايكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطاءنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته علىالذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) اخر اية في سورة البقرة
2- على الشيخ حفظ سر المريدين من طلابه ووعظهم في الامور الشرعية ومحاسبة من اخل منهم بامورالشرع اوتقاعس عن أي جزء منها مهما صغرت
3- على الشيخ ان لايثقل على المريد بحال من الاحوال ولا ينتفع بماله ولا بخدمته فان الخير كل الخير بالمريد الذي وهبه الله تعالى لشيخه قدرا محضا 0
4- على الشيخ الذي غلبت عليه الامور المبعده للمشيخه ان يعزل نفسه وينفرد عن المرد ين ويطلب لنفسه شيخا يؤدبه ويقومه

---------------------------------------



اداب المريد مع اخوانه والاخرين
--------------------------------------------
1- حسن المعاملة والصحبة بالايثار والفتوة وتوقيرالكبير والمحبة والعطف على الصغير وان لايرى لنفسه على احد حقا وان لا يقصر في حقوقهم شيئا
2- يحفظ قلوب اخوانه بتجنبه فعل ما يكرهون ويسدي لهم اللنصح والارشاد
3- عدم التحدث بما ناله من مقام او درجة بقصد العجب والزهو او الفخر
4- يلتزم المريد بحفظ اسرار اخوانه المريدين والاخرين
5- ان يكون عزيز النفس لاتنظر نفسه الى مال غيره واخراج نفس الغنى من قلبه
6- العمل على تقديم المساعدة والمعونة او اليد البيضاء للناس ولار يجعل الفقراء يحتاجون اليه ويساءلونه الحاجة بل يبادر باعطائها اليهم والتعجيل في الاعطاء
7- الصبر على الاذى وتحمله وملاقات الناس بوجه طلق حسن مستبشر
8- ان كان المريد فقيرا فعليه ان يحافظ على فقره محافظة الغني على غناه ولا يطلب المزيد فان المال هبة من الله تعالى يهبها لمن يشاء فاذا نقص ماله فعليه بالتوجه الىالله تعالى بالاستغفار بلا سخط ولايشكو الى احد لاءن الشكوى تحبط الورع
9- عليه ان لايفكر في المستقبل ويحمل هم غده يرضى بحكم يومه وحاله
10- الاستعداد للموت والتهيؤ له بطيب نفس والصير والرضا والعقل
11- ان يرى الخلق كالوكلاء والانداد والمتصرف فيهم والمفعول فيهم فلا يتخذهم اربابا من دون الله تعالى
12- ان احد استعار ه حاجة لايستردها منه ما امكنه لاءن من استعار الحاجة محتاج اليها ومن واجباته مساعة المحتاجين
13- اذا المت به مصيبة او الم اوفقر عليه بستر الحال
14- معاشر ة الناس كل بقدره ومن حيث هو وينبغي معاشرة من دونه بالشفقة عليه ومن فوقه بالاجلال ومن امثاله بالايثار والتفضيل والاحسان
15- الالتزام باداب الطعام واداب الطريق واداب السفر – وجميعها مثبته في كتابي تذكرة الشقيق في معرفة ادا ب الطريق
16- لاينبغي رفع الصوت بالنشيج او بالقراءة الجهرية بحيث تؤثر سلبا على السامع وان يبتغي بين ذلك سبيلا
17- التحلي بالامانة والصدق في القول والعمل يحب لاءخوانه مايحب لنفسه جاعلا مصالحهم فوق مصلحته متغاضيا عن هفواتهم
18- اظهار المحبة والطاعة لاءخوانه المريدين في حب الله تعالى وتحمل الاذى منهم ومواساتهم بما يقدر عليه ان اصابهم مكروه
19- السعي في خدمة الاخرين بجد ونشاط بالمال والفعل والتوجه الى الله تعالى بالدعاء لهم
20- عدم صحبة الاعداء ومن يبغضهم المريدون او من يبغض المريدين
21- المريد الصادق عليه ذكر محاسن اخوانه واللتغاضي عن مساوئهم فمن عرض نفسه للقيل والقال ليس من اصحاب اللطريقة
22- الحذر الشديد من تمييز نفسه عن غيره من المريدين بشيء مالم يكن ميزه شيخه به
23- مناداة اصحابه والاخرين باحب الاسماء والالقاب اليهم
24- المحافظة الشديدة على الوقت وعلى الاجتماع مع اخوانه ولا يتعود التاخر او التخلف عن المجالس او جفوة اخوانه اذ ان جفوة اللاخوان علة في القلب وضعف للاخوة وتخلخل في العقيدة الصوفية وادبار عن طريق الحق تعالى0
-------------------------------------




















الفصل الخامس

اسس الطريقة القادرية

الصالحون من المؤمنين من صفاتهم السير في طريقالوصول الى الله تعالى
ومن اجل ذلك ارسل الله تعالى المرسلين والانبياء ليعلموا الناس ماجهلوه او نسوه خلال سيرهم في هذه السبل ويفقهونهم مارسلوا من اجله وتولى من بعدهم العلماء والاولياء لاءنهم ورثتهم ورثوا عنهم العلم والايمان والسيرفيه وارتقاؤه لدفع الانسانية الى المستوى المفروض والمطلوب منها والمخلوقة لاءجله ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون ) سورة الذاريات الاية 56ويتذوقون نعيم القرب من الله تعالى في الاخرة
الطريق الى الله تعالى واحدة وان تعددت المناهج المناهج واختلفت الاراء وتنوعت اساليب الاتباع والسير ومراتب السلوك تبعا للاجتهاد او الزمن او المكان او الاهواء
والطريقة القادرية احدى هذه الطرق تهد ف الى الوصول الى الحق تعالى وقد اسست على سبع خصال اثبتها الشيخ عبد القادرالجيلاني قدس سره وجعلها الاسس الثابته لطريقته وهذه الاسس استمدها الشيخ من القران الكريم والسنة النبوية الشريفة والزم سالكي طريقته التمسك بها والتثبت عليها لمن اراد الوصول في طريق الحق الى منتهاه علىان يجعلوا قدوتهم ورائدهم في ذلك سيد الوجود وامام اللمتقين سيد نا وحبيبنا محمد صلىالله عليه وسلم ايمانا بالاية الكريمة ( قل ان كنتم تحبون الله فالتبعوني يحببكم الله وبغفر لكم ذنوبكم)
سورة ال عمران الاية\ 31 وماذا يريد المحب من الحبيب غير محبته والقرب منه فمحبة الله تعالى لعباده قمة المنتهى وشاءفةالمبتغى وامل العارفين بالله تعالى وحد وصولهم ولا اريد الاطالة اكثر فاوجز هذه الخصال السبع بما يلي \


---------------


المجاهدة

خلق الله تعالى النفس الانسانية وغرس فيها انفعالاتها واختلاجاتها وحركاتها وسكناتها والهمها طريقها في الحياة الدنيا( ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها) سورة الشمس الاية\ 5 ومجاهدة النفس ردها عن هواها 0( ونهى النفس عن الهوى فانالجنة هي الماءوى ) الايتان \40 و41 لاءن النفس افتها في هواها فهى تستحلي المدح والثناء والذكر الحسن لذا يستولي عليها في بعض الاحيان النفاق في الاطراء والرياء في الكلام وتتم المجاهدة في محاسبتها وماقبتها وهذا الامر يتم في جعل نفس المرء في مراءة صافية يرىكل ما تهمل اوتفعل او تنوي العمل به وما يعتلج فيها حتى يصل بها الى درجة الكمال وهو مقام الاحسان لدى الصوفية وهو اعلى المقامات وارقاها منزلة عندهم والذي يقول الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم فيه – الاحسان ان تعبد الله كاءنك تراه فان لم تراه فانه يراك - فاذا وصل العيد الى هذا المقام وذكر ان الله تعالى يراه في كل عمل افعل اوامر يفعله وكل حالة فيها والتزم بهذا التفكير رد نفسه عن هواها وابتعد - لامحالة - عن كل عمل لايرضاه الرب وتجنبه خشية المرقبة مراقبةالله تعالى اليه فيتم بذلك كبح جماح النفس عن هواها ومجاهدتها عن مبتغاها ان لزمت طريقا غيرطريق الحق تعالى وبذلك يتم لزوم طريق الحق والاحسان ومراعاة القلب وحفظ النفس فيعلم ان الله قريب منه رقيب عليه ( يعلم خائنة الاعين وما تخفي القلوب )
يعلم احواله وافعاله ويتم ذلك بمعرفةالله تعالى اولا فهو يلزم العبد قلبه قربه عز وجل وقيامه عليه وقدرته وشهادته وعلمه به وانه رقيب حفيظ واحد ماجد فرد صمد لاشريك له هذا اولا وثانيا يكون بمعرفة عدو الله تعالى وهوابليس او الشيطان وهو اساس كل عمل ضار ويدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير حيث ان الله تعالى غضب عليه وجعله اساس كل معصية وسبب كل فتنة وكل مالا يرضاه الله تعالى في الجنوح عن الطريق المستقيم فهو شماعة تعلق عليه كل عمل ضار وغيرنافع وكل مايرغب النفس في هواها وزعزعتها عن سلوك طريق الحق تعالى
واما الامرالثالث فهو معرفةالنفس وطباعها ودواخلها ووضعها حيث وضعها الله تعالىووصفها بما وصفها الى ان تذل وتعود من حيث بدت ويقوى عليها أي تعود الى رشدها وتسلك السلوك القويم
وللنفس الانسانية مراتب عديدة اختلف العلماء في تعدادها واصطلاحا ووفقا لاءهوائهم ومعارفهم وتسمت تبعا للطرق الصوفية ففي الطريقةالقادرية جعلت مراتب النفس ثلاث اللوامة و الملهمة والمطمئنة وفي غيرها من جعلها خمسا او سبعا اوربما اقل اواكثر وذلك بادخال كل مرتبة في قريبتها او القريبة الشبه اليها 0
لاءهمية هذا الموضوع في التربيةالنفسية الدينية والخلقية وما يعتريها ويخالجها والكشف
والصوفيةخاصة ساءقدم هذا البحث عن هذه النفوس ومراتبها وادوائها في الفصل القادم انشاء الله تعالى\ راجع المنار الهادي للشيخ الدكتور عبد الحليم محمود





التو كل

التوكل اساسه القران الكريم( ومن توكل على الله فهو حسبه ) سورة الطلاق اية 30 ( وعلى الله توكلوا ان كنتم مؤمنين ) سورة المائدة اية 23
وحقيقة التوكل تفويض الامر كله لله تعالى والاصطفاء من ظلمات الاختيار والتدبير والترقي الى ساحات شهود الاحكام والتقدير ورضى العيد بماقسم الله تعالى له فيما قسمه الله تعالى له لايفوته ومالم يقسم له لايناله مهما اوتي من قوة وحسن تدبير وقيل ان التوكل ثلاث درجات
الاولى السكون الى وعد الله تعالى وهو البداية وصفة العوام واول المقام فيه يكون العبد بين يدي الله تعالى كالميت بين يدي الغاسل وقيل هذا التوكل يسمى الاسترسال
والثانية هي التسليم او الاكتفاء بعلمه وهو من الامور اوسطها وقيل انه هو صفة الاولياء
والثالثة فهي التفويض وهو الرضا بحكم الله تعالى وتفويض الامر اليه كله فهو نهاية التوكل واعلى درجة من درجاته وهذا التوكل صفته خاص الخاص من العارفين
والتوكل هو انقطاع الطمع اما الكسب فلا يتنافى مع التوكل لاءن محل التوكل القلب وهو مكان تحقيق الايمان فمن انكر الكسب فقد خالف السنة ولا خلاف بين الشريعة والحقيقة انما الحقيقة من انوار الشريعة ونابعة منها
فاعمال الانسان ان تعسرت فباءرادة الله تعالى وتقديره( قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا) وان تيسرت فبتيسيره عز وجل فلا تكون جوارح المؤمن متحركة بالسبب بامر الله تعالى وباطنه ساكن لوعده تعالى0 ( وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له وان يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ) سورة يونس الاية 107
0( ولله غيب السموات والارض واليه يرجع الامر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون) سور ة هود الاية الاخيرة

--------------------------------------------------------------



حسن الخلق

الاصل في حسن الخلق قول الله تعالى لرسوله الكريم صلىالله عليه وسلم ( انك لعلى خلق عظيم ) سورة القلم اية- 4 وقول الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم عن انس بن مالك رضى الله عنهما ( قيل يارسول الله أي المؤمنين افضل ايمانا قال احسنهم اخلاقا ) رواه ابن ماجة والحاكم وقوله صلىالله عليه وسلم يخاطب اصحابه ( انكم لن تسعوا الناس باموالكم فسعوهم ببسط الوجه وحسن الخلق )
وحسن الخلق من افضل مناقب المرء وتظهر فيه ما ستر عنه وعلامة حسن الخلق كف الاذى عن الاخرين وحسن الخلق مع الله تعالى في تاءدية اوامره وترك نواهيه واطالعته في كل الاحوال وان حسن الخلق ليتجلى في قبول مايرد على المرء من جفاء الخلق وتحمله وقضاء حق الاخرين بلا ضجر ولا خلق مع الاحسان وحسن الخلق لاياءتي الابعد تزكية النفس وارتقائها الى افضل درجاته
جاء عن رسول الله صلىالله عليه وسلم ( مكارم الاخلاق عشرة تكون في الرجل ولا تكون في ابنه وتكون في الابن ولا تكون فيس ابيه وتكون في العبد ولا تكون بسيده يقسمها الله تعالى لمن اراد به السعادة صدق الحديث وصبر في الناس وان لا يشبع و جاره وصاحبه جائعان واعطاءالسائل والمكافاءة بالضائع وحفظ الامانه وصلةالرحم والتذمم للصاحب واقراء الضيف واسهن الحياء ) الحديث مروي عن عائشة رضي الله عنها
وعن ابي الدرداء قال سمعت رسشول الله صلىالله عليه وسلم يقول( ما من شيء يوضع في الميزان اثقل من حسن الخلق وصاحب حسن الخلق ليبلغ درجة صاحب الصوم والصلاة )
ويتميز الصوفي باخلاقه الحسنة وعلى راءسها التوضع فهو راس الخلق وعلا مات التواضع تبصيرالنفس بمعرفة عيوبها وتعظيم الناس حرمة التوحيد وقبول الحق وقبول النصيحة و صفةالتواضع رعايةالاعتدال بين الكبر والضعف والداراة واحتمال الاذى والايثار والمواساة والشفقة والرحمةوالعفو ومقابلة السيئة بالحسنة والبشر بطلاقة الوجه وسهولة ولين الجانب والنزول مع الناس الى اخلاقهم وطباعهم بما يرضي الله تعالى ورسوله وترك التكليف والانفاق من غيرايثار وترك الادخار والقناعة باليسير وترك المراد والمجادلة والغضب واعتماد الرفق والحلم والتودد والتالف المخالفة


--------------------------------------------------------------
الشكر

اصل الشكر قول الله تعالى0( ولاءن شكرتم لاءزيدنكم ) سورة ابراهيم اية 7
وقوله تعالى ( ان اشكرلي ولوالديك الي المصير) سورة لقمان الاية 14 وفي القران الكريم ايات كثيرة في الشكر والحث عليه
وروي عن عطاء رحمه الله تعالى انه قال ( دخلت على عائشة فقلت اخبرينا باعجب ما راءيت من رسول الله صلىالله عليه وسلم فبكت وقالت واي شيء من شاءنه لم يكن عجبا انه اتاني في ليلة فدخل في فراشي اوقالت في لحافي حتى مس جلدي جلده ثم قال يابنت ابي بكر ذريني اتعبد لربي قالت قلت اني احبقربك ولكني اوثر هواك فاذنت له صلىالله عليه وسشلم فقام الى قربة ماء فتوضأ واكثر صب الماء ثم قام فصلى فبكي حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكي ثم سجد فبكى ثم رفع راسه فبكى فلم يزل صلىالله عليه وسلم كذلك حتى جاء بلال فاخبره بالصلاه فقلت يارسول الله مايبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تاءخر قال صلىالله عليه وسلم - افلا اكون عبدا شكورا -)
وقال رسول الله صلىالله عليه وسلم ( من ابتلى فصبر واعطى فشكر وظلم فغفر وظلم فاستغفر قيل فما باله قال اولئك لهم الامن وهم مهتدون ) سورلاة الانعام الاية 82
ومعنىالشكر في اللغة الكشف والظهور ويقال شكر وكشر أي كشف عن ثغره واظهره فنشر النعم ظهورها بذكرها وباطن الشكر الاستعانة بالنعم على الطاعة وحقيقة الشكر ان يرى المقي له غير ما يضره في دينه لاءن الله تعالى لايقضي للعبد شيئا الا وهو نعمة من نعمه في حقه او اليه فاما عاجلة يعرفها ويفهمها واما اجلة بما يقضي له من المكاره ويخففها عليه او يمحها عنه فاما ان تكون درجة له اوتمحيصا او تكفيرا عن ذنب اقترفه فاذا علم ان مولاه انصح له من نفسه واعلم بمصالحه وان كل ما منه نعم فقد شكر0 لاحظ عوارف المعارف للسهروردي صفحة 236
ومن حقيقة الشكر الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخصوص وعلى هذا المعنى وفيه وصف الله تعالى باءنه الشكور فالشكر هو الثناء على المحسن بذكر احسانه فشكرالعبد لربه تعالى ثناؤه عليه بذكر احسانه عليه و له فاحسن العبد طاعة الله تعالى واحسان الله اليه انعامه عليه
واصل اشكر وذاته الاستعانة بالنعم على الطاعة والاعتراف بالنعمة باللسان والقلب والفكر فالله تعالى لايقضي للعبد المؤمن شيئا الا وهو نعمة في حقه تستوجب الشكر وقال الله تعالى_( وقليل من عبادي الشكور )سورة سبا اية\ 13


---------------------------------------


- الصبر

الصبر اصله قول الله تعالى ( اصبروا وصابروا ورابطو ا وتقوا الله لعلك تفلحون ) سورة ال عمران اية الاخيرة ( واصبر وما صبرك الا بالله) سورة النحل اية 127 وقد ذكر الله تعالى الصبروالصابرين في القران الكريم كثيرا نافت على المئة
وكذلك في الحديث الشريف ذكر كثيرا فقد روي عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلىالله عليه وسلم انه قال ( ان الصبر عند الصدمة الاولى) الجامع الصغير ج1 صفحة 139 وروي ان رجلا جاء الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم فقال يارسول الله ذهب مالي وسقم جسمي فقال النبي صلىالله عليه وسلم ( لاخير في عبد لايذهب ماله ولا يسقم جسمه ان الله تعالى اذا احب عبدا ابتلاه واذا ابتلاه صبره)) المغني المجلد الرابع صفحة 320
وقيل الصبر ان تصبر في الصبر أي لا ترجو الفرج( الصابرون في الباءساء والضراء وحين الباءس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون ) سورة البقرة اية 177
فالصبر عرك النفس لتلين فيه وقيل الصبر ثلاثة
الاول - صبر لله تعالى فهو الصبر على اداء الاوامر او الفرائض واجتناب النواهي
والثاني - صبر مكع الله تعالى وهو الصبر على جريان القضاء في سائر البلا يا والشدائد
الثالث - الصبر علىالله تعالى على ماوعد من الرزق والفرح بالنصر والكفاية والثواب في الاخرة
والصبر هو الفناء في البلوى بدون ظهور الشكوى والمقام معها بحسن الحالة والصبر على تحملها بدون جزع لذا جعل الله تعالى احسن الجزاء على العبادة والجزاء على الصبر قال تعالى ( ولنجزين الذين صبروا اجرهم باحسن ما كانوا يعملون ) سورة النحل الاية 96 (0 انما يوفى الصابرون بغير حساب ) سورة الزمر الاية 10
وقد جالء في الاثر ان ابا الحسن بن سالم قال – الصابرون ثلاثة متصبر وصابر وصبار فالمتصضبر من يصبر في الله فمرة يصبر ومرة يجزع والصابر من يصبر في الله
ولله فلا يجزع ولكن يتوقع منه الشكوى وقد تفضي الشكوى الى الجزع فيكون قد وقع فيه
اما الصبار فذاك الذي صبر في الله ولله وبالله فهو لو وقع عليه جميع البلايا واشد الشدائد صبر فلا يجزع ولا يتغير من جهتي الوجود والحقيقة
وروي ايضا ان الامام جعفر الصادق رضي الله عنه انه قال ( امرالله تعالى انبياؤه بالصبر وجعل الحظ الاعلى للرسول محمد صلىالله عليه وسلم حين جعل صبره بالله لا لنفسه فقال- واصبر وما صبرك الا بالله - ) احياء علوم الدين


----------------------------------------------------------






الر ضا

الرضا صنو القناعة والصل الرضا قولب اللع تعالى ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) سورة المائدة اية 119
وقوله تعالى ( ويبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان ) سورة التوبة الاية 21
وقول الرسول الكريم محمد صلىالله عليه وسلم __( ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( ان الله تعالى جعل الروح والفرح في الرضا واليقين وجعل الهم والحزن في الشك والسخط ) وقوله صلىالله عليه وسلم ( اعمل لله باليقين في الرضا فان لم يكن فان في الصير خيرا كثيرا ) وقوله صلىالله عليه وسلم ( خير ما اعطى الرجل الرضا بما قسم الله تعالى له ) فبا الرضا والقناعة يحصل القلب على الانشراح والانفساح فانشراح القلب نوراليقين تيمنا بقوله تعالى ( افمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه ) سورة الزمر اية \22 فاذا نور النور باطن المرء وواخله تسع صدره وانفتحت عين بصيرته لاءن اتساع الصدر يتضمن حلاوة الحب0 وفعل الحبيب بموقع الرضا عن المحب الصادق وذلك ان المحب يرى ان فعل المحبوب مراده واختياره فيطمئن قلبه ويتنور فؤاده بل ويفنى في لذة المحبوب عن اختيار نفسه وبرضاها
وقد اختلف الصوفيون في الرضا حيث اعتبره جماعة منهم من جملة الاحوال - والاحوال جمع حال والحال لدى الصوفية الموهبةالمحضة والاحساس الشعوري الخالص الذي بستلهم النفس فهو كالبرق في السماء يقدح ويزول ويسطع بالانوار ويختفي واصل الحال المحبة والاحساس بالحب وصدقه وبواعثه وما يلحقه من سكرات هذا الحب واحواله فمن صحت محبته تحقق بسائر الاحوال وقد جعل الصوفيون الاحوال في الحب والشوق والانس والقناعة والبقاء والسكر والصحو والمحو والهيبة والخشوع والخضوع والقرب والحياء والقبض والبسط وكل ما يعتمل في دواخل النفس الانسانية و ما قد يعتريها من احوال - اذ اعتبروه نازلة تحل في القلب كسائر الاحوال ثم تحول وتزول وياتي غيرها
ومنهم من المتصوفة من اعتبره من جملة المقامات- والمقامات جمع مقام والمقام هو المكوقع الذي ثبت فيه المرء قبل تحوله الى موقع اخراومقام اخر فالسالك الطريق الى الله تعالى بمثابة من اراد الوصول الى مدينة اخرى اوموضع معين على سبيل المثال فالواسطة التي يستقلها او يستخدمها هي الطريقة والاماكن التي يمر بها او ينزل فيها ليريح نفسه هي المقامات والتي من خلالها يتحول من مقام الى مقام اخر كما يتحول المسافرمن مكان الى اخر
اما الاحوال فهخي مايعتري هذا المسافر خلال سفره من احاسيس ولواعج نفسية كالفرح والحزن والتوتر ويعتر الصوفيون التوبة بداية الانطلاق في الطريق الى الله تعالى واول المقامات واشرفها ويعتبرون الرضا والاحسان على المقامات واقربها في الوصول فمن تاب الله عليه الزمه طريق الحق ومن رضي الله عليه احسن اليه وصل الى مبتغاه وغايته في الوصول والقرب -- ووضعوه في نهابة التوكل ومنهم من جمع بينهما حسبما ذكره الشيخ الجيلاني قدس الله سره في كتابه الغنية حيث يقول ان الجمع بينهما ممكن بان يقال بداية الرضا مكتسبة للعبد وهي من المقامات ونهايته من جملة الاحجوال وهي ليست مكتسبة وفي الجملة او على العموم هو الذي لايعترض على تقدير الله عز وجل 0
وقيل ان الامام علي رضي الله عنه قال _( من جلس على بساط الرضا لم ينله من الله مكروه ابدا ومن جلس على بساط المسائلة لم يرض عن الله في كل حال )
وعن الاما م الحسن بن علي رضي الله عنهماقال ( من اثكل على حسن اختيار الله له لم يتمن انه في الحالة التي اختار الله له ) وهي الة الرضا
والرضا نوعان =
الاول رضا من جانب الله تعالى على عبده وهي مجازاته على طاعته واعلاء ذكره في الدنيا والاخرة
والثاني رضا من جانب العبد وهو الاذعان التام لاءرادة الحق تعالى والتسليم بالقضاء والقدر والقيام باءمره واجتناب نواهيه ايمانا وتصديقا للاية الشريفة ( وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يردك بفضل فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من
عباده وهو الغفور الرحيم ) سورة يونس الاية 107
وبهذا يكون الرضا الالهي سابقا لرضا العبد لاءن من لايرض الله تعالى عنه
لا يوفقه الى طاعته فرضا العبد مرهون برضا الله تعالى عنه ولازم من لوازمه
والرضا يعتبر قلب الحياة الصوفية ومحورها التي تدور عليه او حوله - القطب -
حوله اخلاق المتصوفين حيث ينبع منه التوكل على الله تعالى والزهد في الدنيا وهو الذي يورث السكينة في القلب والاطمئنان الى الحكم الالهي وهو صنو المحبة الالهية بل هو ثمرتها لاءن من شاءن المحب ان يرضى بكل ما فعله المحبوب ويفعله فكمال الرضا
كمال المحبة ومحبة العبد الصالح لله تعالى لاتعدلها محبة 0
------------------------------







الصد ق


اصل الصدق قول الله تعالى ( ياايها الذين امنوا اتقوا الله وكومنوا مع الصادقين) سورة التوبة 119 وقول الرسول الكريم محمد صلىالله عليه وسلم
( لايزال العبد يصد ق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ) لاحظ المغني ج3 صفحة 131
والصدق استواءالسر والعلانية والوفاء لله تعالى بالعمل فهو سيف الله تعالى في ارضه وحبل نجاته المتين
والصادق هو الاسم الثابت من الصدق وسجيته الصدق في اقواله وافعاله وهو الذي لايبالي من كل شيء حتى لوخرج كل قدرله من قلوب الخلق من اجل اصلاح قلبه والصيق اسم المبالغة من الصادق وهو الصادق قولا وعملا بكل اموره مع الله تعالى مع نفسه ومع الاخرين وقد قيل ( اذا طلبت الله بالصدق اعطاك مراة تنظر فيها مل شيء من عجائب الدنيا والاخرة) لاحظ الغنية ج3 صفحة 1368
والصدق عماد الامر وتمامه واساس نظامه وقد قيل انه ثاني درجة النبوة حيث جاء في المصحف الشريف( فاؤلئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء زوالصالحين وحسن اولئك رفيقا ) سورة النساء الاية 69
وقد قيل من اراد ان يكون الله تعالى معه فليلزم الصدق فان الله تعالى مع الصادقين
وسئل فتح الموصلي –وهو فتح بن سعيد الموصلي من اقرا بشرالحافي والسري السقطي ومتتصوف مشهور كثيرالورع مات سنة 220 هجرية – سئل عن الصدق فادخل يده في كانون الحداد واخرج حدييدة وهي تشتعل نارا فوضعها على كفه حتى بردت وقال هذا هو الصدق


---------------------------------
أ‌-






























الفصل السادس

مراتب النفس الانسانية


والنفس الانسانية مراتب عديدة اختلف العلماء في تعدادها اصطلاحا ووفقا لاءهوائهم ومعارفهم وتسمت تبعا للطرق الصوفية ففي الطريقةالقادرية جعلت مراتب النفس ثلاث اللوامة و الملهمة والمطمئنة وفي غيرها من جعلها خمسا او سبعا اوربما اقل اواكثر وذلك بادخال كل مرتبة في قريبتها او القريبة الشبه اليها0
قلت انها في الطريقة القادرية ثلاث انواع فقط بينما في غيرها خمس اوسبع ففي الطريقة القادرية الاولى\النفس اللوامة وتاخذ في غيرها مجرى الامارة واللوامة فتدمج في واحدة
والثانية الملهمة وتستقل في ذاتها في الطريقة القادرية وفي غيرها اما الثالثة فهي في الطريقة القادرية تسمى المطمئنة وفي غيرها تتوزع الى المطمئنة والراضية والمرضية
والكاملة وهذه التسميات نص عليها المصحف الشريف ( يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) سورة الفجر الايات الاربع الاخيرة الاخيرة واما الاخرى فقول الله تعالى
( لااقسم بيوم القيامة ولا اقسم بالنفس اللوامة ) سورة القيامة الايتان الاولى والثانية ولاءهمية هذا الموضوع في التربيةالنفسية الدينية والخلقية وما يعتريها ويخالجها والكشف
عنها عند المسلمين والصوفيةخاصة ساءقدم هذا البحث عن هذه النفوس ومراتبها وادوائها \

ا- النفس الامارة
-------------
سميت بهذا الاسم لاءنها تاءمر صاحبها بالسوء وهي نفس خبيثة باعت اخرتها يشهوة دنياها و من صفاتها البخل والحرص والحسد والحقد والكراهية والجهل والكبر والشهوة والغضب وسوء الخلق والخوض في ما لايعنيها من الكلام وتحمل كل الصفات السيئة وما اتسمت بهذه الخصائص الا لوقوعها في حبائل الشيطان وفي ظلمةالطبيعة فلا تفرق بين الخير والشر وبذا اصبحت واسطة للشيطان ووسيلته في الاغواء واللهاث وراء الرذيلة وهذه النفس هي التي اشاراليها الرسول الكريم محمد صلىالله ليه وسلم بقوله \ (اعدى اعداءك نفسك التي بين جنبيك- )وهذه النفس لم تترك على هواها دون تقديم عون لها ومساعدة فهي مريضة وجب عليها العلاج وتقديمه لها فقدم لها لمن اراد الرجوع الى طريق الحق تعالى فدواؤها اوعلاجها يكمن في هذه الوصفة = تقليل الطعام والشراب والمنام فاذا تم ذلك كسرت شهوة هذه النفس وذلت وخاصة عوزها الى الطعام وقيل ان الله تعالى عندما خلق الخلق ونظراليهم اعترفوا له جميعا بالربوبية والخضوع لسلطانه ا لا النفس اذ قالت انا انا وانت انت0 فادخلها الله سبحانه بحار التعذيب وكلما خرجت من بحر قالت انا انا وانت انت 00 الى ان عذبها بالجوع فذلت واستكانت واعترفت قائلة انت الرب وانا الخاضعة الذليلة لسلطانك وقهرك فاستجابت لربها سبحانه وتعالى
ومن ادوائها ايضا كثرة السهر في طاعةالله تعالى ومداراه الذكر بما ياءمر به شيخ عارف وبالمحافظة على ا داب الشريعة واداب الطريقة وكثرة الصمت الا في ذكرالله تعالى وبهذه المجاهدة يتم كبح اعتى النفوس واشدها ظلما وتمردا فاذا استطاع المريد معالجة نفسه الامارة بالسوء بهذه الادوية يتم نزول المريد اول منازل القرب من الله تعالى واول مرتبة من مراتب السعادة النفسية فيشهد المريد بعين بصيرته شهود الذوق ويعلم انه لامعطي ولامانع ولا محرك ولا مسكن سوى الله تعالى وعلامة هذه المعرفة انك لا ترجو غيره ولا تخاف سواه ولاتكره مخلوقاته ولا تؤذيها راءفةبها وخشيةمنه تعالى فان الله تعالى اخذ بناصية الجميع 0
== ----------------


ب –االنفس اللوامة
--------------------
سميت النفس اللوامة لاءنها توقع صاحبها في الخطأ ثم تلومه عليه وتندم فيصبح موقع ندم ولوم وربما بقي فيها بعض من صفات النفس الامارة لكنها تعرف الحق والباطل وتقر بكليهما ا لا انها لا يزال طبعها البشري يغلب عليها ويجعلها تنتصف او تتااثر بصفات
معينة منها الرياء والغرور والغيبة وحب الرئاسة وحب الشهرة الا انها اعلى منزلة من النفس الامارة وا لا لما كان لهذه النفس اللوامة هذه المنزلة والمكانة الا لما منحها الله تعالى من انوار ملكوته وانا به قلب عبده المؤمن السالك يريه الحسن حسنا والقبح قبحا ويبعثه على التخلص
من مذامه والتحلي بالخلق القويم لذا نجد صاحب هذه النفس في صيام وقيام وصدقة ويجاهد نفسه ولكنها تدخلب اليه العجب والافتخار والرياء وحب الحمد والثناء
ودواء هذه النفس بالمجاهدة في التخلص من الرياء والغرور والانشغال بالحمد والثناء والشكر لله تعالى والاستغاثة به عز وجل للتخلص من ماثمها 0

---------------------------------------------

ج- النفس الملهمة
---------------------------
سميت النفس بالملهمة في هذه الدرجة لاءنها بداءت تلهم الرشد وان الله تعالى الهمها فجورها وتقواها الا انها تقوت على الفجور واصبحت تعرف التفريق بين الحق والباطل وحالة هذه النفس او من صفاتها – الحلم والسخاء والقناعة والتواضع و حب
التوبة والصبر في موضع االبلوى وتحمل الاذى والعفو عن الناس والتواضع لهم وحسن الظن بهم ومن صفاتها \ العشق والبكاء وحب الذكر حقا انها تبكي في ذكرالله تعالى

ويعرف صاحبها ببشاشة الوجه والفرح بالله تعالى وكثرة ذكره والتحدث بالحكم والمعارف والاعراض عن الخلق 0 ومقامه جامع بين الخير والشر فهو اشبه بان يكون في برزخ يجمع بين الصفات الحميدة والصفات الذميمة ويميل الى تغليب الاولى على الاخيرة وعلامات ذلك احساسه في دوالخله انه من اهل الايمان وظاهره التزامه بالشريعة مشغول وكاءنه حديث عهد بذلك
يخاف عليه من الرجوع عن الطريق والعودة الى المعصية فيحرم مناجات ربه وتنكشف بوائق انواره وتافل انوار الحقيقة عنه يرجع الى هوى النفس في المربع الاول منها 0
وعلاج هذه النفس في المتابعة التامة والتمسك الشديد بشيخه ولزوم تعليماته والاغضاء اليه او الاستماع اليه بكل ما يعتلج اويختلج في نفسه فليسرع الشيخ لتخليصه من حالته قبل فوات الاوان وارشاده حتى يطمئن عليه ويرجعه الى رشده0




-----------------------------

د- النفس المطمئنة
---------------------------
وهذه النفس هي التي وصلت الى مقام التمكين واصبحت في ماءمن من العثرات والزلات والخلوص من جميع الافات النفسية والبشرية وامنت المكر والتلبس ووصل صاحبها الى مرتبة من امنهم الله تعالى من الشيطان( ان عبادي ليس لك عليهم سلطان ) سورة الحجر الاية 44
واستراح من الجهاد وصفات هذه النفس التوكل والعبادة الحقة والتذلل والشكر والرضا والخشية واتباع الشرع بحيث لا يخرج صاحبها عن التكليف قيد شعره وعلامته الاجتها د في القيام بأمورالشرع والتحلي بخلق سيد الخلق
سيد الرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
وصاحب هذه النفس قلبه ممتليء بالايمان الكامل واليقين الثابت تلتذ به اعين الناس
ويصغى اليه باذعان ولسانه يترجم عما في اعماق قلبه وبما القاه الله تعالى فيه من الحقا ئق والاسرار فيناديه الله تعالى( انا سرك ايها الحبيب وانت سري فقر عينا وطب نفسا )
وتظهر علي يديه كثير من الكراما ت والمقامات وان كانت الاستقامة اكبر من الكرامة لذا عليه الثبات بالعبودية مع الاستقامة فهي افضل من الف كرامة
ويخاف على هذه النفس من الغفلة وعدم الترقي في المقامات الاخرى وقد يتعرض صاحب هذه النفس الى امراض حب الرياسة او الشهرة والتعرض للمشيخة والارشاد0
وعلاج هذه النفس من امراضها اودواء هذه النفس التباعد عن ذلك ومجاهدة النفس في الخلاص منها لاءنه يحيا بنور الله تعالى

----------------------------




ه- النفس الراضية
---------------
ان ثبات صاحب هذه النفس او صاحب هذا المقام العالي في الامور السابقة وسهولة وصوله الى هذه الحالة وفي اتباع الشرع تجذب نفسه قوة الالطاف الالهية جذبة جديدة وينادى عليه _( ياايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية ) سورة الفجر الايات 27 و28 ولهذه النفس من المحاسن ما لايقع تحت الحصر ومن الكمال قمته وشاءفته فهو قد وصل الى مقام الرضا ودرجته لدى الصوفيين عالية جدا
وصاحب هذه النفس يعتريه النسيان لايذكر شيئا من امور الدنيا اي منقطع الى الله تعالى فان قلبه متعلق بمشاهدة الحق متطلعا اليه والى جماله وجلاله ويتصف بالورع والاخلاص وفي الحديث القدسي ( الاخلاص من اسراري استودعته قلب من احببت من عبادي لايطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ) مروي عن الامام الحسن السبط مرسلا في كتاب احياء علوم الدين للغزالي
وصاحب هذا المقام ذو وفتء تام لكل امر من امور الشريعة وادب من ادابها وملتزم بالطريقة والحقيقة نفسه راضية على كل شيء محبوب او مكروه اذ لا اعتراض منه اصلا لاءنه مستقر بالشهود مشغول بعالم اللاهوت غريق في بحر الاداب مع الله تعالى
ومن صفات صاحب هذه النفس انه لاترد دعوته عزيز مهاب الجانب لسانه لاينطق بالسؤال حياءا وادبا فاذا دعى فدعوته مستجابة انشاء الله فاذا دهىا فدعوته عبودية وتعبد تظهر عليه علائم حب الناس ومهالبتهم له ينادى عليه في حضرةالرب تعالى ( انك اليوم لدينا لد ينا مكين امين ) سورة يوسف الاية 54\
يخاف على صاحب هذه النفس من الركون الى الناس لتعظيمهم له خوفا عليه ان تمسه نار طباعهم وتصيبه عدوى بشريتهم اذ ان القلوب جبلت على حب من احسن اليها وهذا محسن الى الجميع
دواؤه النظر الى الله تعالى والبقاء في هذا المقام الذي هو فيه وهو مقام الاحسان وذلك بالتمسك بالعروة الوثقى التى لا ا نفصام لها والله هو المعين

----------------------------------------



و- النفس المرضية
-------------------
سميت بالنفس المرضية لانها صارت مرضية عند الله تعالى ثم عند خلقه فصاحبها من الذين انعم الله و( رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ) سورة البينة الاية الاخيرة فهو د اخل في خشية الله تعالى فتغشاه برحمته واصبح في مقام من ذكر ه الحديث القدسي ( كنت سمعه وبصره) المذكور سابقا ترقى الى منازل الاحبة وخلعت عليه خلعت الرضوان من الرحمن تعالى
ومن عجائب هذا المقام وكما لاته وحظه الوافر عند ربه من المحبة ما لا يدخل تحت الحصر فهم يحبهم الله ويحبونه وتظهر عليه محاسن الخلق ومكارمها فيتجمل بالشفقة ويتحلى بالصفح عن الناس وامنتياته اخراجهم من الظلمات الى النور باذن ربهم بما يقوم به من نصح وارشاد لهم لله تعالى والسعي في انقاذهم من شرورهم الدنيوية
ومن علامات هذه النفس ان صاحبها لايتميز عن عوام الناس في الظاهر اما باطنه فهو معدن الاسرار ود رة الاخيار متسم بالوفاء بالوعد ووضع كل شيء في موضعه معتدل في كل الامور ينفق في موقع الانفاق ويبخل في موضع البخل بما يرتضيه الشرع فلا يبسط يديه كل البسط ولا يجعلها مغلوله الى عنقه
ومن صفاته انه تلوح عليه علامات الخلافة وهو مقام حقيقي هو مقام حقيقة و تمكين
فذ عال قد ادرك سره وحقيقته


ز- النفس الكاملة
--------------------
سميت بالنفس الكاملة لكمال اوصافها ووصولها الى موقع الرحمة مع جميع الخلق ومحبتهم فهي تحب الجميع تحب للكافر الايمان او ان يكون مؤمنا وتحب للعاصي التوبة والانابة الى ربه وتحب للطائع الثبات في طاعته وتقواه ذات نور نورها ممتزج بين الانوار عالمها الخيرات ومكانها الخفاء فهي ريحانة عند الله تعالى في ارضه محبوبة
عند الله وعند خلقه عبوديتها سيادة وعقليتها حسن وجمال وغيبيتها شهادة واقتدار وباطنها طاهر بانبهار انقطعت الى العلي الاعلى فنالت السعادة الكبرى وانمحقت منها صفاتها البشرية ورجعت الى صورتها الادمية التي في حقيقتها الحقيقة المحمدية
وهي سر الله الاعظم في غاية القرب من العلي الاعلى فتدرك بذاتها على حقيقتها ومعرفتها بالذل والفناء ومعرفةبالباري عز وجل بالعز والبقاء
صاحبها معروف بالاستقامة الكاملة متمسك بالاداب الالهية لايشغله شاغل جمعه عن فرقه ولا فرقه عن جمعه ولا بشريعته عن حقيقته ولا حقيقته عن شريعته يعطي لكل ذي حق حقه في غاية الكمال ومنتهى ما تصبوا اليه النفوس الانسانية تخلق باخلاق الرحمن الرحيم ونودي عليه ( انا جعلناك خليفة في الارض) سورة ص اية 26
وصل صاحب هذا المقام العظيم الى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين لاءنه من المتقين اتصف بجميع المحامد لا هم له ولا مطلب غير رضوان الله تعالى فحركاته حسنات وانفاسه قدرة وحكمة وعبادة لايفتر عن العبادة بجميع جوارحه اناء الليل واطراف النهار في سره وعلانيته وقلبه ظاهرا وباطنا كثيرالاستغفار جم التواضع كثير الاوجاع ضعيف الحركة خلى قلبه من كل كراهية الخلق لا تاءخذه في الحق لومة لائم وفي الحديث الشريف ( ان لله عبادا اذا شاؤوا شاء ))
( وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين )

--------------------------------------------------------





وقبل ان انتهي من هذا الفصل اود ان اذكر اني قرات في بعض الاثار والكتب ا ن هذه النفوس اي كل النفوس البشرية لاتنقطع عقباتها الا بالاذكار والاوراد فهي تجليها وتنيرها بنور ينيرها ويضيء الامور بسطوع امامها واذكرها كما وجدتها \
النفس الامارة ذكرها لا اله الا الله مائة الف مرة
النفس اللوامة ذكرها الله مائة الف مرة
النفس الملهمة ذكرها ياهو تسعون الف مرة
النفس المطمئنة ذكرها حق سبعون الف مرة
النفس الراضية ذكرها حي تسعون الف مرة
النفس المرضية ذكرها قيوم تسعون الف مرة
النفي الكاملة ذكرها قهار مائة الف مرة
والله تعالى اعلم بذلك
-------------------------------------------

























الفصل السابع

الخصال العشر

اثبت الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره بل وضع عشر خصال لاءهل المجاهدة والمحاسبة واولي العزم من اصحاب الطريقة واكد ان الالتزام بها والعمل بموجبها وضبط احكامها قولا وعملا يوصلهم الى اعلى المنازل الشريفة او المقامات الرفيعة العالية وهذه الخصال وهي كما ذكرها بالترتيب
1- ان لايحلف بالله عز وجل صادقا ولا كاذبا عامدا او ساهيا لاءنه اذا احكم ذلك من نفسه وعود لسانه دفعه ذلك ان يترك الحلف ساهيا وعامدا فاذا اعتاد ذلك فتح الله تعالى له بابا من انواره ليعرف منفعة ذلك في قلبه وزيادة في بدنه ورفعة في درجته بين الناس وقوة في عزمه وفي بصره وبصيرته والثناء عليه بين اخوانه من اصحاب الطريقة والحقيقة وكرامة عند الجيران حتى ياءتمر به من يعرفه ويهابه كل من يراه من الخلق
2- ان يتجنب الكذب هازلا وجادا لاءنه اذا فعل ذلك واحكمه من نفسه واعتاده لسانه شرح الله به صدره للايمان وصفى به علمه حتى كاءن لا يعرف الكذب واذا سمعه من غيره عابه عليه في نفسه وقلبه وعيره به في نفسه – كان يقول في نفسه هذا كذاب - ودعى له بزوال ذلك منه فكان ثوابا له
3- يحذر ان يعد احدا شيئا ثم يخلفه اياه وهو يقدر عليه عليه الا من عذر بين او يقطع العدة البتة فانه اقوى لاءمره واقصد لطريقه وسبيله لاءن الحلف من الكذب و( ويل يومئذ للمكذبين )
4- يتجنب ان يلعن شيئا ا و احدا من الخلق او يؤذي احدا ذرة فما فوقها لاءنها من اخلاق الابرار والصاد قين وله عاقبة حسنة في حفظ الله اياه في الدنيا مع ما يدخر له عنده من الدرجات العلى في حفظه وينقذه من مصارع الهلكة ويسلمه من الخلق ويحفظه منهم ويرزقه رحمة العباد والقرب منه عز وجل
5- يتجنب ان يدعو على احد من الخلق ا وان يظلمه فلا يقطعه بلسانه ولا يكافؤه بفعاله ويتحمل الاذى ذلك لله تعالى ولا يكافؤه بقول ولا فعل فان هذه الخصال ترفع اصحابها الى الدرجات العلى اذا تأدب بها ينال منزلة شريفة في الدنيا والاخرة ويغرس له والحب والمودة في قلوب الخلق اجمعين من قريب او بعيد ودعوته تكون مستجابةا ا نشاء الله تعالى والعلو والرفعة في الخير والعز في الدنيا وفي قلوب المؤمنين
6- ان لايقطع الشهادة على احد من اهل القبلة بشرك ولا كفر ولا نفاق فانه اقرب للرحمة واعلى في الدرجة وهي تمام من السنة وابعد عن الدخول في حلم الله تعالى وابعد عن مقت الله تعالى واقرب الى رضاه ورحمته عز وجل فانه باب شريف كريم على الله تعالى يورث العبد الرحمة للخلق اجمعين
7- ان يتجنب النظر الى شيء من المعاصي ظاهر وباطنا ويكف جوارحه عن ذلك فانه من اسرع الاعمال ثوابا للقلب وللجوارح في عاجل الدنيا مع مايدخره الله تعالى من خير الاخرة نسأل الله تعالى ان يخرج شهواتنا من قلوبنا امين
8- يتجنب ان يجعل على احد من الخلق منه مؤونة او ثقلا صغيرة اوكبيرة او وزرا بل يرفع مؤنته او وزره عن الخلق اجمعين مما احتاج البه او استغنى عنه فان ذلك تمام عزة العابدين وشرف المتقين وبه يقوى على الامر بالمروف والنهي عن المنكر ويكون الخلق عنده اجمعين بمنزلة واحدة وفي الحق سواسية فان كان كذلك نقله الله تعالى الى الغنى واليقين والثقة به عز وجل ولا يرفع احدا بهواه ويكون الناس عنده في الحق سواء ويقطع هذا الباب عز المؤمنين وشرف المتقين وهو اقرب باب الى الاخلاص
9- ينبغي للمريد ان يقطع طمعه عن الخلق ولا يطمع بنفسه في شيء مما في ايديهم ويزهد بكل ماعندهم فانه العز الاكبر والغنى الخالص والملك العظيم والفخر الجليل واليقين الصادق والتوكل الشافي وهو باب من ابواب الثقة بالله تعالى وهو باب الز هد وبه ينال الورع ويكمل نسكه وهو من علامات المنقطعين الى الله تعالى
10- التواضع هي الخصلة العاشرة لاءن بها يشد محل العابد وتعلو درجته ويستكمل العز والرفعة عند الله تعالى وعند الخلق ويقدر على مايريد من امور الدنيا والاخرة وهذه الخصلة اصل الطاعات كلها وفرعها وكمالها وبها يدرك العبد منازل الصالحين الراضين عن الله تعالى في السراء والضراء وهي كمال التقوى
والتواضع هو ان لا يلقي العبد احدا من الناس الا راى له الفضل عليه وظنه انه افضل منه في قرارة نفسه ويقول عسى ان يكون عند الله تعالى خيرا مني وارفع درجة فان كان صغيرا قال هذا لم يعص الله تعالى وانا عصيت الله تعالى فلا يشك انه خير منه وان كان كبيرا قال هذا عبد الله قبلي وان كان عالما قال هذا اعطي ما لم اعط ولم ابلغ ونا ل مالم انل وعلم ماجهلت وهو يعمل بعلم وان كان جاهلا قال هذا عصى الله تعالى بجهل وان كان كافرا قال لاادري عسى ان يسلم هذا ويختم له بخيرالعمل ويكون من الذين يبدل الله تعالى سيئاتهم حسنات ويكون افضل مني وربما ان اكفر انا فيختم الله لي بشرالعمل هكذا يحدث نفسه ويقطع عليها علاقة تفضلها مع الاخرين
وهذا باب الشفقة والوجل واول ما يصحب واخر ما يبقى على العباد فان كان العبد كذلك يسلمه الله تعالى من الغوائل والشرور ويبلغ به منازل النصيحة لله عز وجل فكان من اصفياء الله تعالى واحباؤه وهو باب الرحمة ومع ذلك يكون قد قطع طريق الكبر والعجب ورفض د رجة العلو وجانب درجة التعزز في نفسه في الدين والدنيا والاخرة وهو ملح العبادة وغاية شرف
الزاهدين الناسكين فلا شيء افضل منه ومع ذلك يقطع لسانه عن ذكرالعالمين فلا يتم له عمل الا به ويخرج الغل والبغي والكبر من قلبه في جميع احواله كان لسانه في السر والعلانية واحد وكلامه واحد والخلق عنده في النصيحة واحد فلايذكراحدا من الخلق بسوء او يعيره بفعل او يحب ان يذكر عنده بسوء احد احدا فهذا افة العابدين وعطب النساك وهلاك الزهاد الا من اعانه الله تعالى على حفظ اللسان والقلب برحمته
وانه ارحم الراحمين





---------------------------------














الفصل الثامن

الجيلاني وحياته العلمية

1- حياته ووفاته
-----------------------

ولد الشيخ عبد القادر الكيلاني الحسني في بلدة صغيرة تسمى جيل - – من اعمال منطقة جيلان ليلة الجمعة فاتح شهر رمضان المبارك سنة \ 470 هجرية الموافق لسنة 1770 م– راجع الزاوية القادرية للشيخ عبد الحي القادري – المغرب صفحة 82 وبهجة الاسرار صفحة 88 وتاريخ ابن الجوزي صفحة \ 91 والطبقات الكبرى للشعراني ج1 صفحة 18
وجيلان التي نتحدث عنها كائنة شرق بغداد مابين جلو لاء وخانقين وهذا ما اكده العلامة مصصطفى جواد في كتابه المخطوط ( اصول التاريخ ) والموجود حاليا في المجمع العلمي العراقي وهذا ما اكده ايضا العلامة حسين على محفوظ في كلمته التي القاها في مؤتمر جلولاء وكنت حاضرا فيه ودائر ة المعارف الاسلامية م8 صفحة 222 وقيل ما وراء النهر –لاحظ قلائد الجواهر صفحة 134\ وكتاب الامام عبد القادر الجيلاني تفسير جديد للباحث جمال الدين فالح الكيلاني وقيل انها بلدة جنوب بغداد من ناحية المدائن \ لاحظ كتاب انساب السادة للدكتور خاشع المعاضيدي
لقب بالجيلاني نسبة الى منطقة ولادته وسكن عائلته جيلان او كيلان ولا زمته هذه التسمية ملازمة الظل في حياته وبعد وفاته ولا تزال عالقة في اولاده واولادهم واحفاد احفادهم- لاحظ الانساب للسمعاني م3 ص463 ومعجم البدان م1
نشأ الشيخ الجيلاني قدس سره يتيم الاب فرباه جده لامه السيد عبد الله الصومعي
( عبد الله الصومعي هو الزاهد العابد ابن ابي جمال بن السيد محمد بن السيد محمود بن السيد طاهر من اولاد السيد الامام جعفر الصادق رضي الله عنهم اجمعين) وقد بقي في رعاية جده وامه فتربى تربية دينية صالحة حيث كان لاءمه الحظ الوافر في الخيروالصلاح والاصلاح وقد حصل على دراسته الاولية في كتاتيب بلده جيلان في كنف اسرته المشهود لها بالتدين والورع والتقوى حيث كان سكان تلك المناطق يسمونهم بالاشراف لانتسابهم الى الدوحةالمحمدية الشريفة
لاحظ بهجة الاسرارص88 وقلائد الجواهر ص3 ومدارس بغدا د للسيد د عماد عبد السلام رؤوف ص141 ونزهة الخاطر ص 12
ينتسب الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره الى بيت النبوة الاطهار ابا واما
فهو الشيخ محي الدين ابو محمد سيدنا عبد القادر ابن ابي صالح موسى بن عبد الله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود الامير بن موسى بن عبد الله ابي الكرام بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي اميرالمؤمنين بن ابي طالب رضوان الله عليهم اجمعين – لاحظ المصادر السابقة وكثير غير ماذكرناه
اما من جهة الام فاءمه\ فاطمة بنت عبد الله الصومعي الزاهد العابد المعروف بابن ابي جمال بن السيد محمد ابن ابي محمود بن طاهر بن محمد ابي عطار بن عب الله بن ابي كمال بن عيسى بن ابي علاء الدين بن محمد بن علي العريض بن الامام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي اميرالمؤمنين بن ابي طالب رضوان الله تعالى عليهم اجمعين- نفس المصادرالسابقة وكثير غير ماذكرناه
تزوج الشيخ عبد القادر الجيلي قدس سره في بغداد بعد ان بلغ الكتاب اجله على حد قوله وزواجه لم يكن بواحدة بل تزوج اربع زوجات انجب منهن تسعة واربعين ولدا منهم سبعة وعشرين ذكرا والباقي اناث – لاحظ الفتح المبين صفحة 5
كان الشيخ الجيلاني قدس سره قليل السفر والتنقل فالتزم جانب الدراسة والتدريس ولم يسافر طيلة حياته الا ثلاث سفرا او قل اربع سفرات فقط الاولى سفره من جيلان الى بغداد عندما كان في الثامنة عشر من عمره سنة 488 هجرية لقصد الدراسة
اما الثانية فكانت من بغداد الى بعقوبا بقصد التكسب وقابل فيها الشيخ الشريف البعقوبي
( وهو رجل صالح قيل انه ابن عم الشيخ عبد القادر الجيلاني وابن عم الشيخ علي الشرقي المدفون في ناحية على الشرقي محافظة ميسان العراق\ من ذرية الامام الحسن السبط بن علي بن ابي طالب وله ترجمة في كتاب تاريخ بلدية بعقوبة للاستاذ احمد الرجيبي -بغداد- 1972 والذي قدم له العلامة صديقي العزيز المرحوم الاستاذ سالم الالوسي ومرقده مزار يقع في الجانب الغربي من نهر ديالى في منطقة بعقوبة الجديدة حاليا واود ان انوه ان الشائع بين الناس البسطاء ان هذا المرقد للشريف الرضي الشاعر المعروف والحقيقة ان المرقد هو مرقد الشريف البعقوبي وليست الشريف الرضي المدفون في مقابر قريش في الكاظمية بالقرب من ضريح موسى الكاظم رحمهم الله جميعا ويقع بجواره من جهة الشرق) وان الشيخ الجيلاني يؤكد ان هذه السفرة قد تركت اثرا عميقا في حياته ومنحته درسا بليغا ساعده على تكامل شخصيته وسمو منزلته في نفوس الاخرين من خلال نصح وارشاد الشريف البعقوبي له- لاحظ قلائد الجواهر ص 69
وبهجة الاسرار ص122
اما السفر ة الثالثة وهب بمثابة سفرتين لاداء فريضة الحج حيث انه حج مرتين الاولى كانت سنة 509 والتي قال عنها قدس سره( حججت اول ما حججت من بغداد سنة تسع وخمسمائة وانا شاب على قدم التجريد وحدي فلما كنت في المنارة المعروفة بام القرون لقيت الشيخ عدي بن مسافر وهو شاب يومئذ فقال الى اين قلت الى مكة قال هل لك في الصحبة قلت اني على قدم التجريد قال وانا كذلك فسرنا جميعا ) المصدر السابق
( والشيخ عدي بن مسافر هو عدي بن مسافر بن اسماعيل بن يونس بن مروان بن الحسن الهكاري شيخ ورع وزاهد عارف بالله تعالى قال عنه الشيخ عبد القادرالكيلاني – لوكانت النبوة تنا ل بالمجاهدة لنالها الشيخ عدي بن مسافر ) لاحظ الطبقات الكبرى للشعراني ج 1 صفحة168 وشذرات الذهب المجلد الرابع صفحة \557 وغيرها من المصادر
والحجة الثانية فقد حج مع جماعة ومعه ابنه عبد الرزاق الذي كان قائدا لزمام راحلته ذهابا وايسابا وقد التقى في هذه الحجة في عرفات الشيخين ابو عثمان بن مرزوق وابومدين بن شعيب
(اما بقية عمره فقد قضاه في الدراسة والتدريس الوعظ والارشاد وقد ظهر الشيخ للناس واعظا بعد العشرين بعد الخمسمائة وجعل له القبول التام واعتقدوا حقيقته و صلاحه وانتفعوا به وبكلامه ووعظه وانتصراهل السنة والجماعة بظهوره واشتهرت احواله واقواله وكراماته ومكاشفاته وهابه الملوك فمن دونهم) لاحظ وفيات الاعيان م2 وطبقات الحنابلة م1
توفي الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره في بغداد في عهد الخليفة العباسي المستنجد بالله وذلك يوم السبت التاسع من شهر ربيع الاخرة سنة 561 هجرية ودفن في مدرسته بباب الازج ببغداد وكان دفنه ليلا لكثرة الزحام حيث لم يبق احد في بغداد الا جاء ليشهد الفاجعة ويشارك في الدفن فاتلاءت الحلبة وضاقت بالناس وامتلاءت الشوارع والاسواق والدور القريبة من الحلبة ولم يتمكنوا من دفنه بالنهار لكثرة الزحام فدفن ليلا ولما علا نهار اليوم التالي اهرع الناس الى الصلاة على قبره وزيارته وكان يوما مشهودا-) لاحظ قلائد الجواهر صفحة 134
رحم الله جدنا الشيخ عبد القادر الكيلاني وادخله وادخله فسيح جناته امين




2- اساتذته وشيوخه وتلامذته
---------------------------
جاء في كتاب بهجة الاسرار في دراسة الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره انه لما دخل بغداد للدراسة ( ولما علم ان طلب العلم فريضة وشفاء الانفس المريضة اذ هو اوضح مناهج التقوى سبيلا وابلغها حجة واظهر دليلا وارفع معارج اليقين واعلى مدارس المتقين واعظم مناصب الدين وافخر مراتب المجتهدين وهو المرقاة الى الحضرة المشرفة شمر عن ساق الاجتها د في تحصيله وسارع في طلب العلم فروعه واصوله وحضر الاشياخ والائمة واعلام الهدى علماء الامة فاشتغل بالقران العظيم حتى اتقنه وعم دراسته سره وعلنه
تفقه الشيخ قدس سره بابي الوفاء علي بن عقيل وبابي الخطاب محفوظ الكلوذاني وابي الحسن محمد بن القاضي بن يعلى بن الحسين بن محمد الفراء وابي سعيد المبارك بن علي المخرمي رضي الله عنهم مذهبا وخلافا وفروعا واصولا
وسمع الحديث من جدماعة منهم ابو غالب محمد بن الحسن بن احمد بن الحسن الباقلاني وابو سعد محمد بن عبد الكريم بن خفيش وابو المغانم محمد بن علي بم ميمون الرسي وابو بكر احمد بنم المظفر بن سوسن التمار وابو جعفر احمد بن السين القاري السراج وابو القاسم علي بن احمد بن بيان الكرخي وابو عثملان اسماعيل بن محمد بن احمد بن مله الاصفهاتي وابوطالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بم محمد بن يوسف وابوطاهر عبد الرحمن بن احمد بن عبد القاد ر وابو البركات هبة الله بن المبارك بن موسى السقطي وابو العز محمد المختار الهاشمي وابو نصر محمد وابوغالب احمد وابو عبد الله يحيى ابناء الامام ابي علي الحسن بن البناء وابو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن احمد بن القاسم الصيرفي المعروف بابن الطيوري وابو منصور عبد الرحمن بن ابي غالب محمد بن عبد الواحد بن الحسن القزاز وابو البركات طلحة بن احمد العا قولي وغيرهم كثير رضي الله عنهم جميعا
وقرا الادب على ابي زكريا يحيى بن علي التبريزي
وصحب الشيخ العارف قدوة المحققين ابا الخير حماد بن مسلم الدباس واخذ منه الخرقة الشريفة من يد القاضي ابي سعيد المبارك
وقد ذكر ما ذكره المؤرخون والدارسون لشخصية الشيخ عبد القادرالجيلي قدس سره فمنهم ماذكره صاحب كتاب بهجة الاسرار ومنهم من زاد عليه ومنهم من انقصهم وكان اثبتهم وافضلهم والمصادر والمراجع غنية فيه وكثير جدا
اما الشيخ الكيلاني قدس سره فقد ذكراثنين من اساتذته صراحة هما =
الشيخ ابو سعيد المخرمي الذي قال عنه الشيخ قال ( ثم البسني الخرقة بيده ولا زلت بعد ذلك في الاشتغال عليه رضي الله عنه ) لاحظ قلائد الجواهر ص19
وقد قال الشيخ ابو سعيد المخرمي فيه ( لبس عبد القادر الجيلي مني الخرقة ولبست منه خرقة يترك كل واحد منا بالاخر) لاحظ بهجة الاسرار ص 144
اما الاخر فهو الشيخ حماد الدباس الذي قال عنه ( ارى انه جبلا لايتحرك ) قال محمود النعال سمعت ابي يقول ( كنت عند الشيخ حما د الدباس فجاء الشيخ عبد القادر وهو شاب يومئذ فقام اليه وتلقاه وقال مرحبا بالجبل الراسخ والطود المنيف الذي لايتحرك واجلسه الى جانبه وقال ما الفرق بين الحديث والكلام فقال الحديث ما استدعيت من الجواب والكلام ما صدمك عن الخطاب وانزعاج القلب لدعوة الانتباه ارجح من اعمال الثقلين فقال الشيخ حماد انت سيد العارفين في عصرك ولا بد ان ينشر سنجقك في المشارق والمغارب وتوضع لك الرقاب من اهل زمانك وتعلو درجتك على اقرانك ويكون مشروبك منه اليك ) لاحظ قلائد الجواهر ص16
وقد صحت نبوءة شيخه واستاذه حماد الدباس فيه فكان الشيخ الجيلاني علما من اعلام الهدى والتقى في الاسلام
وقد صحب الشيخ الكيلاني قدس سره شيوخا وعلماء افذاذ نذكرمنه الشيخ عدي بن مسافر الاموي المتوفي سنة 557 هجرية والشيخ ابو محمد محمود النعال المتوفي سنة 609 هجرية و والشيخ علي بن ادريس البعقوبي ( وقبره ظاهر ومزار في مدينة بعقوبة بالجانب الغربي لنهر خراسان في طريق بهرز داخل مدينة بعقوبة) المتوفي سنة 619 هجرية وقد ذكره المؤرخ ابن العماد فقال (ان الشيخ علي بن ادريس البعقوبي الزاهد صاحب الشيح عبد القادرالجيلاني سيد زاهد عابد رباني متاءله بعيد الصيت توفي في ذي القعدة من سنة 619 )
ومنهم الشيخ الشريف البعقوبي وقد مرت ترجمته في هذا الكتاب انفا
ومنهم الشيخ عمرالسهروردي المتوفي ستة 632 هجرية المدفون في بغداد في منطقةالشيخ عمر وقيره ظاهر ومزار وحوله مقبرة للمسلمين
اما تلامذته وهي كثر فنذكر منهم مايلي =
الشيخ عثمان بن مرزوق المتوفي سنة 564 هجرية والذي قال فيه ( الشيخ عبد القادر الجيلاني شيخنا وامامنا وسيدنا وسيد كل من سلك طريقا الىالله عز وجل في عصرنال او وهب حالا او اقيم مقاما ) لاحظ ذيل طبقات الحنابلة ج1 ص 206
ومنهم ابن الخشاب المتوفي 567 هجرية ومنهم ابو ا لحجر حامد الحراني الخطيب المتوفي سنة 570 هجرية والسيد ابو السعود بن الشبل العطار الزاهد المتوفي سنة 582 هجرية ومظفر بن غانم اعلشي المتوفي سنة 593 هجرية ومنهم ابو القاسم بن ابي بكر احمد بن ابي السعادات المتوفي 597 هجرية ومنهم موفق الدين بن قدامة المقدسي المتوفي سنة 620 هجرية ومنهم الشيخ الجبائي المتوفي سنة 650 هجرية وهو من نصارى طرابلس الشام اسلم وعمره احدى عشرة سنة وقد قال ( قال لي الشيخ عبد القادر فتشت الاعمال كلها فما وجدت فيها افضل منم اطعام الطعام ولا اشرف من حسن الخلق) لاحظ بهجة الاسرار وغير هم كثيرمن تلامذته العلماء واعلام الامة الافذاذ رضي الله عنه
------------------------------------------






3- الثقافة الجيلانية
------------------
وفد الشيخ الجيلاني قدس سره الى يغداد عام 488 هجرية وعمره ثماني عشرة سنة لغرض الدراسة وانتهال العلم من منابعه الاصيلة وبدء تحصيله العلمي في بغداد حيث التقى فيها بعدد كبير من العلماء والفقهاء والشيوخ المربين والادباء والقى بنفسه العطشى الىبحر العلم المتشوقة الى كل معرفة وفن علمي في منتجعاتهم ومجالسهم وحلقات الذكر والمواعظ والتردد على المدارس وكان موفقا في دراسته وتحصيله لما بذله من جهد مثابرة وما الزم نفسه به تعب ونصب في التحصيل العلمي والتتبع المستمر فتتلمذ وتعلم من شيوخه واساتيذه كل علم وقد اهتموا به كثيرا لما لاحظوه عليه من عزم وحزم ورغبة وذكاء في التحصيل العلمي والدراسة
وعلى العموم كانت ثقافته قدس سره في مجموعها ثمثل ثقافة عصره ثقافة عربية اللغة والبيئة فكان بليغا اديبا شاعرا كما انها كانت اسلامية بالمبدأ مستوحاة من الكتاب العظيم والسنة النبوية المطهرة فكان عليما بهما متبحرا فيهما فقد اتقن العلوم العقلية ايضا فكان مفكرا متحدثا ومحدثا وواعظا بالاضافة الى تعمقه في معرفة علم الحقيقة
وقد خولته هذه الدرجة العالية من الثقافة في ان يكون استاذا ومدرسا لذا اصبح بحق بين الاساتذة استاذا فاضلا معترف له في كل العلوم وقد قيل( انتهىاليه التقدم في الوعظ والكلام على الخاطر)لاحظ عبد القادر الجيلاني ومذهبه الصوفي – لجعفر صادق سهيل رسالة ماجستير
وقيل فيه ابضا( انتهت اليه تربية المريدين في العراق وان الشيخ الجيلاني صوفي فقيه محدث واعظ مفتي نحوي اديب شاعر وقد نعده من المتكلمين لما له من اقوال ومجادلات كلامية ) قلائد الجواهر
ويكفي ان تزن ثقافته بميزان كفاءته العلمية التي برزت من خلال تدريسه وفي مؤلفاته الكبيرة والكثيرة( اما من الناحيةا لعلمية فقد كان غزير المادة واسع المعرفة لدرجة انه كان يدرس ثلاثة عشر علما ) لاحظ نور الابصار في مناقب النبي ال المختار صفحة 236
ان الثقافة الجيلانية نستطيع ان نحدد مسارها في اربع نقاط اساسية اومسالك اوسبل رفدت العملية العلمية الاسلامية والعربية بكل المعرفة وتفرعت منها وفيها وهذه النقاط هي كما يلي =
1- معرؤفته قدس الله سره التي اقتبسها من شيوخه واساتيذه وصحبته من خلال دراسته وتتبعه لكل انواع العلوم والمعرفة
2- ما كتبه وما الفه من كتب وما تحدث فيه في مجالسه ومواعظه التي جمعت بعد وفاته فكانت كتبا مهمة ومواجع علم في الدين والفقه والعلوم الاسلامية والثقافة العربية والاسلامية
3- ماذكره تلامذته واستفاداتهم منه ونشرهم لهذه لعلوم وتاءثرهم به فيها
4- مريدوه وسالكي طريقه القويم الى الله تعالى في كل مكان وزمان ولحد زماننا هذا وما بعده
رحم الله تعالى شيخنا واستاذنا عبد القادر الجيلاني












الفصل التاسع


عبد القاد ر الكيلاني شاعرا
ان اواصر الصلة التي تربط بين الدين والشعر تتركز في اعتماد كل منهما على الروح الالهام والحدس والتلقي اعتقادا واعتمادا وافرا ابتداءا من اقتناع الانسان الاول بان لكل شيء روحا وهذه الروحية هي مافي الدين من شعر ومافي الشعرمن دين وان الفرق بين الروءيا الصوفية والرؤيا الشعرية ينبثق من درجة تسامي كل منهما 0 لذا نلاحظ في مجال الفناء في العالم والامتزاج فيه لدى الصوفي بحيث تتوحد كل تناقضاته ويغدو عينا شفافا خاليا من التعكر والصراع وربما لايفترض في التجربة الشعرية بلوغ هذاالمدى في كل الاحيان الا عند القليل من الشعراء ففي حالات الصفاء والشفافية تقترب رؤى الشعراء من رؤى الصوفية وقد تبلغ مبلغها من السمو والتركيز فتاتي او تجيءا شعارهم كشطحات صوفية جانحة الى الايماء والرمز والغموض واللامعقول
فالشعرالصوفي هو امتداد لشعر الزهد فقد نحدرا في نهر واحد ثم افترقا قريبا من بعضهما ثم يلتقيان في مصب واحد فشعراء الزهد كانت قصا ئدهم واشعارهم في التقرب الى الله تعالى طمعا في الجنة والجزاء الحسن ومن هنا كان شعرا مليء بالفاظ التوسل و الرجاء و المناجاة والتحذير من النار وملذات الحياة الدنبا وشهواتها والتذكير بالاخرة والمعاد والحساب يوم القيامة
اما الشعراء الصوفيون فقد نبعت اشعارهم وقصائدهم من هواجس الحب والشوق والوله والعشق لخالقهم لذا اختاروا الالفاظ الغزلية وكلمات الحب الخالص في التعبير عن مكنون انفسهم وافكارهم وما يداخلها من حب وشوق الى الله تعالى وشتان بين الخوف والرهبة وبين الحب والشوق فالشاعر الصوفي محب عاشق واله من حيث ان الصوفية في جوهرها وذاتها ضرب من ضروب الحب والوله والفنا ء بالحبيب واليه
والاسلوب الشعرى هو بنا ء القصيدة من حيث الشكل والمضمون حسا مضمونا وفنا وتخيلا وتصورا واحاسيس ووجدان وعواطف وصورا شعرية وبلاغة وموسيقى و نحوا وبلاغة في كل ما يتطلبه البناء الشعرى للقصيدة وداخل فيها ابتدا ءا من مطلعهاالى خاتمتها
والقصائد الكيلانية امتازت بين الطول والقصر فهناك مقطوعات تكونت من بيتين او ثلاثه وقصائد بين عشرات الابيات الى جانب مطولات كانت قمة في الرقي الشعري وخاصة قصيدته العينية التي بلغت 391 بيتا الا ان السمة الجامعة لهذه القصائد اوالمقطوعات انها في التصوف والحب الالهي
واللغة الشعرية التي استعملها الشعراء الصوفيون قد اشتملت على الغزل العذرى وما فيه من الفاظ في الحب والشوق والوجد والفناء في داخل المحبوب وقد اضافوا اليهااحدى طرق التعبير الصوفي ماثلة في التلويح او الرمز الشعرى الذى يومىء او يستشير به لها ومن خلال هذا الطريق استطاع الشاعر الصوفي التعبير عما يخالجه ويجول بخاطره من عبارات دون الاكتراث بما حوله وقد اكد الشيخ الكيلاني هذه الحقيقة في شعره متخذا من الرمز او الاشارة مسلكا كقوله \

اسراري قراءة مبهمات
مسترة بارواح المعاني
فمن فهم الاشارة فليصنها
والا سوف يقتل بالسنان ك كحلاج المحبة اذ تبوت له
شمس الحقيقة بالتدا نيوقال انا هو الحق الذى
لا يغير ذاته مر الزما ن
ومن العناية الشعرية جودة الصياغة وحسن اختيار الالفاظ حيث كان دقيقا في اختيار الفاظ شعره في ظل الرمز يقول من الوافر\
سقاني الحب كاسات الوصال فقلت لخمرتي نحوي تعالي
اوفي قصيدته التي مطلعها من الطويل
مافي الصبابة منهل مستعذب
الا ولي فيه الالذ الاطيب
فقد استعمل الالفاظ السهلة وانتقاء الكلمات الحلوة التي تبين ما يتمتع به الشاعر من قوة والهام في الاختيار والتعبير والشاعرية الفذة بالفاظ سهلة ماءلوفة البسها ثوبا جديدا قشيبا يتلون بالوان وهج القصيدة واحاسيسها واءوقعها بين الرقة والعذوبة والخطابية الكلمات الحلوة التي تبين ما يتمتع به فقد استعمل الالفاظ السهلة وانتقاء الخطابية لذا جاء شعره رقيق الحواشى جميلها رمزيا في بعض منها يقول:- لاخمرة الا خمورى في الهوى
ولا غرام الا من تصاعد زفرتيااما الموسيقى الشعرية فانها تنبع من احساس الشاعر وما يتاءجج في نفسه من احوال ومواجيد وقد ارتبط بالموسيقى مظهران اساسيان واضح من وعائهما وهما الاوزان والقوافي ففي مجال الاوزان الشعرية والوزن هو قالب موسيقي يعتمده اسلوب الشعر العربي اوهو مصطلح الايقاع واللحن الحادث من تجمع اصوات الحروف وتجاوبها مع بعضها تنسيقا واداءامع الصياغة من خلال انتقا ء الشاعر لها ونلاحظ ان الشيخ قدس سره قداختار لقصائده الاوزان ذات النغمات الطويلة والموءثرة في المتلقي لذا جا ئت قصائده تسبح في بحار الطويل والبسيط والكامل والوافر اما القوافي فانها تنطوي على تقدير الاتصال بين ابيات القصيدة الواحدة وتبرز اهميتها من خلال الاتصال والتناسق مع الاوزان الشعرية والانسجام بينهما بحيث نجد في شعر الكيلاني معظم قوافيه جاء كذالك منسجما مع الوزن بحيث تشكل جرسا موسيقيا عذبا متالقا متصاعدا تتفاعل مع العواطف المتلقية حتى تصل الى الانبهار في بعضها
اما فى موضوع الفنون الشعرية فاقول ان الصوفي ولد في احضان حركة الزهدالاسلامي وتطور من خلالها والشعر الصوفي ولد في رحم التيار العام للشعرالديني في ا لاسلام وترعرع فيه وقد عبر الشعر الصوفي بامانة عن مختلف النوازع الصوفية كالاعراض عن الدنيا والزهد فيها والاخلاد الى القناعة والرضا بفضل الله تعالى والصبر عند النوازل والشكر لنعم الله تعالى والتوكل عليه في السراء والضراء وفي مقامات الصوفية وحقيقتها نلحظ نهوض القلب في طلب الحق عزوجل والمقام عندهم مقام العبد بين يدي الله تعالى فيما ياءتيه من العبادات والمجاهدات والرياضات والانقطاع اليه تعالى مع فرض الاتيان بكل التكاليف الشرعيه والتاءكيد على الديمومة عليها وكل هذه النوازع والسبل اليها نجده ثابتا في ادب الشيخ الجيلاني في نثره وشعره والصورة الفنبة هي اللمحة والحالة الني بسجلها الشاعر وما يتمثل به من احساس وادراك للوصول الى ما تسمو اليه شاعريته ويروم تسجيله بحالة انصع وافضل والصورة الشعرية قمة خيال الشاعر فهي بحر يسبح فيه وسماءوسماء يعرج فيها وارض يتنزه عليها وفيها
والصورة الشعرية الفنية في شعر الجيلاني قدس سره نجدها واضحة جلية في قصائده ومقطوعاته الشعرية تشمخ من خلال دراسة هذه القصائد ونستطيع ان نلمس ذلك في الفنون الشعرية التي طرقها وانشدفيها فكانت فنونا شعرية واغراضا مقصودة كان منها ما يلي :- لا لايختلف في مكانته الفنية عن ترنيمات المحبين مايلي=


1- الفخر الصوفي

اتجه شعر الجيلاني قدس سره وجهة متميزة قد اختلفت عن مسالك الفخر المعروف فلم نجد فيه مديحا للملوك والامراء والاشخاص ولم يقصد فيه الى التباهي والتفاخر والتعظيم بما يملك او بما كان له من ماثر الاجــــــــداد والامجاد انما نجده ينبع من عقيدته ومنزلته الدينية وما يفرضه عليه الحدود الدينية التي وصل اليها في العبادة وفي حبالله تعالى فيقول من الطويل مافي الصبابة منهل مستعـــــــــــذب
الا ولي فيه الالذ الاطيــــــــباوفي الوصال مكانة مخصوصــــــة
الا اومنزلتي اعز واقـــــــربوهبت لي الايام ر ونق صفوهـــــــا
فغلا مناهلها وطاب المشرباضحت جيوش الحب تحت مشيئتي
طوعا ومهما رمته لايغـــــربومن الصور الفنية الجميلة في شعره اعتماده اسلوب التشبيه بحيث يشبه المحسوسات ببعضها بحيث يشبه محسوسا باخر محسوس مثله او معنوي ينبثق من محسوس مثله قال:-
اضحى الزمان كحلة مرقومة
تزهو ونحن لها الطراز المذهب
وله في هذا الباب اشعارا يفتخر بنسبه الشريف كونه سليل الدوحة المحمدية يقول

محمد الرسول للخلق رحمة
وجاهد في كفارهم بالقواضب
اتاني مرارا قبل عهدي وقال لي
انا جدك افخر بي كفخرالمخاطب
امامي رسول الله جدي وقدوتي
وعهدي من بحقه وهي مطالبي
2- السكر اوالخمرة الالهية -

السكر والصحو من اظهر الاحوال الصوفية واخصها وقد اختلف المشايخ ايها افضل واليـــــق بالصوفي لذا فاضت الاقوال المأ ثورة بالتعبير عن الفناء والغيبة والسكرو ما الى ذلك مما يشير الى ان الصوفي كان فــــــــي اغلب احواله ماخوذا مشغولا عن نفسه وعن كل ماسوى الله بالله وحده السكر الصوفي هو تلك النشوة العارمة التـــــي تفيض بها نفس الصوفي وقد امتلاءت بحب الله تعالى حتى غدت قريبة كل القرب فالسكر الصوفي ليس شرابا او خمرا يدير الراس او يثقل الحواس فيضرب غشا وة علي القلب بل هواحساس يوقظ النفس وينعش الوجدان ويجلوعين البصيرة في نظرالصوفية- فتفتح امام القلب افاقا للروح في هــــــــــذه العوالم الجذابة الشائقة بحيث تستولي تجليات الحبيب على قلب الصوفي فلا يشهد ولا يشاهد سوى الحق سبحاه وتعالــــى لان حضور الحبيب في القلب هو محور لشعوره بذاته وبما حوله وقد يصل الى درجة صفو الوجد وبهذا يحل والوجود الشهــودي وحل الوجود الوجودي ونتيجة لذلك وهذه الدرجة من الحب الالهي وما يشعر به ا لصوفي العارف تجاه خالقه ومايحـــس به من شعور ازاء جمال من يحب المنزه عن الجمال الدنيوى ظهرت حالات النشوة والتي هي حالات السكر المشابه فـــــي اثاره الى حد بعيد حالات السكر الخمري وهذه الحالة علامة الصدق في الحب في ذلك يقول الشيخ عمر السهروردي ( المحــــــب شرفه ان تلحقه سكرات المحبة فاءن لم يكن ذلك لم يكن حبه حقيقة)- ومن هنا نجد شعر الجيلاني قدس سره قد ملــــــــــــــــــــــىء بالخمريات الالهية حيث انها مزجت بدم الشيخ فتنبعث من روحه وقلبه وعواطفه لاحظ اليه يقول حد يثها من قديم العهد في اذنـي
فخلني من حديث الحادث الفانــــيقديمة مزجت روحي بها ودمـــي
وهي الاتي لم تزل روحي وريحانـــيانا النديم الذي تم السرور بـــــــه
من كان يعشق رب الجا ن يهوانيوتعشق الراح مني حين اشربهـــا
ويسكر السكر مني حين يغشانــــيأي تعبير مبدع حاذق هذا واية صورة فنية خالدة لحالة السكر الالهي فالراح هي التي تعشقه والسكر هو الذي به يسكـــــــــر وخمرته ليس هذه الخمور الدنيوية وليست نشوته نشوتهم فهي نشوة ازلية ابدية يعني بها التحدث بذكر الله تعالى في السر الخفي الذي رادف السر والنور المحمدي وفيها يتشوق الشيخ قدس سره الى الذا ت العلية وحبيبه الذى يراه في كؤوس الخمر الا لهية يقول:- سقاني حبيبي من شراب ذوي المجد
فاسكرني حقا فغبت علىوجديوحالة السكر هذه لاتكون الا لاصحاب المواجيد فهي حالة متاءتية من النظرالىالحق وفيه بعين القلب مستأنسا بالمشاهـــــدة والحب والجمال الالهي في ظل النشوة العظيمة التي يشعر بها وقد تسمى هذه الحالة الشطح وهي حالة فيض وجد فـــاض بقوته وهاج لشدته وغليانه وغلبته والشطح عند الصوفيه من الحركة انها حركة اسرار الواجدين – فالصوفي عندما يقوى وجده ولم يطق حمل مايرد على قلبه من سطوة انوار الحقائق الالهية فيسطع ذلك على لسانه بعبارات مستغربة على مفهوم سامعها الا اذا كان من العارفين متبحرا في العلوم واستطيع تمثيل حالة الفيض بدلو ملىءبالما ء ووضع تحت سيل يصب فيه فكلما كان السيل قويا كان الفيض مثله وهذه حالة لايستطيع ادراك قوتها ا لا من دخل فيها واحسها بصدق انظر اليه يقول \–من البسيط- لي همة بعضها يعلو على الهمــــــم
ولي هوى قبل خلق اللوح والقلمولي حبيب بلا كيف ولا مثـــــــــــل
ولي مقام ولي ربع ولي حرمالقادرية فرسان معربـــــــــــــــــدة
بين الانام وسري شاع في القدم
عصف البحار وقد اظهرت جوهرها
فلم ار قدما تعلو على قدمـــــــيفهي جراء هيمانه ووجده يتصور ان همته تعلو على جميع الهمم الاخرى ووجده قبل خلق اللوح والقلم وان الله تعالى منزه عن الكيفية والمثلية – ((ليس كمثله شىء وهوالسميع البصير )- ويشير الى ان مقامه محفوظ ومحارمه مصانة ويشبه من تبعه من السالكين طريقته وسلوكه كالفرسان الذين لهم من الباءس والقوة فاذاع شهرته وعلت منزلته بين العالمين ومع كل هذا وذاك وفي حالتي الصحو اوالسكر نجد نكران الذات لدى الصوفي تنبع من هجره ملذات الحياه والانشغال بذكرالله مما يشــــع من روحه الصفاء من الكدر والانانية ويجعلها تفيض بالمحبة الخالصة الصافية في سمو من الاخلاق امتثالا للحديث القدســـــــي( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء –)

3-الحب الالهي\
\ ويعتبر الحب الالهي حجر الزاوية في الروءية الصوفية وهو الذى اخرج الكون من العدم والارادة فمحبة الحق تعالى للعبد ارادته لانعام مخصوص عليه وهي حالة تلاحظ في قلبه بلطف من العبارة وقد تحمله هذه الحالة على التعظيم له وايثار رضاه تعالى وقلة الصبر عنه وللاهتياج اليه وعدم القرار من دونه مع وجود الا ستيناس بدوام ذكره له بقلبه لقد وردت كلمة الحب في القران الكريم في عدة مواضع مما يدل على انه عاطفة صافية من الله تعالى نحو عبده غرسها فيه واخرى صاعدة من العبد نحو ربه حالة متبادلة بين العبد وربه فالمحبة منه اليه اودع بذورها قلوب محبيه وان الروح فيض منه تعالى وهبة منه اليهم فالحب تعبير عن وفاء الروح لخالقها وليس جميع الارواح قادرة على الوفاء بالحب عن منة الله اليها لذا اصبح اهل المحبة مخصوصين بهذه النعمة اصطفاهم ربهم عن سائر خلقه وقد تصل درجة المحبة فيهم الى حد الوجد فتكون مكاشفات من الحق تعالى تثير الزفير والشهيق والبكاء والانين والصعقة والصيحة والصراخ ويكون ذلك اذا انقطعت الاسباب وخلص الذكر وحي القلب ورق وصفى وغرست فيه الموعظة والذكر فانبتت واورقت واثمرت وحل الذكر من المناجاة في محل قريب وخوطب فسمع الخطاب باذن واعية وقلب شاهد وسر طاهر فشاهد ماكان فيه ان التصوف بني على الحب الصادق العفيف فهو سمة بارزة للتصوف التزمه الصوفيون ايمانا بقدسيته حيث ورد كما اشرنا انفا في المصحف الشريف( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )وفي احاديث الرسول الكريم على الله عليه وسلم ورد الحب بها كثيرا (اللهم اني اساءلك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني الى حبك) والصوفية يعتبرون اعمالهم تقربهم الى محبه الله تعالى لذا اضبح الحب الصوفي حبا صادقا تتعلق الروح فيه بالحضرة الالهية ومنها ظهر تاءثر الشعراء الصوفيين بشعرا ء الحب العذري وتمثلوا بالفاظهم ومواجيدهم وتغنوا بالذات الالهية وقد تبين بجلاء تام في شعر الشيخ الجيلاني قدس سره \
فواءد به شمس المحبه طالع
وليس لنجم العذل فيه مواقع

ومن علائم الحب الالهي الانس وهو اقرار المشاهدة لجمال الحضرة الالهية في القلب وهذا جما ل الجلال وفيه ينجلي الشيخ قدس سره وكانه في حضرة التقريب مستاءنسا بوجوده مع الحق تعالى وقد تحققت عبوديته له ووصل الى المقام الاعلى وهنا ليس للصبر مع العبد اختيار ولا ارادة بل يصل الى درجة الفناء فيه وقد اتخذ الفناء في شعر الجيلا ني قدس سره مايفصح عن كيفية هذا وتمكينه في هذا الحب منه من افناء ذاته واتحادهما في موضوعاتهما بتشويق ازلي في توكيد الذات واثباتها يقول من الطويل تمكن مني الحب فامتحق الحشـــــــــــا
واتلفني الوجد الشديد المنـــازعوقد فتكت روحي تقارعه الهـــــــــوى
وافنيت في نجو ى بما انا فازعتلذ لي الايام اذ انت مسقمــــــــــــــــي
وان تمتحني فهي عندي صنايعان ذكر الله تعالى والدوام عليه في ثنايا هذا الحب العطيم وتوكيد الاتصال الالهي الذي يشعر به اتجاه من يحب ليشير الى المنزلة العظيمة التي تحاول التقرب منها دائما ومن هنا يتبين ان الحب الالهي سر ان افصح عنه عوقب صاحبه بالموت واتهم بالكفر والعصيان وعلى هذا فان الحب الالهي عند الجيلاني قدس سره قد اخذ منحى من قبله من شعر اء الصوفية في التكتم والسر وعدم البوح وتحمل مايجده من صبابة ولوعة وشوق ووجد يقول
\- فقري اليكم عن الاكوان اغناني
وذكركم عن جميع الناس انساني وقد عرفت هواكم واعترفت بــــــه
وانكرت من كان في عرفي وعرفاني ان جاء جدب فانتم غيث مخمصتي
او عز خطب فاءنتم عز سلطاني وان يكن احد في الناس منصرفا
الى سواكم فمالي غيركم ثاني


شعر الشكوى والمحنة\
---------------------------- ا ان الشعر الزهدي اوالديني والشعر الصوفي رافد من روافده الفذة - اتسم بالشكوى من الحياة اوالدنيا والحنين الى الاخرة والجيلاني قدس سره احد شعراء الصوفية المطالع لشعره او دارسه يلاحظ المنهج فيه و اضحا وان كانت الحياة التي احياها بعيدة عن شظف العيش فيما عدا بدايات دخوله بغداد فقد تهياءت له اسباب الحياة ومسبباتها وعاش بين الوجاهة والعبادة والرئاسةوالمجاهدةوالدراسة والتدريس والوعظ والحكم و الارشاد وكان فيها جميعا راسا ومن عاش مثله لايشكو الاان اتجاهه الديني وطريقته الصوفية جعلاه يحن الى خالقه هاجرا كل الدنيا الفانية شاكيا اليه تعالى بعد القرب ولا ا زيد عما ترجمته السيدة ايمان الهداوي في اطروحتها - عبد القادر الجيلاني اديبا – فانه هو ذاته الشكوى فن شعري قديم قدم الشعر ذاته تعود اصوله الى شعر ما قبل الاسلام وقد عرف الشعر العربي الوانا من من شعر الشكوى منها الشكوى من الناس ومن الحاكمين ومن الزمن ومن ومن ومن الاغراض التي وجدناها في شعر الشيخ الجيلاني قسسره الشكوى لله تعالـــــــــــى والاستغاثة به والتعلق بر حمته فهو يبث شكواه عند الضيق لخالقه تعالى فهو ميسر لكل صعب يقول في قصيدته الرائية اذا ضاق حالي اشتكيت لخالقي
قدير على تيسير كل عسيرفما بين اطباق الجفون وحلهــاا انجبار كسير وانفكاك اسيرلقد ابدع الشعر في تصوير القدرة الالهية بانطباق الجفون وحلها (- انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون )– هذا من قبيل التصوير الفني الذى يدفع بموضوعات الشيخ نحو الجدة والابتكار فهو يعتمد الجرس القرا ني وصوره الفنية يقول من البسيط يامن علا قرائ مافي القلوب وما
تحت الثرى وظلام الليل منسدل
انت الغياث لمن ضاقت مذاهبــه
انت الدليل لمن حارت به الحيلانا قصدناك والامال واثقـــــــــة
والكل يدعوك ملهو ف و مبتهلفان عفوت فذو فضل وذوكــــرم
وان سطوت فأنت الحكم العدلوهكذا تجري قصائد الشيخ الجيلاني قدس سره واشعاره في الاستغاثة والشكوى لله تعالى والتعلق برحمته وجوده وكرمه من ذلك قوله \–من المجتث
وقفت بالباب دهــــرا عسى افوز بوصليمن بان ترفضنـــــــي عبد ببابك من لــيمالي بغيرك شغـــــــل وانت غاية شغليان الوزن الشعري - المجتث – يموج بالكلمات ويجعل منها نشيدا جميلا لايختلف في مكانته الفنية عن ترنيمات المحبينومن شعره في هذا المجال قصيدته المخمسة في الرجاء والاستعطاف يقول فيها-

الهي قد انبت بباب عطفك سائلا
مع ذلة والدمع مني سائلاوعلمت اني كم سألت مسائــلا
حاشا لجودك ان تجنب سائلا
امازال في احسان عفوك يطمع
***********
ادعوك يارحمن غير مشبــــــه
مستشفعا بالمصطفى وبولـدهفعفو لعبدك ماجنى من ذنبـــــه
يارب ان فرج فعجل لي بــــه
لم يبق في قوس التجلد مدفع

-----------------------------------------




الفصل العاشر


موقف الشيخ عبد القادر الجيلاني من المذاهب
والفرق الاسلامية


عاش الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد ثلاث وسبعين سنةوهي حقبة كبيرة شهدت فيها البلاد صراعات شديدة في الاوضاع السياسيةوالاجتماعيه والدينيةوالثقافية عامة وفي كل مجالات الحياة 0ان المجتمع هو المادة اوالوسط الذي يعمل به المصلحعلى اصلاحه في حالة وجود الخلل ولماكانت بغداد هي عاصمة الدولة الاسلامية اوتكاد ومركز الخلافة العباسية أي موطن الخلفاء والامراء والقادة والقضاة وفيها المسلم وغير المسلم بكل الطبقات الفقراء والاغنياء والاولياء وغيرهم من اهل الديانات الاخرى اذافان المجتمع البغدادى يمثل الخلافة الاسلامية بكل مجتمعاتها في طول البلاد وعرضها0ساد المجتمع البغدادي في هذه الحقبة خلاف مذهبي عقائدي عميق وشديد بلغ اشده واوجه0 صراع بين الفرق والمذاهب الاسلامية فقد بلغ هذا الخلاف المذهبي اشده والصراع بين الفرق الاسلامية ذروته وتحول هذا الخلاف من خلاف بالكلمة والفكروالثقافة الى صراع باليد والسلاح واراقة الدماء بين المسلمين نعم لقد اصاب المجتمع البغدادي امراض واسواء خطيرة تراكمت على بعضها حتى بلغت اشدها في ايام الشيخ الجيلانيومن هذه الامراض الصراعات المذهبية والطائفيةوالعنصرية اضافة الى المفاسد الاجتماعيةمنها تفشي ظاهرة النفاق والرياء وارتكاب الماثم وظهور قطاع الطرق والعيارينوسوء الخلق 0يحدثنا المؤرخون عن المعارك الدامية التي بين هذه المذاهب الاسلامية والفرق الكلامية وبين الفقهاء والصوفية وبين اطراف هذه المدارس في اطار دوائرها بحيث انقسمت الفرقة الواحدة الى اتجاهات متعددة وحركات متنوعةوالحركة الواحدة الىفروع كثيرة فقامت بين هذه كلها عداوات وانفصل بعضها عن البعض الاخر مسافات واسعة وتعالت الفواصل بينها فكانت هذه الصراعات شديدة ومحتدمة بينها الى حد المقاتلة بحيث انهكت هذه الفرق والمذاهب كلها وتوجهت الثقافة التي كانت في البداية كتابات مبدعة في مجالات التفسير واللغة والفقه الاسلامي الى ثقافات مفادها جمع اخطاء الفرق الاخرى تجمع اخطاءالغير بغية شن الحملات الشعواء عليها ونشر اخطائها على انها كفر او الحاد وتحاول كل واحدة من هذه الفرق ان تظهر بمظهر الحريص على الاسلام ومبادئه وتوصم الفرق الاخرى بالكفراو الخروج عن الاسلام فاستنزفت هذه المعارك طاقات النمسلمين بحيث تركتهم يخوضون في ذات المواضيع نفسها يجمعون سلبيات وادله وحجج غيرهم للنيل من خصومهم واظهار فرقهم ومذاهبهم وقناعاتهم بانها الافضل 0 انها معركة خاسرةاستغل اعداء الاسلام وخصومه - وهم محيطون بالبلاد الاسلامية من كل طرف – انشغعال المسلمين وعلمائهم بهذه الحرب الطاحنة سواء كانت فكرية اوعقائدية اودموية فراحوا ينشؤن المؤلفات والموسوعات الثقافية بثوا فيها من المعتقدات المتناقضةمع عقيدة الاسلام 0 بينما اتجه علماء المسيلمين وفقهائهم الى بث شرارة الفرقةفي مسائل معينة حصر المثقفون فيها اقلامهم في دوائرة ضيقة ومتاهات كادت تطفىء الشعلة والوضاءة التي اوقدها القران الكريم والحبيب المصطفي محمد عليه افضل الصلاة والسلام 0لقد عايش الشيخ الجيلاني ذلك الصراع المفضي الى انشسطار في الفرق الاسلامية والحركات الدينية وادرك خطرة هذا الامر المفزع 0- فهب برحمة من الله وفضله على الاسلام وتوفيق منه – لجمع الشتات وتقريب وجهات التظر وحمل نفسه مسؤليةمواجهة هذه الخلافات وهذا التمزق في ثوب الدين فكان نداءه عاليا جليا ان العلم هو الوسيلة التي تواجه به هذه الصراعات ويستطيع بالعلم فقط ان يجمع المسلمين على كلمة سواء بينهم ويبسط هوة الخلافات والاتهامات بينهم ويقلل من حدة التنافر الحاصل بينهم والاثار السلبية له فصدع للامر ورحل طلبا للمعرفة فاستقر المقام يه في مدينة العلم والعلماء والصالحين وحاضرة الثقافة العربية وعاصمة حضارتها ومستقر هذه الخلافات بغداد0فتح الله سبحانه وتعالى عليه علما من عنده ومقدرة واسعة على الفهم والادراك والاستنتاج ومن الله سبحانه عليه ففتح امامه طريق الهداية وطريق القيادةفارشده الى علم الشريعة والحقيقة ياتيه من اوسع ابوابه عن طريق التعلم والمجاهدةوالتتلمذوالسؤال فراح يتنقل بين مجالس العلم لدراسةالشريعة الاسلاميةواللغة العربية والفقه وعلوم القران والتفسيروعلم الكلام واخذ الكثير منهم وواصل عملية الدراسة سنوات طوال ولم يسمح لنفسه بتولي مواجهة الخلافات وتحمل عقدة حلها او تقريب وجهات الخلاف فيها الا بعد ان اكتملت دراسته في الشريعة واشتد ساعده في كل العلوم والثقافة0

من المعلوم ان علم الطريقة لاياتي الاعن طريق المجاهدةوالصبر والتفكر الدائم بالحق تعالى اذ ان سلوكه صعب وشاق لذا الهمه الله تعالى المقدرة على سلوك هذا الطريق بالمجاهدة والتفكر والانشغال بذكر الله تعالى والثبات عليه فلازم اهل الحقيقة وتدرب على ايديهم ووضع نفسه تلميذا لابرز شيوخ اهل الطريقة ولازمهم اعواما طوالا 0ونستطيع القول ان هذه السنين التي لازمهم بها هي ذات السنين التي قضاها في الدراسة والتعلم ومعرفة علم الشريعة بكل مفاهيمها وبهذ ا من الله تعالى عليه ليجمع علمي الشريعة والحقيقة علما وعملا وليكون اهلا لتحمل الهداية والدعاية وحسم الخلافات بين الفرق والمذاهب0 حيث ان الخلافات مذهبية او ذات طابع ديني وان علم الحقيقة قائم على الكتاب والسنة المحمدية0 فكل ما يخالف القران والسنة النبوية بعيد عما في نفسه وطريقته فحسم الخلافات والنازعات وحمل مسؤليتها والوقوف عليهاوالقدرة على حلها مهمةعظيمة وصعبة 0بلغ الشيخ الجيلاني بفضل الله وعنايته في وقت واحد درجة الاستاذية في علوم الشريعة ومرتبة القطبية في علوم الحقيقة او في سلم الولاية فكان في الموقع الذي يمكنه من التعامل مع كل المذاهب والفرق الموجودة في وقته بقلب مفعم بالايمان ونفس راضية مرضية مطمئنة متمكنة وفكر ثاقب قادر على مجابهة كل الصعاب وعزيمة قائمة كانها عزيمة اهل العزم لذا اقدم على تحمل مسؤلية هذه الامور0 فتحرك ضمن خطة محكمة بالهام من الله تعالى وعونه وخطوات مدروسة مفهومة من لدنه فكان له ان يحقق الكثير الكثير في توحيد شمل المسلمين وجمع كلمتهم ولم شتاتهم واصلاح احوالهم في تلك المنازعات ورد المظالم والمفاسد الني كانت موجودة والتي تصدر من الخلفاء والسلاطين الحاكمين ا والتي كانت تزحف على الامة الاسلامية من الخارج ايضا كالغزو الصليبي او الافرنج وعدوانهم وظلمهم فكانت مدرسته وتدربسه فيها لتلاميذه ومريديه والاما نة التي الزم نفسه بها قوة عظيمة في مواجهة هذا العدوان الشرس واعداد المجاهدين الصادقين ممن غرس فيهم روح فهم للاسلام سليمة 0 كفيلة بمواجهة الاعداء والانتصار عليهمتولى الشيخ رئاسة المدرسة المخرمية بعد وفاة استاذه اابي سعيد المخرميوكان لهذه المدرسة مكانة كبيرة ومنزلة عالية في بغداد وتعني هذه ان الجيلاني قد بلغ المرتبة العالية في علوم الشريعة وتعني تسلمه رئاسة دولة الصالحين وتعني وصوله الى درجة القطبية فقد اصبح وليا وفقيها متبحرا ومتقلدا لامورالمسلمين والمسؤول عن حل مشاكلهم 0 اعتمد خطة محكمة تبدا من صفته الولي القائد ليسحب نفسه عن دائرة الصراعات المذهبية والثبات بعزم انه فوق كل الامور المخالفة للكتاب والسنة ليسعى لاضفاء صفات على تصوفه تجمع كل صفات الفرق الاسلامية والسماح لهم في دخول طريقته أي كان مذهبه فعمل على توحيد المذاهب واذابتها في طريقته الصوفية 0فنشا جيل متصوف من مذاهب شتى ولما كان هؤلاء المتصوفة على مذاهب عدة استطاع بتوحيده لهم وجمع كلمتهم ان يجعل من نفسه مدرسة يلتقي فيها المتصوفة من مذاهب شتى عن التزامهم الصوفي وتتلمذهم على يد قائد واحد صوفي فصارت حركة التصوف في ظل قيادته لها موطن لهؤلاء فتمكن الشيخ الجيلاني ان ينفتح بهم على المذاهب كلها ويستخدم هؤلاء المريدين من المتصوفين الفقهاء وسائل اقناع وتفهيم فرقهم التي ينتمون اليها او مذاهبهم لتخفيف حدة الصراعات بينها وجمع كلمتهم في ظل التصوف فكانت هذه بداية الغيث التي استطاع الجيلاني ان يحقق الكثير فيها في حل هذه المنازعات والخلافات بين المسلمين وتوحيد كلمتهممن المعلوم ان الجيلاني كان حنبلي المذهب والحنابلة على خلاف واسع اوقل على طرفي نقيض من المتصوفة فاذا به يجمع بين النقيضين فكان متصوفا حنبليا على افضل ما يكون التناسق والتكامل والائتلاف بينهما بحيث فتح الباب لحسم الكثير من الخلافات بين الفقهاء الحنابلة والصوفيين وقرب بينهمكانت مساجد بغداد – ام الدنيا وعاصمة الثقافة- كما هي اليوم يلعب بها التفرق والخلافات المذهبية والطائفية فهذا المسجد للمذهب الحنبلي وهذا للشافعي وهذا للحنفي وهذا للشيعة وهذا للاشاعرة وهذا النادي للفرقة الفلانية وهذا للفرقةالاخرىوبين الجميع خلافات واسعة وهوة عميقة وصلت في بعض الاحيان حد الاقتتال بينها 0فالجيلاني بعد اكتمال تعلمه وجلوسه في رئاسة المدرسة المخرميةواحاطته علما بكل المذاهب الاسلامية المختلفة فقد كان من حيث التطبيق على المذهب الحنبلي مع علمه التام بفقه الشافعية والحنفية وتصدر الافتاء على كل المذاهب فكانت مدرسته جامعة يدرس فيها جميع المذاهب الفقهية0 لذا فعلمه هذاوتوجهه الصوفي قد فتح كل الابواب الموصدة لسنوات طوال ليجمع بين المتخالفين والمتنازعبن بحيبث اصبحت مدرسته مرجعا للدارسين والفقهاء واصحاب العلوم كافةيؤمها من كل المذاهب والطوائف للدراسة والتعلم فعمل على تخفيف حدة الخلافات والتنازع الطائفي والمذهبي بين الجميع والتقليل من كثرتها وحقق نجاحات باهرة في هذا المجال في احسن الدرجات0 وكذلك استغل الشيخ مجالس وعظه في جمع شمل المسلمين وتوحيدهم 0 فلما كان على درجة عالية من الكمال العلمي والفقهي خلال ترؤسه المدرسة المخرمية والتي سميت بعد ذلك بالمدرسة القادرية ولا تزال في العلم والخلق الحسن والبسيرة الفذة الحميدة – ولا عجب في ذلك فالشيخ الجيلاتي سليل الدوحة المحمدية المطهرة وثمرة من ثمار هذه الشجرة المباركة- فهذه الصفات القيادية مكنته من قناعة الاخرين بارائه بحيث رجع الكثير منهم عن ارائهم ومواقفهم وتعصبهم ونبذ التنافر بينهم فكان بحق فقيها بارعا ومصلحا اجتماعيا وقائدا واماما على اعلى درجات العلم والوعي والثقافةفي حل المنازعات والخلافات بين الاخرين0واجه الشيخ الجيلاني الخلافات بين المذاهب الاسلامية بحيث اعد نفسه اعداد متكاملا للوقوف على اراء وافكار ووجهات نظر اصحاب هذه المذاهب با لرجوع الى ماكتبه فقهاء هذه المذاهب والاطلاع على اقوالهم ودراسة حججهمبعد ان سحب نفسه من دوائرالفرق والمذاهب المعروفة واعتبر التصوف حركةاوقل دعوة اسلامية خالصة وليس مذهبا دينيا انما حركة معبرة عن روح الاسلام اصدق تعبيروان التصوف هو عمل بمباديء الاسلام و المعبر عنها بالقران الكريم والسنة النبوية وان المبدء الرئيس والكلي للاسلام هو الايمان والتوحيد والعمل بماجاء بالفرائض وهجر المحرمات أي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كشعار للمسلمين كافة0 ولما كانت كل المذاهب والفرق الاسلامية متفقة على ذلك قد جعل التصوف قاعدته وركيزته بحيث اعتبر التصوف هو الاسلام كله في حقيقته 0اخبرنا الحبيب المصطفى محمد صلى الله علبيه وسلم ان الاسلام سيفترق علىثلاث وسبعين فرقة كلها ضالة الا واحدة هي من التزم بالقران الكريم والسنةالبنبوية المطهرة وقد ادرك الشيخ الجيلاتي من خلال دراسته لهذه الفرق والمذاهبانها كلها صحيحة بعد ان تفقه عليها واحاط بها علما واقتنع نفسيا بان كل المذاهب الاسلامية تستقي اراءها من القران الكريم و السنة النبوية المعطرة وانها جميعا على الحق في بداية الشروع في الانطلاق والتوجه وعبر السير في اتجاهات ومسارات متباعدة عن بعضها بحيث بقي كل مذهب يعتمد في سيره بهذا الاتجاه اوذاك على الكتاب والسنة أي تنبع من منبع واحد فاذن جناها واحد 0 ومن خلال الرجوع الى كتاباته يتبين ان ظهور الفرق والمذاهب الاسلامية مسالة لابد منها كماحدثت في الديانات السماوية الاخري فالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يبين في هذا الحد يث ان اليهودية انقسمت الى احدى واربعين فرقة كلها ضالة الا واحدة وان المسيحية انقسمت الى اثنتينوسبعين فرقة كلها ضالة الا واحدة هي الاسلام وجماعتهم0

اذن هذا الانشقاق او الانقسام في الاسلام منطقي وطبيعي كما في الديانات الاخرى من البديهي ان كل حركة منهما كانت او قل أي شيء يحمل عوامل انقسامه وكل قسم يحمل بذور انشطاره واتقساماته0 ان هذه الانقسامات تكون طبيعية وتوافقية مع قانون الحياة بان كل شيء يحمل نقيضه وان كل شيء في حركة دائمة وتغييرمستمر ومتواصل 0ومن متابعة ظاهرة هذه الانفسامات استنادا لحديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومتابهة لبعض الايات القرانية الكريمة واحاديث اخرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصف هذه الانقسامات وتقرها يل على اقرار الله تعالى على ذلك واعتبار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لها ظاهرة ايجابية فقد جاء في القران الكريم( كل حزب بما لديهم فرحون ) والرسو ل الكريم يقول( اختلاف علماء امتي رحمة) 0لقد حصر رسول الله تعالى الرحمة في اختلاف العلماء حيث انها تكون خلافات علمية تنشط الفكر وتوسع المدارك وتؤدي الى الابداع والبحث والتعقيب والدراسة وتحفز على مواصلةالاجتها د وينتج عن ذلك نتاجات ابداعية فكرية تضاف الى الابدعات الاخرى بحيث تكون ثمرة حضارية تسهم في الابقاء على عملية الابداع ةتطورها نحو الافضل بصورة عامة اليس هي بين العلماء فقطان النقاش والتحاور والخلاف في أي موضوع بين العلماء يوسع داءرة المعرفة في هذا المجال اذ سيحرص كل عالم ان يبرز ويوسع نظريته فيه بالحجة والبينة بقدر مايستطيع وفي هذا تنشيط للفكر والابداع في الثقافة العامة اولا النوع المعين ثانيا وان الثقافة والحضارة لاتنمو النمو المتزايد ولا تتوسع وتتعمق الافي هذا الاختلاف والا اصبحت راكدة فالعلماء غعندما تكون حالاتهم الفكرية مسترخية مستسلمة خالية من الحيوية والابداع او قل من ا لاختلاف فانها تبقى في مستويات ضحلة مقيدة تحول دون حركتها وتطورها وفي هذا تجميد للحركة والحضارةوالثقافةعامةوفي الجانب المعتني خاصةاساس ا لاسلام التوحيد والمبدء الاول له اذ قال تعالى( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) لذا فالحكمة االالهية من الخلق هو العبادة عبادة الله تعالى وهذا ماجاء في كل الديانات السماوية والعبادة معرفته سبحانه وتعالى وطاعته ولزوم اوامره وهجر نواهيه والقيام بالواجبات المفروضة عليه وغفرانه للانسان عن كل زلاته ان اطاع الله تعالى ولم يشرك به قال تعالى( ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) فمن يوامن بالله ولايشرك به شيئا ويستند عليها كقاعدة اساسية في عمله وعبادته دخل الاسلام 0 لذا نرى في ضوء ايات القران الكريم ان سبحانه وتعالى يفتح ابواب رحمته امام عبادة المؤمنين به الذين ساروا في طريق الاسلام الصحيح في اعتمادهم على مبداين اساسيين بينهما رب العالمين سبحانه الاول التوحيد المطلق لله تعالى وما يتفرع عن هذا الايمان من ايمان بالكتب السماوية والرسل والملائكة واليوم الاخر والثاني العمل بالفرائض من صلاة وزكاة وصيام وحج ليبيت الله تعالى لمن استطاع اليه سبيلا والنطق بالشهادتين في القلب واللسان 0 وكل هذا جعله الشيخ الجيلاني نبراس عمل لطريقته( الطريقة القادرية) والزم مريديه او الداخلين اليها من كل المذاهب والفرق التي دخلت الاسلام او تشعبت عنه0 لذا انشا جيلا مؤمنا ايمانا صادقا من كل الفرق والمذاهب الاسلامية واذابها في بودقة واحدة جديدة اساسها الا سلام واخذ عليهم موثقا بشهادة انفسهم انهم موحدون طائعون عابدون لله تعالى وجعل علامة الايمان القيام بالواجبات التي فرضها الاسلام على المسلمين فمن قام بها فهو منه ومن تاخر ولو بنزر يسير فقد اخفق ومن اخفق فليس من ط ريقته في شيءرحم الله الشيخ الجيلاني فقد وحد كلمة المسلمين من جديد



-------------------------------------------------------




انتهى القسم الاول ويليه القسم الثاني




















الباب الثاني


شرح


قصائد الديو ا ن











قافية الهمزة



يا رب


يارب اظفرني بنيل مطالبي

من فيض جودك ارحم الرحماء

اظفرني =اجعلني انال مرادي او ارزقني اياها
نيل مطالبي = حصولي على ما اتمناه واطلبه
من فيض جودك = من الفيض وما يفيده التجلي الالهي فاذا كان التجلي له عين ثابتة غير موجودة فيكون هذا التجلي تجليا وجوديا يفيد الوجود واذا كان التجلي له موجودا خارجيا كالصورة في المراة يكون التجلي بالنسبة اليه بالصفات ويفيد صفة غير الموجود كصفة الحياة ونحوها والفيض بالمعنى الحسي يقال عن الماء اذا جرى في سهولة ويسر والفيض المعنوي يقصد به الجرد والعطاء الالهي فاذا شعر المريد بضعف ايمانه فعليه بالكتاب والسنة حتى اذا قوي ايمانه عند ذلك يفاض عليه من نعم الله تعالىويسبغ عليه نعمه فائضة حتى يقنع العبد المؤمن بالذكر فيفيض عليه الله تعالى بنعمه واسراره فيكون في جمال وجلال الله تعالى فيانس بالقرب ويقربه الله تعالى بافاضة الفبض الرحماني والفتح الرباني والفضل الالهي
الجود = الكرم

واظهرني جود الوجود مسلطا

علما وحكما من عظيم عطاء

اظهرني = اجعلني ظاهرا متجليا
الوجود =فقدان العبد بمحاق اوصاف البشرية ووجود الحق لاءنه لابقاء للبشرية عند ظهور سلطان الحقيقة وهذا ياتي بعد الارتقاء عن الوجد وهو اخص الوجد من الوجد والوجدان لدوامه بدوام الشهود واستهلاك الوجد فيه رغبته عن مصدروجوده بالكلية
مسلطا =علما
حكما = ظاهرا والعلم والحكم من العلوم الدينية والحكم يعني الحكمة ومن اوتي الحكمة فقد اوتي شيئا كثيرا وفضلا عظيما وهي العطاء الكبيروالعظيم

والبسني لبس الكمال تقدما

من سرك المخزون يامولائي

البسني = اخلع علي
لبس الكمال = لباس التنزيه
من سرك المخزون = كمال الله تعالى في سره عبارة عن ماهيته غيرالقابلة للادراك والغاية فليس كمثله شيء ولا لكماله غاية ولانهاية والسر عند الصوفية هو ما لايملك الانسان له رقابة او اشراف فهو الطف من الروح والروح الطف من القلب اما سر السر فهو ما لايجوز ان يعلمه احد من الخلق من انس وجن وملائكة
اويطلع عليه غيرالله تعالى لاءنه سبحانه انفرد به من دون خلقه

واكشفني انوار الخلائقجملة ال

اكوان حتى لا ارى بغطاء

ا كشفني = اطلعني عليها
انوار الاخلائق= جمع نور أي اجعلني اكشف واطلع على انوار الخلائق جميعها وهو حجب انوارهم أي اجعلني بمنزلة ارفع من منزلتهم جميعا كالشمس اذا طلعت يحجب نورها كافة انوار النجوم والكواكب

واكحل بأ ثمد للشهود بصيرتي

فجمال وجهك منيتي ومنائي

اكحل = نزه او كحل عيني
الاثمد = الكحل
للشهود = للرؤية وياشهيد ياحاضرالشهادة وعليم بما في السرائر
والظواهر والشهود رؤية حظوظ النفس وهو اما رؤية الاحدية من الكثرة او رؤية الكثرة في الذات الاحدية وعندما ترى هذه الحالةبالبصيرةالتي هي قوة القلب منورة بنور القدس ترى فيها حقائق اشياء وبواطنها عند ذلك يكون جمال وجه الله تعالى هو المنى والامل المطلوب

واشخصني انوار العلوم ارى بها

مرقومة الاشياء في انائي

اشخصني = هيئني او اصنعني او الهمني هذا الامر واخضعها لي لكي اراها في كل الاشياء وفي كل الاوقات
انائي= اوقاتي

-----------------------------------------------

ياحي ياقيوم

ياحي ياقيوم احمي مهجتي
من نور ذاتك ياسميع دعائي

الحي القيوم= من اسماء الله الحسنى
احمي مهجتي = احفظ نفسي وقلبي وجناني وابعث فيهما القوة
من نور ذاتك = نورالذات العلية والنورنور الحق واليقين والهدى واطمئنان القلب (الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور)البقرة 257 والنورالالهيهو الوارد الالهي الذي يطرد العالم الفاني باعتباره الظلمة في القلب فلا يبقى فيه غير نوره تعالى ويقول السهروردي(ياقيوم ايدنا بالنور وثبتنا بالنور واحشرنا الىالنور واجعل منتهى مطالبنا رضاك )

ياذا الجلال وذا الجمال وذا العلى

ياكامل الاوصاف والاسماء

ذو الجلال والجمال والعلى = من اوصاف الحق تعالى ودعائه بها والجلال صفة القهر والغلبة و الكمال ذاته تعالى بصفته العظمة والكبرياء والجلال المطلق والكمال المطلق فانه لايكون شهوده الالله وحده وهي من اسماء الله الحسنى

وصلي على المختار خير عبا دك
المبعوث بالفرقان في الدنياء
المختار = النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو ايضا خير العباد والمبعوث فيهم بما انزله الله تعالى من ايات القران الكريم الذي هو الفقران

------------------------------------------

يادار اسماء

يادار اسماء بانت عنك اسماء
واصبحت بعد ذاك الانس قفراء
بانت = بعدت وهجرت
الانس= النعيم والحبوروالفرح والانس \ فرح ونعيم وسعادة غامرة تملاء القلوب بالمحبوب الذي هو الله تعالى وفي الانس ترتفع الحشمة وتبقى الهيبة مع الله تعالى ويتكون الانس في طمأنية ورضا الله تعالى وكتب احدهم الى صاحبه فقال- ليكن انسك بالله انقطاعك اليه فان لله عبادااستأنسوا بالله فكانوا في وحدتهم اشد استئناسا من الناس في كثرتهم والانسثلاثة احوال الاول من يأنس بالذكر ويستوحش من الغفلة وانس بالطاعة والثاني من يأنس بالله ويستوحش ما سوى الله تعالى والثالث من ذهب عن رؤية الانس بوجود الهيبة والقرب من الله تعالى والتعصم من الانس ويروى عن الامام علي رضي الله عنه انه قال ( اصحاب الانس هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الامر فباشروا روح اليقين واستلانوا واستوعر المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بابدان ارواحهم معلقة بالملاء الاعلى اولئك خلفاء الله في ارضه والدعاة الى دينه)
قفراء= مهجورة خالية جرداء

بانت فلا البان مهزوز شمائله
كلا ولا الروضة الغناء غناء
البان = شجر معروف
مهزوز= متحرك اومتمايل بفعل الهواء او بفعل الشوق والحب
شمائله = اغصانه او اعطافه
الروضة الغناء= الحديقة او الجنة المكتضة في الشجرتسرالقلوب


-----------------------------------------

قافية الباء

دنوت من المحبوب

دنوت من المحبوب اعلى المراتب

فأوهمني بالقرب ازكي المواهب

دنوت من المحبوب= تقربت اليه أي من الله العلي القدير والدنوورد في القران الكريم بمعنى القرب اوالعطف والرعاية(كلا لاتطعه واسجد واقترب ) سورةالعلق \19 ( واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان) سورة البقرة 186والقرب هو التقرب الى الله تعالى بكثرة الطاعات بحيث يكون المريد دائم التطلع الىالله تعالى لايرى شيئا سواه فلايأتي بعمل يكرهه الله تعالى ولا يترك عملا يحبه الله تعالى او امر به
اوهبني= اعطاني اومنحني او تفضل علي
ازكي المواهب = افضلها واسناها واحسنها ومن وهبه الله تعالى هيبة فقد وهبه فضلا كبيرا

وتوجني تاجا على خلع الرضا
باثنى ملابيسي فنلت مأ ربي
ملابيسي = ملابس والياء لضرورة الوزن الشعري
نلت مأربي = حصلت عليها والمارب =امنيات النفس وحاجاتها

وتلوت تصريف الوجود بأسره
خليفة بالكرسي اجلست نائبي
ونادمني من غير واسطة وقد
بدى لي جهرا لا حجاب ولا حاجب
انا خادم في حضرة نبوية
قريب له قربا كقوس حاجب
خليفة= تعبير صوفي معناه صاحب جماعة من مريدي الطريقة الصوفية حيث تبدا بالانتماء اليها ويسمى المريد وكل عدد من المريدين لهم خليفة وكل عدد من الخلفاء لهم نائب وكل عدد من النواب او الابدال لهم قطب وعل ى كل الاقطاب قطب الاقطاب وهو واحد والقطب ايضا هو رئيس الطريقة اوشيخها وفي العالم الاسلامي العديد من الطرق الصوفية اهمها واشهرها الطريقة القادرية نسبة الى الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره والطريقة الرفاعية نسبة الى الشيخ احمد الرفاعي قدس سره
الحاجب = المانع الرؤيا اوالجدارالعازل
الحضرة النبوية= اجتماع اصحاب الطريقة بشيخها لتدارس ومناقشةالعلوم الشرعية والاحاديث النبوية او حضرات مجالس المتقدمين فيها لتدارس مواضيع المشاكل الاخلاقية او الصوفية وتعد الحضرات الصوفية( النبوية) من المراسم التي يتسم بها لمجالس الصوفية وبالحضرة يتوجب على المريد ان ان يغطي راسه بطاقية ولايجوز له الدخول منتعلا او عاري الراس كما انه من الملاحظ ان المريد لا يلبس خاتما من ذهب حيث يعتقد الصوفيون ان الذهب من الكروهات
قوس الحاجب = حاجب العين ويضرب مثلا لقربه منها
القرب = تم شرحه اعلاه
فوصف جميعي لايحاط بقدره
وهزمي لخاني ينثني وهو هائب
فوصفي جميعي لايحاط بقدره = المراد قدرالله تعالى وهوعلو شانه فهو متعال مهما وصفه الواصفونومنهم الشيخ قدس سره ولا يحاط بقدرالله تعالى ووصفه وصفاته
ينثني = يتعوج اويلتوي أي لايثنيه شيء عن ذكر الله تعالى وتهيبه منه خوفا وخشية اوطمعا في رضاه وهيبة منه

وحكمتني كل الدنان وحانها
فلا ثمل الا تلاني عا قب

حكمتني = اخضعت الاخرين تحت حكمي وسيطرتي اي انخراطهم في طريقته وتعاليمه
الدنان = جمع د ن وهي اوعية حفظ الخمرة
خانها = موضع شرابها والخان سابقا بمثابة الفندق في هذا الوقت
الثمل = السكران من شدة اوكثرة شرب الخمرة بحيث افقدته وعيه وعم سيطرته على اعضاء جسمه فاخذ يتمايل يمينا وشمالا
تلاني عاقب = جاء بعدي او خلفي

وربما تكون الدنان رمزا للطرق الصوفية التي يرتوي منها المريدون على ايدي خلفائهم وساداتهم والثمالة هنا مقدرة المريد والخليفة او سلطان الطريقة على كثرة الارتواء من هذا البحرالغزيرالمقصود به علوم الطرق الصوفية

وما شرب العشاق قدما وبعدنا
من الحان الا بعض سؤر مشاربي

العشاق = المنتسبون الى الطريقة وعشاقها
قدما وبعدنا = قبلنا وبعدنا أي كل من انتسب الى الصوفية قديما وحديثا منذ نشوء التصوف وحتى وقت وجود الشيخ ومن جاء بعده او سياتي ومنتسب الى الطريقة
من الحان = من الطريقة
سؤر = النقط التي تتجمع في قعر الاناء من ماء اوخمرة بعد شرب مافيه وهي قليلة جدا تعد قطرات وهذا ما يؤكده الشيخ انه اكثر الواردين والكارعين من بحرالتصوف بحيث ماشربه منه اوحصل عليه لم يترك منه للاخرين الا النزر اليسير والذي لايتعدى نقيطات تركها لهم في قعر القدح او تركها لهم من بحر التصوففتذوقوه وتلذذوا به

سلكت طريقا ليس يسلكه سالك
وكان حبيبي لي دليلا مصاحب

سلكت طريقا = سلوك الطريق الصوفي والمقصود به هنا الطريقة القادرية التي اسسها الشيخ قدس سره وفي العبادة والتوجه الىالله تعالى وكان الله تعالى هاديه الى هذا الطريق وحافظه في سلوكه ومناجاة ربه سبحانه وتعالى

خلوت بمن اهوى بغير مزاحم
فيا حبذا ما طبت لي من مأ رب
خلوت = انفردت
بمن اهوى = بمن احب أي بالله تعالى والخلوة تعتبر من اهم المستلزمات الروحية التي يؤديها الرجل الصوفي ويهتم بها مشايخ الطرق الصوفية لاءهمتها في تزكية نفوس وقلوب مريديهم ومن خلالها يعرف مدى استعداد المريد لتقبل المقامات والاحوال الصوفية الاخرى التي يعانيها المريد في طريقه الى الله تعالى

لي همة تعلو على كل همة
ومطلب عزمي مهلك كل طالب

الهمة = القوة المتأتية من الرغبة الشديدة وعنفوان العاطفة النفسية ويتحدث الشيخ قدس سره عن همته في محبته لربه تعالى التي تفوق كل الهمم ومطلبه الذي لوطلبه غيره لهلك دونه وهو كناية وتصريح بصعوبة ووعورة الوصول الى ما وصل اليه الشيخ في مجاهدة النفس في الصلاح والارادة وقوة الحزم والعزم على الوصول الى مبتغاه

انا في الهوى سلطان كل متيم
لمملكتي في الارض حنت ركائبي

وفي هذا البيت يبين الشيخ قدس سره ان هواه وعشقه لربه فاق كل عشق العاشقين ومحبة المحبين فهو يمثل نفسه بملك ملوك العاشقين والمتولهين في حب جناب الله تعالى والوصول الى المحبوب وهوغاية كل صوفي وانه شديد الحنين والرغبة في سلوك هذا الطريق

لواء لوائي في الوجود مخيم
مخفق تملأ الخافقين ذوائبي
اللواء =- الراية

الوجود = التساكر في العرف الصوفي او السكر
الذوائب = الجدائل
والمعنى ان لواءه عال في الوجود لااحد ينازعه مكان تملاء الخافقين وهنا كناية عن الشرق والغرب وانتشار طريقته شرقا وغربا من بلاد الهند الى مجاهل اواسط افريقيا

نشرت اعلامي على كل عاشق
مشارق ارض الله ثم المغارب

المراد هنا نشر الطريقة القادرية بين محبيها وعشاق رب العالمين سبحانه وتعالى من المسلمين في مشارق الارض ومغاربها

واهل الهوى جندي وحكمي عليهم
في سائر الافاق سارت مواكبي

اهل الهوى = مريدوا الطريقة فهم كمثل الجند عنده سماعون لتعليماته وارشاداته ومطيعون له فقد اخذ عليهم موثقا باتباع اسس ووصايا هذه الطريقة وان مريدي هذه الطريقة وخلفاءه فيها هم مواكب رحمة للناس وخيروهداية للمسلمين انتشرت في افاق الدنيا واقطار الاسلام

وجالت خيول الارض شرقا ومغربا
وفي طولها والعرض دارت نجائبي

جالت \ ذهبت اوسارت
شرقا ومغربا وفي طولها والعرض \ في كل مكان من المعمورة في سبيل نشر الاسلام او نشر الطريقة القادرية
النجائب \ الخيول الاصيلة

انا قطب اقطاب الوجود حقيقة
وجملتهم لي يتبعون مذاهبي

قطب الاقطاب \ شيخ مشايخ الطرق الصوفية – لاحظ ذلك في صدر هذا الكتاب
وجملتهم لي \ جميعهم ينهلون من افكاري ويتبعون ما اخطط وما ادعوا له وما اريد

اذا اجتمعوا في جامع العشق جئتهم
خطيبا اعظهم من بليغ عجائبي

جامع العشق \ حلقات ذكرالله تعالى او حلقات الدراسة
بليغ عجائبي \ اسرار الطريقة القادرية

وكلهم بي يقتدون حقيقة
بعصري وبعدي هكذا كل طالب

بعصري \ بوقتي اهو الوقت الذي كا ن فيه الشيخ حيا يدعوالى طريقته ويثبت اركانها وينشر افكارها من مبادىء وقيم
وبعدي \ بعد هذا الوقت اي ان طريقته سيتم لها البقاء من بعده وستنتشر في كل ارجاء الارض وهي كذلك قد انتشرت وفق ما تنبأ به حيث استمر طلابه وتلامذته ومريدوه باتباع تعاليم واسس هذه الطريقة حسبما وضعها لهم الشيخ قدس سره وانتشرت في كل بقاع الارض ولا تزال منتشره وستبقى لها رجالها وشيوخها ومريدوها

قعود جلوس ينظرون تحت منبري
يجروا دموعا بالدماء سواكب

يجروا دموعا بالدماء سواكب\ من شدة الشوق والحب والعشق الالهي لالذي غرس في قلوبهم وهو يعضهم من فوق منبره

وا قدمهم بعد ذلك راعيا
اما ما لهم بي يقتدى كل راغب
اقدمهم \ يتقدم عليهم اماما ليؤمهم بالصلاة فيقتدون به

وقد افلت كل الشموس وشمسنا
ليوم اللقا اشراقها في كواكب
وفي هذا البيت تنبؤ ببقاء الطريقة القادرية على مرالدهور والعصور
يوم اللقاء\ يوم القيامة وهويوم لقاء رب العالمين سبحانه وتعالى بعباده المؤمنين ليثيبهم اجرهم الذي وعدهم اياه
في كواكب \ اي تبقى بحرص اصحابه من المشايخ والمريدين الذين هم كالكواكب او الشموس لينيروا الطريق بعده للاجيال

ولي وله قبل الوجود وكونه
واي قدم قد جال في جذ ب جاذبي

الوله \ الحب القاتل والعشق المفضي الى الهلاك
الوجود \ شرح قبلفي هذا الكتاب
الجذب \ هو الجنون او السكر الصوفي او الحالة التي تعتري المريد في حلقات الذكر والعشق الالهي الذي يفقده صوابه الدنيوياو البشري فيحلق فيجو السماء ذاكرا الله تعالى حبيبه المشوقفتتلبسه الحالة الصوفية والافعال التي يقوم بها التي لايستطي القيام بها اثناء وضعه الطبيعي يقولون انه الهام منزل

وهذا مقامي واتصالي بخالقي
وذكرت لحظي من حبيب الحبائب

حبيب الحبائب \ كناية عن حبه لله تعالى الذي جعله احب كل شيءعنده فهو حبيب الحبائب

محمد المرسول للخلق رحمة
وجاهد في كفارهم بالقواضب

محمد المرسول\ محمد الحبيب المصطفى الذ ي ارسله الله تعالى رحمةللعالمين وجاهد الكفار والمشركين
القواضب \ الرماح الطويلة

امامي رسول الله جدي وقدوتي
وعاهدني من كفه وهو طالبي

امامي \ مرشدي ومقتداي ومنور طريقي
جدي \ جده بالنسب اذ يرجع نسب الشيخ الى الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم - لاحظ نسبه الشريف في الباب الاول من هذا الكتاب
اما في الشطرالثاني فيؤكد رؤيته للرسول الحبيب المصطفى في منامه او شبه يقضته – ورؤيا الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم في المنام رؤية حقيقية كما اخبرعنها عليه الصلاة والسلام
فقد اكد الشيخ في هذا البيبت انه راى النبي صلى الله عليسه وسلم
وضعا يده الشريفة في يده طالبا له وداعيا

اتاني مرارا قبل عهدي وقال لي
انا جدك فافخربي فخرت بخاطب

اتاني مرارا \ اتاني في المنام مرات عديدة
انا جدك \ اخبره الحبيب المصطفى بانه صلى الله عليه وسلم جده بالنسب ومننت حقه الفخار به وعليه يكون الرسول الكريم جدا لكل السادة الكيلانيين ومن ذريته تبعا لهذا القول

ولي قبة خضراء في مشرق لها
وفي مغرب اطنابها بتراكب
تنصب في حشر علينا تظلنا
رجالي واصحابي بها في مناصب

وللرسول الكريم محمد صلىالله عليه وسلم – كما اخبر الشيخ في منامه - قبة خضراء تنصب يوم القيامة ليستظل بها ال بيت رسول الله واحفاده الطاهرين والطيبيبن من ذوي رحمه ورجاله واصحابه ومن اهتدىبهديه وسلك نهجه وسنته صلىالله عليه وسلم كل حسب موقعه ومنصبه ومكانته التي اكرمه به الله تعالى حسب درجة عبادته وحبه لله تعالى

وما قلت هذا القول فخرا وانما
اتى الاذن حتى تعرفون مراتبي
ودقت لي السادات في الارض والهدى
طبولا لعزي كم لها الف ضار ب

وما قلت هذا القول فخرا \ اي ماقلت ماسبق قوله علىسبيل الفخار به والابتهاج وانما قلته بعد ان اذن لي النبي محمد صلىالله عليه وسلم بقوله والفخر به لكي يعرف الناس مكانته ومرتبته وقدره لدي رسول الله تعالى ولدى العالمين جميع
د قت طبولا \ كناية عن الانتشار وسعة الذكر

فبلغ سلامي خير من وطيء الثرى
واشرف خلق الله ما ش وراكب

خير من وطيء الثرى \ الحبيب المصطفى محمد صلىالله عليه وسلم فهو اخيرمن وطيء التراب واشرف خلق الله تعالى


**************************************

















مافي الصبابة


مافي الصبابة منهل مستعذب
الا ولي فيه الالذ الاطيب
الصبابة\ حرارة الشوق وحدته ورقته وقد جاء في كتاب المختصر فيشيخ الاسلام سينا عبد القادر اللكيلاني واولاده للعلامة ابراهيم الدروبي صفحة \21 ان هذه القصيدة مطلعها =

مافي المناهل منهل مستعذب
الاولي فيه الالذ الاطيب
المنهل \ المورد
المستعذب \ الطيب او المرغوب فيه اوالحلو المذاق
الا ولي فيه \ نصيبي منه
الالذ \ الاكثر لذة واشهى
الاطيب \ الاكثر طيبة

اوفى الوصال مكانة مخصوصة
الا ومنزلتي اعز واقر ب

اوفى الوصال \ اوفاه اوصله والوصال يتحقفق من اجتهاد السالك اوالمريد وحضوته بالمنة الالهية والفتح الرباني وهذا المعنى في قوله تعالى( والذين يصلون ما امرالله به ان يوصل ويخشون ربهم)
سورة الرعد الاية 21 الوصال هو الغذاء الروحي عند الصوفية وهو ما يبتغونه من المحبوب وهو الحق تعالى وهو ا دراك الفائت كما يقول بن عربي في معجم الفاظ الصوفية


المكانةالمخصوصة \ المنزلة العالية والدرجة الرفيعة ومعناها انه مهما اوتي غيره من درجة ومكانة عالية فان مكانته ودرجته اعلى منها وانه وصل الى اعلا ما صل اليه الواصلون

وهبت لي الايام رونق صفوها
فحلت مناهلها وطاب المشرب
وهبت لي \ اعطتني
رونق صفوها \ محاسن صفائها والصفاء مراة القلب الطاهر التي يكتب عليها الحقائق او هو اطهارة النفس وملاحظة ما صفا وعم انشغال العبد بصفائه واهتمامه بتنقية قلبه كما يقول الحريري – لاحظ الطوسي في اللمع صفحة 414 و415
فحلت مناهلها\اصبح منهلها حلو المذاق وطيب المشرب او الماءخذ

وغدوت مخطوبا لكل كريمة
لا يهتدي فيها اللبيب فيخطب

الكريمة \ النجيبة الاصل \وهنا يقول لما علا نجمه وسعوده ووهبته الحياة كل منزلة رفيعة وعالية وحلت مناهلها ومطايبها من العلوم والاداب والثقافة الاسلامية اصبح مدعوا لكل حالة او مهمة عظيمة لاينتدب اليها حتى اللبيب الفاضل المتبحر في العلم والعرفان

انا من رجال لايخاف جليسهم
ريب الزمان ولا يرى ما يرهب


انامن رجال لايمل جليسهم \ من ال بيت النبوة الاطهار ومن الذين التزموا الدين والايمان فوهبهم الحكمة ومن وهبه الله تعالى الحكمة فقد فازفوزا عظيما واوتي فضلا كثيرا وقد قال الله تعالى فيهم( وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون )السجدة الاية 24
فهو لايهاب ريب الزمن وصروفه واحداثه ولا يري اي شيء في الحياة يرهب او يخوف فيخافه فهو من =

قوم لهم في كل مجد رتبة
علوية وبكل جيش موكب

الرتبة العلوية \ الدرجة الرفيعة

انا بلبل الافراح املؤ دوحها
طربا وفي العلياء باز اشهب

بلبل الافراح \ مصدر الخير والعطاء
الدوحة \ الحديقة او الجنة التي اتت اكلها كا حين بامرربها من كل جانب وصوب
الباز الاشهب \ هي كناية كني بها الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره لعلو منزلته ورفعة مكانته وقد بيناها سابقا

اضحت جيوش الحب تحت مشيئتي
طوعا ومهما رمته لا يعزب

جيوش الحب \ هم من تفانوا في سبيل الله تعالى واحبوه رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكرالله والمقصود بهم هنا مريدوا طريقته وسالكي طريقه القويم الى الحق تعالى فهم تحت مشيئته وحكمه واوامره وياتمرون بامره وبما فهموه منه من كتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى والذي لا تغرب انواره وكل ما اراد ورغب به لا يعزب عنه ويجري بما يريده ويرغبه وهذه من كرامات الاولياء الصالحين

اصبحت لا املا ولا امنية
ارجو ولا موعودة اترقب

فقد اعطاه الحق تعالى حبيبه كل اماله وامنياته تحققت فهو بعد ذلك لايرجو امنية ولا حالة موعودة ولا املا ولا يترقب شيئا مستقبلا قانعا بما حباه الله تعالى من نعم وفضائل وخصه بهذه الطريقة وهنا اشارة الى تدرجه في سلم الطريق الصوفي ووصوله الى اعلى المراتب بحيث نال كل الاماني والامال وكل ما وعد الله تعالى به عباده المؤمنين

ما زلت ارتع في ميادين الرضا
حتى وهبت مانة لا توهب
ارتع\ انهل
ميادين الرضا \ مواضعه ومراميه والرضا من مقامات الصوفية الرفيعة فهو علامة من علامات الصلاح والتقوى ودرجة رفيعة من درجات الولاية الكبرى فالنفس الانسانية عندما تترقى عن طريق التوبة والطاعة والاخلاص تحظى بالمنن والعطايا والفتوح الالهة فتصل حال النفس الامارة الى مقام النفس اللوامة ثم الى مقام النفس الملهمة ثم الى مقام النفس المطمئنة ثم الراضية ثم الكاملة وهو اخر مقام ومنتهى طريق السالكين و الرضا بمثابة القلب للحيساة الصوفية والمحور الذي تدور حوله اخلاق الصوفي فمنه ينبع التوكل على الله والوهد في الدنيا يورث السكينة والوقار في القلب والاطمئنان الى احكام القضاء الالهي وهو صنو المحبة الالهية بل هو ثمرتها لاءن من شان المحب ان يرضى بكل مايفعله المحبوب – لاحظ التصوف د ابو العلا عفيي صفحة 267

اضحى الزمان كحلة مرقومة
تزهو ونحن لها الطراز المذهب

الحلة المرقومة \ الثوب المطرز او البدلة المزركشة او المزينة يالوان زاهية جميلة
ونحن لها الطراز المذهب \ نحن ال البيت اشبه بخيوط الذهب اللماعة التي يوشى بها الثوب اي نحن اكثر الخلق انارة فنحن الذين تنار الحياة بنا ونبقى نبراسا للحياة او نمثل لوحة مؤطرة بالذهب الموشى والمؤطر ة بلونه العسجدي الجميل الغالي

افلت شمس الاولين وشمسنا
ابدا على فلك العلى لا تغرب

افلت\ تلاشت اوغابت
شموس الاولين \ اديانهم
وشمسنا \ الدين الاسلامي
لاتغرب \ لا تزول
فشمس الاسلام باقية على مدى الدهوروالعصور خالدة لاتغرب الى يوم القيامة


----------------------------------------










اذا نظرت عيني


اذا نظرت عيني وجوه حبائبي
فتلك صلاتي في ليالي الرغائب

وجوه \ جمع وجه ووجه الحق هو مابه الشيءحقا اذ لا حقيقة لشيء الا به تعالى فهو نظر رؤيا قيمومة البحق للاشياء
والصلاة \ واحدية الحق تعالى واكد الشيخ الجيلاني ان اقامة الصلاة اشارة الى اقامة ناموس الواحدية بالاتصاف بسائر الاسماء والصفات والتعريف باركان الصلاة وايضاحاتها

وجوه اذا استفزت عن جمالها
اضافت لها الاكوان من كل جانب

استفزت عن جمالها \ استنفرت عنها
جمال الوجوه \ حو الجمال الحقيقي وهو كينونة كل عضو من الاعضاء على افضل ماينبغي ان يكون عليه من الهيئة والمزاج او صفة ازلية لله تعالى شاهد حق في ذاته

حرمت الرضا ان لم اكن باذلا لها
ازاحم شجعان الوغى بالمناكب

الرضا \ سكون القلب تحت جريان الحكم وهو مقام كريم من مقامات الصوفية كما اشرت وةقد جاء في كتاب الغنية لطالبي طريق الحق تعالى للشيخ الجيلاني صفحة 1357 ( اما الرضا فالاصل فيه قول الله تعالى - رضي الله عنهم ورضوا عنه )– المذكورة في السور– المائدة اية 119 و التوبة الاية 100و المجالة الاية 22 و البينة الاية 8 وقوله تعالى( يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان ) التوبة الاية 21 وكذلك جاء ( بداية الرضا مكتسبة للعبد وفي الجملة الراضي هو الذي لايعترض على تقدير الله تعالى ) المصدر ذاته صفحة 1359
والرضا من مقامات الاولياء الرفيعة فهو علامة من علامات الصلاح والتقوى ودرجة من درجات الولاية الكبرى

اشق صفوف العارفين بعزمة
تعلى بمجدي فوق تلك المراتب

العارفون \ سالكو طريق الحق الذين صفو عن الاهوية المظلمة وامسكو عن الاخلاق الرديئة فادخلوا في زمرة الابدال واهل الولاية واتصفوا بالعينية

ومن لم يوف المحب ما يستحقه
فذاك الذي لم يأت قط بواجب

يوفي \ من الوفاء اي يعطيه حقه والمحب هنا حب الله تعالى والتفاني فيه اي في هذا الحب
لم يأت قط بواجب \ لم يقم بواجباته تجاه ربه وعبوديته له تعالى وتخليه عن سلوك الطريقة الصوفية




----------------------------------------------------------



السكر راحي


السكر راحي وذكر الحق مطلوبي
وقبلتي وجه حبيبي في الغياهيب

السكر راحي \ غيبة بوارد قوي كما فسره الاما القشيري رحمه الله تعالىفي الرسالة القشيرية صفحة 28 (وياتي الوارد هذا عندما يتجلى الحق تعالى للعبد بصفة من صفات جماله فيقع العبد في حالة اشبه بحال السكر يفقد فيها السالك وعيه بذاته وبالعالم حوله وينحصر وعيه بجمال الله تعالى وحده من غير احاطة ولا شمول ولا تحديد بكيفية زمانية او مكانية وهذه الحالة – ذكر الحق تعالى - فهي استغراق كلي وشعور غامر بوحدة الذات ) لاحظ التصوف الثورة الروحية في الاسلام صفحةى 271
ةجه حبيبي \ وجه الله تعالى
الغياهيب \ مجاهل الحياة وظلماتها التي تحيط بالمرء ومن خلالها يسطع نورالحق فينير هذه المحالك

وجامعي مجلسي والدرس سنتي
ومنبري فكرتي والعلم مطلوبي

جامعي مجلسي \ لزوم المسجد في كل الاوقات
الدرس سنتي \ الدرس والدراسة طريق الى الحق تعالى في العبادة التي منبرها الفكر ومطلوبها العلوم الدينية والشرعية والحياتية

وحضرتي زهر عزمي والصفا قدمي
والانس عودي واوتاري ومشروبي

زهر عزمي \ ورودها وظهورها فيه
الصفا قدمي اشارة الى حالة الصحو والصفاء وفيها الصوفي مدرك لنفسه وللعالم حوله ينظراليها بعين الفناء اوعين الاخرة اذ ان البقاء للوجود الحقيقي وهو الله وحده سبحانه وتعالى
الانس عودي \ الانس هو فرح وسعادة غامرة تفعم القلب وتقربه من المحبوب الذي هو الله تعالى وهوحال يصل اليه السالك او المريد معتمدا على الله تعالى ساكنا اليه مستعينا به وفيه ترتفع الحشمة وتبقى الهيبة مع الله تعالى وبذلك يكون الانس طمانينة ورضا بالله تعالى
والانس يكون على ثلاثة احوال
الاول الانس بالذكر والاستوحاش من الغفلة
والثاني الانس بالطاعة
والثالث الانس بالله تعالى والاستوحاش بما سوى الله تعالى
واوتاري ومشروبي \ هي حالة الاستغراق في قلب المتصوف

وسرت في موكب التصريف في ملاء
من فوق شرح اشا را تي وترقيبي
موكب التصريف \ هي الصحبة الصوفية التي هي تعهد وارشاد ومراقبة دقيقة للمريد وتصحيح للاوضاع ونقد وشرح تعاليم واشارات وتبصير باسرار الحياة الروحية

والاولياء سعاتي كلهم خدمي
من تحت حكمي جميعا حول مركوبي

الاولياء هم النماذج الحية المشعة والموحية والموجهة عن طريق الايحاء والايمان وهم في اعلى لمنازل والدرجات

اذا تكلمت من عزمي على جبل
اضحى هباءا نثارا من تراقيبي

العزم \ الشذاة او القوة
الهباء \ هو الذر والنثار والجبل هو جبل الطور وفيه يتمثل بقصة سيدنا موسى عليه السلام
عندما قال لربه رب اجعلني انظراليك فقال له ربه تعالى لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فتجلى رب العزة للجبل فجعله دكا وخرموسى صعقا




------------------------------------------------------






















الله قربني

الله قربني من فوق منزلتي
وقال لي طب باوقاتي وتقريبي
وعبد قادر اسمي ونلت منزلتي
وجدي المصطفى روحي و محبوبي

الله قربني \ جعله مشغولا به يقضي حياته في صحبة مولاه ومحبته واخلاصه له فيتجردعن كل شهوا ته وعلاقاته بنفسه وبالعالم حوله ايده الله تعالى ونصره وقربه اي جعله من الاولياء وجاء في الحديث القدسي الشريف ( من اذى لي وليا فقد اذاني )
ونلت منزلتي \ وصلتها او حباني الله تعالى بمنزلة كريمة وهي منه الهية وانعالم من الله تعالى وعطية ربانية ومنحة رحمانية تمنح لمن اثرالحياة الاخرة واجتهد واخلص في طاعةالله تعالى
جدي المصطفى \ هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم
وروحي ومحبوبي \ يحبه بروحه وبقلبه وجعله هو روحه وحبيبه فمحبةالنبي صلىالله عليه وسلم فرض على كل مسلم فكيف اذا كان هذا من ذريته واهل ببيته الاطهار

-----------------








هنيئا لصحبي


هنيئا لصحبي انني قائد الركب
اسير بهم قصدا الى منزل الرحب
صحبي\ جماعتي ومن سار على طريقي اوسلكه بعدي فهم صحبي ورفاقي
قائد الركب\ شيخهم ومرجعهم
قصدا \ قاصدا او اقصر الطرق وافضلها والمنزل الرحب هي الجنة انشاءالله تعالى

واكفهم والكل في شغل امره
وانزلهم في حضرة القدس من ربي

الكل في شغل امره \ كل مشغول بعمله اوامره
انزلهم \ اسكنهم بعد الوصول
حضرة القدس \ عاللم الملكوت عالم المثال المطلق الحضرة الالهية الواحدية الاحدية وللنزول في الحضرة الالهيةاو الوقوف اليها اداب وتعاليم و ادب العارف فوق كل ادب

ولي معهد كل الطوائف دونه
ولي منهل عذ ب المشارب والشرب

معهد \ مدرسة او منهج دراسي
عذب المشارب والشرب \ طيب المشرب وهنا سلوك الطريقة القا درية
واهل الصفا يسعون خلفي كلهم
لهم همة امضى من الصارم القضب

يسعون خلفي \ يسيرون ورائي فهم دوني منزلة ولم يصلوا الى منزلتي ومرتبتي ومقعي
الصارم القضب \ السيف البتار
والصفا صفاء النفسوايضاح الاسرار وكشف الحقائق بدون حجب المحدثات والممكنات اي مشاهة الحق بالحق من دون حاجر حسي اومادي وايصال بالله تعالى لانه وصل بعد مهد جهيد ومفارقة الطبع والعادة والفعل والعمل

---------------------------------------------------





















حالة البعد



في حالة البعد روحي كنت ارسلها
تقبل الارض مني و هي نائبتي
وهذه نوبة الاشباح قد حضرت
فا مدد يمينك كي تحظى بها شفتي

ارسلها \ ابعثها
نائبتي\ تنوب عني فهي رسوله اليه
توبة الاشياح \ بدائلهم ونائبة عنهم
تحضى بها شفتي \ تحصل عليها او تقبلها بخضوع وخشوع



--------------------------------------------------

تم الجزء الاول ويليه الجزء الثاني
يعون الله ومنته تعالى



هناك تعليق واحد:

  1. أفادنا الباحث بعلمه و فكره و عرّفنا على الشعر الصوفي للشيخ عبد القادر الجيلاني و حياته و صفاءه و كمالاته العلمية و العملية في الالتزام بالقرآن و السنة
    جزاه الله خيرا


    دكتور ثناءالله الأزهري
    الأستاذ المساعد بكلية اللغة العربية
    الجامعة الإسلامية العالمية إسلام آباد

    ردحذف